7th of Sh’vat, 5785 | ז׳ בִּשְׁבָט תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللّاويّين الدَّرْس الخامِس والعشرين – الإصْحاحان سبع عشرة وثمانية عشرة
سِفْر اللّاويّين الدَّرْس الخامِس والعشرين – الإصْحاحان سبع عشرة وثمانية عشرة

سِفْر اللّاويّين الدَّرْس الخامِس والعشرين – الإصْحاحان سبع عشرة وثمانية عشرة

Download Transcript


سِفْر اللّاويّين

الدَّرْس الخامِس والعشرين – الإصْحاحان سبع عشرة وثمانية عشرة

بَيْنَما نَسْتأنِف دِراسَتنا لسِفْر اللّاويّين سَبْع عَشَرة، تَوَقَّفنا عند مُناقَشَة مَوْضوع الدَّم. كان السِّياق هو أنَّه بَيْنَما كان بِإمَكان الإنْسان حتى الطَّوَفان العَظيم أن يَقْتُل الحَيَوانات في بعض الأحْيان، وكان ذلك لغَرَض تَقْديم الذَبائح للرَّب فقط، كانت الحَيَوانات كمَصْدَر للطَّعام مَحْظورة إلى أن تلقّى نوح تَعْليمات مُحَدَّدة في سِفْر التَّكوين تِسعة (بعد تَطْهير الأرْض من الشُّرور بِواسطة مِياه الطَّوَفان)، وأن أصْبَح الإنْسان حُرّاً الآن في قَتْل وأَكْل أي نوع من الحَيَوانات.

مع ذلك فقد وَضَعَت الآية الرابعة من سِفْر التَّكوين تِسْعة بَعض القواعِد حَوْل اسْتِخْدام اللّحم كطَعام: تَقول أنَّه بَيْنَما لا بأس الآن أن يأَكْل الإنْسان لَحْم المَخْلوقات الحَيَّة، إلا أنَّه يَجِب ألا يأَكْل دَم ذلك المَخْلوق لأن الحياة في الدَّم. دَعونا نُواجِه الأمْر، حتى الإنْسان الأوَّل كان يَعْرِف أنَّه إذا جُرِحَ شَخْص ما وسال دَمُه من جَسَده بِكَمِّيّات كافية، فأنَّه يَموت. لا دَم، لا حياة …… لذلك في الواقِع كانت الحياة في الدَّم بالمَعْنى الحَرْفي للِكُلّمَة.

بالإضافة إلى ذلك، بَيْنَما جَعَل الله الدَّم غير صالِح للأَكْل، خَصَّص الدَّم لغَرَض وَحيد وهو التَّكْفير. كان النَّمَط واضِحًا: لم يكن مَسْموحّا للمَرْء أن يأَكْل شَيْئاَ مُقَدَّسا مثل مَصْدَر التَّكْفير، الدَّم. كان الغَرَض الرّوحي للدَّم هو الحياة والتَّكْفير؛ لذلك فإن اسْتِخْدام الدَّم لأي غَرَض آخر كان ضدّ إرادة الله.

ما يَجِب أن نَفِهْمه مِمّا قُلْتُه لَكُم فيما يَتَعلَّق بتَحْريم سَفْك الدَّم أو أَكْل الدَّم، هو أن تَحْريم الدَّم هذا يَنْطَبِق على عِدَّة مُسْتوَيات. باخْتِصار، إن مُصْطَلَح "شافاك دام" (سَفْك الدَّم)، أي الدَّم المَسْفوك، أو "الدَّم" باخْتِصار، يَنْطَبِق على مُعْظَم الحالات التي يُساء فيها اسْتِخْدام الدَّم. من النّاحية التَوْراتيّة، القَتْل هو إساءة اسْتِخْدام للدَّم لأنَّه يُنْهي الحياة؛ شِرْب دم الحَيَوان هو إساءة اسْتِخْدام لأن الدَّم للتَّكْفير وليس لِلْقوت؛ إزْهاق روح حَيَوان خارِج أرْض الحَرَم المُقَدَّس، وبِطَريقَة أخرى غير الذَبيحَة الطَّقْسِيَّة التي أَمَر بها الله، هو إساءة اسْتِخْدام للدَّم لأن التَّكْفير مُتاح فقط داخِل الحَرَم. أما خارِج الحَرَم، فإن أخذ الدَّم هو مُجَرَّد أنَّهاء للحياة بِشَكْل أناني وهو إهْدار. التَّضْحية بحَيَوان لإلَه آخر هو سوء اسْتِخْدام للدَّم لأن مَخْلوقا حيًّا خَلَقَه إلَهُنا القُدّوس يُستخدَم لتَمْجيد شَيْطان (كائن آخر مَخْلوق) أو حتى مُجَرَّد نَسْج من خيال شَخْص ما، وهناك العديد من الأمْثِلة الأُخْرى التي لا نَحْتاج إلى الخَوْض فيها الآن.

لذلك دَعونا نُطَبِّق فِهْمنا الجَديد حول طَبيعة جَريمة "الدَّم" أو "سَفْك الدَّم" على العَهْد الجَديد لثانِية وأَحَدة فقط. في اجْتِماع مَجْمَع أورَشَليم الفاصل عام تسعة وأربعين ميلادي، عندما ذهَب القِدّيس بولُس إلى يَعْقوب العادِل، أخو يسوع (الذي كان في ذلك الوَقْت رئيس الكَنيسة في أورَشَليم)، ليَطْلُب من القيادة اليَهودِيَّة للحَرَكة المَسيحانِيَّة، أن تَتراجَع عن اشْتِراطها أوَّلًا أن يَعْتَنِق الأُمَميّون اليَهودِيَّة لكي يَعْبُدوا المَسيح، وأن تَضَع بعض القواعِد التي يَجِب على الأُمَميِّن اتْباعها والتي تُرضي أحْكام الطَّهارة اليَهودِيَّة وبالتالي تَسْمَح للأمَمِيِّين واليهود بالعِبادة معًا في المَجامِع اليَهودِيَّة. وبالفِعل كانت النَّتيجَة أنَّه تمَ رَفْع العديد من القُيود وَوَضْع بعض المُتَطَلِّبات الأساسِيَّة على الأُمَميِّن، وللأسَف أُسيءَ فِهْم العديد من هذه المَراسيم وأُسيءَ تَتْبيق وتم تَحْريفُها من قِبَل قادَة الكَنيسة.

من بين تلك المُتَطَلِّبات بالنِّسْبة للمؤمِنين الأُمَميِّن كما هو مُدَوّن في أعمال الرُّسُل خمس عشرة على عشرين، يقول أَحَدها أنَّه يَجِب على الأُمَميِّن أن يَمْتَنِعوا "عن الدَّم". أعْمال الرُّسُل عشرين على خمسة عشرة: بَلْ يُرْسَلْ إِلَيْهِمْ أَنْ يَمْتَنِعوا عَنْ نَجَاسَات الأَصْنَام وَالزِّنَا وَالْمَخْنُوق وعن الدَّم".

إن عِبارة "من الدَّم" تَتَعلَّق بالضَّبْط بما كُنّا نَتَحدَّث عنه. فهي تَعني أن الأُمَميِّن يَجِب أن يَمْتَنِعوا عن أي إساءَة في اسْتِخْدام الدَّم؛ من القَتْل إلى عَدَم شِرْب الدَّم إلى عَدَم تَجْفيف اللُّحوم من كلّ دَمها إلى التَّضْحية بِحَيَوان لإلَه آخر. كان يَجِب على الوِحْدَة الأُمَميَّة في الكَنيسة أن تَطيع أي قَوانين وأنْظِمة في الكِتاب المُقَدَّس مَوْجودة حول الدَّم، وعلى الرَّغْم من أنَّني لن أتَطرَّق إليها الآن، فأنَّها تَشْمل أيضًا أي أحْكام يَهودِيَّة كانت سارِية في ذلك الوَقْت فيما يَتَعلَّق بمَكان قَتْل الحَيَوان وبأي طَريقَة. تَغَيَّرَت القواعِد المُتَعَلِّقة بِذَبْح الحَيَوانات قليلاً مُنْذ زَمَن اللّاويّين، بعد أن قاد يشوع بني إسرائيل إلى أرْض كَنعان وبعد أن لم يَعُد من المُلائم أخذ حَيَوان إلى خَيْمَة الاجْتِماع وجَعْل كاهِن يَذْبَحه.

حسنًا، نعود إلى نُصوص سِفْر اللّاويّين سبعة عشرة. دَعونا نُعيد قِراءَة سِفْر اللّاويّين الإصْحاح السابع عشر، لشنَبْدأ.

إعادة قِراءَة سِفْر اللّاويّين، الإصْحاح السابع عشر

في الآيات الأربعة الأولى قيل لنا أن جَميع الحَيَوانات الدّاجِنة المُسْتَخْدَمَة للطَّعام كان يَجِب أن تكون أوَّلًا جِزْءا من الذَبيحَة وكان يَجِب أن يَتِمّ ذلك وُفْقًا لجَميع الطُقوس الذَبائحيَّة التي فَرَضَها الله بِعِناية، مِمّا يَعْني أنَّه كان يَجِب أن يَتِمّ ذلك في خَيْمَة الاجْتِماع. إذا خالّف أَحَد هذه الشَّريعَة يكون قد ارْتَكَب "دمًا" أو "إثْماً دَمَويًّا"، وبالتالي كان عِرْضَة لأن "يُفصَل" ( كاريت) من قبل الله.

توضِح الآية الخامِسة أن هذه الفَريضَة المُتَعَلِّقة بالدَّم لم تَكُن ضَرْبة اسْتِباقيَّة؛ كان بنو إسرائيل في ذلك الوَقْت يَقْتُلون الحَيَوانات من مَجْموعاتهم وقُطْعأنَّهم في الحَقّول المَفْتوحة ظانّين أن هذا لا يُحْتَسَب. كانت الفِكْرة هي أنَّه إذا كانوا داخِل مُخَيَّم بني إسرائيل، فإن أحْكام الله المُتَعَلِّقة بالدَّم لا تَنْطَبِق. بالإضافة الى ذلك، من المُرَجَّح جِدًّا أن بني إسرائيل كانوا يَبْنون مَذابِح صغيرة بِدائيّة ويُقدِّمون بعض هذه الحَيَوانات للإلَهة التي تَعَلَّموا عِبادَتها في مصر، أو حتى كانوا يُقدِّموا ذَبائحاً ليَهوَهْ، ظانّين أنَّه لا يزال لَهُم الحَقّ في ذلك (تَذَكَّروا أنَّه حتى تأسيس الكَهْنوت الذي كان الله قد فَرَضَه قبل أسابيع فقط، كان البِكْر في كل عائلَة عِبْرانيّة هو الذي يقوم بالطُقوس عن العائلة) ولنَتَذَكَّر أيضًا أن هذه الشَرائع المُتَعَلِّقة بالدَّم كانت لِكُلّ هؤلاء الأجانِب أيضًا…… المُخْتَلَطين…… الّذين كانوا بين العِبْرانيّين، وكذلك لِنَسْل يَعْقوب الطَّبيعِيِّن.

لماذا عندما كان بنو إسرائيل في البَرّيّة كان الله يُطْلَب أن تُقَدِّم جَميع الحَيَوانات المُسْتَخْدَمَة للطَّعام أوَّلًا كذَبيحَة مُقَدَّسة، ثم بعد دُخولِهم أرْض كَنعان سُمِح ببَعْض التَّراخي في الإجْراء؟ كما هو الحال مع كل شَيْء آخر شَهِدْناه، كانت هذه عَمَليّة تَعْليميّة. لقد كان يَهوَهْ في خِضَمّ انْتِزاع أربعمئئة سَنَة من مصر من إسرائيل، وأظْهَر لغَيْر الإسْرائيليين الّذين عاشوا بين شَعْبه أن هناك ما هو أكثر من مُجَرَّد تَطْبيق الأحْكام على الأُمَم التي كانت ضِدّه. كان الأَمَر سيستغرق أربعين عامًا في البَرّيّة لكي يتبنى بنو إسرائيل بعض الطرق الجَديدة مع نسيان مُعْظَم طرقهم القديمة؛ وبمُجَرَّد دُخولِهم إلى كَنعان وانْتِشارِهم في الأرْض كان من المُسْتحيل تقريبًا أن يُؤتى باللّحم كُلّه في رِحْلة عِدَّة أيّام إلى مَكان خَيْمَة الاجْتِماع …… وبعد سَنَوات إلى الهَيْكَل في أورَشَليم ……….. للذَّبْح عندما يَتَعلَّق الأَمْر بالطَعام. مع ذلك فقد تمَ تَعْليم الدَّرْس وبَقِيَ شَرْط يَهوَهْ بأن لا تُذبح الذَبائح إلا في المَكان الذي عَيَّنه الله دون أن يُسمَح بأي انْحِراف.

الآن، بالنِّسْبة لأولئك الّذين انْتَبَهوا جَيِّداً في دِراسَتنا لسِفْر اللّاويّين، نَجِد فارِقاً دَقيقاً مُثيراً للإهْتِمام في الآيات خمسة إلى ثمانية. لقد دَرَسْنا حتى الآن خمس تَصْنيفات أو فِئات أساسِيَّة من الذَبائح: ("أولاه، المَحْرَقة؛ و"مِنخاه، ذَبيحَة التُقَدِّمة (أي الحُبوب) والحَتآت، (ذَبيحَة الخَطيئة) و"الأشام" (ذَبيحَة الإثْم) و"زيفه شيلاليم" (ذَبيحَة السَّلامة). كل وأَحَدة من هذه الذَبائح هي لسَبَب مُحَدَّد، ولِكُلّ منها طُقوس مُحَدَّدة، ولِكُلّ منها مُناسَبة مُعَيَّنة تُؤَدّى فيها. بعض هذه الأصْناف من الذَبائح إلزامِيَّة؛ أي أنَّها لَيْسَت تَطَوْعِيَّة ويَجِب أن تُؤَدّى عندما تَنُص الشَّريعَة على وُجوبِها وإلّا كانت هناك عاقِبَة غير مَحْمودة، والبَعْض الآخر من هذه الأصْناف من الذَبائح كانت طَوْعِيَّة، وبِصِفَة عامة فإن المُتَعَبِّد يُقَرِّر بِنَفْسِه متى وإذا كان سَيُقدِّمها لله. أما في الآية الخامسة فالإشارة إلى نوع الذَبيحَة التي ستُقَدِّم أمام الرَّب هي ذَبيحَة "زيفه شلاميم" ومعنى ذلك هو أنَّه نوع من الذَبائح التي يُمْكِن تَقْديمها للرَّب بِقَرار من المُتَعَبِّد. لذلك كان بِإمَكان الإسْرائيلي الذي يُقَرِّر أن الوَقْت قد حان ليأَكْل أهْلَه اللّحم أن يأتي بِتُقَدِّمة زيفه شلاميم حسب رَغْبَته ويَذْهَب من الحَرَم إلى بَيْتِه مع بَقِيَّة الحَيَوان على كَتِفَيْه. علاوة على ذلك، كان يَجِب أن تُتلَف بعض الذَبائح بالكامِل بالنّار؛ وفي البَعْض الآخر كانت الأجْزاء التي لم تُحرَق تَذهَب إلى الكَهَنَة حتى لا يَحْصُل المُتَعَبِّد على أي جِزْء من الحَيَوان لِنَفْسِه. مع ذلك، فقد نَصَّت زيفه شلاميم على أن يَذْهَب الجِزْء الأكْبَر من الذَبيحَة الى المُتَعَبِّد. لذلك كما ذَكَرْت منذ عِدَّة أشْهُر لهذا السَّبَب وغيره من الأسْباب، فإن ذَبائح زيفه شلاميم كانت بلا شكّ أكثر الذَبائح التي كانت تُقَدِّم (على الأقل أثْناء وُجودِهم في البَرّيّة).

توضِح الآية الثامِنة أن كل هذه الأحْكام تَنْطَبِق على الغُرَباء الّذين يَعيشون بين بني إسرائيل بالإضافة إلى بني إسرائيل الطَّبيعِيِّن؛ وعلى الرَّغْم من أنَّها تَضيع في التَّرْجمة، إلا أن الآية الثامِنة توضِح في جَوْهَرها أن كل مَجْموعة الذَبائح، كل فِئة من الذَبائح دون اسْتِثْناءات، يَجِب أن تُؤَدّى في خَيْمَة الاجْتِماع. ألا تَرى أين تَقول …… "قل لَهُم أَيْضًا: "إِنْ قَرَّبَ أَحَد مِنْ بَيْت إِسْرَائِيل أَوْ مِنَ الْغُرَبَاء الْمُقِيمِين بَيْنَهُمْ مُحْرَقَةً أَوْ ذَبيحَة…….. "؟ حَسَناً، المَحْرَقة في الأصْل العِبريّ هي "أولاه"، وكَلِمَة ذَبيحَة في العِبْريّة هي "زيفه" ……. اخْتِصاراً لِكُلّمَة "زيفه شلاميم". أولاه هي الأهَمّ بين جَميع الذَبائح وبالتالي فهي تَذْهَب كُلّها إلى الرَّب…… حتى الكَهَنَة لا يَحْصُلون على شَيْء من اللّحم. علاوة على ذلك، هذه هي الفَريضَة الأكثر صرامة من بين جَميع الذَبائح. أما الزّيفه، فهي على النَّقيض من الأولاه: الزيفه هي الذَبيحَة التي تكون في مُعْظَم الحالات تَطَوْعِيَّة بَحْتَة، ويُمْكِن تَقْديمها في أغلب الأحْيان أو نادِراً كما يُقَرِّر المُتَعَبِّد، وهي الذَبيحَة الوحيدة التي يَحْتفِظ فيها المُتَعَبِّد بأكْبَر جِزْء من اللّحم لِنَفْسِه. إذن فالفِكْرة هنا في قَوْلنا "إذا قَدَّم أَحَدُهم مِحْرَقة (أولاه) أو ذَبيحَة (زيفه)، هي مثل قَوْلنا الأَمريكي "من الألِف إلى الياء" أو "من البِداية الى النِّهاية "…… تَدُلّ على الشُّمول.

والآن لا يُمْكِننا أن نَتجاوز كَلِمات الآية السابِعة التي تقول إن الشَّعب لن يُقدِّم ذَبائحه بعد ذلك لشَياطين البَرّيّة من الماعِز. من الواضِح أن بني إسرائيل كانوا يَفْعَلون ذلك في هذه المَرْحلة من تاريخهم. والأكثر وُضوحًا، بما أننا انْتَهينا للتَّو من دِراسَة سِفْر اللّاويّين ستّ عشرة ويوم كيبور مع طُقوس كِبش الفِداء، هناك صِلَة بين عِزْرائيل الذي أُرْسَل إليه كِبش الفِداء، وبين الإشارة إلى الشَيْطان الماعِز هنا في سِفْر اللّاويّين سبع عشر.

تَذَكَّروا أنَّه كان يُعتقد أن عِزْرائيل والشَّياطين الماعِز هي قوى شِّريرة تَحكم مناطق البَرّيّة. أعتقد أنَّهم بِشَكْل أو بآخر حَقيقيون تمامًا. ليس بالضَّرورة أنَّهم شياطين تُشبه الماعِز ولكنهم في الواقع نوع من القِوى الرّوحية والرّؤساء الّذين كان مَجالَهُم المناطق الصَّحْراوية القاحِلة، البَرّيّة. وكان الناس (الإسرائيليون والأجانِب على حدٍّ سِواء) يَذْبحون لهؤلاء الشَّياطين، ويقول الله أن ذلك كان يَجِب أن يَتوقَّف بِسُرعة!

كذلك في طُقوس كِبش الفِداء عندما كان كِبش الفِداء يُرسَل إلى عِزْرائيل، لم يكن بأي حال من الأحوال ذَبيحَة قُرْبان إلى "الشَّياطين الماعِز" (وهو أَمَر مَحْظور هنا)؛ بل كان العكْس هو الصَّحيح. بل إن كِبش الفِداء كان مُحَمَّلاً بكل خطيئة بني إسرائيل ونَجاستهم وأيعاد إرْساله إلى إبليس في البَرّيّة؛ لقد كان كل ذلك يُرمى في وَجْهِه مباشرةً، كَتَوْبيخ من الله، ودليل على عَدَم انْغِلاب يَهوَهْ وقوّته على إبليس وكل شياطينه.

ثم في الآيات من عشرة الى إثني عشرة يُقال لنا مرّة أخرى ما ناقَشْناه سابقًا: ألا يَشْتَرِك أَحَد من بين كل حَشد شعب سِفْر الخروج في الدَّم وإلا يُفصَل.

تبدأ الآية الثالثة عشرة بتَعْليمات جديدة تتضَمَّن قتْل الحَيَوانات غير الأليفة؛ الحَيَوانات البَرّيّة. إذن، تُشير الآيات الـ الإثْنَتَي عشرة الأوَّلى من الإصْحاح السابِع عشر إلى الحَيَوانات الأليفة … التي يُمْكِن اسْتِخْدامها للطَّعام والذَبيحَة ……، وهذا يَخْتَلِف تمامًا عن الحَيَوانات البَرّيّة التي يُمْكِن اسْتِخْدامها للطَّعام، ولكن ليس للذَبيحَة. الفِكْرة هي أنَّه عندما يَصْطاد الإنْسان الحَيَوانات…… الغِزْلان والظباء والطيور ….. لا يَجِب عليه أن يقود فَريسته نحو الحَرَم ويَقْتُلها هناك! ولكن لا يُمْكِن للإنسان أيضًا أن يشْرَب دم الحَيَوان البَرّي لمُجَرَّد أنَّه مُتَوحِّش؛ فأحْكام الدَّم تَنْطَبِق على جَميع اللُّحوم؛ فَدَم الحَيَوان البَرّي لا يَصْلح للذَبيحَة، لذا يَجِب أن يُصَفَّى من الحَيَوان ويُدفن في الأرْض؛ فالحياة المَوْجودة في الدَّم يَجِب أن تُعاد إلى التُّراب (أي أن تُعاد إلى الله) ولا تُستخدم للطَّعام. إما أن يُستخدم الدَّم في سبيل الله وإما أن يَتِمّ التخلُّص منه؛ وليس للبَشر أبدًا أن يُقَرِّروا ذلك؛ وعُقوبة عُصيان أَمر الله فيما يَتَعلَّق بِدَم الحَيَوانات البَرّيّة لا تقلّ خُطورة عن إساءة اسْتِخْدام دم الحَيَوانات الأليفة: فالمُخالِف يُفصل.

تتناول الآيتان خمسة عشرة وستَّة عشرة ما كان يَجِب أن يكون مَسألة يوميّة بالنِّسْبة لهؤلاء اللّاجئين من مصر، وهو أَمَر سَيُواجهونه في البَرّيّة وبعد أن يَسْتقرّوا في أرْض الميعاد: ماذا يَفْعَلون حَيَوان ثمين أو حَيَوان برّي مات بِشَكْل طبيعي أو قتَلَه حَيَوان آخر؟ في النهاية كان اللّحم سِلْعة غالية الثَّمن ولم يكونوا على وَشك إهْدارها، ومن المُثير للاهتِمام أنَّه ليس الأَمر أن الشَخْص مأمور بعَدَم أَكْل اللّحم الذي قُتل بتلك الطرق، بل أن الشَخْص الذي يَفْعَل ذلك يُصبِح نَجِسًا وتَسْتمرّ النَّجاسة حتى نِهاية اليوم الحالي …..غُروب الشّمس ….. وحتى يَغتسل الشَخْص ويغسُل ملابسه. إذا اتَّخذ الشَخْص هذه الخُطوات لكي يُصبِح طاهِراً مرّة أخرى فيكون كل شَيْء على ما يرام، أما إذا لم يَفْعَل ذلك فقد قيل لنا في الآية السّادسة عشرة "أنَّه سيَحْمِلُ إِثْمَهُ".

دَعونا نَتوقَّف لَحْظة ونفهَم هذه العِبارة "سيَحْمِلُ إِثْمَهُ" لأننا سنراها مرّات عديدة في التَوْراة والعَهْد القديم.

الفِكْرة فيما يَتَعلَّق بِقَضِيَّتنا الحالية هي: إذا اختار شَخْص ما أن يأَكْل لحم حَيَوان مات لأسْباب طبيعيّة أو بِشَكْل عَرَضي (سَقَط من على جَرف) أو هاجَمَه حَيَوان آخر وقتلَه، فهذا الشَخْص لم يَفْعَل شَيْئاَ ضدّ الله؛ فالله أباحَه. مع ذلك، إذا اختار الشَخْص أن يَفْعَل هذا الشَيْء المُباح، فهُناك عاقِبة خفيفة تَترتَّب على ذلك وهي أنَّه يُصبِح نَجِسًا طقسيًا لِبُضْع ساعات ويَجِب عليه أن يستحم طقسيًا وأن يغسل ملابسه. لا توجد خطيئة أو معصية تجاه الله هنا. لا يقول الله حقًا أنَّه يفضل ألا تَفْعَل ذلك، ومع ذلك عند اخْتيار أَكْل لحم حَيَوان مات بهذه الطَريقَة هناك شُروط. بالمُناسَبة: هنا مثال آخر من تلك الأمْثِلة التي تُظهر أن النَّجاسة والخَطيئة ليسا بالضَّرورة مُرْتبطيْن ارتباطًا مباشرًا. فالشَخْص في هذه الحالة بالذات يُصبِح نَجِسًا لفَترة قصيرة، لكنه لم يَرْتَكِب خطيئة (يُشبه إلى حدّ كبير المرأة التي تكون في دَوْرتها الشَّهرية).

إذا اتَّبَعْت هذه الشّروط التي وَضَعها الله فلا توجد مُشْكلة. ولكن إذا لم تَفْعَل، تكون في هذه الحالة قد خالَفت يَهوَهْ. ليس لأنك أَكْلت لحم حَيَوان قُتل بتلك الطَريقَة، بل لأنك لم تَتْبع إجراءات التَطْهير التي أَمَر بها. إذن أن "تَحمُّل الذنب" يَعْني أنك مُذْنِب بِتَعُديك على الله لعَدَم اتباع إجْراءاته، والآن سيكون هناك دَيْنونة من نوع ما؛ أما العِقاب الصَّحيح (إن كان هناك عِقاب على الإطلاق) والزّمان والمَكان، فهي أمور من اخْتِصاص يَهوَهْ تمامًا. علاوة على ذلك، بما أنك الآن تَحْمُل الذَّنْب فعليك أن تُقَدِّم ذَبيحَة تكفيريّة، وهو أَمر لم يكن مطلوبًا لو اتَّبع المَرْء إجراءات الطَّهارة الطَّقْسِيَّة.

لِنَنْتقل إلى الإصْحاح الثامن عشر.

عندما نقرأ الإصْحاح الثامن عشر، سوف نَتَذَكَّر الإصْحاح الخامس عشر لأن الجِنْس لدى البَشَر هو المِحْوَر الرّئيسي في هذه الآيات وعندما يأخذ المَرْء الوَقْت الكافي لقِراءَة الكِتاب المُقَدَّس… أكثر من مُجَرَّد بُضْع آيات في كل مرّة وفي كثير من الأحْيان داخِل السِّياق تمامًا… سرعان ما يجد أن الجِنْس البَشَري يَلْعَب دورًا كبيرًا في الكِتاب المُقَدَّس. لماذا؟ لأن الجِنْس هو أساس نَشْر الحياة الجَسَدية؛ الحياة الجَسَدية التي خَلَقها الله للعَمل والتَّكاثُر بهذه الطَريقَة. لا يُمْكِننا بِبساطة التَّغَلُّب عليها؛ فنحن ذَكَر وأُنثى، ونحن مُخْتَلِفين جِدًّا عن بَعْضِنا البَعْض، وقد وضع الله جاذِبية لا تقاوَم تقريبًا بين الجِنْسين. لقد أعْطانا الله الجِنْس ليس فقط للتَّكاثُر ولكن أيضًا من أجل الفَرَح والمُتْعَة بشرط أن يكون ذلك ضُمْن حُدود الزّواج. وكما هي الحال بين البَشَر، فإننا (للأسَف) نُسيء اسْتِخْدام الهِبَة الرّائعة التي مَنَحنا إياها يَهوَهْ. في بعض الأحْيان تكون الإساءة ناتِجة عن سوء الفِهْم، وفي أحيان أخرى تكون ناتِجة عن الجَهل، ولكنها في الأغْلب تكون عِبارة عن عُصْيان صَريح أو اعْتِقاد خاطئ لِلْغاية بأن أوأَمَر الله كَمَسيحيِّين لم تَعُد تَنْطَبِق علينا.

الآن، بِقَدر ما تَتَحَدَّث الكَنيسة عن الوِحْدَة وتأمَل فيها، فإن ما نَجِده في التَوْراة… وفي العَهْد الجَديد حقًا إذا قرأناه وَوَثِقنا به فيما يقوله… هو هذا النَّمَط الإلَهي المُتوسِّع باسْتِمْرار من الانْقِسام والإخْتيار والانْفِصال كَوَسيلة لِنَوع من الوِحْدَة الإلَهية. أي أن يَهوَهْ يَضَع ديناميكيات وقواعِد لما هو صالِح، وما يُعزِّز الحياة التي يُحدّدها الله، وما هو مُقَدَّس وما هو أبَدي. كل شَيْء آخر ضدّ… عَكْس… هذه الَدَيْناميكيّات والقواعِد الإلَهية الحاكِمة: الشَّرّ والمَوْت والخَطيئة والعِلاقة الجَسَدية قصيرة الأمد على سبيل المثال. لذلك يَقسم يَهوَهْ كل الأشياء إلى فِئَتيْن أساسِيَّتيْن: له وضدّه. ثم يَختار من أو ماذا سيَتِمّ تَضمينه في كل فئة. بعد ذلك يَصْنع هُوَّة عَميقة، حاجِزًا لا يُمْكِن عُبورَه، بين الجانِبَيْن: أنَّه يَفْصِل.

ليس الله هو الذي يَسْعى باسْتِمْرار إلى الوِحْدَة الجَسَدية في عالَمِنا المادّي: بل الإنْسان. إن الرَّب يَسْعى إلى الوِحْدَة الرّوحيَّة. لقد حاول الإنْسان دائمًا إعادة تجَميع الأشياء التي قَسَمها الله وفَصَلها. إن الله يَرْسم فُروقات حادّة؛ ويريد الإنْسان طمْس هذه الفُروقات أو إزالتها تمامًا. لَدَيْنا اليوم إسم لِوَضع الفُروقات الحادّة: عَدَم التَّسامُح. في العالَم الحالي عَدَم التَّسامُح أَمَر سَيّئ. والأفْضل، يقول كَوْكَبنا الإنْساني العِلْماني إن الأفْضل هو التَّسامُح الذي يَتِمّ بِموجبه إلْغاء الفُروقات. لقد دارَت ثَوْرة نَمْرود في بُرج بابِل حول مُحاولة تَوْحيد النّاس جَسَديًا بدلاً من السَّماح لَهُم بالانْقِسام والانْفِصال كما أرادَ الله.

لا، هذا ليس جِدالاً ضدّ الوِحْدَة في جَسَد المَسيح. الله هو الوِحْدَة… هو وأَحَد، "إحاد". ولكن هذا مُخْتَلِف تمامًا عن مَفْهومنا البَشَري للوِحْدَة، والذي أصاب الكَنيسة بِشِدَّة لِدَرَجة أنَّه بِخِلاف المَباني التي نَجْتَمِع فيها، لا يوجد فَرْق كبير بين ما نَخْتاره نحن كَمُؤمِنين كأُسْلوب حياة وما يَخْتاره الجَميع. إن مَفْهومنا للوِحْدَة هو أقْرَب إلى الإجْماع، وهو مُجَرَّد اتّفاقات يَتِمّ التوصُّل إليها عن طريق التَّسْوية، بِهَدَف التَّوصُّل إلى اتِّفاق شامِل وعَقْلية وأَحَدة. نَقْسم أَنْفسنا إلى مَجْموعات أصْغَر وأصْغَر حتى نَشْعر بالرّاحة الكافية، ثم نُحاوِل تَوْحيد الجَميع في تلك المَجْموعة الصغيرة من خلال التَّفكير الجَماعي، ثم نأمَل أن تنمو. فَكِّر في الأَمَر باعِتِباره البَشَرية، أو جَسَد المَسيح، نَقِف في دائرة ضَخمة، مُمْسِكين بِأيْدي بَعْضِنا البَعْض، ونُغَنّي "كوم-با-ياه" (تعالى من هنا). لكن هذا ليس نوع الوِحْدَة التي يُريدها الله لنا، أو يَسْعى إليها.

بل يُريدُنا يَهوَهْ أن يكون لَدَيْنا روح وأَحَدة مَعه……مع المَسيح. إذا كان لدي أنا روح وأَحَدة مع المَسيح وأنت روح واحِدة مع المَسيح، فأنا وأنت في وِحْدَة. أنا لا أمْسِك بِيَدك، أنا أمْسِك بِيَد المَسيح (بالمَعْنى المَجازي). أنت لا تُمْسِك بِيَدي، أنت تُمْسِك بِيَد المَسيح. إذن نحن مُتَّحِدون. هل ترى الفَرْق الهائل إلى حدّ ما؟ الأوَّل هو طَريقَة السَّيْطرة الجَماعية، وهي طَريقَة الإنْسان؛ والآخَر هو طَريقَة الرَّب في العِلاقة الرّوحية معنا، وهي طَريقته.

إذاً ما سَنَشْهده في سِفْر اللّاويّين ثماني عشر هو فَصْل آخر من فُصول المَلْحَمة التَوْراتيّة المُسْتَمِرّة التي يُهَيِّئ فيها الله ما هو صالِح ومُقَدَّس، ويَفْصِله عن ما هو شِرّير ونَجِس. وباعْتِبارها أُمَته المُقَدَّسة والمُخَصَّصة، فإن بني إسرائيل يَجِب أن يَتْبَعوا الوأَحَد ويَتخلّوا عن الآخر، تمامًا كما يَجِب علينا أن نَفْعَل باعتبارنا أولئك الّذين تم تَطْعيمهم في إسرائيل بالإيمان بِيَسوع.

هناك أَمْر آخر سنراه يخْضع لِمَزيد من التَّطْوير في هذا الإصْحاح وهو وِحْدَة الأُسْرة. هنا سنَجِد تعريف يَهوَهْ لمن هو مَشمول في الأُسْرة ومن ليس كذلك. من هو رأس ومِحْوَر وِحْدَة الأُسْرة ومن ليس كذلك. يَدور الكِتاب المُقَدَّس من البِداية إلى النِّهاية حول الأُسْرة الأبويّة؛ أي أن الرِّجال، الآباء، هم القادة… والطَّرَف المَسؤول بالمُناسَبة… عن وِحْدَة الأُسْرة. لن أبدأ باعْتِذار سياسي صَحيح بأن المرأة لَيْسَت رأس وِحْدَة الأُسْرة؛ لم يَعْتذر الله عن ذلك لذا لا أرى حاجة له. مع ذلك، كما ذَكَرْت سابقًا، يُمْكِن تَحْريف وتَشويه جَميع المِنَح؛ أن يُسيء الرِّجال إلى زَوْجاتهم وبَناتهم أو يُعاملوهنّ على أنَّهن أقل من قيمَتَهُنّ في نَظَر الله كان رجَسًا مُطلقًا بالنِّسْبة للمسيح وقد علّم ضدّ ذلك. لم يعطِ تعاليم ضدّ القيادة الذُّكوريّة التي أَمَر بها الله للأسْرة؛ لقد أعْطى تعاليم ضدّ إساءة القِيادة الذُّكورية للصَّلاحية والسُّلطة، وإهْمال واجِب رِعاية أسْرته من دون أنانيّة.

أقول لَكُم ذلك لأنَّه عندما نبْدأ في قِراءَة الإصْحاح الثامن عشر، أريدكم أن تفِهْموا سِياق ما نقرأه؛ أن هذه التَعْليمات يَتِمّ التَّحدُّث عنها من وِجْهة نَظَر الذُّكور. أي أنَّه من المَفْهوم أن هذه تَعْليمات للذُّكور من بني إسرائيل……. وليس الإناث…….في كل مُسْتوى من المُجْتَمَع العِبري؛ وهي تَنْطَبِق أيضًا على الأجانِب الّذين كانوا يَعيشون في ذلك داخِل حُدود المُجْتَمَع العِبري. بِطبيعة الحال تتأثَّر الإناث بهذه الأحْكام، ولكن هذا في المَقام الأوَّل بسَبَب ما يأَمُر الله به الرِّجال.

اقرأ الإصْحاح الثامن عشر من سِفْر اللّاويّين كلّه

ربما يكون الإسِم المُناسب لهذا الإصْحاح هو مَبادئ الله للسُّلوك الجِنْسي البَشَري. مباشرةً نرى يَهوَهْ يحدّد التّمييز بين سُلوكيات العالَم مقابل السُّلوكيات المُتَوَقَّعة من بني إسرائيل والمُرْتبطين ببني إسرائيل. يُقال للشَّعْب أنَّه ليس عليهم أن يَسْتَمرّوا في السُّلوكيات الجِنْسية التي كانت مَقْبولة في المَكان الذي تَركوه وَراءهم، مصر، ولا أن يأخُذوا بالعادات الجِنْسية للشَّعب الذي يَحْتَلّ حاليًا الأرْض التي سَيَسْتَولي عليها بنو إسرائيل في المُسْتقبل، الكَنعانيين. الآن لِنَكُن واضِحين: لا يوجد أَمْر واجَهناه حتى الآن يقول أن بني إسرائيل هؤلاء كانوا يَعيشون في حالة من الاشْمِئزاز في مصر ولم يكونوا مُهْتمين بِشَكْل خاص بالطَّبيعة غير الأخْلاقية للمُجْتمع الذي سَيُواجهونه في النهاية في كَنعان. لقد كان يَهوَهْ هو الذي كان يَشْعُر بالاشْمِئزاز والقلّق، وكان سَيجَعَل بني إسرائيل يَشْعرون باشْمئزازه ويُعلّمهم أن يَتَبَنّوا طُرُقه. كان الكثير من هذا الأَمَر جديدًا نِسْبيًا بالنِّسْبة لبني إسرائيل، كما سَنُناقِشْه بعد بُضْع دَقائق.

أريدُكم أن تلاحظوا أيضًا أن هذه القواعِد مَقدَّمة نوعًا ما مثل الوصايا العشر، الجِزْء الثاني. يَتِمّ إعْلانها لبني إسرائيل بنفس الِّصيغة….." أَنَا الرَّب إِلَهُكَ، لَا تَفْعَل……"، ثم تبدأ قائمة الوصايا التي يَجِب أن تُفْعَل والتي لا يَجِب أن تُفْعَل. ومثل الوصايا العشر، لم يَتِمّ إعطاء الكثير من الأسْباب للقرارات التي اتَّخَذها الله فيما يَتَعلَّق بِهَدَف تعامل بني إسرائيل مع الأخْلاق الجِنْسية سوى المَبْدأ الأساسي "أنا قُدّوس فيَجِب عليكم أن تكونوا أنتم مُقَدَّسين"، أو أن الأشياء التي يُحَرِّمها الله هي أكثر من مُجَرَّد إزْعاج بَسيط له….أنَّها مَكْروهة، رَجَس، أنَّه يَكْره تلك السُّلوكيات. وبِشَكْل إيجابي يقول في الآية الخامسة أن الّذين يُطيعون هذه الأوأَمَر سيَتَمتّعون بالحياة…… الحياة الحَقّيقية….. نوع الحياة التي هي من الله. أنَّه لا يَعْني أن من يُخالّف أَحَدى هذه الوصايا سَيَموت بالضَّرورة.

تَضَع الآية السَادسة الأساس للَدَيْناميكية الأساسِيَّة التي سوف يَرْتَكز عليها الجِزْء الأكبر مِمّا سيأتي بعد ذلك؛ وهي أن لا أَحَد منكم (تَذَكَّروا، أنَّها تُشير إلى الرِّجال، الذُّكور، عندما تقول "أنتم") يَجِب (وُفْقًا لمُعْظَم نُصوص الكِتاب المُقَدَّس) أن لا يَقْترب من جَسَده ليَكْشف العُري أو، كما تقول تَرْجمة الكِتاب المُقَدَّس اليَهودي الكامِل، لا يَجِب أن تَقْترب من أي شَخْص قريب منك من أجل إقامَة علاقات جِنْسيَّة معه؛ وهذا أقرب كثيرًا إلى ما نُناقِشه هنا.

دَعونا نأخُذ دقيقة لِتَعريف بعض المُصْطَلَحات التي سَنَجِدها في العديد من المَواضِع في كَلِمَة الله: كشف العُريّ وجَسَده. إن ما يُشير إليه كَشف العُريّ هو عادةً ما يكون كَشف العُريّ أي أعضاء الجَسَد الذَّكرية أو الأُنْثوية بِشَكْل خاص أو يُشير إلى مُمارسة العِلاقة الجِنْسية بِشَكْل عام. وعندما يَتَحدَّث الكِتاب المُقَدَّس عن جَسَده الخاص فهو يُشير إلى تَعريف الكِتاب المُقَدَّس المتَطَوِّر لـ "الأقارب المُقَرَّبين". والفِكْرة هي أنَّه لا يجوز للرَجُل أن يُقيم علاقة جِنْسية مع أنثى تَقَع ضُمْن حُدود مُعَيَّنة من أولئك الّذين هم جِزْء من عائلته.

وبناءً على هذا الفِهْم، يُصبِح مُعْظَم ما في القائمة التي تتضَمّن من يُمْكِن للرَجُل أن يُمارس معه الجِنْس ومن لا يستطيع أن يُمارس معه الجِنْس مَفْهومًا إلى حدّ ما. لكن اعتمادًا على نَسْختك، يُمْكِننا الحُصول على هذه التَعْليمات التي تبدو غريبة كما في الآية الثالثة عشرة: سِفْر الاويين ثماني عشر على ثلاث عشر لا تَكْشُف عُريّ أُخْت أمَّك، لأنَّها من لَحْم أُمّك.

يُمْكِننا أن نفِهْم بِسُهولة التَعْليمات القائلة بأنَّه لا يَجوز للرَّجُل أن يُمارس الجِنْس مع أخْت أمّه، خالته. ولكن ماذا عن كَوْن الخالة من لَحْم الأم؟ حَسَنًا كما فِهْمت بلا شكّ أن هذا يَعْني أن أخْت الأم والأم من الأقارِب البيولوجيِّين المُقَرَّبين……والمُصْطَلَح في الكِتاب المُقَدَّس لِكَوْنِها من الأقارب المُقَرَّبين هو أن تكون من لَحْم شَخْص ما.

ولكن ماذا نَفهَم من الآية السّابقة، الآية السَّابعة؟ سِفْر الاويين ثمانية عشر على سبعة "عَوْرَة أَبِيكَ وَعَوْرَة أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. أنَّها أُمُّكَ لاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا."

عندما تَتَحَدَّث عن رَجُل يَكْشف عَوْرَة أبيه، هل تَتَحَدَّث عن رَجُل يَرْتَكِب فِعْلًا مِثْليًا مع أبيه؟ لا، فعِبارة "عَوْرَة أبيك" هي عِبارة تَمَلُّكيَّة، أي أنَّها تُشير إلى العَوْرَة التي يَمْلكها أبوك. في هذه الحالة، فهي تُشير إلى أن والدك يَمْتلِك حَصْريًّا الوُصول الجِنْسي إلى أمّك. فهي مِلْكه ومِلْكه وَحْده.

لا أنْوي قَضاء الكثير من الوَقْت في دِراسَة ما تبقَّى من سِفْر اللّاويّين الإصْحاح الثامن عشر ولكنَّني أريد أن أنْظر إلى هذه الآيات بما فيه الكِفاية لِنَرى بأنْفُسنا أن التَوْراة تقول بعض الأشْياء التي يَقول الكثير من المُعَلِّمين والقَساوِسة والمُفَسِّرين اللّيبراليِّين المُعاصرين أنَّها لَيْسَت مَوْجودة. وبِقَدر ما يُمْكِن أن يكون من غير المُريح مُناقشة السُّلوك الجِنْسي المُنْحَرِف في فَصْل مُخْتلط كهذا، يَجِب أن نَفْعل ذلك لأن الله يرى النَّشاط الجِنْسي البَشَري…. واسْتِخْدامه الصَّحيح والغَرَض منه….. على أنَّه مُهِمّ لِلْغاية في مُخطّطه للأمُور. في النهاية، الهَدَف من دَرس التَوْراة هو مَعْرِفة ما يقوله الكِتاب المُقَدَّس بدلاً من مُجَرَّد افْتِراض أن العَقائد المَسيحيَّة التي تَطَوُّرت حول التَّغَيُّرات المُجْتَمَعيّة والصَّواب السِّياسي على مرّ القُرون تُمثِّل كَلِمَة الله بِشَكْل صَحيح.

بالإضافة الى ذلك فإن هذه المُحَرَّمات الجِنْسية……وهذا هو في المَقام الأوَّل ما لَدَيْنا في سِفْر اللّاويّين ثماني عشر، قائمة من المَحْظورات الجِنْسية……. سَتَلْعب دَوْرًا مُهِمًّا في بِهَدَف تَطَوُّر البَشَر كَنوع. لقد عَرفنا جَميعا من النّاحية التَّجْريبيّة والعِلْمية على حدّ سواء أن هناك خَطرًا كَبيرًا في جَعْل مَجموعة جينات العائلة صَغيرة جِدًّا…..ومن هنا جاءَت قَوانيننا الحَديثة ضدّ سِفاح القُربى. من المُثير للإهتمام أنَّه مع كل الأمور الفَظيعة الأُخْرى (والمُحْرِجة في كثير من الأحْيان) التي نوقِشَت بهذه الصَّراحة في الكِتاب المُقَدَّس، أننا لا نَسْمع الكثير من الإشارة المُباشرة إلى الأطفال الّذين يُعانون من عُيوب خُلُقية شديدة كان سَبَبها اخْتِلاط الجِنْسين ولا إلى التَّخَلُّف العَقْلي. أنا مُتأكِّد من أنَّها كانت مَوْجودة إلى حدّ ما… لكن لا بدّ أنَّها كانت غير مُهْمةَّ كثيراً، على الأقل بين بني إسرائيل، أو بالتّأكيد لكان هناك ذِكْر لها.

والعامِل الرّئيسي في أن مثل هذه العُيوب كانت ضئيلة لِلْغاية يُمْكِن إرْجاعه إلى هذه القَوانين التي تَضَع قُيودًا صارِمة على ما كان مَسْموحّا به من تزاوُج بين البَشَر الّذين كانوا على صِلَة قرابة. ولكن يَجِب علينا أيضًا ألا نَفْترِض أن كل ذلك كان يَتَعلَّق فقط بعِلْم الأحياء أو علْم الوِراثة؛ وكما هو الحال مع الكثير مِمّا تَوَصَّلْنا إليه بشأن "الطّاهر والنَّجِس ، أحيانًا لا يوجَد ارْتِباط مُباشر بين الشَرائع والأوأَمَر وبين الخَطَر البَشَري أو المَنْفعة البَشَرية التي يُمْكِن تَمييزها بِسُهولة. لقد كان هذا قَرارًا من يَهوَهْ، لأسْبابه الخاصة، وهذا هو نِهاية الأَمْر تقريبًا.

سَنَتَطرَّق إلى مَوضوع سِفاح المَحارِم والسُّلوك الجِنْسي المُنْحَرِف في الأسْبوع القادم.