21st of Kislev, 5785 | כ״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللّاوييّن الدرس السادس والعشرين – الإصْحاحان الثامِن عشر والتاسع عشر
سِفْر اللّاوييّن الدرس السادس والعشرين – الإصْحاحان الثامِن عشر والتاسع عشر

سِفْر اللّاوييّن الدرس السادس والعشرين – الإصْحاحان الثامِن عشر والتاسع عشر

Download Transcript


سِفْر اللّاوييّن

الدرس السادس والعشرين – الإصْحاحان الثامِن عشر والتاسع عشر

اليَوْم في الإصْحاح الثامِن عشر من سِفْر اللّاوييّن، وهو الإصْحاح الذي يَتَناوَل في المَقام الأوَّل الجنس البَشَري وما هو مُتَوقَّع من إسرائيل في هذا الصَّدَد على عَكْس ما يَفْعَله بَقِيَّة العالَم خِلال هذا الوَقْت من التّاريخ.

لقد قَرأنا الإصْحاح بِأكْمَلِه الأُسْبوع الماضي، لذا دَعونا نُعيد قِراءَة جِزْء صَغير هذا الأُسْبوع لإنْعاش ذاكِرَتنا.

إعادَة قِراءَة سِفْر اللّاوييّن ثمانية عشر على سِتَّة الى سِتّة عشر

من خِلال الآية السادسة عشرة، نَحْصل على تَعْليمات حول ما يُشَكِّل زِنا المَحارِم. فعِنْدَما يُقيم الرَجُل عِلاقة جِنْسيَّة مع امْرأة قَريبة جِدًّا منه (سِواءً كانت ذات صِلَة بِيولوجِيَّة أو عائليَّة) في أي من هذه الظُّروف المُحرَّمة، فإنه يَرْتَكِب زِنا المَحارِم. والآن، لأن الثَّقافة قد تغيَّرت كثيرًا عَبْر القُرون، ولأن هذه المَحْظورات القَواعِد قُدمت في مُجْتَمَع قَديم في الشَّرْق الأوْسَط، قد نَفْقد بعض النِّقاط التي يتمّ طَرْحُها هنا؛ فالأمْر كان أقلّ حول تَقييد رَجُل مُفْترِس يَبْحَث عن نِساء راغِبات بِقَدر ما كان يَتَعَلَّق بتَحْديد من يُمْكِن للرَّجُل أن يَتَزَوَّج بها ومن لا يُمْكِنه الزَّواج بها. ومن يُمْكِنه أن يُنْجِب أطفالًا معها ومن لا يُمْكِنه ذلك. خُلاصة القول: هذا الأمْر يَتَعَلَّق بِقَدر كبير بوَضْع حُدود حول الأماكِن التي يُمْكِن للرَّجُل أن يَبْحَث فيها عن زَوْجَة.

وباخْتِصار، نرى أنه لا يُمْكِن للرَّجُل الزَّواج من والِدَته البِيولوجِيَّة إذا تُوُفِّيَ والِده أو طَلَّقها. ولا يُمْكِنه أيضًا الزَّواج من زَوْجَة أبيه (زَوْجَة والَده) إذا تُوُفِّيَ والِده أو طَلَّقها. وتَسْتَمِرّ القائمة بحَظْر الزَّواج من أخْته الطَبيعيَّة أو أخْته غير الشَّقيقة، أو حتى أُخْت زَوْجَته. ولا يُمْكِن للرَّجُل أن يَعْتَبِر حَفيدَته (ابنة ابْنه) زَوْجَة، ولا ابْنة هذه الحَفيدة… أي حَفيدة حَفيدته.

من الأفضل أن تَنْظُر إلى جَدْوَل المَحْظورات هذا.

لا أريد أن أتَعمَّق في هذا المَوْضوع كثيرًا، ولكن بالنَّظَر إلى أن العِلاقات الزَّوْجِيّة في باقي أجْزاء الكِتاب المُقَدَّس تَدور نَوْعًا ما حول هذه المَجْموعة من الأوامِر، دَعونا نُعرِّف مُصْطَلَحَيْن آخَرين: القَرابة الدّمويَّة والقَرابة النَّسَبيَّة (قَرينان وقَريبان). بِشَكْل أساسيّ، القَرابة الدّمويَّة تَعْني أن الشَّخْص مُرْتَبِط بِشَكْل وَثيق جينِيًّا، أي بالدّم. أما القَرابة النَّسَبيَّة فَتَعْني أن القَّريب قد انْضَمّ عن طَريق الزَّواج إلى عائلة مُعَيَّنة، وبالتّالي لا يوجَد عِلاقة جينِيَّة، بالدّم، أو تَكون العِلاقة بَعيدَة جِدًّا. من النّاحِية القانونيّة، ما تمّ تأسيسَه هنا في سِفْر اللّاوييّن ثمانية عشر هي القَواعِد التي تُحَدِّد ما يُشَكِّل عِلاقة قَرابة دَمَويَّة، ومتى تَكون العِلاقة بَعيدَة بما يَكْفي لتُعْتبَر قَرابة نِسبِيّة. هذا مُهِمّ لأن الزَّواج من أحَد أفراد العائلة كان أمْرًا مَرْغوبًا به في زَمَن موسى؛ لذلك كان السُّؤال هو: إلى أيّ مدى يَجِب أن تَكون عِلاقة الدّم بَعيدَة بما يَكْفي لتَكون مؤهَّلة قانونيًّا لأن تُصْبِح شريك زواج. كان الزَّواج داخل القَبيلة أو العَشيرة يُعتَبَر أمرًا جيِّدًا ومُهِمًّا. كان يُنظَر إلى زواج الرَّجُل من ابْنَة عَمِّه على أنه الشَّراكة المِثاليّة تقريبًا. إذًا، ما مدى قُرْب العِلاقة الدّمويَّة التي يُمْكِن أن يَكون فيها الشَّخْص دون أن يَنْتَهِك قوانين الله؟ هذا ما يُحَدِّده سِفْر اللّاوييّن ثمانية عشر.

تَتَحَدَّث الآية السادِسة عشرة الآن عن عدم دَخول الرَجُل في عِلاقة مع زَوْجَة أخيه. ما يَجِب فَهْمه هنا هو أن ما لا يَتمّ التَّحَدُّث عنه في هذا الإصْحاح بِشَكْل عام هو الزِّنا. هناك سَبَب آخر لِحُدوث هذه العِلاقات الجِنْسيَّة…….وعادَة ما يَكون هذا السَّبَب هو الزَّواج من تلك المَرْأة بالذّات. وما قد يَكون مُربِكًا بعض الشَّيء هو أنه بِمُجَرَّد أن يَتَزَوَّج الرَجُل من امْرأة ما، فإن أقارِب تلك المَرْأة يُعْتَبَرون في بعض الظُّروف أقارِب دَموِيِّين للرَّجُل، على الرَّغم من أنه قد لا يَكون هناك عِلاقة دَم فِعْليَّة. ذلك لأن النَّظْرة العِبْرِيَّة كانت ترى أن الزَّواج يَجمع بين الرَجُل والمَرْأة كـ "جَسَد" واحَد (هذا التَّعْليم يعود إلى سِفْر التَّكْوين). وبالتالي، إذا كانت تلك المَرْأة متزَوْجَة من قبْل وأنْجَبَت أطفالاً، كان هؤلاء الأطْفال يُعْتَبَرون أقْرِباء دَم قَريبين على الرَّغم من أنَّهم من النّاحِية التِّقَنيَّة ليْسوا كذلك لذلك، لم يَكُن الرَجُل يَسْتطيع الزَّواج من امْرأة ثم إذا ماتَت أو طلَّقَها، أن يَتَزَوَّج ابْنَتها، حتى وإن لم تَكُن تلك الإبْنة بيولوجيًا ابْنَتْه. هذا لأن الثَّقافة العِبْرِيَّة كانت تَعْتَبِر تلك البِنْت كابْنَته البِيولوجِيَّة تمامًا."

أعلَم أن هذا المَوضوع مُفصَّل ويُمْكِن أن يَكون مُرْبكًا ولكن المُجْتَمَع العِبْري كان مُعَقَّدًا لِلْغاية، وهذه أُمور نَحْتاج أن نَفْهَمها على الأقل بِشَكْل جِزْئي لأننا سَنَتعامَل معها طوال التَّوْراة وبَقِيَّة الكِتاب المُقَدَّس.

هناك قاعِدة أُخْرى يَجِب أن نَفْهَمها: بِشَكْل عام، في عَصْر العَهْد القديم ، لم يَكُن بإمْكان الرِّجال ارْتِكاب الزِّنا؛ كان يُنظَر إلى ذلك على أنه جَريمة أُنْثَوِيّة. كان يُنظَر عادَة إلى الرَجُل الذي يُقيم عِلاقة جِنْسيَّة خارج إطار الزَّواج نَظْرة دونيّة؛ ولكن لم يَكُن ذلك شيئًا يُعاقَب عليه المَرْء بالضَّرورة. بالطَّبع الرَّجُل الذي تَخونه زَوْجَته بالتّأكيد لن يَكون سعيدًا بذلك؛ في الواقع، قد يَقتُل "الرَّجُل الآخَر" في عَمليّة قتْل من أجل الشّرَف (وربما يَقتُل زَوْجَته أيضًا)، وعادَةً ما كان يُعْتَبَر قتلًا مُبَرَّرًا. على أي حال، قام يسوع نَوْعًا ما بِتَصويب كل هذا التَّفْكير المُعيب عِنْدَما بدأ خِدِمته.

فيما يَتَعَلَّق بالآية السّادِسة عشرة ومَنْع الرَجُل من الزَّواج من زَوْجَة أخيه ؛ هناك اسْتِثَناء رَئيسي لهذه القاعِدة التي وَرَدت في سِفْر التَّثْنِيَة خمسة وعِشرين. إذا كان للرَّجُل أخْ مُتزوِّج ثم تُوُفِّيَ ذلك الأخْ وإذا لم يَكُن قد أنْجَب من تلك الزَوْجَة ابنًا ليَكون وَريثًا له، فإن واجِب الأخْ الباقي كان أن يَتَزَوَّجها لكي تُنْجِب أطْفالًا بإسْم الأخْ المُتَوَفّى. كان يَعْتَبِر هذا أمْرًا حاسِمًا في الحِفاظ على سَلامة نَسْل العائلة الإسْرائيليّة (وبنَفْس القَدَر من الأهَمِّية كان الإعْتِقاد القديم أن جَوْهَر حياة الإنْسان يَسْتَمِر في نَسْلِه بعد مَوْته الجَسَدي).

دَعونا نُعيد قِراءَة المزيد من الإصْحاح الثامن عشر.

إعادَة قِراءَة سِفْر اللّاوييّن ثماني عشر على سبعة عشر الى واحد وعشرين

في الآيَتَيْن السّابعة عَشرة والثامنة عَشرة نَنْتَقِل من مَسْألة الزَّواج من الأقارِب، إلى مُجَرَّد أُمور أخْلاقِيَّة تَتَعلَّق بالجِنْس. على سبيل المِثال، لا يَنْبَغي للرَّجُل أن يَتَزَوَّج أو يُقيم عِلاقة جِنْسيَّة مع امْرأة وابْنَتها (وهذا يُشير إلى امْرأة لها ابْنة من زَوْج آخر)، ولا مع حَفيدة تلك المَرْأة. وكذلك، في الآية الثامنة عشرة، لا يَجوز للرَّجُل أن يَتَزَوَّج أُخْتَيْن أو أكْثر من أُخْتَيْن أو أكْثر من زَوجَتيْن في وَقْت وأحَد.

قبل أن نَنْتَقِل إلى القُسم التالي من سِفْر اللّاوييّن ثماني عشر، دَعونا نَتَوَقَّف للَحظات ونُناقش شَيئًا من المُحْتَمل أن يَكون الكثير مِنكم قد فكَّر فيه بالفِعل: ألم يَتَزَوَّج إبراهيم من أخْته غير الشَّقيقة؟ وماذا عن إسرائيل نَفْسه…..يَعْقوب….. ذلك البَطْريَرْك العَظيم الذي تزوَّج أخْتَيْن هما راحيل وليا؟ بالتّأكيد حَدَث هذا قبْل زَمَن سِفْر اللّاوييّن. ومع ذلك، يَجِب أن نَطْرح السّؤال: هل فَعَلوا شَيْئًا خاطِئًا؟ حَسَنًا ليس أمامَنا خيار سِوى أن نَقْبَل أنه حتى لو لم تَكُن إرادة الله المِثالية ألا يَتَزَوَّجا أخْتَيْن أو قَريبَيْن جِدًّا في النَّسَب، فقد كانت إرادَته العامّة أن يَسْمَح بذلك في ذلك الوَقْت. لا يُمْكِنني أن أخْبِركم لماذا؛ ولَكِنَّني لن أقوم أيضًا بالإدِّعاء واخْتِلاق بعض الأسْباب المُنَمَّقة أو الدِّفاع عن اخْتيارات يَهوَهْ. القَصْد هو، مِثْلما كان الأمْر مع نوح عِنْدَما كان بإمْكانه بعد الطَّوَفان أن يأكُل اللَّحم ولَكِنَّه كان مَحْظورًا قبل ذلك الطَّوَفان العَظيم، هكذا الأمْر مع تَعريف الأقارِب أو الأقْرِباء المُقَرَّبين عِنْدَما يَتَعَلَّق الأمْر بالزَّواج؛ ظَهَرَت ديناميكيَّة مختلفة على جَبَل سيناء.

نَنْتَقِل الآن أكثر إلى الأُمور الجِنْسيَّة التي لا تَتَعلَّق بِسَفاح القُربى، ولكن الله يقول إنها غير أخْلاقِيَّة. وبما أننا دَرَسْنا من قبْل حالة النَّجاسَة التي تَدْخُل فيها الأُنْثى عِنْدَما تَكون في دَوْرتها الشَّهريّة، أجد أنه من المُثير للإهْتِمام أن يتِم ذِكْرها هنا مرة أُخْرى، وتُدْرَج ليس تحت 'النَّجاسَة' بل تحت 'اللاّ أخْلاقِيَّة'. ليس أن المَرْأة غير أخْلاقِيَّة لأن لدَيْها ما هو مُجَرَّد وَظيفة جَسَديَّة طَبيعيَّة……ولكن لأن الرَجُل، الزَوْج، يَفْعَل شيئًا غير أخْلاقي في نَظَر الله لمُمارَسة الجِنْس مع زَوْجَته خِلال تلك الفَتْرة الزَمَنية عِنْدَما تَكون في حالة العِدَّة، وهي حالة نَجاسة.

في الآية عِشرين التّالية ، يُنْهى الرَجُل عن مُعاشرة زَوْجَة رَجُل آخر. في الواقع، هذه الآية أوضِح مما أشار إليه مُعْظَم المُتَرْجمين: فهي تقول حَرْفِيًّا أنه لا يَجوز للرَّجُل أن يَضَع نَسْلَه في زَوْجَة جارِه. ما تَعْنيه حقًا أنه لا يَجوز للرَّجُل أن يَجْعَل هذه المَرْأة المتَزَوِّجَة حاملًا. فإلى جانب عدم أخْلاقِيَّة كل ذلك، كان الواقع الثَّقافي هو أن الأطْفال الذين نَتَجوا من هذا النَّوع من العِلاقات غير المَشْروعة كان يُنظر إليهم بازِدِراء ونَبْذ، وكانوا يُعانون كثيراً من ذلك رغم بَراءتهم. لاحِظوا أنه يقول أيضًا أن الذَّكَر الذي يَفْعَل هذا الشَّيء يَتَنَجَّس مع المَرْأة؛ أي أن الذَّكَر والأُنْثى كِلاهما يَرْتَكِبان فِعْلًا خاطئًا وهما نَجِسان بِسَبَبه. من المُثير للإهْتِمام كيف أن أكثر العِبْرانيّين تقوى تَجاهَلوا هذا الجِزْء من النّاموس وجَعَلوه تَقْليدًا بأن المَرْأة فقط هي التي تَرْتَكِب جريمة الزِّنا. كما أن الثَّقافة اليَهوديّة لم تُعْجِبهم أيضًا عِنْدَما ذكّر يسوع الرِّجال بِنَفاقِهم وخَطيئتهم عِنْدَما كانّت لهم عِلاقات مع نِساء غير زَوْجاتهم.

ثم في الآية واحد وعشرين نَجِد أمرًا لا يبدو أنه يَتَناسب مع بَقِيَّة الأوامِر؛ وهو النَّهي عن السَّماح بِتَقديم أطفال بني إسرائيل كَضَحايا بَشَرية للإلَه المَشْرِقي مولك. مُجَرَّد مُلاحظة هنا: لِفَتْرة طويلة كان يُعتقد أن سِفْر اللّاوييّن لم يُكتَب في وَقْت قريب من سِفْر الخُروج، بل في وَقْت متأخر كثيرًا، ويَرْجَع ذلك جِزْئيا إلى ذكر مولك. كل الدَّلائل كانت تُشير إلى أن الكِنعانيّين لم يَعْبِدوا مولك قبل حوالي القَرْن السّابع قبل الميلاد… حوالي ستّمائة سنة بعد الخُروج. ولكن في السَّنوات القليلة الماضية تم العُثور على مَذْبَح يعود تاريخه إلى القَرْن الرابع عشر قبل الميلاد خارج عمّان، الأردن. وها هي هَياكل عَظْميَّة للعديد من الأطْفال الصِّغار والرُّضّع مَدْفونة تحت هذا المَذْبَح. يُمْكِن للمَرْء أن يُناقش ما إذا كان هذا المَذْبَح مُخَصَّصًا تَحْديدا لمولك ، ولكن من المؤكَّد أنه كان مَذْبَحا لإله أو آخر. لذلك لم يَعُد هناك جَدَل حول ما كان يُمثِّل جِزْءا من أرض كنعان في وَقْت الخُروج، ومن المؤكَّد أن ذَبائح الأطْفال كانت تَحْدُث في كنعان خِلال تلك الحَقَبة.

أعد قِراءَة سِفْر اللّاوييّن الإصْحاح ثماني عشر على إثنين وعشرين حتى النهاية

في الآية إثْنَيْن وعشرين نَحْصل على أمْر صَريح ضدّ المِثليَّة الجِنْسيَّة. تَذكَّر الآن أن هذا التَّحْذير مُوَجَّه للذُّكور. المِثليَّة الجِنْسيَّة بين الذُّكور كانت مُوَثَّقة جيِّداً بين الكِنعانيّين القُدَماء حتى في السِّجِلاّت غير الكِتابيّة. ويقول الله أنه بالنَّسَبة للرَّجُل أن يَفْعَل مثل هذا الشَّيء، بالعِبْرِيَّة 'توعبة' to'evah؛ والتي عادَة ما تُترجم إلى رجَس ومِقْت……كان هذا أقوى مُصْطَلَح مُمْكن لِوَصْف مدى فَظاعة العِلاقات الجِنْسيَّة المِثليَّة بالنَّسَبة لله. لقد تمَ العُثور على صُوَر قديمة لِكَهَنة كِنعانيّين يُمارسون طُقوسًا جِنْسيَّة مثلية لآلهتهم، وقد أوْضح يَهوَهْ بِوُضوح تام أن شَعْبه لا يَنْبَغي أن يَنْخَرِط في مثل هذا الانْحِراف. في سِفْر التَّثْنِيَة، يُسْتَخدم المُصْطَلَح العبري "مهير كليف" لوَصف الأجْر….المُقابِل النَّقْدي…. الذي يُدفع عادَة إلى البَغي المِثلي؛ ويُتَرْجَم إلى "أجْر كلْب". كان الكَلْب تَعْبيرًا اصْطِلاحيًّا للعاهِر المِثْلي الذَّكَر.

لذلك لا يوجَد سَبَب يَجْعَل المَسيحي يُدافع عن مَوْقفنا…..أو ما يَجِب أن يَكون موْقفنا بلا تَحَفُّظ من المِثليَّة الجِنْسيَّة؛ إنها رَجَس عند الله، وقد ذُكر ذلك مُباشرة على هذا النحو هنا وفي عَدَد من الأماكن في كل من العَهْد القديم والعَهْد الجديد. لذلك يَجِب عَدَم التَّسامُح مع المِثليَّة الجِنْسيَّة في جَسَد المسيح، وعلينا أن نَفعل كل ما في وِسْعنا لتشجيع القَضاء عليها في مُجْتَمَعنا. لا أحَد يقول أنه إذا كان لدينا ابْنة أو ابْن أو صديق مِثلي الجِنس، يَجِب أن نَتَوَقَّف عن مَحَبَّتهم أو الإعْتراف بهم. ولكن علينا أن نُحِبّهم بالصَّلاة بحرارة من أجل أن يُنْقِذهم الرّب من هذا السُّلوك المُدَمِّر، وليس بِتَبْرير هذا السُّلوك باعْتباره نَمَط حياة بديل مقبول أو الاسْتِخفاف به.

وأخيرًا تَنتهي الأوامِر المُتَعَلِّقة بالجِنْس بتَحْريم البُهيميّة؛ أي مُمارَسة الجِنْس بين الإنسان والحيوان. لا أعتقد أنني بِحاجة إلى الخَوْض في تفاصيل هذه المَسْألة. لكن ما هو مُثير للاهْتمام هو السَّبَب الذي يَجْعَل هذا الأمر خاطِئاً…….وهو السّبَب الذي واجَهناه من قبل. هذا السُّلوك الجِنْسي الخاطئ لأنه فِْعل "تافِه"". عادَةً ما تُترجم بِشَكْل غير صَحيح على أنها انْحِراف، فهي تَعْني حَرْفِيًّا "الخَلْط" أو "الاخْتِلاط غير السَّليم". الخَلْط والاخْتِلاط غير السَّليم هو إهانة للرّب وهو يأمُر بِضُدِّه. والفِكرة هي أن الخَلط بين الأنواع هو خَلط بين الأنواع، والخَلْط غير اللّائق هو خَلْط غير لائق بين الإنْسان والحيوان. ما هو مَقصود بالسُّلوك الجِنْسي الجَيِّد والسَّليم داخل النّوع هو أن يَبْقى هناك.

والارْتِباك، أو المَزْج غير اللائق، هو عَكْس النِظام والنَّقاء. ولذلك، فإن الارْتِباك ليس شيئًا يَجِب أن يَنْخَرِط فيه شعب الله، الذين يَنْبَغي أن يُحاكوا الله بِقَدر ما يَسْتطيع الإنسان. يَجِب أن أشير أيضًا إلى أن هذا لا يُشير بأي حال من الأحوال إلى مَزْج الأجْناس البَشَرية. لم يَتَناوَل الكِتاب المُقَدَّس أبدًا مَسْألة العِرْق، حتى وإن كان يَرْسم تمييزًا بين العِبْرانيّين والأمميّين؛ ولكن في الواقع، هذا أيضًا ليس عن العِرْق لأن الناس من أي عِرْق كانوا دائمًا موَضْع ترْحيب للانْضِمام إلى إسرائيل. بل إن الأمْر يَتَعَلَّق بِمَزْج الناس مع الحيوانات.

ولكن بعيدًا عن اخْتِلاط البَشَر بالحيوانات، فإن هذا الأمْر له آثار على اخْتِلاط الناس داخل الجِنْس البَشَري. لكن دَعوني أكون واضِحًا، مع ذلك، في أن القَلَق هو حول اخْتِلاط الناس غير المُقَدَّسين مع المُقَدَّسين. أو في سياق العَهْد القديم، اخْتِلاط شعب إسرائيل مع أي شَخْص آخر ليس، ولا يريد أن يَكون، مُنْضَمًّا إلى إسرائيل. حتى ذلك الحين، ومع ذلك، لم يَكُن هذا يُشير إلى النَّقاء العُرْقي أو نقاء الأنْساب، بل كان يُشير إلى الأشْخاص الّذين كان وَلاؤهم ليَهوَهْ مُقابل أولئك الذين لم يَكونوا كذلك. لأنه منذ أقدَم العُصور في الكِتاب المُقَدَّس، كان الأجانِب…… الناس من أعْراق أُخْرى….. مُرَحّبًا بهم للانْضِمام إلى إسرائيل، ومُرَحّبًا بهم للزَّواج من العِبْرانيّين العُنْصريين. كان التَّحْذير هو أنه يَجِب عليهم التَّخَلّي عن عِبادة آلِهَتهم الكاذِبة وعِبادة إلَه إسرائيل فقط.

ويَخْتتِم هذا الإصْحاح بالتَّحذير بأنَّكم أنتم….. أي بني إسرائيل والأجانب بَيْنَهُم….. لا تَفْعلوا أيًا من هذه الأُمور الجِنْسيَّة المَحْظورة وإلا سَيَحلّ بإسرائيل ما حلَّ بالمَصْريّين (وما سَيَحِلّ بِسُكّان أرض كنعان).

هذا ليس تَحْذيراً فارغاً ولا هو مُجَرَّد تحذير رَمْزي. يقول في الآية خمسة وعشرين أن "الأرْض سَتَتنجَّس" بِمُخالفة هذه القوانين المُتَعَلِّقة بالسُّلوك الجِّنْسي. لقد رأيْنا في سِفْر اللّاوييّن مَبْدًا أساسيًا في النَّجاسَة قد تطوَّر: وهو أن النَّجاسَة يُمْكِن أن تَنْتَقِل من الناس إلى الجَمادات وتعود مرَة أُخْرى. كل وأحَد من الأفْعال غير اللائقة التي تحدَّثَ عنها في سِفْر اللّاوييّن ثماني عشرة يَخْلق نَجاسة طَقْسيَّة…..النَّجاسَة…. في المُنْتَهِك. إن عددًا كافيًا من هذه الأفعال التي يَرْتَكِبها عدَد كافٍ من السُّكان الحاكمين في أمّة ما، سيؤدي إلى تَدْنيس أرض تلك الأمَّة….نَجاسة. ونتيجة لذلك سَيَتَّخِذ الله إجراءً ويُزيل ذلك الشَّعب من تلك الأرض كَدَيْنونة ضُدَّهم. في جميع أنحاء الكَلِمَة يوضِح يَهوَهْ أن الأرض وسُكّانها مُتشابِكان. أن يُنفى المَرْء من أرْضِه، أو أن ينهار اقتِصاد الأُمّة، أو أن تَتَعرَّض الأُمّة لسِلْسِلة رَهيبة من الكوارِث الطَبيعيَّة التي تعيش فيها فَسادًا، ما هي إلا بعض الطُرُق التي سيَجْعَل الله الطَّبيعة نَفْسها تأتي على سُكان أرض مليئة بالأشْرار الّذين دَنَّسوا أرْضهم. وبالطَّبع هناك نُقْطة توازُن ما تُصْبِح عندها بعض أعْمال التَمَرُّد ضدّ يَهوَهْ أكثر من اللّازم ويتَّخِذ الله إجراءً. لا نَعرف بالضَّبْط أين تقع تلك النُّقطة، لَكِنَّها موْجودة بالفِعل. اسْمَع إلى كَلِمَة الله لإبراهيم في سِفْر التَّكْوين …… ناس تكوين ثلاث عشرة على خمس عشرة وقال الله لإبرام: "اعلم يقينًا أن نَسْلك سيَكونون غُرباء في أرض ليست لهم، حيث يُستعبدون ويُضطهدون أربعمائة سنة". أربعة عشر "وَأَمَّا أَنَا فَأَحْكُم عَلَى الأُمَّة الَّتِي سَيَخْدِمُونَهَا، وَبَعْدَ ذلِكَ يَخْرُجُون بِأَمْلاَك كَثِيرَة. خمس عشر "أَمَّا أَنْتُمْ فَتَذْهبون إِلَى آبَائِكُمْ بِسَلام، وَتُدْفَنُون فِي الشَّيْخُوخَة. ست ّعشر "ثُمَّ فِي الْجِيل الرَّابِع يَرْجَعون إِلَى هُنَا، لأَنَّ إِثْم الأُموريِّين لَمْ يَكْمُل بَعْدُ"

كان إبراهيم في أرض كِنعان عِنْدَما قال له يَهوَهْ هذا الكلام. ويُخبر الله إبراهيم أن نَسْله سيَخْرجون من هذه الأرض إلى أرض أُخْرى ويُسْتَعْبَدون في المُستقبَل. ثم سيَخْرجون فيما بعد ويَعودون إلى أرض كِنعان.

ما هو العامِل المُحدَّد لِمتى سيَحْدُث هذا؟ انظروا إلى النّصف الأخير من الآية السادِسة عشرة: "لأَنَّ إِثْمَ الأُموريِّين لَمْ يَكْمُل بَعْد". بِعبارة أُخْرى عِنْدَما يَصِل الأُموريّون إلى مُستوى مَُعَّين من الشَّر….عِنْدَما تُصْبِح ذبائح الأطْفال والمِثليَّة الجِنْسيَّة والفُجور الجِّنْسي بكل أنواعه وأكثر من ذلك مُنْتَشرة ومقبولة بِشَكْل كافٍ لدى الأُموريّين، عندها سَيَتصَّرف الله بإحْضار نَسْل إبراهيم…..بني إسرائيل….. إلى الأرض التي يَعيش فيها الأُموريّون، وسيُطرَد الأُموريّون ويُخضع الباقون للعِبْرانيّين.

آمَل أن يَكون الآخَرون هنا غير مُرْتاحين لهذا الأمْر مِثلي. هذه ليست مُجَرَّد قصَّة توْراتيَّة قديمة؛ هذه هي الطَّريقة التي يعمل بها يَهوَهْ. كل أمّة على الأرْض وَصَلت إلى مُسْتوى ما من الفَساد الذي

قرَّر الله أنه أكثر مِمّا يَنْبَغي، تم الحِكم عليها بِشَكْل رَهيب. سِواءً كانت ألمانيا في الحَرب العالَميّة الثانية، أو بعض دُوَل الشَّرْق الأوْسَط التي أفْسَدت إسرائيل، أو بَعض الدُّوَل الأوروبيّة المُلْحِدة حاليًّا التي أوْشَكَت على الانْهيار المالي، سيأتي الوَقْت حَتْمًا عِنْدَما يتَّخذ الله إجْراءً ضِدَّها. ماذا عن أمْريكا؟ إلى متى سيَسْمَح الله لنَسْختنا الحَديثة من التَضْحية بالأطْفال، الإجْهاض أن تَسْتَمِرّ كسِياسة وطنيّة مَقبولة؟ إلى متى سيَسْمَح الله بتَمْجيد الشُّذوذ الجِنْسي لِدَرَجة أن بعض الطَّوائف الكَّنَسيَّة تُسوِّق الآن عَلانيَة للمِثليّين، بل وترسّمُهِمّ كخُدّام لله؟ إلى متى سيَسْمَح الله لِقِلَّة قليلة نِسْبِيًا من الناس على هذا الكَوْكب بالعَيْش في مكان يُسَمّي امْتِلاك سيارة وأحَدة وجِهاز تِلفزيون مُلَوَّن واحَد "فقرًا"، بينما تنام غالِبيَّة سُكان الكَوْكب جِياعًا؟ إلى متى سيَسْمَح الله بإبْعاده عن كل حُكومة ومكان عام ومَدْرسة ونشاط في أمَّتنا؟

لا أعْرِف الإجابة. لكنّي أعْرِف أنه إذا كان سَيَحْكم بِقَسْوة على شَعبه الخاص …. أولئك الذين يُسَمّيهم كَنْزه الثمين…..، فإنه بالتأكيد لن يَغُضّ الطَّرَف عن بَقِيتنا.

دَعونا نَنْتَقِل إلى سِفْر اللّاوييّن تِسْعة عشر.

سِفْر اللّاوييّن الإصْحاح التاسع عشر

هذا الإصْحاح بالذّات من سِفْر اللّاوييّن غالبًا ما يُفرده العِبرانيّون كشَيْء مُمَيَّز إلى حدّ ما. إنه فَصْل طويل وغالباً ما يُشار إليه على أنه تَوْراة داخل التَّوْراة. وهذا يعني أن الإصْحاح التاسِع عشر هو نوع من التَّوْراة المُصَغَّرة، أو مُلخَّص للقواعِد والأحْكام التي تُشَكِّل الأساس لِجميع القَواعِد والأحكام الأُخْرى في الشَّريعة.

فكما قيل لنا أن الَوصِيّة بأن "تحبّ يَهوَهْ من كل قلبِك ونَفْسِك وقُدْرتك، وأن تحِبّ قريبك كَنَفْسك" هي الأساس الذي تقوم عليه كل أوامِر التَّوْراة، فإن الإصْحاح التاسِع عشر يَضَع ما يَرقى إلى تعريف لما يَعنيه أن "تَكون مُقَدَّسا"؛ ما هي الحياة المُقَدَّسة التي تبدو عليه حياة أحَد أفْراد شعب الله.

علّم الحاخامات القُدماء أن هذا الإصْحاح يَجِب أن يُقرأ أمام الجَماعة كُلّها لأن الوصايا العَشْر مُتَجسِّدة فيه. لذلك وبِنَفْس الطريقة التي قرأ بها موسى الوَصايا العَشْر على أُمَّة إسرائيل كُلّها (بتَعْليمات من الله)، هكذا يَجِب أن يُقرأ الإصْحاح التاسِع عشر أمام الجَماعة كُلّها.

وبالفِعْل سنَجِد إشارة مُباشرةً إلى ستَة على الأقل من الوصايا العَشر وإشارة غير مُباشرة إلى الوَصايا الأربَع الباقية. هذه الوَصايا السِّت تبدأ الَوصِيّة المَحْذوفة في الشَّريعة المَسيحيَّة الحديثة: "أنا يَهوَهْ إلَهُك". نعم يُفاجئ مُعْظَم الناس مَعْرِفة أن "أنا يَهوَهْ إلهك" كانت الَوصِيّة الأوَّلى الأصْليَّة. إذا كنتم تَتذكَّرون قبل عِدَّة أشْهر في درْسَنا عن سِفْر الخُروج عِشرين والوصايا العَشر، أخْبَرْتَكُم أن أقْدَم المَخطوطات العِبْرِيَّة المُكْتَشَفة رَقَّمَت الوَصايا العَشر كما هو الحال في كُتُبِنا المُقَدَّسة الحَديثة. ولكن في حين أن وَصايانا المسيحيَّة العَشر تبدأ دائمًا بـ "لا يَكُن لك آلِهَة أُخْرى أمامي" كَوَصيَّة أولى، فإن الكِتاب المُقَدَّس الأصْلي يَجْعَل "أنا يَهوَهْ إلهك" الَوصِيّة الأوَّلى و"لا يَكُن لك آلِهَة أُخْرى" الَوصِيّة الثانية.

في وَقْت ما في القَرْن الرابع أو الخامس الميلادي قرَّرَت الكنيسة الرّومانية إلغاء الَوصِيّة الأوَّلى: ولكن بما أن الكِتاب المُقَدَّس يَنصّ بِوُضوح على أن هناك عَشْر وصايا وليس تِسع وصايا، فقد حَلَّت سُلطات الكَنيسة المُشْكِلة بِتقْسيم الَوصِيّة الثانية الأصْلية إلى وَصِيَّتيْن: الأوَّلى هي "لا يَكُن لك آلِهَة أُخْرى"، والثانية هي "لا تَصْنَع لك تِمثالاً مَنْحوتًا".

الوصايا الخمْس الأُخْرى المُشار إليها مُباشرة في سِفْر اللّاوييّن تسعة عشر هي :الَوصِيّة الثانية (لا آلِهَة أُخْرى)، والثالثة (لا تَحْلُف يَمينًا كاذِبة)، والرابعة (احْفَظ السَّبْت)، والخامسة (أكَرِم والِدَيْك)، والثامنة (لا تَسْرُق).

إليكم الأمْر: لقد كان يَوْمًا حزينًا في المسيحيّة عِنْدَما اكْتَمَل التَّحوُّل من القيادة اليَهوديّة إلى القيادة الوَثَنيّة للكنيسة لأنه في تلك اللَّحْظة أصْبَحَت تلك الأشياء المُتَعَلِّقة بالكِتاب المُقَدَّس التي كانت مُريحة ومألوفة للعالَم الوَثَني مُهَيْمِنة، وتلك الأشياء المُتَعَلِّقة بالكِتاب المُقَدَّس التي كانت يَهودية بِشَكْل عَلَني وبالتالي غير مُريحة وغير مألوفة للوَثَنيّين وُضِعَت جانبًا. من بين تلك الأشياء اليَهوديّة التي وُضِعت جانبًا كانت التَّوْراة بِأكْمَلِها. ومعها ذَهَب السِّياق المُناسِب لكلّ ما سيأتي بعد ذلك في الكِتاب المُقَدَّس. القَداسَة وأهَمِّيّتها العُليا، وما هو تَعْريف الله للقَداسة وُضِعت جانبًا أيضًا. لذا، بينما ندْرُس سِفْر اللّاوييّن تِسعة عشر، دَعونا نُصَلّي جميعًا أن يَضَع الله التَّحْذيرات الوارِدة في هذا الفَصْل في أعْماق قُلوبنا، وأن يُرينا كيف نُعيد تَطْبيق، وليس إعادَة تَفْسير، هذه الفَرائض الإلَهيّة في ثقافَتْنا الغَربَّية في القَرْن الوأحَد والعشرين. لأننا بالفِعل يَجِب أن نكون قِدّيسين لأنه هو قُدّوس.

اقرأ الإصْحاح التاسع عشر من سِفْر اللّاوييّن

الفصل التاسِع عشر هو التَّعْريف العام لِكَيْفِيَّة إظهار القَداسَة في حياة الأشْخاص الذين تم تَعْيينهم للقداسة……. في العَهْد القديم كان هؤلاء الأشْخاص هم إسرائيل……. في العَهْد الجديد هؤلاء الأشخاص هم الذين دَخَلوا في اتِّحاد مع المَسيح يسوع. الآن يُمْكِن أن يَكون لدينا حِجَجْ مَشْروعة حول ما إذا كان علينا أن نَتْبَع حَرْفيَّة الشَّرائع والأحْكام السَّتُّمئة وثلاثة عشر المَوْضوعة أمامنا في التَّوْراة أم لا؛ ولكن ما لا يُمْكِن الجِدال فيه هو أن المَبْدأ والنَّمَط الذي كان مُقَدَّسا في عام ألف وثلاثمئة أو ألف وأربعمئة قبل الميلاد…… عِنْدَما أُعْطِيَت التَّوْراة لأوَّل مَرَّة لِموسى…. لا يزال هو نَفْسه اليَوْم.

أوَدّ أن أقْتَبِس لكُم مَقْطَعًا موجزًا من مَقال كَتَبَهُ جوزيف هيرتز الذي كان الحاخام الأكْبَر للمَجامِع العِبْرِيَّة المُتَّحِدة خِلال الفترة التي سَبَقت الحَرْب العالَميَّة الثانية وخِلالها. يقول هذا عن سِفْر اللّاوييّن تِسْعة عشر بِشَكْلٍ عام وعن القَداسَة على وَجْه التَحْديد:

"تَطْويرًا لفِكرة القَداسَة كنِظام، وليس تشْويشًا، فإن هذه القائمة (آيات سِفْر اللّاوييّن تسعة عشر) تؤيِّد الاسْتِقامة والتَّعامُل المُسْتَقيم على أنه مُقَدَّس، والتَّناقُض والإزْدِواجيَّة في التَّعامُل على أنه ضُدّ القَداسَة. فالسَّرِقة، والكَذِب، وشهادة الزّور، والغِشّ في المَكاييل والمَوازين، وكل أنواع الغِشّ مثل التَّحَدُّث بالسّوء عن الصُّم (ويُفْتَرَض أن تَبْتَسِم في وُجوهِهم)، وكَراهيّة أخيك في قَلْبِك (بينما تَتَكلَّم معه بِلُطف)، هذه تَناقُضات واضِحة بين ما يبدو وما هو كائن".

أو كما يقول البروفسور ج. ج. وينهام: "القَداسَة يعبر عنها بالسلامة الأخْلاقِيَّة، التي يعبر عنها بدورها بالكمال الجسدي".

بصراحة: لا تحدثني عن أن القُدّوس، يسوع، يعيش في قلبك في نَفْس الوَقْت الذي تنكر فيه الحاجة إلى أن تحيا حياة مُقَدَّسة. لا تخبرني أنه يُمْكِن أن يَكون روح الله ساكنًا فيك، ولكنك لا ترى حاجة لطاعة توراة الله. وما هي توراة الله سوى تهجئة ما نسميه "الأخلاق". الأخلاق هي ما هو حسن، كما هو منفصل عما هو غير حسن. لا أنا لا أقول أننا يَجِب بالضَّرورة أن نعمل بهذه القوانين التي وَضْعت في سياق ثقافي شرق أوسطي قديم بنَفْس الطريقة التي كانت تُطبَّق بها منذ أكثر من 3000 سنة؛ ولكن يَجِب أن تَكون بعض الأشياء كما هي، وأن تُستحضر أشياء أُخْرى سليمة قدر الإمكان (أعياد التَّوْراة على سبيل المثال). لكن تعريف ما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي قد وَضْعه الله، وليس له في الواقع حواجز ثقافية متأصِلَة، وبالتالي لا يَنْبَغي تغيير هذه المبادئ من قبل الإنسان.

من المُثير للإهْتِمام أن الحاخام هرتز يرى أن إحْدى السمات الأساسية المحددة للقداسة هي النِظام… مرة أُخْرى، كما حددها الله، وليس الإنسان……………… في مقابل الفوضى والارتباك لأن في الأُسْبوع الماضي عِنْدَما كنا ننظر إلى سِفْر اللّاوييّن ثماني عشر، رأينا أن خطيئة البهيمية (مُمارَسة البَشَر للجنس مع الحيوانات) كانت خاطئة لأنها كانت تيفيل (مزج غير لائق)…… كان عملاً من أعمال التشويش أو الاختلاط غير السليم.

سوف نَتَوَقَّف وننظر إلى حالتين في سِفْر اللّاوييّن تسع عشر حيث "الخلط" هو القَضِيَّة، ويأخذ الأمر بعض التطبيقات المثيرة للاهتمام…..وأعتقد أنها تطبيقات عميقة.

بعد مقدمة سِفْر اللّاوييّن تسع عشر وبعد الَوصِيّة العامّة "كونوا مُقَدَّسين لأني أنا قُدّوس" نتذكر وصيتين من الوصايا العشر في جبل سيناء؛ في الآية الرابعة يُقال لإسرائيل أن يوقروا أباهم وأمُهِمّ وأن "يحفظوا سبتاي".

ما هو الشَّيء المُهِمّ جِدًّا بالنَّسَبة لله في الأب والأم؟ لقد أعْطوك الحياة، على الأقلّ بالمَعْنى المادّي. وأُعْطوا مَسْؤولية أن يَكونوا سُلْطة عليك من أجْل تَدريبك. من وِجْهة نَظَر روحيَّة، الأمْر مُشابِه لِعِلاقتنا مع يَهوَهْ: لقد أعْطانا الحياة، وعلينا أن نَعْتَرِف بِسُلْطته علينا. هذه هي حقيقة الازْدِواجِيَّة في العَمَل مَرَّة أُخْرى. هذا مَبْدأ ما صَحيح في كل من العالَم المادي والعالَم الرّوحي في آن وأحَد.

وبالطَّبع نَجِد هنا إشارة أُخْرى إلى حُفْظ السَّبْت مَوْضوعة في المُقَدَّمة والمَرْكز. كان حُفْظ السَّبْت جِزْءا أساسيًّا من خُطَّة الله لأولئك الذين يَثِقون به. ليس كجِزْء من الخَلاص بل كَطاعة. كما هو الحال مع أي شيء يأمُر به الله يُمْكِن أن يَتَحوَّل السَّبْت إلى عِبْء وإلى مُمارَسة قانونية قائمة على الأعْمال. وفي الواقع أصْبَح السَّبْت بالفِعل أحَد أكثر نِقاط الخِلاف بين اليَهود. ليس ما إذا كان يَنْبَغي أو لا يَنْبَغي مُراعاته أو حتى متى يَنْبَغي مُراعاته؛ بل كانت الخِلافات حول تَفاصيل كَيْفيَّة مُراعاة السَّبْت بِشَكْل صَحيح.

لن أخوض في الحَديث عن كَوْن السَّبْت هو اليَوْم السّابِع من الأُسْبوع واليَوْم السّابع فقط (السَّبْت بمُصْطَلَحاتنا الحديثة)، على الرَّغم من أنّه كذلك. ما أريد أن أُشير إليه هو أن السَّبْت هو أحَد تلك الخِيارات الأخْلاقِيَّة التي يَضَعها الله أمامنا. إذا كنت قد حَضرت دَرْسي عن سِفْر التَّكْوين سِتَّة حيث اسْتَكْشفْنا مَصْدَر الشَّر ولماذا وكيف وُجد، فرُبّما يَكون من الأسْهَل قليلاً فَهْم فِكْرة أن السَّبْت هو خِيار أخْلاقي. بالنَّسَبة لأولئك الذين لم يَسْمَعوه، قد يَكون من الجَيِّد أن تَحَصَلوا على قُرْصٍ مُدْمَج أو تَسْتَمِعوا إليه على مَوْقعنا الإلِكْتروني؛ ولكن باخْتِصار المَفْهوم هو أن إرادَتنا هي ذلك الجِزْء منّا الذي وَضَعه الله فينا لاتِّخاذ خيارات أخْلاقِيَّة. الإرادة لا تَتَعلَّق بالتَفْضيلات…… مثل نَكْهات الآيْس كريم أو أي صابون مُزيل العَرَق تُفَضِّله أو ما الذي تُفَضِّله على الغَداء. يَسْمَح الله للبَشَر بالعديد من التَفْضيلات التي ليْست صَحيحة أو خاطِئة بِطَبيعَتها. لكن اخْتيار الإرادة دائمًا يَتَعَلَّق بالصَّواب أو الخَطأ، بالخَيْر أو الشَّر، بالطَّاعة أو المَعْصِية. بنَفْس الطريقة لا يَتَعَلَّق السَّبْت بالأفْضليَّة. كيف يَحْتفل المَرْء بالسَّبْت……ماذا تأكُل بالضَّبْط، وماذا تَلْبس، وأيْن تَحْتفِل به، وهل تُضيء شَمْعة أم لا، وما هي الصَّلَوات التي تَتْلوها، وما إلى ذلك، كُلّها مَسْألة تَفْضيل كما أوْضَح بولُس في كولوسي إثنين على ستّة عشر. MRD كولوسي إثنين على ستّة عشر "فَلاَ يُزْعِجَنَّكُمْ أحَد إِذًا فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، أَوْ فِي تَمْيِيز الأَعْيَاد وَالأَهِلَّة وَالسَبْت…."

لَمْ تُنْسَخ سُبُوت الله والأَشْهُر الْجَدِيدَة أَكْثَر مِنَ الطَّعَام وَالشَّراب. إذًا إلى جانب السَّبْت ما يَجِب أن نَبْدأ التأمُّل فيه هو هذا: بما أن إرادَتْنا تَختار اخْتِيارات أخْلاقِيَّة والخِيار دائمًا لله أو ضدّ الله، وبما أن الله يوضِح ما الذي يُحَدَّد لله" و"ضدّ الله" (أوامِره وقَوانينه وفَرائضه)، فإن العُصيان في الواقع لا يَرْقى إلى أقلّ من اخْتيار أخْلاقي لإرادَتنا في مُخالفة الله.

ولكن من الجَدير بالذِّكْر أيضًا أن هناك نَوعًا من العِلاقة بين تَكْريم الوالِدَيْن وحُفْظ السَّبْت. ليس فقط أنَّهما أول ما يُذكَر بعد التَّعْليم بأن نكون قِدّيسين كما هو قُدّوس ، بل لأنَّهُما في نَفْس الجُملة يَرْبُط بَيْنهُما. لم يَغِب هذا عن نَظَر الحاخامات العِظام لأن هذا التَّرْكيب اللُّغَوي يَهْدُف إلى إظْهار أن هناك ارْتِباطًا بين هاتَيْن الوَصِيَّتَيْن؛ لقد كان يوضِح أنّه حتى في الوَقْت الذي يُعْتَبَر فيه تكريم والِدَيْنا الأوَّلوية الأوَّلى بين واجِباتِنا تِجاه الآخَرين ، فإن الخُطْوة الأولى بين واجِباتنا تِجاه الله وبالتالي تِجاه أن نكون مُقَدَّسين هي تقْديس السَّبْت؛ أن نُخَصِّصه في حياتِنا تمامًا كما قدَّس الله اليَوْم السابِع، السَّبْت، في بِداية العالَم.

سَنُواصل في الإصْحاح التاسِع عشر في المَرّة القادِمة.