21st of Kislev, 5785 | כ״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » الخروج » الدرس ثلاثة وثلاثون – الإصحاحات ثمانية وثلاثون وتسعة وثلاثون وأربعون (نهاية الكتاب)
الدرس ثلاثة وثلاثون – الإصحاحات ثمانية وثلاثون وتسعة وثلاثون وأربعون (نهاية الكتاب)

الدرس ثلاثة وثلاثون – الإصحاحات ثمانية وثلاثون وتسعة وثلاثون وأربعون (نهاية الكتاب)

Download Transcript


الخروج

الدرس ثلاثة وثلاثونالإصحاحات ثمانية وثلاثون وتسعة وثلاثون وأربعون (نهاية الكتاب)

بدأنا الأسبوع الماضي بالقراءة عن البِناء الفعلي لخَيمة الاجتماع، والسَبب في أننا لم نَتفحّص المواضيع كلها عن كثب هو أنها تكرار للمواصفات التي وردت في وقتٍ سابق في سِفِر الخروج. لماذا هذا التكرار الممل بدلاً من بعض الكلمات التي تنص على أنّ إسرائيل بناها كما أمَرَ الرب؟ لأننا نتحدّث عن أهم وأكبر وأقدس شيء على وجه الأرض. فالخيمة المقدسة ليس لها مُنافس؛ هذا هو المكان المقدس الوحيد الخاص بيَهوَه على الأرض. لا يوجد شيء مثلها، ولا يُساويها سوى بديلها اللاحق، الهيكل. لذلك يتمّ تقديم تفاصيل دقيقة للغاية لإثبات أنه تم بَذل كل جهد ممكن لبناء خيمة البرية وفقًا لمخططها.

قراءة سِفِر الخروج ثمانية وثلاثين كُلّه

في منتصف هذا الإصحاح تقريبًا، بدءًا من الآية واحد وعشرين، نرى أنّ أحد أبناء هارون، وهو زميل اسمه إيتامار، كان مسؤولاً عن حِساب جميع المواد المستخدمة في صنع خيمة الاجتماع. ولكن، من المُحتمل أن يكون هذا الأمر أكثر من مجرد مُحاسبة، فقد كان إيتامار مؤرخًا أيضًا. لقد أرّخ بناء خيمة الاجتماع، وربما كان له دور فعّال في مُساعدة موسى في كتابة أجزاء من التوراة.

في الآية ثمانية، لدينا هذه المعلومة الغريبة التي تقول إنّ "مرايا النساء اللواتي كنّ يَخدمن عند مدخل خيمة الاجتماع" استُخدمت في صنع "الحوض النحاسي لحفظ الماء". إنّ تأثير المرآة على الماء في الحوض قد تمّ الحديث عنه في عهد هيكل سليمان، ويعتقد بعض العلماء أنّ هذا الكلام عن استخدام المرايا كان تحريفًا من زمن متأخر، في محاولة لتعزيز تقليد كانت نساء بني إسرائيل يُمدحن فيه على مُساهماتهن الخاصة من خلال المرايا. لقد كانت المرايا نادرة وباهظة الثمن، ولم يَرِد ذكر المرايا في أي مكان في قائمة الأشياء التي أمَر الله بني إسرائيل بالتزود بها. إذًا، الفكرة هنا هي أنّ بعض النساء الأتقياء قد بَذلن جهدًا يَفوق ما طُلب منهن في تقديم مراياهن الثمينة للغاية، كعلامة على امتنانهن لما كان يفعله يَهوَه في بناء مَسكِن له حتى يكون حاضرًا بين بني إسرائيل.

لم تَكن المرايا في ذلك العصر مصنوعة من الزجاج العاكس، بل كانت أقراصًا مصقولة للغاية من النحاس أو البرونز مزودة بمَقابض من مواد مختلفة. وبما أن المرايا كانت باهظة الثمن بالنسبة للجميع ما عدا الأثرياء، فقد كانت المَقابض بالطبع مصنوعة من مواد باهظة الثمن مثل العاج.

لدينا أيضًا سِجلّ لكميات مذهلة من المواد الثمينة التي استُخدمت في بناء خيمة الاجتماع؛ حوالي طن من الذهب، وأقل بقليل من سبعة آلاف رطل من الفضة، وأكثر من طنين من البرونز بقليل. لذا فقد بَلغ وزن المعدن الثمين وحده ما يقرب من سبعة أطنان.

بينما وَصفتُ لكم وزن مواد البناء المختلفة بالأرطال والأطنان، إلا أنها في العبرانية كانت تُكتب بالكيكار والشيكل. تُترجم كلمة "كيكار" العبرية دائمًا إلى "موهبة". كانت الموهبة عمومًا أكبر وحدة لقياس الوزن في ذلك العصر (تمامًا كما هو الحال في أمريكا حيث يكون الطن عادةً أكبر وحدة لقياس الوزن في عصرِنا). كانت الموهبة تتكوّن من ثلاثة آلاف وستمئة شيكل.

لم يَستخدم بنو إسرائيل العملات المعدنية إلا بعد حوالى ثمانية قرون. وعندما شَاعت العُملات المعدنية أخيرًا، أصبح مُصطلح الشيكل الوحدة القياسية للنقود الإسرائيلية (على غرار الدولار الأمريكي). ولكن في عصور موسى والملكين داود وسليمان، وحتى نَفي يهوذا إلى بابل، لم يكن الشيكل عملة معدنية، بل كان مُجرّد وحدة وزن، مثل الأوقية. لذلك حتى يَصل الكتاب المقدس إلى أسفار عزرا ونحميا، عندما نسمع عن أنّ العبراني كان عليه أن يفتدي ابنًا بكرًا بنصف شيكل، على سبيل المثال، لم يكن يعني عملة معدنية بل كان مقياسًا معينًا من الفضة يوزن بميزان.

فلننتقل إلى الإصحاح تسعة وثلاثين.

قراءة الإصحاح تسعة وثلاثون من سِفِر الخروج كُلِه

يَروي الفصل (الإصحاح) تسعة وثلاثون عن صناعة الثياب الكهنوتية. والأهم من ذلك يَتطرق بالتفصيل إلى صناعة لباس هارون…ثوب رئيس الكهنة. على الرغم من أننا تناوَلنا هذا الأمر قبل بضعة أسابيع، دعونا نأخذ بضع دقائق لمُراجعة أمور خاصة بلباسه الرائع.

لقد صُنع الثوب متعدد الطبقات باستخدام خيوط وقماش من ألوان كان من الصعب تصنيعها، وبالتالي كانت نادرة وباهظة الثمن: الأزرق والأرجواني والأحمر القرمزي. يَشرح الإصحاح تسعة وثلاثون كثيرًا عن القِطع الخارجية والأكثر بروزًا في الزي الرسمي؛ ولذلك يبدأ بالأفود. كان الأفود هو القطعة التي تُشبه المئزر. وفوق الإفود كان يوجد دِرع الصدر. على الرغم من أنّ الإفود ودرع الصدر كانا قطعتين مختلفتين، إلا أنهما كانا يَعملان معًا، ولذلك عادةً ما كان يُطلق على الإفود ودرع الصدر سويًا ببساطة "الإفود". كان الدرع قِطعة مُربّعة الشكل تحتوي على اثني عشرة حجرًا ثمينًا وشبه ثمين مُرتّبة في صفوف وأعمدة. كان كل حَجَر منقوشًا عليه اسم قبيلة من القبائل الاثني عشر….. لذلك كانت جميعها مُمَثلة على الدرع. كان الدرع مثبتًا في مقدمة الإفود بواسطة حلقتين مثبتتين، وكانت يُلبس على الصدر فوق القلب.

كانت أحزمة الكتف تَلتفّ من الجانب الأمامي للدرع لتتّصل بقطعة تلبس على الظهر. كانت كل من هذه الأشرطة تَمرّ من أعلى الكتفين، كان يوضع حجر عقيق كبير على كل منها. كما كانت أسماء قبائل إسرائيل الاثني عشر منقوشة على هذين الحجرين. وعلى الرغم من أنه ليس مذكورًا بشكل قاطع في الكتاب المقدس، إلا أن الحكماء اليهود يتفقون عمومًا على أن أسماء القبائل الاثني عشر كانت مُقسمة إلى مجموعتين: ستة قبائل من بني إسرائيل نُقشت على حجر، والستة الباقية على الحجر الآخر.

هناك الكثير من الرمزية في هذه الأحجار. إنّ الأحجار الاثني عشر، مع اسم واحد على كل حَجر، التي كانت تُوضع على دِرع الصدر، تُشير إلى فردية كل قبيلة، ولكن بتجميعها معًا تُظهر أيضًا أنها من مصدر واحد، من أب واحد، موحد. يبدو أنّ الحجرين الكبيرين الموضوعين على الأكتاف يدلان على نبوءة أنه على الرغم من أن إسرائيل واحد بالنسبة لله…..إسرائيل سيكون مُنقسمًا. بعد حوالى 400 سنة، بعد موت الملك سليمان، ستؤدي الحرب الأهلية إلى انقسام إسرائيل إلى بيتين……مملكتين…بعض القبائل تنتمي إلى بيت، والبقية تنتمي إلى البيت الآخر.

كان الثوب الخارجي الطويل، الذي كان يُلبس فوقه الإفود والدرع، أزرق اللون. وكان يصل إلى تحت الرُكبة، بينها وبين الكاحل. عادةً ما يُطلق على هذا الثوب الخارجي اسم الرداء. بالإضافة إلى ذلك، أسفل الرداء شَمَل أجراس ورمانات ذهبية متناوبة.

قيل لنا في فصلٍ سابق أنّ الأجراس كانت ضرورية لكي "لا يموت رئيس الكهنة" عندما كان يقوم بالخدمة في خيمة الاجتماع. كانت الأجراس أكثر من مُجرد زينة. في الواقع، في وقت لاحق من عَصر الهيكل (كان الهيكل مجرد خيمة دائمة)، كان هناك حَبل يُربط في كاحل رئيس الكهنة عندما يدخل إلى قدس الأقداس في "يوم كيبور"…يوم التكفير. كانت الفكرة هي أنّ الكهنة الأدنى مستوىً، الذين كانوا يَقفون خارج المكان المقدس (الحَرَم)، كانوا يَستمعون إلى الرنين الخفيف المستمر للأجراس الذهبية أثناء تحرّك رئيس الكهنة في المكان، وهو يؤدي طقوس التطهير؛ إذا توقّف الرنين لفترة طويلة من الزمن، فإنهم يفترضون أن يَهوَه قد قتل رئيس الكهنة على الأرجح بسبب خرقه للبروتوكول، وكانوا يُسحبونه والحبل مربوط بقدمه. إنّ منطق هذا الإجراء مفهوم: رئيس الكهنة وحده يُمكنه الدخول إلى قدس الأقداس. أي شخص آخر قد يتجرأ على المغامرة سيُضرب ضربًا مبرحًا. لذا، إذا حدث شيء ما لرئيس الكهنة بالداخل، لم يكن هناك طريقة لإخراجه. حتى التَعيين السريع لرئيس كهنة جديد لن يُساعد، لأنه لا يمكن لرئيس الكهنة تحت أي ظرف من الظروف أن يتعامل مع جثة ميتة….. ولا حتى إن كان أحد أفراد عائلته. بالمناسبة، لا يوجد أي سجل، توراتي أو غير ذلك، عن رئيس كهنة مات وجُر من قدس الأقداس بهذا الحبل.

تحت الرداء الأزرق كانت هناك سترة بيضاء. كانت تَصل من العنق إلى الكاحل. حتى الآن في الإصحاح تسعة وثلاثين، كل البنود المذكورة أشارت أن رئيس الكهنة وحده كان يرتديها. ولكن، بدءًا من السترة البيضاء، كانت بقية الثياب مشتركة بين جميع الكهنة، بغض النظر عن مستواهم أو واجبهم. أما العَمامة (غطاء الرأس)، فعلى الرغم من أنّ جميع المستويات الكهنوتية كانت ترتديها إلا أنها لم تكن تشمل لوحة الرأس التي كانت حصرية لرئيس الكهنة. كانت لوحة الرأس عبارة عن عصابة ذهبية منقوش عليها عبارة "مقدس ليَهوَه".

أودّ أن تُلاحظوا طريقة انتهاء الإصحاح. لقد اكتملت خيمة الاجتماع. وهنا لدينا سرد رسمي جداً لكل ما صنعه الشعب. وبينما قد يبدو مبالغاً فيه بالنسبة لنا، إلا أن هذا التكرار التفصيلي المطول للأحداث يناسب أسلوب وعادات تلك الأيام. والغرض من ذلك هو أن يُعلن لأفراد بني إسرائيل، الذين كانوا حاضرين في البرية، وللأجيال القادمة، أنّ ما فعلوه هو كل ما أوصى به الله، تمامًا كما أوصى به. وهم راضون جدًا عن أنفسهم لأنهم فعلوا ذلك.

والآن، يجب أن نلاحظ أيضًا أوجه التشابه بين هذا الجزء من سِفِر الخروج، وإتمام خيمة الاجتماع، وقصة سِفِر التكوين عن الخلق. بما أن بعض هذه التشابهات تتداخل مع الإصحاحين ثلاثين وأربعين، دعونا نقرأ الإصحاح أربعين قبل أن نناقشه قليلاً.

قراءة الإصحاح أربعين من سِفِر الخروج كله

لم يمضِ على خروج إسرائيل من مصر سوى أقل من عام بقليل. يجب أن ننبهر حقًا بحقيقة أن هذا المكان المقدس المذهل، بأثاثه والملابس الكهنوتية المطلوبة، قد اكتمل في حوالى ستة أشهر. نحن نَعرف أن هذا هو الإطار الزمني لأن إسرائيل استَغرق ما يزيد قليلاً عن شهرين للوصول إلى جبل سيناء بعد الخروج من مصر؛ ثم بعد فترة قصيرة من الوقت المُخصص للاستقرار، قضى موسى أربعين يومًا على جبل سيناء ثم نَزل ليحضر تمرد العِجل الذهبي، ثم صَعد مرة أخرى لمدة أربعين يومًا أخرى…..قبل أن يُعطي موسى المخططات التفصيلية للشعب لكي يبدأ البناء. إذًا أمضى إسرائيل في جبل سيناء مدة خمسة إلى ستة أشهر لبِناء خيمة الاجتماع.

يقول يَهوَه لموسى أنه في اليوم الأول من الشهر الأول سيُقيمون خيمة الاجتماع ويُكرسونَها. يقع هذا اليوم قبل أسبوعين فقط من عيد الفِصح اليهودي، وهو اليوم الذي غادروا فيه مصر. كان العبرانيون يعملون بالتقويم القمري. كان القمر الجديد هو ما استخدموه للاحتفال باليوم الأول من كل شهر جديد. لم يكن القمر الجديد الذي كان على وشك الاكتمال هو اليوم الأول من الشهر الجديد فحسب، بل كان أيضًا أول شهر في السنة الجديدة. لذا، بحِسابنا، كان عليهم أن يُقيموا خيمة الاجتماع في الأول من "أفيف" (وهو الإطار الزمني لشهري مارس وأبريل). والآن، افهموا أنّ هذه كانت السنة التقويمية للمناسبات الدينية العبرية، وليست السنة التقويمية الزراعية العبرية، ولا السنة التقويمية المدنية العبرية، ولا السنة الملكية العبرية (السنة الملكية هي الطريقة التي تُقاس بها مدة تولي الملك منصبه). وكلّها كانت موجودة في وقتٍ واحد، وكل منها بدأ في أوقات مختلفة. لهذا السبب عندما يريد الناس أن يُناقشوا معي التقاويم فيما يتعلق بأحداث الكتاب المقدس، فإنني أتجنب ذلك، لأنه أمْر معقد للغاية ولا يُمكن التعامل معه إلا بطريقة موسّعة إلى حدٍ ما. لا توجد إجابات سريعة وسهلة التذكّر لهذه الأسئلة.

والآن، حتى لو كان نظام تقويمهم القديم المُتعدد يبدو صعب الفهم بالنسبة لنا، فافهموا أنه بالتأكيد كان منطقيًا للعبرانيين. على سبيل المقارنة، انظروا فقط إلى نظام التقويم الأمريكي لدينا؛ لدينا السنة الشمسية التقويمية القياسية، والتي تبدأ في الأول من يناير، ولكن لدينا أيضًا ما يُسمى بالسنة المالية، والتي يمكن أن تستخدمها الشركة لتحديد دورة الإثني عَشر شهرًا من الدخل والمصروفات لأغراض ضريبية. ويمكن أن تبدأ السنة المالية في أي شهر يختاره الشخص. إلى جانب ذلك لدينا السنوات الدراسية التي تختلف من ولاية إلى أخرى، وحتى من مقاطعة إلى أخرى، وليس لها أي تأثير على السنوات التقويمية أو السنوات المالية.

لذلك على الرغم من أن نَصب خيمة الاجتماع سيَحدث في اليوم الأول من الشهر الأول من السنة التقويمية الدينية العبرية، إلا أنه ليس يوم رأس السنة الجديدة…. إنه ليس "روش هاشانا" الذي هو اليوم الأول من التقويم المدَني العبري. يُصادف رأس السنة اليهودية الجديدة في اليوم الأول من الشهر السابع من السنة التقويمية للمناسبات الدينية (الخريف، في شهر سبتمبر تقريبًا.) لذا، الربيع موسم بناء خيمة الاجتماع، ثم تكريسها واستخدامها. في الواقع، كان بناء خيمة الاجتماع ثم تكريسها سيحدث في الوقت المناسب لاستخدامها كميزة مركزية لعيد الفصح اليهودي، ثم مهرجان ماتزا، الذي يبدأ في الرابع عشر من "أفيف". لقد نُصبت الخيمة في الأول من "أفيف"، وسيكون عيد الفصح اليهودي بعد أقل من أسبوعين في الرابع عشر من "أفيف".

لاحظوا أنّ الآية سبعة عشرة تقول إن الخيمة نُصبت في اليوم الأول من السنة الثانية. هذا لا يتعارض مع ما قيل سابقًا. تشير "السنة الثانية" إلى المدة التي خرج فيها بنو إسرائيل من مصر. كانوا قد اقتربوا من الذكرى السنوية الأولى لإفلاتهم من قَبضة فرعون…… أي نهاية السنة الأولى، وبالتالي بداية السنة الثانية منذ خروجهم. هل أنتم معي؟ في لغة الكتاب المقدس، كان يوم خروج بني إسرائيل من مصر هو اليوم الأول من السنة الأولى. إذًا، بعد سنة واحدة يعني إما أنه اليوم الأخير من السنة الأولى، أو أنه اليوم الأول من السنة الثانية.

بدءًا من الآية ثمانية عشرة، وحتى الآية ثلاثة وثلاثين، نَحصل على مُلخص بالغ الأهمية لبناء وتكريس خيمة الاجتماع. تنتهي بعبارة "فأتم موسى العمل". الفكرة هنا هي إتمام المهمة، وهي بناء خيمة الاجتماع…… إنها نهاية مرحلة، والتي بدورها تُهيئ إسرائيل للمرحلة التالية من خطة الله لهم، وهي بدء رحلتهم إلى أرض الميعاد.

المبدأ هنا واضح لا لِبس فيه: إذا كنت على وشك القيام برحلة، فيجب أن تكون مجهزًا بشكل صحيح. بالنسبة لشعب الله، هذا يعني أننا يجب أن نكون مجهزين مع الله. وكان هذا هو الغرض كله من خيمة الاجتماع… لكي يَسكن الله مع بني إسرائيل. يقودنا هذا مرة أخرى إلى تشبيه القديس بولس بأننا نحن، كمؤمنين، خيمة الله الأرضية الحالية، أو المعبد…مَسكن الله على الأرض.

بمجرد أن تمّ بناء خيمة الاجتماع في وسط مكان تخييم بني إسرائيل…..، كانت القبائل كلها مُرتبة بعناية حول خيمة الاجتماع….. تلك الخيمة المؤقتة التي كان الله يجتمع فيها مع موسى (تلك التي بنيت خارج مكان التخييم) قد ألغيت.

وفي الآية ستة وثلاثين، نُعطَى الإشارة التي سيُعطيها يَهوَه لإسرائيل في كل مرة يكون فيها مستعدًا لجعلهم يمضون قدمًا، واتخاذ الخطوة التالية نحو هدفه لهم…أرض الميعاد؛ الأرض التي وُعد بها جد إسرائيل العظيم، إبراهيم. وإشارة الخروج من المعسكر فكانت من خلال سحابة المجد التي كانت تحوم فوق خيمة الاجتماع وفوقها. ولتعزيز هذه التعليمات، تمّ استخدام النفي أيضًا؛ أي إذا لم تَرتفع السحابة، فعليهم أن يراوحوا مكانهم.

تَنتهي حَلقة الخروج هذه بمبدأ آخر من مبادئ الله: عندما يريد الله أن تَتحرك، فسوف يُريك الطريق. رأى جميع بني إسرائيل السحابة وعرفوا الإشارة. عَرَف كل إسرائيل متى يحين وقت التحرك، ومتى يحين وقت البقاء في نفس المكان. هذا تشبيه مرئي جدًا لحالة المؤمن في عصر الكنيسة، الذي يَسكنه الروح القدس. لن يقول لي الله أن أخبركم متى يحين وقت الانتقال. أوه، قد يستخدمني أنا، أو زوجتك، أو شخص آخر ليُشجعك، أو ليؤكد لك شيئًا كان يخبرك به. ولكن، تمامًا كما فعل يَهوَه لإسرائيل، سيُظهر لكل واحد منا، واحدًا واحدًا، مشيئته لحياتنا.

أود أن أختتم دراستنا لسِفِر الخروج بفَحص تلك التشابهات بين قصة الخلق في بداية سِفِر التكوين، وبناء خيمة البرية.

لقد لاحظ العُلماء، منذ بعض الوقت في الواقع، أن هذه الآيات التي تبدأ في سِفِر الخروج واحد الآية خمسة عشرين وتنتهي في سِفِر الخروج الإصحاح واحد وثلاثين الآية إحدى عشرة، تنقسم إلى ستة وحدات واضحة جدًا. عند النظر إليها في اللغة الأصلية، العبرية، نَجِد أنّ كلّ وحدة من هذه الوحدات أو الأقسام المميزة تتميز في بدايتها بالكلمات التالية: "قال يَهوَه لموسى…..". مُباشرةً بعد الانتهاء من الوحدة السادسة، نجد وحدة سابعة يتمّ تقديمها؛ وموضوع هذه الوحدة هو تعليم "السبث".

ليس من قبيل المصادفة أنّ قصة الخَلق تحكي عن ستة أيام من "الأعمال"، ثم يوم سابع للإتمام والراحة، تمامًا كما هو نمط بناء خيمة البرية. لقد أكّدنا هنا على طبيعة السبث التي لا تنتهي أبدًا، وارتباطها باليوم السابع، والقداسة المُتأصلة فيها، والتوقف عن أعمالنا الذي هو أساسي في معناها.

إذا ما قارنّا قِصة الخَلق ببناء خيمة الاجتماع، فسنرى بُنية واستخدامًا للعبارات متشابهًا جدًا. على سبيل المثال، عند إتمام الله لخلقه، يقول الكتاب المقدس أنّ يَهوَه "رَأَى كُلَّ مَا صَنَعَهُ فَوَجَدَهُ حَسَنًا جِدًّا". على نفس النَمط، عند اكتمال خيمة الاجتماع، نظر موسى إلى كل شيء وأعلن اكتماله وفقًا لمخطط الله. وهذا يعني أنّ بناء الكون وبناء خيمة الاجتماع كلاهما يُمثلان رؤية الله التي ظهرت بدقّة.

هناك علاقة أخرى لا تُقدر بثمن يمكن ملاحظتها في التشابه بين الخلق وبناء خيمة الاجتماع هو أنّ الخَلق…الكَون…يتكون…من أربعة أبعاد. ثلاثة من هذه الأبعاد (الطول والعرض والارتفاع) تُشكل ما نسميه "الفضاء"، والبعد الرابع هو الزمن. يتكون كوننا من هذه الأبعاد الأربعة فقط. تُكرِس خيمة الاجتماع الطبيعة المقدسة للمكان، ويُكرس السبث الطبيعة المقدسة للزمان.

لذلك فإنّ خيمة الاجتماع مع السبث هي نُصب تذكاري للخلق، والكتاب المقدس سيُظِهر هذا الرابط عدة مرّات.

والآن، من المؤكّد أن موسى لم ينظر إلى كل ما تم بناؤه واستخدم قول الله "كان حسنًا جدًا " ….. فذلك كان ليكون مبالغًا به. لأنّ هذا المسكن وأثاثه كان من صُنع البشر، وأنجزته أيدي البشر، على الرغم من أنه كان بأمْر الله. لقد كان ظلاً للكمال….. ظلًا لمَسكن الله الروحي في السماء؛ ولكن، بينما كان يَسعى إلى الكمال، لم يكن كمالاً كما في لحظة بعد الخلق، ثم استراحة الله.

ومع ذلك، كان القَصد من خيمة البرية أن تُمثل قطعة من السماء على الأرض. مكان مقدّس. وعندما نَصِل إلى سِفِر اللاويين، سنرى أنّ الغرض الأساسي من الذبائح والطقوس كان حماية علاقة القداسة بين الله وإسرائيل والحفاظ عليها، وأحيانًا إصلاحها.

نجد أيضًا أنّ خيمة الاجتماع كانت تُقام في اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الجديدة. وهذا أيضًا يتوافق مع رواية الخلق؛ أي أنّ الخلق يُصادف اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الأولى في تاريخ التاريخ. لم تكن الحياة المادّية موجودة من قبل. بعد اكتمال خيمة الاجتماع، بدأت حياة جديدة رسميًا مع سكنى الله الآن بين شعبه المخصص حديثًا. بدأ فَصل جديد تمامًا في الجنس البشري. ونرى أيضًا أن هذا النمط نفسه قد حَدث عندما دَمَّر الله العالم بالطوفان، ففي اليوم الأول من الشهر الأول من السنة الجديدة جفَّت الأرض أخيرًا.

إنّ اليوم الأول من "أفيف"، وهو اليوم الأول من التقويم الديني العبري في السنة الجديدة، هو يوم الخلق والتجديد. ويتمّ، كما هو الحال في كل شيء آخر في الكتاب المقدس، بطريقة مزدوجة: روحياً وجسدياً. مثلما كانت خيمة البرية نموذجًا ماديًا أرضيًا ماديًا لمكان سُكنى يَهوَه الروحي في السماء، كذلك السبث هو مفهوم روحي له نظير مادي.

كان على بني إسرائيل أن يستريحوا جسديًا بعد ستة أيام من العمل؛ على المؤمنين أن يَستريحوا روحيًا في المسيح، وكذلك الراحة الجسدية في اليوم السابع، يوم القداسة.

هل كان موسى على حَق؟ هل تمّ إنجاز كل ما أمر الله به لجعل مَسكنه الأرضي مقبولاً له؟ على ما يبدو نعم. لأنه في الآية أربعة وثلاثين قيل لنا أن مجد الله، الذي سيُسمّى فيما بعد السكينة قد ملأ خيمة البرية…. السكنى. وتخبرنا الآية خمسة وثلاثون أنه بِسبب حضور الله الذي كان يملأ السُكنى، لم يستطع موسى دخوله. إذًا، بما أن الأمر كذلك، فكيف تَمكّن موسى بعد قليل، مع وجود الله في
خيمة الاجتماع، من دخولها؟ حسنًا، في هذه اللحظة، كان يَهوَه يَستريح فقط. لقد كان يَحتل كل منطقة من خيمة الاجتماع…كل من المكان المقدس، الغُرفة الأمامية من خيمة الاجتماع، وقدس الأقداس، والغرفة الخلفية من خيمة الاجتماع. ولكن سرعان ما سيَنسحب إلى قدس الأقداس فقط، حيث يَستقر تابوت العهد مع كرسي الرحمة الخاص به، ومن تلك النقطة فصاعدًا سيشغل فقط ذلك الجزء من الخيمة. بعد ذلك، سيتمكن موسى من الدخول.

وهكذا ينتهي سِفِر الخروج؛ ثم يأتي بعد ذلك سِفِر اللاويين ونظام الذبائح المعقد والمهم للغاية الذي رسمه الله لإسرائيل.