25th of Kislev, 5785 | כ״ה בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التكوين » سِفْر التكوين الدرس الثالث – الإصْحاح الثاني
سِفْر التكوين الدرس الثالث – الإصْحاح الثاني

سِفْر التكوين الدرس الثالث – الإصْحاح الثاني

Download Transcript


سِفْر التكوين

الدرس الثالث – الإصْحاح الثاني

لنبدأ درس اليوم بقِراءة الإصْحاح الثاني من سِفْر التكوين.

اقرأ سِفْر التكوين الإصْحاح الثاني كلّه

نَكْتَشِف هنا رُكْنيْن مُهمّين آخرين: واحد) أن الله قد بارَك وقدّس يوماً واحداً في الأسبوع، وهو اليوم السّابِع، وإثنان) أنه اسْتَراحَ في ذلك اليوم حتى يستطيع كل ما خلَقَه أن يُنْتج ويُعيد الإنتاج.

الجزء الأول من ذلك واضِح جداً؛ خلق الله كل شيء في ستَّة أيام وكان كل شيء كاملاً بعد ستَّة أيام. لم يَكُن هناك شيء آخر ليُخلق بعد سِتَّة أيام. كان العمَل قد اكْتَمَلَ بنسبة مئة بالمئة بعد سِتَّة أيام. لذلك أَعْلَنَ الله اليوم السّابِع مُقدّساً وبارَكَه وفَصَلَه….. وقسَّمه….. وميّزَه عن باقي الأيام.

قد تجِدْ أنه من المُثير للإهتمام أن تُلاحظ أن العبرانيين يُخَصِّصون إسماً ليوم واحد فقط من أيام الأسبوع، وهو اليوم السّابِع. يُسمّونه "سبت" ومنه أخذْنا كَلِمَة "سبت". أما الأيام الأخرى من الأسبوع، فيُخَصِّصون لها أرقاماً فقط (اليوم الأول، اليوم الثاني، اليوم الثالث، وهكذا دواليك).

الآن دعونا نُلقي نظرة على تلك الكَلِمَة التي تُتَرجم عادةً بكَلِمَة "راحة"، كما في "اسْتَراحَ الله في ذلك اليوم (اليوم السّابِع)". الكَلِمَة العبرانية المُسْتَخْدَمَة هي "سبت". لاحظ تشابُهها مع إسم اليوم السّابِع، السَّبْت). كَلِمَة سبت تعني التوقُّف، الإحْجام، الكفّ (التوقُّف عن العمَل). قد تكون الراحة نتيجة، لكنها ليست معنى الكَلِمَة. أكثر ما يقوله حُكماء العبرانيين أنها تُشير إلى التوقُّف عن أنشطَتك العادية؛ لا تعني بالضرورة التوقُّف عن القيام بكل شيء. في الواقع هناك العديد من الكَلِمَات في التناخ، العهد القديم، التي تُترجم إلى "الراحة" ولكن كل منها يعني أشياء مُخْتَلِفة قليلاً. على سبيل المثال، عادةً ما تُترجم الكَلِمَة العِبْريّة " ناشان" إلى "الراحة" ولكنها تعني أكثر الراحة أو التَّعْزية؛ ناشان هي الكَلِمَة الجّذْرِيَّة لإسم "نواخ" …. كَلِمَة أخرى للرّاحة هي " شعن"، والتي تعني الاتِّكاء على شيء ما. ثم هناك كَلِمَة "شمات"، وتعني الإلقاء أو الإسْتِلقاء؛ وهناك كَلِمَات أخرى. ولكن هنا في سِفْر التكوين الكَلِمَة هي سبت وتعني التوقف لأن الخلق قد انتهى. كما ترون حتى اليوم السادس وخلال اليوم السادس كان الكون ثم الأرض خليّة نحل من النَّشاط، نشاط الله. لكن الله لم يَخلق شَيْئاً يجب أن يُعاد خَلْقه أو العَبث به باسْتمرار. لا؛ لقد خلَق شَيْئاً يًمْكن أن يُنْتِج ويُعيد الإنتاج بدون تدخُّل إبداعي مُباشر آخر. هذا هو السَّبَب في أن يسوع يُخْبِرنا أن نَقْبَلَه كمُخلِّص، ثم "نستريح فيه". عندما يُعاد خلقُنا ككائن جديد عند خلاصِنا فيه نكون قد اكْتَمَلَنا مئة في المئة. ليس علينا أن نَخْضع لإعادة خلْق أخرى. علينا أن نتوقَّف عن أعمالنا البَشَرِيَّة التي تهدُف إلى جعْلِنا مقبولين من الله، لنكون مقدّسين، لأن كل ما كان يجب أن يتم بالنيابة عنا لنُصْبِح مقبولين عند الله قد اكْتَمَلَ…. تماماً كما اكْتَمَلَت الخَليقة نفسها.

ولكن هناك أيضاً شيء آخر مُمَيّز جداً في ذلك اليوم السّابِع؛ إنه مُبارك ومُقدّس. لم يُحيي الله بِبَساطة ذكرى يوم كما نُحيي نحن إسم شارع أو تمثال لشخصيّة مرموقة أو ذكرى عيد ميلاد رئيس. يوم السَّبْت هو يوم خاص جداً، يوم مقدّس يَفرح الله فيه فرحاً خاصاً. قال الله أنه " قدّش" اليوم السّابِع؛ أي قَدَّسَه ويعني ذلك أنه خَصّه تماماً عن أي يوم آخر. هذه فرصة جيدة لأتطرَّق إلى أمر مُزعج بالنّسبة لي؛ هناك سُلْطة واحدة، وواحد فقط هو الذي يستطيع أن يقدِّس، وهو الذي يًسْتطيع أن يُعلن قداسة أي شيء؛ الله سُبْحانه وتعالى. يميل الإنسان إلى التَّلاعب بِكَلِمَة "مقدّس" وغالباً ما يجعلها كَلِمَة تدل بِبَساطة على شيء "من الله" أو له أهَمِّية دينيّة خاصة. القداسة تتم حصرياً بأمر الله؛ إنها بقرار الله وإعلانه هو وحده. أن يعتقد البشر أن بإمكاننا أن نعلن عن طريق أي حكومة كَنَسية أو بأفْكارِنا الخاصة أن شَيْئاً ما مقدّساً هو حماقة لا يمكن تصديقها. هل تريد أن تعرف بالضبط ما هو المقدّس؟ إنها تلك الأشياء الواردة في الكِتاب المُقَدَّس التي تُدعى مقدّسة على وجه التحديد؛ لا شيء آخر مقدّس. المشكلة في ما فعلناه نحن، الكنيسة، بإلقاء تس~مية "مقدّس" على كل ما يناسبنا، هو أنه خفَّف كثيراً من تأثير وأهَمِّية الكَلِمَة. القداسة مُصْطَلَح مفقود. فيما بعد سنَحْصل على صورة أفضل عن مدى أهَمِّية اليوم ومدى قداسة يوم السَّبْت عند الله، وبالتالي مدى الأهَمِّية التي يجب أن تكون بالنّسبة لنا.

إذاً هناك شيء أريدك أن تتمسَّك به: لم يُعطَ السَّبْت لبني إسرائيل لأول مَرَّة من خلال موسى على جبل سيناء. لاحظ أن السَّبْت هنا في سِفْر التكوين هو الإسم الفعلي ليوم محدّد من أيام الأسبوع. السَّبْت هو إسم اليوم السّابِع الذي عيّن الله أنه مقدّس. مع ذلك فإن الإسم يُجَسِّد أيضاً الغَرَض منه. أحد الأسباب التي غالباً ما تُعطى للسَّبب بأن لا تَحْتَفِل الكنيسة باليوم السّابِع السَّبْت (أو في رأي البعض أن الكنيسة قد غيَّرت السَّبْت من اليوم السّابِع إلى اليوم الأول من الأسبوع) هو أن السَّبْت قد أُعطي لبني إسرائيل، وبالتالي فهو مُخَصّص لبني إسرائيل فقط أو أنه يُعلَّم أن السَّبْت كان بِبَساطة جزءاً من شريعة موسى؛ أي أن مراعاة السَّبْت مأمور به في تلك القواعد والفرائض التي وضعها الله في جبل سيناء بعد فترة وجيزة من خروج بني إسرائيل من مصر، ولأنه في أواخر القرن الثاني الميلادي تقريباً اَصْبَحَ هدف الكنيسة التي كان يهيمن عليها الأمَميون في ذلك الوقت التخلّي عن أي شيء يبدو أنه يَنْطَبِق على الشّعب اليهودي، في نهاية المطاف في القرن الرابع ألغت الكنيسة رسْمياً يوم السَّبْت.

قد يُشَكِّك البعض منكم في هذا القوْل الأخير (أن الكنيسة ألغت السَّبْت) ولكن كل ما عليكم فِعْله لمَعْرِفة الحقيقة هو قراءة وثائق الكنيسة الفعلية من الإجتماعات العديدة للمَجامع المَسْكونية التي عقدَها الإمبراطور قُسْطَنْطين؛ وتحديداً قراءة وثيقة مَجْمَع لاودكية، القانون رقم تِسعة وعشرين، كما تم تأسيسه في مُنْتَصَف القرن الرابع الميلادي، وسَتَجِدون أن الكنيسة أَعْلَنَت صراحةً أن السَّبْت هو يوم مقدّس لليهود وبالتالي يجب ألا يكون للكنيسة أي دوْر فيه. قرّر المَجْمَع أنه من الأفضل إنهاء مُمارسة الإحتفال بالسَّبْت تماماً وبدء احْتفال جديد. كان من المَقَرّر أن يتم هذا الإحتفال الجديد في اليوم من الأسبوع الذي قام فيه المسيح: اليوم الأول من الأسبوع، وهكذا أَعْلَنَ مَجْمَع لاودكية أن الإحتفال بالسَّبْت (وكذلك الإجتماع معاً للعبادة في اليوم السّابِع، السَّبْت، سبَت) كان يجب أن ينتهي، وبدلاً من ذلك يجب أن تحدُث العبادة الجَّماعية في يوم جديد … اليوم الأول من الأسبوع…..الذي كان بالفعل اليوم المُعتاد للاجتماع معاً لعبادة الإله الأكثر قبولاً على نطاق واسِع والصَّحيح سياسياً في الإمبراطورية الرومانية، إله الشمس. لهذا السَّبَب كان إسم اليوم الأول من الأسبوع هو يوم الشمس لأنه كان اليوم المُخَصّص في الإمبراطورية الرومانية لعبادة إله الشمس؛ وبما أن هذا الإحتفال الجديد كان يَحْتاج إلى إسم ليحلَ محلّ "السَّبْت"، كان هذا الإسم الجديد هو "يوم الرب". ما كانت تمارسه غالبية الكنيسة المؤسّسية منذ ألف وسبعمئة عاماً ليس سَبْتاً تم نقله يوماً واحداً من اليوم السّابِع إلى اليوم الأول، بل هو احتفال مُخْتَلِف تماماً، أسّسَته الكنيسة الرومانية في مَجْمَع لاودكية عام ثلاثمئة وأربعة وستّين ميلادي بتّوْجيه من إمبراطور روما آنذاك، قُسْطَنْطين. بالمُناسِبة، هذه الحقيقة لا يَخْتلف عليها العُلَماء المَسيحِيّون، فَرؤساء الحكومات الدينية لجميع الطوائف المسيحية الكبرى مثل الكاثوليك والبروتستانت والروم الأرثوذكس والأنْجليكان وغيرهم يتَّفِقون على أن ما قُلتُه لك للتو هو حقيقة واقعية، وأن الكنيسة اتَّخذت منذ زمن بعيد قراراً بالتوقُّف عن الإحتفال بالسَّبْت (رغم أن البعض يتشبَّث بفكرة أن ما فعلوه هو إعلان أن السَّبْت يُمكن أن يكون في أي يوْم نختاره).

باختصار، نجد أن الله في الواقع قد أسّس السَّبْت فوْر الإنتهاء من خلقه، كما قَرأنا للتو (قبل أن يكون هناك شيء إسمه بني إسرائيل). لذلك مَهْما كانت عقيدتكم عن السَّبْت، فقط افْهَموا جَيِّد أن السَّبْت لم يَكُن شَيْئاً أُعطي لمجموعة معيّنة من الناس وحُفّظ لهم وحدَهم، أي بني إسرائيل. إنه بِبَساطة غير دقيق تاريخياً في الكِتاب المُقَدَّس القول بأن السَّبْت أُعْطي لبني إسرائيل أولاً. لقد أُعطي للبَشَرِيَّة بِشَكْل عام فور الإنتهاء من الخلق (وقد انتهينا للتو من قراءته).

بعد الطوفان العظيم، لأن البَشَرِيَّة قد اَصْبَحَت مَرَّة أخرى شرّيرة ووثنيّة للغاية، يبدو أن قلّة من البشر فقط استمرّوا في احْترام سبت الله، لذلك وجَد الله أنه من الضَّروري إعادة تأسيس صلاحية السَّبْت للبَشَرِيَّة. في الواقع أراد الله أن يُعيد تأسيس جميع مبادئه التي كانت موْجودة دائماً؛ واختار أن يُخَصِّص مجموعة من الناس، أمّة مُختارة بِشَكْل خاص، ليَسْتخدمها في خِدْمته ولتَحقيق هذا الغَرَض؛ تلك الأمّة كانت إسرائيل. من أحْدى الأشياء الكثيرة التي أمر الله موسى بأن يفعلها (بِصِفته قائداً لأمة الله الحديثة التّكوين هذه، أمّة إسرائيل) هو إعادة تقديس السَّبْت. كان الإحْتفال بالسَّبْت، وهو اليوم السّابِع، علامة على أولئك الذين كانوا أعْضاءً في جماعة الشّعب الذين وثقوا بالله؛ أي أن الإحتفال بالسَّبْت كان مؤشِّراً على أولئك الذين أعْطوا ولاءَهم لله، وفي المُقابل كانت هذه المُراعاة أيضاً علامة على كل أولئك الذين أَعْلَنَهم الله مُكرّسين ومقدّسين.

حَسَناً؛ إذ نَنْتقل إلى الإصْحاح الثاني لاحِظوا أن ما يَحْدُث هو أننا نرْجع قليلاً إلى الوراء نوعاً ما، وهكذا يتم مِلء بعض الفراغات وإعادة التأكيد على حقائق أخرى والتأسيس عليها.

أودُّ منكم أن تنْتَبِهوا بِشَكْل خاص إلى شيء هو مَرَّة أخرى أساسي ولكنني لستُ متأكداً من أنني سَمِعت عنه من قبل في الكنيسة. إنه جزء من نَمَط سَيَتَكرَّر في كل الكِتاب المُقَدَّس والإنجيل المُقدّس، وهذه هي أهَمِّية اتجاه "الشَّرق". من الآن فصاعداً في دِراسَتنا، أريد أن يدقّ جرّس صغير في رأسِك كلَّما صادَفنا كَلِمَة "شرق" في التوراة. للشّرق أهَمِّية روحيّة كبيرة. إنها ترْتبِط دائماً تقريباً بالقداسة، وهي مُفتاح لنا لنَكْتَسِب مَعْرِفة أعمق لِحقائق الله.

هل ترى أنه في الآية الثامنة غرَس الله جنّة في الجزء الشَّرقي من عَدَنْ؟ والآن انتبِه جَيِّداً: جنّة عَدَنْ ليست هي نفسها أرض عَدَنْ، أو، فقط عَدَنْ. أرض عَدَنْ هي منطقة إقليميّة كبيرة لها حدود مُعيّنة. جنّة عَدَنْ هي منطقة محدّدة ومُنْفصلة (لها حدود أيضاً) تقع داخل أرض عَدَنْ. في الواقع قيل لنا أن الجَنَّة قد وُضعت في مكان ما في الجزء الشَّرقي من أرض عَدَنْ، وفي وسَطها غُرسَت شجرة مَعْرِفة الخَيْر والشَّر وشجرة الحياة. يقول الله لآدم أنه في هذه الجَنَّة الرائعة التي ستوفِّر لآدم كل احْتياجاته، له الحرِّية في أن يأكُل أي شيء يُريده (من المُحْتمل أن يكون هناك تشْكيلة هائلة)؛ ولكن عليه أن يَعتبِر ثمَرَّة شجرة مَعْرِفة الخَيْر والشَّر هي الموْت نفسه. ملاحظة: لم تَكُن حواء موجودة بعد عندما أُعْطِيَت هذه التعليمات. لقد أُعْطِيت لآدم وهو من تحمَّل مسؤولية تنفيذها والسَّهر على أن تنفّذها أيضاً.

لننْظُر إلى آدم؛ لم يتمّ خلْقه داخل الجَنَّة، بل خُلق خارجها ثم وُضع فيها، كما جاء في الآية الخامسة عشرة من الكِتاب المُقَدَّس الأمريكي القياسي الجديد سِفْر التكوين إثنين على خمسة عشرة فَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلهُ الإِنْسَانَ وَأَدْخَلَهُ جَنَّةَ عَدَنْ لِيَزْرَعَهَا وَيَحْفَظَهَا.

آدم هي كَلِمَة عبرية تعني "الإنسان" أو "البشر" وهي أيضاً الكَلِمَة الجّذْرِيَّة للّون "الأحْمَر" ولكَلِمَة "الأرض" أو "التُّرْبة". في العِبْريّة كَلِمَة الأرض (أي الوسَخ، التُّرْبة) هي آدم-آه. الآن كما نبَّهتكم أن تنْتبِهوا عند اسْتخدام كَلِمَة "شرق"، علينا أيضاً أن نَنْتَبِه لما يَحْدُث مع كَلِمَة "أحمر". يصبح الأحْمَر لوناً مَهمّاً للغاية؛ فهو يمثِّل المُلوكية والعَظمة والدم. ربما تكونون قد سَمِعتم بالعِجْل الأحْمَر، وهو ذبيحة حيوانية خاصة جداً تُستخدَم لترسيم الكَهَنة ولِتطْهير النَّجِس الذي اَصْبَحَ نَجِساً بسبب لَمْس جثّة ميِّت. سأوضِح لكم في الوقت المُناسِب العِلاقة المُذْهِلة بين آدم واللون الأحْمَر والعِجْل الأحْمَر وسفْك دَم المسيح.

خُلِق آدم خارج الجَنَّة. خارج الجَنَّة، في أرض عَدَنْ، خُلق في مكان كان أكثر من كافٍ لاحْتياجاته، لكن الله سمّى الجَنَّة بيْته الأرضي في ذلك الوقت وأراد أن يكون الإنسان قريباً منه. كانت شجرة الحياة موجودة داخل الجَنَّة، والحياة، بالمعنى المَقْصود هنا، تعني الحياة الحقيقية….. الحياة التي أرادها الله للإنسان….. حياة مقدّسة، حياة أبدية. لذلك نقل الله الإنسان من مكان جيد ( أرض عَدَنْ) إلى مكان أفضل (جنة عَدَنْ الكاملة). مكان تكون فيه العِلاقة وثيقة جداً معه. كانت الجَنَّة مكاناً مقدّساً؛ تماماً مثل الجَنَّة، لا يمكن لأي شيء ناقِص العيش هناك، ولن يُسمح لأي خطيئة بتلويثها؛ وهذا بالضَّبط ما يريد الله أن يفعله معنا؛ إنه يريد نقْلنا من مكان غالباً ما يبدو كافياً (على الأقل ظاهرياً) لاحْتياجاتنا ويضَعنا في مكان مُقدّس. في الواقع إنه يريد اتصالاً بنا يكاد يكون رائعاً لدرجة يَصْعب فهْمه: يريد أن سْكن فينا.

لقد كانت جنّة عَدَنْ نموذجاً أرْضياً للسماء وظلاً مادياً ونموذجاً لمَسْكَن الله السَّماوي الأبدي غير المادي والروحي والحقيقي. سنرى في غُضون أشهر قليلة أن جنة عَدَنْ اَصْبَحَت في النِّهاية نموذجاً لمكان مُقَدَّس آخر، ولكن مُسْتقبلي: خيمة الإجتماع. هذا ليس تَخْميناً؛ إنه مذكور بِشَكْل قاطع في الكِتاب المُقَدَّس. ما آمل أن أُظْهِره لكم أيضاً هو هذا التَّوازي المُسْتمِر (أو حقيقة الإزدواجية كما أسمّيها) في الكِتاب المُقَدَّس، أي أن بعض الأشياء على الأرض هي نَظير مادي للعالم الروحي. الأشياء الأرْضية ناقِصة بالطبع، لأن الأشياء المادّية محدودة جداً مُقارنةً بالرّوحِيّة.

عندما ننْظر إلى الطريقة التي أدخل الله بها الحياة في آدم (هذا في الآية 7) نرى أن الله أدخل (بالعِبْريّة) شايم. كان آدم في البداية جسداً؛ شَيْئاً جامداً تكوَّن من تُراب الأرض ولكي يُصبح كائناً حيّاً، وبِشَكْل أكثر تحديداً كائناً حيّاً بشرياً، كان لا بدّ من أن يُحقَن بالحياة، وهذه الحياة، شايم(chayyim)، تمَّت عن طريق نفْخ الله فيه الحياة بِشَكْل خارِق للطبيعة. الكَلِمَة العِبْريّة لكَلِمَة نفخ أو تنفّس هي كَلِمَة " نفخ"وهي كَلِمَة جَذرية من الجيِّد أن نفْهمها. اللغة العِبْريّة هي لغة مَبْنِيّة باسْتخدام نِظام من الكَلِمَات "الجّذْرِيَّة"، أي أن اللغة العِبْريّة تأخذ كَلِمَة ما وتُعطيها معنى، ثم تتفرّع من تلك الكَلِمَة كَلِمَات تُعطينا كَلِمَات مُخْتَلِفة لاستخدامات مُخْتَلِفة؛ لكن الكَلِمَات المُخْتَلِفة التي تأتي من نفس الجذر لها طابع مُشْترك في المعنى، لديها وِحدة مُعيّنة في المعنى ويبقى معنى هذه الكَلِمَات ضُمن حدود مُعيّنة.

لنأخذ الكَلِمَة التي ننظُر إليها الآن، " نفخ"، والتي تُترجم عادةً بمعنى تنفّس. بعد أربع أو خمس كَلِمَات فقط، في اللغة الإنجليزية، نحصل عادةً على كَلِمَة "نفَس"، كما في نفَس الحياة. الكَلِمَة العِبْريّة المُسْتَخْدَمَة هنا هي "نيشاماه". بعد كَلِمَات قليلة فقط، يقال لنا أنه نتيجة لكوْن الله "نفخ" في آدم نيشاماالحياة، اَصْبَحَ آدم كائناً حيّاً…..في العِبْريّة شاي نيفيش". انْظُروا إلى العِلاقة بين كل هذه الكَلِمَات: نفخ ونيشاماه ونيفيش. جميعُها لها نفس الجَذر، وبالتالي تحمُل جميعها طابِعاً مشتركاً في الجوهر. والجوْهر هو أن النَّفْس والتنفُّس والوجود (كما في الكائن الحي) شيء أثيري سبّبه شيء غير مادي. شيء ما يأتي من خارج العالم المادي، من خارج الكوْن رُباعيّ الأبعاد الذي نَعيش فيه، وهو الممَكِّن. الله هو مَصْدَر الحياة؛ في الواقع الحياة هي في الله……الحياة هي إحدى صِفاته. الصُخور موجودة. الماء موجود. النجوم والقمر والشمس موجودة ولكن ليس لديها حياة. ليس لديها كجِزء من طبيعتها صِفة من صِفات الله، لكن المخلوقات الحيّة لديها. إذاً إلى هذه النُّقطة ليست الحياة حِكْراً على البشَر. لقد وُضعت الحياة في جميع مخلوقات الله الحيَّة، بواسطة الله نفسه، كفِعل من أفعال الإرادة الإلهية.

مع ذلك، من المُثير للإهتمام هو أن إحدى الكَلِمَات الأكثر شيوعاً التي سنَجِدها في الكِتاب المُقَدَّس هي "الروح"، والأكثر إثارة للإهتمام هو أن كَلِمَة "الروح" مُتَرجمة من كَلِمَة عبرية تعلَّمناها للتوّ وهي نفخ. لقد استخْدَمْنا هذه الكَلِمَة "نفخ" للإشارة إلى كائن، وفي هذه الحالة إنسان. إذن فقد أدْرَكَ العُلَماء اليهود الأوائل ثم العُلَماء المَسيحِيّون اللاحِقون جميعاً أن النَّفْس والوجود هو شيء خارِق للطبيعة، وبالتالي فًهُما مُرتبِطان ارتباطاً عُضوِيّاً؛ فشرْط "الحياة" يأتي من الله.

في عَصْرِنا الحالي لدينا نَظَرِيَّات الداروينيّة وكل أنواع العلوم التي تُحاول باستمرار إثبات أن النَّفْس والوجود لا يجِب أن يكونا من الله، بل يُمْكِننا أن نأخذ الأشياء التي لا حياة فيها وإذا ما أُعْطِيَت الوقت الكافي (وإذا ما وُضِعَت تحت الظروف المُناسِبة) فإن الحياة سَتَنْبِثِق من تلقاء نفسِها دون أي تدَخُّل إلهي. حَسَناً حتى الآن لم يُحالف الحظ هؤلاء الداروينيّون والعُلَماء في إثبات نَظَرِيَّاتهم عن الحياة الذاتية ولن يُحالفهم الحظ أبداً لأن الأمر لا يَسير بهذه الطريقة. إسْمحوا لي أن أقول هذا مَرَّة أخرى: الحياة، بمعنى ما يحرّك الكائنات الحيّة المحدّدة في الكِتاب المُقَدَّس، تأتي من خارج كونِنا رُباعيّ الأبعاد؛ وبالمُناسِبة، البكتيريا والفيروسات والنباتات ليست مخلوقات حيَّة تحتاج إلى نفْخَة الحياة من الله. المخلوقات الحيّة (الحيوانات) هي أرْقى من كل شيء آخر خلقه الله، والإنسان هو درَجة أخرى فوق الحيوانات. هل من عجَب أن يَبحث الإنسان باستمرار عن العِلاقة بين الحيوان والإنسان؟ ما يبدو أن بعض الناس لا يستطيعون فهمه هو أن قوة الحياة المُشْتَرَكة بين الحيوان والإنسان لا علاقة لها بالمواد العضويّة المُتفاعلة مع المجالات الكهربائية. العُنْصُر المُشْتَرَك هو أن الحياة من الله.

عُنْصُر آخر مهمّ في الآية السابعة وسنُتابع. تقول الآية أن الله نفخ نسْمة الحياة في آدم…….نيشيماه شايم؛ نيشيما، نفَس وشايم"، حياة. الآن إذا كنتم تتذكَّرون درْس الأسبوع الماضي فسيكون لديكم فضول حول بنية كَلِمَة شايم التي تُرْجِمَت بالإنجليزية على أنها الحياة. شايم إسم جمع مذَكّر تماماً مثل إلوهيم (إلوهيم هو إشارة إلى الله). حرف الميم في نهاية شايم يجْعل الكَلِمَة جَمْعاً، تماماً كما يَجْعل إلوهيم جمْعاً. مُفْرد الحياة هو "شاي" ….. شايم بِحذْف الياء والميم. فلماذا لا نٌتَرجم هذه العبارة القصيرة بـ "نفس الحَياوات"….. بالجمع…. بدلاً من "نفس الحياة"….. بالمُفْرَد؟ حَسَناً، كما أن اسْتخدام إلوهيم يلمِّح إلى أن الله واحد ولكن أيضاً أكثر من واحد، كذلك شايم يُعْطينا تلميحاً إلى وجود أكثر من "حياة" واحدة في آدم. يتَّفق عُلَماء اللغة العِبْريّة على أن شايم لا يمكن أن يكون أحد تلك الأمثلة النادرة لتركيبة الكَلِمَة التي تُسَمّى "جمع الجلالة"، حيث يكون الفاعل مفرداً ولكنه يُجمَع للدلالة على معنى المَجْد أو العَظَمة…… مثل المَلِك.

فهَلْ هذا ربما تلميح إلى الصُّعوبة التي واجَهَها اللاهوتِيّون لقُرون عديدة في مُحاولة تحديد ما إذا كانت الروح (المُعْتَرَف بها عموماً كمَقَرّ أو جوهر الحياة) هي نفس الشيء مثل النَّفْس؛ أو إذا كانت الروح والنَّفْس شيئَيْن مُخْتَلِفين؟ صِفتان مُنْفَصِلَتان ولكن كِلاهما يأتي من الله، كلاهما يأتي من بُعد خارِج كوِنِنا. أعتقد أن هذا مُمْكن. فمن ناحية أعطى العبرانيون إسماً لجوْهر غير مرئي داخل الإنسان يُصادف أنه صِفة من صِفات الله؛ وهذا الإسم مُخْتَلِف تماماً عن الروح أو الكائن الحيّ أو أي شيء يدلّ على قوة الحياة الغامِضة التي تسبّب الحياة وتُحافظ عليها. هذه الكَلِمَة هي رواخ هاكودش؛ روخ تعني الريح أو النَّفْس، ولكنها تُشير إلى ذلك الجوهر الخاص والفريد الذي يَربُط الإنسان بالله. ما يَفْصُل الإنسان عن الحيوان (وتذكَّر أن الإنسان والحيوان كِلاهما كائنات حيَّة)، وكِلاهما لدَيْه نفخ، هو قدْرَتنا كبَشَر على التَّواصُل مع الله ومَعْرِفة الله ومحاكاة الله. تأتي هذه القدرة الفريدة من الحياة النَّفْسية التي تَخْتَلِف إلى حدّ ما عن الحياة الرّوحِيّة. حياة الرّوحِيّة هي ما يَمْنح الحَرَكة…..الحياة الأساسية. الله روح، والطريقة التي قيل لنا أننا نتواصَل بها مع الله هي عن طريق الروح. الإنسان لديه روح وليس لدى أي كائن حَيَ آخر روح؛ هذا لأنه على الرغم من أن الحيوانات لديها حياة روحيّة إلا أنها لا تتواصَل مع الله لأن ذلك لا يَحْدُث إلا من خلال الحياة الرّوحِيّة، والحياة الرّوحِيّة لا يَمْتلكها إلا الإنسان.

بالمُناسِبة، ناقَشْنا في دروس سابقة (دروس لاحقة لبعض مُسْتمِعينا) مفهوماً ظنّ مُعظم الناس أنه مفهوم من مفاهيم العهد الجديد؛ مفهوم الماء الحَيّ. تذكر أن يسوع يقول إنه الماء الحَيّ الذي يُزيل كل نجاسة. إن كَلِمَة الماء الحَيّ بالعِبْريّة هي "ماييم شايم" ….. هاهي تلك الكَلِمَة مَرَّة أخرى، شايم. ماييم شايم هو ما يقول الله أنه يجب أن يُستخدم الماء الذي يَسْتَحِم به العبرانيون لكي يتطَهَّروا روحياً من النجاسَة الطَّقْسية. على المستوى المادي، كان ماييم شايم مُجَرَّد ماء مأخوذ من بئر ارتوازي أو نهر. كان من مَصْدَر مياه متحرِّك (على عكس المياه المأخوذة من بُحَيْرة أو بُرْكة أو بئر ماء حيث كانت المياه راكِدة نوعاً ما)؛ وبما أن "ماييم شايم" كان ماءً يُستخدم لأغراض روحية ويُشير إلى مَصْدَر روحي للحياة، يُمْكِننا أن نربط ذلك بـ "نسمة الحياة" الفريدة من نوعها، " نيشيما شايم" التي تحيي البشر.

الآن، أريد أن أرْبُط فكرتَيْن أو ثلاث أفكار سريعة وأمْضي قدماً:

واحد) في الآية الخامسة قيل لنا أن الله لم يخلق بعد أعشاباً أو نباتات على الأرض، والسَّبَب هو أنه لم يُخلق إنسان بعد ليحرث الأرض. في الظّاهر يمكن للمرْء أن يقول، حَسَناً، كان هذا كلّه يتعلَّق بالحاجة إلى بُستاني؛ أي أنه ما لم يَكُن هناك بُستاني يَعْتني بالبُستان لا يمكن أن يكون لدَيْك نباتات وإلا لن تَنْمو. في الواقع منذ أن كنتَ طفلاً صغيراً، هكذا تعلمت. لكن هذا يضَع الله في موْضع الاعْتماد على الإنسان حتى يكون لله حديقة. الله لا يَعْتمِد أبداً على الإنسان.

بل إن المَسْألة هي أن كل الحياة النَّباتِيّة التي خلقها الله كانت لمَنْفعة الإنسان. كان من المُفْتَرَض أن تكون النباتات هي مَصْدَر الغذاء الوحيد للإنسان؛ كان من المُفْتَرَض أن يكون الإنسان آكلاً للنباتات. لماذا تكون هناك حديقة إذا لم يَكُن هناك إنسان ليأكُل من ثمارها؟ ستكون مضْيَعة. ما لم يَكُن هناك إنسان يحتاج إلى الغَرَض الناتج عن الحياة النَّباتِيّة (من أجل أن يأكل ويحافظ على حياة الإنسان) لم تَكُن هناك حاجة إلى الحياة النَّباتِيّة. الله لا يأكل وكذلك الملائكة. لذلك لم تَكُن الجَنَّة له ولا للكائنات الرّوحِيّة المخلوقة.

واحد) في الآية نفسها قيل لنا أيضاً أن ظاهرة المطَر لم تَكُن قد حدَثت بعد. قد يبدو هذا غريباً بالنّسبة لنا، ولكن الحقيقة هي أن الله استخْدَم طريقة طبيعية أخرى تماماً لتوْفير الرُّطوبة اللازمة للحياة النَّباتِيّة؛ ضباب لم ينزِل من السماء بل ترنّح إلى الأعلى من الأرض. كانت هناك رطوبة كافية في الأرض في جميع الأوقات لكي تَنْمو جذور النباتات، وهذه الرُّطوبة نفسها شكَّلت ضباباً……ضباباً منْخفِضاً معلّقاً ……. وُفْر الرُّطوبة لتلك النباتات التي تحتاج إلى كمِّية من الماء من خلال أوْراقها، كما هو الحال في العديد من أنواع النباتات.

إثنان) كيف كان هناك ما يكفي من الرُّطوبة في الأرض للإستغناء عن الحاجة إلى المطَر؟ تخبرنا الآية التالية أن الينابيع (الآبار الارتوازية التي تدفع الماء تحت الضَّغط إلى أعلى من أعماق الأرض) تفجّرت، وبمُجَرَّد ظهورها على السطح شكّلت جداول وأنهاراً تفرّعَت وسَقت الطَّبقة السَّطحية من التُّرْبة في جميع كِتَل الأرض؛ ومن الغريب كيف أن البعض ينْزَعِج من هذه الفِكرة ولا يبدو أنهم يتساءلون عن كوْن كوْكَبنا اليوم يبقى رطِباً بالماء الذي يتساقط من السماء من الأجْسام التي تطفو في الغِلاف الجوّي.

ثلاثة) من الأنهار التي تكوّنت من المياه التي كان مَنْبَعها في أرض عَدَنْ هو نهر جيحون، ويقال إنه يسقي أرض كوش؛ والآن يمكن أن يطرح هذا القول مشكلة إلا إذا أخذناه بِحَرْفيَّته. المُشكلة هي أن أرض كوش تُعرّف عموماً بأنها تقع في شمال أفريقيا (المناطق التي تشكِّل اليوم مصر وإثيوبيا وغيرها). أعتقِد أن مفهوم أن النهر يمكن أن يتدفَّق على طول الطريق من مكان ما في تركيا أو العراق أو إيران على طول الطريق إلى القارّة الأفريقية هو أمْر يصعَب قبوله ولكن من الناحية التوْراتية لا يُمْكن تحديد أي مكان آخر يُمْكِن أن يُعرف بأنه أرض كوش باستثناء شمال أفريقيا. على الرغم من أن كوش جاء في الأصل من منطقة بلاد ما بين النهرَيْن، إلا أنه لم يرِد إلا القليل حتى أنها لم ترِد إشارة إلى وجوده هناك باستثناء القول بأن الكوشيين….. الناس من قبيلة كوش….. عاشوا هناك في وقت من الأوقات. لكن عادةً ما تُسمّى المنطقة بإسم القبيلة الأكثر هيْمَنة التي تعيش فيها، وعادةً ما يجب أن تكون تلك القبيلة مُهَيْمِنة لفترة طويلة من الزَّمن حتى يُطلق إسم القبيلة على المكان. إذا كانت قبيلة كوش هي القبيلة المُهَيْمِنة في بلاد ما بين النهرين، فلماذا يَنْتقلون بقضِّهم وقضيضِهم إلى ما يُعرف الآن بشمال أفريقيا؟ وبالنظر إلى المكانة المُهِمَّة التي ستحْتلُّها مصر في خطَّة الله لِشعبه بني إسرائيل (سواء في ماضيهم أو في مستقبلهم) فليس من الصَّعب أن نرى لماذا قد يضمّ الله تلك المنْطقة التي لها امتياز أن تُسْقى بمياه غزيرة كان مَصْدَرها في أرض عَدَنْ. لكن هذا مُجَرَّد تخْميني الشَّخصي.

لنَمضي قدماً. إذاً قرّر الله أن آدم يحتاج إلى رفيقة فخلق له رفيقة. في العِبْريّة تسمّى الأنثى، أي المرأة، "إيشاه"، والذَّكَر "إيش" ….."إيش"هو رَجُل. نهاية "آه" تعني "مِن"؛ لذا فإن كَلِمَة " إيشاه" تعني رجُل (أو الأفضل، إنسان) من رجُل ( إيشاه هي أيضاً نفَسْ الكَلِمَة التي تعني "زوجة") وسُرْعان ما في الآية أربعة وعشرين يتم تقديم مفْهوم الزواج والمبدأ الأكثر أهَمِّية في الزواج، وهو أن الرّجُل والزوجة يجب أن يُنظر إليهما كما لو كانا جسداً واحداً؛ فهُما في نظر الله مُتَرابطان عُضوياً وروحياً. لا يجب أن يظلّ البشر مُرْتبطين بوالدَيْهم؛ بل يجب أن نرْتبِط بِشريكنا بطريقة تتجاوز حتى الارْتباط الجَسَدي الذي كان بيْننا جميعاً في وقت ما مع أمَّهاتنا. هذه هي خُطّة الله. سامِحوني على ذِكر هذا الأمر ولكن في الزمن الحالي الذي نعيش فيه أعتقد أنها ستكون قد تغيَّرت شَخْصِيَّتي فجأة إن لم أشِر إلى أن الذَّكَر والأنثى يجب أن يرْتبطا معاً في الزواج كجَسَد واحد، وليس ذكراً مع ذكر أو أنثى مع أنثى أخرى. كل محاولة من قبل بعض اللاهوتيين أو اللاأدريين أو السِّياسيين الليبراليين للقول بأن الكِتاب المُقَدَّس بِبَساطة لا يتحدَّث عن هذا الأمر هو مُحاولة تمّ إعْماؤها في أجندتهم ومُضَلِّلة بِشَكْل رهيب. ليس علينا أن نذهب إلى أبعد من الإصْحاح الثاني من سِفْر التكوين لفهم هذا المبدأ الأساسي لغاية الله:

سِفْر التكوين إثنان على ثلاثة وعشرين وَقَالَ الرَّجُلُ: "هَذِهِ الآنَ هِيَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي، وَتُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنَ الرَّجُل".ِ 24 مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، فَيَصِيرَانِ وَيَصِيرَانِ جسداً واحداً.

هناك سبَبْ لأن الذَّكَر والأنثى يشكِّلان زوجَيْن وليس مُجَرَّد شخصَيْن (مثل رجُلين أو امْرأتَيْن) وهو مذكور هنا: السَّبَب هو "هِيَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي" …….مَأْخُوذَةٌ مِنَ الرَّجُل. لقد بدأ الإنسان الذَّكَر والأنثى الحياة على الأرض كنَوْع من جِنس واحد وحَرْفياً من لحم واحد؛ وفعل الزواج يجْمَعَهُما معاً ويعمَل بِشَكْل أساسي على تنفيذ هذا المبدأ الإلهي. لا يُمكن للزوجة أن تكون أي شيء سوى امرأة، لأن لقبَها ذاته، أي " إشاه"، يعني مِنَ الرَّجُل. الرَّجُل لم يَخرُج من الرَّجل. لم يَخْرُج ذَكَر آخر من ضُلْع آدم. لقد كانت أنثى. نِهاية القُصَّة.

سنبدأ الأسبوع القادم بسِفْر التكوين الإصْحاح الثالث.