سِفْرُ التَّكوين
الدَّرْسُ واحِدٌ وَعِشْرُونَ – الإِصْحَاحانِ عِشْرُونَ وَواحِدٌ وَعِشْرُونَ
في آخِرَ مَرَّةٍ التَقَيْنَا فيها وُجِدْنَا أنَّ البَطْرِيرَكَ الأعْظَمَ، إِبْرَاهِيمَ، قَدِ انْتَقَلَ مِنْ حَبْرُونَ إلى أَقَاصِي شَبهِ جَزِيرَةِ سِينَاءَ العُلْيَا؛ وَمَعَ أَنَّ الكِتَابَ المُقَدَّسَ لا يَقُولُ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّ سَبَبَ الانْتِقَالِ كَانَ وَاضِحًا وَلَمْ نَكُنْ لِنَشُكَّ فِيهِ لَوْ كُنَّا رُعَاةَ غَنَمٍ: كَانَتْ هُنَاكَ حَاجَةٌ إِلَى أَرْضٍ جَدِيدَةٍ لِلرَّعْيِ، وَرُبَّمَا إِلَى مَصَادِرَ مِيَاهٍ جَدِيدَةٍ. يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ أَيْضًا أَنَّهُ بِإِرْشَادٍ مِنَ اللَّهِ نَفْسِهِ قَرَّرَ إِبْرَاهِيمُ أَنْ يَقُومَ بِمِثْلِ هَذَا الانْتِقَالِ.
انْتَقَلَ إِلَى مَنْطِقَةٍ كَانَتْ، بِشَكْلٍ مُدْهَشٍ، فِي صَدَارَةِ الْأَخْبَارِ الْمَسَائِيَّةِ لِسِنِينَ، وَبِشَكْلٍ مُضَاعَفٍ فِي الْأَسَابِيعِ الْقَلِيلَةِ الْمَاضِيَةِ: قِطَاعُ غَزَّة. تَقَعُ مَدِينَةُ جَرَّارَ فِي الطَّرَفِ الشَّرْقِيِّ مِنْ هَذِهِ الْمَنْطِقَةِ؛ وَهِيَ مَنْطِقَةٌ يُحْكَمُهَا الْمَلِكُ أَبِي مَالِك، وَمِنْ شَبَهِ الْمُؤَكَّدِ أَنَّ الْمَلِكَ كَانَ مِنْ أَوَّلِ الْمُسْتَوْطِنِينَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ. يُشَكِّلُ قِطَاعُ غَزَّةَ الْجُزْءَ الْأَكْبَرَ مِمَّا كَانَ، فِي أَيَّامِ التَّوْرَاةِ، فِيليستِيَا، أُمَّةَ الْفِلَسْطِينِيِّينَ. رُبَّمَا كَانَ الْفِلَسْطِيُّونَ أَكْثَرَ أَعْدَاءِ إِسْرَائِيلَ ثَباتًا وَجَدَارَةً بِالْمُلاحَظَةِ فِي كُلِّ تَارِيخِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ. مِنَ الْمُدْهَشِ أَنْ نَرَى أَنَّ أَوَّلَ مُوَاجَهَةٍ مَعَ الْفِلَسْطِيِّينَ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، رَغْمَ أَنَّهَا كَانَتْ سِلْميّة، حَدَثَتْ مُنْذُ مَا يُقَارِبُ أربعة آلاف سَنَة؛ وَأَنَّ عَدُوَّ إِسْرَائِيلَ اللَّدُودَ الْيَوْمَ هُوَ أَيْضًا الْفِلَسْطِيّونَ، فَكَيْفَ ذَلِكَ؟ لأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ نَرَاهُمْ يُهَاجِمُونَ إِسْرَائِيلَ فِي كُلِّ فُرْصَةٍ وَيَسْعَوْنَ إِلَى تَدْمِيرِهَا فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ، نُسَمِّيهم الْفِلَسْطِينِي. وَالْفِلَسْطِينِي لَيْسَتْ سِوَى الْكَلِمَةِ الْيُونَانِيَّةِ الَّتِي تَعْنِي فِلَسْطِينِي.
لِنُعِيدْ قِرَاءَةَ الْإِصْحَاحِ عشرين، لأَنَّنَا لَمْ نَتَعَمَّقْ كَثِيرًا فِي الْمَرَّةِ السَّابِقَةِ. أعِد قراءة سفر التكوين عشرين بأكمله
نَجِدُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَادَ إِلَى حِيَلِهِ الْقَدِيمَةِ. الْآنَ، وَهُوَ فِي مَكَانٍ لَدَيْهِ بَعْضُ التَّخَوُّفَاتِ بَشَأْنِهِ، يُشِيرُ مَرَّةً أُخْرَى إِلَى زَوْجَتِهِ سَارَةَ عَلَى أَنَّهَا أَخْتُهُ. وَفِي مَا يَتَعَلَّقُ بِإِبْرَاهِيمَ، لِمَ لا؟ فِي مِصْرَ خَرَجَ وَرَائِحَتُهُ وَرَدٌ، عِنْدَمَا أَخَذَ فِرْعَوْنُ سَارَةَ، ثُمَّ أَعَادَهَا مَعَ فِدْيَةٍ مَلَكِيَّةٍ، فَقَطْ لِيُوَقِفَ الأَوْبِئَةَ الَّتِي أَنزَلَهَا اللَّهُ عَلَى فِرْعَوْنَ.
الْآنَ، الْتَقَى بِمَلِكٍ يُسَمِّيهِ الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ أَبِي مَالِك (Abimelech)، وَتَكَرَّرَتْ قَضِيَّةُ مِصْرَ مِنْ جَدِيدٍ. الْآنَ، لِغَرَضِ التَّسْجِيلِ، أَبِي مَالِك كَانَ إِسْمًا شَائِعًا إِلَى حَدٍّ مَا فِي تِلْكَ الْحِقَبَةِ، لِذَلِكَ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ اللَّقَبِ وَالْإِسْمِ… وَهُوَ يَعْنِي "أَبِي الْمَلِكِ" (أَبَا، أَبٍ، مَلَخَ، مَلِكٍ). وَأَيْضًا لِمَجَرَّدِ التَّسْجِيلِ، سَنَجِدُ أَبِي مَالِك آخَرَ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ فِي زَمَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي كَنْعَانَ بَعْدَ مِئَاتِ السَّنِينَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لِذَلِكَ، لَا تَدَعُوا هَذَا الْأَمْرَ يُرَبِكَكُمْ….. إِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ كَثِيرًا عَنْ الْعُثُورِ عَلَى جُون جُونْز مُخْتَلِفِينَ عَلَى مَدَى فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ الزَّمَانِ…. لِمَاذَا يَجِبُ أَنْ يُربِكَنَا ذَلِكَ؟
حَسَنًا، إِنَّهُ أَمْرٌ رَأَيْنَاهُ سَابِقًا وَنَرَاهُ مَرَّةً أُخْرَى! أَبِي مَالِك يَأْخُذُ سَارَةَ. الْآنَ، كَانَ عُمُرُ سَارَةَ تِسْعِينَ سَنَةً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. مَا الَّذِي كَانَ يُفَكِّرُ فِيهِ هَذَا الْمَلِكُ؟ اسْتَنْتَجَ الْحَاخَامَاتُ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنَّهَا احْتَفَظَتْ بِكُلِّ هَذَا الْجَمَالِ الَّذِي جَذَبَ فِرْعَوْنَ قَبْلَ سِنِينَ عَدِيدَةٍ، وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا مُمْكِنٌ، وَلَكِنَّ الأَرْجَحَ أَنَّ الْمَلِكَ كَانَ يُحَاوِلُ عَقْدَ تَحَالُفٍ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بِالطَّرِيقَةِ الْمُعْتَادَةِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ: الزَّوَاجُ مِنْ أَحَدِ أَفْرَادِ أُسْرَةِ الْحَلِيفِ الْمَأْمُولِ، وَمِنَ الْوَاضِحِ مِنَ الْقِصَّةِ أَنَّ الْاحْتِرَامَ الْمُتَبَادَلَ وَالنِّيَّاتِ السَّلِيمَةَ كَانَتْ قَائِمَةً، وَلَيْسَ الْاِخْتِطَافُ وَلَا يُوجَدُ مَا يُشِيرُ إِلَى اسْتِخْدَامِ الْقُوَّةِ.
نَصِلُ الْآنَ إِلَى هَذَا الْحِوَارِ الصَّغِيرِ الْمُثِيرِ لِلْإِهْتِمَامِ بَيْنَ أَبِي مَالِكٍ وَاللَّهِ. يَدْخُلُ اللَّهُ مُبَاشَرَةً فِي صُلْبِ الْمَوْضُوعِ: أَبِي مَالِكٍ سَوْفَ أَقْتُلُكَ لِأَنَّكَ أَخَذْتَ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً. يَقُولُ فِي دِفَاعِهِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَقَامَ عَلاَقَةً جِنْسِيَّةً مَعَهَا بَعْدُ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ. أَقَرَّ اللَّهُ أَنَّ أَبِي مَالِكٍ كَانَ يَقُولُ الْحَقِيقَةَ، وَلَكِنَّهُ يُمْضِي بَعْدَ ذَلِكَ لِيَقُولَ أَنَّ الْقُوَّةَ الْإِلَهِيَّةَ هِيَ الَّتِي مَنَعَتْ أَبِي مَالِكٍ مِنْ لَمْسِ سَارَةَ… لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمَا كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ وَلَكَانَ الْمَوْتُ هُوَ الْجَزَاءَ.
أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُرَدَّ أَبِي مَالِكٍ سَارَةَ وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَيَشْفَعُ لَهُ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَاشَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ… سَتَكُونُ نِهَايَةُ نَسْلِ أَبِي مَالِكٍ.
الْآنَ، هَلْ كَانَ يَعْلَمُ أَبِي مَالِكٍ مَعَ مَنْ كَانَ يَتَحَدَّثُ؟ أَوَّلًا، كَانَ ذَلِكَ فِي الْحُلْمِ. كَانَ الْحُلْمُ الطَّرِيقَةَ الاعْتِيَادِيَّةَ لِلْتَّوَاصُلِ مَعَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَقَدْ قِيلَ لَنَا أَنَّهُ فِي الْأَيَّامِ الْأَخِيرَةِ سَيُصْبِحُ مَرَّةً أُخْرَى أَدَاةً لِتَوَاصُلِ الْإِنْسَانِ مَعَ اللَّهِ.
يُمْكِنُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ نَنْزَلِقَ بِسُهُولَةٍ مِنْ خِلَالِ قَنَاةِ الْإِتِّصَالِ الشَّائِعَةِ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَاللَّهِ الْمُمَثَّلَةِ فِي الْحُلْمِ. مِنَ الْمُثِيرِ لِلْإِهْتِمَامِ أَنَّ أَبِي مَالِكٍ كَانَ وَثَنِيًّا وَمَعَ ذَلِكَ تَوَاصَلَ اللَّهُ مَعَهُ، وَهَذِهِ لَنْ تَكُونَ آخِرَ مَرَّةٍ نَرَى فِيهَا هَذَا الْأَمْرَ يَحْدُثُ، وَغَالِبًا مَا يَكُونُ ذَلِكَ ضِمْنِيًّا، إِن لَمْ يُقَالْ صَرَاحَةً، أَنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ الْقَدِيرَ يَتَوَاصَلُ مَعَ شَعْبِهِ فَقَط؛ حَسَنًا، الْكِتَابُ الْمُقَدَّسُ بِبَسَاطَةٍ لَا يُدَعِّمُ هَذَا التَّعْلِيمَ. اللَّهُ ذُو سِيَادَةٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ؛ وَفِي حِينِ أَنَّ اللَّهَ لَا يُحَرِّكُ الْإِنْسَانَ غَالِبًا ضِدَّ إِرَادَتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ عِندَمَا يخدُم ذَلِكَ أَغْرَاضَهُ. الرَّبُّ لَهُ السَّيْطَرَةُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، بِمَا فِي ذَلِكَ الْبَشَرُ، لَا يَهُمُّ إِذَا كَانَ هَذَا الْإِنْسَانُ مُؤْمِنًا أَوْ مِنْ أَتْبَاعِ إِلَهٍ زَائِفٍ أَوْ غَيْرَ إِلَهٍ أَوْ حَتَّى مُلْحِدًا.
الْمُثِيرُ لِلْإِهْتِمَامِ هُوَ مَدَى سُهُولَةِ قَبُولِ أَبِي مَالِكٍ لِتَعْلِيمَاتِ إِلَهٍ لَا يَعْرِفُهُ. رُبَّمَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ مَا هُوَ أَكْثَرُ كَارِثِيَّةً عَلَى الْمُسْتَوَى الشَّخْصِيِّ مِنَ الشَّخْصِ الَّذِي يَضَعُ إِيمَانَهُ فِي إِلَهٍ كَاذِبٍ، هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي لَا يَعْتَرِفُ بِأَيِّ إِلَهٍ عَلَى الإِطْلَاقِ. أَبِي مَالِكٍ رَغْمَ أَنَّهُ وَثَنِيٌّ، لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ مُشْكِلَةٌ فِي التَّعَامُلِ مَعَ الْعَالَمِ الرُّوحِيِّ وَلَا مَعَ قُوَّةٍ أَعْلَى مِنْهُ. الشَّخْصُ الْمُقْتَنِعُ بِأَنَّ لَا شَيْءَ أَعْلَى مِنْهُ، يَكَادُ يَكُونُ مُنْغَلِقًا تَمَامًا عَلَى اللَّهِ بِطَبِيعَتِهِ.
أُودُّ أَنْ أُشِيرَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ الْعَالَمَ وَالتَّارِيخَ لَا يَعْرِفَانِ شَيْئًا عَنْ مُجْتَمَعٍ أَوْ قَبِيلَةٍ، فِي أَيِّ عَصْرٍ مِنَ الْعُصُورِ، وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِالْكَائِنَاتِ الرُّوحِيَّةِ وَبِسُلْطَةٍ أَعْلَى….. بِإِلَهٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ أَو ذَاكَ. لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ كَذَلِكَ حَتَّى تِلْكَ الْحِقْبَةِ الْمُثِيرَةِ لِلْسُّخْرِيَةِ الْمُسَمَّاةِ…. "التَّنْوِير"….. فِي الْقَرْنِ الثَّامِنَ عَشَرَ الْمِيلَادِيِّ، عِنْدَمَا وَصَلَ الْإِنْسَانُ أَخِيرًا إِلَى نُقْطَةٍ مِنَ الْفَسَادِ بِحَيْثُ أَعْلَنَ نَفْسَهُ أَعْلَى الْكَائِنَاتِ الْمُمْكِنَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ، أَيْ أَنَّ التَّنْوِيرَ كَانَ هُوَ وِلَادَةُ الْإِلْحَادِ.
النِّقْطَةُ الثَّانِيَةُ: فِي أَكْثَرِ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ فِي الْمِئَةِ مِنَ الْمَرَّاتِ الَّتِي نَجِدُ فِيهَا كَلِمَةَ "الرَّبِّ" فِي أَسْفَارِنَا الْمُقَدَّسَةِ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ حَيْثُ كَانَتْ فِي الْأَصْلِ اسْمَ اللَّهِ الشَّخْصِيَّ، يَهْوه، هِيَ الَّتِي اسْتُخْدِمَتْ، وَهُنَا نَجِدُ كَلِمَةَ أَدُونَايَ فِي الْأَصْلِ…… وَأَدُونَايَ تَعْنِي "الرَّبُّ". إِذًا، كَانَ أَبِي مَالِكٍ يُدْرِكُ جَيِّدًا أَنَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ إِلَى إِلَهٍ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ أَيَّ إِلَهٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ حَامِيَ إِبْرَاهِيمَ.
نَجِدُ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ يَدْعُو إِبْرَاهِيمَ كَشَفِيعٍ…… وَسِيطٍ… هُنَا بَيْنَ اللَّهِ وَأَبِي مَالِكٍ، لِأَنَّ الْفِكْرَةَ كَانَتْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَيَشْفَعُ بِأَبِي مَالِكٍ وَبِمَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَسْتَمِعُ إِلَيْهِ. هَذِهِ لَيْسَتِ الْمَرَّةَ الْأُولَى الَّتِي يَضَعُ فِيهَا الرَّبُّ إِبْرَاهِيمَ وَسِيطًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَشَرِ؛ فَقَدْ تَوَسَّلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَجْلِ الشَّعْبِ "الصَّالِحِ" الْمُفْتَرَضِ الَّذِي عَاشَ فِي مَدِينَةِ سَدُومَ، قَبْلَ أَنْ يُمْحَى اللَّهُهَا. فِي الْحَقيقة، كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَشْفَعُ مِنْ أَجْلِ لُوطٍ. وَعِندَنَا فِي هَذِهِ الْأَفْعَالِ نَمُوذَجٌ وَنَمَطٌ لِمُوسَى الَّذِي تَمَّ تَطْوِيرُهُ مِنْ أَجْلِنَا.
عِنْدَمَا نَصِلُ إِلَى الْآيَةِ الثَّامِنَةِ، نَجِدُ أَنَّ أَبِي مَالِكٍ مُنْزَعِجٌ بَعْضَ الشَّيْءِ؛ كَادَ خِدَاعُ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يُكَلِّفَ أَبِي مَالِكٍ حَيَاتَهُ! وَيَشْكُو إِبْرَاهِيمُ وَيَقُولُ أَنَّ سَارَةَ هِيَ أَخْتِي حَقًّا بِطَرِيقَةٍ مَا… بِالطَّبْعِ، صَحِيحٌ أَنَّهَا زَوْجَتِي أَيْضًا. وَلَكِنَّنِي كُنتُ خَائِفًا مِنْكَ وَحَسَبْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْحَلُّ الْأَفْضَلُ…. آسِفٌ بِشأن ذَلِكَ.
وَنَحْصُلُ عَلَى مَعْلُومَةٍ صَغِيرَةٍ مُفَادُها أَنَّ سَارَةَ وَإِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُمَا نَفْسُ الْأَبِّ، وَلَكِنَّهُمَا مِنْ أُمَّهَاتٍ مُخْتَلِفَات.
مِنَ الْمُثِيرِ لِلْإِهْتِمَامِ أَنَّهُ عَلَى عَكْسِ الْوَضْعِ فِي مِصْرَ، لَمْ يَطْرُدْ أَبِي مَالِكٍ إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَلَدِهِ، بَلْ إِنَّهُ بِبَساطة أَضَافَ الْمَزِيدَ مِنَ الثَّرْوَةِ إِلَى عَشِيرَةِ إِبْرَاهِيمَ وَطَلَبَ مِنْهُ الْبَقَاءَ.
نَجِدُ أَيْضًا فِي هَذَا الْأَصْحَاحِ أَنَّ اللَّهَ "رَدَّ" أَبِي مَالِكٍ وَأَهْلَ بَيْتِهِ. فِي هَذَا السِّياقِ، يَعْنِي أَنَّهُ لِفَتْرَةٍ غَيْرِ مُحَدَّدَةٍ مِنَ الزَّمَانِ، لَمْ تَنْجِبْ أَيٌّ مِنْ زَوْجَاتِ أَبِي مَالِكٍ أَوْ مَحْظِيَاتِهِ أَيَّ أَوْلَادٍ لَهُ. لِذَلِكَ، فَإِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ الَّتِي قَرَأْنَاهَا للتُّوِّ فِي بَعْضِ الْآيَاتِ رُبَّمَا حَدَثَتْ عَلَى مَدَى عِدَّةِ أَشْهُرٍ عَلَى الْأَقَلّ؛ مَرَّةً أُخْرَى، لَيْسَ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ بالنِّسْبَةِ لِقِصَّةٍ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ أَنْ تَغَطِّيَ بَعْضَ الْآيَاتِ فَتْرَةً طَوِيلَةً مِنَ الزَّمَن.
سِفْر التَّكوين، الإصْحاح واحد وعشرون
قَبْلَ أَنْ نَقْرَأَ هَذَا الْإِصْحَاحَ، اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ رُبُعُ قَرْن مُنْذُ الْآيَاتِ الْقَلِيلَةِ الْأُولَى مِنْ سَفَرِ التَّكْوِينِ إِثْنَيْ عَشَرَ، عِنْدَمَا وَضَعَ الرَّبُّ تِلْكَ الْقَائِمَةَ مِنَ الْوُعُودِ لِإِبْرَاهِيمَ… وَمِنْ بَيْنِهَا الْوَعْدُ أَنَّ مِنْ نَسْلِهِ سَتَتَبَارَكُ كُلُّ أُمَمِ الْأَرْضِ.
مِنَ الطَّبِيعِيِّ أَنْ يَكُونَ الْوَعْدُ وِلَادَةَ أَطْفَالٍ لِإِبْرَاهِيمَ… وَلَكِنَّ حَتَّى الْآنِ، لَمْ يُولَدْ طِفْلٌ وَاحِدٌ لِزَوْجَةِ إِبْرَاهِيمَ، سَارَةَ. نَعَمْ، كَانَ لَدَيْهِ وَرِيثٌ مُؤَهَّلٌ… ابْنٌ، إِسْمَاعِيلُ، الَّذِي وُلِدَ مِنْ خَادِمَةِ سَارَةَ، هَاجَرَ، وَلَكِنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ لَا يَتَّخِذُ أَبَدًا إِجْرَاءَاتٍ وَسَطِيَّةً.
اقْرَأْ سَفَرَ التَّكْوِينِ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ بِكَامِلِهِ.
هَذِهِ الْقَائِمَةُ مِنَ الْوُعُودِ النَّبَوِيَّةِ مِنَ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ تَدْفَعُنِي إِلَى أَنْ أَرْوِيَ لَكُمْ أَمْرًا أَرَانِي إِيَّاهُ الرَّبُّ عَلَى مَرِّ السِّنِينَ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِفَهْمِ شَعْبِ اللَّهِ لِنَبَوَءاتِهِ، فَإِنَّ الْأَخْطَاءَ الَّتِي يُرْتَكَبُهَا الْبَشَرُ لَيْسَتْ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ إِيجَادَ طَرِيقَةٍ لِرَبْطِ التَّحْقِيقِ النِّهَائِيِّ بِالنُّطْقِ الأَصْلِيِّ؛ الْخَطَأُ هُوَ أَنَّنَا لَا نَأْخُذُ نَبَوَءاتِ اللَّهِ حِرَفِيًّا بِمَا فِيهِ الْكُفَايَةِ. كَانَتْ كُلُّ وُعُودِ الرَّبِّ لِإِبْرَاهِيمَ حِرَفِيَّةً، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ حِرَفِيًّا. كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ابْنٌ… لَيْسَ ابْنًا عَادِيًّا… لَيْسَ وَرِيثًا صَالِحًا بِمَا فِيهِ الْكُفَايَةِ… بَلْ ابْنٌ حَقِيقِيٌّ وَوَرِيثٌ حَقِيقِيٌّ بَغَضِّ النَّظَرِ عَمَّا قَدْ تُمْليه الظُّرُوفُ الْبَشَرِيَّةُ الدُّنْيَوِيَّةُ.
بِسَبَبِ الْأَزْمَةِ الَّتِي نَعِيشُهَا، دَعُونِي أَقُولُهَا مَرَّةً أُخْرَى: يَجِبُ أَنْ تُؤْخَذَ جَمِيعُ نَبَوَءاتِ اللَّهِ عَلَى أَنَّهَا حِرَفِيَّةٌ. قَدْ تَبْدُو الْأُمُورُ قَاتِمَةً بِالنِّسْبَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْآنَ، وَلَكِنَّنَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَكُونَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ يَسْتَمِرُّ فِي الاِصْطِفَافِ ضِدَّهُمْ… حَتَّى لَوْ أَخْبَرَتْ إِسْرَائِيلُ الْحُكُومَةَ الأَمِيرِكِيَّةَ أَخِيرًا أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ تَحَمُّلَ الْمَزِيدِ مِنْ مُسَاعَدَتِهَا… فَإِنَّ الشَّعْبَ الْيَهُودِيَّ لَنْ يُطْرَدَ مِنَ الْأَرْضِ، لِأَنَّ النَّبَوَءاتِ تُخْبِرُنَا أَنَّهُ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ عَوْدَتِهِمْ… بَعْدَ مِصْرَ وَبَعْدَ آَشُورَ وَبَعْدَ بَابِلَ وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ الرُّومَانُ أَرْضَهُمْ مِنْهُمْ… بمُجَرّد عَوْدَتِهِمْ مَرَّةً أُخْرَى (وَهُوَ مَا حَدَثَ بِالْفِعْلِ)، فَلَنْ يَغَادِرُوا. لَا يَهُمُّ مَا مَدَى تَهَوُّرِهِمْ أَوْ جَحُودِهِمْ "لِلْوَاحِدِ" الَّذِي أَعَادَهُمْ إِلَى الْوَطَنِ؛ هَذَا وَعْدٌ مِنَ الرَّبِّ. يُمْكِنُنَا الاعْتِمَادُ عَلَيْهِ، حِرَفِيًّا.
لقد وَفَى الله بِوَعْدِه وأنْجَبت سارة طفلاً: إسحاق؛ إسحاق يعني "يَضْحَك". كان الوعد، الذي استَغْرق خمْس وعشرين عاماً، من أجل طفلٍ مَصيري أو بالأحْرى، طُفْل الوَع|ْ|د. سنَفْحَص قريباً أوْجُه التَّشابُه الغريبة بين إسحاق ويهوشع.
مِنَ الْمُسَلَّمِ بِهِ أَنْ تَوْقِيتَ اللَّهِ عُنْصُرٌ مُهِمٌّ لِأَيِّ حَدَثٍ نَبَوِيٍّ، مِثْلَ تَفَاصِيلِ الْحَدَثِ نَفْسِه. لِهَذَا السَّبَبِ نَرَى مَصْطَلَحَ "أَوْقَاتِ اللَّهِ الْمُحَدَّدَةِ"، أَوْ "أَوْقَاتِ اللَّهِ الْمُعَيَّنَةِ"، مِرَارًا وَتَكْرَارًا فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ التَّورَاةِ، كَمَا نَرَى هَذَا الْمَصْطَلَحَ يَتَكَرَّرُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ فِي الْفَصْلِ وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ. فِي غُضُونِ بُضْعَةِ أَشْهُرٍ سَنَدْرُسُ "الأَعْيَادَ الْمُعَيَّنَةَ" مِنَ اللَّهِ… وَكُلُّهَا لَهَا أَوْقَاتٌ مُحَدَّدَةٌ دَقِيقَةٌ. رُبَّمَا لَنْ يُجَادِلَ أَحَدٌ هُنَا فِي أَنَّ الْإِنْسَانَ لَدَيْهِ السُّلْطَةُ لِلْتَّأْثِيرِ أَوْ تَغْيِيرِ أَوْ إِلْغَاءِ أَوْقَاتِ اللَّهِ الْمُعَيَّنَةِ. هَذِهِ الْأَوْقَاتُ الْمُعَيَّنَةُ مَنْسُوجَةٌ فِي نَسِيجِ الْكَوْنِ وَلَا يُمْكِنُ تَغْيِيرُهَا. مَعَ ذَلِكَ، فَمِنَ الْغَرِيبِ بِنْسْبَةٍ لِي أَنْ أَحَدَ الْمَبَادِئِ الْأَسَاسِيَّةِ لِعَقِيدَةِ الْكَنِيسَةِ، هُوَ أَنَّنَا نَمْلِكُ السُّلْطَةَ وَالْقُدْرَةَ عَلَى تَغْيِيرِ أَوَّلِ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَعْلَنَهُ اللَّهُ؛ أَوَّلُ وَقْتٍ مُعَيَّنٍ أَثَّرَ حَتَّى عَلَى كَيْفِيَّةِ إِنْتَاجِ كَوْكبِنَا وَمِن ثَمَّ مِنَحِهِ الْقُدْرَةَ عَلَى دَعْمِ الْحَيَاةِ. التَّرْجَمَةُ الْقِيَاسِيَّةُ الأَمْرِيكِيَّةُ الْجَدِيدَةُ لِلْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ سَفَرُ التَّكْوِينِ إِثْنَيْ عَشَرَ عَلَى وَاحِدٍ. " (وَاحِدٌ) فَأَكْمَلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. (إِثْنَانِ) وَفَرَغَ اللَّهُ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمَلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمَلَ. (ثَلاثَةٌ) وَبَارَكَ اللَّهُ الْيَوْمَ السَّابعَ وَقَدَّسَهُ، لِأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمَلَ اللَّهُ خَالِقًا".
وَهَذَا بِالطَّبْعِ يُمَثِّلُ الْيَوْمَ السَّابِعَ، السَّبْتَ… وَيُسَمَّى بِالْعِبْرِيَّةِ شَبَت… أَحَدُ الْأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ مِنَ اللَّهِ. وَعِنْدَمَا نُصَادِفُ هَذِهِ "الأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ أَوِ الثَّابِتَةِ" الْعَدِيدَةَ، سَنَجِدُ شَيْئًا مُشْتَرَكًا بَيْنَهَا جَمِيعًا: لَقَدْ عَيَّنَهَا يَسُوعُ عَلَى أَنَّهَا مُقَدَّسَةٌ وَسَوْفَ نَبْدَأُ قَرِيبًا أَيْضًا فِي فَهْمِ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ مَا هُوَ مُقَدَّسٌ وَلَيْسَ لِلْإِنْسَانِ سُلْطَةٌ إِعْلَانُ أَيِّ شَيْءٍ مُقَدَّسٍ لَمَجَرَّد أَنَّ تَارِيخًا أَوْ حَدَثًا أَوْ مَكَانًا أَوْ نَشَاطًا أَوْ رَجُلًا يَظْهَرُ جَيِّدًا أَوْ مُهِمًّا بَشَكْلٍ غَيْرِ عَادِيٍّ. الأَهَمِّيَّةُ أَوِ الصِّلَةُ فِي أَعْيُنِنَا الْبَشَرِيَّةِ لَا تَشَكِّلُ شَيْئًا مِمَّا يَخُصُّ مَا هُوَ مُقَدَّسٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِإِعْلَانِ الرَّبِّ أَنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ نَثِقُ فِي ابْنِهِ قَدْ أَصْبَحْنَا مُقَدَّسِينَ لَهُ، وَهَكَذَا هُوَ الْحَالُ بِالنِسْبَةِ لأَيِّ شَيْءٍ. عَلَيْنَا أَنْ نَكْتَشِفَ مِنَ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ مَا هِيَ الْأَوْقَاتُ الَّتِي عَيَّنَهَا، ثُمَّ نَلْتَزِمَ بِهَا. لَيْسَ عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَكْتَشِفَ مِنَ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ مَا هِيَ أَوْقَاتُهُ الْمُعَيَّنَةُ، ثُمَّ أَنْ نُرَاعِيَهَا.
فَفِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ…. الَّذِي عَيَّنَهُ اللَّهُ…. وُلِدَ إِسَحَاقُ لِسَارَةَ، وَكَمَا أُوصِيَ، إِبْرَاهِيمُ خَتَنَ إِسحاق فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ بَعْدَ وِلَادَتِهِ.
لَقَدْ كَانَ الزَّوْجَانِ الْمَسِنّانِ فِي غَايَةِ السَّعَادَةِ؛ فَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ بَلَغَ للتوْ الْمِئَةَ عَامٍ وَسَارَةُ التَّسْعِينَ، عِندَمَا أَنْجَبَا إِسَحَاقَ… لَقَدْ كَانَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ أَنْ يَتَمَكَّنَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ إِنْجَابِ ابْنٍ فِي هَذَا الْعُمُرِ أَوْ أَنْ تَتَمَكَّنَ سَارَةُ، الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَدَيْهَا رَحمٌ يُمْكِنُهُ إِنتاجُ الْحَيَاةِ قَطُّ حَتَّى عِندَمَا كَانَتْ فَتَاةً صَغِيرَةً، مِنَ الْقِيَامِ بِذَلِكَ بَعْدَ عَدَّةِ عُقُودٍ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُمْكِنًا بَشَرِيًّا… وَلَكِنْ كَانَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ أَيْضًا أَنْ تَتَمَكَّنَ امْرَأَةٌ مَسِنَّةٌ مِنَ الْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ بَعْدَ عَمَلِيَّةِ الْوِلَادَةِ؛ وَكَمَا تُظْهِرُ الْآيَتَانِ سِتَّةً وَسَبْعَةً، فَقَدْ كَانَا مُنْدَهِشَيْنِ وَمُذْهولَيْنِ مِثْلَ الْمِئَاتِ وَالْمِئَاتِ مِنَ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ كَانُوا يُشَكِّلُونَ عَشِيرَتَهُمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.
فِي الْآيَةِ الثَّامِنَةِ نَرَى أَنَّهُ عِنْدَمَا فُطِمَ إِسَحَاقُ (رُبَّمَا حَوَالَيَ ثَلاثِ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنَ الْعُمُرِ)، أَقَامُوا احْتِفَالًا كَبِيرًا وَلَكِنَّ الْمَشَاكِلَ كَانَتْ تَلُوحُ فِي الْآفَاقِ. كَانَ إِسْمَاعِيلُ… الإِبْنُ الْمُحَبَّبُ لِإِبْرَاهِيمَ… الَّذِي كَانَ عُمُرُهُ حَوَالَيَ خَمْسَ عَشَرَةَ أَوْ سِتَّ عَشَرَةً سنة، يَسْخَرُ بِاسْتِمْرَارٍ مِنَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ إِسَحَاقَ. لَا شَكَّ أَنَّ هَاجَرَ كَانَتْ أَيْضًا تُسَبِّب لِسَارَةَ وَقْتًا عَصِيبًا لِأَنَّهَا شَعَرَتْ بِتَأْثِيرِ انْخِفَاضِ مَكَانَتِهَا الَّذِي بَدَأَ بِوِلَادَةِ إِسَحَاقَ؛ لِذَلِكَ أَصَرَّتْ سَارَةُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ أَنْ ينْفيَ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ مِنَ الْعَشِيرَةِ. إِنَّ الْقَوْلَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُضْطَرِبًا سَيَكُونُ أَقَلَّ مِنَ الْحَقِيقَةِ. فِي الْحَقِيقَةِ، كَانَتْ سَارَةُ بِمَا يَسْتَوْجِبُ اللَّهُ تُنفِّذُ إِرَادَةَ اللَّهِ… لِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَأَلَّا يَهْتَمَّ بِرَفَاهِيَةِ الصَّبِيِّ؛ وَأَنَّ اللَّهَ سَيُبَارِكُ إِسْمَاعِيلَ وَيُبْقِيهِ آمِنًا. إِلَى جَانِبِ ذَلِكَ، يَقُولُ اللَّهُ أَنَّ إِسَحَاقَ هُوَ الشَّخْصُ الَّذِي سَيَحْمِلُ وَعْدَ الْعَهْد، وَهُنَا لَدَيْنَا قِسْمًا آخَرَ مِنْ سِلسِلَةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ الْانْقِسَامَاتِ وَالِاخْتِيَارَاتِ الَّتِي قَامَ بِهَا اللَّهُ: إِسْمَاعِيلُ وَإِسَحَاقُ يَنْفَصِلَانِ.
الْآنَ، فَقَطْ لِإِضَافَةِ الْقَلِيلِ إِلَى سِيَاقِ الْوَضْعِ… كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ وَجِيهٌ جِدًّا لِوَعْدِ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ بِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ سَيَكُونُ مُبَارَكًا إِلَهِيًّا وَسَيَنْمُو إِلَهِيًّا. تَمَّ اكتِشَافُ قَوَانِينِ هَذَا الْعَصْرِ وَهَذِهِ الْمِنْطَقَةِ؛ وَتَمَّتْ مُنَاقَشَةُ الْحَالَةِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي لَدَيْنَا هُنَا وَيُعْرَفُ بِاسْمِ قَانُونِ لِيبتِ عَشْتَارَ وَإِلَيْكَ كَيْفَ يَعْمَلُ: كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ الْحَقُّ فِي قَبُولِ أَوْ رَفْضِ إِسْمَاعِيلَ كَوَرِيثٍ لِمُمْلَكَاتِهِ، لِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ وُلِدَ مِنِ امْرَأَةٍ جَارِيَةٍ. مِنَ الْوَاضِحِ مِنْ جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَدْ قَبِلَ إِسْمَاعِيلَ كَالْوَرِيثِ الظَّاهِرِ لِلْعَشِيرَةِ؛ لِذَلِكَ، كَانَ مِنَ الْمُفْتَرَضِ أَنْ يُمَنْحَ إِسْمَاعِيلُ نَصِيبَ الْبِكْر مِنْ ثَرْوَةِ إِبْرَاهِيمَ الْكَبِيرَةِ جِدًّا، وَمِنْ ذَلِكَ، كَانَتْ هَاجَرُ، أُمُّ إِسْمَاعِيلَ، سَتَسْتَفِيدُ أَيْضًا.
مَعَ ذَلِكَ، لِأَنَّ هَاجَرَ كَانَتْ جَارِيَةً، كَانَ لِمَالِكِ الْعَبْدِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ الْحَقُّ فِي مَنْحِ الْحُرِّيَّةِ لِهَذَا الْعَبْدِ. الْجَارِيَةُ هَاجَرُ، تَنْتَمِي، قَانُونِيًّا، إِلَى سَارَةَ. عِنْدَمَا ذَهَبَتْ سَارَةُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَطْرُدَ هَاجَرَ وَابْنَهَا إِسْمَاعِيلَ، كَانَ مِنْ حَقِّ سَارَةَ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ. إِلَّا أَنَّهُ عِنْدَمَا يتمّ إِطْلَاقُ سُراحِ امْرَأَةٍ جَارِيَةٍ، كَانَ اخْتِيَارُ وَالِدِ أَطْفَالِهَا أَنْ يَتِمَّ إِطْلَاقُ سَراحِ هؤلاء الْأَطْفَالِ مَعَهَا. لَمْ يَكُنْ بِإِمْكَانِ سَارَةَ قَانُونًا أَنْ تَأْمُرَ إِسْمَاعِيلَ بِالْخُرُوجِ … وَلَكِنْ كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى نَفْيِ هَاجَرَ. لَمْ يَكُنْ قَرَارُ إِبْرَاهِيمَ بِطَرْدِ هَاجَرَ مِنْ حَقِّهِ؛ وَلَكِنْ … قَرَارُهُ بِاتِّبَاعِ رَغْبَةِ سَارَةَ فِي أَنْ يُغَادِرَ إِسْمَاعِيلُ أَيْضًا كَانَ بِالتَّأْكِيدِ مَتْرُوكًا لِإِبْرَاهِيمَ بِكَمَالِهِ، وَعِنْدَمَا وَافَقَ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا طَلَبَتْهُ سَارَةُ، ذَهَبَ مِيرَاثُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى الْهَاوِيَة.
يَتَحَوَّلُ إِسْمَاعِيلُ وَهَاجَرُ، فِي لَحْظَةٍ، مِنْ كَوْنِهِمَا أَغْنِيَاءَ يَتَمَتَّعَانِ بِالسُّلْطَةِ، إِلَى مُفْلِسَيْنِ بِلَا مَأْوًى.
لَمْ يَكُنْ هَذَا مَوْقِفًا قَانُونِيًّا غَامِضًا فَاجَأَ إِبْرَاهِيمَ أَوْ أَيًّا مِنَ اللَّاعِبِينَ الْآخَرِينَ؛ فَالْسِّينَارِيُو بِأَكْمَلِهِ الَّذِي نَقْرَأُ عَنْهُ هُنَا يَعْتَمِدُ عَلَى فَهْمِهِمْ لِهَذَا الْقَانُونِ. لِذَلِكَ، لِتَهْدِئَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَدَ اللَّهُ بِنِعْمَتِهِ بِتَزْوِيدِهِ بِالْجُزْءِ الْأَرْضِيِّ مِنَ الْبَرَكَةِ الَّتِي انْتُزِعَتْ للتّو مِنْ إِسْمَاعِيلَ. لِذَلِكَ، نَجِدُ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ إِسَحَاقَ سَيُنْجِبُ إِثْنَيْ عَشَرَ حَفِيدًا… إِثْنَيْ عَشَرَ أَمِيرًا… يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ إِسْمَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الْإِثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنَّ إِسْمَاعِيلَ سَيُبَارَكُ أَيْضًا بَعَدَدٍ مُمَاثِلٍ مِنْ أُمْرَاءِ الْقَبَائِلِ وَثَرْوَةٍ كَبِيرَةٍ. قَدْ تَلَقَّى إِسْمَاعِيلُ، بِفَضْلِ تَدْبِيرِ اللَّهِ، نَفْسَ الْقَدًرِ… رُبَّمَا أَكْثَرَ… مِنْ إِسَحَاقَ. وَلَكِنْ… الشَّيْءُ الْوَحِيدُ الَّذِي لَمْ يَكُنْ بِإِمْكَانِ إِسْمَاعِيلَ أَنْ يَحْصُلَ عَلَيْهِ هُوَ بَرَكَةُ اللَّهِ لِيَكُونَ الْإبْنَ الْمَوْعُودَ. كَانَ إِسَحَاقُ هُوَ الْوَرِيثُ لِوَعْدِ الْعَهْد.
أَطَاعَ إِبْرَاهِيمُ الرَّبَّ وَأَرْسَلَ هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ بَعِيدًا. كَمْ كَانَ ذَلِكَ لِيُؤْذِي إِبْرَاهِيمَ. قَدْ أَحَبَّ إِسْمَاعِيلَ؛ وَقَدْ كَانَ يَعْتَمِدُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ كَابْنِهِ الْوَحِيدِ لِمُدَّةِ ثَلاثَ عَشَرَةَ سَنَةً. لَا أَعْلَمُ كَيْفَ فَعَلَ ذَلِكَ.
عَلَى وَشْكِ الْمَوْتِ مِنَ الْعَطَشِ، قِيلَ لَنَا فِي الْآيَةِ السَّابِعَةَ عَشَرَةَ أَنَّ "مَلَاخَ إِلُوهِيمَ" نَادَى هَاجَرَ: حَرْفِيًّا، مَلَاخُ إِلُوهِيمَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ. فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، كَانَ إِمَّا رَسُولًا مَلَائِكَياً أَوْ كَانَ اللَّهُ نَفْسَهُ. لَاحِظْ الآنَ أَنَّ هَذَا الرَّسُولَ لَمْ يَظْهَرْ أَمَامَ هَاجَرَ… قَدْ نَادَى بِبساطة عَلَى هَاجَر مِنَ الْأَعْلَى فِي السَّمَاءِ. مَا مِنْ شَيْءٍ يُشِيرُ إِلَى ظُهُورٍ. لَاحِظْ أَيْضًا أَنَّهُ قِيلَ لَنَا أَنَّ "اللَّهَ" (إِلُوهِيمَ) سَمِعَ صُرَاخَ الصَّبِيِّ… وَلَيْسَ صُرَاخَ الْأُمّ. ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ اللَّهَ سَمِعَ الصَّبِيَّ، وَفِي الْآيَةِ التَّالِيَةِ يَقُولُ: "سَأَجْعَلُ مِنْهُ أُمّةً عَظِيمَةً".
كَمَا حَدَثَ مَعَ الزُّوَّارِ الثَّلاثَةِ الَّذِينَ جَاؤوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ بِضْعَةِ إِصْحَاحَاتٍ، فَإِنَّ هَذَا اللِّقَاءَ غَامِضٌ. هَلْ كَانَ هَذَا مَلَكًا أَمْ كَانَ هَذَا اللَّهَ؟ عَادَةً مَا يُوَضِحُ الْمَلَائِكَةُ أَنَّهُمْ يُنفِّذُونَ أَمْرَ اللَّهِ؛ وَلَكِنْ هُنَا يَقُولُ الرَّسُولُ: "سَأَجْعَلُ إِسْمَاعِيلَ أُمَّةً عَظِيمَةً". لَا أَعْلَمُ الْإِجَابَةَ، لَكِنَّ رَأْيِي هُوَ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي الْحَقيقَةِ تَجَلِّيًا لِلَّهِ… وَلَكِن مِنَ الصَّعْبِ التَّأَكُّدُ بِأَيِّ شَكْلٍ.
تَفْتَحُ هَاجَرُ عَيْنَيْهَا الْمُتَوَرِّمَتَيْنِ مِنَ الْغُبَارِ وَالرَّمَالِ وَالدُّمُوعِ وَتَرَى بِئْرَ مَاءٍ ظَهَرَ بِأَعْجُوبَةٍ، وَتَمَّ إنْقَاذُ الأُمِّ وَالابْنِ. تَمَّ قُطعَ وَعْدٍ مِنَ اللَّهِ بِأَنَّ إِسْمَاعِيلَ سَيَكُونُ أَبًا لِأُمَّةٍ عَظِيمَةٍ. هَذَا فِي الْحَقيقَةِ تَذْكِيرٌ بِالتَّزَامٍ سَابِقٍ لِإِسْمَاعِيلَ، بِلا شَكٍّ مِنْ أَجْلِ هَاجَرَ؛ وَلَكِنْ لَاحِظْ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ وَعْدٌ بِالْأَرْضِ، فَقَطْ أُمَّةٌ؛ وَلِلتَّوْضِيحِ، وَفْقًا لِمَصْطَلَحَاتِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، لَا تَتَعَلَّقُ الْأُمَمُ بِالْأَرْضِ أَوِ الْمِنْطَقَةِ، بَلْ تَتَعَلَّقُ بِمَجْمُوعَاتٍ مِنَ النَّاسِ.
بَعْدَ الْإنْقَاذِ الْمُفَاجِئِ وَالْوَعْدِ، تَنْتَقِلُ الْقِصَّةُ إِلَى هَاجَرَ وَإِسْمَاعِيلَ اللَّذَيْنِ أَصْبَحَا مِنْ سُكَّانِ الصَّحْرَاءِ. قَدْ عَاشَا فِي صَحْرَاءِ فَارَانَ: وَهِيَ مِنْطَقَةٌ تَقَعُ تَقْرِيبًا بَيْنَ الطَّرَفِ الْجَنُوبِيِّ لِلْبَحْرِ الْمَيِّتِ إِلَى نِصْفِ الطَّرِيقِ تَقْرِيبًا مِنْ شَبَهِ جَزِيرَةِ سِينَاءَ، وَشَرْقًا إِلَى الْمِنْطَقَةِ الَّتِي سَتُعْرَفُ يَوْمًا مَا بِإِسْمِ مَدْيَنَ؛ أَوْ بِشَكْلٍ عَامٍّ، شَبَهِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ. بِالطَّبْعِ، هَذِهِ هِيَ الْمِنْطَقَةُ الَّتِي سَتُصْبِحُ قَرِيبًا جُذُورَ الْأُمَمِ الْعَرَبِيَّةِ، لَكِنَّ النَّاسَ الَّذِينَ عَاشُوا فِي فَارَانَ كَانُوا مَا نُسَمِّيهِ الآنَ الْبَدو، شَعْبٌ عَرَبِيٌّ.
الْآنَ، لَا أُرِيدُ الْانتِقَالَ إِلَى الْمَرْحَلَةِ التَّالِيَةِ مِنَ الإِصْحَاحِ الواحد وَالْعِشْرِينَ حَتَّى نَكْتُبَ بَعْضَ أَوْجُهِ التَّشَابُهَاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ أَنْ تُنْكَرَ وَالْوَاضِحَ أَنَّهَا مُعتمدَةٌ بَيْنَ إِسْحَاقَ… ابْنِ الْوَعْدِ… وَالْمَسِيحِ، ابْنِ الْوَعْدِ الْمُطْلَقِ.
إِلَيْكَ بَعْضَ النِّقَاطِ الأُخْرَى الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا: كَانَتْ هُنَاكَ فَتْرَةٌ طَوِيلَةٌ جِدًّا بَيْنَ وَعْدِ إِسْحَاقَ وَحُدُوثِهِ. نَفْسُ الشَّيْءِ بِالنِسْبَةٍ لِلْمَسِيحِ. كَانَتْ وِلَادَةُ إِسْحَاقَ وَيَسُوعَ مُعْجِزَةً: وِلَادَةُ إِسْحَاقَ بِسَبَبِ عُمْرِ أُمِّهِ وَرَحِمِهَا الْمَيِّتِ، وَوِلَادَةُ يَسُوعَ لِأَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ عَذْرَاءَ. قَدْ قَرَّرَ اللَّهُ اسْمَ إِسْحَاقَ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ، وَكَذَٰلِكَ اسْمَ يَسُوعَ. قَدْ حَدَّدَ اللَّهُ وَقْتًا مُحَدَّدًا لِمِيلاَدِ إِسْحَاقَ، تَمَامًا كَمَا فَعَلَ مَعَ يَسُوعَ. هُنَاكَ أَوْقَاتٌ أُخْرَى سَنَتَحَدَّثُ عَنْهَا قَرِيبًا.
فِي هَذِهِ الْمَرْحَلَة، يَعُودُ الإِصْحَاحُ إِلَى عَلاَقَةِ إِبْرَاهِيمَ بِذَلِكَ الْمَلِكِ الْفِلِسْطِينِيِّ، أَبِيْمَالِكَ. فِي الْآيَةِ عَشْرِينَ نَرَى إِبْرَاهِيمَ يَعِيشُ فِي أَرْضِ أَبِيْمَالِكَ… الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ بُضْعَ سِنِينَ.
نَرَى أَبًا أَكْثَرَ تَصْمِيمًا وَأَقْوَى قَلِيلًا مِنْ هَذِهِ الْمَرْحَلَةِ فَصَاعِدًا. عَلَى مَا يَبْدُو، مَعَ وِلَادَةِ إِسْحَاقَ أَصْبَحَ إِبْرَاهِيمُ الْآنَ أَكْثَرَ ثِقَةً بِقُدْرَةِ الرَّبِّ عَلَى حِمَايَتِهِ وَالْوَفَاءِ بِوَعُودِهِ، وَأَكْثَرَ ثِقَةً بِأَنَّهُ إِنْ أَصَابَهُ مَكْرُوهٌ وَمَاتَ فَلَهُ الْوَرِيثُ الْمُهِمُّ إِسْحَاقُ لِكَيْ تَمْضِيَ الْعَائِلَةُ قَدُمًا بِمَوَاعِيدِ اللَّهِ وَبَرَكَاتِهِ.
كَانَ هُنَاكَ نِزَاعٌ قَائِمٌ بَيْنَ عَشِيرَةِ إِبْرَاهِيمَ وَشَعْبِ أَبِيْمَالِكَ حَوْلَ بَعْضِ آبارِ الْمِيَاهِ؛ وَأَبِيْمَالِكَ الْحَكِيمُ، الَّذِي كَانَ يُدْرِكُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ فِي أَعْلَى مَكَانَةٍ، أَرَادَ بِبَسَاطَةٍ تَسْوِيَةَ الْقَضِيَّةِ قَبْلَ أَنْ يُهَدِّدَهُ اللَّهُ مَرَّةً أُخرى. انْتَهَتِ التَّمْيِيزَاتُ بِنَجَاحٍ بِمَراسِم عَقْدِ الْعَهْدِ التَّقْلِيدِيَّةِ وَعَادَ أَبِيْمَالِكَ وَقَائِدُهُ الْعَسْكَرِيُّ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ إِلَى مَنْزِلِهِ فِي جَرَارَ. ثُمَّ قِيلَ لَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بَقِيَ فِي تِلْكَ الْمِنْطَقَةِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ.
مِنَ الْمُثِيرِ لِلْإهْتِمَامِ أَنَّهُ يُشَارُ هُنَا إِلَى الْمِنْطَقَةِ الَّتِي عَادَ إِلَيْهَا أَبِيْمَالِكَ بِإِسْمِ أَرْضِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. وَالْآنَ، مَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ كَثِيرٌ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ الْمُسْتَقِرِّينَ وَمَا إِذَا كَانُوا يُسَمَّوْنَ فِلِسْطِينِيِّينَ أَمْ لَا، فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مَحَلُّ جَدَل.