21st of Kislev, 5785 | כ״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللّاويّين الدَّرْس التاسِع والعِشرون – الإصْحاحان التاسِع عشر والعِشرين
سِفْر اللّاويّين الدَّرْس التاسِع والعِشرون – الإصْحاحان التاسِع عشر والعِشرين

سِفْر اللّاويّين الدَّرْس التاسِع والعِشرون – الإصْحاحان التاسِع عشر والعِشرين

Download Transcript


سِفْر اللّاويّين

الدَّرْس التاسِع والعِشرون – الإصْحاحان التاسِع عشر والعِشرين

بدأنا بالتّطرُّق إلى مَوضوع المَوت والحياة الآخِرة في نهاية دَرْس الأسبوع الماضي. لأنه منذ القّرن الرابع الميلادي تقريبًا عملت المسيحيّة بِشَكلٍ عَكْسي من خلال أخْذ ما جاء في العَهْد الجدَيد ثم مُحاولة قراءته في العَهْد القديم، فإننا نَميل إلى قِراءة بعض كِتابات العَهْد القديم ونقول إن الكَلِمات التي اسْتخدموها كانت تُشير إلى الجَنّة أو الجحيم على الرغم من عدم اسْتِخدام الكَلِمَة الفِعليّة. يُمْكِن لأي باحِث يهودي جَيِّد أن يُخْبرك أن الأمر ليس كذلك، وأن ما ورد فيها هو ما كانوا يَقْصِدونه، وأن مَفْهوم صُعود الإنسان إلى السَّماء لِيكون مع الله، أو نُزوله إلى مكان يُقيم فيه الشَيْطان لم يَكُن مُتَصوّرًا لدى كَتَبَة الكِتاب المُقَدَّس العِبري الموحى إليهم.

من المؤكَّد أننا نرى تطوُّر مفاهيم المَوت والحياة الآخِرة مع تقدُّمنا في العَهْد القديم، ولكنَّنا لن نَجِد أبدًا فِكْرة صريحة عن سكن الإنسان في السَّماء في حُضْرة الله.

وبِقَدر ما كان المَوْضوع مُبَعْثرًا ومُتَفاوِتًا، خاصّة في العَهْد القديم، يُمْكِن القَوْل بِشَكلٍ عام أن المَوت كان يدور حول شاول. من وجْهة نظَر العَهْد القديم، لم يَكُن شاول من منْظور العَهْد القديم هاديس أو جهنَّم، لكنه بالتّأكيد لم يَكُن مكانًا مَرْغوبًا فيه أيضًا… مع أنه كان حَتْميًا لجميع البَشَر. بل كان المكان المُشْتَرَك الذي يُمْكِن أن يتوقَّع كل إنسان أن يزوره؛ القبْر. سواءً كان شِرّيرا أو صالِحًا، إسرائيليًّا أو وثنيًّا، كان شاول هو نِهاية الوجود المادّي. بالنَّسْبة للجِزْء الأكبر كان هناك إحْساس ضبابي وغير مُحَدَّد عن الحياة الآخِرة في العالَم السُّفْلي الذي كان يُعتقد أنه موجود.

مما لا شكّ فيه أن هذا كان من مُخلَّفات القرون الأربعة التي عاشها الإسرائيليّون في مصر حيث كانت هناك عقيدة مُتَطوِّرة للغاية ومُمارستها عن المَوت، والعالَم السُّفْلي، والأرْواح، وحتى نَوْع من البَعْث الذي كان يُشْبه التَّناسُخ ولكنه ليس مُطابقًا له. كان الغَرَض الكامل من الأهْرامات الرّائعة يتَعَلَّق يَجْعل أرْواح المُلوك أو المَلِكات أو الأرِسْتُقراطِيّين الرّاحلين في راحة وأمان.

لَعِبَت عِبادة الأسْلاف دَوْرًا مُهِمًّا في كل ثقافة معْروفة في العالَم في عَصْر الكِتاب المُقَدَّس. عِبادة الأسْلاف ليست بالضَّرورة كما تبدو، فلم تَكُن دائمًا "عِبادة". في بعض الأحيان لم يَكُن الأمر سوى "تكريم" أرْواح المَوتى بِدافِع الالْتِزام بذلك (لأنك سَتُريد أن يَفْعَل شَخْص ما نفس الشيء من أجلك). وفي حالات أُخْرى كان هناك نَوْع من العِبادة حيث كان يُعتقد أن روح المَيِّت كانت على اتِّصال وثيق بإلَه العالَم السُّفْلي، وربما كان بإمْكانك أن تطلُب من أسلافك أن تجعل إلَه العالَم السُّفْلي يَفْعَل لك شيئًا ما. نحن نعلم على وجْه اليقين أن العِبْرانيّين القُدَماء أدْرَجوا عِبادة الأسلاف في عِبادة المَوت ومُعْتقداتهم عن الحياة الآخِرة. ونَجِد إشارة إلى ذلك في عِدّة مقاطِع من الكِتاب المُقَدَّس، خاصّة فيما يتَعَلَّق بإصْرار يعقوب ويوسف على أن يُدْفَنوا خارج مصر، مع أسْلافهم، حتى يتمكَّنوا من التواصُل معهم في حياتهم الآخِرة.

ومع ذلك، لم يَكُن الأدب الكِتابي عن المَوت والحياة الآخِرة بأي حال من الأحوال في قالِب اللاّهوت المصري. كان المَوت أمرًا سلبيًا بالنَّسْبة للعبرانيّين. وأيًا كان الإحْساس الغامِض بالحياة بعد المَوت الذي تم التَّفْكير فيه كان سلْبيًّا أيضًا. كانت الحياة الجَسَدِيَّة أفضل وأسْمى أشكال الوجود بالنَّسْبة للإنسان، وكان المَوت مُجَرَّد حقيقة غير سارّة. كان العَيْش حياة طويلة نِعْمة؛ أما الذَّهاب إلى القبْر المُبْكِر فقد كان يُدعى، بِشَكلٍ عام، قَطعًا…..خاصّة إذا كان يُنظَر إلى المَرْء على أنه إما شِرّير أو أنه تعدّى على الله.

وكما أن شاول هو مِحْوَر ارْتِكاز أفكار العِبْرانيّين عن المَوت، فإن مُصْطَلَح "ظِلال" هو المُصْطَلَح العام لأي شكل من أشكال الوجود، إن وُجِد، الذي يتّخذه الإنسان عند مَوْته. ولكن بِشَكلٍ عام، على الرّغم من ذلك، فإن أكثر الاحْتِمالات السّارة للمَوْت هو "النَوم مع الأسلاف" ….. وهي عِبارة تتعرَّض للكثير من النِّقاش. الفِكْرة المَقْبولة هي أنه مهما كان ما يحدُث في القبْر، فإن "النَّوم مع الأسلاف" يعني أن المَرْء كان في حالة سلام، بَدَلاً من أن يكون في قَلَق أو عذاب دائم.

في أيام يسوع، لم تَكُن فِكْرة المكان الذي توجَد فيه أرْواح المَوتى قد راجت فقط…… الأرْواح التي تَنْتظِر شيْئًا ما….ربّما الحِكْم….. ولكن مَفْهوم القِياُمَّة الجَسَدِيَّة كان المَوْضوع الدّيني السّاخِن في ذلك اليوم. قال البعض مثل الصَدوقيّين لا للقياُمَّة الجَسَدِيَّة، بينما قال البعض الآخر مثل مُعْظَم طوائف الفريسيّين نعم…..لإمْكانية القياُمَّة الجَسَدِيَّة.

ولكن حتى مَفْهوم القياُمَّة الجَسَدِيَّة لم يَكُن ما نُفكِّر به الآن عادةً؛ أي أن أرْواحنا إما في جهنَّم أو عند الله، ثم تُقام أجْسادنا الجَسَدِيَّة ونذهب إلى مكان روحي…..السَّماء…..إذا كنا مؤمنين…..للمزيد من الوجود. بدلاً من ذلك بالنَّسْبة لليهود في أيام يسوع، ولِقرون قبل ذلك، ولا يزال الأمْر كذلك في كثير من الحالات؛ كانت قياُمَّة المَوتى في مُعْظَم الأحيان مُجَرَّد كِناية عن اسْتِعادة إسرائيل المُرْتدّ والمقْهور. لم تَكُن تعني حَرْفيًا عَودة المَيِّت إلى الحياة في جسد أفضل. بالنَّسْبة للبعض في تلك الحَقَبة كان ذلك يعني أنه بعد أن طهَّر الرَّب بني إسرائيل وجعَلهم الاُمَّة المُهَيْمِنة على الأرض كمَمْلكة الله، فرُبَّما أولئك الّذين ماتوا كأعْضاء أبرار في المَلَكوت العظيم والدائم قد عادوا إلى الحياة……حياة جَسَدِيَّة دنيوية…. في ممْلكة الله المُسْتعادة والمُطَهَّرة هذه، إسرائيل. ولكن بالتّأكيد لم يكونوا قط في أي وقت من الأوقات في سماء الله.

إن المَفْهوم الذي اقْترحَه يسوع، ثم توسَّع فيه بولس، عن المؤمنين الّذين يعيشون أبديًّا في حُضرة الله….. في السَّماء….. في مُسْتوى روحي أعلى…. كان جديدًا وكان اليهود بالفِعْل يؤمنون بـ "العالَم القادِم" (بالعبرية، أولام هابهاب، لكن عُمومًا يبدو أكثر شَبَهاً بِرؤية المَسيحيّين المُعْتمدة على نِطاق واسع حول الألْفِيَّة (عهد المسيح الذي مُدّته ألف سنة والذي يَحدُث على الأرض) أكثر من السَّماء. على الرغم من أن الطّوائف اليهوديّة المُخْتَلِفة كانت تؤمِن بِشَكلٍ مُخْتَلِف، إلا أن الفِكْرة كانت أن عَصْرا ذهبيًا جديدًا لإسرائيل في مُتَناول اليد…..العالَم القادِم، olam habbah….. حيث ستكون إسرائيل القُوّة العالَميّة البارِزة. وأن إسرائيل، التي يَحْكُمها الله، ستأخُذ أخيرًا مكانَها الصّحيح كمَمْلكة إلهية تحكُم الأرض كلّها. سيتحوَّل العالَم بأسْرِه، في جَوْهره، إلى اليهودية ويتبع التَّوْراة بِشَكلٍ كامل وتام.

لكن فِكْرة أن روح الإنسان يُمْكِن أن تعيش في مَسْكن الله السَّماوي لم تَكُن موجودة….. حتى مجيء يسوع. في الواقع كانت فِكْرة أن الإنسان….. الذي هو في أفْضل حالاته نَجِس وآثم وخاطئ…… يُمْكِن أن يُسمح له بِدُخول سماء الله وحُضوره ذاته كانت فِكْرة تتراوَح بين السُّخْرية والتَّجْديف. وبالطَّبْع تم رَفْض هذا المَفْهوم بِصَراحة من قِبَل مُعْظَم اليهود الأكثر تعلُّماً. أما اليهود الأقل عِلْمًا…..الفلّاحين…..كانوا أكثر انْفِتاحًا على الفِكْرة لذلك كان النّاس العادِيّون هم الّذين جاءوا إلى يسوع بأعْداد غفيرة، بينما كان المُتعلِّمون، باسْتِثْناء القليل منهم، يتجنَّبونه.

خُلاصة القَوْل فيما يتَعَلَّق بِدِراستنا لسِفْر اللّاويّين هي أنه سِواء كانت الأشْباح مَوجودة أم لا، لم يَكُن على المَرْء أن يُحاول الاتِّصال بها (وكان مُعْظَم بني إسرائيل يعْتقِدون أنها مَوجودة بالفِعل). ولم يَكُن على المَرْء أن يكون له أي عِلاقة بِشَخْص يقوم بالاتِّصال بالمَوتى كمِهْنة مَدْفوعة الأجر. أفضل ما أفْهَمه من هذا هو أن الله لم يَكُن يقول أن أرْواح المَوتى يُمْكِن الاتِّصال بهم بالفعل؛ بل كان التَّعامل مع مثل هذه الأمور نَجِسا وغير مُقدَّس، ولا يُحاول مثل هذه الأمور إلا الأشخاص غير المُقَدَّسين. المَوتى أمْوات. والمَوت رجس عند الله. إن أرْواح المَوتى مَوجودة في مكان ما، ولكن في الكِتاب المُقَدَّس أن الوثنيّين وحَدْهم هم الّذين يُحاولون أن يتواصَلوا مع هذه الأرْواح….كائن حَيْ يتواصل مع كائن مَيِّت. لكن المَوْقف من مُحاولة مُناجاة أرْواح المَوتى هو أقْرَب إلى عِبادة الأوثان، عِبادة الآلِهة الكاذِبة؛ أوّلاً وقبل كلّ شّيْء هم ليْسوا حقيقيّين…..هذه الآلِهة غير مَوْجودة أصْلاً…..الكِتاب المُقَدَّس يُسَمّيهم أحياناً آلِهة كاذِبة، لو إلوهيم…..غير آلِهة. وفي الحقيقة، ما يتواطأ معه الوُسَطاء الرّوحيّون أحيانًا، أو يَعْبدونه، هم شياطين يَكْذبون ويدّعون أنهم روح الشَخْص المَيِّت الذي يُحاول شَخْص ما الاتِّصال به. لأنهم عندئذٍ يُمْكِنهم التأثير على ذلك الشَخْص، وخِداع ذلك الشَخْص، بأمْر من الشَيْطان. ليس هناك شكّ مُطْلقًا في أن أي شَخْص يُمْكِنه الاتِّصال بِشيْطان ومُرافقته، ولَدَيْنا أمْثِلة من العَهْد القديم والعَهْد الجدَيد على هذا الأمْر بالضَّبْط.

نعود إلى سِفْر اللّاويّين تسع عشرة.

في الآية الثانية والثلاثين، يأمُر الله أن يَحْترم بنو إسرائيل كِبار السِّنّ. هذا لا يعني عِبادة الأسْلاف، ولا يعني أن أكْبر أفراد الأُسْرة سِنّاً هو بالضَّرورة المُهَيْمِن وصاحِب السُّلطة. إنه يعني إكْرامهم عادةً من خلال الاعْتِناء بهم والسَّهَر على احْتِياجاتِهم لأنَّهم في هذه المَرْحلة من الحياة لا يَسْتطيعون جَسَديًّا أن يَعْتَنوا بأنْفُسِهم بِشَكلٍ كامِل. ولكن هذا يعني أيضًا أن الحِكْمة التي اكْتَسَبَها كبار السِّن يجب أن تُسْتخدَم اسْتِخدامًا جَيِّدا؛ تَقديرهم وعدم تَجاهلهم.

بعد ذلك، لَدَيْنا أمْر آخر لن يكون له معنى إلا بعد حوالي أربعة عُقود؛ لا تَظلُم غريبًا….. جَريرًا….. يعيش معك في أرْضك ؛ الأرض، بالطَّبْع، هي أرْض كنْعان. هذا المَوْضوع المُتَعلِّق بواجِب مُعاملة الأجانِب بإنْصاف، بل والسَّماح للأجانِب الّذين أرادوا أن يتخلّوا عن آلِهَتهم الوثنيّة ويتَّخِذوا إلَه إسرائيل إلهًا لهم كأعْضاء مُرَحَّب بهم في اُمَّة إسرائيل، يَتكرَّر مَرَّة بعد مَرَّة، ولا شكّ أنه كان بِمثابة السَلَف المادّي…….الجانِب الأرْضي والجَسَدي من حقيقة الازْدِواجيّة….. للإعِداد للوَقْت الذي سيأتي فيه يسوع ويُقَدِّم للأُمَم (الأجانِب والغُرَباء)، عن طريق الإيمان به، للانْضِمام إلى إسرائيل. وبِشَكلٍ أكثر تحْديدًا للانْضِمام إلى إسرائيل بالمَعْنى الرّوحي، وليس بالمعنى المادّي. للانْضِمام إلى العُهود المَقْطوعة بين الله وبني إسرائيل. للانْضِمام إلى المَثَل الأعْلى السَّماوي لإسرائيل……اُمَّة من الناس مُكَرَّسة بالكامِل ليَهوَهْ… وهكذا لَدَيْنا رومية لإحدى عشرة وبولس يشْرَح كيف أن الأُمَم الّذين يؤمِنون بالمسيح مُطَعّمون في إسرائيل……بِمعنى روحي وليس جَسَديًّا بالطَّبْع؛ إلى جانب، وليس بدلاً من؛ وكأخْ أصْغر وليس أكْبر.

ليس هذا فحسْب، بل إن السَّبَب في أن بني إسرائيل يجب أن يَفْعَلوا ذلك هو تَنْبيه آخر من الله "أحِبّوه كما تُحِبّون أنْفُسكم". ولا يَنْبغي أن يَجِد بنو إسرائيل صُعوبة في التّماهي مع الأجْنَبي الذي يُريد أن يكون بَيْنَهُم، لأنه كما يقول في نهاية الآية الرابعة والثلاثين "لأنّكم كُنْتم غُرَباء في أرْض مصر". كان جِزْء من سبب التَّجْرِبة المَصْريَّة هو تعلُّم دروس قّيِّمة

وأحَد هذه الدُّروس هو أن هؤلاء الغُرَباء لهم قيمة في نَظَر الله وهو يُحِبُّهم لذا عليكم أن تُحِبّوهم.

تُخْبر الآيتان خمسة وثلاثين وسِتّة وثلاثين بني إسرائيل أنه لا يجوز لهم أن يَغِشّوا بعضهُم البعض، أو الأجانِب، في التَّعامُل. عليهم أن يَسْتخدِموا مِكيالاً عادِلاً وجافًّا وسائلاً، وأن يكون الميزان الذي يَسْتَخِدمونه دقيقًا ومَضْبوطًا بِحَيْث لا يِغِشّ الزّبون. ومَرَّة أُخْرى كما ذكرْت مِرارًا وتِكرارًا ، كانت ولا تزال ثقافة الشَّرْق الأوْسَط هي الغِشّ والخِداع والرَّشْوة وفِعْل كل ما يلزم "للفَوز" في المُعاملات التِّجارية. إن أفْضَل رِجال الأعْمال وأكْثَرهم احْتِرامًا هم أولئك الأكثر ذكاءً والأكثر قُدْرة على الغَشّ. على شَعْب الله، بدلاً من ذلك، أن يَقْتدوا بالله؛ أن يكونوا عادِلين ومُنْصفين مع الجميع.

ينْتهي هذا الإصْحاح بِتَذْكير من الله بِضَرورة اتْباع جميع قَوانينه ووصاياه… وليس فقط الوصايا المُناسِبة لنا.

لنَنْتَقِل إلى الإصْحاح عشرين من سِفْر اللّاويّين.

يُواصل الإصْحاح عشرين دَرْس الله في القداسة لِعاُمَّة بني إسرائيل. الشّيء الذي يجب أن نُلاحظه هو أن الله في الإصْحاحات السَّابِقة، وخاصّة الإصْحاحين الثمن عشر والتاسع عشر، وَضَع الله سِلْسِلة من القواعِد والفرائض التي تقول بِشَكلٍ أساسي "لا تَفْعَلوا هذا كما يَفْعَل الوثنيّون، بل افْعلوا ذلك". والآن في الإصْحاح عِشرين يعود يَهوَهْ ويقول: "إذا فَعَلْتُم أيًّا من هذه الأشياء المَحْظورة التي سَبَق أن قُلْت لكم ألّا تَفْعلوها، فهذا ما سَيَحْدُث". وبِعبارة أُخْرى فإن عُقوبة مُخالفَةْ أوامِر الله هي أكثر ما يَقْصِده الإصْحاح عشرين.

وكما هو الحال في المُجْتَمَع المدَني الحديث حيث يُمْكِننا أن نَحَدِّد مُسْتوى الخُطورة التي تُعَيِّنها ثقافة مُعَيَّنة لفَشَل أخلاقي مُعَيَّن من خلال طبيعة وشِدَّة العُقوبة التي تَنْزل، كذلك يُمْكِننا أن نرى أي الجرائم ضُدّ يَهوَهْ يراها الله أكثر إهانة له بِحَسَب شِدَّة العقوبات التي يُحَدِّدها لكل منها.

بينما نقرأ الإصْحاح عشرين، فإن الهَيْكَل العام هو أننا نَنْتَقِل من أخْطَر التعدِّيات على الله، والتي تتطلَّب أن يَفْقد المُخالف حياته؛ إلى المُسْتوى الذي دون ذلك مُباشرةً حيث يتمّ قطْع الشَخْص بِوَسيلةٍ ما. أرجو أن تضع في اعْتِبارك أن كل مُخالفة مُدْرَجة في الإصْحاح عشرين هي خطيرة لِلْغاية؛ حتى الخطايا ذات المُسْتوى الأدْنى قليلاً من المُخالفات التي يُقطع فيها الشَخْص، في بعض الأحيان، تُسمّى "بغيضة" عند الله. في الفِكْر القانوني المُعاصِر، كل هذه المُخالفات الأخْلاقية هي جِنايات خطيرة؛ المَسْألة مًماثلِة لما إذا كانت الجريمة جريمة كُبْرى أو جَريمة قد تتعرَّض فيها للسَّجن مدى الحياة، إذا جاز التَّعْبير.

اقرأ سِفر اللّاويّين عشرين كلّه

سأُرَكِّز على بعض المبادئ الهامَّة التي وردَت هنا في الإصْحاح عشرين لأنّنا درسْنا بإسْهاب معنى مُعْظَم الأفعال الآثِمة التي نوقِشَت في هذه الآيات. وأنا على وشكْ أن أتحدَّث اليوم أكثر من المُعْتاد لأن هذه المبادئ واضِحة جدًا في حياتنا العَصْرية……لذلك ارْبُطوا أحِزِمة الأمان.

لاحِظوا أنه بين نهاية الآية الأولى والجِزْء الأول من الآية الثانية نَحْصل على تعريف قوي لِمَن تتوجَّه إليه هذه الشَّرائع؛ وهو أي شَخْص من بني إسرائيل….. بما في ذلك أي غريب يعيش بَيْنَهُم. إنها تُشير إلى أي مُواطن من بني إسرائيل، والذي يُمْكِن أن يكون عبرانيًّا طبيعيًّا أو أجْنَبِيًّا تخلّى عن إلَهِه لِيَعْبد يَهوَهْ، وبالتّالي انضمَّ رسميًّا إلى بني إسرائيل؛ وتشمُل أي غريب يعيش بين بني إسرائيل. فالأجْنَبيّ هو الأجنبي الذي لم يَنْضمّ إلى بني إسرائيل، ولكنّه يعيش بين بني إسرائيل على افْتِراض أن هذه العِلاقة تَجْلُب له منافِع.

أُشير إلى هذا لأنه كثيرًا ما يُقال: "انّ شرائع التَّوْراة هي فقط لِبَني إسرائيل … " ممّا يعني، بالطَّبْع، لأولئك من أصْل عبْري. وبالتالي ، لا يَنْطَبِق أي شَيْء من العَهْد القديم على على المسيحيّين الأُمَميّين الحديثين… أولئك الّذين لم يولَدوا عبرانيّين، أو كما نقول اليوم، يهود. أرجو أن أكون قد أوْضَحْت لك الآن أنه لا يُمْكِن أن يكون هناك أبْعَد من الحقيقة…….ولكن مع مُلاحظة أنه كما أن طاعة شرائع الله ليْست هي التي تَجْلُب لنا الفِداء كذلك لم يَكُن الأمْر كذلك بالنَّسْبة لِبَني إسرائيل. النّاموس هو تعليمنا ما هي القداسة وما هو شكْلها. ما هو مَقْبول عند الله وما هو غير مَقْبول. ما هو صالِح في نَظَر الله وما هو غير صالِح. الغَرَض من التَّوْراة هو أن تُظهِر للإنسان المُخَلَّص كيف يحيا حياة مُقَدَّسة، وليس أن تُخلِّص شَخْصا غير مُخَلَّص. وهنا نَجِد أنه إذا أراد شَخْص ما أن يعيش بين شَعْب الله دون أن يكون رسْميًّا من شَعْب الله، فهذا جائز؛ ولكنه سيخْضَع لِنَفْس قواعِد وقوانين المُجْتَمَع الإسرائيلي.

والقانون رقْم واحد هو، لا عِبادة أوْثان (وتحديدًا لا عِبادة مولَخ). كانت عِبادة مولَخ ذات أهَمِّية خاصّة ليَهوَهْ، لأنها كانت تُمارَس من قِبَل شريحة كبيرة من الكَنْعانيّين، السُّكّان الحاليّين لأرض الميعاد، ومن قِبَل بعض الثَّقافات الأُخْرى في جميع أنْحاء العالَم المَعْروف التي سَيُقابِلها بنو إسرائيل. وبِنَفْس القَدَر من الأهَمِّية كان سيأتي إلى أرض الميعاد أُناس كثيرون يُريدون الانْضِمام إلى بني إسرائيل، أو البقاء مع بني إسرائيل لِفَترة من الوقت لأسْباب اقْتِصاديّة عادَةً، وكانوا يَعْبُدون آلِهة أُخْرى. لذلك كان من الضَّروري وَضْع شريعة حول هذا المَوْضوع لأن شرائع الله كانت ستُطَبَّق في جميع أنْحاء أرض الله.

هذا الإله الكاذِب بالتَّحْديد، مولَخ كان مُحْرّمًا بِشَكلٍ خاص لأن سمته الرئيسية كانت أنه كان يطلب دمًا بشريًا؛ ذبيحة أطفال في الواقع.

الآن كما رأينا من قبل أن أسماء الأشخاص في الكِتاب المُقَدَّس تَخْتَلِف من ثقافة إلى أُخْرى (على سبيل المثال، نَمرود كان إسْماً بابِليًّا وآشور هو نَفْس الإسْم ولكِن بالُّلغة الآشوريَّة) ، هكذا نرى الأمْر مع مولَخ. عندما نَجِد إلهًا له نَفْس الصَّفات تقريبًا يَعْبد في ثقافات مُخْتَلِفة مُتباعِدة رغم أن الأسْماء تَخْتلِف، يُمْكِننا أن نكون واثِقين نِسْبيًّا من أنّه نَفْس الإلَه الذي يُعبد. على سبيل المِثال، عشتيروث وعِشْتار وأشْتَرَت وإيستر وعَشْتروت وإيوسْتر كلَّها نَفْس الآلِهة (آلِهة الخُصوبة)؛ فقط لُغة الثَّقافة التي تُعبد فيها مُخْتَلِفة (بالمُناسبة، اكْتَسَب اسْم هذه الآلِهة في النِّهاية إسْمًا أنْجْلوسَكْسونيًّاً مألوفًا لنا …..اسْمُها: عيد الفُصْح. ونعم، من هنا بالضَّبْط حَصّلْنا على إسْم العيد المسيحي.

كان مولَخ إلهًا كبيرًا، رئيس الآلِهة، إيل. بما أن شُعوب العالَم كانوا عبدَة العديد من الآلِهة، فقد تمَّ وضْع تَسَلْسُل هَرَمي للآلِهة….. حيث تم ترتيب الآلِهة في ترتيب تنازُلي…… مع وجود بعض الآلِهة في مَنْزِلة أدنى ، أو على الأقلّ أقلّ قُوّة منها. كانت آلِهة الخُصوبة وإله الأمْطار وإله العالَم السُّفْلي، وإله الحَصاد، آلِهة أقلّ أهميَّة؛ لذا، كان لا بدَ من وجود إلَه رئيسي…… الإله الذي يعلو على باقي الآلِهة والذي يَجلُس في قمة التَّسَلْسُل الهَرَمي…… وكان مولَخ (وأسْماؤه المُخْتَلِفة) هو كبير الآلِهة.!

في الواقع، يظهر هذا المَفْهوم لإله واحد مُهَيْمِن على الآلِهة الأُخْرى في الثّقافة العبرانيّة؛ "إيل" العبريَّة، كما في إلوهيم أو إل شَداي، تعني بِبَساطة "الإله الأعْلى" أو "كبير الآلِهة". مثل هذا المُصْطَلَح لا معنى له إذا لم يَكُن هناك آلِهة أُخْرى يُمْكِن مُقارنتها. و"إيل" هي لفظة مُتَرادفة في اللغة الأكاديّة "إيل" التي تعني بالطَّبْع الإلَه الأعْلى. عندما نرى عِبارات في كُتُبنا المُقَدَّسة مثل "ربّ الأرباب" و"إلَه فوق كل الآلِهة" و"ملِك المُلوك" مَنْسوبة إلى يَهوَهْ، وحتى إلى يسوع، فهذه ليْست سِوى بقايا لُغة ثقافيّة من أيام عِبادة الآلِهة المُتَعَدِّدة بين بني إسرائيل. نعم، في اللّغة العِبْريّة، وحتى بين اُمَّة إسرائيل، كانت فِكْرة وُجود آلِهة مُتَعَدِّدة سائدة في فترة العَهْد القديم بأكْمَلها، وحتى زَمَن العَهْد الجدَيد. سنَتَحدَّث عن ذلك أكثر في دقيقة واحِدة فقط.

في موآب، التي كانت مُجاوِرة لأرض الميعاد، كان الموآبيّون يُطْلقون على الإلَه " مولَخ" إسم "كيموش". وفي عمّون، وهي اُمَّة مُجاوِرة أُخْرى، كان العمّونيّون يُسمّون هذا الإلَه نَفْسه بعْل بيور، وربما كان أيضًا بَعل زَبوب. وفي وقت لاحِق في الثقافة اليونانيّة والرومانيّة، كان يُطلق على "مولَخ" إسْم مارْس وزُحَل. إذن، هو نفس الإلَه لكن بأسْماء مُخْتَلِفة لمُجتمعات مُخْتَلِفة.

سَمِعْنا إسْم مولَخ لأول مَرَّة في سِفْر اللّاويّين ثمانية عشر، والآن نَجِده مَرَّة أُخْرى في سِفْر اللّاويّين عشرين. ولكن ، في لغة أو أُخْرى ، سيتكرّر اسْمه مرارًا في التاناخ، أي في أسفار التَّوْراة. سنرى الآن عدّة مُصْطَلَحات وعبارات حول ما كان يريده مولَخ من أتْباعه، خاصّة فيما يتَعَلَّق بأوْلادهم. سنرى المُصْطَلَحات مثل ، مُسَلَّم"، "مُكرَّس ل"، "مُقدَّم إلى"، وبعض المُصْطَلَحات الأُخْرى. في وقت من الأوقات، كان يُعتقد أن واحدًا أو اثنين فقط من هذه المُصْطَلَحات تُشير في الواقع إلى أكثر أشكال التَّضْحية بالأطفال بالنَّسْبة لمولَخ، وهو قتْل طفل وتقديمه إلى مولَخ كقُربان أو كهَدية. كانت الفِكْرة هي أن الأشكال الأُخْرى من تقديم الأطفال لمولَخ تعني بِبَساطة أن الطفل كان مكرَّسًا لمولَخ كما هو الحال في إهداء الأطفال إلى الله في بعض الكنائس اليوم. وهذا يعني أنه كان حَدَثًا حميدًا إلى حدٍّ ما، وإن كان وثنيًّا، يعني أن الوالِدَيْن سَيُربّون هذا الطفل لعِبادة الإلَه مولَخ. ومع ذلك، فإن الاتِّفاق العام الآن هو أن كل هذه المُصْطَلَحات هي مُجَرَّد تعابير مُخْتَلِفة لنفس النَّتيجة، أي أن الطفل يُعدَم طقسيًا. في بعض الأحيان كان الطفل يُصبح ذبيحة مَحْرِقة؛ وربما في كثير من الأحيان كان الطفل يُقتَل ويُدفَن في أساس مبْنى جديد لتكريس المبنى لمولَخ أو دعوة برَكة مولَخ على ذلك المبْنى أو العائلة أو النَّشاط الذي يَحْدث فيه.

الآن، وللأسف الشَّديد، تاريخ إسرائيل مليء بالسُّجود للإله الكاذِب لهذه العِبادة الشَّنيعة؛ فقد قبِل بني إسرائيل في بعض الأحيان عِبادة مولَخ من قبل الأجانِب الّذين يعيشون بَيْنَهُم….من الواضح من أجل التَّسامُح…..ولكن بني إسرائيل أيضًا أسَّسوا عِبادة مولَخ لأنْفُسِهم في عُصور مُخْتَلِفة.

اقْلبوا أناجيلكم إلى واحد ملوك إحدى عشر. سننظر في الآيات من واحد الى ثمانية

اقرأ واحد ملوك إحدى عشر على واحد الى ثمانية

بنى الملِك سُليمان أماكِن مُرْتفِعة وموائد تقديم قُربان ، لِخِدمة مجموعة من الآلِهة الوثنيّة، بما في ذلك مولَخ. وقد شارك في عِبادة قائمة طويلة من أكثر الآلِهة الباطِلة والبَغيضة، وسَمَح لعائلته وشجَّع شَعْبه على أن يَفْعَلوا نفْس الشَّيْء. ليس بالضَّرورة أنه كان يؤمِن بهذه الآلِهة، ولكن على الأقل كان يعتقد أنه من المُفيد سياسيًا أن يُظهر أنه كان مُتَفَهَّمًا تِجاه أولئك الّذين لا يؤمِنون في مَمْلكته كما كان هو يؤمن. علاوة على ذلك، يُقال إنه فعل ذلك "بِمحبّةً"؛ أي أنَّ دوافِعَه كانت المَحبة.. هل يَصْدمك هذا؟ حسنًا، يجب أن يَصْدمك.

لقد جاء إليّ أكثر من شَخْص غاضِب بعد درس التَّوْراة ليقول لي إنني كنت مُخطئًا تمامًا في تعليمي عن الملِك سُليْمان العظيم وعِبادته لآلِهة أُخْرى. كيف يُمْكِن لبَطَل من الكِتاب المُقَدَّس، الذي يُنسَب إليه كتابة ثلاث كتُب مُلْهِمة من الكِتاب المُقَدَّس، واحدة منها هي الأمثال التي تُعدّ من أكثر الأسْفار قراءة على الأقل في الكنيسة، كيف يُمْكِن أن يُتَّهَم مثل هذا الرَّجُل مِن الله بعِبادة آلِهة أُخْرى؟ حسنًا، ها هي الحقيقة واضِحة بكل قُبْحِها. سُلَيْمان، باني الهَيْكَل الأول، عبد يَهوَهْ بالطَّبْع؛ ولكنه في النِّهاية شرّف أيضًا آلِهة أُخْرى، وذلك أساسًا لإرْضاء زَوجاته الأجنبيّات. فقط لتَفْهَم: السَّبَب الذي جعل سُلَيْمان يتزوَّج كل تلك النِّساء كان لِخَلق تحالُفات. كانت هذه هي الطّريقة المُعتادة لإنشاء تحالُف مع اُمَّة أُخْرى في تلك الحَقَبة؛ كل زوجة كانت تُمثِّل تحالُفًا مع اُمَّة أُخْرى.

ما يجعل الأمْر مثيرًا للقلق بِشَكلٍ مُضاعَف هو أنه لم يَكُن سُلَيْمان قد بدأ حياته وثنيًّا ثم لَدَيْنا النِّهاية السَّعيدة المُتمثِّلة في تَنَصُّله من تلك الآلِهة الوثنيّة وعِبادة إله إسرائيل. كلا. لقد نشأ في ظِل الشَّرائع اللاّويّة. كان يَعرِفها جَيِّدا. فالكُتُب المُقَدَّسة تَرسم لنا صورة لرَجُل كان يَنْحَرِف عن رغْبته في هذه الآلِهة الأُخْرى. ممّا لا شكّ فيه أنه كان يَعبُد يَهوَهْ في نفس الوقت الذي كان يَعْبُد فيه هذه الآلِهة الباطِلة (لا يوجد دليل على أنّه كان يتبرّأ من الرَّب)، مُعْتقِدًا طوال الوقت أنه كان يَفْعَل شيئًا صالِحًا.

عندما يُقال إنه ارْتكب عِبادة الأصْنام "محبةً"، فهذا يعني أنه كان يَخْدع نفسه؛ ما كان يَفْعَله كان لإرْضاء الآخرين. هل يُمْكِنك تصوُّر صورة سُلَيْمان وهو يَعْبُد تلك الآلِهة الأُخْرى، مما يجعل كل ما كانت تُمَثِّله إسرائيل سُخْرية، وكيف كان ذلك يجب أن يؤذي ويُغضِب ويُفزِع أولئك المواطِنين الإسرائيليّين الّذين عَمِلوا بِجدّ للبقاء مُخْلِصين لإله إسرائيل؟

هل أنت سعيد لأنك لن تشهَد ذلك أبدًا؟ ليس بهذه السُّرعة. لن أنسى إلى يوم مماتي تلك الصّورة المُقَزِزة لرئيسنا بعد تِسعة تشرين الثاني (تسعة/ إحدى عشرة) بِفتْرة وجيزة وهو يَقِف في مسجد في احْتفال نقلَتْه وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالَم مُعْلناً أن الله خَيْر، وأن الله هو الله، وأن الله هو نفْسه إلَه النَّصارى واليهود، وأن الإسْلام دين صَحيح وحقيقي ومُسالِم يُمْكِن مُقارنته بدين الكِتاب المُقَدَّس. بعد حوالي عشرين عامًا من قيام الملِك سُلَيْمان بنفس الشَّيْء بِشَكلٍ أساسي سقطت بلاده في حرب أهلية وتفكَّكَت، ولم تَظْهَر مَرَّة أُخْرى كاُمَّة مُوَحَّدة لمدة ثلاثة آلاف عام تقريبًا. أنا لستُ في مجال عمل التَّنَبُّؤات، ولم يرَ الرَّب أنه من المُناسب أن يُخبرني عن خِططه بِخِلاف ما هو مَوجود في الكِتاب المُقَدَّس. لكن إشْرح لي كيف يُمْكِن للقائد المُنْتَخَب لأمَّتنا، الذي يُعلن من ناحية أن يسوع هو الرَّب، أن يقول من ناحية أُخْرى أن إلهًا كاذبًا هو الرَّب أيضًا، ولا يكون هناك ردّ فعل من الله. يا قوْم، لقد شَعَرْنا جميعًا أننا جميعًا على حافَّةٍ زَلِقة ، ولستُ مُتأكِّدًا من أنه يُمْكِن أن يكون هناك إساءة للربّ (تُرتكب بإسْم اُمَّة) أخْطر بكثير من تلك التي ذكرُتها لكم للتَّوْ؛ إساءة شَهِدَها مُعْظَمنا كما حدَثت. وفوق كل ذلك، يَسْتخدِم هذا القائد نَفْسه، كل قُوَّته لطَرْد بني إسرائيل من أجزاء كبيرة من أرض الميعاد، حتى من جبل الهَيْكَل، ويقول إنه يَفْعَل ذلك حُبًّا ومن أجل قَضِيَّة السَّلام.

إن مُعْظَم المسيحيّة قد نَسَفَت الأمْر على أنه زعيم سِياسي لاُمَّة من الأُمَم يتصرَّف سِياسيًا ولا علاقة له بأي شيء أكثر من ذلك. أنه لا بأس من دَعْوة الاُمَّة إلى الانْضِمام إلى الوثنيّين لعِبادة إلَههم إذا كان ذلك بإسم السَّلام والمَحَبَّة. حسناً، لم يَكُن الأمر مقبولاًعندما فَعَلَها سُلَيْمان، وأشُكُّ أنه لا بأس به الآن.

كم مَرَّة فَعَلْت شيئًا "بإسْم المحبّة" كان مُخالفًا تمامًا لكُتُب الله المُقَدَّسة، لأنه بدا لك في ذلك الوقت مَليئًا بالرَّحْمة والشَّفَقة ؟ هل آمنتَ بِصُدْق أن "ناموس المحبَّة" كما رأيْتَه أنت قد تجاوَز أوامِره وفرائضه؟ حتى الاعْتِقاد بأن يسوع، مؤلِّف الكَلِمَة، التَّوْراة، قد أخْبرَنا بأننا يجب أن نتجاهل المبادئ ذاتها التي وضعها في التَّوْراة مُقابل التحرُّك في أي اتِّجاه تقودُنا إليه قلوبنا. خطأ كبير، خطأ كبير. لأن القلب مُخادِع إلى أبعد مما نتصوَّر.

لكن الأمْر إزْداد سوءًا في النِّهاية بالنَّسْبة لِبَني إسرائيل. فقد قام المَلِكان مِنَسى ثم آمون…..ملكَيْ يَهوَهْ في السَّنوات التي سَبقَت سُقوط أورشليم في أيدي البابليّين…..نَصًّا على عِبادة مولَخ تحت طائلة المَوت لأولئك الإسرائيليّين الّذين رفضوا عِبادته. حتى في أيام يسوع كان هناك مَذْبَح في جِهِنوم……. وادي هينوم الذي يُحيط بالأطراف الشَّرْقيّة والجنوبيّة للمَدينة المُقَدَّسة….. … حيث كان مولَخ يُعبد علانية وكان الأطفال يُحرقون حتى المَوت تكريماً له.

هل من عَجَب أن الله جعل أرْض المَيعاد تتقيّأ بني إسرائيل خارِجها في أكثر من مُناسبة؟ هل من عَجَب أن يتحدَّث يَهوَهْ بِحَماس شديد ضُدّ مولَخ؟ لقد أخَذْتكم في هذا المُنْعَطَف لأنني أرَدْت أن تفْهَموا مدى فظاعة التَّسامُح مع عِبادة آلِهة أُخْرى. وكيف أن عِبادة مولَخ كانت سَرَطانيّة وانّ بني اسرائيل كانوا مُصابين بها بِدَرجة أو بِأُخْرى في جميع الأوْقات لأنّهم رفَضوا إتِّخاذ أي إجراء ضَروري للقضاء عليها. لقد أخَذْتُكُم أيضًا في هذا المُنْعَطَف لأن هذا يوضِح مدى سهولة الاعْتقاد بِصُدق بأننا نعبُد الإله الواحد الحقيقي في نفس اللّحظة التي نتعامى فيها عن عِبادة الأصْنام المُتَفَشِّية في حياتنا لأنها تَخْدُم غرضًا مفيدًا لنا. كم هو سهلٌ بالنَّسْبة لِكنيسة يسوع المسيح أن تعتقِد أننا مُخْلِصون له وحْده ، عندما تكون فاسِدة للغاية بِسِبب الرَّغْبة في السُّلْطة والمكانة والمال…… وعدم الرَّغْبة في أن يَنْبُذها العالَم بِشَكلٍ عام…. لِدَرجة أنه لا توجد حُدود تقريبًا للمدى الذي ستذْهب إليه لتكون شامِلة من أجل الازْدِهار والنُّمو. هذا هو السَّبَب في أنه يجِب اسْتئصال كَلِمَة "تسامُح" من مُفْرداتنا. فالوِئام والوِحْدة بأيّ ثمن……التَّسامُح والتَّهْدِئة….. قد تمَّ تحويلهم إلى فَضائل في عَصْرِنا. لكنَّهُم ليسوا كذلك ؛ إنهم جُبْن وتَمَرُّد وخطيئة ضُدّ الرَّب. إنَّهُم اخْتيار أن تكونوا ضُدّ الله.

لكن دعونا نكون واضِحين: لم يَكُن مولَخ حقيقيُّا مهما كان المؤمِنون به مُخْلِصين ومُخْلِصين لِدَرجة أنهم يأخُذون أطفالهم الصِّغار ويَلْقون بِهِم في النار المُشْتَعِلة من أجل عِبادة مولَخ. لم يَكُن "مولَخ" سوى نزْعة الإنسان الشِّرّيرة التي يقودُها بِسُهولة ذلك المِزْمار الشِّرّير، الشَيْطان. لا يوجد "مولَخ"؛ مولَخ هو في الحقيقة مثال أعلى، من بُنات أفكار الطَّبيعة البَشَريَّة السَّاقِطة.

وكان المَثَل الأعلى هو أنه إذا ضحّى عَبَدة مولَخ بِبَعض أطفالِهم فإنهم سيَحْصلون على نِعمة الرَّخاء والرَّفاهيّة لِبَقيَّة عائلتهم…..لأن هذا كان دائمًا تقريبًا الهَدَف من تلك التَّضْحِيات بالأطفال. أنت تعرِف بالفِعْل إلى أين أتّجه؛ ولكن أي نَوْع من المُعَلِّمين سأكون إذا لم أُخْبِرك الحقيقة…….أن الإجْهاض ما هو إلا تَضْحية بالأطفال في العَصْر الحديث. لماذا يتمّ التّضْحِية بالأطفال الّذين لم يولَدوا بعد؟ دائمًا تقريبًا من أجل رفاهيّتنا الشَخْصيّة ورخائنا وراحَتنا. يقول الطبيب، ربّما يكون هناك عيْب…..من الأفضل التَّخَلُّص مِنه، لأنه قد يكون مُكْلِفًا ومُزْعِجًا، أو حتى مُفْجِعًا. تقول الحَلَقة الزَّرْقاء الصغيرة في قاع أنْبوب الاخْتِبار أن هناك حياة جديدة تنمو في رَحْم الأُم…… أوه، ولكن هذا من شأنِه أن يضع عِبْئًا على موارِدنا الماليّة المُرْهِقة بالفعل، من الأفْضَل أن نتوقَّف عن ذلك الآن.

يرى العالَمانيّون والبيئيّون البَشَريّون أن الحياة الجديدة تُشَكِّل تهْديدًا لِكَوْكبنا المُكْتظّ بالسُّكان (من وِجْهَة نظَرهم)

الكَوكَب……لذلك من اللُّطْف والرَّحْمة لأولئك الّذين يعيشون بالفِعْل التَّخَلُّص منها. هذا هو جَوهر عِبادة مولَخ…….هذه هي عِبادة مولَخ. وعُقوبة عِبادة مولَخ (أو بالأحْرى مثال مولَخ) كما تقول الآية الثانية من سِفْر اللّاويّين عشرين، هي المَوت.

ليس مَوْت الضَّحِيَّة البريئة… مَوْتُنا؛ مَوْت كل من يَرْتَكِب هذا الفِعْل، وكل من يتسامَح معه.

الآن الآية الثالثة تنص على الرَّجْم كوسيلة إعدام للشَخْص الذي يَعْبد مولَخ من بني إسرائيل…..غريب أو مُواطن…… الذي يَعْبد مولَخ. وعلاوة على ذلك، تقول فقط من الذي سيقوم بالإعْدام…..إنه "عام هعاريتس "….. شَعْبالأرض. المُواطِنون الإسرائيليون العادِيّون. لا نتحدَّث هنا عن العدالة الذّاتية ؛ بل نتحدَّث عن أشخاص مُعَيَّنين رسميًا لهذه المُهِمَّة. لكنَّهم لم يكونوا شيوخًا أو زُعَماء قبائل أو رؤساء قبائل؛ ولم يكونوا كَهَنة أو أعْضاء في مَحْكمة. لقد كانوا قادة من المُسْتوى المُنْخَفِض كان لهم نَوْع من الصَّوْت في شؤون المُجْتَمَع العادي. لماذا الرَّجْم؟ لماذا لم يُطْلقوا السِّهام على المُدانين بالسِّهام أو يَطْعنوهم بالسِّكين أو يَقْطَعوا رُؤوسهم؟ من الصَّعْب مَعْرِفة ذلك. يَعْتَقد مُعْظَم العُلَماء أن هذه الأساليب الأُخْرى كانت تتطلَّب عادةً جلّادًا واحِدًا أو اثنَيْن فقط، لكن الرَّجْم كان يتطلَّب العديد من الجَّلّادين. كانت الفِكْرة هي المُشاركة الجَماعيّة في الإعْدام، وبالتالي الإقرار الجَماعي بِخَطأ هذه الجَريمة…. أنهم لم يكونوا يُريدونها بَيْنَهُم لذلك كانوا يَسْتأصِلونها. كانت الفِكْرة أن الإعْدام لا يجب أن يكون سريعًا وغير مؤلِم، بل يجب أن يكون وحِشيًّا ودمويًّا. ومنه يجب أن يتعلَّم الاسِرائليّون أنه حتى لو أرادَت قلوبهم أن يَتْبَعوا مولَخ فإنهم لن يَفْعَلوا ذلك خَوْفًا من العواقِب.

والآن، تُرْسي الآية التالية، ثلاثة، مَبْدأ آخر: المَوت يُمْكِن أن يكون ذا طبيعة مُزْدَوِجة؛ يُمْكِن أن يكون مَوْتًا جسديًّا ويُمْكِن أن يكون موتًا روحيًّا. هذه واحدة من تلك الآيات التي أخْطأَت فيها اللغة الإنجليزية نَوْعًا ما لأنها تشرَح أنه حتى وراء هذا الجانب المُزْدَوِج من المَوت….. الجَسَدي والرّوحي……… هناك أيضًا مَسْألة أنه إذا لم يَقُم الناس بِواجِبهم ويُحاكِموا عابِد مولَخ ، فإنّ الشَخْص لن يُفْلُت ، فالله سَيُعاقِبه بِطَريقَته او يَقْطع حياته في الوقت المُناسب.

لقد تحدَّثْنا من قبل عن القَطْع (قطْع الحياة) ، بالعِبْرية كاريت. وللتَّذْكير، فهو مُصْطَلَح مُعَقَّد. فهو يعني مَجْموعة من الأشياء، من المَوت قبل بلوغ العُمْر الطَّبيعي ، إلى الطَّرْد من اُمَّة إسرائيل وبالتالي من يَهوَهْ، وقد يعني أيضاً العواقِب التي تأتي في جيل لاحِق من تلك العائلة، وقد يعني الإعْدام المُباشَر من قِبَل السُّلْطة المَدَنيّة، وقد يعْني المَوت الفَوْري مُباشرة على يد الله كما حدث لِناداف وأفيهو ابْنَيْ رئيس الكَهَنَة هارون. ولكن ما يَكْمُن وراء كل ذلك هو أنّ "كاريت" ، أي عُقوبَة قَطْع الحياة، هي قصاص إلَهي. إنها ليست نتيجة دعوى قضائيّة مَدَنّية.

سَنُتابِع الإصْحاح عشرين الأسْبوع القادِم.