22nd of Tevet, 5785 | כ״ב בְּטֵבֵת תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللّاويّين الدرس الثاني والعشرون – الإصْحاحان أربعة عشر وخمسة عشر
سِفْر اللّاويّين الدرس الثاني والعشرون – الإصْحاحان أربعة عشر وخمسة عشر

سِفْر اللّاويّين الدرس الثاني والعشرون – الإصْحاحان أربعة عشر وخمسة عشر

Download Transcript


سِفْر اللّاويّين

الدرس الثاني والعشرون – الإصْحاحان أربعة عشر وخمسة عشر

كنا نَتَناوَل مَوضوع الجُذام. إن المَبْدأ الكامِن وَراء الجُذام هو أنَّه ناجِم عن فِعْل الله حيث يُقرّر الرّب أنَّه يريد أن يَظْهَر حالة روحِيَّة شِرّيرة أو نَجِسة لشَخْص ما. حتى أنَّنا رأيْناه يُطبَّق على القُماش والجِلْد. إن الجُذام هو صَراحةً مَرَض روحي. بدءًا من الآية الثالثة والثلاثين، يَتَناول سِفْر اللّاويّين مَوْضوع الجُذام على البَيْت. دعونا نُعيد قِراءة جِزْء قَصير من سِفْر اللّاويّين أربعة عشر لِنَتعرَّف من جَديد على هذا الجِزْء من الكِتاب المُقَدَّس.

أعِد قراءة سِفْر اللّاويّين أربعة عشر على ثلاثة وثلاثين حتى النِّهاية

كما هو واضح في الآية الرابعة والثلاثين، فإن يَهوَه هو الذي يَضَع هذا الوَباء على بَيت أحَد. لأن الله يقول: "إِذَا وَضَعْتُ عَلَى بَيْتِكَ ضُرًّا فِي الأَرْض"…… هذا عِقاب على مَعْصِيَة من نَوع ما في حقّ الله، كما أن الجُذام على الإنسان هو دَيْنونة ِ.َ بطبيعة الحال، كان التَّعامُل مع هذا المَرَض على البَيْت يُشْبه الى حدّ كبير التَّعامُل مع المَرَض الجِلْدي على الإنْسان. أولاً، إذا تمَّ اكْتِشاف إضْمِحْلال لَوْني أخْضر أو أحْمر على الحائط، فيَجِب إبلاغ الكاهِن بذلك. الكاهِن هو الذي سيُحَدِّد ما إذا كان هذا المَرَض هو جُذام أم لا.

إذا اشْتَبَهَ الكاهِن في وجود جُذام في المَنْزِل، يتم وّضْعه في الحَجْر الصُّحّي لمُدَّة سبعة أيام. بعد مرور سبعة أيام يعود الكاهِن ويتَّفِقد المَنْزِل؛ إذا انْتَشَر الجُذام فيَعْتَبِر أنَّه جُذام. للقَضاء على المَرَض، تُزال الحِجارة التي أُصيبَت بالعدوى وتوضَع خارِج المُخَيَّم في مكان خاص. يتمّ وّضْعها في مكان غير طاهِر. بالإضافة إلى ذلك، بما أن مُعْظَم المنازِل كانت مَصْنوعة من الحِجارة أو الطّوب الطّيني ثم توضَع طبَقة من الطّين (تُسْتخدَم مثل الجصّ) فوق الحِجارة أو الطّوب لِمُقاومة الماء، فيَجِب كشْط الجصّ الطّيني حول المِنْطَقة التي تَغيَّر لوْنها وَوّضْعه أيضًا خارِج المُخَيَّم في مكان غير طاهِر.

يَجِب اسْتِبْدال الحِجارة المُلَوَّثة بأُخْرى جديدة، ثم يُعاد تَجْصيصها، ولكن إذا عاد البَلاء بعد مُرور بعض الوقت إلى البَيْت…..في أي مكان من البَيْت……يُعتبر ذلك حالة حادَّة من الجُذام ويُهدَم البَيْت، ثم تُنقَل بقايا البَيْت إلى خارِج المُخَيَّم، إلى مكان غير طاهِر، وتودَع فيه.

إِذَا دَخَلَ أَحَدٌ البَيْت فِي مُدَّة حَجْرِهِ يَصِيرُ نَجِسا…..ولكنه ليس نَجاسة من النَّوْع الخَطير. لا يُصاب بالجُذام، بل يكون نَجِسا إلى غُروب الشَّمْس (أي إلى نِهاية ذلك اليَوْم). إذا دَخَل الإنْسان البَيْت واسْتَلْقى في البَيْت أو أكَلَ داخل البَيْت المُصاب، فَبِالإضافة إلى وُجوب الإنْتِظار حتى غُروب الشَّمس ليُصبح طاهِراً، يَجِب غسْل ثِيابه كدَلالة على أن مُسْتوى أعلى من النَّجاسة قد أصابَهُ.

الآن على مرّ القُرون، ظَهَرت عِدَّة أسْئلة تَتَعلَّق بِتَفاصيل تحْديد الطَّهارة. على سبيل المِثال: كَم يَجِب أن يكون حَجْم المِنْطَقة المُتَغَيِّرة اللّون……المُسَمّاة "نيغا" بالعِبْريّة…… حتى تُعْتَبَر مُشْكِلة؟ لقد تمّ تحديد أن البِقعة المُتَغَيِّرة اللّون على الحائط يَجِب أن تكون على الأقل ضُعْف حَجْم "النيغا" على جِلْد الشَخْص أو ثَوبه حتى يتمّ اعْتِبارها مُشْكِلة. تنصّ "الميشناة" (التَوْراة الشَّفَهيّة) على أن النَّجاسة يَجِب أن تكون في حَجْم غريسَيْن … أو بالمِقياس الحديث في حَجْم القُرش تقريبًا لِكَي تُعْتَبَر جُذام على الجِلْد (وبالتالي ضُعْف حَجْمها على الحائط). علاوَةً على ذلك، يَجِب أن يَظْهَر تغيُّر اللّون….."النيغا"…..على حَجَريْن من أحْجار البِناء، وكان هناك اعْتِباراً آخر هو اللّون: هل يَجِب أن يكون كلّه أحْمَر أو كلّه أخْضَر؟ كانت الإجابة أنَّه يُمْكِن أن يكون مَزيجًا من الألوان.

لاحِظوا بعض أوْجُه التَّشابُه بين التَّعامُل مع الجُذام في البَيْت وعلى الإنْسان. إذا حَدَث طَفح، يَجِب اسْتِدْعاء الكاهِن ليُحَدِّد ذلك. إذا لم يَكُن واضحًا بِشَكْل شَديد أنَّه جُذام، فيَتُمّ الوَضْع في الحَجْر الصُّحّي لمُدَّة سبعة أيام. إذا كان جُذاماً، فيُعلَن إن الجِّسْم المُصاب، سواء كان حَجَر بِناء أو شَخْص، نَجِس ويَجِب وّضْعه خارِج المُخَيَّم في مكان غير طاهِر. وَمِنْ مُعَالَجَةِ الجُذام أَنْ يُكْشَطَ سَطْحُ الشَّيء المُصاب، فَيُكْشَطُ شَعْرُ الْإِنْسَانِ وَكَذَلِكَ جِصُّ الْبِنَاءِ الطِّينِيِّ.

وَالْمَقْصُود: أَنَّ حُكْمَ كَشْطِ الجُذام لدى الْإِنْسَانِ وَالبَيْت وَالثَّوْبِ وَالْجِلْد وَاحِدٌ. لا ينبغي أن يكون ذلك مُفاجِئًا الآن.

لذلك كما نرى في الآية تسعة وأربعين من أجل تَطْهير البَيْت…… أي إزالة الحِجارة والجِصّ الطيني، ولكن المَنْزِل لم يُدمَّر أو يُفكّك….. نرى مَرَّة أُخْرى نفس الصّيغة المُسْتَخْدَمة في تَطْهير الإنْسان. تَتضَمَّن طَقْسًا باسْتِخْدام زَوْج من الطُّيور الطّاهِرة والزوفا والصَّبْغَة القَرْمَزِيّ وخشَب الأرْز. يوضَع دَم أحَد الطّائريْن في وعاء فيه ماء ماييم شاييم…. ماءٌ حَيّ…..، ويُرَشّ الخَليط على البَيْت سَبع مرّات، ثم يُطلق سراح الطّائر الحي، ويُصْبح البَيْت طاهِراً.

يَنتهي الإصْحاح من دون تقديم أي ذبائح. تذكّر أن ذبْح الطائر لا يُعتبَر ذَبيحة…. أنَّه تَصْنيف مُخْتَلِف لِطُقوس الذَّبائح. فلِماذا لا تُقدَّم ذبائح عن البَيْت؟ كما بَيّنْتُ لكم خلال الأسابيع القليلة الماضِية هناك عَمَلِيَّة أَنْ يتمّ التَطْهير مِنْ حَالَةٍ نَجِسة…… مِنْ حَالَةٍ غير طاهِرة…..إِلَى حَالَةِ طَهَارَةٍ، ومن ثم من حالة الطَّهارة يُمْكِن أن يُصْبح الإنسان مُقَدَّسا عن طريق الذَّبائح الدَّمَوِيّة. بما أن البَيْت لا يُشْتَرَط فيه أن يكون مُقَدَّسا، بل طاهِرًا فقط، فلا حاجة إلى ذبائح للبَيْت. فالقَداسة ليسَت حالة ضَروريّة للبَيْت لأنَّه لن يكون أبداً في شَراكة مع الله. كل ما هو مَطْلوب هو عَمَلِيَّة الطائر والماء الحيّ والزّوفا والصَّبْغَة القَرْمَزِيّ وخَشَب الأرْز.

السّؤال المَنْطِقي جِداً الذي يُمْكِن طَرْحَه في هذه المَرْحلة هو: هل ما زال الجُذام يَحْدُث؟ في الواقع يتَّفِق الحاخامات بِشَكْل عام على أنَّه لا يَحْدُث، على الأقل ظاهِريًا؛ وهم يَفْتَرِضون ذلك بالمُلاحظة؛ وبِعِبارة أُخْرى لاحِظوا أنَّه لم تكُن هناك أي حالات مَعْروفة للجُذام منذ قُرون، بِطَبيعة الحال هم في حيرة من أمْرِهم أيضًا. هناك مَجْموعة مُتَنَوِّعة من الأسباب التي يقدِّمها حُكَماء اليَهود حَوْل الأسْباب المُحْتَملة لذلك، السَّبَب الأكثر قُبولاً هو عَدَم وُجود هَيْكَل. بما أنَّه لا يوجد هَيْكَل، فلا يوجد كَهْنوت، وبِدون كَهْنوت لا توجد سُلْطة لتَمييز الجُذام أو القيام بِطُقوس التَطْهير والتَّكفير، وبدون هَيْكَل لا يوجد مكان لأداء هذه الطُقوس على أي حال.

بالإضافة الى ذلك، يُعتقَد أنَّه بَيْنما لم يَعُد الرّب يُصيب جِلْد الناس بالجُذام، فأنَّه يُصيب أرْواحَهم؛ لذا فَبَيْنما لا يُصبح مرئيًا، يُمْكِن أن تُصْبح روح الشَخْص نَجِسة وأن الجُذام الذي يُصيب روح الشَخْص عند المَوْت لا يُلاحِقه إلى حياته الآخْرة فَحَسْب، بل أنَّه يُحَدِّد أنَّه لا يُمْكِنه أن يكون في جماعة الأمْوات الصَّاِلحين وبالتالي يتمّ نَبْذّه.

أجِد أنَّه من المُدْهِش مدى تقاطُع هذا النِّظام الفِكْري مع المُعْتَقدات المَسيحيّة. إن نَجاستنا في الواقع لا يراها إلا الله، ويَجِب أن تُطَهرَّ على يد يسوع المسيح وإلا فإن روح المَرْء ليست طاهِرة وبالتالي لا يُمْكِن أن تكون في حُضرة الله، وهذا يؤدّي إلى آخِرة في جُهَنَّم، بعيدًا عن جماعة الأمْوات الأبْرار في المسيح إلى الأبد.

لِنَتْرُك مَوْضوع الجُذام ونَنْتَقِل إلى سِفْر اللّاويّين الإصْحاح الخامس عشر.

سِفْر اللّاويّين – الإصْحاح الخامس عشر

اسْمَحوا لي أن أُحَذِّركم مقدَّمًا أن الإصْحاح الخامس عَشر شديد الوُضوح والصَّراحة. فهو يُعالج مَوضوع الإفرازات البشريّة…..سواء كانت طبيعيّة أم غير طبيعيّة……من الأعْضاء الجِنْسية للذُكور والإناث؛ وهو يَفْعَل ذلك بِشَكْل واقِعي للغاية. قد يكون من السَّهل تَخطِّي هذا الإصْحاح بِسَبَ الانْزِعاج الذي قد يسبّبه للبَعض؛ ولكن هذه هي كَلِمة الله….الكِتاب المُقَدَّس. لقد أُعْطِيَت لنا لِكَي نَدْرسها ونَقرأها ونَعرفها. الكتاب الأول من التَوْراة الذي يُدرَّس عادةً لليهود المُتَدَيِّنين هو سِفْر اللّاويّين، ولا يتم تخطِّي الإصْحاح الخامس عشر منه. فإذا كان بإمْكان الأطفال بعمر ستّ سنوات التَّعامُل معه، فيَجِب أن نكون قادِرين على ذلك.

اقرأ سِفْر اللّاويّين خمس عشرة بأكمَلِه

الإصْحاح الخامس عشر هو الأخير في سِلسِلة من الإصْحاحات التي تُناقش مُخْتَلِف جوانب النَّظيف وغير النَّظيف، والطاهِر والنَجِس. الإصْحاح التالي الذي سَنُناقشه بعد أن نَنْتهي من هذا الإصْحاح (الإصْحاح السادس عشر) يُناقش طُقوس يوم التَّكفير المُهِمّ للغاية. أقول لك ذلك لأن هذه الإصْحاحات الخَمْسة السّابقة عن النَّجاسة تؤسِّس لضَرورة طُقوس يوم "كيبور" (التَّكفير).

إن طُقوس يوم كيبور (يوم التَّكفير السَّنوي) تَتَعلَّق في المقام الأول بتَطْهير خَيْمة الإجتماع (الحَرَم نفسه) من النَّجاسة التي حَدثت بِسَبَ الاحْتِكاك اليَوْمي المُسْتَمِر للخَيْمة ولاحقًا الهَيْكَل مع البشَر……كثير منهم كانوا في حالة نجاسة ولم يكونوا يَعْلمون ذلك، أو انْتَهكوا عن قَصْد قواعِد الله للطَّهارة بِدُخولهم إلى الخَيْمة في حالة نجاسة أو أمور عرَضيَّة……مثل دُخول المرأة وبدون سابق إنذار بِدء الدّورة الشَّهرية.

الآن أعْتَقِد أن الشَّيء الذي أريد أن أبْذل قَصارى جُهدي لِتأسيسه وتَوْضيحه حول الإصْحاح الخامس عشر…. والذي يتَّضِح من مَجموع الإصْحاحات الأرْبعة الأخيرة بالإضافة إلى إصْحاحنا الحالي…… هو أن الدُّخول في حالة النَّجاسة لا يُساوي بالضَّرورة ارتِكاب خَطيئة. اسْمَحوا لي أن أكرّر ذلك: لا يُمْكِننا، ولا يَنْبغي لنا أن نَجْعل من النَّجاسة والخطيئة مُتَرادفيْن. أن يكون الشَخْص نَجِسا لا يَجْعله بالضَّرورة شَخْصًا خاطئًا ولا يُشير إلى أنَّه قد أخْطأ. هذا أساس مُهِمّ في الكِتاب المُقَدَّس يَجِب أن نَفهمه.

دعْني أوضِح لك ذلك من خلال اسْتِخدام المواقِف التي ناقشْناها سابقًا. يُخْبِرنا يَهوَه في التَوْراة أنَّه يرى العالم مُنْقَسمًا إلى مَجموعَتَيْن أساسيَّتيْن من الناس والأشياء: أشخاص وأشياء طاهِرون وأشخاص وأشياء غير طاهِرين. الناس الطاهِرون هم أولئك الناس الذين هم جِزْء من مُخَيَّم بني إسرائيل. الناس غير الطاهِرين هم أولئك الّذين هم خارِج مُخَيَّم بني إسرائيل. بِشَكْل عام بنو إسرائيل هم أناس طاهِرون والأُمَميّون هم أناس أنْجاس (هناك العديد من المَحاذير التي ناقَشْناها).

إذَنْ ما الذي يَجْعَل الأُمَميّون أنْجاسًا والإسْرائيليّون طاهِرين؟ هل هي الخَطيئة؟ هل الأُمَميّون بِطَبيعتهم خُطاة والإسرائيليّون ليسوا كذلك؟ هل يتعدّى الأُمَميّون على أوامر يَهوَه ولا يتعدّى بنو إسرائيل عليها؟ هل لدى الأُمميّين طبيعة الخَطيئة التي وَرَثوها من آدم، لكن بني إسرائيل تجنَّبوها بِطريقة أو بأُخْرى؟ لا بالطَّبع لا. الخَطيئة (كما هي طبائعنا الخاطِئة) تؤدي إلى النَّجاسة. العِبرانيّون الذين اتَّبَعوا التَوْراة كان لديهم عِلاج لِنّجاستهم، أما الآخرون فلا.

الأُمَميّون يولَدون في حالة طهارة؛ ولكن في وقْتٍ قصير جِدًّا سَتَجْعلنا طبيعَتْنا الخاطئة نُخْطئ. الخطيئة تَجْلب النَّجاسة؛ لذلك يُمْكِننا القول إن جميع الأُمميّين نَجِسين لأن "جميعهم أخطأوا ولم يَبْلغوا مستوى مَجْد الله". إذًا ما لم نَنْضم إلى بني إسرائيل، لا سبيل لنا أن نَسْتعيد الطَّهارة من النَّجاسة التي سبَّبَتْها خطايانا.

بِقُبولِنا عَمل مٌخَلِّصنا، نحن نَقْبل أحكام العَهْد الذي قَطَعه الله مع بني إسرائيل. بالثِّقة في يسوع نُصْبح إسرائيليين (من وِجْهة نَظر روحِيَّة وليست مادّية)، وهكذا يكون هناك عِلاج لِخطايانا والنَّجاسة التي تُنْشِئها.

الآن بعد أن تمَّ تَثْبيت هذا النَّمَط…..أي أن هذا النَّمَط هو اخْتيارات الله لما يُحَدّد الطاهِر والنَجِس وكيف يُمْكِن (أو لا يُمْكِن) عِلاجه…..نَجِده من خلال هذه الفُصول الخمْسة المِحْوَريَّة التي ناقَشْناها ونَجِد عددًا من الحالات….. مثل الأم التي تَلِد أو تدْخل دَوْرَتها الشَّهرية….. أو مُلامسة جِثَّة مَيِّت…… لا يُمْكِن (بأي شكْل من الأشكال التي يُمْكِننا فَهْمها) أن تكون مُرْتَبِطة مُباشرة بارْتكاب خطيئة. نجِد بعض الأطْعِمة مَقْبولة وطاهِرة وبَعْضها الآخر مُحَرَّم ونَجِس. هل بعض هذه الأطْعِمة أطْعِمة جَيِّدة والبعض الآخر أطْعِمة سيِّئة؟ لا. نَجِد بعض الحيوانات تُعْتبر طاهِرة لأغراض الذَّبائح وبعْضها الآخر نَجِس. هل بعض الحيوانات حيوانات جيِّدة والبعض الآخر حيوانات سيِّئة؟ لا. النَّمَط هو أن الله اخْتار بعض الحيوانات. نُقْطة على السَّطر. وبالإيمان عَلَيْنا أن نقبل هذه الاخْتيارات من دون تَفسير.

إذا نَقَلنا هذه المبادئ الطاهِرة والنَجِسة إلى المُصْطَلحات المَسيحيّة الحديثة، هل اخْتارَك الله لتَدْخُل في المَلَكوت….. وأعْني بذلك أن تكون مُخلّصاً…..لأنك أفْضل بِطَبيعتك من الآخرين؟ أم هل قَبِلَك يَهوَه لأنك أظَهَرْت سُلوكًا أفْضَل من الآخرين؟ إن مَبْدأ الإختِيار لمَلكوت الله….. ذلك الاخْتِيار الغامِض الذي يقوم به الله بين البَشَر والذي حاوَل اللّاهوتيّون لقُرون فَهْمه وشَرْحه……هو بِبَساطة امْتِداد ونَمط للطاهِر والنَجِس. لقد تمّ سَحْبُك وإعْلانك طاهِرا لأن يَهوَه بِسِيادته اخْتارك. الآخرون لا يُسحَبون ويظلّون غير طاهِرين لأن يَهوَه بِسِيادته لم يَخْتَرْهم.

وعلى العَكْس من ذلك، إذا كنت قد سُحِبت وقُبِلت في الملكوت كمؤمِن، فهل إذا أخطأت مَرَّة أُخْرى تُصبح نَجِسا من جديد؟ من الأفضل ألا نأمَل ذلك؛ لأنَّه إن كان ذلك مُمْكناً، فهذا يعني أن الرُّوح القُدُس يَجِب أن يَتْركنا. لأنَّه بِغَضْ النَّظر عن أسباب الإصابة بِعَدَم الطَّهارة والنَّجاسة، فإن التأثير الأساسي هو إقامة حاجِز بين الشَخْص النَجِس والله. فلا يُسمَح لأي شيء نَجِس أن يتَّصِل بالمُقَدَّس. إذن القَوْل بأن المؤمن في حالة غير طاهِرة هو تناقُض……لا أرى كيف يُمْكِن أن يكون المؤمن في حالة غير طاهِرة في نفس الوقت.

إذًا في إظهار كل ذلك، أظْهَر لنا الرّب أيضًا ماهيَّة القداسة. الله، بِصِفته قدُّوس، يتجنَّب كل اتِّصال بالنَجِس ونحن، بِصِفتنا مُقَدَّسين، (فقط بِسَبَب ثِقَتنا في يسوع) علينا أن نَقْتدي بيَهوَه ونأتَمِر بأوامِره ونَتَجنَّب أيضًا الإتِّصال بما هو نَجِس. كشَعْب مُقَدَّس (كَهْنوت في الواقع) لا يجوز لنا أن نلْمس الأشياء النَجِسة.

في هذا الإصْحاح سنَجِد أسْبابًا كثيرة لإعلان رَجُل أو امْرأة نَجِسا أو نَجِسة مع أنَّهم لم يَرْتكِبوا أي خطأ. علاوة على ذلك سنَجِد المبْدأ الثاني العظيم الذي لا نُفَضِّل أن نتعامل معه، وهو أن ليست كل النَّجاسات مُتشابِهَة. هناك درجات من النَّجاسة. بعض النَّجاسة دائمة، بعضها مؤقَّتة، بَعْضها عِقاب مُباشر من الله وبَعْضها يأتي من وظائف جسديَّة طبيعيَّة لا يُمْكِن تجنُّبها. تبعًا لطبيعة النَّجاسة سنَجِد أن تغْطيس سريع في النَّهْر سيُعيد المَرْء إلى الطَّهارة؛ وفي أحيان أُخْرى مُجَرَّد الانْتِظار حتى غُروب الشَّمس….الذي يَنتهي في يوم ويبْدأ في اليوم التالي….. يُطهّر؛ وفي أحيان أُخْرى يَجِب القيام بسِلْسِلة واسِعة ومُكْلِفة من الطُقوس التي يُشارِك فيها كاهِن. في بعض الحالات تكون النَّجاسة شديدة لِدَرجة أن الشَخْص يُحَرَم من مُجْتمعه ومن عِلاقته مع الله وفي أحيان أُخْرى يكون الإنْفِصال قصيرًا جِدًّا ومحْدودًا.

أول ثمانية عشر آية من الإصْحاح الخامس عشر تَتَعلَّق بالذُّكور فقط، والآية الأولى تبدأ بالقَوْل: " كُلُّ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ سَيْلٌ مِنْ لَحْمِهِ، فَسَيْلُهُ نَجِس……" تَسْتخدِم الأناجيل كَلِمات مُخْتَلِفة للتَّعْبير عن مَصْدَر هذه الإفْرازات بالضَّبْط. الكَلِمة العِبْريّة المُسْتَخْدَمة هنا هي ""بازار"" ….. وتعني اللَّحم أو الجّسَد ولكِنَّها هنا تُسْتَخدَم كَكِناية تُشير إلى العَضو الذَّكَري. وكما دَرَسْنا عندما دَرَسْنا كَلِمة "تزارات" )(الجُذام) وكان لدينا قائمة مُفَصَّلة الى حدّ ما لِما يُشَكِّل تزارات وما لم يَكُن كذلك، فلدَيْنا الآن قائمة بما يُشَكِّل الإفْراز…….أي الإفْراز غير العادي……وكَيْفِيَّة التَّعرُّف عليه على هذا النَّحو. هناك شَكْلان أساسيّان: الأول هو أن تكون الإفْرازات عِبارة عن سائل …… سائل يَسيل؛ والثاني هو سائل أكثر سَماكة يَعْمَل على سدّ أو ختم فَتْحة وَالذَّكَرُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ نَجِس.

بعد ذلك نجِد أن هذا النَّوْع الخاص من النَّجاسة يُمْكِن أن يَنْتَقِل إلى الأشياء الجامُدَّة. على وجْه التَّحْديد كل ما وُضِع عليه يُصبح نَجِسا….. سريره، حَصيرة، وِسادة، أي شيء. كذلك أي شَخْص يأتي ويَلْمس هذا الشَّيء بعد أن يكون الرَّجُل المُصاب قد نَقَل نَجاسته إليه يُصبح نَجِسا أيضًا. إذن لدينا هنا نجاسة تَنْتَقِل من شَخْص إلى شيء ثم من هذا الشَّيء إلى شَخْص آخر. الشَخْص الثاني، بعد أن يُصبح نَجِسا من لمس ذلك الشَّيء، يُصبح هو نفسه الآن حاِملًا للنَّجاسة…….يبدأ التأثير المُتَسَلْسِل الحَقيقي. لذلك من بعض النّواحي، هذه النَّجاسة من الإفْرازات هي أكثر عَدوى من الجُذام…..لأن النَّجاسة من الجُذام لا تَنْتَقِل من شَخْص إلى آخر.

مع ذلك، في حين أن النَّجاسة النَّاتِجة عن الإفْرازات أكثر عدوى من الجُذام، إلا أنَّها ليْست خطيرة مثل الجُذام.. فَمَنْ مَسَّ شَيْئًا وّضْعه صَاحِبُ الإفْرازات طُهِّرَ بِالغَسْل وَالإنْتِظَارٍ…… يَغْمُرُ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَنْتَظِرُ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ. ما من حاجة الى ذَبيحة.

كما يُمْكِن أن تَنْتَقِل نَجاسة الشَخْص المُصاب عن طريق لَمْس شَخْص آخر وفيما كان (ولا أعْلَم بِصَراحة ما إذا كان لا يزال) عادة مُقزِّزة إلى حدٍّ ما في ذلك اليوم، إذا بَصَق الشَخْص المُصاب بالإفْرازات على شَخْص آخر، فإن هذا من شأنَّه أن يَنْقُل نجاسة الشَخْص المُصاب إلى هَدَفه. تمضي الآية التاسِعة لتُخْبرنا أنَّه ليس فقط ما يَرْقُد عليه الشَخْص النَجِس، بل أيضًا ما يَرْكبه يصبح نَجِسا. كل من يَلْمس الشَّيء الذي يَرْكب عليه…..شيء مثل السَّرْج……يُصْبح نَجِسا حتى غروب الشَّمس. مع ذلك، تشير الآية الحادية عشرة إلى أنَّه إذا غَسل المُصاب يَدَيْه بالماء، فيُمْكِنه أن يَلْمس شيئًا أو شَخْصا آخر بتلك الأيْدي المغْسولة، ولن تَنْتَقِل النَّجاسة التي لديه إلى شَخْص آخر. أليس هذا تطوُّرًا مُثيرا للإهتمام؟

دعونا نتوقَّف هنا لِلَحْظة. لن أخوض في المزيد من التَّفاصيل أو أعيد النَّظَر في كل هذه القواعِد الخاصة بإنْتِقال أو عدَم إنْتِقال النَّجاسة من صاحِب الإفْرازات إلى شَخْص آخر. لكن لاحِظوا كم هي مُعَقَّدة وكم من الحالات المُخْتَلِفة ذات النَّتائج المُخْتَلِفة يتم تَناولها. أُشير إلى ذلك لأنَّنا ناقَشْنا منذ عِدَّة دُروس مَضَت كيف أنَّنا، كَمُؤمنين، كان علينا ألا نُلامِس الأشياء النَجِسة، ومع ذلك إذا فَعَلنا ذلك، فأنَّنا لا نُصْبح بالضَّرورة نَجِسين. لكن، على العَكْس، كيف أنَّنا أُمِرْنا حتى ألا نَخْتَلِط فقط فيما بيْننا، كشَعْب طاهِر ومُقَدَّس، وبالتالي نَتجنَّب نقْل البِشارة إلى العالَم النَجِس. بِعِبارة أُخْرى قيل لنا في الواقع أن نَبْحَث عن النَجِسين ونُحِبَّهم. علينا أن نتواصَل وأن نبْحَث عن الشَّاّذين والعاهِرات والمُجْرِمين المَسْجونين والكُفَّار من كل نَوْع…….الناس النَجِسين من كل الأنواع. مع ذلك، بِطَريقة أو بأُخْرى، نحن لا نَلْتَقِط النَّجاسة منهم. لكن بولس يُحَذّرنا من أن "لمْس" العاهِرة شيء، ووَضْع يدْ العَطْف على كتِفِها….. وإظهار المَحَبَّة والرَّحْمة الإلَهيّة لهؤلاء الأنْجاس شيء آخر، و"مُخالطة" أو "الإتِّحاد" مع عاهِرة على سبيل المثال….. أي أن نُمارِس الجِنس معها أو أن نُصْبِح واحدًا مِنْهُنَّ شيء آخر. في الحالة الأولى نحن نُنَفِّذ أمرًا مُقَدَّسا بأن نَحْمل البِشارة للجَّميع، وفي الحالة الأُخْرى نحن نَنْتَهِك أمرًا مُقَدَّسا وهو أن نَنْفصِل عن الأشياء النَجِسة. كِلاهُما يَنْطوي على مُلامَسة النَّجاسة؛ لكِنَّها نَجاسة بِدَرجات مُخْتَلِفة، مع عواقِب مُخْتَلِفة. يَجِب ألا نَشْعر بالارْتِباك أو الصَّدْمة من هذا التَّناقُض الظَّاِهري؛ فسِفْر اللّاويّين يوضِح أن جميع النَّجاسات ليْسَت مُتشابِهَة، وكذلك الطَّريق إلى الطَّهارة من أنواع النَّجاسات المُخْتَلِفة ليْسَت واحدة….. إلا أنَّها تَنْطوي دائمًا على الماء الحيّ "ماييم شاييم".

لقد رأينا للتَّوْ في سِفْر اللّاويّين أن الرَّجُل المُصاب يُمْكِنه بِغَسل (بمعنى آخر تَطْهير) يَدَيْه فقط أن يَحمي يَدَيْه من نقْل نَجاسته إلى آخر؛ هكذا الأمْر بالنِّسْبة لنا. هذا الحاجِز الواقي والمُطَهَّر من الماء الحيّ الذي مَنع إنْتِقال نَجاسته إلى آخر، بالنِّسْبة لنا، هو يسوع. نحن مُغَطُّون ليس فقط بِدَمِه بل مَغْمورون بِمائه الحيّ. لذلك نحن مُحَصّنون ضدّ إنْتِقال النَّجاسة…. طالما بَقينا في اتِّحاد معه.

لكن كما هو الحال مع هذا الرَّجُل المُصاب هنا في سِفْر اللّاويّين خمسة عشرة، هل هذا يعني أنَّه بِسَبَب وجود طريقة لِمَنْع إنْتِقال النَّجاسة إليه أن النَّجاسة قد زالت فَجْأة؟ بالطَّبع لا؛ اسْمَعوني يا رِفاق: النَّجاسة حيَّة ومَوْجودة في هذا العالَم على الرَّغم من كل التَّعاليم غير المُسْتَنيرة التي ربما تكونون قد تَعلَّمْتُموها. لم يُلْغِ يسوع النَّجاسة…..على الرغم من أنَّه في مّرْحلة ما بَعْد عوْدته سيَفْعَل. تكثُر النَّجاسة على كَوْكَب الأرْض وحيْثُما أمْكَن، كَشَعْب مُقَدَّس وكما أُمَرَنا، علينا أن نَتَجَنَّب مُخالَطَتها.

من خلال مُلامستْها، وبالتَّأكيد لا نتّحد معها أبدًا، ولا نَشْترك فيها أبدًا عن عِلْم……إلا في الحالات النّادِرة التي نُظْهِر فيها مَحبَّة المسيح ونِعْمته.

من المُثير للإهتمام أنَّه على الرغم من التَّهْديد بإنْتِقال نجَاسته بِسُهولة، لا يوجَد أي شرْط لهذا الرَّجُل بأن يُحْجَر عليه أو أن يَتْرُك بْيته أو عائلته. في الآية الثالثة عشرة قيل لنا أنَّه عندما تتوقَّف الإفْرازات……أي مَرَضه يكون سبَب النَّجاسة قد زال….. الخُطوات لاسْتِعادة الطَّهارة قليلة جداً. عليه أن ينتظر سبعة أيام حتى يُلاحظ زَوال الأعْراض، ثم يَغْتَسِل ويَغسل ثيابَه. بعد ذلك يأخُذ طائرَيْن…… الأقلّ تكْلِفة وقيمة من بين جميع الذَّبائح المُمْكنة……… إلى خَيْمة الاجتماع حيث يقوم كاهِن بإقامة طُقوس ذبائح الطُّيور. يُخْبِرنا النصّ العِبري الأصْلي أن طائرًا واحدًا يُسْتخدَم أولاً لذَبيحة الحتآت (التَطْهير) ثم يُسْتخدَم الطائر الثاني لذَبيحة الـ "أولاه" (المَحْرَقة).

الآن انْظُر إلى هذا: الذَبيحة الأولى هي ذَبيحة الحتآت التي تُكفّر عن الرَّجُل بعد أن يتطهَّر…..أي أنَّه يعود من النَّجاسة إلى الطَّهارة بواسِطة الماء. فقط بعد الحتآت يكون عضوًا كاملًا في بني إسرائيل…… مُقَدَّسا؛ والعضو الكامِل في بني إسرائيل (أي المُقَدَّس) هو الوحيد القادِر على التقرُّب إلى الله بِهَديّة "شكر"، وهي ذَبيحة المَحْرَقة (أولاه). لذا فَحتّى تَسَلْسُل الذَّبائح له أهميَّة كبيرة بالنِّسبة لنا.

تتناول الآيات من السادسة عشرة الى الثامنة عشرة ما يُمْكِنني أن أُسَمّيه الإفْرازات الذُّكوريَّة "الطبيعيَّة" ….. النَّوْع الذي يَحْدُث بِشَكْل طبيعي ولا علاقة له بالمَرَض أو الخَلَل الوَظيفي، وهذا يَشْمل أيضًا النَّتائج التي تَنْتج عن الفِعل الطَّبيعي والمُقدّر من الله عندما يتَّحِد الرَّجُل والمَرأة معًا جسديًا. مع ذلك فإن الرَّجُل وزَوجته يَدْخلان في أقل حالة مُمْكِنة من النَّجاسة لفَتْرة قصيرة من الزَّمن. الاغْتِسال والانْتِظار……. حَمّام وانْتِظار حتى الغُروب….. هو الشَّرط الوحيد لاسْتِعادة الطَّهارة.

هناك أمْران مُهِمّان يَجِب مَعْرِفتهما في كل ذلك؛ أولاً، على الرَّغْم من أن هذه الحالة من النَّجاسة الطَّقْسيَّة التي يكون فيها الرَّجُل والمرأة لفَتْرة قصيرة هي أقل ما يُمْكِن أن تكون شديدة، إلا أنَّها مع ذلك نَجاسة. لا يُمْكِن لأي منهما المُشاركة في المُمارسات الدِّينيّة حتى يتطهَّر مَرَّة أُخْرى. في الواقع، لا يُسمَح للذَّكَر، إذا كان مُحاربًا في جَيْش بني إسرائيل، بالقِتال في المَعْركة في ذلك اليوم. هذا لأنَّه عندما كان بنو إسرائيل يُحاربون ضدّ الجُيوش الأجْنَبِيَّة كان ذلك يُعْتَبَر حَرْبًا مُقَدَّسة. هل فَهِمْت ذلك؟ لا يُمْكِن لأي شَخْص نَجِس أن يُشارك في حَرْب مُقَدَّسة يَقودها الله؛ هذا لأنَّه مَسْعى مُقَدَّس (بالإضافة إلى أن هناك قواعِد صارِمة وّضْعها الرّب فيما يَتَعلَّق بالحَرْب المُقَدَّسة). ثانيًا، والأكْثر إثارة للإهتمام، يَتَعلَّق بِسؤال طُرِح عليّ منذ بعض الوقت. عندما يَغْتَسِل الذَّكَر الذي لدَيْه إفْرازات غير طبيعيَّة يقول الكِتاب المُقَدَّس العبري أن الانِغِماس يَجِب أن يكون كامِلاً في شيء يُسَمّى الماء الحيّ…."ماييم شاييم" ولكن في مُعْظم أنواع التَّغْطيسات الطَّقْسيّة يُمْكِن أن يكون الماء مَزيجًا من الماء العادي في الغالِب مع الماء الحيّ المُضاف إليه….في العِبْريّة يسمى ذلك ميكفاه مياميم. معظم الميكفاه…. تلكالأحْواض الحّجَرِيّة للتَّغْطيسات القديمة……كانت تُمْلأ عادةً بمِياه الآبار أو مياه البُحَيْرة، ثم تُضاف إليها كَمِّيّة من الماء الحيّ. إلا أنَّه لم يَكُن هذا هو الحال دائمًا؛ فبعْض "الميكفاه"، التي كانت بالقُرْب من الينابيع والأنَّهار وكانت تَقع في مُدُن أكثر تطوُّرًا (مثل القِدْس)، كانت تُمْلأ بالكامل باسْتِخْدام المياه الحيَّة فقط. كان ذلك يُشَكِّل عِبْئًا أكبر بكثير على الكَهَنة والسُّكّان من القُدْرة على اسْتِخْدام المياه التي كانت مُتاحة ومُريحة أكثر. إذا كان الرَّجُل الذي لدَيْه إفْرازات يعيش في قَرْية نائية (وهو ما كان سائدًا)، فقد يَضْطَرّ إلى قَطْع مسافة ما من أجل الاسْتِحْمام في ميكفاه مَمْلوءة بالماييم شاييم.

أُشير إلى ذلك لأن الرَّجُل المُصاب بالإفْرازات كان مَطلوبًا منه الاسْتِحْمام في ماءٌ حَيّ مئة في المئة لِكَي يُصْبح نقيًا من جديد؛ بَيْنما كان بإمْكان الرَّجُل وزَوجته، في ظِلِّ الأوْضاع الزَّوْجية العاديَّة، الاسْتِحْمام في خَليط الماء المُعْتاد الذي يَحْتوي على القليل من الماء الحيّ. إذَنْ هذا مثال آخر على اخْتِلاف مُسْتويات التَطْهير المَطْلوبة لاخْتِلاف مُسْتويات النَّجاسة المُتَّفَق عليها.

ثالثًا، وأخيرًا، من المُفيد أن نُلاحظ أن الله وَضع حاجِزًا صارِمًا ومَنيعًا بين ديانة العِبرانيّين وكل الديانات الأُخْرى المَعْروفة. كان الجِّنْس جِزْءا مُعْتادًا وتقْليديّاً من الطُقوس الدِّينيّة لمُعْظم ديانات العالَم… وعادةً ما كان يَرْتَبِط، ولكن ليس دائمًا، بِحُقوق الخُصوبة. ذَهَب يَهوَه إلى أبْعَد الحُدود لِمَنْع كل ما يَتَعلَّق بِوسائل الإنْجاب والجِّنْس البَشَري من الأراضي المُقَدَّسة التي كان يَسْكنها.

ابتداءً من الآية التاسعة عشرة يتم التَّعامُل الآن مع الإفْرازات الأُنْثَوِيَّة.

النَّوْع الأوّل من الإفْرازات هو نَوع طَبيعي: الدَّوْرة الشَّهْريَّة للمرأة، وهي نَجِسة لمُدَّة سبعة أيام بعد بِداية الدَّوْرة. تُسَمّى هذه الحالة بالعِبْريّة "اليندا"، ومع أنَّها تَرْتَبِط غالبًا بالحَيْض، إلا أنَّها غالبًا ما تُسْتَخْدَم في الكِتاب المُقَدَّس كَمُصْطلح شامِل للأُنْثى التي تكون في حالة نجاسة. أي شَخْص يَلْمس هذه المَرأة النَجِسة يُصْبِح نَجِسا أيضًا، على الرَّغم من أنَّه مُسْتوى خَفيف من النَّجاسة. مثل الذَّكَر بإفْرازاته غير الطَّبيعيّة، فإن هذه المرأة بإفْرازاتها غير الطَّبيعيّة مُعْدِية؛ ويُمْكِنها أن تَنْقُل نجاسَتها إلى أي شيء قد تَرْقُد أو تجْلس عليه، والطَّريق إلى الطَّهارة يَتَضَمَّن نَفْس الطُقوس (الإغْتِسال والانْتِظار حتى غُروب الشَّمْس) مع أن الإغْتِسال الطَّقْسي يَتَضمَّن أيضاً غَسْل المَلابِس. إذا أقام الزَّوْج والزَّوْجة عِلاقة جِنْسِيَّة خلال هذا الوقت تَنْتَقِل نَجاسَتها إليه ويكون هو أيضًا نَجِسا لنَفْس المُدَّة التي هي فيها: سبعة أيام.

الآن في حين أنَّه من الصَّعْب أن نَجِد الكثير من التَّلازُم بين سَبَبْ النَّجاسة في الكِتاب المُقَدَّس والعِلْم الحديث، إلا أن هناك تلازُماً بين أحْكام الدَّوْرَة الشَّهْريّة للمرأة والخصوبة. أظُنّ أن العديد من السَّيِّدات في هذه الغُرفة يَجْفَلْنَ مما كانت عليه حياة المرأة العِبْرانيَّة التي كان عليها أن تَمُرّ بكل هذه الطُقوس بانْتِظام وما شابه ذلك. حسنًا في الواقع لم يَكُن الأمر سَيِّئًا كما قد يَبدو (وأنا أعْرِف بعض العِبْرانيّات الأرْثوذُكْسيّات اللّاتي تجِدْن هذه الطُقوس مُرْضية ومُشَرِّفة). من الحقائق الطُّبيّة أنَّه في العُصور القَديمة لم يَكُن على المرأة الإسْرائيليّة النَّموذجيّة أن تتعامل مع دَورة شَهْرية مُنْتَظِمة. أولاً، كانت المرأة عادةً ما تَتَزوَّج بعد فَتْرة وجيزة جِدًّا من البُلوغ، وكانت تَحمل على الفَوْر تقريبًا وتبدأ في إنْجاب طِفْل تِلْوَ الآخر. ثانيًا، لم يَكُن من غير المألوف أن تَسْتَمِرّ المرأة في إرْضاع طِفْلها حتى يَبْلغ الطفل ثلاث سنوات على الأقل، وغالبًا ما يكون عُمْره أربع أو حتى خمس سَنوات. لا تحيض الأم المُرضِعة بِشَكْل عام بِشَكْل مُنْتَظِم خلال تلك الفَتْرة، لذا فهي لا تَخْضع لهذا السَّبب من النَّجاسة الطَّقْسية. لذا فإن تَجْرِبة المرأة الغَربيّة النَّموذّجيَّة ليْسَت على الإطْلاق تَجْرِبة المرأة النموذجية في الكِتاب المُقَدَّس. فبَيْنما كانت الفَتَيات الأصْغر سِنّاً، بعد البُلوغ مُباشرة، تَتعامَلْنَ مع مَشاكل النَّجاسة شهراً بعد شَهر، فإن المَرْأة المُتَزَوِّجة العاديّة لم تَكُن كذلك.

في الآية الخامسة والعشرين، نَنْتَقِل من مَوْضوع الإفْرازات الطَّبيعيّة إلى الإفْرازات غير الطَّبيعية لدى الإناث. بِشَكْل عام، إن التَّعْريف العام لهذا النَّوْع من الإفرازات هو أنَّها تَحْدُث خارِج وقت الدَّورة الشَّهرية وهي مُسْتمَرَّة. فالمرأة التي تُعاني من هذه المُشْكِلة الصُّحية تكون غير طاهِرة، وتبقى كذلك طِوال فَتْرة بَقائها في هذه الحالة. لا بدّ أن تكون هذه الحالة فظيعة بالنِّسْبة للمَرأة لأنَّه لا يُمْكِن أن تَلْمس أو يَلْمسها شَخْص آخر. لم يَكُن مطلوبًا منها أن تَعيش خارِج مَنْزلها ولا خارِج المُخَيَّم، ولكن كان يَجِب تَجَنُّبها لأن مُجَرَّد الاحْتِكاك بها يَجْعَلُك في حالة نَجِسة. افْهَموا: هذا ليس تَقْليدًا؛ هذه شريعة من الكِتاب المُقَدَّس مأخوذة مُباشرةً من هذا الكِتاب. لذلك في العَهْد الجديد عندما نقرأ قِصَّة المرأة التي كانت في حالة إفْرازات مُسْتمَرَّة لمُدَّة إثني عشرة سنة…… كانت مُحَطّمة جَسَديّاً وعاطِفِيّاً ومَنْبوذة اجْتِماعياً أيضاً.

مع ما تعلَّمناه اليَوْم دعونا نُحاول أن نَفْهم بِشَكْل أفضل قليلاً القِصَّة الوارِدة في مُرُقس خمسة حيث تَحْصل هذه الحادِثة للمَرأة ذات الإفرازات. هذه المَرأة النَجِسة، التي كانت في هذه الحالة النَجِسة نَفْسها لمُدَّة إثني عشر عامًا، تَسْمع عن هذا الشَّافي اليَهودي بالإيمان الذي يُدْعى يسوع وتَطْلُب مُساعدته.

اقرأ إنجيل مُرْقس خمسة على إثنين وعشرين الى أربعة وثلاثين

هذه المَرأة، غير الطّاهِرة بِسَبَ إفْرازاتها والفَقيرة المَنْكوبة من دَفْع المال إلى المُعالِجين المُزَيَّفين الذين لم يُساعدوها، تُخاطر مُخاطرة كبيرة. لو أنَّها تَعَمّدت أن تَلْمس رَجُلاً….. ولا سيما حاخامًا مثل يسوع…… لكانت قد نَقَلَت نجاسَتها إليه. كانت عُقوبة فِعْل مثل هذا الأمر في أيام يسوع أن تُطْرَد خارِج المُخَيَّم. كان يُمْكِن حتى أن تُعْدَم، رغم أن ذلك كان نادِرًا جِدًّا. كانت تَعْرِف ذلك، وكان يسوع يعْرف ذلك، وكان كل من في الجَّماعة يَعْرف ذلك.

لكِنَّها كانت واثِقة جِدًّا من أن يسوع هو من قالَه عن نفْسه، لِدَرجة أنَّها خاطَرَت بكل شَيْء لِتَلْمس ثَوْبه على أمَل أن تُشفى من عدم طهارَتها. وفقًا لجميع القواعِد اللاويّة كان يَنْبغي أن يُعلَن يسوع نَجِسًا في الّلحظة التي لَمَسَت فيها ثَوْبه. بدلاً من ذلك شُفيَت على الفَوْر؛ وبالطَّبع بما أن يسوع هو الماء الحَيّ للتَطْهير، فلا يوجد ذِكر لِدُخوله في حالة نجاسة. مع ذلك يُمْكِنك أن تكون مُتأكِّدًا أنَّه عندما انْتَشَر الخَبَر في المِنْطَقة حول ما حَدث، فأنَّه هو الذي سَيُضاف إلى صُفوف الأنْجاس (فيما يَتَعلَّق بالسُّلطات الدِّينيّة). يوضِح المسيح كيف أن المُؤمِن يُمْكِن أن تَمُسَّه نجاسة، ومع ذلك لا يَصير نَجِسًا. توضِح هذه القِصَّة أيضًا أنَّه لم يُوبِّخ هذه النَجِسة (نَجِسة بلا ذَنْب اقْتَرَفَتْه) التي كانت تَبْحَث عن طريقة لتُشفى من نَجاسَتها، بل أظْهَر لها المَحَبَّة والرَّحْمة عندما مدّت يَدُها في فِعْل إيمان بَسيط (ولكن مَحْفوف بالمَخاطر).

الآن من خِلال قراءة الآيات القليلة الأخيرة من سِفْر اللّاويّين خمسة عشر نعرِف أن ما يلي كان سَيَحْدث مع المرأة في قِصَّة مُرقس خمسة: أولاً، بمُجَرَّد انْتِهاء إفرازاتها كان عليها أن تَنْتَظِر لمُدَّة سبعة أيام. بعد ذلك كانت ستُصبح طاهِرة وقادِرة على الذَّهاب إلى الهَيْكَل لتقديم ذَبيحة تتألَّف من طائر؛ كانت هذه هي ذَبيحة الحَتآت (ذَبيحة التَطْهير). ثم كانت سَتَسْتخدِم طائرًا ثانيًا (وهو حَيوان ذَبيحة غير مُكْلِف للغاية) لتقديم ذَبيحة المَحْرَقة (الأولاه والآن لا يَسَعَني إلا أن ألاحِظ أنَّه لا يوجد ذِكْر للغَسْل الطَّقْسي. هذا أمر مُحَيِّر، ولا أمْلُك حلاًّ له حقًا. أحد الإحْتِمالات هو أنَّه كان من المَفْهوم جيِّدًا أن الاسْتِحْمام الطَّقْسي كان مَطلوبًا لِمِثل هذه الأمور ولم يتمّ ذِكْره. أنَّنا نَجِد في العديد من مقاطِع الكِتاب المُقَدَّس عندما تتحدَّث عن الذَّبائح تَسْتخدم نوعًا من الصِّيغة المُخْتصَرة لِوَصْفها؛ على سبيل المثال، سوف يَتحدَّث مَقْطع ما عن شرْط "المِنخاه"، ذَبيحة التَّقْدِمة (أي الحُبوب)، ولكن لا تُذكَر "الأولاه" (ذَبيحة المَحْرَقة) على الإطْلاق. مع ذلك نحن نعلم أن ذَبيحة "أولاه" كانت مَطلوبة كلما تمّ أداء "المِنخاه"، لأن هاتَيْن الذَّبيحتين كانتا مُتَلازمتَيْن. أنت لا تقوم بالمِنخاه من دون أن تقوم بأداء "الأولاه" أيضًا؛ وأما أنَّه لم يَرِد ذِكْر الإغْتِسال الطَّقْسي عند تعافي المرأة من إفرازاتها غير الطَّبيعية طويلة الأمَد، فأنَّنا بِبَساطة لا يُمْكِننا أن نكون مُتأكِّدين من سَبَب ذلك.

إن الآية الأخيرة من سِفْر اللّاويّين الخامس عشر هي في الحقيقة مُلَخَّص للإصْحاحات الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر….. وهي الإصْحاحات المُتَعلِّقة بالنَّجاسة ُ وهي تخبرنا باخْتصار عن الأسباب العَمَلِيَّة التي تَجْعل بني إسرائيل بِحاجة إلى الامْتِثال الصَّارم لقوانين الطَّهارة هذه؛ ذلك لأنَّهم إذا لم يَفْعَلوا ذلك فقد ينَجِسوا قُدْس الأقْداس الخاص بيَهوَه، وعُقوبة ذلك قد تكون المَوْت.

الصِّياغة، في العِبْريّة الأصليّة، للآية واحد وثلاثين مُثيرة للإهْتمام. تَبدأ العِبْريّة بـ في هيزارتيم …… وهذه العِبارة مُسْتَخْدَمة هنا وليس في أي مكان آخر في الكِتاب المُقَدَّس؛ وفي أكثر مَعانيها الحرْفيَّة تعني "…. عليك أن تَجعل بني إسرائيل يَتجنّبون"….. " أو "عليك أن تجعل بني إسرائيل يَفْصلون أنْفُسهم عن كل نَجاسة". بالطَّبع ، يذهب إلى القَوْل بأن نجاسَتهم يُمْكِن أن تُدنِّس حَرَم الله وقد تكون عُقوبتها مَوْتهم. إذن، المَقْصود هو أن يَهوَه يقول لا تتنَجَّسوا في المقام الأول وإذا فَعلتم، لا تُفكِّروا حتى في إيقافها بالقُرب من حَرَمي المُقَدَّس.

الآن، بَيْنما يَنتهي هذا الإصْحاح الخامِس عشر، لا يَسَعَني إلا أن أُشير إلى أن الكَلِمات الأولى من الإصْحاح السادس عشر وهي " وَكَلَّمَ الرّب مُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ابْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَا أَمَامَ الرّب وَمَاتَا". إذًا كل هذه الشَّرائع الجديدة كانت حاضِرة جِدًّا في أذْهان الشَّعب، وكانوا يَعْلمون أن الله كان يَعنيها عندما هَدَّدهم بالقتْل إذا ما دَنَّسوا حَرَمه المُقَدَّس (وهذا بالطَّبع هو التَّهديد الذي يَعيش العالَم كلَّه تحت وَطْأته اليوم). إن المَطْلب بَسيط: أن يكون المَرْء طاهِر ومُقَدَّس ويبقى كذلك، أو يَموت…… إلى الأبد…. بِيَد الله.

في الأسبوع القادِم سنَتَناوَل الإصْحاح السادِس عشر من سِفْر اللّاويّين.