22nd of Tevet, 5785 | כ״ב בְּטֵבֵת תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللاويين الدرس ثلاثة – الإصحاح واحد
سِفْر اللاويين الدرس ثلاثة – الإصحاح واحد

سِفْر اللاويين الدرس ثلاثة – الإصحاح واحد

Download Transcript


سِفْر اللاويين

الدرس ثلاثة الإصحاح واحد

لقد أمْضَينا أول أسبوعين من دِراستنا لسِفْر اللاويين في إعداد الخَلفيّة ووضْع الأسس التي تجعل سِفْر اللاويين مفهومًا أكثر وأكثر متعةً ونأمل أن يحمل معانٍ أكثر. أود أن أكرّر بعض المبادئ التي يجب أن نَضعها في الاعتبار في دراستنا والتي عالجناها في درسٍ سابق:

واحد. الله يقسم ويختار ويَفْصل. أي أنّ يَهوَه يَرسم حدودًا صارمة للغاية ويُفرّق بشدة بين الناس والأمم وممارسات العبادة. إنه لا يَتسامح مع الشر والخطيئة، ويَحتفظ لنفسه بالحقّ الحصري في تحديد هذه المفاهيم. إنه يَستثني أولئك الذين ليسوا "شعبه"؛ في زمن سِفْر اللاويين، شعبه هو شعب إسرائيل فقط.

اثنان. يُقدِم لنا سِفْر اللاويين النظرة الكهنوتية للعالم. إنه مكتوب من خلال عيون مجموعة الكهنة الذين فُرض عليهم الله حديثًا ترتيبًا معيّن، والذين ينحدرون حصريًا من قبيلة لاوي.

ثلاثة. يَقسم الله الخطيئة إلى فئتين أساسيتين: الخطيئة المُتعمدة وغير المُتعمدة. وهذا يختلف تمامًا عن الطريقة المُعتادة التي نريد أن نفكّر بها نحن البشر في الخطيئة….. التي هي أقرب إلى الخطيئة الكبيرة أو الصغيرة، التافهة أو الفظيعة، غير المهمّة أو المهدِدة لِلخلاص.

أربعة. إنّ نظام الذبائح الذي سندرسه لا يتعامل مع الخطايا المُتعمدة، وبالتالي لا يُوفّر وسيلة للمصالحة مع الله بما يَخص الخطيئة المتعمدة. إنه يَتعامل فقط مع الخطايا غير المقصودة. لا شيء مما سنقرأ عنه في سِفْر اللاويين سيُصالح الجاني مع الله إذا كانت خطيئة الجاني تعتبر "كبيرة" أو "عظيمة" المُعادلة لكلمة "متعمد" في الكتاب المقدس.

خمسة. نظام الذبائح هو أكثر من مجرد تَكفير عن الخطيئة. سنرى أنّ العديد من الذبائح التي أمَر الله بها لا علاقة لها بالخطيئة.

ستة. بينما تمّم يسوع نظام الذبائح، إلا أنه أتمّ أيضًا ما يفوق القدرات المحدودة لنظام الذبائح المتعلقة بالتكفير عن فئة معينة من الخطايا.

سبعة. المبدأ الأساسي وراء نظام الذبائح هو الاستبدال أي أنّ موت الحيوانات كان سيَحلّ مَحلّ ما كان ينبغي أن يكون موت البشر الذين أخطأوا بحقّ يَهوَه.

ثمانية. سِفْر اللاويين هو السِفْر الأوسط من سلسلة أسفار الخروج واللاويين والعدَد. علينا أن نقرأ سِفْر اللاويين كما لو كان تكمِلة لسِفْر الخروج، الذي ينتقل في النهاية إلى سِفْر العدد.

قراءة سِفْر اللاويين الإصحاح واحد الآية واحد النهاية

الكلمات الأولى من سِفْر اللاويّين: "والآن دعا (موسى)"، في الفايكرا ، الاسم الذي يُطلِقه العبريون على هذا السِفْر الذي يُسمّيه الأمميون باسمه اليونانيّ، اللاويّين.

على الرغم من أنّ هذه الكلمات القليلة الأولى، الآن دعا، تبدو غريبة نوعًا ما بالنسبة لنا، إلا أنها تَحمل معنىً من المهم فهمه: يَهوَه على وشك أن يُدلي ببعض التصريحات الرسمية جدًا والمهمة جدًا. تمامًا كما هو الحال عندما يُلقي رئيسنا من حين لآخر خطابًا من مكتبه في المكتب البيضاوي، نفهم أن ما سيأتي، سيحمل أهمية أكبر بكثير من المؤتمرات الصحفية العادية أو المقابلات…وعندما يتمّ ذلك من المكتب البيضاوي، فهو حدث مهم. إنّ البروتوكول هنا في افتتاحية سِفْر اللاويين يُشبه إلى حدٍ كبير ما كان عليه في سِفْر الخروج عندما نادى يَهوَه على موسى من قِمّة جَبَل سيناء ليعطي موسى الناموس (الشريعة)؛ ولكن هذه المرّة يُنادي يَهوَه على موسى ليُعطيه نظام الذبائح المهم للغاية الذي من شأنه أن يُخفِف من غضب الله على البشر، عندما يسيئون إلى الله.

اسمحوا لي أن أكرّر شيئًا قلته لكم في اجتماعنا الأخير: نظام الذبائح والناموس هما العنصران الأساسيان اللذان يُشكلان معًا نظام عدالة الله…بالعبرية، ميشبات. وعلى الرغم من أنه في المحادثة اليومية الشائعة عادةً ما يُسمي العبري كل عُنصر من عناصر نظام عدالة الله بالناموس، وبينما يُنظر إلى نظام القرابين على أنه جزء من الناموس، إلا أنّ الطريقة التي يعمل بها نظام القرابين والناموس تَجعلهما مُنفصلين إلى حدٍ ما. لكلّ من الناموس ونظام الذبائح وظائف مُختلفة وأغراض مختلفة جدًا. يؤدي الناموس إلى العقاب بينما يؤدي نظام الذبائح إلى التكفير والمغفرة المُقترنة بالمصالحة.

لقد أصبح مُصطلح "الناموس" عام جدًا؛ لدرجة أنه يُساء استخدامه وفهمه على نطاق واسع، حتى بين اليهود. ويُساء استخدامه بشكلٍ خاص وبشكلٍ كبير (وأعتقد إلى حدٍ ما عن عمد) داخل الكنيسة المسيحية. دعوني أشرح لكم: على الرغم من أننا لا نرى يَهوَه يَنطق بما يمكن أن يُطلق عليه بدقة "الناموس" حتى منتصف سِفْر الخروج تقريبًا، إلا أنّ اليهود عادةً ما يَستخدمون مصطلح "الناموس" كمُرادف للتوراة بأكملها. أي أنهم سيُطلقون على كامل الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس "الناموس"، على الرغم من أنّ الناموس لم يُعطَ حتى سِفْر الخروج. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتذكروا أنّ الشعب اليهودي لديه أيضًا "شريعة" أخرى، مأخوذة من مصادر غير كتابية مثل التلمود، يسمونها "الناموس". لذلك يَميل اليهود إلى تَسمية كل تعاليم دينية سواء من الكتاب المقدس أو من أحكام قادتهم الدينيين، وحتى التعليقات العامّة من حاخاماتهم الكبار، "الناموس". يمكن أن يكون "الناموس" مصطلحًا مربكًا للغاية. أفضل تشبيه يمكنني أن أفكر فيه هو أنه في الكنيسة لدينا الكثير من الناس الذين يتجوّلون وفي أيديهم العهد الجديد فقط؛ أحيانًا يكون لدى المسيحي الجديد الأناجيل الأربعة فقط. إذا سألناهم ماذا يَحملون في أيديهم، سيُجيبون عادةً: الكتاب المقدس. ليس ذلك دقيقًا حقًا، أليس كذلك؟

لديهم ليس سوى جزء من الكتاب المقدس؛ لكننا نعرف ما يقصدونه. سنَسمع أيضًا عادةً قسًا أو كاهنًا يعظ ويقول إنه يعلّم الكتاب المقدس. بينما في كثير من الأحيان ما يُعلّمه في الواقع هو عقيدة…. تقليد كنسي قائم على أساس طائفي يُقال إنه يمثل مبدأ كتابي. في كلتا الحالتين نحن المؤمنين الأمميين المتحدثين باسم بالمسيحية نفهم تمامًا ما يقولونه…حتى وإن لم يكن ذلك دقيقًا من الناحية الفنية. هذا الموضوع مُشابه لما يقوم به اليهود عندما يستخدمون مصطلح، الناموس…يمكن أن يعني عددًا من الأشياء وعلينا أن نميز من السياق ما هو مُشار إليه عند استخدام هذا المصطلح.

لاحظوا هنا في سِفْر اللاويين كيف يَفصل الله رسميًا بين الناموس ونظام الذبائح. تذكروا أهمية تلك العبارة الصغيرة، "الآنَ دَعَا (أي الله)" …… حيث إنها تشير إلى حدث أساسي على وشك الحدوث، شيء ذو أهمية كبيرة. لقد تلقّينا أساسًا نفس الديباجة من الله عندما أمَر موسى أن يَصعد إلى جبَل سيناء لتلقي الناموس. والآن، في حدث مُنفصل، ينطق يَهوَه مرة أخرى بهذه الديباجة المهمة…الآن دعا……وهذه المرة سيعطي الله موسى نظام الذبائح. إذًا، أولاً، بالعودة إلى سِفْر الخروج، يُعطي الله موسى تعريفًا للخطيئة، وهو التعريف الوارد في الناموس، وعواقب الإثم بمخالفة أي من فرائض قانون الناموس. علاوةً على ذلك، من خلال إعطاء الناموس حدّد الرب الخيارات الأخلاقية لإسرائيل؛ خيارات أخلاقية ستُقررها إرادة كل إسرائيلي بما يخص إطاعتها أو عصيانها. والآن، في سِفْر اللاويين، يُعطي الله لموسى الجزء الآخر من نظام عدالته… الجزء الذي يَنصّ على التكفير عن الذنب عندما يُخطئ شخص ما ويخالف قانون الناموس. بالطبع، كما نعلم الآن، هذه الكفارة مُتاحة فقط لفئة مُعيّنة من الخطيئة……الخطيئة غير المقصودة. بالمناسبة: سأذكّركم بهذا مرارًا وتكرارًا، لأنها في المقام الأول سِمة نظام تقديم القرابين الذي يُقدّم الكفارة فقط عن الخطايا التي لم تكن مُتعمدة وهي التي جعلت بولس يَصِف ذبيحة المسيح بأنها أسمى من ذبيحة الناموس والقسم المُتعلق بنظام القرابين من الناموس بأنه أدنى من الناموس عندما تتم المقارنة بينهما.

توضح الآية اثنان أحد المبادئ التي ذكرتها لكم قبل دقائق: يَهوَه يَتحدّث إلى بني إسرائيل. إنه يتحدّث إلى إسرائيل، شعبه …. لا أحد غيره. الكتاب المقدس مليء بهذا المصطلح العبري، بني إسرائيل، والذي يعني حرفيًا شباب إسرائيل ومع ذلك، عادةً ما يتم ترجمته إلى "بنو إسرائيل في كتبنا المقدسة. ومع ذلك، فإنّ أفضل تعبير عن المعنى في التفكير الغربي الحديث هو "شعب إسرائيل". لا يُقصد بهذا التعبير الصغار فقط، ولا يُقصد به الأطفال فقط، ولا يُقصد به أولئك الذين تَجري في عروقهم دماء يعقوب، أولئك الذين كانوا من نَسْل إبراهيم وإسحاق ويعقوب…. لأن آلافًا كانوا من الأجانب "الغير" وكانوا قد انضموا بالفعل، وسيَستمرون في الانضمام إلى إسرائيل. بنو إسرائيل هو مصطلح قومي….. فهو يشير إلى المجموعة ككل…في هذه الحالة، المصطلح يُشبه إلى حد كبيرٍ قول "الشعب الأمريكي".

تزامنًا مع تمهيد الطريقنعرف أنّ المتكلم هو (يَهوَهومكان الكلام (في خيمة الاجتماع)، وأن الله يُخاطب موسى وأمة إسرائيل بنفسه والآن، نحن نَتلقّى التعليمات عن النوع الأول من التقدِمة أو الذبيحة. إنها الذبيحة المحروقة. في الآية اثنان عندما قيل لنا "إِنْ قَرَّبَ أَحَدٌ قُرْبَانًا لِيَهوَه"، الكلمة المستخدمة للتقدِمة هي قربان. هذه كلمة يجب حفظها لأنها كلمة عبرية شائعة تعني أي قربان…. أي نوع من التقدمة. كما هو الحال في الكنيسة حيث يمكن أن يعني مصطلح التقدِمة أي شيء أكان المال، الممتلكات، أو الوقت الشخصي. والتقدمة يمكن أن تكون للصندوق العام أو يمكن أن تكون لشيء محدد. ويمكن أن تعني العُشر العادي، أو شيئًا ما فوق العُشر، أو قد تَعني العطاء غير المنتظم إذا لم يكن المرء يعشّر، أو ربما يكون مجرد تَبرّع رمزي أثناء زيارة الكنيس أو الكنيسة.

إذًا، القربان ليس هو الاسم المحدّد لهذا الصِنف الخاص من الذبائح الذي يُطلق عليه الذبيحة المحروقة. كل تقدِمة وكل نوع قربان سيكون له اسم عبري محدد. في حالة ذبيحة المحروقة "عُلى" هي الكلمة العبرية الأصلية لها وأود أن أتحدث قليلاً عن الناحية التقنية ذات الصلة. مُصطلح "الذبيحة المحروقة " هو ما يسميه العلماء "التعريف الوظيفي" وسنُلاحظ تكرار الترجمة الوظيفية للكلمة العبرية "عُلى" في التوراة. ما يعنيه ذلك هو أنها ليست ترجمة حرفية للمصطلح العبري لأن الترجمة الحرفية لن تعني لنا شيئًا. في الواقع أحيانًا تكون الترجمة الحرفية غير معروفة أو حتى مُتفق عليها من قبل علماء الكتاب المقدس والمترجمين.

يُعتقد أن كلمة "عُلى" تعني حرفيًا إما "رفع أو "قَرًّب" لذا فإن معظم الترجمات تكون مثلاً "تقريب القربان"، أو "رفع القربان". هذا أمر غريب جدًا بالنسبة لثقافتنا لدرجة أن المترجمين اعتقدوا أنّ ترجمتها بهذه الطريقة لا يَخدم أي غرض.

لذلك فبدلاً من إعطاء ترجمة حرفية لكلمة "عُلى" تقرر أنه من الأفضل أن يُعطى القارئ الوظيفة أو الهدف من "التقدمة المُقرّبة"؛ أي الدلالة على أنها تقدِمة للرب تُحرق بالنار على المذبح…تقدِمة محروقة. إذًا "الذبيحة المحروقة" تُترجم إلي عُلى…. إنها فقط لا تتضمّن معنى أنه بإحراق الذبيحة ينبعث منه دخان يُقرِبها إلى الله عن طريق الرَفع إليه في السماء. لن أقوم بتفصيل أسماء كل ذبيحة، بأدق التفاصيل، كما فعلت للتو مع "عُلى…الذبيحة المحروقة" أو التقدمة المحروقة. أردت ببساطة أن تفهموا ما هي الترجمة الوظيفية وأننا في كثير من الأحيان في الكتاب المقدس سنَحصل على ترجمات وظيفية وليست حرفية للكلمات. ولا يوجد شيء خاطئ في ذلك.

ومع ذلك، في بعض الأحيان يمكننا أن نفهم بشكل أفضل بكثير إذا قمنا أيضًا بفحص الكلمة العبرية الأصلية والمضي قدمًا وترجمتها حرفيًا لأنها تَكشِف العقلية العبرية وثقافة الشرق الأوسط في ذلك العصر. يُساعدنا ذلك في الحصول على فكرة أفضل عمّا دار في ذهن هؤلاء الناس عندما كانوا يفعلون هذه الأشياء. وفي حالة "عُلى"، "تقريب القربان" الذي نشير إليه عادةً باسم الذبيحة المحروقة؛ وبالنظر إلى الكلمات حرفيًا نرى أنّ الدخان، والمكان الذي يَطفو إليه هذا الدخان، هو العنصر الأساسي لفعالية تلك التقدمة. سأوضح لكم لمَ الدخان هو العنصر الأساسي بعد قليل.

إنّ نوع المحرقة التي نراها هنا في الإصحاح الأول هو ما يمكنني أن أسميّه تقدِمة "شخصيةأي أن هذه التقدمة (والتقدمات العديدة التالية التي سندرسها) تُقدَّم من قبل أفراد، أشخاص خاصيّن، نيابةَ عن ذلك الشخص. هذا على عكس ما سنراه لاحقًا في سِفْر اللاويين حيث سنرى تقدمات خاصة وذبائح، بما في ذلك الذبائح المحروقة التي تُقدم نيابةً عن أمة إسرائيل…التقدمات الوطنية. هذا يُؤسس لمبدأ مهم يُستخدم في جميع أنحاء الكتاب المقدس وهو أن الله يتعامل مع إسرائيل، ومعنا، على المستوى الفردي وعلى مستوى الشِرْكة أو الجماعة. يمكن أن يكون هذا المستوى الجماعي هو الكنيسة، أي جميع المؤمنين……. أو يمكن أن يكون على مستوى الأمة… الأمة حرفيًا كما نفكّر فيها اليوم. عندما نقرأ نبوءات نهاية الأزمنة سنَقرأ عن تمييز الله بين الأفراد؛ على سبيل المثال، سيَضع علامة على جِباه بعض الأشخاص، الذين تم اختيارهم شخصًا تلو الآخر، بغرض الحفاظ على سلامتهم ولغرض تحديد أولئك الذين سيَخلصون مقابل أولئك الذين لا علامة عليهم والذين سيهلكون. لكننا نرى أيضًا أن الله يتعامل مع أمم بأكملها؛ على سبيل المثال قيل لنا أن الأمم التي تأتي ضد إسرائيل ستُدمَّر.

إذًا الذبيحة المحروقة في سِفْر اللاويين واحد هي ذبيحة شخصية فرديّة للتضحية……وهي أيضًا من الناحية الفنية تُعتبر ذبيحة طعام. كانت اللحوم من الأشياء الفاخرة في زمن موسى وكانت لا تزال كذلك في أيام يشوع. لذلك في حين أنّ الحيوان الكامل المستخدَم في الذبيحة المحروقة كان يُذبح ويُلقى على المذبح ليُحرق بالكامل، لم يكن هذا هو الحال مع الأنواع الأخرى من الذبائح الحيوانية، بل كان هناك إجراء كان يتمّ فيه وضع أجزاء معينة فقط من الذبيحة على المذبح النحاسي لتُؤكل بالنار، والباقي كان يُستخدم للطعام……حسب الحالة، كان الكهنة يأكلونها أو كان يأكلها الشخص الذي قدم الذبيحة، أو في بعض الحالات كلاهما. في الواقع لم يكن يأكل اللحم الذي لم يُستعمل أولاً كذبيحة إلا الأفاضل من العبريين لأنهم كانوا يأكلون لحومًا لم تُستعمل أولاً كذبيحة لأنها كانت غالية الثمن. دعوني أقول ذلك مرة أخرى: بالنسبة لبني إسرائيل العاديين، كان كل اللحم الذي يأكلونه هو الجزء المتبقّي من الذبيحة على الرغم من أن الناموس أجاز لهم أكل اللحم الذي لم يكن جزءًا من الذبيحة.

في الذبيحة المحروقة، كان الحيوان بأكمله (باستثناء الجلد، الذي كان يُعطى للكهنة) يُحرق بنار المذبح. تَخيلوا شعور الشعب الذي لم يَكن لديه سوى القليل من اللحم في كل مرة يأخذون فيها خروفًا أو تيسًا إلى المذبح، ويشاهدونه يَحترق. لقد كانت هذه التقدمة باهظة الثمن، وكان تقديم مثل هذا الحيوان الثمين يُمثل بالفعل تضحية شخصية للعائلة الإسرائيلية النموذجية. لقد حَرَمت هذه العائلات نفسها من أجل أن تُقدِّم ليَهوَه ما أمرَها بتقديمه. الآن يمكن أن تتكوّن الذبيحة المحروقة من مجموعة كاملة من الحيوانات الأليفة الصالحة للتضحية والتي تراوحت من الثيران إلى الغنم وصولاً إلى الحمام. والسبب في ذلك كان عمليًا: لم يكن لدى الفقراء ببساطة المال أو الوسائل للتضحية بكبش أو ثور. لقد أشرت الأسبوع الماضي إلى أنّ حجم الأضحية أو القيمة المتأصّلة فيه……الثور عادةً ما يكون الأكبر والأكثر قيمة، والحمامة هي الأقل قيمة….. لا علاقة للأمر بمقياس خطورة الخطيئة التي يتم التكفير عنها، أو في إرضاء الله أكثر أو أقل. لاحظوا أيضًا أنني قلت إنّ الحيوانات "الداجنة" كانت تُدعى على وجه التحديد أضاحي تلك الحيوانات التي أصبحت داجنة لأغراض الطعام هي التي كانت تُستخدم للتضحية لا المذبح. لم يكن مسموحًا بالحيوانات البرية لأغراض الأضاحي……لم يكن مسموحًا بقَتل غزال أو تيس جَبلي واستخدامه كأضحية.

كانت "عُلى" هي أكثر أنواع القرابين شيوعًا، وكانت تُقدَّم في الصباح والمساء كل يوم… بشكل متكرّر خلال النهار في الأيام المقدسة الخاصة. وكقاعدة عامة، كان يجب أن يكون عمر الذبيحة سنة واحدة على الأقل، وأن يكون ذكرًا ولا عيب فيه، أي أنه لا يمكن أن يكون مريضًا، أو أعرج، أو مشوهًا، أو مصابًا…… ولا حتى غير طبيعي من الناحية الجمالية، ربما بقرْن ملتوٍ، أو أن يكون لونه غير عادي. كان يجب أن يكون أفضل حيوان لديك، أقرب إلى الكمال قدر الإمكان.

والآن، إليكم كيفية عمل الطقوس: أولاً كان العابد يأتي بالحيوان إلى خيمة الاجتماع ليَفحصه الكهنة ليتأكدوا من أنّ الحيوان مُطابق للشروط، أي أن يكون خاليًا من العيوب ومن النوع والسنّ المناسبين. كان كل عابد يأتي بحيوانه عبر البوابة الكبيرة في الطرَف الشرقي من الفناء الخارجي الذي يُحيط بخيمة الاجتماع. وكانوا يقفون في الزاوية الشمالية الشرقية من الفناء مُنتظرين دورهم.

بعد ذلك عندما يُصبح الكاهن متاحًا، كما قيل لنا في الآية أربعة، يَضع العابد يديه على رأس الحيوان. الآن قصّة "وضع اليدين" هو أمرٌ يمكننا على الأرجح أن نقضي درسًا كاملاً في تَعلّمه. ولكن، بشكلٍ عام، كانت الفكرة هي ما يلي: من خلال وضْع العابد ليديه على الحيوان قبل ذبحه كان ذلك اعترافًا رسميًا بأنّ هذا الحيوان قد تم تعيينه كذبيحة نيابةً عن الشخص الذي كان يضع يديه على الحيوان؛ وفي تلك اللحظة كانت حياة الحيوان قد سُلِمت إلى الله. الكلمة العبرية التي تعني "وضع اليدين" هي سميخا وتُستخدم غالبًا في الكتاب المقدس للإشارة إلى شخص في السلطة يكُلِّف شخصًا أو شيئًا ما بمهمّة، أو للإشارة إلى نَقل السلطة. على سبيل المثال عندما سَلّم موسى مهمة قيادة إسرائيل إلى يشوع وضَع يده عليه وبالتالي تم الاعتراف بانتقال السلطة من موسى إلى يشوع. نفس الفكرة تَنطبق هنا مع الذبيحة……إنّ صاحب الحيوان، بوضْعه يديه على الحيوان، يدلّ على أنّ هذا الحيوان قد تمّ تعيينه لغرض الأضحية بالنيابة عن صاحبه تحديدًا. ولكن ليس هذا كل ما يدلّ عليه.

يبدو أيضًا أن هناك عنصرًا ما لنقل ذنب صاحب الحيوان إلى الحيوان في وضعية اليدين هذه، سميخا؛ وبالتالي فإنّ نقْل الذنب إلى الحيوان يعني أن قتل الحيوان يَحلّ مَحلّ موت العابد. إلا أن هذا المعنى ينطبق فقط على أنواع مُعينَة من القرابين…… على سبيل المثال، قرابين الحبوب وقرابين الشكر، لا علاقة لها بالخطيئة، لذلك، فهي ليست مناسبة. في حين أنّ وضْع اليدين بما يخصّ بعض القرابين يشير إلى الانتقال والاستبدال….. أي انتقال ذنب أو خطيئة العابد إلى الحيوان، ليصبح الحيوان بديلاً عن العابد….. كان في المقام الأول هو التقدمة الطقسية الرائعة لكبش الفداء حيث تم عرْض مفهوم انتقال الخطيئة بشكل أفضل. في طقوس كبش الفداء كان يتم نقل خطايا الأمة بأكملها من كل إسرائيل إلى كبش الفداء (سندرس ذلك بالتفصيل).

لدينا سِجلاّت عن ثقافات أخرى في تلك العصور، وحتى قَبْلها، وكانت تقوم بأعمال مماثلة لأسباب مماثلة. على سبيل المثال في الثقافة الحثيّة كانت المرأة التي تأمل أن تَحمِل تلمِس قرْن البقرة الخَصبة على أمل أن تَنقل خصوبة البقرة إلى نفسها.

على الرغم من أنه لم يُقال لنا ذلك، فمن المحتمل جدًا أن نوعًا من الصلاة كانت يُتلى أو يُنشد مزمور أثناء وضْع اليدين على الحيوان… ربما من قِبل العابد والكاهن على حدٍ سواء. هناك العديد من المزامير التوراتية والأناشيد الأخرى من التقليد العبري التي تُشير إلى الذبائح المحروقة، ومن المحتمل أن تكون واحدة أو أكثر من هذه المزامير قد أُنشدت. من المؤكد تقريبًا أن المزامير أربعين، واحد وخمسين وستة وستين قد استُخدمت في النهاية خلال هذا الجزء من إجراءات التضحية. أقول في النهاية، لأنّ المزامير كُتبت بعد حوالى ثلاثة آلاف سنة بعد بناء خيمة الاجتماع؛ وثانيًا، لأنه كما ذكرت في مُقدمتي لسِفْر اللاويين، نعلم أنّ إجراءات الذبائح تغيرت وتطورت على مَرّ القرون.

بعد وضْع اليدين على الحيوان الذي قُتل. كان العابد، وليس الكاهن، هو الذي يقتل الحيوان، وكان هذا الأمر يتمّ في الجانب الشمالي من المذبح. ربما كان الحيوان، حسب نوعه، مربوطًا إلى أحد قرون المذبح الأربعة، ثم كان يتم ذبحه.

في الواقع ما فعلته هذه العملية هو قَطْع الشريان الرئيسي الذي يَمرّ عبر عُنق الحيوان (الذي يُرسل الدم إلى المخّ) مما تَسبّب في فقدان الوعي والموت الفوري تقريبًا. يَستخدم الكتاب المقدس كلمة محددة جدًا لذبح الذبيحة، وهي كلمة "شحات"، ويَشمل معناها الطريقة الدقيقة التي كان يجب أن يُذبح بها الحيوان، بحيث تكون غير مؤلمة وسريعة وغير إنسانية؛ وكان يتم ذلك بطريقة تَسمح بحبْس بعض دمه أو كُلّه في وعاء مُصرّح به. ثم يتم تقديم الدم إلى الله ونثره في النهاية على جوانب المذبح النحاسي.

بعد ذلك، كان يُسلخ جلد الحيوان ثم يُقطع، أي يُجزأ، إلى قطع. وعادةً ما كان العابد مسؤولاً أيضًا عن القيام بهذه المهمة، وكذلك غسل الأعضاء الداخلية بالماء؛ ولكن ذلك تَضاءل بمرور الوقت وتولى الكهنة واللاويين هذه المهمة. ثم يقوم الكاهن المَعني بوضْع قطع اللحم على المذبح، واحدة تلو الأخرى، لتلتهمها النار. ويحدث إجراء مختلف قليلاً إذا كانت الذبيحة المحروقة هي طائر، لأن حجمه وتشريحه يجعل نَحر عنقه وتقطيعه غير عملي. لاحظوا كيف أنّ العابد، أي الرجل العادي، يقوم بمعظم الواجبات، والكاهن يقوم ببساطة بالترسيم ويَجمع الدم في وعاء خاص بالطقوس، ويرُشّه على جوانب المذبح، ثم يضع اللحم في النار. عندما نتمكّن من تَصوُّر هذا المشهد، ونبدأ في فهم كيف أصبحت الكنيسة سلبية وعقيمة في أنشطة عبادتها. عادةً ما تنحصر مشاركتنا في العبادة في الظهور. ليس الأمر كذلك حسب خطة الله. لقد كان العابد مشاركًا نشطًا في العبادة…في هذه الحالة، في إجراءات التضحية.

والآن، ما كان هدف الذبيحة المحروقة؟ حسنًا كما أخبرتكم في مقدمة سِفْر اللاويين لم يكن كلّ قربان في نظام الذبائح يَتعلق بالخطيئة. من المثير للاهتمام أنّ الذبيحة الأولى التي فُرضت في سِفْر اللاويين، وهي ذبيحة عُلى، ولم تكن للتكفير عن خطيئة قد يكون العابد قد ارتكبها ….. على الأقل ليس بالطريقة التي قد يُفكّر بها المرء عادةً.

يتعلّق الأمر، كما تخبرنا الآية ثلاثة، بالطلَب من الله يَسمح لك، أنت العابد الذي قدّم الذبيحة، بالتقرّب من الله. السلام مع الله هو الهدف. كان يُنظر إلى عُلى على أنها هدية من العابد إلى الله، وهي نوع من الجمْع بين الهدية والفدية. وعلى الرغم من أن عُلى تُصنَّف تقنيًا كتقدمة طعام، إلا أن العبريين لم يعتقدوا أنّ الحيوان كان بطريقة ما طعامًا لإلههم. بدلاً من ذلك، وكما ذكرت سابقًا، فإن الأمر يتعلّق أكثر بالدخان المُنبعث من اللحم المحترق الذي كان يَصعد إلى الله في السماوات. كانوا يعتقدون أنّه عندما "يشمّ" الله الدخان، كان ذلك يُرضيه لأنه يشير أ) إلى أن الفرد كان مطيعًا لأوامره وب) أن السلام، شالوم، يتبلور. بعبارة أخرى، يريد الله بشدة أن يكون الناس في سلام معه لدرجة أنه أنشأ هذا النظام الذي كَلّف يَهوَه الملايين من مخلوقاته الحية الثمينة، مخلوقات كان يهتم بها كثيرًا، لكن البشرية كانت تعني له الكثير لدرجة أنه، من أجلنا، لم يُعفِ حتى عن تلك المخلوقات البريئة الجميلة …وكان من دواعي سروره أن يفعل ذلك لتحقيق هدفه في السلام مع الإنسان. عندما مات المسيح قيل لنا أيضًا أن الله "سُرَّ" أن بالتضحية بابنه…….لأنه قرَّب الإنسان خطوة أخرى من السلام الشامل والأبدي مع يَهوَه.

لذا فإنّ رائحة الدخان المُتصاعد من عُلى هي التي ترضي الله. مقبولٌ القول بأن دخان الذبيحة كان يُرضي الله، وهذا ما جعل الله يَتخذ موقفًا أكثر إيجابية تجاه ذلك الإنسان الذي كان يُقدّم عُلى ومع ذلك، دعونا نتذكّر أنّ الإنسان لم يكن يقدم ذبيحة محروقة عندما يرتكب خطيئة….. لم يكن ذلك الهدف منها. لقد كانت تُقدم بانتظام لسبب أساسي وهو الحفاظ على علاقة طيبة مع الله، عن طريق السعي لإرضائه عن طريق طاعة طقوس الذبيحة التي فرَضَها الله. لم يكن القربان يزيل الخطيئة ولم يغير العابد بأي شكل من الأشكال أي أن طبيعة العابد الخاطئة لم تتغيّر نتيجةً لهذه التقدمة…. فقط موقِف الله تجاه هذا الخاطئ قد تَغيَّر. ومع ذلك، هناك أدلّة كافية في سِفْر اللاويين ومن مختلف أنبياء العهد القديم وحتى من كَتَبة المزامير على أن عملية شبيهة بالتكفير كانت تحدث تزامنًا مع طقوس التقدمة المحروقة. لوصْف التقدمة المحروقة، أقول إنها متعلقة بحالة الإنسان الخاطئة بشكل عام، وليس الخطيئة المعينة التي ارتكبها شخص ما. وأعتقد أن كلمة "تكفير" قد لا تكون الأفضل لثقافتنا الغربية، لأن التكفير يحمِل في طياته فكرة أنّ شيئًا ما فعلتموه قد قُدِّم أمام الله، ولكن بهذه الذبيحة الطقسية قد "مُسح" وغُفر. ويبدو واضحًا جدًا أن التقدمة المحروقة ليست مُستخدمة لمحو شيء فعلتموه أنتم، بل هي فدية مقابل ما أنتم عليه: مخلوقات خاطئة بطبيعتها. وهذه الفِدية ضرورية فهي تسمح لكم، أنتم المخلوقات الناقصة، بالاقتراب من الله الأقدس والأكثر كمالاً. عُلى هي ذبيحة طوعية للفَرد. يتم تقديمها كمسألة قلبية. إنها اعتراف بحالة المرء الفاسدة وتدلّ على الاستسلام الكامل لنظام عدالة يَهوَه ومشيئته. لذلك بقدر ما قد تكون الدلالات صعبة عند التعامل مع العهد القديم، أعتقد أن الطريقة الأفضل لفهم "عُلى" هي اعتبارها تمهيدًا لطريق المصالحة بين الإنسان الفاسد والله الكامل. من المقبول أيضًا أن نقول إنّ التقدمة المحروقة كانت توفّر حماية من غضب الله.

إنّ إحدى أفضل أمثلة الكتاب المقدس المُتعلقة بالأهمية الروحية للتقدمة المحروقة، والتي تَحدث حتى قبل أن يُعطى نظام الذبائح لموسى، هو الاقتراب من تقديم إسحاق قربانًا على يد أبيه إبراهيم. تَشمل العناصر إسحاق الذي كان سيُقتل ويُحرق على المذبح. ويمكننا أن نرى من القصة أن الأمر أيضًا لم يكن يتعلّق بخطيئة ارتكبها إسحاق أو إبراهيم. فما كان الموضوع؟ كان موضوع "عُلى" أو التقدمة المحروقة متعلقًا بالاستسلام لله والطاعة التامة له من جانب العابد…إبراهيم. كما أنها أظهرت مبدأ الاستبدال عندما تم استبدال إسحاق بكبش كان قد عُلق بقرنيه على بعض شجيرات الشوك القريبة. وأظهرت الذبيحة فكرة الفدية…… أي أن إسحاق كان يجب أن يكون ثمنًا يُدفع، طوعًا، لكي يكون البشر في سلام مع الله.

بالطبع لم يحصل ذلك لأن يَهوَه أوقف العملية قبل موت إسحاق بقليل. إذًا لمَ كلّ هذا…ما الفائدة من إخضاع إبراهيم وسارة وإسحاق لهذه المِحنة الرهيبة، فقط لتوقيفها بعدئذٍ؟ لقد كان ذلك ظلًا للنظام الذبائحي اللاوي المُستقبلي (وقعت حادثة إسحاق قبل الخروج بأكثر من خمسمئة سنة)، وظِلًا ليسوع الذي كان سيأتي مستقبلًا. في النهاية، أخذ الله الآب دور إبراهيم، وأخذ يسوع الناصري دور إسحاق. في هذه المرة فقط، لم يُوقف يَهوَه هذه العملية لأن الصفقة الحقيقية….. كانت ذبيحة يسوع التي كان الله يُعِدّ لها قبل خلْق آدم.

سنرى بينما نمضي قدمًا أن الذبيحة المحروقة كانت تتم غالبًا مع أنواع أخرى من الذبائح…خاصةً إذا كانت تلك الأنواع الأخرى من الذبائح تُقدم للتكفير عن ارتكاب خطية. ولكن في الإصحاح الأول يتم تأسيس المبادئ الأساسية لجميع الذبائح. وأهمّ هذه المبادئ هي أنّ كاهنًا من قبيلة لاوي يجب أن يتولّى عملية التضحية وإلا كانت باطلة وعِرْضة لأن تجلِب النجاسة إلى ما هو مقدّس. هذا خروج كبير عن الطريقة التي كانت عليها الأمور بالنسبة لإسرائيل حتى ذلك الوقت؛ لأنّ قبل تسليم هذه الشرائع الخاصة بالقرابين لموسى، كانت كل عائلة عبرية تقوم بطقوسها وشعائرها الخاصة بها مع بِكر العائلة الذي كان يعمل بمثابة كاهن العائلة. هذا التقليد الذي دام قرونًا من الزمن أصبح الآن محظورًا وانتقل إلى كهنوت إسرائيل الذي تأسس حديثًا. بالمناسبة: لم يتقبل شعب إسرائيل هذا الواقع الجديد بسهولة، ولم يُقدّر الأبكار على وجه الخصوص فقدانهم لمكانتهم التي سَلبتها منهم شرائع موسى هذه.

والأمر الآخر الذي نُلاحظه هو أن الكهنة وحدهم هم المخَوّلون بالتعامل مع دم الذبيحة، بالإضافة إلى ذلك كان يجب أن تُجمع كمية من دم كل ذبيحة وتُرش على المذبح المقدس. إذا لم يتم رَشّ دم الحيوان على المذبح، فقد لا تكون التقدمة تمّت. الدم هو بيت القصيد من الذبيحة. لقد تناولنا بإيجاز سبب اشتراط رش الدم على مذبح النحاس في دروس سِفْر الخروج، وسنتحدّث عنه مرة أخرى؛ ولكن يكفي الآن أن نقول إنه فقط عن طريق لمْس دم الحيوان للمذبح فقط، تنتقل قداسة المذبح إلى دم الذبيحة. إحدى المبادئ الكتابية البارزة للقداسة تقول إنه بمجرد أن يُعلن الله قداسة شيء أو شخصٍ ما، فإن حالة القداسة هذه يمكن أن تنتقل من شيء إلى آخر، ومن شيء إلى شخص، ومن شخص إلى شخص، ومن شخص إلى شيء بمجرد اللمس. وبالطريقة نفسها فإنّ الشيء أو الشخص المُدّنس الذي يلامس شيئًا أو شخصًا مقدسًا آخر يُصاب الإثنين بالنجاسة. لذا يجب على ما هو مقدّس أن يبقى منفصلاً عن كل ما هو شائع أو نجس.

ولكي يكون دم الذبيحة فعالاً يجب أن يصل، بطريقة ما، إلى حالة من القداسة وإلا فلا يمكن تقديمه إلى الله. ليس الحيوان المذبوح ولا دمه مقدسًا بطبيعته؛ لا يحدث شيء سِحري عندما يُستخدم حيوان كذبيحة ويُراق دمه. ولكن هذا الدم يُصبح مقدسًا في اللحظة التي يلامس فيها المذبح النحاسي، وتنتقل قداسة مذبح الله إلى الدم الذي أُريق عليه. والآن الدم يقوم بهدفه.

في الأسبوع القادم سَنتطرق إلى الإصحاح الثاني من سِفْر اللاويين ونُناقش التَضحية التالية الأكثر شيوعًا والتي تُدعى بالعِبرية " المينشا".