21st of Kislev, 5785 | כ״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللاويين الدرس الخامس والثلاثين – خاتمة الإصحاح الثالث والعشرين
سِفْر اللاويين الدرس الخامس والثلاثين – خاتمة الإصحاح الثالث والعشرين

سِفْر اللاويين الدرس الخامس والثلاثين – خاتمة الإصحاح الثالث والعشرين

Download Transcript


سِفْر اللاويين

الدرس الخامس والثلاثين – خاتمة الإصحاح الثالث والعشرين

الإصحاح الثالث والعشرين من سِفْر اللاويين هو المكان الذي فُرضت فيه الأعياد التوراتية السبعة وتم شَرحُها. لقد تناولنا الأعياد الأربعة الأولى منها حتى الآن: أعياد الربيع الثلاثة: عيد الفِصح، وعيد الفَطير وعيد البواكير، ثم العيد الصَيفي الأول الذي يُسمى بالعبرية شافوعوت، والمَعروف في المسيحية بإسم عيد العنصرة.

والآن نَصِل إلى أعياد الخريف الثلاثة. لقد ألقينا نظرة على أوّل هذه الأعياد، يوم تيرواه، المَعروف في أيامنا هذه بإسم روش هوشاناه، رأس السنة اليهودية. يَقَع هذا اليوم في اليوم الأول من الشهر السابع من تقويم المُناسبات الدينية العبرية. وبعد عشرة أيام هو يوم الغفران، يوم التكفير، واليوم الذي بدأنا في مُناقشتِه قبل انتهاء درسنا الأسبوع الماضي هو عيد سوكوت، المَعروف أيضًا بإسم عيد المَظال، والمَعروف أيضًا باسم عيد الأكشاك.

دعونا نُعيد قراءة جزء صغير من سِفْر اللاويين الثالث والعشرين لتحديد سِياق دَرْس اليوم.

إعادة قراءة سِفْر اللاويين الإصحاح ثلاثة وعشرين الآية ثلاثة وثلاثين – النهاية

أول شيء تَمّ تَحديده هو تاريخ عيد سوكوت: يَبدأ في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع (المَعروف اليوم بإسم تِشري). يجب أن يَكون حَدَثًا مُدّته سبعة أيام، وبعد الأيام السبعة، في اليوم الثامن، يكون اجتماعًا مقدّسًا؛ اجتماعًا للعِبادة.

في الآية السابعة والثلاثين تَعرَّفنا أيضًا على جُزء آخر من طقوس الإحتفال بعيد العرش ويُسمى بالعبرية نيسك ويعني الإراقة…أو كما يُطلق عليه عادةً…تقدِمة الشراب (لا أحبّ هذا المصطلح لأنه يَستحضِر صورة ذهنية خاطئة لما يجري هنا). تَتكوّن الإراقة عادةً من الماء أو النبيذ أو كليهما. القُربان المذكور هنا هو إراقة ماء. ومن دون الخوض في كل تفاصيل الطقوس الفعلية دعوني أقول فقط أنّ الماء يوضع في إناء خاصّ ثم يُسكب من قِبل كاهن في الهيكل خلال احتفال خاص.

ما معنى إراقة الماء هذه؟ الأمر بسيط في الحقيقة. إذا تَذكَّرنا أنّ كلّ هذه الأعياد قائمة على الزراعة وأنّ عيد المَظال، عيد سوكوت، يحدُث في آخر موسم الحَصاد قبل زراعة محاصيل جديدة، فإنّ إراقة الماء مُرتبِطة بالتوسُّل إلى يَهوَه من أجل المطَر.

عادةً ما يكون موسَم الأمطار في إسرائيل في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) إلى آذار (مارس). كان المَطَر هو المفتاح، لأنّ بني إسرائيل لم يُمارسوا الرَيّ. إذا لم تَهطُل الأمطار، فسيكون حَصاد الربيع ضعيفًا جدًا. كانت الإراقة المائية تحدُث كل يوم خلال عيد المظال. وبما أنه لم يُذكر في التوراة سوى القليل جدًا عن كيفية تنفيذ طقوس إراقة الماء فقد تًطوَّرت التقاليد وبالطبع تَغيَّرت هذه التقاليد مع مرور الوقت.

بسبب شيء أريد أن أعرِضه لكم بعد قليل، عن قصة تَتعلّق بيسوع، أريد أن أشرح بإيجاز تقليد إراقة الماء كما كان يُمارس في أيامه.

كان رئيس الكهنة يأخُذ إناءً خاصًا إلى بِركة سلوام ويَملأه بحوالى ربع لِتر من الماء. في هذه الأثناء، كان بعض الكهنة الآخرين يذهبون إلى بِركة ماء أخرى حيث ينمو الصَفصاف؛ وكانوا يَجمَعون الصَفصاف ويَضعون أغصان الصَفصاف الطويلة هذه على جوانب مذبح القرابين العظيم، بحيث تَمتدّ فوق المِنصّة وتُشكل مِظلة. كانت هناك بِركتان مُختلفتان من المياه لسبب عَمَلي للغاية: كانت بِركة سلوام قريبة من المكان الذي كانت المدينة تحصل منه على الكثير من المياه العذبة. كانت بِركة سلوام كبيرة جدًا، تَبلغ مساحتها نِصف فدّان على الأقل، وكانت بِركة تُغذّيها قناة مائية من صنع الإنسان. كان الناس يغسلون ملابسهم هناك ويَملأون أباريق الماء للشرب والطبخ. ولأن هذه البركة كانت مُجصّصة فقد كانت تُشبه إلى حدٍ كبير حمّام السباحة الحديث الكبير، لذلك لم يكُن ينمو فيها أيّ نبات. لذلك من أجل الحصول على أغصان الصَفصاف اللازمة، كان على مجموعة من الكهنة الذهاب إلى مَصدر مياه طبيعي، حيث كان يَنمو النبات. من المُحتمل أن يكون ذلك المصدر جَدولاً كبيرًا كان يَتدفّق في وقت من الأوقات عبر وادي كيدرون وحنوم اللذين كانا يَحُدّان أسوار المدينة، ولكن ربما كان عليهم أن يذهبوا إلى نهرِ الأردن، على بعد عدة أيام من السَفَر، ليَحصلوا على أغصان الصَفصاف التي كانت تُجلَب إلى الهيكل من أجل هذا الاحتفال.

كان رئيس الكهنة يَغمِس إبريقه الذهبي في بِركة سلوام، ثم يَمضي إلى بوابة مَعروفة في الأسوار العالية التي كانت تُحيط بالمدينة المقدسة: باب الماء (وقد اكتسبت اسمها بسبب هذا الاحتفال بالتحديد). كان ينتظر هناك إلى أن ينفخ بعض اللاويين ثلاثة نَفخات عالية في البوق، ثم يَذهب إلى المذبح العظيم، وأمام جُموع غفيرة يَسكُب الماء وهو يقول بصوت عالٍ: ”لذلك بِفَرَح تَستقون الماء من آبار الخلاص“ (هذا مأخوذ من أشعياء الإصحاح إثنا عشر الآية ثلاثة). وبينما كان رئيس الكهنة يَسكُب الماء كان كاهن آخر يَسكُب خَمرًا من إبريق، وعندما يتم ذلك كان اللاويون يعزفون الموسيقى، ثم يَتلو الحَشد المزمور الإصحاح مئة وثمانية عشرة: الآية خمسة وعشرين ”خَلِّصْ الآنَ يَا رَبُّ، يَا رَبُّ، أَرْسِلِ الآنَ خِصْبًا“. كان هذا النشيد يُسمّى هوشانا (هوشعنا). خلال هذا النشيد كان عشرات الكهنة يَسيرون حوله مُلوِّحين بأغصان النخيل. آمل أن تتذكروا حَدَثًا من كتاب العهد الجديد يَشمَل العناصر نفسها.

لقد ذَكرتُ مرارًا وتكرارًا أنّ كل مَشهد في الكتاب المقدس عن وجود يسوع في أورشليم كان له علاقة بوجوده هناك في أحد أعياد الحج الثلاثة. على كل حال، عاشَ يسوع في الشَمال في الجليل بعيدًا عن أورشليم، لذلك كان يَجِب أن يكون هناك سبب وَجيه لمغامرته هناك. ليس هذا فحسب، بل إنّ يسوع لم يكُن لديه الكثير من الاعتبار للكهنوت واليهودية القائمة على التقاليد التي كانت تحكُم كل جانب من جوانب حياة اليهودي؛ لذلك وعلى عكس الغالبية العُظمى من اليهود في ذلك العَصر لم يكن يَتوق إلى هناك. دعونا نلُقي نظرة على إحدى تلك المرات التي كان فيها في أورشليم لأنها تَتمحور حول العيد الذي نَتناوله الآن: عيد المَظال.

اقلبوا كتبكم إلى سِفْر يوحنا، الإصحاح السابع. للتأكّد من صحّة السِياق عندما ندرُس كَلِمة الله، سنَأخذ الوقت الكافي لقراءة هذا الإصحاح بأكمله.

قراءة يوحنا الإصحاح رقم سبعة بكامِله

تقول الآية الثانية أنه كان وقت عيد المَظال، في أوائل الخريف، حوالى عام ثلاثين ميلادي. كان يسوع في منطقة الجليل مَسقَط رأسه وكان مُترددًا في الذهاب إلى أورشليم لأنّ أورشليم كانت في مُقاطعة اليهودية. ويَقول إنّ اليهود كانوا يَسعون لقَتْله. في الواقع هذه العبارة مُضلِّلة؛ فما تقوله في الواقع هو أنّ ”كان يهودٌ يَسعون لقتْله“. وبعبارة أخرى، عَنى بعض اليهود فقط (أولئك الذين كانوا يعيشون في مُقاطعة اليهودية) من الذين كانوا ضدّه، وليس اليهود الذين كانوا يَعيشون في مناطق أخرى. في أيّام يسوع كان من المُعتاد أن يُطلق على اليهود من الجَليل اسم الجليليين، واليهود من السَامِرة اسم السامريين، واليهود من اليهودية كانوا يُسمون (بشكل مناسب) باليهود. كان يسوع جَليليًا.

لم يكُن الجليليون عمومًا يُحبّون اليهود، واليَهود لم يكونوا يُحبّون الجليليين، ولم يَكن لليهود ولا للجَليليين فائدة كبيرة للسَامريين.

في هذا الوقت من التاريخ كانت اليهودية مُنقسِمة جدًا، بشكل عام على أساس الحُدود الإقليمية (ولكن أيضًا وِفقًا للمُعتقدات السياسية ونَسَب العائلة). كان الجليليون بَعيدين عن العاصمة اليهودية أورشليم، لذلك كانوا أقل تَأثّراً بالسِياسة الدينية والنُخبة المُثقّفة التي كانت تُمثِّل السُلطة الحاكمة للديانة اليهودية وكانت قاعدة قوّتها، أورشليم. كان الأمْر يُشبِه إلى حدٍ كبير ما يَحدُث في الولايات المتحدة الأمريكية اليوم حيث نتحدَّث عن الولايات الحمراء والولايات الزرقاء: الولايات الزَرقاء تعني الليبرالية السياسية، والولايات الحمراء تَعني المُحافظة السياسية. وبشكلٍ عام نَجِد أنّه كلّما كانت الولاية أقرب إلى العاصمة واشنطن كلّما كانت أكثر ليبرالية وأكثر اهتمامًا بالنِقاط الدقيقة في السياسة، وكلما كانت الولاية بعيدة عن مَركَز الحُكم، كما هو الحال في الغَرب الأوسط، كان الناس أقلّ اهتمامًا بالسياسة وأقل إعجابًا بما يُسمّى بالنُخبة المثقَّفة. بل يريدون فقط أن يَعيشوا حياةً بسيطة ويمارِسوا مُعتقداتهم بطرُق أكثر بساطة. كان الأمر كذلك في الأرض المقدّسة في زمن يسوع.

كان الجليليون يُشبهون الناس الذين يعيشون في كَنساس، بينما كان اليهود أشبه بسكّان نيويورك.

ولكن على الرغم من الاختلافات والخِلافات الكبيرة، بينما كان الجليليون لا يزالون يَعترفون بأورشليم عاصمةً دينيةً لهم، اتّخذ السامريون خطوة جذرية في تأسيس نوعهم الخاص من اليهودية المُنفصِلة. لقد انفصَل السامريون، من الناحية العَمليّة، عن النظام الديني الذي كان مُتمركزًا في أورشليم. لقد أنشأوا كهنوتًا مُنفصِلاً مع رئيس كهنة خاصّ بهم؛ حتى أنهم بَنوا هيكلهم الخاص على جَبَل جرزيم في السامرة، حيث كانوا يَذبَحون فيه على مذبح الهيكل الخاص بهم. أقول لكم كل هذا حتّى تَفهموا أنّ جَمْع كل اليهود معًا في أيّام المسيح، والقول بأن ”اليهود“ فعلوا هذا و”اليهود“ فعلوا ذلك، و”اليهود“ آمنوا بهذا وذاك هو تَبسيط مُفرَط لدرجة أنه خاطئ وغير دَقيق؛ إنه يُشبه إلى حدٍ كبير الطريقة التي ينظُر بها الناس في البلدان الأجنبية إلى مدينة نيويورك على أنّها المدينة الأمريكية النمطية، التي تُمثِّل نمط الحياة والمواقف الثقافية الأمريكية العادية. بينما في الواقع نحن الذين نَعيش في أماكن أخرى نعْلَم أن مدينة نيويورك هي الاستثناء أكثَر من كَوْنها القاعدة في أمريكا.

يُخبِرنا يوحنا فَصْل سبعة آية أربعة عشرة أنّه في مَكان ما في منتصف أيام عيد المَظال كان يسوع يُعلِّم في الهيكل؛ لذلك وكما هو مُتوقَّع، فقد كان يَحتفِل بشريعة لاويين ثلاثة وعشرين ويَحجّ إلى الهيكل في عيد المَظال. سأل بعض اليوحناويين الذين سمِعوه يَتكلّم، في العدد الخامس عشر، كيف يمكن لشخص غير مُتعلِّم أن يعرِف مثل هذه الأشياء التي كان يُعلِّمها وأن يُعلِّمَها بمِثْل هذا اليقين والسُلطة (أي أن كلامه يَدخُل في صميم كل قضية). لماذا افترضوا أنه كان غير مُتعلِّم على الرغم من أنه بدا أنه كان يَعرِف عن التوراة أكثر من أي شخص سَمِعوه من قبل؟ لأنه كان جليليًا. والمكان الوحيد في الأرض المقدّسة الذي كان يمكن للمرء أن يَحصُل فيه على تعليم ديني جيّد…..كان في إحدى المدارس الحاخامية العديدة الموجودة كلها في أورشليم. ولم يكُن أي جليلي مُتديِّن يَذهَب إلى تلك المدارس في أورشليم، فقد كان هناك عدم ثقة وكراهية بين يهود يهوذا ويهود الجليل.

أصبح يهود يهوذا في أورشليم أقلّية لبضعة أيام لأنه كان عيد المَظال. كان هناك يهود من جميع أنحاء آسيا والإمبراطورية الرومانية، وكذلك يهود من الأراضي المقدّسة في الجليل (وحتى عدَدَ قليل من السامرة الذين لم يُوافِقوا على انفِصال السُلطة الدينية السامرية عن سُلطة هيكل أورشليم).

معظم الناس الذين عاشوا في الأراضي المقدّسة كانوا على دراية تامّة بيسوع، ظَنّوا أنه كان واحدًا من أولئك الجليليين غير المحَبوبين، نعرِف ذلك لأنه يقول ذلك في سِفْر العدد الثامن والعشرين للجُموع ” أنتم تعرفونني وتعرفون من أين أنا…“.

كان يسوع الآن معروفًا جيدًا؛ كان له مُعجبون به ومُنتقِدون له. بعض اليهود كانوا قد آمنوا بالفعل أنه هو المسيح، والبعض الآخر اعتقدوا أنّ الفِكرة برمَّتها سخيفة في المقام الأول لأنه في أذهانهم لا يُمكن أن يأتي المسيح من الجليل؛ وآخرون اعتقدوا أنه خَطَر وفضَّلوا أن يذهب بعيدًا بأي وسيلة. كما جاء في الآية ثلاثة وأربعين: ” فَحَدَثَ انْقِسَامٌ فِي الْجَمْعِ بِسَبَبِهِ“. وبالطبع، هذا الانقسام الذي نراه لا يزال موجودًا اليوم نتيجة مجيئه.

والآن يُمكنني أن أطيل شرح هذا الإصحاح، ولكنني أريد فقط أن أعرُض لكم بعض الأشياء الأخرى. وتذكَّروا أنّ كل هذا يحدُث في سياق مشاركة يسوع في عيد المَظال.

يقول في الآية سبعة وثلاثين ما يلي: ”وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْعَظِيمُ مِنَ الْعِيدِ، وَقَفَ يَسُوعُ وَصَرَخَ قَائِلاً إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ“.

اليوم الأخير من عيد المَظال هو بِمثابة الخِتام العظيم. حتى أنّ التقليد أطلَق على ذلك اليوم الأخير اسمًا خاصًا: هوشعنا ربَاح. في ذلك اليوم الأخير يتمّ المُبالغة في جميع الطقوس وتوسيع نِطاقها. الطَقْس الخاص الذي أريد أن أركِّز عليه هو طقس إراقة الماء لأنه في كل أيام العيد الأخرى، كان رئيس الكهنة يأتي من خلال باب الماء بإناء ذهبي مملوء بالماء (مأخوذ من بِركة سلوام)، وكانت إشارة دخوله هي صَوت ثلاث نَفخات في البوق. ولكن في اليوم الأخير نَفَخ اللاويون سبع نَفخات في البوق ثم كرَّروا ذلك ثلاث مرات. انتظرت الجُموع في تَرقُّب شديد هذه اللحظة التي كان العيد فيها يَقترِب من نهايته. بعد ذلك حَمَل رئيس الكهنة إبريق الماء الذهبي بشكل مُهيب إلى المذبح وانتظر حتى هدأت الجموع وأعطَوْه كل انتباههم. ثم رَفَع إناء إراقة الماء ببراعة فائقة وسَكَب محتوياته للمرة الأخيرة…… لن يتّم ذلك مرة أخرى حتى العام القادم.

في هذه اللحظة بالذات، بينما كان الماء يَنضُب من الإبريق الذهبي، التَفَت يسوع إلى الجُموع وصاح ”إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ“. أترون أنّ معظم أقوال يسوع يُمكِن ويجِب أن نُحدِّدها مع بعض السياقات التي تَدور حوله لكي نَفهَم معناها الحقيقي.

يمكنكم أن تَتَخيّلوا الصَمت المُفاجئ والمُحرج للجُموع، والكهنة المذهولين والغاضبين، والفريّسيّين المُستائين. لقد استَغلّ يسوع الحَدَث الأكبر في العيد الأكبر، وطقْس إراقة الماء في ذروته، ليُعلِن نفسه إلهًا ويَنبوع الماء الحيّ! لقد خَتَم مصيره في ذلك الحين وهناك، في اليوم الأخير من عيد المَظال. حسنًا، لنَعُد إلى سِفْر اللاويين ثلاثة وعشرين.

إحدى الوصايا المثيرة للاهتمام التي يُعطيها الله للشعب هي أن يعيشوا في أكواخ سوكوت، خلال فترة العيد بأكملها. يمكن بناء هذه الملاجئ المفتوحة في الهواء الطَلِق بأي طريقة، لتُصبح هي أيضًا خاضعة للتقليد الحاخامي. كان ذلك لتذكيرهم بالأربعين سنة التي عاشوها في مأوى مؤقت في البرية.

يُمكنكم اليوم أن تروا في إسرائيل طُرق عدّة يبني بها الناس "سوكوت"، من البسيط إلى المُتقَن. حتى أنهم يُعلِّقون كُرات زجاجية زاهية الألوان وغيرها من الأشياء البرّاقة من سَقف السوكة……كما هو الحال مع شجرة عيد الميلاد.

بشكلٍ عام لم يَعُد الناس يعيشون تلك الأيام السَبعة في سوكوت. بالنسبة لأولئك الذين يُكلِّفون أنفسهم عناء الاحتفال بالأيام المقدسة، فإنهم يأكلون، وأحيانًا يَنام الأطفال، داخل تلك الملاجئ، ولكن هذا هو أقصى ما يمكن فِعْله.

أريد أن أشير إلى شيء مهّم بالنسبة لكم: التوراة ليس لديها سوى القليل جدًا لتقوله عن كيفية الاحتفال بهذه الأعياد وعن كيفية القيام بمعظم الشعائر التي فَرَضَها الله……خاصةً بعد إزالة جميع الطقوس القربانية. إنّ القواعد التي يَضعُها البشر هي التي تَجعَل معظم هذه الشعائر تبدو مُوحَّدة إلى حدٍ ما والتي غالبًا ما تًسبِّب جدالًا. وهذا ينطبق على يوم السبت أيضًا. ذلك لأن يَهوَه في التوراة يأمُرُنا بالقليل، يقول إنّ لدينا حرّية كبيرة في كيفية الاحتفال بهذه الأيام الخاصة. ولكن، هذا يَختلف تمامًا عمّا إذا كان بإمكاننا أن نَختار أن نَحتفِل بها أو لا نحتفِل بها. علاوةً على ذلك، فإنّ تَحديد موعد الاحتفال بهذه الأيام واضح تمامًا (على الرغم من بعض الخِلاف حول التقويم نفسه).

على الرّغم من أنني لا أحبّ فكرة التَخلّي عن مجموعة من التقاليد المسيحية الخاطئة من أجل مجموعة جديدة من التقاليد اليهودية الخاطئة، إلا أنه لا يوجد بالتأكيد أي خطأ في تأسيس التقاليد. ولقد أعطانا الشعب اليهودي بعض نِقاط البداية الجيّدة لمُمارسة شعائرنا؛ لذا لا ينبغي التَخلّي عن العديد من التقاليد اليهودية تَلقائيًا أكثر مما ينبغي التَخلّي عن تقاليد مسيحية تلقائيًا. لكن التقاليد (اليهودية أو المسيحية) ليست أوامر الله. لذلك بينما أنتم كعائلة، أو نحن كمجموعة، نعمل على فَهمِنا الجديد للتوراة وكيفية ارتباطَها بإيماننا في المسيح يسوع، نفهَم أنّ لدينا الكثير من الحرّية في تَحديد الطريقة … ولكن إذا كان يجِب الاحتفال بها والتوقيت …… بما يخصّ الأعياد التوراتية. لذلك دعونا لا نُطلق أحكامًا أو نَنتقد بعضنا البعض بشأنها على الإطلاق؛ بل دعونا نَستخِدم الحرّية المُتاحة لنا للإبداع بطريقة مُحترمة وصادقة مع المعنى الذي حَدَّده الله لكل مناسبة مقدّسة. دعونا نَستخدِم هذه الأعياد الكتابية التي رَسَمها الله لتَحُلّ مَحَلّ الأعياد البالية التي أعلنّاها نحن مقدّسة (ولكن الله لم يُعلِنها)، والتي هي دائمًا مجرّد تعديلات لأعياد وثنية.

الآن بعد أن فَهمتم بشكل أفضل الجانب المادي لعيد المَظال، ما هو الجانب الروحي لعيد المَظال خاصةً من الناحية النَبَوية؟ يُنذِر عيد المظال بإقامة الملكوت الألفي، عندما يَجلِب المسيح المؤمنين أمام أبيه. إنه التَجميع الأخير لشعب ملكوت الله؛ إنها الفرصة الأخيرة لأي شخص على قيد الحياة في ذلك الوقت للاعتراف بسِيادة يسوع. هذا الحَدَث أمامنا. ولكن، ليس بعيدًا جدًا، على ما أعتقد.

لقد قيل لنا أننا لا نَعرِف اليوم……في الواقع لا يَعرِف يسوع حتى اليوم……الذي سيَحدُث فيه التَجمُّع الأخير. ومع ذلك يقول إنّه يمكننا أن نَعرِف وقت العديد من الأشياء التي لا تزال مستقبلية بالنسبة لنا. وأنا بدأت أعتقد أنه باستخدامه كَلِمة ”موسِم“ كان يُلمِّح إلى حقيقة أنّ:

(أ) أعياد الكتاب المقدس، كونها قائمة على الزراعة، تَحدُث في مواسم حقيقية ومُحدَّدة (الربيع والصيف والخريف)، و(ب) لذلك، بما أننا نَفهم الآن الطبيعة النَبوية المُتأصّلة لأعياد الكتاب المقدس يُمكنِنا أن نعرِف أيًا من الأعياد تُمثِّل عودته بما أنّ أعياد الربيع قد تَحقّقت بصَلْبه وقِيامته، وبما أنّ عيد شافوعوت الصَيفي (العَنصرة) قد تُحقِّق بمجيء الروح القدس، فلَمْ يَبقَ سوى أعياد فَصْل الخريف الثلاثة. لذلك من الصعب أن نرى موسم عودته على أنه أي شيء آخر غير مَوسِم الخريف من السنة حَرفيًا.

يُخبِرنا الأنبياء أنّ إشارة التَجميع النهائي لشعب الله لملكوته هي عندما يعود اليهود إلى ديارهم. وهذا يَتناسب تمامًا مع نمط عيد المَظال. لأيام وأيام قبل بِدء العيد….في التحضير للعيد….. بدأ الشَعب حَجّهم إلى أورشليم. وبمجرّد وصولِهم إلى هناك بدأ العيد.

الأمر كذلك الآن، فاليهود يعودون إلى إسرائيل أكثر فأكثر كل يوم. الحَج جارٍ. الشيء الوحيد الذي لا نعِرفه على وجه اليقين هو متى سيَبدأ عيد التَجميع الأخير. لكني أراهن أنه سيحدُث في عيد المَظال……أنا فقط لا أعرف في أي سنة. بعد كل شيء كلّ عَمَل رئيسي آخر للمسيح وخِدمته تَزامَن بالضبط مع عيد من أعياد الكتاب المقدس. من موته في يوم عيد الفصح، إلى دخوله القبر في اليوم الأول من عيد ماتزا، إلى قيامته في عيد البواكير؛ ثم مَجيء الروح القدس في يوم عيد الشفوعوت، عيد العَنصرة. أما الحَدَث الرئيسي التالي الذي يَنتظِرنا فهو عيد الأبواق (روش هاشاناه، يوم تيرواه) ……دعوة إلى دعوة مقدّسة……. في هذه الحالة دَعوة إلى الحَرب عندما يَعود المسيح ليأخُذ سَنَد ملكية كوكب الأرض من الشرير. سريعًا في أعقاب هذا الحَدَث هو عيد المَظال، الدخول في الألفية.

ومن المثير للاهتمام، أنّه قيل لنا أيضاً أنّ عيد المظال سيَستمرّ في الألفية…… العيد الوحيد من بين الأعياد السبعة الذي سيَستمرّ على حَدّ عِلْمي. نقرأ عن هذا الأمْر في نبوءة زكريا، وهي نبوءة عن الأيام الأخيرة والانتقال إلى عَهد يسوع الذي يَمتدّ لألف سنة.

(نسخة الكتاب المقدس الأمريكية النموذجية الجديدة) زكريا فصل أربعة عشرة آية ستة عشرة ثُمَّ يَكُونُ أَنَّ يصعد كُلَّ مَنْ بَقِيَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ الَّتِي خَرَجَتْ عضد أُورُشَلِيمَ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَعْبُدُوا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ وَيَعْبُدُوا عِيدَ الأَكْشَاك فَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَصْعَدُ مِنْ عَشَائِرِ الأَرْضِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَعْبُد الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ لاَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَطَرٌ.

بما أننا سنَفعل هذا في الملكوت الألفي، ربما يجب أن نَبدأ بتعلُّم الطريقة.

قبل أن نَنتقل إلى سِفْر اللاويين أربعة وعشرين، أودّ أن أريكم شيئاً أعتقد أنه مُثير ومثير جداً في نفس الوقت. لقد أخبرتُكم سابقًا أنّ الإجراء المُتَّبع في الخاتمة الكبرى لعيد المَظال هو أنّه قَبْل دخول رئيس الكهنة إلى أرض الهيكل، كان اللاويون يَنفُخون في الأبواق السَبعة ثلاث مرات. أحَد الأسباب التي تَجعلني مُقتنعًا بأن يسوع سيَعود خلال أعياد الخريف هو نَفْخ الأبواق لواحد وعشرين مرة.

في سِفْر الرؤيا، بدءًا من الإصحاح الثامن، يَبدأ الرب الإله في صَبّ غَضبه على الكوكب بأسْرِه. هناك سلسلة من سبعة أحكام، ثم وَقْفة؛ ثم سبعة أحكام أخرى، ثم وقْفة، ثم سبعة أحكام أخرى، ثم وقْفة؛ تؤدي إلى عَودة المسيح ومَعركة هَرمَجدون. لاحظوا أنّ لدينا ثلاث سِلسلات من سبعة أحكام، تمامًا مِثلما هناك السلسلات الثلاث من سَبع نَفخات بوق لتُدخِل رئيس الكهنة إلى أرض الهيكل. لاحظوا أيضًا أنه في سِفْر الرؤيا بَعد هذه الدينونات الـواحدة والعشرين هذه، يدخُل يسوع الذي هو رئيس كهنتنا الأعظم إلى المَشهد ويؤدي إلى أن يأخذ مكانه في الهيكل كمَلِكِنا.

اسمحوا لي أن أشير إلى شيء آخر أيضًا لأنّه يَرتبِط مباشرةً بأعياد الخريف. لإعلان عودة المسيح قيل لنا أنه سيأتي بصَيْحة. هذا ما وَرَد في (نسخة الكتاب المقدس الأمريكية النموذجية الجديدة) رسالة بولس إلى تسالونيكي الأولى، الإصحاح الرابع، الآية الخامسة عشرة: لأَنَّ هَـٰذَا نَقُولُ لَكُمْ بِكَلِمة الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. الآية السادسة عشرة: لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ سَيَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ وَصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. الآية السابعة عشرة: حِينَئِذٍ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقُونَ سَنُخْطَفُ مَعَهُمْ فِي السَّحَابِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، فَنَكُونُ مَعَ الرَّبِّ دَائِمًا.

يُطلِق المسيحيون الإنجيليون على هذا الحَدَث اسم الاختطاف وقد كانت هناك تَكهّنات حول موعِد حدوث ذلك. تَحمِل هذه التكهنات عددًا من الأسماء كقَبْل وَوِسْط وبَعْد المِحنة. سأتحدّث بإيجاز عن ذلك بعد قليل، ولكنني أريد أولاً أن أتابع مع الكَلِمة الرئيسية ”صَيْحة“. لاحظوا أنّ واحد تسالونيكي فَصْل أربعة آية ستة عشرة تَربُط هذه ”الصَيحة“ التي تُعلِن نزول المسيح بِبوق الله. ويَجعَل أيضاً صوت رئيس الملائكة مُرتبطاً ببوق الله. إذاً فالصَيحة لها علاقة بصوت البوق. الكَلِمة العبرانية التي تَعني الصياح هي ”تيرواه“.

يُسمَّى العيد الأول من أعياد الخريف الثلاثة في الكتاب المقدس يوم تيرواه. إنّ تسمية هذا اليوم بروش هاشانا (كما هو الحال الآن) هو نوع من الألقاب غير المُستخدَمة في الكتاب المقدس، كما أنه يُعطي اليوم معنى إضافيًا. يوم تي-رواه يعني ”يوم نفخ الأبواق“ أو ”يوم صَيحات الأبواق“ أو كما هو مَعروف بِشَكْل أفضل ”عيد الأبواق“. في الواقع من بين الأنواع الثلاثة أو الأربعة المُسماة على وجه التحديد من نَفخات البوق أو الشوفار في الكتاب المقدس، يُطلق على أحدها اسم ”تي-رواه“، وتعني ”الصَيحة“.

يَحدُث عيد الأبواق قبل أسبوعين فقط من عيد سوكوت. وبما أنه قيل لنا في واحد تسالونيكي فَصْل أربعة آية ستة عشرة أنّ المسيح سيَعود ”بِصَيْحة“، وهذه الصَيْحة مُرتبِطة مباشرةً بِبوق الله، فلا شك عندي مُطلَقاً أنّ هذه الصيحة هي صيحة البوق وليست ”صَيْحة“ مثل مجموعة من الناس يَصرخون بكَلِمات أو عبارات.

علاوةً على ذلك بما أنّ ”الصَيْحة“، أي ”صَيْحة البوق“، تُعلِن عودة المسيح، وبما أنّ عيد الأبواق يَحدُث قبل أيام قليلة من عيد المَظال، فأنا متأكّد أنّ واحد تسالونيكي يُشير إلى يوم عيد الأبواق.

لذلك يُظهِر لنا الكتاب المقدس أنّ الإجراء الخاصّ بعودة المسيح والدخول إلى الملكوت الألفي يَتبَع بالضبط نَمَط أعياد الخريف. أولاً هناك ”صَيْحة“ (البوق)، ثم هناك ثلاث مجموعات من سبعة أحكام، ثم يعود المسيح. الآن هذا لا يَتّفِق مع الجدول الزمني المَبني على أساس عقائدي لبعض الإنجيليين الذين يَرَون اختطافًا ما قَبْل أو مُنتصف المِحنة. لكن، بصراحة، أعتقِد أنّ هذا النوع من الجداول الزمنية لا يَتماشى مع هذا الجدول الزمني على الإطلاق. إنه يَنتهِك كل نَمط أَمْر مِن الله نَصّ عليه الكتاب المقدس، وبالتأكيد لا يقول الكتاب المقدس في أيّ مكان أيّ شيء عن تَجَنُّب المسيحيين للمِحْنة (هذا مجرد أمَل). ما يقوله هو أنّ الله سيَختصِر الدينونات الإلهية التي سيَصُبّها وإلا فلن يَستمرّ أي كائن حيّ في الوجود على هذه الصَخرة التي نُسمّيها الأرض.

كذلك يجب أن نَفهم أنّ هناك فرقًا شاسعًا بين المِحنة وغَضب الله. المِحنة التي يَتحدَّث عنها الكتاب المقدس لا علاقة لها بغَضَب الله الذي يُسكَب؛ بل تَتعلّق بشرور البشر. المِحنة هي عن البشر الذين يَفعلون أشياء فظيعة للبشر الآخرين بدافع الشرّ. هي ليست فِعْل الله في حدّ ذاتها، بل هي فِعْل البشر.

أما غَضَب الله من ناحية أخرى فهو عَمَل إلهي من أعمال الدينونة التي يقوم بها وكلاء الله الروحيون، ملائكتِه. إنها عقوبات مُوحى بها من الله على الأرض وسُكّانِها. وهكذا لدينا ملائكة الله يَسحَقون الكوكب بتلك المجموعات الثلاث من الدينونات السَبع الخارقة للطبيعة (التي غالبًا ما تُدعى دينونة الختم والبوق والوعاء) عندما يُعطي الله الأمْر بذلك.

إنّ النمط الكتابي منذ سِفْر التكوين هو أنّ شعبَ الله لا يهرُب من المِحن التي من صُنْع الإنسان؛ ولكننا نَهرُب من غَضَبه الإلهي. لا يَهرُب شعب الله (المُعرَّفون بأنهم أولئك الذين هم في شِرْكة معه) من الحكام الأرضيين الأشرار، أو من الاستشهاد من أجل إيماننا. ولكن لا يَصُبّ الله أبدًا غضَبه على الأبرياء مع المذنبين. الله لا يُهلِك شعبه مع أعدائه.

لذلك بينما لا أدّعي أنني أعرِف التوقيت الدقيق لكل أحداث نهاية الأزمنة هذه، يبدو لي أنه من غير المعقول أنّ المسيحيين سيُفلِتون من المتاعب التي يُسبِّبها الأشرار. لطالما كان الناس في شِركة صحيحة مع الرَب يَتعرّضون للأذى والقَتْل. معظم كتَبَة العهد الجديد ماتوا موتًا شنيعًا. المُبشِّرون يُقتلون بانتظام. في جميع أنحاء هذا العالم، اليوم، يَتعرّض المسيحيون للتعذيب والقتْل بسبب إيمانهم. ستَظلّ المِحَن تزداد سوءًا إلى أن يَشعُر الله أنّ الوقت قد حان للتصرّف. ما سيَنجو منه المؤمنون هو التدفُّق المُدمِّر لدينونات الله الـواحدة والعشرين على الأرض؛ لن نَتعرَّض لغَضبه.

لذلك يبدو لي أنه في السنوات القادمة عندما يَخرُج الشر عن السيطرة تمامًا، ولكن قبل أن يَنْصَبّ غَضَب الله على الأرض وسكاّنها، سيَحدث الاختطاف وسيُختطف المؤمنون بشكلٍ أو بآخر.

أعتقد أيضًا (وأريد أن أوضح أنّ هذا هو رأيي) أنّ هذه الدينونات الـواحدة والعشرين ستأتي بسرعة كبيرة، تبدأ في يوم تيرواه (اليوم الأول من الشهر السابع حسب التقويم العبري)، وتَنتهي بعيد المَظال بعد خمسة عشرة يومًا فقط.

لماذا لا يُمكن أن يَبدأ غضَب الله في يوم تيرواه من سنة واحدة، وأن تُسكب هذه الدينونات الـواحدة والعشرين على مدى فترة أطول من سنة أو أكثر، ثم يأتي يسوع في عيد المَظال في سنة أخرى؟ لأنّ ذلك من شأنه أن يكسِر النمط التوراتي. قُتِل يسوع في عيد الفِصح، وذَهَب في اليوم التالي إلى القَبر في عيد المَظال، ثم قام من بين الأموات في عيد البواكير وبعد خمسين يومًا جاء الروح القدس. حَدَث كل هذا بالتتَابع في نفْس السنة؛ ليس هناك سبب للاعتقاد بأنّ التحقيق النبوي لأعياد الخريف سيَمتدّ على مدى سنوات مُتعدِّدة؛ أنا مُقتنع بأنها ستَتَحقّق بنفس الطريقة التي تَحققّت بها أعياد الربيع والصيف.

أنا مُقتنِع بنفْس القَدْر أنّ السّبب في العديد من تعاليم نهاية الزمان التي نراها اليوم والتي تَتطلب مساعدة لِفَكّ الرمزية هو أنّ المسيحيين الأمميين قد تَغاضوا عن بعض الأمور. عندما قَرَّرنا أنّ الناموس والأنبياء تمّ إلغاؤهم، وأنّ العهد القديم لم يَعُد ذا صِلة، ألغينا أيضًا كل أنماط الله. هذه الأنماط هي سِياق فَهْم العهد الجديد.

لذلك عندما يتم تَجاهلها، نَبتعِد عن المَسار حتى لو كانت هناك حقيقة صَلبة مدفونة في مكان ما.

سنبدأ بسِفْر اللاويين، الإصحاح الرابع والعشرون، في المَرّة القادمة.