سِفْر اللاويين
الدرس الثالث عشر – الإصحاحان عشرة وأحد عشر
سنُكمل هذا المَساء قِصة ابنيّ هارون، ابنيّ شقيق موسى، نداف وأفيهو. بعد تكريس الكهنوت، بدأ الكاهنان نداف وأفيهو في مُمارسة الطقوس في خَيمة الإجتماع ، لتَخرج نار من الرب فجأةً (كان مَجده في خيمة الإجتماع ) وتحرق هذين الرجلين.
والسؤال الذي طرحتُه قبل أن نَختتم الدرس الأخير هو: "ما الذي قد استَفز يَهوَه ليفعل شيئًا بهذه القساوة"؟ ليس لديَّ شك في أنّ موسى، وهارون، وشيوخ إسرائيل، وقادة القبائِل، وبني إسرائيل العاديين، كانوا مَذهولين بسبب ما حَدَثَ للتو أمام أعيُنهم.
دعونا نُعيد قِراءة الإصحاح العاشر من سِفْر اللاويين لأننا بالكاد عالَجْناه في المرة الأخيرة التي التقينا فيها.
قراءة الإصحاح عشرة من سِفْر اللاويين بكامله
يَهوَه، العارِف بأفكار كل البشر، لا يضيع ثانية واحدة في السّماح لهارون…. والحاضرين…. والذين سيُخبرون فيما عن هذه المأساة المُرعبة…. ما الذي سبّب ذلك. ويُعلنها موسى لهارون في الآية ثلاثة:
(نسخة الكتاب المقدس الأميركية النموذجية الجديدة) لاويين الإصحاح ثلاثة الآية عشرة "فَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: "هَذَا مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ قَائِلاً:"مِنْ قِبَلِ الْمُقَرَّبِينَ مِنِّي أُعَامَلُ كَمُقَدَّسٍ وَأُكْرَمُ أَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ". فَسَكَتَ هَارُونُ."
في حين أنّ ما أثار غضب يَهوَه ظاهريًا، قد يكون انتهاكًا إجرائيًا لدرجة أنه قضى على حياة اثنين من أبناء هارون، إلا أنّ السبب الحقيقي كان أنّهما داسا على الشيء الوحيد الذي لا يمكن أن يَسمح الله بانتهاكه أبدًا: قداسته. يقول يَهوَه ….. سأعامَل كقدوس. وخاصةً من قبل أولئك الذين أذِنت لهم بالاقتراب مني. وأولئك الذين تَشرّفوا بالخدمة العلنية، في منصِب رفيع (مثل الكاهن)، يجب أن يُعاملوا بمعايير أعلى حتى"أُكرَّم أمام جميع الشعوب". إذا كان الكهنة يُظهرون ازدراءً وإهمالاً في عبادتهم، فماذا عن عامّة الشعب؟
في الآية أربعة، نجِد أنّ موسى قد أمَر أبناء عم نداف وأفيهو بإخراج جثتيهما من منطقة خيمة الإجتماع ؛ في الواقع تمّ نقلُهما إلى منطقة وُصفت بأنها "خارج المخيم". الكهنة ممنوعون من لمس الجثث، على الرغم من أنه عندما يتعلق الأمر ببعض الأقارب، فإنّ ذلك مسموح. لا يُمكن لرئيس الكهنة أن يلمِس جثة ميت أبدًا، حتى جثة زوجته أو والديه أو أولاده. إذا لمَس الكاهن جثة ميت فإنه يُصبح على الفور مُدنسًا…غير نقي…ويجب أن يَمرّ بإجراءات تطهير طويلة ليُصبح مرة أخرى
طاهراً وقادراً على استئناف مهام منصبه الكهنوتي.
في ظلّ الظروف العادية، كان سيقَع على عاتق ابني هارون الأصغر سنًا، أليعازر وإثامار، التعامُل مع جثث إخوتهم. ولكن بما أنهما أيضًا كانا قد كُرِّسا للتو كاهنين؛ كان من غير اللائق في هذه الذبائح الافتتاحية أن يَتنجّسا بمخالطة الموتى. لذا، وقع الواجب الثقيل على عاتق ميشائيل وإيل زفان.
كان نقلُ الموتى إلى مكان "خارج المخيم" أمرًا طبيعيًا. لم يكن من الممكن أن تكون جثث الموتى في أي مكان داخل مخيم إسرائيل، لئلا يتَنجس المخيم وأولئك الذين قد يُلامسون القبر. هناك قاعدة يجب أن نتذكرها عند قراءة الكتاب المقدس وهي بين أكثر الطُرق التي تجعل الشخص نجسًا جرّاء تأدية الطقوس، لم يكن هناك ما هو أخطر وأكثر جديّة من ملامسة الموتى؛ لذلك كان يتم تجنّب ذلك حيثما أمكن.
ورد في الآيتين ستة وسبعة أنّ هارون وابنيه اللذين ما زالا على قيد الحياة لم يعد مُجاز لهما المشاركة في إجراءات الحِداد المعتادة على الموتى. في الواقع، يُقال لهما أنهما إذا شاركا في نعي أقربائهم فسوف يُقتلون هم أيضًا. ولأنهم كهنة، وبالتالي يُمثّلون أمة إسرائيل بأكملها، فإنّ الجماعة كلها ستكون عِرضة لغضب الله إذا شاركا في المأتم.
هل يبدو لكم كل هذا قاسيًا بعض الشيء؟ ماذا حدث للإله الذي أنقذ هذا الشعب من يد فرعون برحمته؟ أين هو الغفران الذي مَكَّن هارون وبنيه من أن يصبحوا كهنة، مع أنهم منذ وقت قصير بنوا العِجل الذهبي واحتفلوا به؟ كيف يمكن لإله يُقدّر الحياة لهذه الدرجة، أن يسلب الحياة في لحظة دينونة وعقاب إلهي؟
هذا هو الجانب من صِفات الله الذي نُفضِّل ألا نتحدث عنه. هذا هو الجانب من صفات الله الذي تم تَفاديه من قبل رجال الدين ذوي النوايا الحسنة الذين يريدون أن يرى الناس رحمة الله ولطفَه المُحب حتى ينجذبوا إليه. وهذا هو الجانب من الله الذي يقول الكثير من أبناء الكنيسة إنه لم يَعد موجودًا؛ وأنه كان تدبيرًا من العهد القديم؛ وأنه في تدبير العهد الجديد ترَك إله العهد الجديد بطريقة ما غضبه ودينونته. الإله الذي قيل لنا مرارًا وتكرارًا أنه لا يتغير أبدًا….. تَغيّر.
حسنًا، من البديهي أنّ ما نقرأه في الكتاب المقدس ما هو إلا مُقتطفات صغيرة من كل ما دار بين العبريين خلال الأربعة عشر قرنًا من خلال مئات الشخصيات الكتابية التي يَتحدّث عنها الكتاب المقدس. لذلك يجب أن نأخذ بمنتهى الجدية تلك الأشياء التي تم تسجيلها لنا لأنها موجودة لتعليمنا شيئًا مهمًا. إذن، بعد أن نظرنا للتو إلى رواية متناقضة عن دينونة الله في العهد القديم، دعونا نرى إن كانت صِفة الله هذه حيّة ونافذة أم أنها بالفعل شيء من الماضي بمجرد دخولنا إلى العهد الجديد.
اقلبوا كتبكم المقدسة إلى سِفْر أعمال الرسل أربعة. سنبدأ القراءة من الآية اثنان وثلاثين، حتى الفَصل الخامس؛ وسننتهي مع الإصحاح خمسة الآية إحدى عشرة.
قراءة أعمال الرسل الإصحاح أربعة الآية اثنان وثلاثون والإصحاح خمسة الآية إحدى عشرة
لدينا هنا رواية عن شخصين ماتا كدينونة مُباشرة من قبل يَهوَه. لقد قتلهما.
لم يُقتلا من قبل أي سلطة أرضية. ويبدو أنّ كل ذلك كان مفاجأة للرسل والتلاميذ الذين كانوا حاضرين. دعونا نتذكر أن أنانياس وسفيرة كانا مؤمنين؛ لقد كانا يهوديين توصّلا إلى الإيمان بأن يسوع هو المُخلّص والرَب. لا يوجد هنا ما يقول إنهما ادعيا ذلك، أو أنهما خدعا نفسيهما فقط ليظنا أنهما مؤمنان. إذن، أنانياس وسفيرة، الزوج والزوجة كانا مسيحيين……كان الروح القدس يَعيش في داخلهما ….. كما هو الحال مع جميع إخوتهما المسيحيين.
ماذا حدث هنا؟ ببساطة، لقد أرادا ببساطة أن يقوما لما كان يفعله الجميع من خلال بيع ممتلكاتهما وإعطاء العائدات لأولئك المؤمنين المُحتاجين. وقد كانا بالتأكيد صادقين في ذلك لأنهما باعا بالفعل ممتلكاتهما وقدّما العائدات إلى قيادة الكنيسة….. رغم أنهم كذبا قليلاً واحتفظا ببعضها. الآن دعونا نتوقّف هنا للحظة ونتأمّل في هذا: لقد باعا ممتلكاتهم التي كانت من حقِهما، واحتفظا بالقليل لأنفسهما وأعطيا الباقي (على ما يبدو حصة الأسد) للكنيسة. صحيح أنهما لم يهِبا مئة في المئة من العائدات، لكن كان بلا شك كانا أسخياء جدًا.
كرمٌ فائضٌ، أليس كذلك؟ أخبروني شيئًا: كم شخصًا هنا قد يَبيع منزله ويتبّرع بكل قِرش للكنيسة؟ كم شخصًا هنا قد يَبيع قِطعة عقار ثمينة ويتبّرع بتسعين بالمئة من عائداتها للكنيسة؟
قد يبدو ظاهريًا أن المسألة لم تكُن تتعلق بالسخاء، بل أنّ أنانياس وسفيرة كذبا في ذلك وهذا ما عَجّل بِحكم الله عليهما بالموت.
أو……هل كان هذا هو الأمر حقًا؟ كم مرّة في الكتاب المقدس نرى أناسًا قتلهم الله بسبب خطيئة الكذب؟ ألم يكذِب بطرس وأنكَر يشوع نفسه………… ثلاث مرات؟ ومع ذلك لم يُقتل. إذا كانت التوراة في الواقع لا تدعو إلى الموت الجسدي بسبب خطية الكذب…. وحتى الكذِب على الله، إذاً، لمَ هنا، في سِفْر أعمال الرسل، في العهد الجديد، يُفترض أن إله الغضب قد استبدل بإله المحبة؟
هنا يمكننا أن نُطبّق شيئًا تَعلّمناه مؤخرًا. عندما كان الإسرائيليّ يأتي بذبيحته، قربانه، إلى خيمة الإجتماع ، ويُقدّمها إلى الله، تُصبح تلك الملكية (ذلك الحيوان) ملكًا لله. في نظام القُربان يُصبح رسميًا ملكًا لله في "السيميخا"…..، أي عند وضْع اليدين على رأس الحيوان….. للدلالة على أنّ هذا الحيوان هو بالفعل القربان، وقد تمّ تَسليمه إلى يَهوَه. من وجهة نظر روحية، متى حدَث هذا النقل الفعلي للملكية؟ يقول الحاخامات اللاحقون إنه في اللحظة التي دخَل فيها العابد إلى أرض الهيكل حاملاً الحيوان، أصبح الحيوان مُلكًا لله. مهما كان الأمر، فإنّ المصطلح الذي يَستخدمه الكتاب المقدس للتقدِمات ليَهوَه هو "المُلكية المقدسة". لقد تحدّثنا قليلاً عن المُلكيّة المقدسة؛ وقد أوضحنا أيضًا أنّ انتهاك ملكية الله المقدسة هو خطيئة خطيرة جدًا.
الأمر المهمّ في هذا السياق هو أنّ يَهوَه اعتبر المُلكية المقدسة هي نفسها مقدَّسة. عندما عزَم أنانياس وسفيرة على بيع الممتلكات وإعطاء كل المال للرَب، أصبحت ممتلكات مقدسة. تمامًا كما لم يَتوجب على الإسرائيلي أن يأتي بحيوان معيّن للذبيحة…أي أنه في نفس الحالات كان نوع الحيوان إلى حدود معيّنة من اختيار العابد، وفي حالات أخرى تَعلَّق اختياره بحيوان مُحدَّد من قطيعه…لم يكن أنانياس وسفيرة ملزمَين ببيع ممتلكاتهما والتبرع بالمال، بل كان ذلك من اختيارهما. ولكن...بمجرد أن قاما بهذا الاختيار، تَغيرّ الوضع. بمجرد أن بدآ العملية، وباعا الممتلكات، وكان المال معهما، فُرضت أهمية عنصر القداسة.
قد نقول إنهما "احتفظا ببعض أموالهما" بعيدًا عن الرَب. خطأ. بمجرّد أن أصبحت ملكية مقدسة، أصبحت كلها له. لم يكن لهما الحقّ في أيٍ منها…لأنها لم تَعُد ملكهما بعد الآن. ما اختار الله أن يفعله بأملاكه كان من اختصاصه. ما فعلاه كان سرقة الله. لقد اشتركا في ملكية الله المقدسة، وهو انتهاك صارخ لقداسة الله.
لقد دفعا ثمن ذلك بحياتهما.
يبدو بالتأكيد أنّ أنانياس وسفيرة كانا يخضعان لمعايير عالية وصارمة للغاية، أليس كذلك؟ حسنًا، بالطبع كانا كذلك…لأنهما كمؤمنَين بالمسيح يشوع كانا قريبَين من الله. قال بطرس في واحد بطرس الإصحاح أربعة الآية سبعة عشرة،"…يبدأ الحُكم على أهل بيت الله" وقال يعقوب في يعقوب الإصحاح ثلاثة الآية واحد "……الذين يعلّمون يُدانوا بصرامة أكبر". وقال يسوع في لوقا الإصحاح اثنا عشر الآية ثمانية وأربعين،"…كُلُّ مَنْ يُعْطَى لَهُ الْكَثِيرُ يُطْلَبُ مِنْهُ الْكَثِيرُ". ثم هناك يَرِد في واحد بطرس الإصحاح اثنان الآية تسعة، (نسخة الكتاب المقدس العالمية الجديدة) واحد بطرس الإصحاح اثنان الآية تسعة "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَشَعْبٌ مُخْتَارٌ، كَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبٌ مُخْتَصٌّ بِاللهِ، لِكَيْ تُظْهِرُوا تَسْبِيحَ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ".
في الجَوهر كان أنانياس وسفيرة بنفس المكانة أمام الله التي كان يَتمتّع بها ابنا هارون نداف وأفيهو: كانا جميعًا كهنة. كان أنانياس وسفيرة ككاهنَين مشتركَين لرئيس الكهنة يشوع، كما كان نداف وأفيهو كاهنَين مشتركَين لرئيس الكهنة هارون. وباعتبارهما كاهنَين كانا "قريبَين" من الله، وُضِعا في مكانة خاصة بما يخصّ القُرب والارتباط بيشوع. كان يُسمح لنداف وأفيهو بالدخول إلى حَضرة يَهوَه، أي إلى حَرَم خيمة الإجتماع في البرّية، كما كان الكهنة وحدهم يستطيعون ذلك. كان حضور الله يسكُن في داخل أنانياس وسفيرة، كما سَكَن في أولئك الذين جُعلوا كهنة فقط من خلال الثقة بيَهوَه. وعندما كان أي من هؤلاء يَنتهك قداسة الله، كان ذلك بدون عذر؛ ولأنهم جميعًا كانوا يَتمتعون بامتيازات كبيرة ليكونوا "بالقُرب "من الله، فقد تَحمّلوا أيضًا مسؤولية أكبر بكثير من أولئك الذين لم يكونوا قريبين منه.
هذه ليست قصة رمزية. هذا مبدأ إلهي بالغ الأهمية مُثبت في التوراة، ومن الطبيعي أن يَستمرّ في العهد الجديد.
لماذا قضيتُ الكثير من الوقت في التحدث عن هذا الأمر؟ لأنه يؤثر علينا أنا وأنت. إنه يَنطبق علينا تحديدًا. نحن في نفس موقف أنانياس وسفيرة. لا أحد في كل العالم في وضْع أفضل أو أعلى أو أقرب إلى الله من المؤمن. ولا أحد في موقف أكثر مسؤولية أمام الله، ولا أحد في موقف أعلى من المؤمن.
ولكن... هذا هو الجزء الصّعب… نحن جميعًا الذين نَعترف بالثقة في يشوع، في وضعٍ قد نقوم فيه بانتهاك قداسة الله أكثر من غيرِنا وعقوبة فعل ذلك يمكن أن تكون من أقسى أنواع العقوبات.
ومع ذلك، نحن المسيحيين المعاصرين لا نُفكّر عادةً في ذلك. نحن نَختار أن نُفكِّر فقط في مِقدار ما يمكن أن نكسبه أو ننتفع به من قُربِنا من الله. النِعمة في يومنا هذا تعني الآن أنه لا حاجة إلى مزيد من الطاعة؛ العبادة الآن تعني الجلوس ومراقبة الآخرين وهم يؤدون العبادة؛ الخلاص الآن يعني أننا لا نستطيع أن نُسيء إلى يَهوَه حقًا، وإن فعلنا ذلك فلن تكون هناك عواقب. البر الآن يعني أنه سيُظهر لنا، كأفراد، ما هو الصواب والخطأ؛ وأنّ شرائع الله وأوامره تَختلف الآن باختلاف الأشخاص. الحريّة في المسيح الآن تعني أنّ لدينا الخيار في أن نعيش نمط الحياة الذي أمرَنا به الله، أو ببساطة أن نعيش كما يفعل العالم….. وإضافة يشوع إلى هذا المزيج.
من سِفْر التكوين إلى سِفْر الرؤيا، ما من شيء في "الكلمة يؤكِّد صِحّة هذا النمط من التفكير؛ ومع ذلك، حتى لو لم يتمّ ذِكر هذه المقدمات بشكل صريح، إلا أنّها طريقة العيش الفعلية للكثير من المسيحيين المُعاصرين. يبدو أنّ أنانياس وسفيرة كان لديهما نفس العقلية بالضبط.
بينما كنتُ أُدرِّس وأصلّي في هذا الدرس، كانت لبعض كلمات الحكمة وقعٌ هائلٌ عليَّ في النهاية: "اخرجوا منها يا شعبي". هذه العبارة مأخوذة من إرمياء الإصحاح واحد وخمسين الآية خمسة وأربعين، وقد اقتبستُ فيما بعد في رؤيا ثمانية عشرة. ولكن، استمعوا إلى الآية كاملة:
(نسخة الكتاب المقدس العالمية الجديدة) إرميا الإصحاح واحد وخمسين الآية خمسة وأربعين "اخرجوا منها يا شعبي! اهربوا لخلاص حياتكم! اهربوا من غضب يَهوَه الشديد!".
إنّ غَضَب الله سيَنهمر على هذه الأرض، وأي أمّة أو جماعة قرّرت أن تَضع إيمانها في العقائد بدلاً من كلمة الله ويُحذِّرنا إرميا كي نهرب منه.
في الآية ثمانية نواجه حَدَثًا نادر في سِفْر اللاويين: يَتكلّم يَهوَه مباشرةً مع هارون. عادةً كل ما يريد الله أن يقوله لهارون، يمُرّ عبر موسى. فما المغزى؟ أنّ ما يُريد الله أن يقوله لهارون، له أهمية استثنائية. أي شخص عَمِل حتى في شرِكة صغيرة نسبيًا يَفهم هذه المنهجية؛ كبير المدراء عادةً ما يتحدّث إلى الموظفين من خلال القائد الثاني في الشركة. وجزءٌ من السبب في ذلك هو أنه في تلك المناسبات النادرة التي يتحدّث فيها كبير المدراء مباشرةً إلى أحد الموظفين، فإن الموظف سيُولي للحديث اهتمامًا خاصًا……. وعادةً ما يكون الحدَث مصحوبًا بقدر من الخوف والخِشية. وبالنظر إلى أنّ ما سيقوله يَهوَه لهارون سيأتي بعد فترة وجيزة جدًا من الموت المُروِع لولدي هارون الأول والثاني، بالطبع كان هارون كُلّه آذان صاغية.
ما قيل لهارون هو أنه قبل القيام بوظيفته الكهنوتية، لا ينبغي لأي كاهن أن يشرب أي مشروب مُسِّكر (في العبرية يايين، والتي تُستخدم عادةً مع كلمة "شيكار". يايين تعني "خمر"، وشيكار تعني "شراب مسكر قوي"،"يايين" هو بالضبط النبيذ……العنب المخمر مع محتوى كحول قليل نسبيًا. تشير "شيكار" إلى النبيذ الذي تُرك ليَتخمّر لفترة أطول وبالتالي يَحتوي على نسبة كحول أعلى بكثير؛ ويُشير أيضًا إلى البيرة والجعة المَصنوعة من الحبوب). تَرتبط هذه التعليمات بعدم شُرب الخمر تحديدًا بالوظائف التي يجب أن يُتِمّها الكهنة في حَرَم خيمة الإجتماع ، أي "المشكان"، خيمة الإجتماع . والآن، هل كانت هذه شريعة جديدة تُلغي التعليمات السّابقة؟ على كل حال: إنّ الكثير من الطقوس والشعائر التي أمَرَ الله بها مؤخرًا كانت تَتضمّن استخدام الخمر بدرجة بسيطة. لا ليس هذا أمرًا جديدًا ومختلفًا، بل هي ببساطة تَعليمات موجهة للكهنة ليكونوا مُتّزنين تمامًا في القيام بكل واجباتهم الكهنوتية أمام الرب.
والآن هل موضوع السُكْر له علاقة بما حدَث لنداف وأفيهو ابني هارون؟ ربّما. على المرء أن يَفترض شيئًا غير مذكور بوضوح في أي مكان في الكتاب المقدس…… أنّ نداف وأفيهو كانا في حالة سكر، ولذلك لم يكونا يُفكّران بشكل سليم عندما اقتربا من الرب بطريقة غير مُصرّح بها (تقدمة بخور غريبة بالنار)، في مكان غير مُصرّح به (قِدس الأقداس، وهو مكان لم يكن مسموحًا لهما بالذهاب إليه أبدًا). من المعروف أنّ الكهنة في العديد من الديانات الوثنية في العالم كانوا يَسْكرون كثيرًا قبل أن يَتولّوا مهامهم. تَستخدم العديد من ديانات العالم المخدرات والمُسَكِرات كجزء من طقوسها الدينية. لذلك ربما كان نداف وأفيهو مذنبين بهذه المخالفة، ولذلك فإنّ هذه الإرشادات التي تُحظّر شُرب الخمر قبل تولي الفرائض مباشرة هي لتوضيح أنّ هذه الأمور ممنوعة على أتباع يَهوَه.
ومع ذلك لا يوجد دليل على أنّ السُكْر شكّل مشكلة لكهنوت بني إسرائيل؛ الحكم الخاطئ شَكّل مشكلة في بعض الأحيان نعم؛ أما السكر فلا. أعتقد أن هذه الحادثة لها علاقة أكثر بأن الله أوضح تمامًا أن هؤلاء الكهنة، بما في ذلك رئيس الكهنة، لم يكن لديهم حرّية التصرّف في طقوسهم؛ فأصغر انحراف عن أوامر الله الصريحة كان يمكن أن يُقابل بأقسى أنواع التأديب……. كما يَتّضح من حادثة نداف وأفيهو. وفي كلتا الحالتين، فإنّ الفكرة التي أُعرب عنها لهارون هي أنّ صَفاء الذِهن والاهتمام بالتفاصيل كان ضروريًا….. ليس فقط لإبعاد المخالف المحتمل عن الموت الشنيع على يد الخالق، ولكن لأن الكهنوت كان لديه بعض الواجبات المهمة جدًا التي يجب أن يؤديّها لصالح شعب إسرائيل.
لن نعود إلى الوراء للتحدّث عن موت ابني هارون، ولكن دعونا نَتذكّر ما قاله يَهوَه عن خطأ نداف وأفيهو الحقيقي: في الآية ثلاثة، قال: "وَأَمَامَ جَمِيعِ الشَّعْبِ سَأُمَجِّدُ". لقد كان الكهنة مُعلِّمين بالإضافة إلى كونهم مسؤولين عن الطقوس؛ بل وأكثر من ذلك، كانوا قريبين من الله؛ و"الكلمة" توضح أنّ أفعال المُعلِّم كانت أكثر بكثير من الأقوال، بل كانت أفعال المُعلِّم هي التي تؤثّر على أتباعه. المُعلِّم قدوة التلميذ.
وعلاوةً على ذلك كانت وظيفة الكاهن…. وحتّى أهمّ واجباتهم……. أن يُميّزوا (كما تقول الآية عشرة) بين المُقدَّس والعامي، وبين الطاهر والنجِس. وبينما كان التمييز في كثير من الأحيان أمرًا بسيطًا، في أحيان أخرى لم يكن الأمر بهذه السهولة. كان الكهنة يَتحمّلون مسؤولية كبيرة في خِدمة مَلِك الكون، ما كان ضروريًا لتجنُّب غضب الله بسبب نوع من الخطأ المُتهوِّر، خاصةً عندما كان ذلك يُعرِّض قداسته للخطر.
أظنّ أنّ معظم الناس في هذه القاعة قد ثملوا في وقتٍ ما من حياتهم وعلى الرغم من أنّ ذلك ربما كان منذ وقت طويل بالنسبة لبعضكم، إلا أنكم بلا شك تَتذكّرون أنه ليس من الضروري أن تكونوا سَكارى عميان لتبدأوا في اتّخاذ تنازلات وأحكام غير حكيمة ما كنتم لتُصدِروها عادةً لو لم تكونوا ثملين…أو تَعاطيتم المخدرات. الأمر الأساسي الذي يجب أن نَفهمه، حتى لا نَبتعد عن السياق، هو أنّ أولئك الذين يقومون بنشاط ما في خدمة الرب المباشرة……الخدمة، التعليم، القيادة، وغيرها……لا يجب أن يشربوا مشروبات مُسكِّرة قبل البدء في هذا النشاط، لأنهم يُمثّلون يَهوَه وإهمالهم قد لا يَتسبب فقط الإساءة إلى الله (وهو أمر خطير على قداسته وعلى سلامتهم)، بل قد يجعل الآخرين يعتقدون أنّ هذا الإهمال لا بأس به.
ومع ذلك، يجب أن أوضِّح أيضًا أنّ هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بأنه لا يجوز للمرء أن يشرب الخمر أو أي مشروب كحولي آخر. في الواقع، إنّ الكتاب المقدس كلّه، من البداية إلى النهاية، يوضح أنّ اليايين، أي الخمر، هو عطيّة من الله. إنه يرمز إلى الفرح، وليس السُكْر. إنه بالتأكيد مناسب جدًا بكميات مُعتدلة في بعض الاحتفالات والمناسبات لتلطيف المزاج. لكن السُكْر غير مُوافق عليه أبدًا لأنه يؤثّر على اتخاذ القرارات خاصةً بالنسبة لأولئك القريبين من الله…. الكهنة في أيام العهد القديم والمؤمنين في العهد الجديد…… علينا أن نكون أكثر حذرًا من أولئك الذين ليسوا قريبين من الله لأن المعيار الذي نَتحّمله أعلى بكثير.
ابتداءً من الآية اثني عشرة، يُراجع موسى بِشكْل أو بآخر قائمة مَرجعية لما كان ينبغي على الكهنة أن يفعلوه؛ بالنظر إلى ما حدَث للتو مع ابني هارون، وربما كانت فكرة جيدة جدًا. يَتأكد موسى من إتمام طقوس ذبيحة المينشا، ذبيحة الحبوب، كما كان من المفترض أن تكون؛ في هذه الحالة، كان يجب أن يكون العجين غير مُختمِر، وكان يجب أن يَأكله الكهنة في فناء خيمة الإجتماع …أو بمعنى أكثر حرفية، "بجانب المذبح"، أي المذبح النحاسي. هناك أمران يتم فَهمهما هنا: أولاً، أنّ حادثة نداف وأفيهو لم تُغيِّر شيئًا فالطقوس وأغراضها لا تزال كما هي. الأمر الثاني هو أنّ هارون وبقية أبنائه لا يزالون يَحتلّون منصِب الكهنة، ولم يُحرموا منه.
بعد ذلك، نَتحدّث عن المزيد من الذبائح المُقدمة حرقًا ونُذكَّر بكيفية أدائها. لن نغوص في هذا الموضوع، لأننا سبَق وشرحنا هذه الطقوس المميّزة في الدروس السابقة.
والآن، من المثير للاهتمام (بدءًا من الآية ستة عشرة)، غضَب موسى عند الاستفسار عن حالة ذبيحة التطهير "الحتات". لأنه، كما كان يَخشى، أدى الإهمال الذي أظهره نداف وأفيهو ودفع ثمنه النهائي، إلى أن يقوم أليعازر وإثامار، ابنا هارون الباقيان، بشيء مماثل، ولكن يبدو أنه ليس بنفس الخطورة. لقد أكلا لحم ذبيحة الحتات بطريقة غير لائقة؛ كان من المفترض أن يأكلاها فقط داخل المنطقة المقدسة فقط…أي داخل فناء خيمة الإجتماع …ولكن بدلاً من ذلك، تَجاهلا أمر الله المحدَّد وأكلاها في مكان آخر. لماذا لم يتم تدميرهم بسبب هذا الانتهاك؟ لا أدري. (نسخة الكتاب المقدس العالمية الجديدة) يحاول بولس في رومية الإصحاح تسعة الآية خمسة عشرة مباشرةً من سِفْر الخروج ثلاثة وثلاثين، الإجابة: "لأَنَّ (يَهوَه) يَقُولُ لِمُوسَى: أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ وَأَتَرَأَّفُ عَلَى مَنْ أَتَرَأَّفُ عَلَيْهِ". نحن ببساطة لسنا في مكان يَسمَح لنا بالتشكيك في قرارات الله في مثل هذه الأمور؛ لقد قَرّر، وهذا من اختصاصه أن يقرر، وهذا كل ما في الأمر.
مسألة أخيرة وسنَنتقل إلى الإصحاح الحادي عشر. في نهاية الإصحاح العاشر، في الآيتين تسعة عشرة وعشرين، يدور هذا الحوار الذي يَصعُب فهمه إلى حدٍ ما بين هارون وموسى والذي يتحدث فيه هارون عما أصابه، وإذا كان قد أكل هو وأبناؤه الحتات بالطريقة التي أمر بها، فهل كان يَهوَه سيُوافِق على ذلك؟ يبدو سؤالًا غريبًا نوعًا ما، أليس كذلك؟ بعد كل شيء يبدو أنّ السؤال هو:"حسنًا، لو كنت قد أدّيت الذبيحة وأكلت اللحم بالطريقة المطلوبة، هل كان ذلك مقبولًا عند الله؟" ولكن ليس هذا المقصود هنا. إذًا، ما كان كل هذا؟ كان من الشائع لدى العائلات العبرية في الحِداد عدم تناول الطعام لفترة من الوقت. في هذه الحالة كان الأمر إشكاليًا بشكل خاص لأن هذه الحالة لم تَتعلق بطعام عادي….. بل كان طعامًا مُقدسًا.… فهو كان الجزء المخصص للكهنة من مُلْك الله المقدس. من الواضح أنّ الكهنة شعروا أنهم وقَعوا في حيرة؛ هل يأكلون الجزء المُخصّص لهم من لحم الحتات، أم لا يأكلونه كلّه بسبب وفاة أفراد عائلتهم وطقوس الحِداد المطلوبة؟ من المؤكد أنهم أخطأوا الاختيار لأنه قيل لهم ألا يحزنوا على ذويهم المذبوحين. ولكن يبدو أنّ موسى كان مُتفهمًا لهذه المعضِلة لأسبابه الخاصة، وقد قَبِل الله تصميم موسى على أنّ الكهنة لن يَتحمّلوا أي إجراء تأديبي بسبب هذه المغامرة الخاطئة.
ولا بد لي أن أشير إلى أن هارون سأل: "هَلْ يُوَافِقُ الرَّبُّ"، ثم وَرَد أنّ موسى وافق. تَذكّروا أنّ موسى كان فريدًا في كل تاريخ الكتاب المقدس، فموسى تَكلّم بالنيابة عن الله. إذا كان موسى قد تَكلّم فكأنّ الله تكلّم. وهذا ليس تقليدًا؛ هذا أمْر مباشر
كتابي من يَهوَه.
الإصحاح الحادي عشر من سِفْر اللاويين
الإصحاح الحادي عشر هو بداية قُسم جديد من سِفْر اللاويين الذي كان الرَبّ يُمهِّد له منذ الإصحاح العشرين من سِفْر الخروج. لأنه بدءًا من الإصحاح الحادي عشر من سِفْر اللاويين وحتى الإصحاح السادس عشر، تَتوضّح لنا قوانين الطهارة الطقسية وتبدأ بقوانين الحِمية الغذائية……ما يُسمّى بالعبرية "كشروت" ونعرفها بشكل عام باسم طعام "الكوشر".
وَرَد في الإصحاح السابق، الإصحاح عشرة، الآية عشرة، أنه ربما كان الواجب الأساسي للكهنة "هو التمييز بين المُقدَّس والعامي، الطاهر والنجس". لعلّكم تَذكرون أنّ هذا القول قد وَرَد في سياق عدم شرب الخمر مباشرة قبل أداء الواجبات الكهنوتية، إذ كان صفاء الذهن ضروريًا للتمييز والحكم السليمين، لئلا تُنتهك قداسة يَهوَه ويكون انتقامه الإلهي نتيجةً لذلك.
قبل أن نقرأ الإصحاح الحادي عشر معًا، أودّ أن أوضح بعض النقاط. لا يوجد شيء أكثر أهمية من الطهارة والقداسة في أسلوب الحياة الذي رَسَمه يَهوَه لإسرائيل. وهو يُلخِّص سبب ذلك في الآية خمسة وأربعين من الإصحاح الحادي عشر:"أنا يَهوَه الذي أصعدكم من أرض مصر لأكون إلهكم لذلك يجب أن تكونوا مقدسين لأني أنا قدوس". تدعو التوراة إلى أسلوب حياة مُقدّس وطاهر، كما حَدّده الله، لشعب إسرائيل. لا يوجد شك على الإطلاق في أنّ التوراة أُعطيت لإسرائيل دون غيرها. كل هذه الشرائع والأوامر والشعائر والطقوس والذبائح لم تكن لأي شخص…لقد كانت مُخصصة لإسرائيل. الآن قبل أن يَشعر البعض منكم بالقلق الشديد بشأن هذا التعليق الأخير، يرجى أن تفهموا أن هناك ما هو أهم في هذا البيان المُبَسّط. على سبيل المثال، سُمح للأجانب بالتأكيد بالانضمام إلى إسرائيل. والأجنبي الذي انضم إلى إسرائيل رسميًا كان يُعتبر إسرائيليًا. لم يَخلق يَهوَه فئتين من بني إسرائيل: المولودين بالفطرة والمتبنّين. لقد اعتبر الجميع مُتساوين في عينيه، وكان عليهم أن يعملوا في ظِل نفس العهود ونظام العدالة؛ وهذا المبدأ يَنطبق مباشرةً على حالتنا كأمميين وعلاقتنا بإسرائيل في زمن العهد الجديد. إذًا بما أنني قد تناولتُ علاقة المؤمن بإسرائيل في أكثر من مناسبة، وسأفعل ذلك بلا شك مجددًا، افهموا الحقيقة التي تقول إن التوراة أُعطيت لإسرائيل كشعب مُختار وكيف يَرِد في رومية حادي عشر بوضوح وبشكل قاطع أنّ المؤمنين الأمميين قد طُعِّموا في إسرائيل؛ لذا، على المستوى الروحي، أصبحَ المؤمنون (الأجانب الأمميون) واحدًا مع إسرائيل.
الآن إحدى المواضيع التي سوف نَتعمّق فيها هي ما إذا كان أكل الكوشر قد أُلغي على يد يشوع أم لا؛ وإذا كان لا يزال ساريًا، فمَن المُلزَم اتباعه؟ هذا موضوع مشكوك فيه. لقد اقترح علماء بارزون، يهود وأمميين، مؤمنين وعلمانيين، مجموعة واسعة من الآراء حول هذا الموضوع المَشحون بالمَشاعر في كثير من الأحيان.
ولكن قبل أن نغوص في تلك المياه المضّطربة دعوني أناقش جانبًا من الكشروت لا يثير الجدل: وهو أن النظام الغذائي العبري كان في مركز الصدارة في مسألة الطهارة والقداسة. وعلى الرغم من أهمية النظام الغذائي في التوراة، فإنّ البعض قد يُجادل بأن اليهودية قد أخذت الأمْر إلى ما هو أبعد من اللوائح الكتابية الموجزة المُتعلقة بالأكل وجَعلت منها
عبادة غذائية في حدّ ذاتها. ومع ذلك فإنّ هذه الشرائع التي سنَدرسُها في سِفْر اللاويين الحادي عشر مهمّة لدرجة أنها تتكرّر في نطاق مختلف في سِفْر التثنية أربعة عشر. سنتحدث كثيرًا عن الطهارة والنظافة والقداسة، لذلك من المُفيد أن نَستعرض ما تعنيه هذه المفاهيم، مجتمعةً، بالمعنى التوراتي. أقول بالمعنى التوراتي، لأن ما سأشرحه لا يعكِس بالضرورة اليهودية الحديثة أو المسيحية القائمة على العقيدة….. أي أنه لا يعكِس بالضرورة التقاليد والعادات. إنها وجهة نظر الكتاب المقدس.
سنَتناول هذا الموضوع في بِداية صفِّنا الأسبوع القادم.