20th of Kislev, 5785 | כ׳ בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللاويين الدرس التاسع والثلاثون – الإصحاح الخامس والعشرون – الخاتمة
سِفْر اللاويين الدرس التاسع والثلاثون – الإصحاح الخامس والعشرون – الخاتمة

سِفْر اللاويين الدرس التاسع والثلاثون – الإصحاح الخامس والعشرون – الخاتمة

Download Transcript


سِفْر اللاويين

الدرس التاسع والثلاثون – الإصحاح الخامس والعشرون – الخاتمة

سنُنهي اليوم سِفْر اللاويين خمسة وعشرين. لقد درَسْنا في سِفْر اللاويين الخامس والعشرين اليوبيل المُهم جدًا، والذي يَحمِل لَقَب ”سنة الرَب المُفضّلة“. لقد سُئلتُ عدة أسئلة حول اليوبيل ومدى أمانة بني إسرائيل ودقَّتِهم في اتّباعِه. في الواقع لا يوجد سِجِلّ توراتي يُشير إلى أنّ بني إسرائيل كانوا يَحتفلون باليوبيل. خارج الكتاب المقدس، يوجد في التلمود قدْر كبير من التقاليد حول اليوبيل ومن الواضح أنّ سنوات اليوبيل كانت تُراعى بدَرجات مُتفاوتة، ولكن لا يوجد دليل أو سِجِلّ على أنها كانت تُراعى بدِقّة.

بدلاً من ذلك نَجِد أحكامًا حاخامية حول المكان الذي يجب أن تُطبَّق فيه قوانين اليوبيل بالضبط. وبعبارة أخرى، إلى أي مدى ينبغي أن يُعتبر أنّ أرض إسرائيل خاضِعة لفرائض اليوبيل هذه، شمالاً وجنوبًا وشرقًا وغربًا من أورشليم. في وقتٍ لاحق، عنَد النفي الأول من الأرض، أصبح هذا السؤال أكثر أهمّية لأنّ الشعب العبراني كان بحاجة إلى مَعرِفة ما إذا كانت هذه الأحكام تَتبَعهم خارج أرض إسرائيل. قَسَّم الحاخامات والحكماء اليوبيل إلى مجالَين لتحديد الإجابة: أحدهُما يتعلَّق بالأرض والآخر يَتعلَّق بالديون النقدية، وذلك لأن مبدأ الإبراء كان بالطبع هو القَضيّة الشائكة التي أراد الفقراء تَطبيقها، أما الأغنياء فكانوا يُريدون ايجاد حيلة للإلتفاف عليها. وقد حَكَمت السُلطات الدينية اليهودية بأنّ الأمور المُتعلّقة بالأرض مُباشرة تَقتصر فقط على الأراضي المقدسة، بينما كانت الأمور المالية تَتْبع الشتات أينما حلّوا. نازَع حاخامات وحكماء آخرون في ذلك وقالوا إنّ قوانين اليوبيل تَنطبق فقط في إسرائيل نفسها.

في حين أنني لا أستطيع أن أقول على وَجْه اليقين كيفيّة تطبيق جميع أحكام اليوبيل العديدة على حياتِنا، إلا أنني أستطيع أن أقول إنّ الكتاب المقدس يُحدِّد للغاية بأن الأرض المَعنيّة باليوبيل هي الأرض التي أعطاها الله لبَني إسرائيل. لذلك أتَّفِق مع هؤلاء الحاخامات الذين يقولون أنّ اليوبيل يَشمل بني إسرائيل فقط. هذا يعني، أيها المؤمنون، أنكم لستم مُضطرين إلى إعادة الأرض التي اشتريتموها من شخص ما في كل سنة يوبيل توراتية. ولا يُمكنكم إلغاء دَين الرهن العقاري الخاص بكُم عند حلول اليوبيل (آسف!). مع ذلك تَبْقى المبادئ الإلهية التي تَستند الى اليوبيل. سيَشهَد المزارعون أنّ إعطاء الأرض راحة كاملة كل سنة سابعة هو أمْر جيد بالنسبة لها، على الرغم من أنّ شَرْط السنة السبتية كل سَبع سنوات لا يَنطبق على الأرض خارج ما كان في وقت من الأوقات كنعان (مرّة أخرى، سِفْر اللاويين واضح تمامًا في هذا الشأن). إنّ مبدأ التَحرّر من الدَين والعبودية هو جوهر اليوبيل ونَجِد أنّ عَمَل المسيح، كما تحدَّثَت عنه نبوءات العهد القديم وسِجلاّت العهد الجديد عن مجيء المسيح، هو جوهر ما أنجَزَه. ومبدأ آخر من مبادئ اليوبيل هذه يَتضمّن أنّ بني إسرائيل لم يبيعوا أرضهم أبدًا بشكل دائم، ليس فقط لشخص من خارج قبيلة كل عائلة بل من خارج أمَّتِهم. وبالطبع هذا هو بالضبط ما نراه اليوم مَفروضًا على إسرائيل من قِبَل الولايات المتحدة وحكومات العالم الأخرى، وتَتبنّاه الحكومة الإسرائيلية الحالية. إنني أرتجِف ممّا يُخبئه لنا ولهم الرَب في عدالته على التمرُّد عليه في مسألة حسّاسة ومهمة للغاية.

بَعد اليوبيل بدأنا مناقشة مَبدأ القريب المُفتدي، وقلتُ لكم أنه لا يوجد في أي مكان في العهد الجديد مُصطلح القريب المُفتدي يُستخدَم في الواقع ليَنطبِق على يسوع. بدلاً من ذلك يتم اختصار المصطلح إلى ”المُفتدي“. يَفترِض العهد الجديد أننا نَعرِف بالفِعل الفروق الدقيقة حول هذه الأنواع من الأشياء (مِثل ما هو القريب المُفتدي). اسمحوا لي أن أكون واضحًا؛ نعم، بالطبع، يسوع المسيح هو قَريبنا المُفتدي. النّقطة المُهمّة هي أنّ التوراة (مِثل العديد من الموضوعات) هي التي تَشرَح واجبات وصِفات القريب المُفتدي، وليس العهد الجديد. وقد وجَدْنا أنه وِفقًا لناموس موسى كان يسوع مؤهَلًا بالفِعل ليكون القريب المُفتدي من خلال أ) كونه قريبًا، ب) امتلاكِه الوسيلة لسداد الدَين. وهذه الوسيلة كانت حياته الكامِلة كذبيحة.

الآن هذا كلُّه مُرضٍ وجيّد. ولكن مَن هُم أقرباء يسوع؟ على المستوى المادي والقَومي، هناك إجابة واحدة مُمكنة فقط؛ أقرباؤه هم بنو إسرائيل. نُقطة. إنّ شعب يسوع الجسدي والأمة والثقافة التي عَرَّف نفسه بها تمامًا هم الشعب العبراني. لم يَجعَل من نفسه أبدًا إنسانًا عالَميًا نوعًا ما؛ لم يكُن شخصًا غريبًا عامًا يُمثِّل جميع البشر. لقد كان رَجُلًا ساميًا أسمَر البشرة زيتوني اللون، وُلِد لأم يهودية بالكامل؛ لدينا نَسَب مريم (مريم) لإثبات ذلك. الشرائع التي اتَّبَعها يسوع كانت شرائع يهودية. التقاليد التي اتَّبعها كانت تقاليد يهودية. كان الإله الذي كان يَعبُده هو إله اليهود. كان يسوع، من وجهة نَظَر جسدية بَشرية، يهوديًا كما هو الحال في اليهودية. إذن من هُم أقرباء يسوع؟ يهود! أو بشكل أكثر دقّة بني إسرائيل. كان أقرباؤه هم أولئك القَوم الذين تمّ تَعيينهم من أجْل الله.

إذا كان يسوع حقًا قريباً مُفتدياً، فعَلى المستوى المادي، لا يمكنه أن يفتدي إلا أقرباءه من بني إسرائيل……إسرائيليين. وإلا فهو ليس قريباً مُفتدياً على الإطلاق، إنه مُفتدي عالَمي. هل خَلَّص يسوع جميع البشر، عالمياً، دون استثناء أو تَمييز؟ لقد أصبح من الشائع أن نقول: ”أوه نعم، أليس هذا رائعًا!“. لكن الإجابة من ناحية الكتاب المقدّس (وليس العقائدية) هي لا؛ لقد خَلَّص فقط أولئك الذين يَثقون به. تَذكَّر أنّ سِفْر اللاويين خمسة وعشرين يوضِّح أنّ القريب المُفتدي لا يمكنه أن يَفتدي أجنبيًا؛ وتعريف الأجنبي هو غَير الإسرائيلي في كل الكتاب المقدس. والآن ابْقَ معي ولا تَقفز إلى الاستنتاجات بعد. لا يوجد أجنبي مؤهَّل للإفتداء.

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد سِفْر الاويين خمسة وعشرون على أربعة وأربعين: "وَأَمَّا عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ الَّذِينَ يَكُونُونَ لَكَ، فَمِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ. مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ عَبِيدًا وَإِمَاءً. خمسة واربعين: وَأَيْضًا مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْتَوْطِنِينَ النَّازِلِينَ عِنْدَكُمْ، مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ وَمِنْ عَشَائِرِهِمِ الَّذِينَ عِنْدَكُمُ الَّذِينَ يَلِدُونَهُمْ فِي أَرْضِكُمْ، فَيَكُونُونَ مُلْكًا لَكُمْ. ستة وأربعين: وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ. تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى الدَّهْرِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلاَ يَتَسَلَّطْ إِنْسَانٌ عَلَى أَخِيهِ بِعُنْفٍ ".

اسمحوا لي أنْ أقول ذلك مرة أخرى: الأجنبي الذي ليس من أمَّة إسرائيل ليس مؤهَّلاً للفداء. يقول سِفْر اللاويين خمسة وعشرين أيضًا أنّ الأجنبي الذي يَعيش مع بني إسرائيل غير مؤهَّل. ما هو تعريف الأجنبي الذي يَعيش بينهم؟ شخص يَعيش مع بني إسرائيل، ولكن ليس كإسرائيلي. كان لدى بني إسرائيل الكثير من الناس الذين يَعيشون بينَهم ويَتمتَّعون بجميع المزايا الاقتصادية والأمنية الناتجة عن إغداق الله البَرَكة على شعبِه (لهذا السبب اختاروا العَيش بين بني إسرائيل). لكن الفداء لم يكُن لهم. لم يكُن بإمكان يسوع أن يَفدي إلاّ أقاربه؛ وأقرباؤه هم فقط أولئك الذين يَتماهون مع إسرائيل.

الآن قَبل أن تَتسرّعوا وتَصرُخوا ”زنديق!“ اسمحوا لي أن أُكمِل.

منذ الوقت الذي فَصَل فيه يَهوَه رَجُلاً واحدًا عن كل البشَر على وَجه الأرض (إبراهيم) ليبدأ سلالة جديدة من الناس لله، تمّ وَضْع حُكم بأن أي إنسان من أي أمّة يمكن أن يَنضمّ إلى بني إسرائيل بمواطنة كاملة. ولكن كان على هؤلاء الأشخاص شروطًا مَفروضة عليهم: كان عليهم أن يَتخلّوا عن آلهتهم الباطِلة وولائهم لأمّتهم السابقة وأن يعبُدوا يَهوَه وحدَه، وكان عليهم أن يَتبعوا قوانين المجتمع العبراني. بعبارة أخرى كان عليهم أن يَعيشوا بموجب أحكام العهود التي قَطَعها الله مع إبراهيم ونسْلَه. لقد أصبَح الأجانب شعب عَهد الله فقط بقبولِهم عهد الله. عندما قَبِلوا عهد الله أصبحوا مؤهّلين للفداء مِثلهم مِثل سائر بني إسرائيل.

اسمعوا: ما جَعَل الإسرائيلي إسرائيليًا لم يكُن بالضرورة سلالته أو نسَبَه…… بل كان قبولَه ليَهوَه ربًّا له وعهوده دستورًا له. لقد كان الأمْر دائمًا على هذا النحو. إنّ عهد يسوع، الذي نُسمّيه العهد الجديد، هو مُجرّد تتويج لسلسلة من العهود التي قَطَعها الله مع بني إسرائيل. لقد أخبرَنا عن الحاجة إلى العهد الجديد وهدفِه وخصائصِه (الذي ما هو إلا تجديد للعهد الأصلي) في العهد القديم. يُحدِّد لنا العهد الجديد ببساطة من هو المسيح، ويُخبٍرنا كيف تمّم كل نبوءات العهد القديم عن نفسه، وما يَعنيه مجيئه للبشرية.

جميع المواثيق (باستثناء عهد نوح بالطبع)، بدءًا من إبراهيم، قُطِعت مع العبرانيين. لا يوجد شيء اسمه عهد توراتي مع العبرانيين. بل بالأحرى، كما يَشرَح بولس ببلاغة في رومية إحدى عشر، من الضروري أن يتم تَطعيم الأمم، الغُرَباء عن بني إسرائيل، في إسرائيل حتى نَكون خاضعين لعهود بني إسرائيل وبالتالي لا نعود غرباء. فقط من خلال كوننا خاضعين لعهود بني إسرائيل يمكننا أن نَكون مؤهّلين لأن نكون أقرباء يسوع وبالتالي مؤهَّلين لأن يَفتدينا القريب المُفتدي المسيحاني.

مِثلما كانت كل شرائع ومبادئ التوراة مَظاهر مادية لمبادئ روحية، هكذا إذًا بمجيء يسوع المسيح لم يُصبح الأمميون إسرائيليين ماديًا كما كان يَفعل الأجانب قديمًا (كان ذلك عن طريق الولاء لأمّة إسرائيل وطقوس الخِتان الجسدي). بل بالإيمان….الذي هو فِعْل الروح….. بالإيمان بيسوع هاماشيا نَنضمّ إلى بني إسرائيل على المستوى الروحي. عن طريق القلْب المَختون نَنضمّ إلى بني إسرائيل على المستوى الروحي. وما مَعنى بني إسرائيل على المستوى الروحي؟ إنه المَثل الأعلى السماوي لشَعب الله المختون الذي يُجسِّد كل المبادئ الروحية للتوراة. في الواقع، يَمضي بولس ليقول إنّ مُجرّد كونك يهوديًا، عبرانيًا، بالولادة، بالدم، لا يكفي أن تكون جزءًا من ملكوت الله وشعبه الأبدي المُختار. من المؤكَّد أنّ الحقيقة المادية الجسدية لا يُمكن أن تؤخذ من الشعب اليهودي، وهي تَجلِب معها بعض المزايا والإمتيازات؛ ولكن اليهودية الجسدية ليست شرطًا لعلاقة دائمة مع إله الكَون أو للفداء بواسطة المسيح، مُخلِّصنا القريب، بل إنّ الحقيقة الروحية لليهودية (الحقيقة الكاملة لعهود يَهوَه) التي بلغَت ذُروتَها في تَجسُّد الله وبَذْل حياته كثَمن فداء لنا هي التي تُحدّد تلك العلاقة.

فكيف يمكن أن يكون يسوع اليهودي هو القريب المُفتدي لمَن وُلد خارج إسرائيل؟ شخص ليس قريبه الإسرائيلي؟ لا يَستطيع. يجب على المرء أن يكون مُنضمًّا إلى بني إسرائيل، ونحن كذلك عندما نَثِق به. مرة أخرى ليس على المستوى الجسدي بل على المستوى الروحي.

ارجِع إلى رومية إحدى عشر. سوف نَستمرّ في مُراجعة ذلك حتى يُصبح عُمْق وإدراك هذا القسم الرئيسي من الكتاب المقدس مِثل صديق مريح.

اقرأ رومية إحدى عشر على ثلاثة عشر الى أربعة وعشرين

شَجرة الزيتون هي استعارة الكتاب المقدس القياسية لإسرائيل. ويوضِّح بولس أنّ أولئك الذين وُلِدوا منّا كأمميين (أجانب) يجب أن يُطعَّموا من شجرة زيتون إسرائيل…… من جذورنا السابقة ”كأشجار زيتون بَرّية“ ….. العالَم الوثني الأممي. وقد قيل لنا أنّ شجرة زيتون إسرائيل هذه لها بعض الأغصان التي قُطِعت……لدى بني إسرائيل بعض أعضائها الذين قُطِعوا، أُزيلوا. وهذه الأغصان المَقطوعة هي تلك الأغصان الإسرائيلية التي تَرفُض أن تؤمن بالقريب المُفتدي الذي أرسَله الله لهم. أولئك الذين وُلِدوا منا كأمميين هم أجانب يجب أن يُطعَّموا من شجرة زيتون إسرائيل….. شجرة ليست طبيعية بالنسبة لنا …. إذا أرَدْنا أن نُشارك في عهود بني إسرائيل. أولئك الذين وُلِدوا يهودًا هم من مواليد شجرة زيتون إسرائيل؛ ولكن لكي يبقوا مرتبطين بها يقول بولس أنه يجب أن يبقوا أوفياء لعهود الله….. جميعها ….. بما في ذلك إعلان المسيح. لذلك لكي يكون اليهودي أو الوثني جزءًا من شجرة زيتون إسرائيل (منذ مجيء يسوع) ……المَثَل الأعلى والحقيقي لبني إسرائيل …… على المستوى الروحي …… يجب أن يَقبل المسيح الذي أرسَله الله لنا.

هل فهمتَ؟ يسوع هو القريب المُفتدي لأنه يَفدي أقرباءه. عن طريق الإيمان به نحن مُطعَّمون في عائلته …… بني إسرائيل……ونُصبح أقرباءه حتى يَتمكّن من افتدائنا. وإلا إذا بقينا أمميين أجانب أو حتى غرباء نَعيش بين العبرانيين، فلسْنا أقرباءه ولسنا مؤهّلين لأن يكون لنا حتى قريب مُفتدي.

إذًا كما أنّ القريب المُفتدي الذي يَشتري حرّية آخر أو يؤثِّر في إطلاق سراح آخر من عائلته، هكذا يَشتري يسوع حريتنا ويُحرِّرنا من العبودية. وكما أنّ القريب المُفتدي في سِفْر اللاويين يَفدي عن طريق ذبيحة شخصية من نوع ما (أي أنه يدْفَع الثمن عن شيء لم يتسَبَّب فيه وينال المَديون كل المَنفعة) هكذا هو يسوع يدْفَع الثَمن عن طريق تَضحيته الشخصية بالنيابة عنا.

إلا أن هناك جانب آخر لكل ذلك.

هناك ” غوئيل هيدام“، أي وظيفة القريب المُفتدي كمُنتقم بالدَم. عندما ننظُر إلى نهاية الزمان عندما يأتي يسوع ليَهزُم الشيطان ويَتغلَّب على الشرّ، فإنه يأتي مُنتقِمًا بالدم، غوئيل هيدام. في المرّة الأولى التي جاء فيها، جاء بِصفَتِه غوئيل …… القريب المُفتدي الذي يَدفَع ثمن الفداء. هذه المُهمّة اكتمَلت ولا يجب أن تتمّ مرة أخرى. عندما يأتي في المرّة التالية، يأتي المَسيح كـ غوئيل هيدام…. المُنتقِم بالدم. يسوع، المُنتقِم بالدم، سيَربِط الشرير لكي يَهلُك. أولئك الذين حارَبوا شعب الله واضطهدوه وقَتلوه ستُراق دماؤهم الآن وهو الذي سيَقوم بسَفْك الدم. أولئك الذين ماتوا بالفِعل مع خطاياهم سيُراق الآن ”دمُهم الأبدي“، إذا جاز التعبير. أولئك الذين سيكونون حاضرين في المَعركة الفاصِلة الأخيرة (هرمجدون) لمُحاربة يسوع، ستُراق دماؤهم الجسدية أولاً، ثم تُسفَك ”دماؤهم الأبدية“. هذا هو اليوم الذي وَعَد الله به: يوم انتقامِه. يوم الرَب العظيم والرهيب؛ اليوم الذي يَنتقم فيه يسوع المسيح، القريب المُفتدي، لدماء أقربائه. يا له من مُخلِّص وديع ومُعتدِل لا يؤذي ذبابة.

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد رؤيا تسع عشرة على واحد: وبعد هذا سمعت صوتا عظيما من جمع كثير في السماء قائلا هللويا الخلاص و المجد و الكرامة و القدرة للرب الهنا. إثنان: لان احكامه حق و عادلة إذ قد دان الزانية العظيمة التي افسدت الأرض بزناها و انتقم لدم عبيده من يدها".

لقد تحدَّثتُ من قبل عن أنّ هناك طبيعتَين للمسيح ستَظهران: الخادم المُتألِّم والمُحارِب/المَلِك الجبّار. ويتحدَّث اليهود عن ذلك من حيث المسيح بن يوسف……الخادم المُتألِّم…….والمسيح بن داود….. والمُحارِب/المَلِك الجبّار. معظم اليهود لا يَقبَلون يسوع كمسيح، على الأقل جزئيًا، لأنه لم يُظهِر طبيعته كمُحارب/ مَلِك عندما كان هنا على الأرض (وهذا هو جانب المسيح الذي أرادوه حقًا).

ولكن كان هناك سبب آخر لإنكارِهم له خاصةً بين الحاخامات المُتعلّمين: لقد رأوا أنّ جانب المُنتقم بالدم فقط من القريب المُفتدي هو المهمّ لأغراضهم، أي أنه بِحلول زمن يسوع، كان مبدأ وقوانين القريب المُفتدي قد تَقلّصَت إلى أن تكون في المقام الأول هي مبادئ وقوانين المُنتقِم بالدم. لم يَعُد من الواجب على القريب أن يَفدي أحد أفراد العائلة من العبودية أو من خسارة الأرض. لقد تمّ تحريف هذه القوانين الواردة في سِفْر اللاويين خمسة وعشرين حتى تَطوَّر الغرَض الأساسي للقريب المُفتدي من كونه واجبًا إلى امتلاك حقّ الأولوية. بعبارة أخرى، كان الفِداء في أيام يسوع يُعتبَر اختياريًا تمامًا على أحد أفراد الأسرة المُقرّبين؛ وغالبًا ما كان ”الفداء“ يعني ببساطة أنّ القريب الغَني كان له حقّ الشفعة في الحصول على قِطعة أرض يكون قد تَخلَّف أحد الأقرباء الفقراء عن شرائها. وقد انتقلَت العَمَليّة من كونِها تضحية من جانب المَفدي إلى كونها نِعمة للمَفدي (نِعمة الاستحواذ والربح). وهكذا أخَذَ المَفدي مُلكية تلك القطعة من الأرض، ولم تَعُد إلى القريب الفقير الذي خسِرَها كما كان الناموس يَقتضي. وبعبارة أخرى أصبح الأمر أشبه بمفهومِنا الحديث بالحصول على قِطعة أرض مَحجوزة على أدراج المَحكمة والاحتفاظ بها كمُلكية خاصة بنا لمَصلحتنا الخاصة.

إنّ السبب الوحيد الذي جَعَل الثأر الدموي لا يحدُث بانتظام في أيام المسيح هو أنّ الرومان كانوا قد حَرَّموه؛ ومع ذلك فقد كان يحدُث من وقت لآخر على أي حال بين العبرانيين.

لذلك فإنّ أحد الأسباب اللاهوتية التي سيَستخدمُها بعض الحاخامات لتفسير أنّ يسوع لا يمكن أن يكون المسيح المُنتظر هو أنه لم يَتصرَّف كما ينبغي أن يتصرَّف المُنتقِم بالدم؛ وهم على حق. ولكن كما أنّ يسوع لم يَتّصِف بِصِفة المسيح بن داود، المُحارب/ المَلِك، في مجيئه الأول (ولكنه سيَتّصِف بها في مجيئه الثاني)، كذلك لم يَتّصِف بِصِفة المُنتقِم بالدم في مجيئه الأول (ولكنه سيَتّصِف بها في مجيئه الثاني).

رؤيا ستة على تسعة: "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمة اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ،" عشرة: "وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟". إحدى عشر: "فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ."

يسوع هُوَ مفتدينا الْقَرِيبُ، لأَنَّنَا بِاتِّكَالِنَا عَلَيْهِ صِرْنَا أَقْرِبَاءَهُ. هو مُنتقِم لدمنا. وسيَسيل دم عدو الله كما يَسيل لِجام الفرَس في وادي هرمجدون، وسيكون يسوع هو من يقود الهجوم.

بهذا نُنهي سِفْر اللاويين خمسة وعشرين، ونحن على وشك الدخول في الإصحاحين الأخيرين من سِفْر اللاويين؛ وسنَتحرّك خلال هذين الإصحاحين الأخيرين بسرعة كبيرة. لذا دعونا نُراجع قليلاً ونَضَع بعض المبادئ المهمّة في أذهاننا.

كما نأمل أن نكون قد بدأنا نَتعلَّم في دراستنا للتوراة، بأحكامِها وفرائضها وأعياد الكتاب المقدس ونظام الذبائح، أنّ يسوع جاء ليُكْمِلها كلَّها وليس لُيلغيها أو يُنهيها. لقد جاء ليأخذ كل المبادئ الروحية المثالية التي أظهَرها الناموس بطريقة يمكِن للبشر أن يَفهموها من خلال وسائل مَرئية، في شَكْل طقوس نابضة بالحياة والأوقات المُعيَّنة والاحتفالات الوطنية، من خلال راحة السبت، من خلال بناء خيمة الاجتماع ثم الهيكل. سيأتي في النهاية ليوصِل هذه إلى هَدفِها الإلهي النهائي. ما هو أساسي جدًا لفَهمِه……وبصراحة هو عكس ما تم تَعليمه تقريبًا كعقيدة أساسية للكنيسة الأممية …. وهو أنّ يسوع لم يأتِ ليَقضي على التوراة وكل المبادئ والنبوءات التي احتوَتها؛ لم يقُم بتدمير التوراة، ثم يبدأ من جديد بمجموعة جديدة كاملة من المبادئ والوصايا. ولكي لا يُسيء أحد فَهم ما كان يَفعلُه كمسيح، ذُكِر ذلك مباشرةً في إنجيل متى خمسة على سبعة عشر الى تسعة عشر: ….. وهو مَقطع من الموعظة على الجَبَل يجِب على الجميع هنا أن يَحفظوه ويرجِعوا إليه كثيرًا، ويُحيلوا إليه قسيسكم أو أصدقائكم الذين قد لا يزالون يَعتقدون أنّ الناموس قد مات وانتهى.

اسمحوا لي أن أذكِّرَكم بما يقوله … مرة أخرى، هذا كلام يسوع:

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد إنجيل متى خمسة على سبعة عشر: "لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ." ثمانية عشرة: "فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ."

لقد كان هذا هو المعنى والمَقصد الأسمى لكل من النبوؤات والنواميس التي كان يُبرزها. والآن أرجو أن تُفكِّروا في ذلك للحظة؛ فعلى الرغم من بساطة هذا القول، وعلى الرغم من أنني كَرّرتُه كثيرًا، إلا أنّ ضخامته أحيانًا لا تدخُل في أذهاننا.

كل شيء في التوراة والأنبياء كان بمثابة مُخطَّط لخطّة الله. كانت الصورة العامة مَرسومة بعناية، وكيف كان يجب أن يبدو كل جزء من الخطّة وأن تَعمل، كانت مُحدَّدة بعناية. كل مادّة وكل بُعْد وكل تعليم وطقْس كان كل جزء منها خطته لملكوت الله يَتناسب مع كل جزء من الخطَّة؛ كان دقيقًا وحاسمًا.

دعوني أوضح لكم هذا: تَخيّلوا لو أنكم اشتريتُم قطعة أرض جميلة، ثم ذهبتُم إلى باني منازل، ورَسمتُم مُخطّطات ومُخططات أوّلية وتَعاقدتُم معه لبناء ذلك المنزل. ثم ذَهبتُم بعيدًا وعندما عُدتُم بعد ستة أشهر كان هناك بالفِعل منزل على قطعة الأرض التي اشتريتموها، لكنه لم يكُن يُشبه المُخططات على الإطلاق. تواجهون البنّاء وتسألونه: ماذا فعلتَ؟ طَلبتُ سقفًا معدنيًا، فحصلتُ على ألواح إسفلتية. طلبتُ أن يتمّ بناء المنزل من كُتل خرسانية، فحصلتُ على خشب. أخبرتُك بأنني أريد أرضيات مَفروشة بالسجّاد ولكنّك أعطيتني أرضيات خشبّية. طلبتُ أن يكون المنزل من طابقَين ولكنّك بَنَيتَه من طابق واحد فقط. قلتُ لك أن تكون مساحته ثلاثة آلاف قدماً مربّعاً، وهو ألفان قدماً مربعاً فقط. كان من المُفترَض أن يحتوي على مرآب مزدوج، وبدلاً من ذلك يحتوي على مِظلّة مزدوجة. وكان رَدُّه: حسناً، نعم، ولكنك أردتَ أربع غُرف نوم، وحصلتَ على أربعة. طلبتَ ثلاث حمامات وحصلتَ على ثلاثة. قلتَ أنك أردتَ غرفة معيشة وغرفة نوم، وحصلتَ على كل ذلك. إذاً، ما المشكلة؟ كل ما تَبقى مجرّد تفاصيل.

المُشكلة بالطبع أنّ البنّاء لم يَتبَع الخطَّة، ما انتهى بك الأمر إليه كان مُختلفاً بشكل كبير عن المُخططات. لقد كان منزلاً، لكنه لم يكُن المنزل المراد.

لذا دعونا نأخذ هذا التوضيح أبعد قليلاً. لأنك غير راضٍ عن المنزل، لا تَقبَله، وبالتالي يَعلَق البنّاء به؛ فَيَعرضُه للبَيع، على أمَل أن يَبيعه الى شخصٍ آخر. يأتي العديد من الأشخاص لرؤيته، وتُعجَب به عائلة واحدة بشكل خاص، فيَشترونه. ليس لديهم أيّ مُشكلة مع المنزل على الإطلاق؛ في الواقع يَرَون أنه صَفقة رابحة ويَعتقدون أنه يُناسب احتياجاتهم بشكل رائع، كما هو. يَنتقلون إليه ويعيشون حياتهم فيه وهم راضون تمامًا.

بالطبع ما لا يَعرفونه هو أنّ ما اشتروه لم يكُن ما كان مقصودًا في الأصْل؛ فالمنزل الذي يَعيشون فيه لم يَتمّ بناؤه وفقًا للمُخططات الأصلية. وبما أنهم لم يَروا حتى المخططات الأصلية، فإنّ المنزل الذي امتلَكوه الآن وسَكنوا فيه بدا لهُم جيدًا؛ فهو مُناسب لهم؛ كان يَحتوي على غُرف نوم وحمامات كافية، وبدا لهم كبيرًا بما فيه الكفاية؛ لذا كانوا سعداء. ما لن يَعرفوه أبدًا ما لم يَسمعوا بالمُخططات الأصلية ويَنظروا إليها بعناية هو كم كان من المُفترض أن يكون هذا المنزل عظيماً ورائعًا. وأنّ ما قَبِلوه ليكون منزلهم لم يكُن يُشبه أو حتّى يَرقى إلى ما كان مُخططًا له إلا جزئيًا. لكنه أنيس ومريح، وحتى لو أُتيحت لهم الفرصة لرؤية المخططات الأصلية فمن المُحتمل أنهم لن يرغبوا في ذلك لأنه قد يكون مزعجًا.

يُشبه ذلك إلى حدٍّ ما عندما ندرُس حياة المسيح وملكوت الله الآتي في العهد الجديد، َقبل أن ندرُس بداية كل شيء، ونواميس الرَب ومبادئه ونبوءات مجيء المسيح وما هو مُقدَّر أن يكون عليه الملكوت، وكلُّها موجودة في العهد القديم. توجد مُخططات الملكوت في التوراة والأنبياء. المُشكلة بالنسبة لكنيسة العهد الجديد هي أنها لا تَملِك كل المعلومات. إنها راضية تمامًا بما لديها من دون أن تَفهم أن هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير؛ لأن مُعظمهم لم يقرأوا المُخططات الأصلية فحسب، بل إنّ العديد من القادة الدينيّين يُخبروننا أن ذلك سيكون أمْرًا سيئًا. إنّ قراءة المُخططات الأصلية ستُربِكنا فقط، أو تَجعلنا غير راضين أو حتى تُبعدنا عن الإيمان. في الواقع سيقول البعض إنّ المهندس المعماري الإلهي قد ألقى بالمُخططات الأصلية بعيدًا وَوَضع خطّة جديدة بالكامل، لذا فإنّ دراسة تلك المُخططات القديمة مَضيعة للوقت على أي حال. يجب أن نقبَل فقط كيف يبدو المنزل من الخارج ونَمضي قدمًا.

إحدى المشكلات الصّعبة التي عانت منها الكنيسة عمليًا منذ نَشأتها (ومع ذلك يذكرها الكتاب المقدس بوضوح) هي أنّ فداء العالَم الأممي يَعتمِد على العالَم العبري. استمِع إلى ما قاله يسوع وهو يتحدَّث إلى المرأة السامرية عند البئر: إنجيل يوحنّا أربعة على تسعة عشرة: " قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!" عشرين: "آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ" واحد وعشرين: "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ، صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ." إثنان وعشرين: "أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ . لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ."

الخلاص مُرتبِط ارتباطًا وثيقًا وعضويًا بالعبرانيين. ذكرتُ الأسبوع الماضي أنه لا يوجد شيء إسمه عهد الكتاب المقدس بين الله والأمميين. لا يوجد ”عهد للأمميين“. كل عهد قُطِعَ، بدءًا من إبراهيم، قُطِعَ بين يَهوَه والعبرانيين.

هذا ليس نفْس الشيء الذي جَعَل الله يَضَع أحكامًا لجَلْب الأمميين إلى مجموعة عهود بني إسرائيل. لقد بدأ وَضْع طريقة لمشاركة الأمميين في عهود العبرانيين مع إبراهيم؛ ليس كعهد مُنفصِل للأمميين بل كجزء من عهود بني إسرائيل. قيل لإبراهيم (كأحد أحكام العهد الإبراهيمي) أنّ جميع أمم العالم ستَتبارك به ومن خلاله، وهذا يعني بالضرورة أنه بطريقة أو بأخرى، في وقتٍ ما، ستُتاح الفرصة للأمميين أن يكونوا مَشمولين ولكن هذه البَرَكة يجب أن تحدُث وستحدُث فقط عن طريق إبراهيم ونسله، العبرانيين.

كدليل على الكَيفية التي ستحدُث بها بَرَكة الأمميين في نهاية المطاف وكيف سيكون شَكلُها، لقد أعلَن الله لإبراهيم عن وسيلة لإدخال أجنبي غير يهودي إلى بني إسرائيل في زَمن الكتاب المقدس ليُصبح عضوًا ماديًا في إسرائيل؛ كان على هؤلاء الأجانب أن يَتخلّوا عن آلهتهم الباطِلة وأن يَقبَلوا فقط يَهوَه، إله إسرائيل، وأن يعيشوا وِفقًا لقواعد المجتمع العبراني وأنظمَتِه (في النهاية ستوضع هذه القواعد والأنظمة في التوراة، خاصّةً ذلك الجزء من التوراة المَعروف بإسم الناموس).

في وقتٍ لاحق، على جَبَل سيناء، تمّ تَنقيح هذا الأمر أكثر من ذلك بقليل، وأُدرِجت طقوس خِتان الذكور كشَرط لكي يُصبح الأجنبي جزءًا من بني إسرائيل، وتمّ وَضْع قواعد وأنظمة مُجتمعية مُحدّدة بعناية. إذن بينما يبدأ هذا القادم الجديد أو الغريب حياته كأجنبي إذا رغِب في أن يكون جزءًا من بني إسرائيل، وإذا وافَق على قواعد العهد العبري، فإنه لم يَعُد أجنبيًا بل إسرائيليًا، يَعمل تحت بَرَكات ولعنات العهود التي قَطَعها الله مع بني إسرائيل. لم تَعُد تسمية الأجنبي تَنطبِق عليه.

يوضِح بولس، في رومية إحدى عشرة، أنّ هذا المبدأ نفسُه لا يزال يعمَل بشكل كامل حتى في ظِلّ دم المسيح؛ فكما أُضيف ختان الذكور كشَرْط مادي في جَبَل سيناء، أُضيف الإيمان والثقة بالمسيح العبراني كشَرْط روحي في العهد الجديد. بمجيء يسوع بدأ شَعب الله المُختار يأخذ جوهرًا روحيًا أسمى وأكمَل؛ بل إنّ البَرَكة النَبَوية التي قُدِّمت كوَعد لإبراهيم….. بأن أمَم العالم ستَتبارك به….. تَتَحقَّق.

ولكن كل هذا يحدُث في إطار أحكام العهود المُعطاة لبني إسرائيل، وليس خارجَها. إنّ القريب المُفتدي هو مَنصِب تم إنشاؤه بموجب العهود المُعطاة لبني إسرائيل، وهو صالح فقط بموجب شرائع بني إسرائيل الموجودة في التوراة، وليس خارجَها. لا يمكننا أن نَختلِق قواعد وفرائض جديدة للقريب المُفتدي لأنها تُناسب أغراضَنا وأجنداتنا.

إليك خُلاصة القول: هل عكس يسوع أحكام التوراة الخاصة بالقريب المُفتدي الإسرائيلي بتَركِه جذوره الإسرائيلية، وخروجِه عن عهود بني إسرائيل، واختلاق قواعد جديدة وصَيرورته قريباً مُفتدياً للأمميين) حيث لم يَعُد الإسرائيليون أقرباءه، وبدلاً من ذلك أصبح الأمميون أقرباءه الآن)؛ أم أنّه اتّبَع أحكام التوراة الخاصة بالقريب المُفتدي الإسرائيلي بأن بقي إسرائيليًا وبذلك أفسَحَ المجال للأمميين ورَحَّب بهم في عائلته الإسرائيلية حتى يَتمكَّن من فداءهم؟

يُجيب بولس على هذا السؤال بطريقة مُباشرة في رومية إحدى عشرة:

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد رومية إحدى عشر على سبعة عشرة: " إِنْ كَانَ قَدْ قُطِعَ بَعْضُ الأَغْصَانِ، وَأَنْتَ زَيْتُونَةٌ بَرِّيَّةٌ طُعِّمْتَ فِيهَا، فَصِرْتَ شَرِيكًا فِي أَصْلِ الزَّيْتُونَةِ وَدَسَمِهَا،" ، ثمانية عشرة: "فَلاَ تَفْتَخِرْ عَلَى الأَغْصَانِ. وَإِنِ افْتَخَرْتَ، فَأَنْتَ لَسْتَ تَحْمِلُ الأَصْلَ، بَلِ الأَصْلُ إِيَّاكَ يَحْمِلُ!"

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد رومية إحدى عشر على أربعة وعشرين: "لأَنَّهُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ قَدْ قُطِعْتَ مِنَ الزَّيْتُونَةِ الْبَرِّيَّةِ حَسَبَ الطَّبِيعَةِ، وَطُعِّمْتَ بِخِلاَفِ الطَّبِيعَةِ فِي زَيْتُونَةٍ جَيِّدَةٍ، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ يُطَعَّمُ هؤُلاَءِ الَّذِينَ هُمْ حَسَبَ الطَّبِيعَةِ، فِي زَيْتُونَتِهِمِ الْخَاصَّةِ؟"

الشَرط هو أن نَنْضم نحن إلى عائلة يسوع، لا أن يَنضمّ هو إلى عائلتنا. لم تكُن الأرض تدور حول الشمس في العهد القديم، والآن في العهد الجديد تَدور الشمس حول الأرض.

أدرِكوا مرة أخيرة: هذه مسألة روحية وليست مادّية. لا يُصبِح الأمميون يهوديين فعليّين عندما نَقبَل يسوع ولا اليهود يُصبِحون أمميين ماديين فِعلياً عندما يَقبلون بيسوع. بالإضافة الى ذلك، حتى لو كان تسعة وتسعون بالمئة من الذين يَثقون بيسوع للخلاص لا يَعرفون حتى أنهم طُعِّموا في عهود بني إسرائيل، فإنهم لا يزالون مُخلَّصين.

ولكن، كم نبدأ في فَهم المزيد، وكم يُمكن أن نكون أكثر فائدة عندما نَنْفتح على هذه الحقيقة الرائعة.

سنَبدأ سِفْر اللاويين ستة وعشرين الأسبوع القادم.