سِفْر اللاويين
الدرس أربعة – الإصحاح اثنان
في الإصحاح الأول من سِفْر اللاويين بَحثنا في طقوس الذبيحة التي تُسمى بالعبرية "عُلى……"، والتي نترجمها عادةً كما يلي "الذبيحة المحروقة" ورأينا أنّ هذه التقدِمة تتعلق بإحراق الحيوانات من ثيران وغنم وطيور وكان يجب أن يكون هذا الإحراق كاملاً…. من دون أن يبقى شيء.
في الإصحاح الثاني نُلاحظ نوعًا ثانيًا من التقدِمة، وهي أيضًا تقدمة محروقة بمعنى أنها ستُحرق على مذبح النحاس. ولكن هذه التقدمة ليست ذبيحة حيوانية، من دم، بل هي بالأحرى تقدمة نباتية. إنها على وجه التحديد عِبارة عن حبوب…وبشكل أكثر تحديدًا ستكون سميدًا، أفضل جزء من الحبوب.
سندخُل في الأمور التقنية أكثر في دراساتنا خلال الأسابيع القليلة القادمة بينما نتعلم عن الذبائح المختلفة. وتعلُّم ما يلي ليس محصورًا بالباحثين والحاخامات. للأنواع المختلفة من الذبائح أغراض مختلفة لأن الخطيئة والتكفير ليستا بسيطتين وأنيقتين. إنها مهزلة كبيرة ترتكبها الكنيسة الحريصة جدًا على تبسيط كل شيء للشخص العادي، بحيث نحصل على هذه الأنواع من الأفكار المبسطة بأن الخطيئة هي خطيئة والله لا يُصنفها. إنّ سرقة قطعة حلوى لا تختلف أساسًا عن سرقة بنك مُسلّح في نظر الله. ولكن عندما ننتهي من سِفْر اللاويين ستَتضح الطبيعة الفظيعة ومُتعددة الطبقات والأوجه للخطيئة والفداء؛ ولكن الأمر سيَتطلب منكم وقتًا واهتمامًا لأنكم إذا غفلتم قليلاً، ستفوتكم الأهمية الروحية العميقة لكل ذلك.
افتحوا كتبكم المقدس على سِفْر اللاويين الإصحاح اثنان.
قراءة سِفْر اللاويين الإصحاح اثنان بكامله
لقد ذَكرت في الأسبوع الماضي أن "عُلى"، وهي محرقة الحيوان، كانت تُقدم غالبًا مع أنواع أخرى من القرابين. في الواقع كانت الذبيحة المحروقة اليومية في الهيكل، بحسَب ما تُخبرنا به السِجلات، كانت تُتبع دائمًا بالتقدمة التي نحن على وشك دراستها…تقدِمة الحبوب. كان الاثنان يتمّان دائمًا بشكل متزامن.
"عُلى" هو الاسم العبري المُحدد لمحرقة الحيوان كما هو موضح في الإصحاح الأول من سِفْر اللاويين، و"مينشا" هي الكلمة العبرية للتقدمة المذكورة في الإصحاح الثاني. غالبًا ما تترجم الكتب المقدسة هذا النوع من القرابين إلى "وجبة "جاعلةً إياها تقدمة للأكل. وهذا صحيح…… إلاّ أنّ كلمة "وجبة" في عالمنا في القرن الحادي والعشرين تعني في كثير من الأحيان وجبة الإفطار أو الغداء أو العشاء. منذ وقتٍ ليس بطويل كانت كلمة "وجبة" تُشير في أغلب الأحيان إلى الحبوب المطحونة، كما هو الحال في وجبة الذرة، وهو السِياق هنا. ولكن لإرباك الأمور أكثر، استَخدمت بعض ترجمات الكتاب المقدس كلمة ذبيحة "لحم" لوصف هذه التقدمة. إنّ ترجمة كينغ جيمس للكتاب المقدس تفعل ذلك، ولا أحد مُتأكد من سبب القيام بذلك. بالإضافة إلى ترجمة كينغ جيمس، هناك أيضًا بعض الترجمات القليلة التي تُسمي تقدمة الحبوب "تقدمة اللحم" على الرغم من تحديدها على أنّها تقدمة حبوب وليست تقدمة لأي نوع من لحوم الحيوانات. أظن أن السبب في ذلك متعلّق بحل مشكلة في ترجمة الكلمات التي تَظهر في قصة النزاع بين قايين وهابيل بشأن تقديم الذبيحة إلى الله، والتي أدّت في النهاية إلى موت هابيل على يد قايين. سأشرح ذلك بعد قليل. بالنسبة لأولئك الذين كتبوا "تقدمة لحم" في الإصحاح الثاني، هوِّنوا الأمر على أنفسكم واشطبوا كلمة "لحم" واكتبوا "حبوب" فاستخدام عبارة "ذبيحة اللحم" غير دقيق مقارنةً بمعناها في العالم الحديث.
إذًا، المينشا هو تقدِمة من الحبوب، السميد بالتحديد، الذي يُطحن بعد ذلك ويُحول إلى عجين، ثم يُحرق على المذبح. والترجمة المعتادة التالية "الطحين الناعم" ليست صحيحة أيضًا…هذا ليس طحينًا تمّت غَربلته جيدًا مما جعله "طحينًا ناعمًا"، ولا هو أفضل أنواع الطحين. ولكن، القربان مصنوع من الطحين المُستخلص من أفضل جزء من رأس الحبوب نفسها…السميد. ولكن كلمة "مينشا" لها تاريخ مُثير للاهتمام أيضًا، إذ لم تكن تُشير دائمًا إلى تقدِمة الحبوب التي ندرسها الآن. في الواقع، إنّ كلمة "مينشا" هي الكلمة المُستخدمة في سِفْر التكوين أربعة الآيات ثلاثة إلى خمسة، وذلك في سياق الحادثة التي وقعت بين قايين وهابيل عندما قَدّم كلّ منهما تقدمة لله، ولكن إحداها كان مقبولة والأخرى غير مقبولة. التقدمة المقبولة، أي الذبيحة المقبولة، كانت ذبيحة هابيل وكانت حيوانًا. أما التقدمة غير المقبولة فكانت تقدمة قايين وكانت من النبات….- على الأرجح حبوب. ولكن في كلتا الحالتين، كان يُشار إلى التقدمة باسم "مينشا" لتعني "تقدمة" بشكل عام وليس لتحديد نوعها.
وهذا أمرٌ مثير للسخرية حقًا، أليس كذلك؟ لأن المينشا الذي كان مقبولاً عند الله في سِفْر التكوين كان حيوانًا…رَفَض الله مينشا الحبوب. أظنّ أنّ هذا هو ما أوقع مُترجمي سِفْر التكوين في حيرة من أمرهم…كيف يمكن أن يَرفض الله الحبوب ويَقبل لحم الحيوانات في سِفْر التكوين، ولكنه يَقبل الحبوب في سِفْر اللاويين؟ لذا، ربما "ذبيحة اللحم" لحلّ المشكلة. بدلاً من ذلك، على مدى ألفي سنة، نرى أن استخدام كلمة "مينشا" قد وصل لاستبعاد معناه ذات الصلة بالذبيحة الحيوانية، ليَقتصر على تقدمة الحبوب. في الواقع، هو الاسم المحدد لتقدمة الحبوب.
والآن، يَتناسب تاريخ كلمة "مينشا" مع ما قاله الحكماء والحاخامات العظماء عن معنى وغَرَض تقدمة الحبوب: أي أنها تُشير بشكل أقل إلى ما يُقدم (الحبوب)، وأكثر إلى الغرض من تقديمه. وبعبارة أخرى، لا يتعلق الأمر بكونها حبوبًا، بقدر ما يتعلّق بكونها تقدمة أو هدية لله. إذًا في كلا النوعين الأولين من التقدمات التي ندرسها، ذبيحة "عُلى" والآن تقدمة المينشا، جزء من جوهرهما الأساسي هو أنهما هديتان لله. لكنهما أيضًا من الهدايا المطلوبة…وهذه هي طبيعة التقدمة. عندما نُفكِر بمصطلح "التقدمة"، نُفكّر تاريخيًا في طابور طويل من الشعب المغلوب الذي يقدم "هدايا" كعلامة رضى على الخضوع أمام الملك الغازي. وهذا المصطلح هو الأقرب إلى المعنى الذي نعالجه هنا في سِفْر اللاويين بالنسبة لتقدمة المينشا.
هناك جانِب آخر صغير آخر مثير للاهتمام في تقدِمة المينشا، وهو أنها أصبحت تُقدم في نهاية المطاف في المساء أو في وقت متأخر بعد الظهر. ونتيجةً لذلك، أصبحت لا تُشير فقط إلى تقدمة الحبوب، بل تُشير أيضًا إلى وقت محدد من اليوم. إذا درستم
التقليد اليهودي، ستَجدون أنّ وقت صلاة العصر يُسمّى وقت "مينشا" أو "صلاة المينشا" أي أنها صلوات طقسية تُرفع دائمًا في وقت متأخر من بعد الظهر.
وخلافًا لـ "عُلى"، أي الذبيحة المحروقة، فإنّ المينشا، تقدِمة الحبوب، كانت تُقدم جزءًا صغيرًا فقط من الحبوب لتُحرق على المذبح، والباقي يُستخدم كطعام. تذكروا أن ذبيحة "عُلى" كانت تتطلب إحراق كل اللحم على المذبح.
كان السميد المطحون ناعمًا وزيت الزيتون هما المكونان الأساسيان لهذه التقدمة. ويمكن تقديم الخليط بعدة طرق، سواء كان مطبوخًا أو غير مطبوخ. يَذكر سِفْر اللاويين على وجه التحديد أنه إذا كان العجين مطبوخًا، فيُمكن خبز العجين في الفرن أو طهيِه على صينية أو في مقلاة.
عندما يُخبز العجين في الفرن يمكن أن يتمّ ذلك بعدة طُرق مختلفة وينتج عنه نتائج مختلفة. وفي الآية أربعة نرى أنه يمكن إضافة الزيت إلى العجين، لصناعة كعكة سميكة مُستديرة. والمصطلح العبري المُستخدم هنا لهذه النتيجة هو "الشلح" فإذا كنتم تحبون أن تحتفلوا بالسبث (السبت) على الطريقة اليهودية التقليدية، فستَجدون نفسكم تشترون رغيفًا من خبز الشلح، على الرغم من أنّ شَكله اليوم مُستطيل بدلاً من أن يكون مستديرًا. ومن هنا يأتي هذا المصطلح. أما الناتج الآخر للعجين المخبوز في الفرن فيُطلق عليه اسم "الرقيق"، وهو عِبارة عن رقائق رقيقة ومقرمشة. بعد الانتهاء من خبز الرقيق يتمّ دَهن الزيت المطلوب فوقه. ولكن، في كلتا الحالتين، يجب أن يكون مصنوعًا من عجين غير مُختمر لأنه لا يجب أن يُحرق شيء يحتوي على خمير على مذبح النحاس.
دعونا نتذكر أيضًا أنه في الآية اثنان، يأمُر الله أن يُضاف اللبان إلى العجين. كان اللبان باهظ الثمن وكان يُستخدم لإضفاء رائحة طيبة وزكية. كان إحراق البخور ممارسة شائعة في الشرق الأوسط، ولم يكن فقط للاحتفال الديني….. بل كان يُستخدم في كثير من الأحيان لإخفاء الروائح المرتبطة بالحياة الزراعية، والاستحمام فقط من حينٍ لآخر. لذلك قد يتساءل المرء عن سبب إضافة اللبان إلى العجين……لأنه لم يتم تفسير ذلك حقًا. بالنسبة للعقلية شرق الأوسطية في ذلك الوقت، لم يكن التفسير ضروريًا. لقد عرفوا جيدًا ما أخبرتكم به الأسبوع الماضي، أنه في كل نوع من أنواع القرابين التي كانت تُحرق على المذبح، كان للدخان أهمية أساسية. كل الدخان الناجم عن طقس من الطقوس للرب له صِفة بخور معيّنة. لمَ؟ لأنّه بالنسبة للناس في ذلك العصر، كان الله يعيش بعيدًا جدًا…… عاليًا في السحاب….. لذلك كان الدخان يتصاعد في الجو ويصِل في النهاية إلى الله. شَمّ الرائحة كانت يرضيه وإضافة اللبان كان يَجعل الرائحة أكثر إرضاءً. سنجِد في أقسام لاحقة من العهد القديم، وكذلك في العهد الجديد، تشبيهات بين الصلاة التي تُرفع إلى الله ودخان البخور المحترق الذي يتصاعد أيضًا إليه.
يجب أن تُؤخذ التشبيهات حرفيًا.
كان يجب إضافة الملح إلى العجين. كان يجب أن يُضاف الملح إلى كل نوع من تقدِمات الحبوب (لأن هناك أنواعًا أخرى من التقدمات التي تَتضمن الحبوب والتي سنتناولها في الأسابيع القادمة). ومع ذلك نَجِد أن كلاً من العسل والخميرة محظوران. دعونا نُلقي نظرة على هذه العناصر لأننا سنَرى إشارات إلى الخميرة والعسل والملح في بقية الكتاب المقدس، في العهدين القديم والجديد، في كل ما تبقّى من الكتاب المقدس. وقد أسيء فهم رمزية هذه الأشياء وأسيء استخدامها بشكل رهيب.
أولاً، دعونا نَتحدث عن الملح. كان لاستخدام الملح آثار عملية وروحية على حدٍ سواء. بالرجوع إلى سِفْر التكوين نجِد أنّ الملح يُستخدم كجزء من طقوس صناعة العهد. اختلف العلماء في كيفية بدء هذا الأمر حتى قبل يسوع…. ومع ذلك فقد تم التوصّل مؤخرًا إلى اتفاق عام حول استخدامه ومعناه. سوف نَتحدث قليلاً عن بعض العبارات العبرية لتسهيل الوصول إلى جوهر هذه المسألة.
يُقال لنا في الآية 13:"عليكم أن ترشوا كل تقدمة الحبوب بالملح…… لا تتخلوا في تقدمتكم عن ملح العهد". في الواقع قيل لنا أن جميع القرابين يجب أن تكون مملحة. والعبارة العبرية لملح العهد هي "مِلخ بريت إلوهايكا، ملخ هو الملح، وبريت هو العهد، وإلوهيكا تشير إلى الله، لأنها متأتية من كلمة إلوهيم. هذه عبارة أو تعبير عبري يشير إلى التزام أمام الله، وهو التزام يجب أن يستخدم فيه الملح في ذكراه. نحن نسمي هذا الالتزام عهدًا.
إذًا، لماذا اختار الملح؟ يبدو أن استخدام الملح كعُنصر من عناصر عَقْد ونَقْض الاتفاق يعود إلى ما قبل زمن موسى. لدينا سِجلاّت تُظهر أنه في كثير من الأحيان إذا تم قَطع الاتفاق، كانت النتيجة الموصى بها هي رشّ حقول الطرف المُخالِف بكميات كبيرة من الملح، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام. ونرى أيضًا استخدام الملح في الطقوس المُتعلقة باستقدام الضيوف. لذا، يبدو أن استخدام الملح، هنا، هو ببساطة استخدام عنصر مفهوم جيدًا لعَقد الاتفاقات، مُستخدم منذ زمن سحيق في الشرق الأوسط. يبدو أن لا أساس للاستخدامات المجازية لكلمة "ملح" التي سمعناها في العظات في كنيستنا وعلينا ببساطة أن نأخذ هذه العبارة في سِفْر اللاويين وفق معناها الظاهر……وهي أن الله يَستخدم هذه العادة القديمة لمساعدة شعبه، إسرائيل، على فهم الطبيعة الملزمة لعهوده معهم؛ كما أنه من الواضح أيضًا أنّ استخدام الملح في التقدمات ليس اختياريًا. بل هو في الواقع، من وجهة نظر الله……وهو ما يجب أن نفكر فيه… علامة على أن العابد يَتوافق مع الله وينوي الحفاظ على عهوده.
لذا، عندما نقرأ في الإصحاحات اللاحقة من الكتاب المقدس، بما في ذلك العهد الجديد، عن استخدام الملح إما مباشرةً أو على سبيل التوضيح، فالمقصود هو إما أن يؤخذ على أنه إشارة إلى عهد دائم ومقدّس يوافق الشخص على الالتزام به، أو أنه يُستخدم للإشارة إلى الملح الذي أصبح مُستهلكًا…لقد استهلك ولم يعد له أي فائدة. كيف يمكن أن يصبح الملح "مُستهلكًا" وعديم الفائدة؟، الملح الذي كان يُستخدم بكميات كبيرة على المذبح البرونزي حيث كانت توضع قطع كبيرة من لحم الذبيحة. كما ترون، إحدى الاستخدامات العملية العديدة للملح مُتعلقة بخصائص الامتصاص التي يَملكها. كان الملح يُنثر على قطع لحم الذبيحة قبل وضْعها على المذبح لامتصاص أي دم متبقي؛ ثم يُنفض على الأرض. كان الإجراء نفسه مطلوبًا أيضًا بشكل عام عند إعداد اللحم للطعام. كان من المفترض أن يُصَفَّى دم حيوانات الأضاحي بالكامل، ويُحفظ في وعاء ويُرش على جوانب المذبح؛ ولكن لم يكن من المفترض أن يُحرق مع اللحم. كان يجب تصفية اللحم قدر الإمكان من الدم وِفق إجراءات إحدى الشرائع السبعة لنوح التي حرّمت أكل الدم.
لنتذكّر أنه كان بإمكان الكهنة أو العابدين، بما يخصّ الذبائح المحددة، أن يأكلوا بعضًا من لحم الذبيحة. لذا، كان يجب أن يُصفى اللحم من دمه بالكامل، ولم يكن لديهم مناديل ورقية للقيام بذلك……لذلك كانت هذه إحدى وظائف الملح.
وبالطبع، كان لا بد من وجود جِبال من الملح الذي كان يُستخدم عند المذبح لامتصاص الدم من العدد الهائل من الحيوانات التي كان يتم التضحية بها يوميًا؛ وكان يجب التخلص من تلك الفَضلات من الملح. لذا، بعد أن دخل بنو إسرائيل إلى كنعان، وبدأ العديد من بني إسرائيل يعيشون في المدن والقرى، ألقوا الملح المنقوع بالدم…. الذي لم يعد صالحًا للاستخدام….. على الطرقات. وكان هذا تحقيقًا للأمر بأن كل ما لم يُرشّ دمه على مذبح النحاس كان يجب أن يُصبّ كالماء على الأرض. لذا فإن هذا فضلات الملح الملوث بالدم كان تَخدم غرضًا مفيدًا وهو تسميم الأرض لمنع النباتات من النمو على الطريق أو الشوارع.
والآن، دعونا نُناقش موضوع الخميرة، أبرز مواضيع الوعظ، والكثير من الافتراضات فيما يَتعلق بالمعنى الروحي لتحريم الخميرة في الذبائح وعلى الطعام المنزلي خلال عيد الفصح اليهودي. والحقيقة هي أن الكتاب المقدس لا يُعطينا أي تفسير محدد لمغزى ذلك. أمّا القول أن الخميرة تمثل الخطيئة غير مدعومة في الكتاب المقدس….. ويبدو أنّه تخمين مدروس.
إنّ استخدام الخميرة واضح في عدّة أماكن في الكتاب المقدس. في حين عدم إمكانية استخدام الخميرة في التقدمات التي يتم حرقها، إلا أنها تُستخدم، بشكل مثير للاهتمام، في أنواع أخرى من الاحتفالات الدينية بما في ذلك أرغفة خبز الوجوه (الفطير) الاثنا عشرة التي توضع داخل خيمة الاجتماع، بالقُرب من الحِجاب الذي يَفصل قدس الأقداس عن المكان المقدس. كان مسموحًا استخدام الخميرة في الطبخ والخبز العبري، باستثناء مناسبات معينة محددة.
أما الإشارة الوحيدة الحقيقية لسبب عدم استخدام الخميرة فتتعلق بعيد الفصح اليهودي؛ ويذكر الكتاب المقدس أنّ السبب الحقيقي الوحيد لعدم استخدام الخميرة هو ذِكرى ذلك اليوم الذي خَرج فيه شعب إسرائيل من مصر على عجَلة، ولذلك أحضر معه عجينًا غير مُختمر لأنه لم يكن هناك وقت للتخمير، باستثناء ذلك، تحريمه نوع من الألغاز. ولكن اعلموا أن تحريم استعمال الخميرة في بعض الحالات المحددة لا يَستند إلى تقليد...إنه أمرٌ إلهي كتابي.
الآن بالنسبة للنهي عن استخدام العسل: الترجمة العبرية هي ديفاش ويُعتقد أنه بينما يمكن أن تشير كلمة " ديفاش" إلى العسل، إلا أنها تُشير في الحقيقة إلى مواد تحلية أخرى، الأكثر شيوعًا في العصور التوراتية كانت سكر التمر أو رحيق الفاكهة. في الواقع لا يوجد أي دليل على استخدام خلايا النحل لجَمْع العسل في تلك الأيام. إنّ قصة عثور شمشون على خليّة نحل في عظام أسد ميت هي الأقرب من الفكرة فالعثور على خلية نَحل والعَسل الذي كانت تحتويه كان من عوامل الحظ وحدثًا سعيدًا. كان النحل يَتَجمّع في شقوق الأشجار والشقوق الصخرية، ونعم، في بقايا الهياكل العَظمية للحيوانات الكبيرة…وكان هذا طبيعيًا أكثر. هكذا كان يتم العثور على العَسل في تلك الأماكن، لكن العثور على العسل كان مَحض صدفة وكان له قيمة كبيرة. لذلك عندما نرى كلمة "عسل" في الكتاب المقدس، لا تتوهّموا أنّ المقصود هو عَسَل النَحل. باستثناء الحالات النادرة، كان ديفاش يُشير ببساطة إلى شيء يُضيف مذاقًا حلوًا للطعام.
لماذا إذن لا يمكن استخدام العسل في التقدمات؟ إحدى المشاكل التي تواجهنا مع أقدم الأوامر الكتابية القديمة، هي أنه لا يوجد تَفسير فبدلاً من أن نكون متشككين، علينا أن نتعامل مع مثل هذه الأوامر بالمنطق السليم، والتذكر أنها أقوال كانت معروفة بين الناس في ذلك الوقت ولا تحتاج إلى تفسير. بعد ألف سنة من اليوم، قد يسأل المؤرخون لماذا يميل الأمريكيون إلى تناول الشطائر على الغداء. وقد لا يملكون إجابة جيدة، لأنني لا أستطيع أن أفكّر في رواية حديثة أو إعلان للوجبات السريعة من شأنه أن يَشرح سبب أكل السندويشات والأهمية الثقافية لأكل السندويشات، وتاريخها وما إذا كان هناك أي شيء رَمزي في أكل السندويشات.
نحن نأكلها لمُجرد أننا نودّ ذلك. إنها جزء لا جدال فيه من ثقافتنا التي تطورت وتم تبنيها على نطاق واسع. الأمر مماثل مع العديد من أوامر الكتاب المقدس. لم يتم تَفسير النهي عن استخدام العسل أو أي مادة تحلية؛ لذا، يمكنكم أن تُراهنوا على أنه لم يكن مطلوبًا من الناس في ذلك الوقت.
قَدّم الحاخام العظيم موسى بن ميمون في العصور الوسطى إجابة مناسِبة؛ وهي أنه في كل الثقافات شرق الأوسطية القديمة المعروفة، كان العسل في الواقع يُستخدم...في الأنشطة الدينية (خاصة في القرابين المقدمة للآلهة)، لأنه ببساطة كان نادرًا جدًا وثمينًا. ولذلك، حرّم الله على بني إسرائيل استخدام العسل في الذبائح لفصْل طقوسه عن طقوس الآخرين. سواء كان هذا صحيحًا أم لم يكن، علينا فقط أن نُفكّر في إجابة. لكن يمكنني أن أخبركم أنه مع مرور الوقت، لاحظت أن الكثير مما يُحرّمه الله على أتباعه هو ما يميل من ليسوا من أتباعه إلى تقديره. وبينما نسير مع الربّ، علينا أن نأخذ هذا المبدأ في الاعتبار عند اتخاذ قراراتنا.
إذن، باختصار: العَسل والخميرة لا يصلُحان، بأمرٍ من الله، للاستخدام على مذبح الأضاحي، ولكنهما مناسبان كتقدِمات "موضوعة أمام الله"…. أي تقدمات لا تُحرق، وبالتالي فإن هذه المواد المَحظورة لا تؤدي إلى انبعاث الدخان من المِحرقة.
كانت طقوس تقدمة الحبوب (مينشا) تُقام على النحو التالي: أولاً، يُجهّز العابد العجين ثم يَطبخها بإحدى الطرق المنصوص عليها، أو يَتركها غير مطبوخة. بعد ذلك كان يتم إحضار المنتج إلى خيمة الاجتماع (الهيكل فيما بعد) وتسليمه إلى الكاهن المسؤول. كان الكاهن يأخذ حفنة مينشا ويَضعها على مذبح النحاس، حيث يتمّ حَرقها بالنار. في الواقع، كانت "الحَفنة" التي كان الكاهن يأخذها صغيرة جدًا…الكلمة العبرية في الآية الثانية التي تعني حفنة كانت "كومتس" وتُشير إلى أنّ الجزء صغيرٌ جدًا. كان ما تبقى من تقدمة الحبوب يُعطى للكهنة ليستخدموه كطعام لهم، وكان مطلوبًا منهم أن يأكلوه على أرض خيمة الاجتماع…أي داخل فناء خيمة الاجتماع. كان يُعتبر وجبة مقدسة…وفي الجوهر، كانوا يأكلون في حضرة الله. تقول الآية ثلاثة إنّ هذه الحصة المعطاة لهارون وبنيه الكهنة كانت حصة مُقدّسة للغاية. لذا، لم يوضع على المذبح سوى كمية ضئيلة فقط، والباقي كان يُعطى للكهنة. ولكن، بطريقة ما، كان لتلك الكمية الضئيلة المأخوذة من كتلة العجين الكبيرة تأثير رمزي لتقديس الكمية كُلّها، كتلة العجين التي كانت تُحفظ للطعام ولا توضع على المذبح. والآن، أريدكم أن تنتقلوا معي بسرعة إلى رومية الإصحاح الإحدى عشر. لنَنظر في الآية ستة عشرة.
قراءة في رومية الإصحاح الحادي عشر الآية ستة عشرة
اعتمادًا على نُسخة الكتاب المقدس الخاصة بكم سوف يَرِد شيء من هذا القبيل:"فَإِنْ كَانَ الرَّغِيفُ الْمُقَدَّمُ كَفَطِيرٍ مُقَدَّسٌ، فَالرَّغِيفُ كُلُّهُ مُقَدَّسٌ أَيْضًا". وفي نسخ أخرى قد يَرِد: "وَإِذَا كَانَتِ الْقِطْعَةُ الأُولَى مِنَ الْعَجِينِ مُقَدَّسَةً، فَالرَّغِيفُ أَيْضًا…."، وفي نسخ أخرى:"إِذَا كَانَ جُزْءُ الْعَجِينِ الْمُقَدَّمِ كأول ثمرة مُقَدَّسًا، فالكتلة كلها مقدسة". بعد دراسة الإصحاح الثاني من سِفْر اللاويين، هل يبدو لكم هذا منطقيًا أكثر؟ بالطبع، يُشير بولس إلى تقدمة الحبوب، "مينشا". الشلح ما هو إلا العجين المُضاف إليه الزيت والمخبوز في الفرن. يُخبرنا سِفْر اللاويين أنّ هذا النوع من الخبز يُسمى الشلح. إنّه يَستخدم هذا المثال عن الشلح الذي هو تقدمة الحبوب في نظام القرابين لأنه كان مفهومًا من قبل أولئك اليهود المتواجدين في الحشد الذي كان يَتحدث إليه. لقد فهموا جيدًا إجراء تقدمة الحبوب ومعنى تقديم تلك القطعة الصغيرة من العجين على المذبح لتَنقل قداستها إلى الرغيف الكامل الذي سيَأكله العابد و/أو الكاهن.
هذا ليس سوى مثال بسيط على قيمة دراسة التوراة ونظام القرابين؛ فبدون هذه المعرفة كيف يُمكننا أن نفهم ما يحاول بولس إيصاله؟
بالعودة إلى سِفْر اللاويين اثنان، نجد في الآية أربعة عشرة، استخدامًا خاصًا للمينشا؛ في مهرجان الحَصاد…هذه هي الفكرة وراء عبارة "أول ثمرة"…أي أن تقدمة "المينشا" يجب أن تُصنع من أول مَحصول من الحبوب. الآن، لم يكن الأمر يَتعلق بمَوسم واحد فقط. يمكن أن يتمّ ذلك عدّة مرات عندما يَنضج الشعير مثلاً، وبعد ذلك القمح.
عندما كانت تقدمة الحبوب هذه لغرض الاحتفال بأولى الثمار، ولم تكن تتم عادةً مع أول ذبيحة محروقة… من حيوان. وبعِبارة أخرى، كانت تقدمة الحبوب للاحتفال بذكرى حصاد الحبوب، أولى الثمار، وكانت قائمة بذاتها ولم تكن عادةً مقترنة بنوع آخر من الذبائح. وفي هذه الحالة، وبدلاً من أن يتمّ تجريد الحبوب ثم طحنها وجعلها عجينًا، كانت الحبوب ببساطة تُحمّص على النار. ثم كان يُصبّ على الحبوب الكاملة المُحمصة زيت الزيتون واللبان، وتُقدم إلى الكاهن الذي كان يأخذ كمية صغيرة ويُلقيها على نار المذبح.
إذًا، ما هو معنى تقدمة الحبوب وهدفُها في سِفْر اللاويين؟ في الحقيقة لا نَحصل على الكثير من المُساعدة من الكتاب المقدس بخصوص هذا الموضوع. يتمّ التعبير عن الغرَض المباشَر لهذه التقدمة في الآية اثنان "هِيَ رَائِحَةٌ عَطِرَةٌ لِيَهوَه" وهناك صِلة مباشرة بين "عُلى"، ذبيحة الحيوان المحروقة، ومِحرقة الحبوب. والكثير منها يَعتبره يَهوَه لذيذًا، واللذة تكمُن في الرائحة العطرة للدخان.
لقد رأينا حتى الآن أن مينشا هي عطية لله، ولكنها أقرب إلى أن تكون هدية لا إرادية، جِزية، شيء مَرسوم ومُتوقّع من المَلِك الكلّي القدرة. ومن المفترض أن تجلِب السرور لله. وإلى جانب ذلك، هناك أيضًا فكرة أن يُعلن العابد ولاءه ليَهوَه، والنية في طاعته.
والآن، عندما نتراجع قليلًا وننظر إلى هذا الأمر من منظور أوسع، نلاحظ نمطًا معينًا: إنّ "عُلى" مُصمَمة لجذب انتباه الله، ولجعله ينظر إلى العابد نظرة إيجابية. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تُحافظ على السلام بين العابد ويَهوَه، وهي أيضًا اعتراف من العابد بأن لديه طبيعة فاسدة تَتطلب وسيلة للمصالحة. وبمجرد أن يتمّ ذلك، ويُصبح العابد في وضْع جيد مع الله، فإن تقدمة الحبوب تكون قد حقّقت هدفها، وعبّرت عن الشكر على تدبير الله، وفي نفس الوقت تُعبّر عن الاعتراف بتكريس العابد ليَهوَه.
قبل أن نَنتقل إلى الإصحاح الثالث، اسمحوا لي أن أشير هنا إلى شيء أعتقد أنه قد يكون مفيدًا لنفهم الخطيئة والغفران والتكفير بشكل عام، ومفهوم غفران الخطايا عن طريق موت يشوع الفدائي على الصليب.
غالبًا ما نُلاحظ هذه المناقشات اللاهوتية المُربكة حول الخطيئة والغفران والتي تَطرح علينا أسئلة مثل: حسنًا، إذا كان المسيح قد مات مرة واحدة وإلى الأبد من أجل خطايانا، فلماذا من ناحية أخرى يقول لنا في نموذج صلاته الخاصة، الصلاة الربانية، أنّه في كل مرة نُصلّي فيها علينا أن نَطلب من الآب الغفران عن خطايانا؟ بعد كل شيء إذا كانت هذه الخطايا مَغفورة سلفًا بدم يسوع، فماذا نفعل عندما نَطلب منه أن يغفر لنا خطيئة جديدة ارتكبناها حديثًا، أو أن نُذكّره بخطيئة قديمة مرارًا وتكرارًا؟
أعتقد أن الجواب يَظهر في "مينشا وعُلى"……وتذكّروا أن نظام القرابين الذي ندرسه كان نافذًا عندما كان المسيح حيًا، وبالطبع كان سيُشارك فيه وإلا لما كان بالتأكيد حاخامًا عظيمًا… أو حتى يهوديًا عاديًا في مرتبة جيدة…بالنسبة لأولئك الذين أحاطوا به. علينا أن نُفكّر في الخطيئة على مستويين: الأول هو الطبيعة الخاطئة للبشرية، والثاني هو السلوك الخاطئ للبشرية أي أنه بِسبب سقوط آدم، نحن جميعًا مُثقَلون بسبب الطبيعة الخاطئة.
حتى قبل هذا الحدَث، كانت لدى الإنسان القدرة (التي نُسميها "إرادتنا") على ارتكاب الخطيئة، ولكن لم تأتِ مناسبة لممارسة إرادة العصيان حتى أمَرَ الرب آدم وحواء بعدم الأكل من شجرة معرفة الخير والشر. يَصِف الحكماء العبريون هذه الطبيعة ذات الصلة بفعل الخطأ ب "يتزر هارا"...المَيْل الشرير فينا الذي يعيش جنبًا إلى جنب مع الميل الصالح. ولكن، يَسعى العديد من الناس ذوي الطبيعة الخاطئة إلى عدم ارتكاب الخطيئة بشكل صريح…إنهم يَحرصون على سلوكهم بعناية. ليسوا مثاليين، لكنهم جيدون جدًا.
أنا متأكد من أنني سأثير بعض الخِلافات، لكن يبدو لي أنه بينما يَتمركز مَيلنا الشرير في عقولنا، فإنّ طبيعتنا الخاطئة تَتمركز إلى حدٍ كبير في أرواحنا أو نفوسنا، اعتمادًا على كيفية تعريف المرء للروح والنفس. أي إما أن يكون فينا روح فاسدة، أو أن يكون فينا روح مقدسة. ليس لدينا القليل من كل منهما، أو لا شيء على الإطلاق….. بل لدينا هذا بالكامل أو ذاك بالكامل. نحن نولد بروح فاسدة ولا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك……باستثناء أن نثِق بالله ونضع إيماننا في يسوع المسيح. إذا فعلنا ذلك، عندها نَستبدل روحنا الفاسدة بروح مقدَسة وطاهرة. وفي تلك اللحظة تَتغير طبيعتنا. ومع ذلك، تَبقى تلك النزعة الشريرة التي تَسكن في أذهاننا وتَظل تُطاردنا حتى يوم عودتنا إلى بيتنا. والآن، الحقيقة المُحزنة هي أنه لأسباب متنوعة فَكّر فيها صديقي العزيز الدكتور روبرت ماكغي وعَلّم عنها كثيرًا، غالبًا ما يَستمر الشخص المخلَّص في العيش كما لو أنّ ذلك التبادل في الأرواح والطبائع لم يَحدث أبدًا. وعندما يكون هذا هو الحال، غالبًا ما يَستمر الشخص المُخلَّص في السلوكيات الخاطئة…. أي أنّ هذا الشخص يَستمر في ارتكاب الخطايا. ومع ذلك، مرة أخرى، فإنّ طبيعة هذا الشخص أصبحت الآن جديدة وطاهرة ومقدَسة.
يتمّ تقديم مفهوم هذه المعضِلة الغريبة التي يَعيشها البشر هنا في سِفْر اللاويين لأنّ ذبيحة "عُلى" (وإلى حدٍ ما تقدمة مينشا) هي للتكفير عن فساد متأصِل في البشرية يُسبب توترًا بين الإنسان والله، فهاتان التقدمتان لا تَهدفان إلى التكفير عن السلوكيات الخاطئة. إنّ هاتين التقدمتين ليستا مُصممتين للتكفير عن انتهاك معين للناموس، بل إنهما بالأحرى تَتعلقان بالتعامل مع طبيعة الإنسان الخاطئة…مع روح الإنسان الفاسدة. حتى الآن في نظام القرابين اللاوي لم نُصادف حتى الآن تقدمة أو ذبيحة تَهدف إلى التعامل مع سلوك سيء لأي شخص…بسبب عصيان لشريعة يَهوَه. حتى الآن كانت التقدمات تَتعلق فقط بنظام عدالة الله الذي يَتعامل مع طبيعتنا التي لا تظهر في سلوكنا بحد ذاته، بل في حالة أرواحنا…التي كان تَتَّصف، حتى أتم المسيح عمله، بحالة واحدة….. حالة الفَساد.
يَظهر نظام تقدِمة قرابين من خلال مسألتين تَتعلقان بالخطيئة والتكفير يجب التعامل معها: واحد) قبولنا لله، تلك الطبيعة الموجودة في نفوسنا، واثنان) خطايانا، أعمالُنا الخاطئة التي ارتكبناها ضد الله….. شيئان مختلفان.
عندما مات المسيح، أولاً وقبل كل شيء، فإنّ تَضحيته أنجزت بطريقة أعظم وأكمل بكثير الغَرَض من "عُلى ومينشا". موته وإيماننا به جعلانا مقبولين عند الله. يَسمح لنا موته بالاقتراب من يَهوَه. وسنَبقى مقبولين من يَهوَه بِغضّ النظر عن سلوكنا…… على الأقل ما لم يكن سلوكنا يَعكس في الواقع قلبًا يَرفض الله وابنه الذي هو الله رفضًا تامًا.
لكن سلوكنا مهمّ. الله يُراقب سلوكنا. الطاعة مهمة. الله مُدرِك لطاعتنا أو عدم طاعتنا له. وعندما نُسيء التصرّف، عندما نَعصيه، علينا أن نَطلب المغفرة بدافع الطاعة وليس لأننا أصبحنا غير مقبولين لديه بِسبب بعض السلوكيات السيئة.
لهذا السبب يَطلب منّا المسيح في الصلاة الربانية أن نَطلب المغفرة عن خطايانا… سلوكنا السيء…عصياننا لأوامر الله…….لا أن نَطلب المغفرة عن طبيعتنا الفاسدة، لأن الصلاة الربّانية هي صلاة للمؤمن الذي يَملك فعلاً طبيعة جديدة وطاهرة، طبيعة مقبولة بفضْل عمل المسيح المُكتمل ومجيء الروح القدس. وعليه، نُعطى المثال والظِل والنوع الخاص بهذا الجانب بالذات من نِظام عدالة الله في أول إصحاحين من سِفْر اللاويين.