سفر اللاويين
الدرس 32 – الإصحاح 22
يحتوي هذا الإصحاح على سلسلة من الأحكام المتعلقة بتناول الكهنة وعائلاتهم الطعام الذي يُقدم ذبيحة ليهوه. تذكروا أن الطعام الرئيسي للكهنة هو تلك التقدمات التي كانوا يجلبونها من شعب إسرائيل للتضحية بها في خيمة الاجتماع ولاحقًا الهيكل.
ما هو جدير بالملاحظة أيضًا هو أن هناك تشابهًا مباشرًا بين متطلبات الكهنة الذين يقدمون الذبائح وبين الذبائح الحيوانية نفسها، حتى وصف طبيعة العيوب المحظورة على الكهنة وعلى الذبائح متشابهة.
لاحظوا إلى قائمة العيوب التي تنهي الإصحاح 21؛ لا يمكن للكاهن أو الحيوان أن يتقدم أمام الرب (أي لا يمكنهما أن يقوما بدورهما في عملية تقديم الذبائح) إذا لوحظ أي من العيوب التالية: العمى، أو ذراع، أو ساق مكسورة أو مصابة، أو داء الاسقربوط، أو التقرحات، أو طرف طويل جدًا أو قصير جدًا، أو خصيتان مكسورتان أو مفقودتان، أو ورم في العين.
إن تعريف الله للكمال، مرادف لعبارة ”بلا عيب“، وهو ما يتم تعريفه في هذه القائمة من العيوب. من الواضح أنه ما من كاهن أو حيوان كامل. من المفيد لفهمنا لشرط الكمال هذا معرفة أن الحاخامات المعاصرين الذين يبحثون بنشاط عن عجل أحمر ”مثالي“ منذ عودة اليهود إلى الأراضي المقدسة لم يجدوا واحدًا حتى الآن. هذا لأن الحاخامات هم الذين حددوا معنى ”الكمال“ بالنسبة للعجل الأحمر الذي لم يصل إلى هذا المعيار حتى الآن. ما أقصده هو أنه يجب أن نتعامل مع الكمال الجسدي المفترض للكاهن والحيوان الذي سيتم التضحية به بالمنطق السليم؛ يضع يهوه تعريفات للكمال واسعة بما يكفي للسماح بالاختلافات الطبيعية والعيوب الكامنة التي تظهر على جميع البشر والحيوانات، من دون أن تكون كثيرة التفاصيل الدقيقة التي تمنعها من التأهل بشكل حتمي. إنّ العيوب التي نراها مدرجة هي الأكثر وضوحًا ويسهل كشفها، ولذا فهي لا تؤثر إلا على جزءٍ صغير إلى حدٍ ما من الكهنة والحيوانات النظيفة على حدٍ سواء.
عودةً إلى الموضوع الأساسي، اسمحوا لي أن أشير إلى أن هذا الاهتمام بالتفاصيل (الذي يَقترب من السَخافة) قد تجاوز بكثير ما أمر به الله؛ لأن هذا التعريف البشري للكمال كان رأيًا وتفضيلًا شخصيًا وفكريًا أكثر من كونه مرسومًا إلهيًا. لقد كان هذا النظام من التقاليد المتوحشة هو ما كان يشير إليه يسوع باستمرار عندما اشتكى من عبء الناموس. كان يسوع يعارض شرائع الحاخامات وليس شريعة الله، وليس الشريعة التي وضعها المسيح نفسه. لقد كانت هذه القواعد والقوانين السخيفة التي لا يمكن تحقيقها من صنع الإنسان وليست جزءًا من ناموس الله العادل والمنصف الذي يعبر عن طبيعته وشخصيته.
ومع ذلك، أليس من المدهش أن المسيح في النهاية تمّم كل متطلبات الكاهن الكامل، وكان للبديل القرباني الكامل أيضًا. مستوى من الكمال كان يفوق قدرة الإنسان على إدراكه لدرجة أنه كان يجب أن يكون الله نفسه هو الذي تولى دور رئيس الكهنة والذبيحة الكفارية.
دعونا نلقي نظرة على بعض آيات الكتاب المقدس التي تربط بين هذه الأوامر الواردة في سفر اللاويين وهدف يسوع.
(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) عبرانيين 7:23 وَأَيْضًا الْكَهَنَةُ الْحَاضِرُونَ كَثِيرُونَ فِي الْعَدَدِ، لأَنَّ الْمَوْتَ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الاِسْتِمْرَارِ فِي الْمَنْصِبِ. 24 وَلكِنْ لأَنَّهُ حَيٌّ إِلَى الأَبَدِ، فَمَنْصِبُهُ كَكَاهِنٍ لاَ يَنْتَقِلُ إِلَى غَيْرِهِ، 25 وَلذلِكَ فَهُوَ قَادِرٌ تَمَامًا عَلَى أَنْ يُنَجِّيَ الَّذِينَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللهِ بِوَاسِطَتِهِ، لأَنَّهُ حَيٌّ إِلَى الأَبَدِ وَقَادِرٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ فِيهِمْ إِلَى الأَبَدِ. 26 هذا هو نوع الكوهن غادول (الكاهن الأعلى) الذي يفي بحاجتنا، قدوس، بلا شر، بلا دنس، منفصل عن الخطاة ومرفوع فوق السماوات، 27 الذي ليس له ضرورة يومية، مثل الكوهن غادوليم (رؤساء الكهنة) الآخرين الذين يقدمون الذبائح أولاً عن خطاياهم ثم عن خطايا الشعب؛ لأنه قدم ذبيحة واحدة، مرة واحدة وإلى الأبد، بتقديم نفسه. 28 لأن التوراة تعيّن كوهن غادوليم رجالاً فيهِم ضِعف، أمّا النّص الذي يتحدّث عن حِلف اليمين، وهو نصّ كُتب متأخراً عن التوراة، فيعيّن ابنًا قد أُحضر إلى الهدف إلى الأبد.
هنا شرح مفصّل يقارن الكهنة اللاويين…..وبالتحديد رئيس الكهنة……. بيسوع وخدمته. أصبح يسوع رئيس الكهنة الدائم بعد موته وقيامته. ليس كرئيس كهنة….ولكن كرئيس كهنة حقيقي، وهذا لأن رئيس الكهنة، الوسيط، لا يزال مطلوبًا للشفاعة نيابةً عنا.
(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) عبرانيين 9:11 وَأَمَّا الْمَسِيحُ فَلَمَّا ظَهَرَ كَرَئِيسِ كَهَنَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ الْخَيْرَاتِ الْحَادِثَةِ الآنَ، فَبِالْخَيْمَةِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ صُنْعِ إِنْسَانٍ (أي ليست من هذا العالم المخلوق)، 12 دَخَلَ إِلَى الْقُدْسِ دُخُولاً وَاحِداً وَإِلَى الأَقْدَاسِ. وَدَخَلَ لاَ بِدَمِ تَيْسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِهِ هُوَ نَفْسُهُ، فَحَرَّرَ النَّاسَ إِلَى الأَبَدِ. 13 لأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَشُّ الأَنْجَاسِ الطَّقَسِيَّةِ بِدَمِ تِيتَانٍ وَثِيرَانٍ وَرَمَادِ عِجْلٍ يُجَدِّدُ طَهَارَتَهُمْ الظَّاهِرِيَّةَ، 14 فَكَمْ بِالْحَرِيِّ دَمُ الْمَسِيحِ الَّذِي قَدَّمَ نَفْسَهُ بِالرُّوحِ الأَزَلِيِّ ذَبِيحَةً لِلَّهِ بِلاَ عَيْبٍ، يُطَهِّرُ ضَمِيرَنَا مِنَ الأَعْمَالِ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى الْمَوْتِ، حَتَّى نَخْدِمَ اللهَ الْحَيَّ! 15 إنه بسبب هذا الموت هو وسيط عهد جديد [أو وصية] جديدة. لأنه قد حدث الموت الذي يحرر الناس من التعديات التي ارتكبت بموجب العهد الأول، يمكن للمدعوين أن ينالوا الميراث الأبدي الموعود به.
وكما أن يسوع هو رئيس الكهنة فهو أيضًا يُقارن بالذبيحة؛ الماعز والثيران والعجول التي يستبدلها بنفسه.
لاحظوا الآن أنه يحدد أيضًا بالضبط ما هي الخطايا أو التجاوزات التي يكفر عنها دمه إذ يقول ”…..التجاوزات التي ارتُكبت في العهد الأول“… في إشارة إلى شريعة التوراة. أما العهد الجديد فيتناول كيفية تحقيق التكفير ومن هم الذين يُسمح لهم بالاستفادة من هذا المستوى الجديد من التكفير عن الخطية؛ وهذا المستوى الجديد وغير المسبوق هو دم المسيح لأنه يطبق مرة واحدة وإلى الأبد (مع التحذير أن المجموعة المسموح لها بالاستفادة من هذه الطريقة الدائمة للتكفير مكوّنة فقط من أولئك الذين يثقون بما فعله المسيح. كل الآخرين مستبعدون).
لذلك دعونا نكون واضحين جدًا بشأن ما يحدث هنا كما هو مذكور بوضوح شديد، ومع ذلك يُساء استخدامه بشكل روتيني: نحن نرتكب الخطايا، ودم المسيح يكفّر عنا. ما هي الخطيئة؟ إنها تعدي على العهد الأول. ما هو العهد الأول؟ شريعة التوراة.
قصة يسوع في العهد الجديد تدور حول مستوى جديد من التكفير، وليس حول شريعة جديدة. من الناحية الدُنيوية يبدو الأمر كما لو أننا نحن الأمريكيين احتفظنا بنفس القوانين الموجودة في كتبنا، بل وقرّرنا أن تَظل كل العقوبات كما هي أيضًا. ومع ذلك الآن يمكن لشخصٍ آخر، مُتطوع، أن يَدفع كل تلك الغرامات ويقضي تلك العقوبة في السجن، بل ويأخذ مكاننا في غرفة الإعدام.
كيف لي أن أعرف أن هذا هو الحال؟ كيف لي أن أعرف يقينًا أن الناموس وعقوباته باقية، وأن العقوبة فقط انتقلت إلى يسوع ليتحمّلها عن أولئك الذين يثقون به؟ دعوني أريكم هذا الجزء من اللغز:
(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) متى 5:17 ”لا تظنوا أني جئت لأنقض التوراة أو الأنبياء. مَا جِئْتُ لأَنْ أُبْطِلَ بَلْ لأُكَمِّلَ. 18 بَلَى! أَنَا أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ مِنَ التَّوْرَاةِ حَرْفٌ وَاحِدٌ. 19 فَمَنْ عَصَى أَصْغَرَ هَذِهِ التَّوْرَاةِ وَعَلَّمَ آخَرِينَ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ يُدْعَى الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ يُطِيعُهَا وَيُعَلِّمُ هكَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
هل يمكن أن يكون الكلام أكثر وضوحًا؟ إذا كان المسيح قد أبطل الناموس نفسه، فمن المؤكد أنه قد تغير أكثر بكثير من مجرد حرف صغير أو خَط صغير. إن كان المسيح قد أبقى الناموس، ولكنه ألغى العقوبة الواردة في الناموس على مخالفة الناموس، فبالتأكيد قد تغيّر أكثر بكثير من مُجرّد حرف صغير أو خطّ. لكنه قال إن أصغر جزء منها لن يُلغى، وسآخذ كلمته على محمل الجد.
في الواقع لقد تحوّلت بعضٌ من قوانين الناموس (لعدم وجود كلمة أفضل) من أجل الذين يثقون به. فمن جهة هو ذبيحتنا ورئيس كهنتنا مرة واحدة وإلى الأبد (أي كل من يثق به).
بالإضافة إلى ذلك، حقق لنا، نحن "عروسه"، الشرط الذي كنا نقرأ عنه في سفر اللاويين: يجب أن نكون كاملين إذا أردنا أن نكون جزءًا من كهنوت يسوع فصفة الكاهن المنسوبة إلينا تعني حصولنا على وصول إلى الله لا يملكه الآخرون. استمع إلى هذا:
(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) أفسس 5:25 أَمَّا الأَزْوَاجُ فَأَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ الْجَمَاعَةَ الْمَسِيحِيَّةَ بِالْحَقِيقَةِ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ عَنْهَا، 26 لِيُقَدِّمَهَا لِلَّهِ، مُطَهَّرَةً بِالتَّغْمِيرِ فِي الْمِيكْفَا إِنْ صَحَّ التَّعْبِيرُ، 27 لِيُقَدِّمَ الْجَمَاعَةَ الْمَسِيحِيَّةَ لِنَفْسِهِ عَرُوسًا يَفْتَخِرُ بِهَا، بِلاَ بُقْعَةٍ وَلاَ عَيْبٍ وَلاَ تَجْعِيدٍ وَلاَ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، بَلْ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ.
لقد أُعلِنّا كهنة كاملين وبلا عيب: عروس رئيس الكهنة والماء الحي الروحي الذي يجعلنا طاهرين قد حقق ذلك. كما ترون لم تكن الشوائب والعيوب خطيئة بالضرورة، لكنها كانت نجاسة. ولكن هذه الشوائب والعيوب يمكن أن تصبح خطيئة إذا قدّمنا شيئًا ما إلى الله كان به عيوب ومليئًا بالنقائص، مثل أنفسنا على سبيل المثال. والطريقة التي يحدث بها ذلك هي عندما نقدم حياتنا وأعمالنا المليئة بالعيوب، ونقول لله "إنني بمجهودي وشخصيتي أعتقد أنني جيد بما فيه الكفاية لأتواصل معك، وأدخل جنتك". كان على يسوع أن يساعدنا بطريقتين أساسيتين: الأولى، أنه كفّر عن طبيعتنا الخاطئة وسلوكنا الآثم بدمه؛ الثانية، أن المسيح طهّرنا من النجاسة بمائه الحي.
كم هو مدهش أن هذا يتلاءم تمامًا مع كل ما تعلمناه في الكتاب المقدس بأكمله الذي يُهمَل تقليديًا (إن لم يكن محتقرًا) (على الأقل من قِبل المسيحيين): سفر اللاويين، الكتاب الذي يُفترض أنه قد زال من الوجود وعفى عنه الزمن ولم يعد له أهمية؛ ومع ذلك نرى كل جانب من أحكامه ووصاياه يحدث على المستوى الروحي في العهد الجديد.
لا توجد طريقة لفهم ما يحدث في العهد الجديد أفضل من فهم التوراة أولاً. لنقرأ سفر اللاويين الإصحاح 22.
لنقرأ سفر اللاويين الإصحاح 22 بكامله
يتعلق هذا الإصحاح في المقام الأول بشرح الظروف التي لا يجوز فيها للكهنة أن يقدموا الذبائح ولا أن يأكلوا الطعام الذي قُدِّم كذبائح. وأول ما يؤمر به هو أنّ الكاهن يصبح غير مؤهّل لتناول القرابين المقدسة…..الذبائح…… إذا كان في حالة نجاسة لسببٍ ما. يقول الكتاب أنه إذا أكل الكاهن من هذا الطعام فإنه يُبعد (كاريت) عن الرب. هذا القطع الزمني لا يعني أن الكاهن يُقتل أو يُطرد، بل يعني ببساطة أنه يُبعد عن حضرة يهوه، وعن واجباته الكهنوتية لفترة غير محددة، على الأرجح حتى يعود طاهرًا طقسيًا مرة أخرى.
ابتداءً من الآية 4، نحصل على سلسلة من الأمثلة على الأشياء التي يمكن أن تجعل الكاهن نجسًا، وهذا يعني أن الكاهن لا يستطيع أن يأكل الطعام الذي يقدمه الشعب كتقدمة مقدسة. معظم أنواع النجاسة المذكورة تتطلب دورة من التطهير الطقسي لمدة 8 أيام قبل أن يُعتبر الكاهن طاهرًا مجددًا (الرقم 8 يرمز إلى التكفير والفداء). ولكن في عبارةٍ مُربكة بعض الشيء تقول الآية 6 بعد ذلك أن ”ذلك الشخص“ يكون نجسًا فقط حتى غروب الشمس. ماذا حدث لدورة ال8 أيام من التطهير من النجاسة التي أمرت بها الإصحاحات السابقة؟
الجواب هو أن هناك حالتين مختلفتين يجري الحديث عنهما هنا. الحالة الأولى هي الحالة التي يتنجس فيها الكاهن مباشرة ًبارتكاب فعل محظور مثل أن يلمس جثة ميت، أو أن يكون لديه نوع من الإفرازات الجسدية، أو جرح مفتوح. كل هذه الأشياء تجعله نجسًا. لكن الحالة الثانية هي الحالة التي يلمس فيها الكاهن شخصًا آخر أصبح نجسًا بفعل أو وجود إحدى هذه الأشياء المحظورة.
تذكروا أننا تعلمنا أن النجاسة يمكن أن تنتقل باللمس. لذا فالفكرة هي أن لمس شخص نجس طقسيًا ينجس الكاهن ومن ثم تنتقل نجاسة ذلك الشخص النجس إلى الكاهن (نوع من العدوى الثانوية). الحالة الأولى، حالة النجاسة المباشرة تتطلب دورة التطهير المعتادة لمدة 8 أيام. أما الحالة الثانية من النجاسة غير المباشرة (الناجمة عن انتقال النجاسة من شخص أو شيء نجس) فلا تتطلب سوى الانتظار حتى غروب الشمس (أي نهاية اليوم وبداية يوم جديد) ثم الاستحمام الطقسي لتطهير ذلك الكاهن مرة أخرى.
والآن، هل كان على الكاهن النجس أن يجوع حتى يعود طاهرًا مرة أخرى لأن الكاهن النجس لا يستطيع أن يأكل طعامًا مقدسًا؟ لا؛ لم تكن الفكرة أنه لم يكن يستطيع أن يأكل على الإطلاق، بل لم يكن يستطيع أن يأكل طعامًا مقدسًا. لذلك كان عليه أن يشتري طعامًا غير مقدس (مثل طعام كل بني إسرائيل العاديين) أو أن يحصل عليه بطريقة أخرى.
تقول الآية 10 إنه لا يجوز لأي شخص غريب أو شخص عادي أو غير كاهن أن يأكل من القرابين المقدسة التي تقدم على مذبح خيمة الاجتماع. ولكن بعد ذلك تمضي الآية لتحدد من هو الغريب والدخيل. ما يرد هو بالأحرى تعليمي إلى حدٍ ما لأنه يتعلق بالمجتمع الإسرائيلي بشكلٍ عام، لذلك دعونا نعاين الآيتين 10 و11عن كثب.
بشكل أساسي، لدينا خمس فئات أو تصنيفات للأشخاص الذين قد يعيشون تحت سقف الكاهن ثم يُقال لكل فئة ما إذا كان يجوز لها أن تشارك الكاهن في حصته من الطعام المقدس. تذكروا أنه بشكلٍ عام، يحق لعائلة الكاهن بما في ذلك زوجته وأولاده المشاركة في حصة الكاهن من الطعام المقدس. لكن المجتمع الإسرائيلي لم يكن مختلفًا عن مجتمعنا اليوم فحسب، بل كان أكثر تعقيدًا بعض الشيء، لذا يلزم المزيد من الشرح.
تم تعريف الفئات الخمس على النحو التالي: 1) شخص عادي، ويسمى أيضًا غريبًا (في بداية الآية 10)، 2) عامل ملتزم أو عامل مستأجر، 3) عامل مأجور، 4) عبد الكاهن الذي اشتراه الكاهن، 5) شخص مولود في بيت الكاهن. نظرًا لاختلاف نسخ الكتاب المقدس فيما يتعلق بالكلمات الدقيقة المُستخدمة لترجمة كل فئة من هذه الفئات، فقد يستخدم كتابكم المقدس كلمات مختلفة قليلاً عما قرأته لكم، وربما يجمع بين بعض هذه الفئات حتى يضيع التمييز بينها. من المفيد كثيرًا استخدام اللغة العبرية الأصلية لفهم الفروق الدقيقة والمهمة.
اسمحوا لي أن أكرر: انتبهوا جيدًا لهذه الفروق والاختلافات لأنها ستساعدكم كثيرًا في فهم أمور كلّ من العهد القديم والجديد. هذه الفئات ليست محددة جيدًا في الكتاب المقدس؛ فالكاتب يعتبر أنكم على دراية مسبقة بالتفاصيل الدقيقة (وبالتالي أهميتها) وبسياقات كل فئة. إذا لم نفهم قواعد المجتمع الإسرائيلي وقواعد العائلة الإسرائيلية هذه، سنحصل على بعض الأفكار الغريبة والمفاهيم الخاطئة حول ما يحدث في الواقع والمبادئ التي تعمل بموجبها.
الفئة الأولى التي يتم الحديث عنها هي في بداية الآية 10، وهي بالعبرية تتعلق بـ ” زار“، زار كلمة عبرية شائعة وتعني عادةً الغريب أو الأجنبي فقط. ولكن استخدامها هنا، يعني ”غريب“ بمعنى ”غير منتمي“ أو ”من خارج المكان“. ربما يكون استخدام مصطلح ”شخص عادي“ هو أفضل ترجمة للغربي الذي يرتاد الكنيسة. والفكرة ببساطة هي أنه لا يُسمح لغير الكاهن (أي الشخص الغريب أو البعيد عن الكهنوت) أن يأكل من الذبائح والتبرعات المقدسة. يمكن أن يشمل أيضًا اللاويين الذين كانوا في وقت من الأوقات كهنة، ولكن تم عزلهم عن الكهنوت بسبب بعض المخالفات الجسيمة. كما تجدر الإشارة إلى أن أولئك الذين يُعتبرون من ”عائلة“ الكاهن يمكنهم أن يأكلوا من الطعام المقدس الذي يأتي به الكاهن إلى البيت. أما المصطلحات الأربعة المتبقية التي سنقوم بتعريفها فتنص بشكل أساسي على ما إذا كانت هذه الفئة المعينة تُعتبر من عائلة الكاهن أم لا، لمعرفة ما إذا كانت مؤهلة لتناول الطعام المقدس أم لا.
الفئة الثانية التي سنتحدث عنها، في بداية الآية 10، هي بالعبرية "توشاف" وتوشاف مصطلح يُستخدم ليعني عدة أمور ويمكن أن يعني شيئًا مثل ”عامل ضيف“ (عادةً ما يعني أجنبي) ويمكن أن يكون صديقًا أجنبيًا للعائلة يقيم لفترة من الوقت. وقد يشير حتى إلى الشخص الذي يتم إجباره على العيش مع عائلة الكاهن، لسداد دين عليه؛ لذلك قد يكون التوشاف في بعض الحالات عبريًا. بشكل عام يشير مصطلح” توشاف “إلى عدم وجود علاقة دم أو علاقة مصاهرة، لذلك تشمل الفئة الأصدقاء أو معارف وليسوا من سلالة كهنوتية. التوشاف ليس فردًا من أفراد العائلة وحسب التفكير العبري ليس ملكًا للكاهن (مثل العبد)، لذلك لا يمكنه أن يأكل من مخصصات الكاهن من الطعام.
الفئة الثالثة تلي الفئة الثانية مباشرةً في أسفارنا المقدسة، وفي بعض الحالات يتم الجمع بين الفئتين وتقديمهما كمترادفين، وهما ليسا كذلك. في العبرية الفئة الثالثة هي ساكير وتعني العامل المأجور. قد يكون عامل مياومة أو قد تكون خادمة مقيمة. لكن الفكرة هي أن هذا الشخص ليس عبدًا من أي نوع ولا هو خادم يسدد دينًا. هذه الفئة تشمل ببساطة أشخاصًا لديهم وظيفة ويتقاضون أجرًا مقابلها.
معظم الخادمات والخدم المستأجرين كانوا يسكنون في بيوت الأشخاص في ذلك الوقت، وعادةً ما كان ذلك جزءًا من الأجر.
أما الفئة الرابعة فترد في بداية الآية 11 حيث تقول معظم نسخ الكتاب المقدس ”مملوك الكاهن“ أو ”عبد“. تستخدم اللغة العبرية سلسلة من الكلمات بدلاً من كلمة واحدة كما ورد سابقًا، للتعريف عن هذه الفئة. والكلمات هي ”قانا نيفش“، وتعني حرفيًا ”اقتناء كائن حي“. وبعد كلمتين يُضاف أن هذا القانا نيفش، هذا الكائن الحي المُكتسب، تم اقتناؤه عن طريق الشراء بمال الكاهن نفسه (في العبرية قنيان تعني الشيء الذي تم شراؤه وكسيف تعني فضة أو نوع آخر من المال). لذلك المعنى الحرفي للكلمة هو كائن حي مكتسب،……عبد تم شراؤه بالمال من شخصٍ ما. عادةً ما كان عبدًا أجنبيًا تم شراؤه من تاجر رقيق لأنه بموجب القانون لا يمكن لعبري أن ”يمتلك“ عبري آخر.
ما يجب أن نلاحظه هو أن هذه الفئة من الأشخاص تُعتبر من العائلة (على عكس كل المنطق الحديث)، وبالتالي يُسمح لها بتناول حصة من الطعام المقدس. وبعبارة أخرى، فإن العبد الذي تم شراؤه…. في جميع الحالات تقريبًا ليس إسرائيليًا…… يُعتبر جزءًا من العائلة، ولكن العبد الذي يعيش مع العائلة لأنه أُجبر على ذلك من أجل سداد دين (عبد) لا يُعتبر من العائلة. يُعتبر العبد الذي تم شراؤه ملكًا خاصًا للكاهن بينما العبد المملوك ليس ملكًا للكاهن. دوّنوا ذلك لأن هذا التعريف مهم لبقية الكتاب المقدس.
الفئة الأخيرة توصف عادةً بأنها الفئة المولودة في الأسرة أو البيت. لا يُشار هنا إلى أولاد الكاهن. الكلمة العبرية هي ”يلد بيتو“ وبينما تعني حرفيًا ”المولودين في البيت“، إلا أنها لا تُستخدم مع زوجة رب الأسرة التي تلد أولاده. إنه مصطلح مخصص للأولاد المولودين من العبيد الذين تم شراؤهم، من قانا نيفش الكاهن الذين ليسوا أقارب دم للكاهن، فالأولاد المولودين من العبيد الذين تم شراؤهم ينتمون هم أيضًا إلى مالك العبد.
بما أن العديد من هذه الفئات ينطوي بطريقة أو بأخرى على العبودية أو الرق، أريد أن أوضح أن هؤلاء العبيد الذين لم يتم شراؤهم، وبالتالي ليسوا من العائلة ولا يُسمح لهم بالمشاركة في الطعام المقدس الذي يُقدم للكاهن. هذا يعني ببساطة أن الكاهن كان يجب أن يشتري الطعام المقدم لهم. بالإضافة إلى ذلك، لا تفهموا فكرة أن العبد الذي تم شراؤه كان بالضرورة أفضل حالاً أو يُعامل معاملة أفضل من العبد الذي تم شراؤه عن طريق السخرة. بموجب الناموس كان يجب أن يُعامل جميع العبيد، بغض النظر عن كيفية اكتسابهم، سواء كانوا أجانب أو عبريين…. معاملة لائقة ولا يُساء معاملتهم، ولا يُجوّعوا، ولا يُجهدوا في العمل.
دعوني أعيد صياغة الأمر: تمّت مناقشة كل فئة من هذه الفئات وتعريفها هنا في سفر اللاويين 22 لأن كل فئة من هذه الفئات من الناس كانت تنتقل للعيش في بيت الكاهن. والغرض من هذه الفئات يتعلق فقط بما إذا كان يحق لها أن تأكل من حصة الطعام المقدس المخصصة للكاهن التي تعيش تحت سقفه. وكما تلاحظون، بعض الفئات كانت تأكل من الحصة بعكس الأخرى من دون أي تبرير منطقي قد يكون لدينا.
وتحدد الآية 12 ما يحدث إذا تزوجت ابنة الكاهن من خارج السلالة الكهنوتية؛ فهي تتوقف عن الحصول على أي من الطعام المقدس. هي الآن مرتبطة بزوجها فتكون هويتها الجديدة مع زوجها ويتوقف ارتباطها بأبيها وأمها الطبيعيين.
ومع ذلك، إذا حدث شيءٌ ما بسبب الموت أو الطلاق ولم يكن لديها خيار آخر سوى العيش مرة أخرى في بيت أبيها، فإنها تتأهل مرة أخرى لتناول الطعام المقدس مع أفراد العائلة. لاحظوا التعليق حول استثناء هذه القاعدة ”إذا لم يكن لها ذرية“. الفكرة هي أنه إذا كان لها ابن كبير بما فيه الكفاية لرعاية أمه الأرملة أو المطلقة، فمن واجبه (وفقًا للشريعة) أن يرعاها رعاية كاملة. وبما أنه، بحكم التعريف، لم يكن كاهنًا، فإن أمه ستظل غير مؤهلة لتناول الطعام المقدس.
كما يمكن للمرء أن يتخيل حدوث أخطاء. تتناول الآيات 13-15 في المقام الأول ما يحدث إذا تناول هذا الطعام المقدس عن طريق الخطأ شخص غير مؤهل لتناوله. يجب أن نفهم أن هذه القواعد تنطبق فقط عندما يكون الخطأ غير مقصود وليس حيلة أو خداعًا أو استخفافًا صريحًا بالشريعة؛ ولذلك فإن العقوبة تكون بسيطة نسبيًا حيث يجب على المخالف عن غير قصد أن يدفع قيمة الذبيحة بالإضافة إلى غرامة قدرها 20٪. أما الحوادث والهفوات فتُعطى الكثير من الرحمة، ولكن حتى في هذه الحالة هناك عقوبة (وإن كانت طفيفة في العادة). لا يمكن أبدًا أن يهين أحد قداسة يهوه (حتى بدون سوء نية) ويُعطى عفوًا تامًا. دعونا لا ننسى ذلك أبدًا.
أعتقد أن الآية 16 تعطينا تلميحًا بسيطًا عن شيء نادرًا ما كان يحدث بين شعب إسرائيل؛ ولكن بانتظام في معظم الثقافات الوثنية. في هذه اللحظة من التاريخ كان الله يخرج بني إسرائيل من وثنيتهم بإعطائه التوراة. في الأساس تقول التوراة إن الكهنة لديهم مسؤولية مزدوجة: عليهم أن يتأكدوا من أنهم هم أنفسهم لا يدنسون ممتلكات الله المقدسة (في هذه الحالة تحديدًا الطعام الناتج عن الذبائح)، وثانيًا عليهم أن يتأكدوا من أن بني إسرائيل العاديين لا يخطئون بأكل الطعام المقدس الذي ليس لهم حقٌ فيه. من السهل أن نفهم ذلك بسهولة، ولكن بعد ذلك يقول: ”لأني أنا يهوه، أنا الذي أجعلها مقدسة“. هذه ليست عبارة عابرة حسب ما أعتقد.
أعتقد أن ما يتم تناوله هنا هو الاعتقاد الوثني بأنكم تستطيعون أن تجعلوا نفسكم مقدسين (حتى مثل الله) من خلال القيام بأشياء معينة. وإحدى الأشياء التي يمكنكم القيام بها هو تناول طعام الآلهة. تناولوا الطعام المقدس، وبسرعة تصبحون مقدسين. لقد تحدثنا سابقًا الإشارات إلى أن القرابين هي ”طعام لله“ وأن دخان الذبائح المحروقة هو ”رائحة زكية لأنفه“.
لقد علمتكم أن بني إسرائيل كانوا جادين في هذه الكلمات. وفق تفكيرهم الثقافي، الذي كان يستند في ذلك الوقت إلى مفاهيم وممارسات وثنية وُلدت بأربعة قرون من العيش في مصر، على الرغم من أن يهوه لم يخبرهم بذلك، فقد كان الأمر مجرد أمر بديهي بالنسبة لهم أن الله يحتاج إلى الطعام، وأن له أنفًا يحب الأشياء ذات الرائحة الطيبة (هكذا هي الآلهة). والعنصر المشترك بين جميع المجتمعات الوثنية في ذلك العصر هو أن الحيوانات التي كانت تُحرق على المذابح كانت طعامًا فعليًا لآلهتهم. وبما أنها كان طعامًا مقدسًا، فإذا أكل أحدٌ من ذلك الطعام، تنتقل إليه القداسة. لذلك يمكن في الواقع أن تُختلس القداسة (على الأقل كان هذا هو التفكير).
كان الله يقول لبني إسرائيل شيئًا كان عليه أن يقوله لهم عقدًا بعد عقد، ومع ذلك لم يفهمه الكثيرون من المجتمع العبري: إنه يعطي القداسة. لا يمكنكم التضحية في سبيل القداسة…. لا يمكنكم إطاعة الناموس بما فيه الكفاية لبلوغ القداسة….، وفي الحالة الراهنة، لا يمكنكم أن تأكلوا للوصول إلى القداسة. لا يمكنكم أن تعلنوا قداستكم، يعلنها الوحيد الذي يملك هذه السلطة، يهوه نفسه. يجلب اتباع الناموس نوعًا من القداسة، نوعًا من البر للمتعبد، ولكنه ليس النوع المخلِّص وليس النوع الروحي. النوع الذي يجلبه هو النوع الذي يأتي من الطاعة. النوع الذي يأتي من تثبيت قلبكم وعقلكم بالإيمان بأن ما يقوله الله هو الحق، وأن الحياة الحقيقية تأتي من عيش حياة التوراة. كان يجب أن تأتي كل هذه الأمور بترتيب دقيق غير قابل للتغيير: أولاً يجب أن يفتديكم الله ، ثم يجب أن يعلنكم الله مقدسين، ثم يجب أن تطيعوه بدافع الامتنان وإدراك الحق. لقد جُعلتم مقدسين وأبرارًا، اذهبوا الآن وعيشوا حياة مقدسة وبارّة. لن يفي أي أمر آخر بالغرض، ولا يزال الأمر كذلك حتى يومنا هذا.
سنمرّ بسرعة بالآيات العديدة التالية. ومع ذلك، أود أن تلاحظوا أنه حيثما يتحدث في الآية 18 عن أي شخص يقدم ”ذبيحة محروقة“، سواء كانت تقدمة نذر أو ذبيحة نذر، فإن دراستنا للكلمات العبرية لهذه القرابين ذات فائدة. بدءًا من الآية 21 عندما ترد مواضيع أنواع الذبائح، فإننا لا نحصل على مجرد تكرار لما انتهى الله من قوله قبل قليل. كلٌ نوع من الذبائح مختلف، ولكل منها غرضها الخاص ونظامها الخاص ومتطلباتها الخاصة والمحدّدة.
تستند المجموعة الأولى من القرابين (الآيات 18-20) جميعها على ذبائح عُلى، والمجموعة الثانية (الآيات 21-22) تستند على ذبائح الشلاميم وبالطبع، يوضح الله أنه لا يمكن أن يظهر أي عيب في الحيوانات المستخدمة في هذه الذبائح؛ وعلاوةً على ذلك، وكما رأينا في الأسبوع الماضي، فإن قائمة العيوب المحظورة في الذبيحة دقيقة وتوازي تمامًا تقريبًا القائمة التي تسحب من الكاهن أهلية تأدية طقوس الذبيحة. من الواضح أن كلاً من الذبيحة والمضحّي يجب أن يكونا بلا عيب. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الذبيحة من مجموعة محددة من الحيوانات ويجب أن يكون الذابح من مجموعة محددة من الناس (اللاويين).
لقد رأينا سابقًا كيف أن يسوع كان يوازي هذا النمط بدقة. كان عليه أن يكون الذبيحة الخالية من العيوب
التي أتت من مجموعة معينة (قبيلة يهوه)، وكان عليه أن يكون الكاهن الكامل من نوع معين (رتبة ملشيتسيدك بدلاً من رتبة هارون).
وأود أيضاً أن أنتهز هذه الفرصة لأشير إلى مبدأ آخر تم وضعه بشكل جيد جدًا، ولكن من السهل التغاضي عنه؛ تقول الآيتان 24 و25 أنه لا يمكن لشعب إسرائيل التضحية بأي حيوانات معيبة من قطعانهم الخاصة، وعليهم أيضًا ألا يستخدموا حيوانات أجنبية بها نفس العيوب. لاحظوا أنه لا يوجد حظر على استخدام حيوانات أجنبية للتضحية؛ كل ما في الأمر أنه يجب أن تستوفي نفس المعيار الدقيق لخلوها من العيوب كما هو الحال بالنسبة للحيوانات التي يربيها العبريون ويقدمونها على المذبح. ها هو الأمر هنا؛ المبدأ هو أن متطلبات تقديم ما هو مقبول لدى الله هي متطلبات عالمية. لا يهم إن كان المصدر عبريًا أو وثنيًا؛ الكمال هو الشرط. لا يحصل الإسرائيليون ولا الوثنيون على إعفاء من هذا الشرط. هذه هي العقيدة التي علّمها بولس باجتهاد في مختلف أسفار التوراة. قبل يهوه، من وجهة نظر روحية، كان كل البشر متشابهين؛ وعندما يتعلق الأمر بمتطلبات الوجود في حضرته فنحن جميعًا متشابهون؛ وعندما يتعلق الأمر بما هو خير وشر، طاهر ونجس، نقي وغير نقي، صحيح وخاطئ، عادل وظالم، مقدس ومدنس، كامل وغير كامل……فكلنا متشابهون.
لذلك لا تنخدعوا: إذا كان شرط القبول عند الله هو نفسه بالنسبة للجميع (وفي عصرنا هذا الشرط هو الثقة بالمسيح يسوع) فهل تعتقدون حقًا أن القواعد والفرائض التي تحدد الخير والشر، الطاهر والنجس، العادل والظالم، وما إلى ذلك مختلفة باختلاف الجماعات؟ أن يهوه لديه خطة (أ) لليهود وخطة (ب) للأمم فيما يتعلق بالبر والقداسة أمامه؟ التوراة تحدد البر والقداسة للجميع، وتحدد الحياة والصلاح للجميع. ليس لدى الله توراة للعبريين وتوراة أخرى للأمميين. ولكن هذا رأي الكنيسة المؤسسية، أليس كذلك؟ العهد الجديد للأمميين، والعهد القديم لليهود. ومع ذلك لا يقول الله: ”حسنًا أيها العبريون، عليكم أن تكونوا صارمين جدًا في اتباع مبادئ توراتي، ولكن يمكن للأمم أن يتصرفوا كما يشاؤون“. اليهود ليس لديهم حرية التصرف، لكن الأمميين لهم الحرية من دون حدود. أليس هذا في جوهره هو المعنى الضمني وراء التعاليم المسيحية المعتادة بأن التوراة لا علاقة لها بالأمميين، ولكنها حَيَّة ونافذة بالنسبة لليهود؟ فكّروا في ذلك لبعض الوقت.
ينتهي الإصحاح 22 بإعطائنا بعض الفرائض المتعلقة بعمر الذبيحة، وأنه من اليوم الثامن من ولادة الحيوان وما بعده يصبح مناسبًا ليُقدّم إلى الله. من المثير للاهتمام أن شرط ختان الأولاد العبريين (الذي يرمز بالضبط إلى التقديم إلى الله) هو نفسه: يجب أن يخضعوا لطقس "البريت ميلاه" في اليوم الثامن بعد الولادة.
بعد ذلك نرى أنه لا يجوز قتل حيوان في نفس اليوم الذي تُقتل فيه أمه والعكس صحيح. يُعتبر هذا الأمر بشكل عام مجرد تعليمات بأن تكونوا رحماء وإنسانيين.
وأخيرًا يذكّرنا يهوه جميعًا بمن هو: هو قدوس وهو الذي افتدانا. لا أحد غيره قادرٌ على ذلك. وقد افتدانا لهدف: إنه يريد أن يكون إلهنا.
أود أن أختم كلامي اليوم بالقول إن المبادئ التي ما زلنا نتعلمها في سفر اللاويين والتوراة هي إما مُشارٌ إليها أو مكررة في جميع أنحاء العهد الجديد، فأكثر من نصف كلمات العهد الجديد هي ببساطة اقتباسات مأخوذة مباشرة من العهد القديم.
والمبادئ التي ندرسها في التوراة هي التي رفعها يسوع إلى كل مقاصدها الروحية. لم يكسر يسوع القالب، بل أكمله.
كل هذه المتطلبات التي وردت في سفر اللاويين بأن الكهنة وحدهم يستطيعون الاقتراب من الله (والتي تبدو لنا مجحفة نوعًا ما) وأن الكهنة لا يستطيعون دفن موتاهم في بعض الحالات، كلها قد نُقلت إلى العهد الجديد.
استمعوا إلى 1 بطرس 2:5 و2:9 (الكتاب المقدس اليهودي الكامل) أنتم أنفسكم كحجارة حيّة تبنون بيتًا روحيًا لتكونوا كهنة، مخصصين لله لتقديم ذبائح روحية مقبولة لديه بواسطة يسوع المسيح.
(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) 1 بطرس 2:9 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَشَعْبٌ مُخْتَارٌ، كهنة الْمَلِكِ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبٌ لِلرَّبِّ لِيَمْلِكَهُ. لماذا؟ لكي تعلنوا تسبيح الذي جلبكم من الظلمة إلى نوره العجيب.
كمؤمنين أنتم كهنة، والطريقة الوحيدة التي يمكن للمرء أن يكون كاهنًا هي أن يكون مؤمنًا. لا يوجد مؤمنون ليسوا كهنة، ولا يوجد كهنة ليسوا مؤمنين.
انتبهوا الآن إلى (الكتاب المقدس اليهودي الكامل) لوقا 26: 14 ”إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ وَنَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تلميذ.
لا شيء يمكن أن يكون فوق الله؛ إذا كان من الضروري أن تنفصلوا عن كل ما هو قريب إليكم على الأرض لكي تتبعوه، فليكن. كلام لوقا هو كلام يسوع
(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) متى 8:21 فَقَالَ لَهُ آخَرُ مِنَ التِّلْامِيذِ: ”يَا سَيِّدُ، دَعْنِي أَوَّلاً أَذْهَبُ وَأَدْفِنُ أَبِي“. 22 فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: ”اتْبَعْنِي وَدَعِ الْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ“.
على الكهنة الذين رسمهم يسوع أن يتشبهوا بكهنة إسرائيل؛ فكما أن كهنة الهيكل لم يكن بإمكانهم التعامل مع الموتى، كذلك المؤمنون لا ينبغي أن يتعاملوا مع الموتى. بالطبع، كما هو الحال مع كل تعاليم يسوع، فإنه يرفع أحكام التوراة إلى كامل أغراضها الروحية؛ إن أمثلة التوراة عبارة عن مظاهر مادية لمبادئ روحية. هذا لا يعني أن المؤمنين لا ينبغي أن يشاركوا في الجنازات، بل هو يميز بين أولئك الذين سيتخلون عن كل شيء ليتبعوا يسوع فيربحون الحياة، مقارنةً بأولئك الذين يتمسكون بالطرق التقليدية فيربحون الموت.
سنبدأ الإصحاح 23 في المرة القادمة.