20th of Kislev, 5785 | כ׳ בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » الدرس العشر – سِفْر اللاويين ستة وسبعة
الدرس العشر – سِفْر اللاويين ستة وسبعة

الدرس العشر – سِفْر اللاويين ستة وسبعة

Download Transcript


سِفْر اللّاويين

الدرس العاشر – الإصْحاحان السادس والسابع

لَدَيْنا الكثير من التّفاصيل التي يَجِب مُناقشتها اليوم، لذا يُرجى بَذْل قَصارى جُهْدك للحِفاظ على ترْكيزك. هذا ليس مُختلفًا عن تعلُّم جداوِل الضَّرب؛ في بعض الأحيان يبدو الأمر مُمِلًّا أثناء القيام بذلك، ولكن إذا كان لديك أي أمَل في التقدُّم والتَّعامل مع الأسْئلة الأوسَع والأعْمَق، فعَليْك المُرور بذلك واكْتِساب الفَهم.

لقد كُنّا نَدْرس الإصْحاح السادس من سِفْر اللّاويين وأنْهَيْنا الأسبوع الماضي بمُعالجة مسألة ما إذا كان يُمْكِن نقل القداسة عن طريق اللّمس البسيط أم لا. وربما يكون السؤال الأفضل ليس هل يُمْكِن أن تًنْتَقِل، بل هل سَيَسْمَح الرب بذلك. في ما يَتَعَلَّق بما إذا كان يُمْكِن أن تًنْتَقِل بالمُلامَسَة، فالإجابة على الأرْجح هي نعم، مع بعض القيود؛ أما في ما يَتَعَلَّق بما إذا كان الرب سَيَسْمَح بحُدوث ذلك في جميع الحالات، فالإجابة هي لا. يبدو أنه يَجِب إعلان قداسة شَخْص أو شيء ما من أجل لَمْس شيء آخر مُقَدَّس. أما الشيء الذي لم يُعلن مُقَدَّسا، ولكنه يتَّصل بشيء مُقَدَّس، فعادة ما يتم تدْميره، وأرى أن السَّبب في ذلك هو الخطَر من أن شيئًا لم يؤذَن بأن يكون مُقَدَّسا يُمْكِن أن يصِل إليه عن طريق الخطأ؛ لكن الرب بِبَساطة لن يسمَح بحدوث ذلك، لذلك فإن القداسة المُصانة بعناية هي أثمن أمر في الوجود.

لذا، أجِد نفسي مُقتنعًا بحِجَّة باروخ ليفين بأن المعنى الذي يُعطى في الآية الحادية عشرة……، والذي يَجِب أن نضَعَه كمبْدأ إلهي عام…. هو أنه لا يُسمح بِلَمْس ما هو مُقَدَّس إلا للشَخْص المأذون له والذي هو في حالة قداسة.

نُواصل في سِفْر اللّاويين الإصْحاح السادِس بدءًا من الآية الثالثة عشرة. دَعونا نعيد قراءته من الآية الثانية عشرة حتى نهاية الإصْحاح.

أعِد قراءة سِفْر اللّاويين الإصْحاح ستة على إثني عشرة حتى النهاية

يقول أن ما يلي هو عن ذبيحة، بالعبرية " قربان"، على الكَهَنَة أن يُقَدِّموها…….، وكما شرحْت في دروس سابقة، الكَهَنَة وحْدهم هم الذين يستطيعون تقديم الذَّبائح، والعائلة الكهْنوتية الوحيدة من اللّاويين هي من هارون وبَنية ونَسْلهم. الآن غالبًا ما يُساء فهم هذه الآية. يبدو أنها تُشير إلى أن هناك مناسبات مُنْتظِمة يتم فيها مَسْح الكَهَنَة بالزيت وأن الطقس الذي يبدأ في الآية الثالثة عشرة يتم في تلك المناسبات. ولكن، ليس هذا هو الحال.

تَذَكَّروا متى قيلَت هذه الكَلِمات في سِفْر اللّاويين: كان ذلك في بداية الخروج من مصر، وما هذه إلا تعليمات مُستمَرَّة حول إنشاء خَيْمَة الإجْتماع والحُقوق والطُقوس والشَّرائع والأوامر التي سيُعمل بها داخل الخَيْمة. بِعِبارة أخرى، ما نقرأه في الإصْحاح السادس قد قيل قبل إنشاء خَيْمَة الإجْتماع، وقبل تكريس هارون وأبْنائه ككَهَنَة ليَهوَه. إذن ما يتم توْصيله هنا بِبَساطة هو أنه بِدءًا من اليوم الذي تم فيه تكريس هارون وبَنية رسميًا ككَهَنَة، دخلت التعليمات الطَّقْسيّة لخَيْمَة الإجْتماع حَيِّز التنفيذ.

تبدأ التعليمات بِتَعيين كَمِّية قياسيّة من الدَّقيق، السميد، الذي سيُستخدم في ذبيحة المِنْخاه (ذبيحة التَقْدِمة، الحبوب)، وهي واحد على عشرة (عِشْر) من "الإِفْحاه"…. حوالي ليترَيْن. تَذَكَّروا أن ذبيحة المِنْخاه هذه هي ذبيحة الكَهَنَة وهي تُرافق ذبيحة الأولاه (المحرقة) مرّتين يوميًا؛ وبما أن ذبيحة أولاه كانت تتضَمَّن كبشًا واحدًا في الصباح، وكبشًا ثانيًا في المساء، لذلك كان نصف هذا الرُّبع باوند من السَّميد يُقدّم في الصباح والنصف الآخر في المساء. الآن، بينما كان يُمْكِن أكل بعض ذبائح المِنْخاه التي يُقَدِّمُها المُتَعَبِّدون العاديون، لم يَكُن من المُمْكِن أكل أي شيء من ذبائح المِنْخاه التي يُقَدِّمُها الكَهَنَة. كان لا بُدّ من حَرْق كل هذه الذَّبائح بواسطة نار المَذْبَح النُّحاسي. القاعِدَة العامَّة هي أنه إذا كانت تَقْدِمة كاهن (أي لم يَكُن هناك أي شَخْص عادي في هذا المكان) فيَجِب أن تُحْرَق الذَّبيحة كلها بالنار. أما إذا كانت ذبيحة من شَخْص عادي (حتى وإن كان الكاهن هو الذي يَضَع الذَّبيحة على المَذْبَح) فعادةً ما يُمْكِن تناوُل الجزء الأكبر من هذه الذَّبيحة.

لقد ناقشْنا من قبل أنه كان هناك عدد من الطُّرُق المَقْبولة التي يُمْكِن إعداد الدَّقيق بواسطتها؛ ولكن بالنِسْبة لتَقْدِمة المِنْخاه الخاصة بالكَهَنَة، كانت هناك طريقة واحدة فقط مَقْبولة: يَجِب أن تُطبَخ على صينيَّة وأن يكون العجين "منقوعًا جيدًا"، بمعنى آخر، كان لا بُدّ من اسْتخدام كَمِّية كافية من السّائل، وعلى رأسها زيت الزيتون، حتى يكون الخليط رطباً أكثر مما هو جاف… أولئك منكم الذين يَخبزون يَعرفون ما أعنيه.

لا ينبغي لنا أن نغفل في الآية الرابعة عشرة عن هذا الموضوع المُتَكَرِّر باستمرار ("… رائحة طيّبة للرب…")، وهو أن الغرض من حَرْق الأشياء على المَذْبَح هو إنشاء الدُّخان، والغرض من الدُّخان هو إنتاج رائحة طيِّبة لله. بالنِسْبة لأولئك الذين ربما لم يطّلعوا على الأجزاء اللاحقة من سِفْر الخروج والأجزاء السابقة من سِفْر اللّاويين ، قد يكون من المُزْعِج بعض الشيء أن نقرأ هنا في العهد القديم أن عمليَّة حَرْق الأشياء على المَذْبَح هي كلّها لإحْداث الدُّخان، لكن لا يوجد مَفَرّ من ذلك. علينا فقط أن نتذكَّر أنه في حين أن الله كان لديه أسباب روحية لهذا الأمر، لم يستطع الإسرائيليون فَهْمها بعد، فإن العقل العبري في ذلك اليوم كان يفكِّر في الذَّبائح المحروقة ضمن العقلية الثقافية الشرق أوسطيّة النّموذجيّة في ذلك العصر؛ وكان المفهوم الشائع بين تلك الثقافات أن الآلهة كانوا بِبَساطة بشرًا خارقين لديهم آذان وعيون وأقدام وأذْرُع … ومناخير وأنهم يقيمون في السماء، وبالتالي فإن الدُّخان سيَطفو إلى أعلى حيث يعيشون.

هناك موضوع آخر مُتَكَرِّر في الآية الخامسة عشرة، وهو موضوع تطَرَّقنا إليه أيضًا في وَقْتٍ سابق: تلك الحبوب والحيوانات والخمر المُخَصَّصة للذبيحة هي مِلك لله "…..(هي للرب…). في الواقع هذا هو تعريف الملكية المُقَدَّسة، أي كل ما هو مِلك له.

ما نَجِدَه كقاعِدَة عامَّة في هذا القسم من الفَصْل السادس هو أنه لا يجوز للكَهَنَة أن ينْتَفِعوا من الذَّبيحة، أي التَّقديمات التي يُقَدِّمُها الكَهَنَة أمام الرب، أي أنه لا يجوز لهم أن يَشْتركوا في التّقديمات التي يُقَدِّمُها الكَهَنَة أو أن يُقَدِّموها بالنيابة عنهم، بل يُمْكِنهم فقط أن ينْتَفِعوا أو يشاركوا في الذَّبيحة التي يُقَدِّمُها عامَّة الشعب……المُتَعَبِّد العادي.

بدءًا من الآية السابعة عشرة، نَنْتَقِل من طُقوس المِنْخاه إلى طُقوس الحتآت (ذبيحة الخطيئة) ….. التي قرَّرت أنه من الأفضل أن أشير إليها كتَقْدِمة تطْهير بدلاً من التّرجمة المُعتادة لـ "ذبيحة الخطيئة" (التي تكون مُضَلِّلة بعض الشيء).

لاحظ أن ذبيحة الأُولاه هي ذبيحة دم، ثم ذبيحة المِنْخاه هي ذبيحة الحياة النَّباتيّة، والآن مع الحتآت نعود إلى ذبيحة الدم مَرَّة أخرى.

دَعونا نناقش بإيجاز بعض التفاصيل: في البداية، كما أن حيوان الأولاه يُذبح على الجانب الشمالي من المَذْبَح، كذلك حيوان الحتآت. بعد ذلك نرى أن الكَهَنَة سَيأكلون من هذه الذَّبيحة بِموجب نفس قواعِد ذبيحة الحتآت العادية. وذلك لأن الآيات السابعة عشرة الى إثنين وعشرين تناقِش دوْر الكَهَنَة في خدمة الحتآت عندما يُحْضرها مُتَعَبِّد عادي… رَجُل عادي. مع ذلك، يتغيَّر الأمر في الآية الثالثة والعشرين، عندما يتحوَّل إلى مُناقشة ما يَجِب أن يَحْدُث في ذبائح الحتآت الخاصة، التي تُقدِّم نيابة عن الكَهَنَة أو عن جماعة بني إسرائيل بأكملها؛ والآية الثالة والعشرين تحدِّد تلك الذَّبائح الخاصة بأنها الأوقات التي يُحضر فيها دم الذَّبيحة إلى الحرم لاسْتخدامه من خلال رشِّه داخل المكان المُقَدَّس أو في يوم "كيبور"، يوم التّكفير، عندما يُستخدم داخل قُدْس الأقْداس.

إذًا، لنكون واضِحين، عندما يأتي رَجُل عادي بذبيحة الحتآت إلى الكاهن ليُشْرِف الكاهن على الطُقوس، يُحرق جزء من الحيوان ويوضع جزء آخر جانبًا للكاهن كطعام. لكن بما أن لَحْم الحيوان الذي يقدم بالنِّيابة عن الكَهَنَة يُعتبر "كوديش كوداشيم"، أي طعامًا مُقَدَّسا للغاية، فإن الكَهَنَة وحدَهم هم المَسموح لهم بِتناوُله، ولا يُمْكِنهم أن يأكلوا منه إلا داخل فناء خَيْمَة الإجْتماع. بالإضافة إلى ذلك، يَجِب إزالة أي دم من الحيوان يتناثَر على الثياب الكهْنوتيّة بغَسْل الثياب بالماء. إذا تم إعداد أي شيء من لَحْم الذَّبيحة في إناء طهي من الفخّار، فيَجِب أن يُتلف الإناء…..لأنهم كانوا يفهمون تمامًا أن الطين مَسامي وسَيمْتَصّ بعضًا من مَرَق اللَّحْم المطبوخ فيه. أما إذا كان نصيب الكَهَنَة من لَحْم الذَّبيحة مطبوخًا في إناء مَعْدَني، فبِمَا أنه غير مَسامي، كان يكفي غَسْله بِبَساطة. ولم يَكُن باسْتطاعة عائلة الكاهن اسْتِخْدام هذا اللَحْم بما أن الذُّكور فقط هم الذين يُمْكِنهم المُشاركة فيه.

أُذَكِّركم بالعبارة التي نراها مَرَّة أخرى في الآية عشرين، والتي تُترجم عادةً بـ "أي شيء يلامِس لَحْمه يُصْبِح مُقَدَّساً". وأقترح أن هذه ترجمة غير صحيحة وينبغي أن تُقرأ، "أي شيء يُلامس لَحْمه يَجِب أن يكون في حالة قداسة". مَرَّة أخرى، المَسْألة هي هل أن الطعام المُقَدَّس يَنقل قداسته إلى الناس والثياب وقدور الطبخ؛ أم أن كل شيء من هذه الأشياء والكَهَنَة أنفسهم يَجِب أن يكونوا بالفعل في حالة قداسة لكي يَلمسوا الطعام المُقَدَّس. أقول إنه الأخير لكي يتوافق مع نمط الكتاب المُقَدَّس الذي يُعرض في كل الكتاب المُقَدَّس.

في الآية ثلاثة وعشرين، تتغيَّر الأمور قليلاً لأن الأمر لم يَعُد يَتَعَلَّق بذبيحة يُقَدِّمُها رَجُل عادي؛ بل يَتَعَلَّق بذبيحة يُقَدِّمُها الكَهَنَة إما بأنْفُسِهم أو عن أُمَّة بني إسرائيل ككُلّ. في هذه الحالة، يَجِب أن تُحْرَق الذَّبيحة بأكْمَلها ولا يجوز للكَهَنَة أو غير الكَهَنَة أن يأكلوا أي جزء من الحيوان.

الإصحاح السابع من سِفْر اللّاويين

اقرأ الإصْحاح السابع بأكمله

تذكَّر أن الإصْحاح السابع هو مجرد تًكْمِلة للإصْحاح السادِس ويبقى السِّياق بأكْمَلِه كما هو. مُتَسَلِّحين بذلك، دَعونا نُتابع التَّعليمات الكهْنوتيّة للنوع التالي من الذَّبيحة، ذبيحة "أشام" أو ذبيحة الجَبْر كما أُفَضِّل (وعادة ما تُترجم بـ "ذبيحة الإثم". في الآية السابعة من الإصْحاح السابع، ما نَجِدَه هو أن أحكام ذبيحة "أشام" مُطابقة لأحكام ذبيحة الحتآت. كيف أعْرِف ذلك؟ لأنه يقول ذلك صراحة! ونرى أن هذا هو صُنْف من الذَّبائح من فئة "كوديش كوداشيم"، لأنه يقول في الآية الأولى، "إنه مُقَدَّس للغاية"، وهي ترْجمة كوديش كوداشيم العبرية.

لن نقضي وقتًا طويلاً هنا، لأنه مُطابق للحتآت؛ ولكن، فقط إعْلَم أن هذه هي ذبيحة دمَوِيّة أخرى…..أي ذبْح حيوان…..ويَجِب أن يَحْدُث في نفس"المكان" الذي يَحْدُث فيه "أولاه….." الذي يقع في الجانب الشمالي من المَذْبَح النُّحاسي. وكما هو الحال مع الأُولى، فإن شَحْم العضو الداخلي هو الذي يتم حَرقه على المَذْبَح. إذا كانت الذَّبيحة خروفًا، فإن ذيله الشَّحْمي هو الذي يَجِب أن يكون من ضُمْنِه والأجزاء المُتَبَقِّية من اللَحْم (التي لا توضَع على المذبح النُّحاسي) تُعطى للكَهَنَة كطعام لهم، وعليهم أن يأكلوا هذا الطعام على أرْض خَيْمَة الإجْتماع.

توضِح الآية ثمانية أن جلد الحيوان الثمين لا يُحرق على المَذْبَح، بل يُعطى للكَهَنَة. يُصْبِح مِلكًا للكَهَنَة وحْدهم. ماذا سيفعلون بهذا الجلد؟ يَبيعونَه مقابل المال أو يقايِضونَه بشيء آخر؛ والفِكْرة هي أن كَهَنَة الله يَجِب أن يحظوا برعاية كاملة من قبل الجماعة كلها. اسْمَحوا لي أن أُذّكِّركم أن القسّ في العصر الحديث ليس معادلاً فعلياً للكاهن. هذا لا يعني أنه لا ينبغي دعم قساوِسة العصر الحديث إلى حدّ ما، لأن هذا بالتأكيد تم تناوله والدعوة إليه في العهد الجديد، لكن المقارنة في العهد الجديد هي مع معلّم الكَلِمَة وليس الكاهن. المقارنة الأفضل هي بين القسّ والحاخام.

قيل لنا أيضًا أنه بغضّ النَّظَر عما إذا كان الأشام أو الحتآت هو ذبيحة مُتَعَبِّد أو كاهن، فإن الكاهن يحتفظ بالخبز…… وهذا يتعارَض مع القاعِدَة التي تنصّ على أنه لا يجوز للكاهن الاحْتفاظ باللحوم التي يُقَدِّمُها هو أو كاهن آخر للأكل. هناك استثناءان لهذه القاعِدَة، وعادة ما يكون ذلك عندما لا يتم حَرْق الذَّبيحة على المَذْبَح النُّحاسي في خَيْمَة الإجْتماع، ولكن على نار الحَطَب العادية، خارج المُخَيَّم. عندما نصل إلى ذبيحة العِجلة الَحْمراء، سنَتَناوَل المزيد من التفاصيل حول ذلك.

الآن، تُقدِّم الآيتان تسعة وعشرة خُصوصِيَّة صغيرة أخرى؛ إذا كانت تَقْدِمة المِنْخاه من عَجين مطبوخ، فإن الكاهن الذي أحْضرها يَحْتفِظ بِنَصيبِه. لكن، كل نوع آخر من المِنْخاه، الذي يُفتَرَض أنه يعني العجين أو الدَّقيق غير المَطبوخ، يَجِب أن يكون مُشترَكاً بين الكَهَنَة. لا يوجد سَبَب لذلك ولكن، هناك شيء واحد أكيد: لا يُمْكِن لِعامَّة الناس والمُتَعَبِّدين أن يُشاركوا فيه.

تَتْرك الآية الحادية عشرة ذبيحة أشام وتَتَناول الآن ذبيحة "زيفه"، التي نسمِّيها ذبيحة السَّلامَة. والآن، دعوني أقول إن أي إسم موجز نختاره لهذه التَقْدِمة ومعظم التقديمات الأخرى لا يشمل في الواقع كل الفروق الدَّقيقة لهذه التَقْدِمة. لذا، فإن تسمية الذَّبيحة بذبيحة السَّلامة مَقْبولة جزئيًا فقط.

لعل الأمر الأساسي الذي يَجِب أن نفهمه حول القسم من الإصْحاحين ستة وسبعة الذي نحن على وشَكْ الدُّخول فيه، بِدءاً من الآية الحادية عشرة من الإصْحاح السابع، هو أن هذه فئة مُخْتَلِفة من التقديمات. إن الذَّبائح التي تمت مناقشتها في الإصْحاحين ستة وسبعة حتى الآن كانت من صُنْف كودش كوداشيم … الأكثر قداسة. نأتي الآن إلى صنف كودش كليم….أو الأقل قداسة؛ والآن، دعوني أكون واضحًا؛ كوديش كليم ليست ذبائح لا قداسة لها…… فقط ليست بِقداسة الذَّبائح الأخرى. إذًا، كما أن الغرفة الأمامية للخَيْمة تُسمَّى المكان المُقَدَّس، والغرفة الخلفية تُسمَّى قُدْس الأقْداس، هكذا لَدَيْنا ذبائح أكثر قداسة، والآن لَدَيْنا ذبائح مُقَدَّسة بِبَساطة.

مع تقديمات كودش كليم كان يجوز لكل من المُتَعَبِّد والكَهَنَة أن يأكل منها؛ المُتَعَبِّد خارج خَيْمَة الإجْتماع، والكَهَنَة داخل خَيْمَة الإجْتماع.

لا أريد أن أُثير حيرَتُكم، ولكن عليكم أن تَعْرِفوا أنه كان هناك عدّة أنواع من تقديمات زيفه. سنلقي نظرة فقط على النوعين الأساسيين: "زيفه شلاميم وزيفه توداه". إذا كنت تتجوَّل في إسرائيل في العَصر الحديث سَتَسْمع كَلِمَة "توداه" تُقال كثيرًا لأنها الكَلِمَة العبرية التي تعني شكرًا ولكنها أيضًا الكَلِمَة العبرية التي تعني "الشُّكر". لذا كانت الفكرة وراء كَلِمَة "زيفه توداه" هي أن هناك مُناسَبة للتَّعبير عن الإمْتِنان ليَهوَه، وعادةً ما كان هذا الامْتِنان يَتَعَلَّق بالنجاة من موْقف خطير مثل النجاة من مَعْركة أو حتى النَّجاة من مرَض خطير.

في اللغة الشائعة كانت زيفه توداه تتضَمَّن ذبيحة حيوانيّة وذبيحة حبوب. من الناحية التِّقَنية، كان زيفه توداه هي جِزء الذَّبيحة الحَيوانية فقط، التي كانت مَصْحوبة دائمًا بتَقْدِمة أخرى……ذبيحة حُبوب، ذبيحة منخاه. ولإرباكنا أكثر قليلاً، اعتِمادًا على نوع ذبيحة التَقْدِمة والغرَض منها بالضَّبْط، كان عجين ذبيحة الحُبوب إما مُخْتمرًا أو غير مُخْتمِر. سنَتْرُك الأمر عند هذا الحدّ.

النوع الأساسي الثاني من الزيفه هو زيفه شلاميم ويُمْكِن أن يُطْلق عليه "ذبيحة النذر" لأنه كان يَتَعَلَّق بكل من النِّذر الأصْلي الذي قد يَنْذُره المُتَعَبِّد والوقت الذي تمّ النِّذر فيه. لذلك عند إجراء نِذْر مُقَدَّس لله كان يتمّ أداء "زيفه شلاميم"، وعندما يَكْتمِل النِّذْر كان يتم أداؤه مَرَّة أخرى. في سِفْر أعمال الرُّسُل نقرأ في العهد الجديد عن بولس الذي أمَرَ يعقوب أن يدفع ثمن النُّذور لبعض الرجال الذين أكْمَلوا نذورهم (كان هذا لكي يثبت لجميع الحاضرين أن بولس ظل يهوديًا ملتزمًا بالتَوْراة حتى مع إيمانِه بأن يسوع هو المسيح). ما كان يَدْفَعَه بولس على وجْه التَّحديد هو الذَّبائح المَطلوبة لتَقْدِمة زيفه شلاميم التي كان على هؤلاء الرِّجال أن يُقَدِّموها.

في الآية السابعة عشرة نبدأ في تلقّي ما هي القواعد العامَّة إلى حدّ ما لإجراءات الذَّبائح على الرغم من أنها في الوقت الحالي في سِياق ذبائح زيفه، وهي أن هناك فترة زمنيّة مُعَيَّنة يَجِب على الناس أن يأكلوا من لحوم الذَّبائح فيها…..سواء كان المُشارك كاهنًا أم غير كاهن، فالقاعِدَة العامَّة هي أن لديك يومين لأكله لأنه في بداية اليوم الثالث يَجِب إتلاف ما تبقى بالنار. في الواقع إن التعليمات مُتشدِّدة جداً. إذا أكل أحدهم لَحْماً في اليوم الثالث بعد الذَّبيحة، فإن أكل اللَحْم يُبْطل الذَّبيحة نفسها…..وكأنها لم تحدُث أبدًا. إلا أنه سيكون من الأفضل لو أن ذلك الشَخْص لم يُضَحِّ على الإطلاق لأنه بِمُخالفَتْه لشريعة أكلِها قبل اليوم الثالث يكون قد ارْتكب خطيئة أخرى…… ذلك لأنه اعتبارًا من اليوم الثالث يُعتبَر اللَحْم نَجِساً طقْسيًا.

بما أن الشلاميم (ذبيحة السَّلامَة) يُمْكِن أن يتناولها الناس العاديون وعامَّة المُتَعَبِّدين….. وبما أن اللَحْم يُمْكِن أن يأكله المُتَعَبِّد خارج خَيْمَة الإجْتماع، نحصل على تحذير آخر بأنه لا ينبغي أن يؤكل اللَحْم الذي يُلامس أي شيء نجِس (وهذا لأن اللَحْم، أي الطعام، كان سيُصْبِح نَجِساً بالمُلامَسَة)، وهذا يَضَع علامة تَعَجُّبْ على المبدأ الإلهي الدَّقيق إلى حدّ ما وهو أن النجاسة يُمْكِن أن تًنْتَقِل بالمُلامَسَة. في هذه الحالة بدأ اللَحْم طاهراً طقسياً ولكن إذا ما لامس شيئاً أو شيئاً غير طاهر، فإن اللَحْم يُصْبِح "ملوثاً" بهذه النجاسة. إذًا، المبدأ في كَلِمَة واحدة هو: النجاسة هي ناقلة للعدوى.

بالإضافة الى ذلك، كما جاء في الآية عشرين، ليس فقط الطعام الذي يُلامس شيئًا نَجِساً يُصاب بالنجاسة؛ إذا أصبح المُتَعَبِّد نَجِساً طقسيًا، غير طاهر طقسيًا (نفس الشيء) …… على سبيل المثال عن طريق مُلامَسَة ميّت أو مخلوق يعتبر نَجِساً ……… عندئذ لا يُصْبِح هذا الشَخْص نَجِساً فحسب، بل أي طعام يَلمسه هذا الشَخْص (الطعام الذي جاء من ذبيحة مُقَدَّسة) يُصْبِح نَجِساً أيضًا. مَرَّة أخرى؛ عدم الطَّهارة، النجاسة، التي تُلامس شيئًا مُقَدَّسا أو طاهرًا، تجعل ذلك الشيء أو الشَخْص المُقَدَّس أو الطاهر غير طاهر. تَذَكَّروا ما قُلناه في الأسبوع الماضي: القداسة لا يُمْكِن أن تًنْتَقِل باللّمس أو المُلامَسَة ولكن النجاسة يُمْكِن أن تًنْتَقِل وغالباً ما تًنْتَقِل.

بعد ذلك تأتي التّعليمات بأنه لا يجوز لأي إسرائيلي أن يأكل شَحْم ثور (مثل المواشي) أو غنم أو ماعِز. منذ بعض الوقت درَسْنا كَلِمَة "شَحْم" ووَجدْنا أن هناك نوعين من الشُّحوم: "هليف" و"شومان". شومان هو الشَحْم العادي، كما هو موجود تحت إهاب أو جلد الحيوان…… تمامًا مثل ما قد نراه في قطع اللَحْم. أما الشَحْم "هليف" فهو الشَحْم الذي يغطي بعض الأعضاء الداخلية، وهذا النوع من الشَحْم هو الذي كان يُستخدم في إحراق الذَّبائح على المَذْبَح النُّحاسي، وكان هذا النوع من الشَحْم، أي الشَحْم "هليف"، هو الذي أُعلن تحديدًا أنه ممنوع في الآية الثالثة والعشرين. لا تتحدَّث الآية ثلاثة وعشرين عن شَحْم الشومان … شَحْم اللَحْم العادي. لذا فالفكرة هي أن شَحْم الهليف هو نوع من الأجزاء الدِّهْنيّة من الذَّبيحة لا يُمْكِن أن يأكله أحد… الشَخْص العادي أو الكاهن. مع ذلك، فقد امتدَّ ذلك أيضًا، في وَقْتٍ قصير، إلى تحريم أكل شَحْم الهليف حتى لو لم يَكُن الحيوان قد قُدِّم للذبيحة، أي أنه بعد اسْتقرار بني إسرائيل في أرض الميعاد، حيث بدأ بعض المَيْسورين من أصحاب الغنَم والقُطْعان يأكلون المزيد من اللحوم……اللحوم التي ذُبحت لأغراض الأكل فقط…… كانت تُطبّق نفس القاعِدَة.

تنصّ الآية ستة وعشرين على أنه لا يجوز لبني إسرائيل أكل الدم. ما كان يعنيه ذلك هو أنه لا يُمْكِن أن يُصنع من الدم المسفوح من الحيوان أي نوع من الطعام، ولا يُمْكِن أن يكون الدم مكونًا في الطَّبخ ولا يُمْكِن شربه. وبالمناسبة، لا يزال شرب دم الحيوان شائعًا نِسبيًا في العالم خارج الثقافة الغرْبيّة اليوم. كان هذا يعني أيضًا أن اللَحْم كان يَجِب أن يُصَفّى جيدًا من دمه، كما أن تَغْطِيَته بالمِلح (وهو مادة ماصة طبيعية) ساعَد على إزالة الدم المتبقي في قطع اللَحْم المُخْتَلِفة التي كان الكَهَنَة والأشخاص العادِيّون على حدٍّ سواء يَطبخونها ويأكلونها. إن تحذير الإنجيليين في العهد الجديد من أن ملح الفَضلات لا يَصْلح إلا أن يُداس كان يُشير إلى هذا الملح الذي كان يُستخدم لامْتِصاص الدم المُتبقّي ثم يُرمى.

اسْمَحوا لي أن أُذَكِّركم أن هناك سببًا أساسيًا واحدًا لعدم تناول الإنسان للدَّم أبدًا؛ وهو أن الدَّم قد وُضِع جانبًا كوسيلة وحيدة للحصول على التكفير، وبالتالي لا يُمْكِن اسْتخدامه لأي غرض آخر تحت السّماء. كان الدم، ولا يزال، هو الوسيلة الوحيدة للتكفير التي يَقبلها الله، لأنه الوسيلة الوحيدة التي أمر بها للتكفير. وعند مجيء ربّنا يسوع، يسوع المسيح، تحوّل نظام الذَّبائح الذي نَدْرُسه في سِفْر اللّاويين حيث كان لا يزال يتطلَّب دمًا للتكفير، ولكن دمَه هو وحده الكامل الذي يُمْكِن أن يكفر. لقد فقدَ دم الثّيران والماعِز فعاليَّته للتكفير عن الخطيئة…. ولن يعود أبداً؛ أي كما أمر الله أن يُسْفَك دمْ حيوانات مُعَيَّنة على وجه التحديد لكل نوع وفئة من التكفير، فإنه بِمَوْت يسوع وقيامته، أمَر الله ألا يعود دم الحيوان مقبولاً للتكفير.

هذا، يا أصْدقائي، هو السَّبب في أنه بِقدَر ما نتوق إلى اليوم الذي سَيُعاد فيه بناء الهَيْكَل في أورشليم…… لأننا نعلَم أنه عند إعادة بِنائه سيَكون فعلياً، وبِشكل مؤكَّد تماماً، مسألة أشْهَر فقط حتى عَوْدة المسيح……من ناحية أخرى، فإن إعادة بناء الهَيْكَل لغرض التَّضْحية لتَحقيق غُفران الخطايا سيكون بلا فائدة. مع ذلك، نجِد أيضًا في كَلِمَة الله أنه عندما يعاد بناء الهَيْكَل ستبدأ الذَّبائح من جديد، ومن المُثير للإهتمام أننا لا نجِد أن الكتاب المُقَدَّس يُدين هذا العمل أو يتحدَّث عنه بعبارات سلبية. لذلك هناك الكثير مما لا نَعرِفه أو نفهَمه عن إعادة بناء الهَيْكَل القادم وعودة الذَّبائح الحيوانية. سأقول لك بكل أسَف أن ما كنتُ أشْعر به تِجاه هذا الأمر منذ عامّيْن لم يَعُد شعوري تِجاهه اليوم. لقد تعلمت الكثير مما يجعلني أفكّر أن هناك أكثر غُموضاً من إجابة على هذا السؤال عن الهَيْكَل الثالث القادم وتجديد الذَّبائح.

لا شكَّ أن العهد الجديد يُخبرنا أن المؤمنين هم "هيكل الله" في هذا العصر على الأرض. يقول بولس في كورنثوس ثلاثة على ستة عشرة "أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَأَنَّ رُوحَ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ". هذه الحقيقة المُذْهلة تتكرَّر وتؤكد في عدد من الأماكن في العهد الجديد.

أصرّ يسوع على أنه أعظم من الهَيْكَل؛ استمع إلى متى إثني عشر على ستة…. " ولكن أقول لكم: إن هَهُنا أعظم من الهَيْكَل! (مُشيرًا إلى نفسِه)"، ثم في إنجيل مُرْقس ثمانية وخمسين على أربعة عشرة، دعا المَسيح نفسه هيْكَل الله ""سمِعْنَاهُ يَقُول ": سَأَنْقُضُ هذَا الهَيْكَل الْمَصْنُوعَ بِالأَيْدِي، وَأُقِيمُ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ هَيْكلاً آخَرَ غَيْرَ مَصْنُوعٍ بأيادٍ".

متى وكيف أصبح البَشَر "هياكِل الله"؟ في "شافووت" (العُنصرة باليونانية). ما الذي يَجْعل أي إنسان مُعيَّن هيكلاً لله؟ حلول الروح القدُس. الشّيء الوحيد الذي جعل الهَيْكَل في أورشليم هيكل يَهوَه هو أنه كان مكان سكن الله. عندما لا يعود روح الله موجودًا، سواء كان إنسانًا أو الهَيْكَل، فهو مُجرَّد هيكل أجْوَف لا يَخدم أي غرض مُفيد أكثر من مُسْتودع فارغ. لكن هناك إشارة قوية في الكتاب المُقَدَّس إلى أن روحه ستعود إلى الهَيْكَل عندما يُعاد بناؤه. لماذا بالضَّبْط، لست متأكدًا على الإطلاق.

لذا، في الوقت نفسه الذي يُعَد فيه بناء هيكل جديد، من وجهة نظر المؤمن، أمرًا زائدًا عن الحاجة، أودُّ أن أحثّ على التحذير: لا ينبغي لنا أن نُصدر أحكامًا على هؤلاء اليهود المتديِّنين الذين يتوقون إلى الهَيْكَل، وأولئك الذين يعملون بنشاط في بناء أدوات طُقوس الهَيْكَل ولا أولئك الذين سيُقيمون في المستقبل القريب الإجراءات الهَيْكَلية بما في ذلك طُقوس التَّضحية. أحد أصدقائي الأعزّاء من صَف التَوْراة هو جرشون ساومون، مؤسِّس ورئيس مُنظَّمة مؤمني جبل الهَيْكَل، وكما يوحي الإسم، فإن هدف هذه المُنظَّمة هو إعادة بناء الهَيْكَل في نفس المكان الذي دُمِّر فيه منذ ما يقارب ألفي عاماً. وكما آمل أن تبدأ في رؤية ذلك، فإن أقدم تلاميذ المسيح (بما في ذلك الرسل) وحتى المسيح نفسه، كانوا يجتمعون باستمرار في الهَيْكَل وبعد فترة طويلة من وفاة يسوع سنجد بولس يُشارك في عبادة الهَيْكَل والذَّبائح الحيوانية. كان المؤمنون الأوائل يذهبون إلى الهَيْكَل، بعد وفاة يسوع، ويؤدون جميع طُقوس الهَيْكَل التقليدية. استمع إلى أعمال الرُّسل إثنان على أربعة وأربعين حتى ستة وأربعين " وَجَمِيعُ الَّذِينَ آمَنُوا كَانُوا مَعًا، وَكَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا. وَالأَمْلاَكُ وَالْمُقْتَنَيَاتُ كَانُوا يَبِيعُونَهَا وَيَقْسِمُونَهَا بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ احْتِيَاجٌ. وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الهَيْكَل بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ."

يتبَيَّن أن بعض الأشياء عن الرب ومُخطَّطه التي تبدو للوَهلة الأولى سهلة الفهم ومعروفة كصحّ أم خطأ، مُعَقَّدة وصَعبة التّمييز. كمسيحيين يُمْكِننا على أقل أن ننظر إلى إعادة بناء الهَيْكَل وإعادة إنشاء ذبائحه الحيوانية كعلامة على المكانة التي وصل إليها تاريخ العالم وكوعد من الكتاب المُقَدَّس يتحقَّق. أعتقد أنه ربما سيكون للهَيْكل غرض ومعنى مختلِفَيْن تمامًا كما سيكون للذبائح غرض ومعنى مختلفَيْن. ربما سيُمَثِّل الهَيْكَل مَرَّة أخرى ذلك المكان على الأرض الذي اختاره الرب منذ زمن بعيد كعَرْشه على الأرض. سيكون ذلك التأكيد المرئي والنُّصب التذكاري لعَظمته وسيادته التي كانت مفقودة منذ ألفي عام. ستكون الذَّبائح، لفترة من الوقت على الأقل، إحياءً (من وجهة نظري) لِخطّة الله للخلاص وإظهارًا بيانيًا لعمل المسيح. هذا ليس بالأمر الغريب؛ فاليهود والمسيحيون يحيون ذكرى العديد من الأحداث الماضية ويكرمونها بإعادة تمثيل أجزاء من الحدث.

كل ما نعرِفه هو أن إعادة ترتيب الهَيْكَل وإشعال نار المَذْبَح النُّحاسي، يتبعه استعراض الثيران والكِباش والخراف والماعِز إلى ذلك المَذْبَح، سيكون الأمر الذي سيؤثِّر على شعب الله المُختار بطريقة تجعَلْهم يَفْهمون الأمر في النهاية: لقد حقَّق يسوع الناصري كل هذا حقًا!

حسنًا، نعود إلى المَسْألة التي بين أيْدينا. تتضَمَّن نهاية الآية ستة وعشرين عبارة "….في أي من مُسْتوطناتكم"، أي أن سفك الدم يَجِب ألا يَحْدُث في "أي من مُسْتَوطناتكم" الآن. لماذا يُضيف الكتاب المُقَدَّس هذه الكَلِمات التي تبدو زائدة عن الحاجة؟ عن أي مكان آخر يُمْكِن أن يتحدث يَهوَه غير المُسْتوطنات الإسرائيلية؟ الفكرة التي يتم التعبير عنها هنا هي أن هذه الشّريعة حول عدم أكل الدم يَجِب أن تُطاع حتى خارج أرض خَيْمَة الإجْتماع، وحتى خارج المُخَيَّم. العديد من الشرائع الطَّقْسيّة التي واجهْناها تنطَبِق على منطقة خَيْمَة الإجْتماع فقط؛ ولكن، هذه الشريعة، إلى جانب بعض الشرائع الأخرى، تنطبِق في جميع الظروف أينما يعيش العبرانيّ. في اللغة الحديثة، هذا يعني عدم أكل الدم في أي وقت وفي أي مكان ولأي سبب كان.

في حين أن كل الإصْحاح السادس والجزء الأول من الإصْحاح السابع من سِفْر اللّاويين موجَّهان في المقام الأول إلى الكهنوت، فإن الآية تسعة وعشرين من الإصْحاح السابع موجَّهة تحديدًا إلى " شعب إسرائيل" ……عبدة الله، وهي تتعلَّق بذبيحة "زيفه شلاميم" (ذبيحة السَّلامَة) والنظام المأمور به هو أنه يَجِب على المُتَعَبِّد أن يقدِّم ذبيحة زيفه شلاميم بنفسه، بِيَديْه. لكن، ما يعنيه "التقديم" هنا هو عدم وضع الحيوان على المَذْبَح النُّحاسي…..لأن هذه مهمَّة لا يقوم بها سوى الكاهن فقط، بل هو أن يرفع المُتَعَبِّد الحيوان إلى أعلى، ويقوم بحرَكة تلويح به إلى الرب، ويُسمّى ذلك بالعبرية " تنوفاه" حرفيا "التقديم" ……لذلك نَحصل على هذه الصورة لرَجُل عادي يأتي بالحيوان إلى خَيْمَة الإجْتماع، فيتمّ ذبحه، ويَعرض المُتَعَبِّد ليَهوَه أي جزء سيُحرق على المَذْبَح. ثم يتم تسليمه إلى الكاهن الذي يقوم بوضْع الجزء السَّمين على المَذْبَح النُّحاسي ويتم إحراقه. في بعض الأحيان يسمّي المسيحيون هذا "التقديم" للذبيحة "ذبيحة المّوْجة" وبالمناسبة، هذا لا يعني أننا نقِف وننظر إلى الأعلى ونلوِّح "مرحبًا" لله.

ناقشنا الأسبوع الماضي أن هناك فئتين أساسيَّتين من الذَّبائح: كوديش-كوداشيم، وهي فئة "الأكثر قداسة"؛ وكودش-كليم، أو الذَّبائح الأقل قداسة. الذَّبائح الأكثر قداسة لا تسمَح بِمُشاركة كبيرة من قبل المُتَعَبِّد العادي. مع ذلك، فإن "الذَّبائح الأقل قداسة" عادةً ما كان لها مُشاركة كبيرة من قبل الشَخْص الذي يقدّم الذَّبيحة. من الواضح أن تَقْدِمة "زيفه شلاميم" كانت من فئة تَقْدِمة كودش-كليم، لأن العابد "قدم" الذَّبيحة بنفسه مباشرة إلى يَهوَه.

تعزّز الآيتان أربعة وثلاثين وخمسة وثلاثين قاعِدَتيْن عامَّتَيْن سبَق أن ناقشناهُما. لاحِظ في الآية أربعة وثلاثين يقال أن يَهوَه قد أخذ لَحْم ذبيحة زيفه كاليم وأعطاه للكَهَنَة، أي أنه عندما يتم إحضار شيء ما للتَّضحية، فإنه يُصْبِح على الفور مِلكًا ليَهوَه……المُلكية المُقَدَّسة، وقرارَه هو أن يُعطي بعضاً من تلك المُمْتلكات التي تَخُصّه إلى الكَهَنَة. لاحظ أيضًا أنه في الآية خمسة وثلاثين، في نهاية تلك الآية، يوضح أن ما أُمَر به للتو يَجِب أن يتم بعد تكْريس هارون وبَنية ليَكونوا كَهَنَة الله……. وهذا ما لم يَحْدُث بعد في هذه المرْحلة. إذن، تتحدَّث الإصْحاحات من واحد إلى سبعة من سِفْر اللّاويين عن ما كان سيَحْدُث ولكنَّه لم يَحْدُث بعد، أي اعتبارًا من نِهاية الاّويين، الإصْحاح السّابع، لم يَكُن قد تمّ بناء خَيْمَة الإجْتماع بعْد. الله يُهَيِّئ إسرائيل فقط لما هو على وشك الحُدوث.

الأسبوع القادم، الإصْحاح الثامن.