11th of Kislev, 5785 | י״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » العدد » سِفْر العَدَد الدرس إثنان وثلاثين – الإصْحاحان ثلاثين وواحد وثلاثين
سِفْر العَدَد الدرس إثنان وثلاثين – الإصْحاحان ثلاثين وواحد وثلاثين

سِفْر العَدَد الدرس إثنان وثلاثين – الإصْحاحان ثلاثين وواحد وثلاثين

Download Transcript


سِفْر العَدَد

الدرس إثنان وثلاثين – الإصْحاحان ثلاثين وواحد وثلاثين

نَتناول هذا الأسبوع في الإصْحاح ثلاثين من سِفْر العَدَد، مسألة قَطع العُهود والقسَم للرَّب. أَفترِض أن كل مؤمن، يهودياً كان أم غير يهودي، قد قَطَع في وقت ما في مَسيرته عَهْداً للرَّب؛ بعض الناس يَقْطَعون العُهود ويُقسِمون بانتظام، وفي المسيحيَّة الأُرثوذكْسِيّة الشَّرقية يُعتبر قَطْع العُهود جِزءاً مُنْتَظِماً من العِبادة. كل الدِّيانات التي دَرسْتها وحلّلْتها، من الهِندوسيّة إلى البَهائيّة، ومن اليهوديَّة إلى الإسلام وكل الدِّيانات الأُخرى لَدَيْها بعض الفَهْم المُتأصِّل في تقديم العُهود لإلَهِهم مقابل شيء مُهمّ. ومن المعروف أن المُلحِدين الذين يَجِدون أنْفُسهم في مواقِف تُهَدِّد حياتهم يَتَطلَّعون إلى الأعلى ويَقْطَعون وَعدًا لأي إله روحيّْ قد يَسْتَمِع إليهم، مقابل إنْقاذهم (فقط في حالة وجود إله بالفِعل).

عندما نَتَزوَّج نَتبادل عُهود الزواج….. وُعود لِبَعْضِنا البعض، مُسْتَحضرين إسْم يَهْوَهْ. عندما نَشهد في مَحْكمة نَقْسِم أو نَحْلِف اليمين بأن نقول الحقيقة كامِلة كما نَعْرفها ("فلْيُساعِدنا الله"). والكِتاب المُقَدَّس يفيض بِشَكْلٍ إيجابي بالرِّجال (والنساء) الذين يقْسِمون للرَّب. ما نحتاج أن نَفهمه هو أن هذه العُهود والأقسام كانت حقيقيَّة وصحيحة تمامًا (لم تكن خُرافة)؛ ويتوقعَّ الرَّب أن يتم الوفاء بهذه الوعود. ومع ذلك، كانت هناك قواعد وأنْظِمة وقوانين مَوضوعة من قَبْل حول من يُمْكِنه أو ينبغي عليه أن يقطع العُهود ويَقْسِم وتحت أي نوع من الظُّروف؛ ومن يُمْكِنه أن يُبطِل العَهْد بِشَكْلٍ شَرعي، وفي بعض الأحيان يُطرح تحذير من تقديم العُهود في لحظة غَضَب بسبب خُطورة تقديم الوعود والمُساومات مع الرَّب.

لنقرأ سِفْر العَدَد الإصْحاح ثلاثين.

إَقْرأ الإصْحاح ثلاثين من سِفْر العَدَد كلِّه

قبل أن نتعمَّق كثيرًا في هذا الإصْحاح دَعوني أُشير إلى أن هناك فَرْقًا واضِحا في الكِتاب المُقَدَّس بين القَسَم والعَهْد. فالقَسَم يَفْرض التزامًا على الشَّخْص الذي يَقسم. العَهْد هو بِحِكْم تَعريفه وَعْد مشروط. أي، إذا عاد يَعقوب إلى البيت بِسَلام، وإذا انْتَصر بنو إسرائيل على الكنعانيِّين، وإذا هَزم جفثا العمونيّين، فسوف يَسْتجيبون ببعض الإجراءات المُحَدَّدة سَلَفًا لإتمام المُساومَة.

يأتي أداء القَسَم عادةً على نَوعين: النَّوع الذي هو وَعْد، والنَّوع الذي يُقدِّم نوعًا من التأكيد (مثل التأكيد على أنك لم تسرُق ذلك الجَمَل). العَهْد، بِحِكِم تَعريفه، هو قَسَم تَعَهُّدي. في العبرية يُطلق على هذا النوع من القَسَم إسْم " عَهْد".

عادةً ما يتم القَسَم بإسْم إلَه ما أو آخر؛ في حالة العِبرانيِّين كان بالطبع بإسْم يَهْوَهْ. وهكذا سنرى المُصْطَلَح العبريّ "نشبا بي يَهْوَهْ" مُسْتَخدمًا، ويعني ”أقْسِم بيَهْوَهْ“. يُستخدم هذا المُصْطَلَح عندما يقسم شخصٌ ما لشخصٍ آخر ولكنه يَسْتدعي إسْم الله ليَخْتم هذا القَسم.

ولكن عندما يكون القَسم بالله مُباشرة (قَسم بين الشَّخْص والله)، فإن المُصْطَلَح العبري هو ”نشبا ليَهْوَهْ“، أي ”أقسم بيَهْوَهْ“.

لم يَكُن العِبرانييّن في عُصور التَوراة القديمة مُخْتَلِفين عنّا: غالبًا ما كنّا في لحظات الأزَمات نَتضرَّع إلى الله ونَقْسم له في كثير من الأحيان بدون تَفكير وبِتَسرُّع: ”يا رَبّ، سوف أذهب إلى الكنيسة (أو الكنيس) كل أسبوع"، أو "أعِدُك ألا أَسْتَخدِم كَلِمات بَذيئَة مَرَّة أُخرى"، أو "لن أَطْلُب منك شيئًا أبدًا بعد الآن". يُمْكِنك على الأرْجح أن تتذكَّر بعض الألفاظ البَذيئة التي سَمِعْتَها أو تلفَّظْتَ بها بنفسك.

المُشكِلة هي أن الآية الثالثة تقول ما يلي: إذا حَلَف الإنسان يَمينًا أو أجرى تَعهُّدًا فلا يَحْنُث به، بل يَجِب أن يُنَفِّذ كل ما قال أنَّه سَيَفعله. يا إلَهي! أَعْتَقِد أننا في بعض الأحيان نَقْطَع عُهودًا كثيرة للرَّب لِدَرَجَة أننا لا نَستطيع أن نَتَذَكَّر ما قُلناه. المُشكِلة هي: الرَّب لَدَيْه ذاكرةٌ تصويريَّة وتذكُّرٌ مِثالي.

في الواقِع تقول الآية الثالثة: ”إِنْ نَذَر رَجُلٌ“؛ وهذا يُشير إلى ذَكَر على وجه التَّحْديد لأن الآية الرابعة تبدأ بعد ذلك "إِنْ نَذَرَت امْرَأَةٌ“. لذلك نرى على الفور أن الرَّب يَنظُر إلى نِذر المرأة نَظْرة مُخْتَلِفة عن نَظْرته إلى نِذر الرَّجُل. قبل أن نتفحَّص تفاصيل هذا التَّمييز المُثير للاهْتِمام (وأنا مُتأكِّد من أن بَعضكنَّ أيَّتُها السَّيِّدات غير مُرتاحات بعض الشَّيْء) بين نذور الرجال ونذور النساء، دعونا نرى بالضَّبِط سَبَب وجود هذا الاختلاف في المقام الأول.

إن المبادئ التي تأتي منها القوانين المُتَعَلِّقة بالنُّذور، وكَيْفِيَّة التِزام كل جِنْس بهذه النُّذور من عَدَمِه، راسِخَة بالفعل في التَوراة: وهي أنه كما أن على الطفل أن يَخضع لوالَدَيْه، والرَّجُل للرَّب، كذلك على الزوجة أن تَخضع لِزَوجِها. وبِعِبارة أقلّ إزعاجًا للمرأة الغربيّة الحديثة، فإن الزوجة هي تحت غَطاء وسُلطة زوجها، كما أن الزَّوج هو تحت غطاء وسُلطة الله. لذا فإن فِكرة المراسيم المنصوص عليها في سِفْر العَدَد ثلاثين هي أنه لا الطفل ولا الزوجة مأذون لهما من قِبَل يَهْوَهْ أن يَسْتبدلا الواجبات التي فَرَضها الله على أنْفُسهما أو التي أنْشأها كل مِنهما بِنَفسه بالإضافة إلى الواجبات العادية التي فَرَضها الله أو بَدَلاً منها. وعَلاوة على ذلك، لا يُمْكِن للولد أو الزوجة أن يَنْذُروا نِذرًا للرَّب يؤثِّر الوفاء به على الوالد أو الزوج بطريقة تَجعل هذا النِذر مُسيئًا لهم.

وهذا لا يُشير بالضَّرورة إلى طبيعة النِذر أو القَصْد منه؛ أي أنه ليس المقصود أن النِذر قد يكون نِذرا شرّيرًا أو نِذرا غير مسؤول لا يُمْكِن الوفاء به. بل إن نِذر الطفل أو المرأة يأتي أولاً تحت سُلطتها الدنيوية قبل أن يُعتَبَر صحيحًا بالنسبة لسُلْطَتِها السَّماوية، يَهْوَهْ.

والآن، ونحن نَخوض في أحكام النِذر في التوراة، خاصة فيما يَتعَلَّق بالنِّساء، ضَعْ في اعْتِبارك أنه في العَهْد الجديد استمرَّت النُّذور والوعود للرَّب واعْتُبِرت مقبولة تمامًا وعاديَّة وأمرًا جيِّدًا بِشَكْلٍ عام. في الأناجيل والرَّسائل سَنقرأ عن المؤمِنين (حتى الرُّسُل) الذين يَنْذُرون النُّذور كمَسار طبيعي للحياة. ومع ذلك، حَذَّرَ يَسوع من الجانِب السَّلْبي للنِذر، وقال إنه لا يُمكِن اسْتِخدام النِذر لإلْغاء أو تَجَنُّب توقُّع قانوني آخر من شَخْص ما. تَناوَلَ يَسوع على وَجْه التَّحديد هذه المُمارَسة المُتمثِّلة في تقديم نِذِر يَسْمح للشَّخص بالتَّهَرُّب من الرِّعايَة المُناسبة لوالَدَيْه لأنها كانت مُشْكِلة حقيقية في عَصره.

إنجيل متّى خمسة عشر على ثلاثة: فَأَجَابَ (يَسوع) وَقَالَ لَهُمْ: "وأنتم أيضًا، لماذا تتعدُّون وصيَّة الله بسبب تقليدكم" أربعة: فإن الله أوصى قائلا:" أكْرِم أباك وأمَّك، ومن يَشتُم أبًا أو أمًّا فلْيَمُت موتًا". خمسة: "وأما أنتم فتقولون: من قال لأبيه أو أمه: قربان هو الذي تَنتفع به مني. فلا يُكْرِم أباه أو أمّه". سِتَّة: "فقد أبْطَلْتُم وصيَّة الله بسبب تقليدكم". سبعة: "يا مُرَاؤون حسنا تنبأ عنكم إشعياء قائلا". ثمانية: "يَقترب إلي هذا الشعب بِفَمِه، ويُكَرِّمني بِشَفَتَيْه، وأما قَلبه فمُبْتَعِد عني بعيدًا". تسعة: "وباطْلًا يَعبدونني وهم يَعْلمون تعاليم هي وصايا الناس".

هذا ليس سوى مِثال واحد على الحالات التي يَنْذُر فيها شخص بأنانيَّة أو عن جَهْل تام بالحَقّ المُستَقى من الكتاب المقدَّس أن يَنْذُر نِذرًا بأن يُقدِّم شيئًا لله بدلاً من القيام بما سبق أن حَدًّده الله كمسؤولية دائمة في التوراة. في هذه الحالة كان الأمْر أن رَجُلاً قال إن المال الذي كان سيَسْتخدِمه لرعاية والَدَيْه قد نَذَرَه بدلاً من ذلك للرَّب، لذا، وللأسف، لم يَسْتَطِع الوفاء بالتِزامه كإبْنٍ لِرِعايتهما. وبِعِبارة أُخرى، لقد أعطى المال للكَهْنوت بدلاً من استِخْدامه لرعاية أمّه وأبيه المُسِنّين. وألقى يَسوع باللّوم على هذه العقليّة الخاطِئة في المقام الأول في تعاليم عقائد البَشَر، والتي غالبًا ما يُشير إليها بإسْم ”التقليد“. افْهَموا ما كان يَسوع يَقوله: أوه، أنتم تَقولون أنكم تَدْرُسون الكتُب المُقَدَّسة، وتَدّعون أنكم تَعملون حسبما يَقوله الكِتاب المُقَدَّس؛ لكنّكُم في الواقع لَسْتُم كذلك. على الأرْجَح أنكم لا تَعرفون حقًا ما يقولُه الكِتاب المُقَدَّس لأنكم اخْتَرْتُم أن تَقبلوا قائمة من التَّعاليم التي قال لكم الناس إنها الحَق؛ تعاليم تَخْدُم أَنْفُسكم أحيانًا، بدلاً من أن تَسيروا على ما يقوله الكِتاب المُقَدَّس حقًا. يا قَوْم، لأن اليهود أصْبحوا يُسَمُّون تَعاليمهم "تَقْليدًا"، يُعتَقَدُ عادةً أن يَسوع كان يُشير فقط إلى التقاليد التي صَنَعها اليهود؛ في الواقع، إنه يَتحدَّث عن كل التقاليد التي صَنَعَها البَشَر والتي تَشمل مجموعة كبيرة من التقاليد التي يُسَمّيها المسيحيّون "عقيدة". ويقول يَسوع أن نتيجة هذا القُبول للعقائد بَدَلًا من الكِتاب المُقَدَّس هو أن "قُلوبهم بعيدة عنّي".

في الأساس الطريقة التي يَعمل بها الإصْحاح ثلاثين هو أنه يُنَظِّم مسألة النِذر في أربع حالات أو أربع أمثلة. التعليمات المُتَعَلِّقة بالذُّكور ليست واحدة من هذه الحالات. بالنسبة للرَّجُل (أي رَجُل في سن المُحاسَبة، وليس صبيًا صغيرًا) فالأمْر واضِح ومُباشَر جدًا: أن يَنْذُر نِذْرًا وأن يفي بنِذْرِه. لا يوجد مَخْرج لا ينتهي به الأمر إلى الإثْم. لا أحد آخر مسؤول عن نِذِر رَجُل نَذَر نِذرًا، وما من غَضّْ نَظَر وتغافُل من الرَّب، مهما كانت الحالة يائسة عندما يَنْذُر الرَّجُل نِذرَه.

أيُّها الرجال، لم يُغَيِّر يَسوعْ ذلك! بالتأكيد لم يَقُل يَسوع بأي حال من الأحوال أن الفرائض المُتَعَلِّقة بالنُّذور قد أُلْغِيَت. ما قالَه هو أن تكونوا حَذِرين جِدًا في ما تُنْذِرون به وأنه من الأفضل أن تَجْعَلوا نَعَمُكم نَعَمًا و لاءَكُم لا، وأن تَتْبعوا مبادئ الله التي طالما أرْساها الكِتاب المُقَدَّس من دون أن تُفَكِّروا بطريقة ما أنكم تَستطيعون أن تَنْذروا نِذرًا لتَتَجَنَّبوا طاعة تلك المبادئ.

ربما يكون أحد أكثر الأمثلة المدمرَّة في الكِتاب المُقَدَّس بأكمله حول النِذر المُتَهوِّر من قبل رَجُل هو قصة يَفْتاح، في سِفْر القُضاة. كان يَفْتاح، وهو على الأرجح من بني إسرائيل، ومن المُحْتَمل أن يكون من سَبَط جاد لأنه وُلد في المنطقة التي تُسَمَّى جِلْعاد. كانت جِلْعاد في البداية تُدعى جاد (إحدى قبائل بني إسرائيل الإثْنَتَيْ عشرة)، وكانت جاد إحدى القبائل العبرانية التي اخْتارت أن تَتَنَصَّل من الأرض التي خصَّصَها يَهْوَهْ لشَعبِه كنعان. كانت مِنطقة جاد، في عهد سِفر القضاة، المُسَمّاة جِلْعاد، على الجانب الشَّرقي من نهر الأردن في منطقة تُسَمَّى عُمومًا ما وراء الأردن.

كانت خَلْفَيَّة قِصَّة يَفْتاح، هي أن أُمَّة عَمّون كانت تُثير المَتاعِب مع جِلْعاد، وكان من الضَّروري لِجِلْعاد أن تخوض مَعركة مع قوّات عَمُّون. ولكن، كان يَنقصهم القائد العَسْكري الضَّروري لحَشد شعب جِلْعاد للانْتِصار. كان يَفْتاح قد طُرِد من جِلْعاد قبل بضع سنوات لأن أمَّه كانت عاهِرة، ولذلك كان يُعْتَبَر يَفْتاح غير شرعي. ومع ذلك، عُرِف يَفْتاح بأنه قائد مُحارب شَرِس وفعّال، لذا ذَهَب إليه مُمَثِّلو جِلْعاد وطَلبوا منه العَودة وقيادة جِلْعاد في المَعركة مقابل إعادَته إلى القبيلة؛ فوافَق.

ولكن قبل أن يَذهب إلى الحرب، اقْتَرَب يَفْتاح من يَهْوَه ونَذَر نِذرا من أجل طلب رضى الرَّب للمَعْركة القادِمة. أي أنه إذا ما منح الرَّب النَّصْرَ ليَفْتاح، فإنه سيقوم بِشَيءٍ مُحَدَّد في المُقابل؛ هذه هي الصّيغة النَّموذجيّة للنِذر.

اقرأ سِفر القُضاة إحدى عشر على تِسعة وعشرين الى أربعين

تخيَّلوا أن هذا الرَّجُل يَفْتاح، الذي لم يَكُن لَدَيْه أدْنى فِكرة أن ابْنَتِه الوحيدة التي ستكون، بالصُّدفة، موضوع النِذر الذي نَذَرَهُ للرَّب، قد نفَّذَ هذا النِذر وضَحّى بهذه الفتاة. الآن، لا يَتغاضى الرَّب، بأي حال من الأحوال، عن التَضْحِيَة البَشَرية أو يَطلُبها أو يَقبلها. ومع ذلك، فإن أمْرَه واضِح جدًا بأن الإنسان الذي يَنْذُر نِذرًا (مهما كان) هو أن يؤدّي هذا النِذر، وشَعَر يَفْتاح أنه لم يَكُن أمامَه خِيار سوى أن يُنَفِّذ هذا الرُّعْب على ابْنَتِه. والآن كَمَعْلومة جانِبيَّة لقد سَمِعْتُ العديد من المسيحيّين واليهود يُحاولون أن يُقَدِّموا حِجَّة أن ابنة يَفْتاح لم تُقدَّم كذَبيحة مَحْرَقة لله (كطريقة للتَّحايُل على هذا العمل البَغيض والمُثير للاشْمِئزاز الذي يبدو ظاهِريًا أنه يَلقى موافقة الله)؛ ولكن الكِتاب المُقَدَّس واضِح جدًا بأن يَفْتاح، لم يَقم فقط بنِذْرِهِ بالضبط، بل كان هناك أيضًا يومًا خاصًا لإحياء ذكرى حزينة لهذا الحَدَث في إسرائيل.

لقد قدَّم يَفْتاح ما بدا لكُل من حَوله تَقدِمة معقولة وتقيَّة جدًا للرَّب (على الأقل في الوقت الذي نَذَر فيه النِذر بدا الأمر كذلك). لم يَحْلم أبدًا بما ستكون النَّتيجة. ولكن هذه هي مُشْكلة تقديم النُّذور في المقام الأول؛ إنها خطيرة. ليس لَدَيْنا أي فِكرة عن جميع النَّتائج المُحْتَمَلة. أوَدّ أيضًا أن أُشير إلى أنه كان بإمْكان يَفْتاح أن يتَّخِذ قرارًا مُخْتَلِفا. كان بإمكانه أن يَختار أن يُخالِف نِذْرَهُ مع الرَّب ويَتحمَّل خَطيئته بسبب تَهَوُّره، أليس كذلك؟ لكنه لم يَفعل. وبدلاً من ذلك، وبِشعور زائف رهيب من التَّقْوى وعلى ما يبدو أنه لم يَفهم حتى أن الرَّب لا يُريد ذَبيحة بَشَرِيّة، نفَّذ يَفْتاح شروط النِذِر الذي أقامه وقَتَل ابْنته البريئة.

فاحْذَروا أيها الرِّجال. إن نُذورَنا لها قُوَّة ولها عواقِب، وبمُجَرَّد أن نَنْذُرها، لا يوجد سوى نَتيجتَيْن مُحْتَملتَين: إما أن نَفي بنِذْرِنا، مهما كان مؤلِمًا عن غير قصد، أو أن نُخالِف نِذْرَنا ثم نعيش مع خَطيئتنا. ربما أَوْفى يَفْتاح بنِذْرِه للرَّب ولكن الرَّب لم يَكُن لِيَرْضى بذلك.

لَدَيْنا الحالة الأولى من حالات النِذِر الأربع في سِفْر العَدَد ثلاثين: حالة فتاة عَذراء (أي فتاة غير مُتَزوِّجة)، كانت لا تزال تعيش في البيت. وهذا يعني أنها كانت تحت سُلْطة والِدَيْها، والِدُها على وجه الخصوص. والقاعِدة هي أنه إذا نَذَرَت هذه الفتاة الصغيرة نِذراً وسَمِع والدها بذلك ولم يَسْتَجِب، فيَبْقى النِذِر قائماً مهما كان المَنْذور. أما إذا سَمِع والدها بالنِذر ولم يُوافِق عليه، فإن النِذر يُبْطَل. ثم إن الرَّب لن يَعتَبِر عدم وَفائها بالنِذر مَعْصِية لأن والِدُها هو الذي قال لها أنه لا يُمكِنها الوفاء به.

وبِعِبارة أُخرى، في حالة وجود خَطأيْن مُتَعارِضَين (إن جاز التَّعبير)، أحَدهما أن ينذَر بنِذر غير مصرح به أو مُتَسَرِّع، والآخر عدم إتمام هذا النِذِر. كان من الأفْضَل أن تكون مُطيعة لِسُلطة والدها (السلطة هي مبدأ إلَهي أساسي)، على أن تَفي بنِذر الله الذي لم يوافق عليه والِد الفتاة. وعلى فكرة، كانت الفتاة تَعلم تماماً أنه ليس لها الحَق في أن تَقْطع نِذراً ليهوه من دون مُوافقة والِدُها المُسبقة.

تُطرح حالة ثانية تبدأ في الآية السابعة، وهي نوعًا ما مَبْنيّة على الحالة الأولى. هذه هي حالة الفتاة غير المُتَزوِّجة التي تَنْذُر نِذرا بينما لا تزال تعيش في البيت، ويَعلم والدها بذلك ولكنه لا يُبطله. وبالتالي فإن الفتاة مُلْزَمة بِشروط ذلك النِذر.

لكنها تَتزوَّج فيما بعد؛ ويَسمع زوجها بهذا النِذر الذي تم قَطعه قبل زواجِهما؛ وهو نِذر شرعي ونافذ تمامًا. وهو الآن لديه الخيار بين السماح بتنفيذ شروط النِذر أو إبطال النِذر. وكما لو كان والِد الفتاة قد أبطل النِذر وهي غير مسؤولة أمام الله عن عَدَم الوفاء به، فالأمْر نَفْسَه بالنِّسبة لزوجها: له أن يُوافق على نِذر زَوجته أو يُبْطِلَه. لماذا؟ لأن السُّلطة على هذه الفتاة، التي أصْبَحت الآن امرأة، انْتَقَلَت من أبيها إلى زوجها عند زواجها.

في الآية العاشرة تبدأ الحالة الثالثة: حالة المرأة الأرْمَلة أو المُطَلَّقة التي تَنْذِر نِذرا. وبما أنها ليست تحت سُلطة الأب أو الزوج في هذا الوقت، فإن ما تنِذره يبقى قائماً ولا يُمْكِن لأحد أن يُبْطله. في جوهر الأمر، في حالة المُطَلَّقة أو الأرْمَلة، فإنَّ وَضْعَ نِذْرِها وواجِبها يكون مشابهًا لوَضْع الرَّجُل البالِغ، حيث تتحمَّل نفس المسؤولية والالِتِزام فيما يَتعَلَّق بتنفيذ نِذْرها.

الحالة الأخيرة وهي الحالة الرابعة: أن تنِذر المرأة المُتَزوِّجة نِذرًا وزوجها يَعلم به ولكنه يَسْكُت، فالنتيجة هي أَنَّ نِذرهَا قَائِمٌ وَيَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِهِ. ولكن، إعْلَم أن هناك نِذرا يُمْكِن أن يؤثر على الأسْرة بكاملها. وإذا ترك زوجها نِذرا قَطَعَته زوجته قائمًا وكان غير حكيمٍ على الإطلاق، أو ربما حتى ضدّ مبادئ الله، فإنه يتحمَّلُ على الأقل جزءًا من المسؤولية.

تُعْطِينا الآية الرابعة عشرة بعض التَّوجيهات العامَّة حول النُّذور؛ ولكن في الحقيقة، هذا نوع مُخْتَلِف نوعاً ما من النِذر الذي نُناقشه هنا. هذا نِذر إنكار الذات؛ أي أنه نِذر تكون شُروطه أن تَحْرُم المرأة نفْسَها من شيء ما مقابل أن يَسْتجيب الرَّب لِطَلبها. نرى نِذرا كهذا في حالة صموئيل عندما قالت أمُّه للرَّب أنها سَتَحرم نفسها من امتلاك طِفلها إذا سمح لها الرَّب بالحَمْل وإذا كان الطفل ابْنًا. أي أنها ستُكَرِّس حياة ابْنِها كلها لخِدمة الرَّب، وبالتالي سَتَحْرُم نفسها من كل الواجِبات والتَّكْريمات الضَّروريَّة التي قد يَمْنحها الإبنْ عادةً لأمِّه، مثل العناية بها في شَيْخوختها.

دعونا نَخْتَتِم هذه المُناقشة للإفصاح الثلاثين ومسألة النُّذور (خاصة فيما يَتعَلَّق بالنِّساء والأطفال) بفحص نَوْعَين من النُّذور. عادةً ما يُطلق على هذين النوعين المُخْتَلِفين من النُّذور أَسْماء مُخْتَلِفة، ولكن في بعض الأحيان لا يُتَرجَمان بهذه الطريقة. يُسَمّى أحد النوعين بالعبرية، نِدر. يجب أن تترجم كَلِمَة نِدر إلى "نِذر"، وتعني القيام بِأمْر إيجابي مثل تقديم ذبيحة من نوعٍ ما.

النوع الثاني يسمى "إيسار". من الأفضل أن تُتَرجم كَلِمَة "إيسار" بمعنى ”تَعَهُّد". يرتبط هذا التعَهُّد بِشَكْلٍ عام بالصَوْم أو بشكل من أشكال الإمْتناع عن الطعام. هذا هو النَّوع المُرْتَبِط، على سبيل المثال، بالتعَهُّد النَّاصري (أو النِذر)، الذي يَتضَمَّن الامْتِناع عن شِرب أو أكِل أي منتج من مُنْتَجات العِنَب، وعن قَصّ شَعْره وعن لَمْس جُثّة حتى لو كانت أمّه أو أبيه.

والمُشْترَك بين جميع النُّذور والعُهود هو أن القَسَم يُؤَدّى للشُّروع في هذه النُّذور والعُهود، والقَسَم بطبيعته يستدعي إسْم الله. وحتى الأقْسام تَنْقَسِم إلى نَوْعَين: النَّوع الأول هو الوعد، والنوع الثاني هو التأكيد. النوع التأكيدي من القَسَم هو ذلك الذي يؤدّيه المُتَّهَم أثناء المُحاكمة؛ حيث يؤكِّد تحت القَسَم حَقائق القَضِيَّة ومن ثُمَّ يؤكِّد على براءته في الأمر. أما النوع الوَعْدي من القَسَم، فيقول إن الشَّخص الذي يؤدِّي القَسَم يأخُذ على نَفْسِه التزاماً بالقيام بشيءٍ ما. العَهْد، بحسب التعريف، هو قَسَم وَعْدي؛ فهو عبارة عن طَرَف أو طرفين يتعهَّدان على فِعل شيء ما. هذا أمرٌ مهمّ يجب أن نَتَذكَّرُه: لأن الرَّب اختار أن يُخضِع نفسَه لنفس قانون الأقسام الذي فَرَضَه على البَشَر. فعندما صَنَع الرَّب العهود مع إبراهيم وموسى، على سبيل المثال، كان ذلك وَعْداً منه بفعل شيء ما. لقد كان يَهْوَهْ يُؤَدّي قَسَماً، بإسْمه الخاص، لتحقيق أَمرٍ معيَّن.

إن العُهود، بِحِكْم تَعريفِها، لها شروط. قال يَفْتاح، لو أن الله سَيُنصِرُهُم كان سيذبح أول شيء على باب خَيْمَته عندما يعود من المَعْركة. قال يعقوب أنه إذا أعادَه الله إلى كنعان سالِمًا، فسيكون الرَّب إلَهه وسيَبْني لله مقدسًا.

أصبح النِذر شائعًا جدًا بين بني إسرائيل القُدماء لِدَرَجَة أنه تم تطوير نِظام الوفاء بالنِذر، بدلاً من أدائه. نرى أساسيّات نظام فداء النِذر هذا في سِفْر اللَّاويّين سبعة وعشرين، حيث يَتعَلَّق الأمر في المقام الأول بمسألة أن يُعطى الشَّخْص كنِذر لخدمة الرَّب. وبِعِبارة أُخرى، قد يقول الأب إذا حدث كذا وكذا فسأُكَرِّس ابْني لخدمة الرَّب. ولكن، بحَسَب الشريعة، كانت الخدمة الكاملة للرَّب من اختصاص اللَّاويّين وَحدَهم. لذا، إذا ما كَرّس أحد الوالدين ابنه "لخدمة الرَّب" كنِذر، أو إذا ما كرّس مالك عبدًا من عَبيده "لخدمة الرَّب"، وبما أنه لم يَكُن هناك طريقة فعلية لتأدية النِذر، فقد كانت هناك طريقة للشَّخص الذي نَذَرَ النِذر أن يَسْتَرِدّ هذا النِذر مقابل ثمن مُحَدَّد. وكان هذا المال يُدفع للكَهْنوت (كما كانت كل أموال النُّذور)؛ ولكن كان هذا المال أكثر مُلاءمة لأن نِذر "خدمة الرَّب" هذا لا يُمْكِن الوفاء به حقًا إلا بالعمل في خيمة الاجتماع، ثم في الهَيْكَل فيما بعد. وبما أن هذا كان مُخَصَّصًا من قبل الرَّب لِلَّاويّين فقط (وأي شخص آخر يحاول ذلك كان يُقتل)، إذن كان هذا بِحِكم التَّعريف مُجَرَّد تَقْدِمَة رَمْزيَّة لمن نَذَرَ النِذر؛ نِذر لا يُمْكِن الوفاء به. لذلك كان من المُتَوَقَّع طوال الوقت أن يَدفع الشَّخْص الذي يَنْذُر النِذر بِبَساطة بعض المال للهَيْكَل.

تَذكَّر هذا عند سَماع كلام يَسوع عن النُّذور والعُهود؛ لأنه كان حول هذا الإطار المُسيء لتقديم النُّذور التي لا يُمْكِن الوفاء بها (بِشَكْلٍ عام لغَرَض جَعْل هذا الشَّخْص يبدو تقيًّا أو صالِحًا أمام العامَّة) تَحدَّثَ ضدّ تقديم النُّذور والعهود باعتبارها نشاطًا غير مُثْمِر بِشَكْلٍ عام لأنه بينما كان من المُمْكِن أن يكون تافِهًا بالنسبة للمُتَعَبِّد، إلا أنه كان عَملاً جادًّا بالنسبة لله.

دعونا نَنْتَقِل إلى الإصْحاح واحد وثلاثين.

اقرأ سِفر العَدد الإصْحاح واحد وثلاثين كلّه

يَتعَلَّق هذا الإصْحاح بالحَرْب المُقَدَّسة التي أمَر بها يَهْوَهْ بني إسرائيل ضدّ مديان. لماذا الحرب ضد مِديان؟ كان بسبب ولاء المِديانيين لِموآب، وبالتالي مُشاركَتِهِم في قيادة العِبرانيِّين إلى عبادة الأوثان لإلَه "شيموس"، كبير آلهة موآب.

من بعض النَّواحي، هذا ليس إلا امْتدادًا لقِصَّة بالاق وبِلْعام، حيث طلب بِلْعام، مَلِك موآب، من ساحِر من بلاد ما بين النَّهرين إسْمُه بِلْعام أن يأتي ويَضَع لَعْنة على بني إسرائيل حتى يَتَمَكَّن موآب (وحليفهم مِديان) من محاربة موسى وقواتِّه وهَزيمتهم في المعركة. لماذا أراد موآب مُحاربة بني إسرائيل؟ لأن إسرائيل، بِتِعْدادها البالغ ثلاث ملايين نَسْمَة وجَيشِها القوي البالغ سِتمئة ألف، ستكون الأقوى بين الجميع، وبالتالي سَتَكون قادِرة على السَّيْطَرَة على أي مجموعة من الشعوب الأُخرى في المنطقة. جميع الملوك تقريبًا (بمن فيهم الملك بالاق) تَوَلّوا العَرْش بِهَدَف توسيع أراضيهم ونُفوذهم. إذا جاء بنو إسرائيل إلى مِنْطقتهم ونجوا، يُمْكِن للمَلِك بالاق أن يودِّعَ آماله في الهيمنة الإقليمية.

تدخّل الرَّب الإله في خِطَّة بالاق، وكان له اتِّصال مُباشر مع بِلْعام (وحِماره، وأقرّ بِلْعام بأنه (أ) حتى لو لَعَن بني إسرائيل لم يَكُن لذلك أي تأثير لأن ما باركه يَهْوَهْ لا يُمْكِن أن يُلعَن وما لَعَنَه يَهْوَهْ لا يُمْكِن أن يُبارَك، و(ب) أَوْضَحَ الله أنه إذا حاوَل بِلْعام أن يَنْطق بِلَعْنةٍ لِدَعم عدو إسرائيل، موآب، فإن الله سَيَقْتل بِلْعام من دون سابِق إنذار. أخبَرَ بِلْعام الملك بالاق؛ ولذلك، فإنه لن يَلعن بني إسرائيل ولا يَستطيع أن يَلعَنهم، ولذلك عادَ إلى مَنْزله في كركميش من دون أن يتقاضى أجرًا.

ولكن بعد قِصّة بِلْعام وبالاق مُباشرة نَجِد أن بني إسرائيل بقيوا في منطقة موآب وأن بِلْعام اقْتَرح على بالاق أن يَتسلَّل موآب بين بني إسرائيل وبالتالي يُضْعِفُهُم عن طريق جَعْل النَّساء المِديانيات (والموآبيات) تُغرين الرجال العِبرانيِّين جِنْسياً، وفي هذه العمليَّة يُقْنعون بني إسرائيل بِعبادة كيموش. وقد نَجَح الأمر. ونتيجةً لذلك جَلَب يَهْوَهْ وباءً على بني إسرائيل بسبب عبادَتهم للأصنام، مما أسْفَر عن مَقْتل أربعة وعشرين ألفًا من العبرانيين. ولم يَنْتَهِ الأمر إلا عندما قام كاهِن إسْمُه فينحاس بِطَعن رَجل عبراني كان يُضاجِع امرأة موآبية (بينما كانا في خَيْمَته داخل مخَيّم بني إسرائيل)، فقَتَلهُما معًا. اعْتَبَر الرَّب هذا تكفيرًا عن خطيئة الردّة وعبادة الأوثان التي ارتكبها بنو إسرائيل على المستوى الوطني، وهكذا توقَّفَ الطاعون.

ولكن، كما يَحدُث غالبًا في الكِتاب المُقَدَّس، عندما يُضَلّ بنو إسرائيل من قبل شخص ما، أولاً يُعاقب بنو إسرائيل بسبب اتباعه، ثم يتم الانتقام من الذين قادوهم إلى الضَّلال. هذا ما يَحْدث هنا في سِفْر العَدَد واحد وثلاثين ضدّ مديان.

بعد هذا الحَدَث، كان من المُفْترض ألا يكون هناك "مِديان" بعد الآن. ولكن، بينما نَتقدَّم في دراستنا للتوراة، وحتى لاحقًا في الكِتاب المُقَدَّس، سَنَجِد لِقاءات أخرى مع مِديان؛ وتُثْبِت الحَفْريّات الأثريّة بأن مِديان استمرَّت في الوجود وبقوَّة بعد هذه الحَقَبَة. إذاً، ماذا يعني ذلك؟

حسنًا، الجواب هو أن مِديان كانت تُشبه إلى حدٍّ كبير كنعان في تلك الحَقَبَة: لم تكن هناك أُمّة ذات سيادة تُسَمّى كنعان. لقد كانت كنعان مُجَرَّد منطقة جغرافية عامة أقامت فيها عِدَّة قبائل ادَّعَت أن حفيد نوح، كنعان، هو أحد أجْدادهم (بالإضافة إلى العديد من الثقافات الأُخرى التي لا علاقة لها بِكنعان). مِديان (تذكَّر أن مديان هي المكان الذي ذَهب إليه موسى عندما هَرَب من مصر؛ وهي أيضًا المكان الذي الْتَقى فيه بِزَوجته المِديانية تْسيبورا وتزوَّجها؛ وهي المكان الذي التقى فيه بالله عند العِلَّيْقة المحترقة، ولذلك أَزْعَم أن مِديان كانت في الواقع موقع جبل سيناء)، كانت أرض مِديان أيضًا مُجَرَّد منطقة جغرافية عامة، وليست أمَّة ذات حدود مُحَدَّدة. كانت مِديان تتألف من عِدَّة قبائل، جَميعُهُم أجداد رَجُل إسْمه مِديان، وهو ابن زوجة إبراهيم الثانية، كيتورا. إذن، كان المِديانيّون ساميّون …….. من نَسْل إبراهيم …… وأبناء العمّ البعيدين لبني إسرائيل.

كانت قبائل وعشائر مِديان المُخْتَلِفة مُنْتَشِرة على الجِّزء الغربي من شبه الجزيرة العربية، وتَمْتدّْ شمالاً حتى موآب، وغرباً حتى أدوم والنَقَب. في قِصَّتنا في سِفْر العَدَد واحد وثلاثين، قضى موسى والعِبرانييّن فقط على عَشائر المِديانيين الذين استقرّوا في منطقة موآب…….. وليس كل المِديانيين من كل قبيلة. ومع ذلك، فإن ما قام به بنو إسرائيل كان مُهمًا جدًا في نِطاقه.

تبدأ قِصَّتنا، في الآية الأولى بإخبار الرَّب لموسى أن هذه المَعركة مع مِديان ستكون آخر مُهِمَّة رئيسية سَيُكلِّفه بها. لأنه بعد ذلك بقليل سَيَموت موسى.

سنُواصِل دِراسَتَنا الأسبوع القادم.