11th of Kislev, 5785 | י״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » العدد » سِفْر العدد الدرس خمسة – الإصحاحان أربعة وخمسة
سِفْر العدد الدرس خمسة – الإصحاحان أربعة وخمسة

سِفْر العدد الدرس خمسة – الإصحاحان أربعة وخمسة

Download Transcript


سِفْر العدد

الدرس السادس – الإصحاح الخامس

بدأنا في دِراسة سِفْر العدد خمسة في الأسبوع الماضي، وعلى الفور أُثير موضوع الأشخاص النَجسين (الأنجاس) وماذا نفعَل معهُم. لقد رأينا ثلاث فئات من الأشخاص النَجسين مُدرجَة (على الرُغم من وجود أكثر من ذلك): الشخص المُصاب بالجُذام (مرَض جلدي) والشَخص الذي لديه إفرازات تَناسُلية والشخص الذي تَنجَّس لأنه لَمَس جُثّة إنسان. وكان يجب وَضْع كل هؤلاء الثلاثة خارج مُخيّم بَني إسرائيل (أي خارج جماعة المؤمنين) حتّى يَزول سبب نجاستِهم. وعندما، وإذا زال السَبب، كان يَتُمّ تَنفيذ فَترة تطهير مُدتُّها سبعة أيام وبعْد ذلك يُمكِن لهذا الشخص أن يَنضمّ إلى الجماعة وهو في وَضْع جَيّد.

الآن اسمحوا لي أن أشرَحَ شيئًا أُسيء فَهمُه بشكل رهيب: لا تزال النجاسة الطَقسية مَوجودة في أيامِنا هذه. لم يَقْضِ يسوع بطريقة أو بأخرى على جميع النجَاسات في هذا العالم. مع ذلك فقَد جَعَل جميع تلاميذِه طاهرين. لقد قيل لنا عندما صُلِب المسيح أنه سال منه سائلان: دم وماء. دمُه كَفَّر عن خطايانا، وماؤه الحيّ جَعلنا طاهرين. كِلا السائلان كانا ضروريَين من أجلنا. وكما نكتشِف في التوراة، التكفير ليست نفْس الشيء مِثل التطهير الطقسي. التكفير هي الثَمن المدفوع عن خطايانا؛ أمّا التطهير فهو إزالة النجاسة الناجمة عن تلك الخطيئة أو عن نوع من الإتّصال بالنَجاسة.

بالإضافة الى ذلك، سيَستمِرّ وجود النجاسة في هذا العالَم حتى السماء الجديدة والأرض الجديدة. المكان الوحيد على هذا الكوكَب الذي لا توجَد فيه النجاسة هو قلْب المؤمن. إلا أنه يُمكِن إعادة إدخال النجاسة. الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد كورِنْثوس خمسة على تسعة: "كَتَبْتُ إِلَيْكُمْ فِي الرِّسَالَةِ أَنْ لاَ تُخَالِطُوا الزُّنَاة"َ. عشرة:"وَلَيْسَ مُطْلَقًا زُنَاةَ هذَا الْعَالَمِ، أَوِ الطَّمَّاعِينَ، أَوِ الْخَاطِفِينَ، أَوْ عَبَدَةَ الأَوْثَانِ، وَإِلاَّ فَيَلْزَمُكُمْ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الْعَالَمِ! وَأَمَّا الآنَ فَكَتَبْتُ إِلَيْكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ مَدْعُوٌّ أَخًا زَانِيًا أَوْ طَمَّاعًا أَوْ عَابِدَ وَثَنٍ أَوْ شَتَّامًا أَوْ سِكِّيرًا أَوْ خَاطِفًا، أَنْ لاَ تُخَالِطُوا وَلاَ تُؤَاكِلُوا مِثْلَ هذاَ" إثنا عشرة: "لأَنَّهُ مَاذَا لِي أَنْ أَدِينَ الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ؟ أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ تَدِينُونَ الَّذِينَ مِنْ دَاخِل؟" ثلاثة عشرة: "أَمَّا الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ فَاللهُ يَدِينُهُمْ. «فَاعْزِلُوا الْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ".

هنا لدينا مؤمنون قرَّروا أنّ بإمكانِهم الإستمرار في الشرور النجسة، وبطريقة ما، لا يَهُم لأنهم قَبِلوا يسوع. إذن، أنت تُجادل، لكن هذا المَقطع يتحدَّث عن الفُسق والشر ، أين يقول نجس؟ لدي سؤال في المُقابل: هل تَعتقدون أنّ يسوع أزال النجاسة من الفجور والفُسق! وبعبارة أخرى هل تؤيّد أنّه بِصَلْب يسوع أزال النجاسة من الخطيئة؟ ومع ذلك، وبطريقة غريبة، هذا هو المَعنى الضُمني لتعاليم الكنيسة التقليدية حول هذا المَوضوع (على الرغم من أنني أعتقِد أنّ السَبب الرئيسي في ذلك هو أنّهم لا يَعرفون أنّ هناك فَرْقًا واضِحًا في الكتاب المقدَّس بين النَجاسة والخطيئة).

نأمَل أن تكونوا قد تَعلّمتُم الآن في التوراة أنّ كل الشرور نَجِسة بطبيعتِها. كل الفجور نَجِس بطبيعتِه. ليس لأنني أقول ذلك ولكن لأنّ كَلِمة الله تقول ذلك.

استمِعوا الآن إلى هذا المَقطع الذي يَصِف الساعات الأخيرة من تاريخ الإنسان، كما نعرفُه، في سِفْر الرؤيا. وبعبارة أخرى هذا وقت لا يزال في مُستقبَل عصرِنا.

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد سِفْر الرؤيا واحد وعشرين على واحد: "ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ." إثنان: "وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا." ثلاثة: "وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ."

إذًا نحن نَعلَم أننا نتحدَّث عن الزمن الذي يتحدَّث عنه سِفْر الرؤيا واحد وعشرين، وهو بَعد الزَمَن الحالي الذي نحنُ فيه عندما يُعاد تشكيل الأرض والسماء كما في الخَلْق.

دعونا نقرأ أكثر قليلاً، مُدركين أنّ نهاية تاريخ الإنسان قد حانت وأنّ مَلكوت الله قد دَخَل بالكامل:

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد سِفْر الرؤيا واحد وعشرين على خمسة وعشرين: "وَأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ نَهَارًا، لأَنَّ لَيْلًا لاَ يَكُونُ هُنَاكَ." ستة وعشرين:" وَيَجِيئُونَ بِمَجْدِ الأُمَمِ وَكَرَامَتِهِمْ إِلَيْهَا". سبعة وعشرين: " وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِسًا وَكَذِبًا، إِلاَّ الْمَكْتُوبِينَ فِي سِفْر حَيَاةِ الْخَرُوف". لاَ يَدْخُلُهَا شَيْءٌ نَجِس.

إذا كانت النجاسة قد تَوقَّفت عن الوجود حوالي سنة ثلاثين بعد الميلاد، عندما مات يسوع، فلماذا إذَن بعد ستّين سنة كَتَبَ الموحي، يوحَنَّا، عن النَجاسة على أنها لا تزال مُستمرّ في الوجود حتى زَمن بعيد في المُستقبَل، بل إنها موجودة حتّى خَلْق السماء الجديدة والأرض الجديدة ونزول أورَشليم الجديدة؟

فقط عُلماء ومعلِّمو الكتاب المقدَّس الوثنيون، غير المُهتمّين بالكتاب المقدس العبري أو التوراة أو تاريخ الكتاب المقدس، أو الثقافة العبرية، يريدون أن يَطرحوا فكرة غير سَليمة في الكتاب المقدَّس بأنّ يسوع قد قَضى على النجاسة في هذا العالَم. إذا كان قد فَعَل ذلك، فما الفَرْق بين ”العالَمَ“ وبيننا كمؤمنين؟ جاء يسوع أيضًا ليُخلِّص العالَم، أليس كذلك؟ لكن هل يَخلُص الجميع؟ لا؛ لأن الخلاص هو بشكلٍ ما شارِع ذو اتجاهَين ………… لأن الجزء الوحيد من العالَم الذي يمكن أن يَخلُص هو ذلك الجزء الذي سيُسلِّم نفسَه له. أما الباقي فلا يَخلُص؛ أما الباقي فهو مُهيأ للهلاك. نفْس الأَمِر مع النجاسة. لقد طُهِّرنا نحن المؤمنين به من النجاسة. لم يَجعَل نجاسة العالَم طاهرة. لقد كَفّر عن خطايانا ……. لم يَمْحُ خطيئة العالم ….. بعد. إذا كان قد فَعَل ذلك، فكيف يُطيِّر الأشرار الطائرات تجاه المباني العالية؟ كيف يأتي رجال يَخطِفون مُبشِّرين مَسيحيين ويَقطعون رؤوسهم بالمِنشار؟ كيف يُمكِن لبعض المؤمنين أن يَخونوا أزواجَهم؟ لماذا لا يزال تلاميذ يسوع يَكذبون أحيانًا أو يقولون شيئًا مؤذِيًا أو يتصرَّفون لمصلحتِهم الشخصية أو يَغضَبون لأنهم لا يَحصلوا على ما يريدون أو يَسعون باستمرار إلى أن يُخدَموا بدلاً من أن يَخدِموا؟ يُعرِّف الكتاب المقدَّس كل واحدة من هذه الأشياء على أنّها خطيئة وكل خطيئة على أنها نجِسة. لا يوجد شيء إسمه خطيئة طاهرة، لأن الخطيئة قد حدَثَت في مؤمن. أم أنّ المسيح أخرَجَ النجاسة من الخطيئة؟ هل فهِمتَ؟ وعندما نُخطئ نُدخِل النجاسة تلقائيًا في حياتِنا والنجاسة لا تَتوافق مع القداسة….القداسة التي تَعيش فينا…. يَهوَه.

نعم، يَستطيع يسوع أن يُطهِّرنا نحن أتباعَه وقد فَعَل ذلك. يَستطيع أن يُطهِّر أي شخص يَثِق به ولكن لا تَظنَّ للحظة أننا يمكن أن نَنغَمِس ونُشارِك في النجاسة ولا تَتأثر علاقتنا مع الله سَلبًا. استمِع إلى بولُس وهو يتحدَّث إلى الأمميين في هذا الَمقطع. الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد رسالة إلى أهل رومية تسعة عشرة على إحدى عشرة: " فَسَتَقُولُ: قُطِعَتِ الأَغْصَانُ لأُطَعَّم أَنَا!". عشرون: "حَسَنًا! مِنْ أَجْلِ عَدَمِ الإِيمَانِ قُطِعَتْ، وَأَنْتَ بِالإِيمَانِ ثُبِتَّ. لاَ تَسْتَكْبِرْ بَلْ خفْ!" واحد وعشرون: "لأَنَّهُ إِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُشْفِقْ عَلَى الأَغْصَانِ الطَّبِيعِيَّةِ فَلَعَلَّهُ لاَ يُشْفِقُ عَلَيْكَ أَيْضًا!". إثنان وعشرون: "فَهُوَذَا لُطْفُ اللهِ وَصَرَامُتُهُ: أَمَّا الصَّرَامَةُ فَعَلَى الَّذِينَ سَقَطُوا، وَأَمَّا اللُّطْفُ فَلَكَ، إِنْ ثَبَتّ فِي اللُّطْفِ، وَإِلاَّ فَأَنْتَ أَيْضًا سَتُقْطَعُ."

هذا هو المُقايضة المُباشَرة، مع تهديد. إذا استمرَّيتَ في الإيمان بالله، فسوف تتمتَّع بلًطفِه ولكن إذا ابتعَدتَ، فسوف تُفصَل. تُردِّد العديد من مَقاطع العَهد الجديد هذه المَشاعر بالضبط لأنّ هذا مُجرَّد إعادة صياغة أساسية للتوراة مع تَجدُّد الإيمان بيسوع المسيح الموعود منذ فَترة طويلة. لماذا يَكون هناك مِثل هذا التهديد إذا لمْ يكُن هذا الاحتمال موجودًا حتى؟ هل يُطلِق الله تَهديدات جوفاء؟

سنُطوِّر هذا الأمر أكثر بعد قليل، والمَقصود هو أنّ النجاسة ما زالت مَوجودة ويُمكِن أن تتلوَّث بها إن سَعَيْت وراءها وإن لم تَحمِ نفسَكَ والرَب الذي يَعيش في وسَطِك منها. وإذا تلوّثتَ بالنجاسة فإنّ ذلك سيُضِرّ، على أقلّ تقدير، بعلاقتِك مع يَهوَهْ ضررًا بالغًا.

إذًا بينما نواجِه قضايا النَجاسة في كل العَهد القديم وكما سنَفعَل خلال ما تَبقّى من الإصحاحين الخامس والسادس من سِفْر العدد، أرجوكم لا تُشغِلوا عقولَكم وقلوبَكم عنها؛ افهموا أنها قضية ليست فقط ذات أهمية تاريخية قَديمة بل هي تُخاطِبُنا نحنُ اليوم. كثيرًا ما يُقال: أي جنرال أحمق لا يُريد أن يعرِف تَكتيكات عدوِّه؟ إننا نَكون في غاية العَمى والحَماقة عندما نَعتقِد أننا مُحصَّنون تمامًا من آثار النجاسة، وبالتالي لا نَخَاف مِنها، لأنّ الكثيرين يَعتقدون بصراحة أنها لم تَعُد موجودة. لدينا كثيرون داخل الكنيسة وخارجَها يَعِظون الآن بأنّ الشَرّ غير موجود. لقد أقنَع عدوُّنا، الشيطان، الكثيرين بِعَدَم الخَوف من الله ونواميسِه، وعدم التفكير بأنّ عليهِم أن يُجاهِدوا ليَظلّوا أنقياء، على الرّغم من تَحذير بولُس وبُطْرس وحتّى يسوع بألا يُفكِّروا بهذه الطريقة أبدًا؛ في الواقع، يدعو بولس هذا التفكير بالغرور.

هذه ليست دعوة للعَودة إلى اتِّباع الناموس بمَعنى أنها قائمة من الأشياء التي يجِب القيام بها لنَيل البِرّ المُخلِّص أمام الله، بل هي دعوة إلى إدراك أنّ الخَطر باقٍ، وأنّ التوراة تُعطينا ممارسات إذا التزَمنا بها، تُضيف البَرَكة إلى حياتِنا وتُذكِّرنا بمبادئ الله وأنّ الخطيئة والنجاسة باقية وتُشكِّل خطراً دائماً على المؤمن.

أَعِد قراءة سِفْر العدد خمسة من الآية خمسة إلى عشرة

نحن على وشَك أن نَرى بعض الوحي التَدريجي هنا. الوحي الذي يَبدأ بتقديم مبدأ ربما بدا وكأنه ابتِكار من العَهد الجديد إلى أن دَرَسَنا التوراة، ولكن كما اتّضَح لنا، ليس مَفهومًا من العهد الجديد على الإطلاق.

لقد قَرأنا للتوّ حالة افتراضية لشَخص ارتكَب نوعًا من الجرائم أو الاحتيال على شخص آخر؛ ثم أَقْسَم بالله أنه لم يَفعَل هذا الأمر. لقد كَذَب على المُكلَّفين بالتحقيق في القضية وكَذَب على الله.

حتّى هذه اللحظة في التوراة كان الكذِب على الله يُصَنَّف على أنه خطيئة مُتعمَّدة، وكان التَكفير عنه إما باهظ الثَمن أو غير متوفِّر على الإطلاق. ولكن، الآن، تمّ تقديم ديناميكية جديدة بالِغة الأهمية: الإعتِراف. ما هو الاعتِراف بالضبط؟ إنه إعلان بأنك أخطأت بالفِعل في حقِّ الله، وأنّ ذلك كان خطأ وأنك نادِم على ذلك. في الواقِع الكَلِمة المُستخدَمة في الآية السابعة والتي تُترجَم دائمًا تقريبًا بكَلِمة ”اعترَف“ هي بالعبرية "في – هيتفادو" وتَعني حَرفيًا ”أعلَن“. إذًا ما يَحْدُث هنا هو أنّ المُخادِع يؤذي زميلَه الإنسان، ويكذِب على الله بشأن ذلك عن طريق القَسَم بأنه بريء، ثم يُعلِن فيما بعد عن الخطأ الذي ارتكبَه. إنّ الاعتراف ليس تَرجمة خاطئة؛ ولكن باستخدام شيء أقرَب إلى المعنى الأصلي، وهو الإقرار، نرى ما يَتكوَّن منه فِعل الاعتراف.

هذه هي ديناميكية الاعتِراف: كل خطيئة لا تُغتفَرْ أساسًا إذا لم يَتُمّ الاعتراف بها، لأن عدَم الاعتراف هو (في طريقة تفكير التوراة) كَذِب على الله والكَذِب على الله هو خطيئةٌ مُتَعمَّدة واعتباطية، لا تَكفير لها. باعترافِك لم تَعُد تكذِب على الله بل توافِقُه على أنّك قد أخطأت. الآن يُمكن التكفير عن الخطيئة. الأمر هو التالي: حالة القَلْب هي أولوية حتى في نظام الذبيحة. الإنسان غير التائب الذي يُقدِّم ذبيحة لا يُغفَر له. لم يكُن نظام الذبائح آلة لبيع الغفران. كان فعالاً فقط لمَن يَعترِف ويَتوب.

النوع المُحدَّد من الذبيحة التي نَتناولُها هنا هو الذبيحة التي تُقدَّم للتوبة. إنّه ذلك النوع من الذبيحة المُصمَّمة عندما يُخالِف شخصٌ ما الناموس، ويَجرَح شخصًا آخر (إما جَسديًا أو ماديًا)، وعليه الآن أن يَدفَع ثمنًا والثَمن هو: التَعويض الكامل للشخص المُتضرِّر بالإضافة إلى عشرين بالمئة. ويجِب على الخاطئ أيضًا أن يُقدِّم ذبيحة مُقرَّرَة للكاهن للتكفير. لذلك عندما تُرتكَب جريمة ضدّ شَخصٍ آخر فإنّ الإجراء المُعتاد هو التعويض عن الضَرر للطَرف المُتضرِّر، بالإضافة إلى غرامة تُدفَع للطرَف المُتضرَّر، بالإضافة إلى ذبيحة للتكفير،دَرْس مُكلِف. ألن يكون من الجميل لو كان ذلك مُمكِنًا اليوم في مُجتمعنا؟ يقوم شخص بتخريب مدرَسة، فيتم القَبْض عليه، ثم يجِب عليه أن يُعيد المدرسة إلى حالتِها الأصلية ويدْفَع غرامة إضافية للمدرسة. وإذا رَفَض يُصبِح مُلكاً للمدرسة. بالطبع أنا لا أدعو إلى العبودية في حدّ ذاتها، ولكن هل هذا أسوأ من سَلْب حياتِك وحرّيتِك ووضعِك في قفَص لأشهر أو سنوات؟ مَن المُستفيد من ذلك؟ في الواقع الأبرياء هم من يَدفعون ثَمن مَعيشة المُجرمين أثناء وجودِهم خلْف القُضبان. أليس من الأفضل للمُجرِم أن تتوقَّف حياتُه، ويُركِّز كل ساعة من يومه على تعويض الضَحية بالإضافة إلى الغَرامة، ثم يَتحرَّر من التزامِه؟ كما هو الحال الآن نَضَع المُجرِم في السِجن ويَخرُج أسوأ ممّا كان عليه عندما دَخَله وكل ما يَحصُل عليه المَجني عادةً هو الرِضا بمعرفة أنّ المُجرم قد عوقِب.

أمّا إذا قَتَل المَجني عليه نتيجةً لذلك أو مَضى زَمن ومات المَجني عليه لأسباب لا علاقة لها بالجَريمة، فيَبقى على المُجرِم أن يدفَع كل التعويض إلى أَقَارِبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. أمّا إذا لم يكُن هناك أقارب أحياء ليدفَع لهم التعويض، فيذهَب كل هذا التعويض إلى الكَهْنوت. كان هذا ابتكارًا آخر فَريدًا من نوعِه لدى العبرانيين. في الثَقافات والمُجتمعات الأخرى كانت المُمتلكات غير المُطالَب بها الناتجة عن انتهاك القانون أو التَعويضات التي لم يكُن هناك أقارب أحياء لاستلامها، تذهَب كلُّها إلى الدولة….. المَلِك. هنا، حسَب تعريف الله ، يَتسلّمُها الله عن طريق الكَهْنوت.

من وِجهةِ نظَر عَمليّة بَحتَة، ما يحدُث هو أنّ حوالي ستمئة ألف رَجُل انتظموا في جيش، الجيش الإسرائيليّ. وإذا كان هناك تشاحُن مُستمِرّ واستعمال اسم الله في غير مَحلِّه، وإذا لم يكُن هناك طريقة واضِحة لعَقْد السلام مع الله والوئام فيما بينهم، فإنّ الجيش سيَتفكَّك. لهذا السبب يُطرَح هذا المبدأ نفسه في العهد الجديد ويُستخدَم لشَرْح كيف سيَتمكَّن تلاميذ يسوع من العَمَل كجَماعة من أجْل ملكوت الله. يتم التَّعبير عن ذلك في إنجيل متّى بهذه الطريقة:

الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد إنجيل متىّ خمسة على ثلاثة وعشرين "فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَك".

دعونا نُعيد قراءة سِفْر العدد خمس: إحدى عشرة الى واحد وثلاثين

أَعِد قراءة سِفْر العدد خمس : إحدى عشرة الى واحد وثلاثين

هذا مُثير للإهتمام. يبدو حقًا في غَير مَكانه في الكتاب المقدس من بعض النواحي، ومع ذلك ها هو ذا، وعلينا أن نَتعامل معه.

تُغطّي هذه المَقاطع قضيّة الرَجُل الذي يَشكّ في زِنا زوجته، وفي رواية نادرة جدًا (بالنسبة للكتاب المقدَّس) يتمّ تحديد الكَلِمات الدقيقة التي يجِب أن تُقال في الطقوس لتَحديد ما إذا كانت الزوجة مُذْنِبَة. في حين أنّ هذا النوع من الأمور عاديّ جدًا في مُعظم ثقافات الشرق الأوسط، إلا أنه يكاد يَكون غير موجود في الكتاب المقدَّس، وعادةً ما يتمّ تقديم الخطوط العريضة فقط للإجراء الطقوسي، أمّا الكَلِمات الدقيقة للإيمان والصَلوات التي قد تُستخدَم فلمْ يتم تَحديدها. إنّ عدم وجود تفاصيل في التوراة لبَعض الإجراءات الطقسية هو ما سَعَت التقاليد العِبرية الأولى إلى علاجِه، لذلك يجِب علينا ألا نفترِض أنّ التقليد العبري هو بالضرورة خاطئ أو مُعارِض للكتاب المقدس. في كثير من الأحيان يكون التقليد ضَروريًا للغاية لمَلء الأجزاء الناقِصة في كيفية إقامة شعائر العبادة أو الاحتفال بعيد توراتي أو إجراء طقوس الخِتان، إلخ.

الآن تمامًا مِثل أمْر ما يَجب القيام به عندما يَرتكِب شخصٌ ما فِعلًا إجراميًا ضدّ شخص آخر، ثم يَكْذِب على الله بشأنه، فإنّ مسألة اشتباه الرَجُل في زوجته بالزِنا لا بد أن تكون مسألة شائعة إلى حدٍّ مَعقول وإلا فإنّ مكانَها البارز في سِفْر العدد لا معنى له. وبقدْر ما كانت أحكام التوراة ومَبادئها مِثالية إلى حدٍّ كبير، كانت هناك حاجة إليها وكانت عَمَلية أيضًا. إنّ حَشْر إثنين أو ثلاثة ملايين شخص معًا فجأة في مِثل هذه الظروف القاسية التي كانوا سيُواجهونَها في البرّية، وفي ظِلِّ ما كان يجب أن يكون مدينة خيام مُكتظّة جدًا فيها القليل من الخُصوصية، وفي ثقافة كان التواضُع فيها مطلوبًا ولكن كان من الصَعب الحفاظ عليه في ذلك الوقت، كان من شأنِه أن يَجعَل احتمال اتصال الرِجال والنساء ببعضِهم البعض بطُرُق لا ينبغي أن تكون، أكثر إغراءً واحتِمالاً. لذا كان لا بدَّ من وَضِع أساليبٍ للتَعامُل مع هذا الأمْر ومَنْع حدوثِه..

تقول الآية إثني عشرة: ”إذا ضلّت زوجة الرَجُل وخالفت الإيمان معه“……..

لاحِظوا الاستخدام الموازي لمُصطلح ”نَقِض الإيمان“ عندما يتعلَّق الأمر بالكَذِب على الله قَبل بِضْع آيات فقط، ثمّ هنا فيما يتعلَّق بشُبهة الزِنا بين الرَجُل وزوجتِه. كما أنّ خيمة الإجتماع هي أفضل تَمثيل أرْضي وجَسدي مُمْكن (وإن كان محدودًا) لمَسكَن الله الروحي، كذلك فإنّ الغَرَض الأساسي من الزواج هو أفضل تَمثيل أرضي وجسدي مُمكن لعلاقتِنا الروحية مع الله. يتمّ تقديم هذا المَبدأ في العهَد القديم مرَّة أخرى إلى العهد الجديد عندما نَتعلَّم أننا، كمؤمنين، نحن عروس المَسيح. الكتاب المقدس الأمريكي القياسي الجديد سِفْر الرؤيا تسعة عشرة على سبعة: "لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ وَنُعْطِهِ الْمَجْدَ! لأَنَّ عُرْسَ الْخَرُوفِ قَدْ جَاءَ، وَامْرَأَتُهُ هَيَّأَتْ نَفْسَهَا. وَأُعْطِيَتْ أَنْ تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ". يشار إلى المؤمنين، بالطبع، في كثير من الأحيان على أنهم عروس الله، المسيح.

الزِنا هو موضوع تم تناولُه في عدَّة نِقاط في الكتاب المقدَّس. وهذا لأنّ الزواج هو نَموذج مُهمِّ لعلاقة الله بالبشر. ولكن الزِنا كان مُشكلة شائعة بدأت في أجيال قليلة بعد آدم وحواء، وقد تمّ القضاء على هؤلاء الزُناة مع الطوفان العظيم، ولكن بعد أجيال قليلة من نوح عاد الزِنا مرة أخرى شائعًا جدًا. لذلك فإنّ جميع الشرائع القديمة التي حَالَفنا الحَظّ في الكَشْفِ عنها (بعضُها يعود إلى زَمن سابق لإبراهيم) تَحتوي على قوانين وإجراءات تتعلَّق بالتعامُل مع الزِنا، لأنه حتى الوثنيين أدركوا الخَطَر الذي يُمثِّله الزِنا على المجتمع.

عندما نفحَص الوثائق المَرْيَميَّة وشريعة حمورابي وبعض الشرائع القانونية القديمة الأخرى نَجِد أنه لم يتمّ التعامُل مع الزِنا كجريمة وعِقاب، بل كان يتم التعامُل معه بشكل غير رَسمي كمسألة دينية/شخصية. قد يُفاجئك أن تعْلَمَ أنّه على الرغم من كلّ هذه الاحتفالات والولائم التي أقامَها الآلهة أنفسهم، وكلّ الحَفلات الجنسية الشائنة بين الآلهة والإلهات، فإنّ الزنا بين البَشر كان لا يزال يُعتبَر خطأً ومسألة خطيرة للغاية. والواقع أنّ أغلَب هذه الثقافات كانت تنظُر إلى الزِنا باعتباره إهانة للآلهة، ربما بقدْر ما يَنظُر إليه الزوج على أنه تَصرُّفٌ غير لائق تجاه زوجتِه أو العَكْس.

في معظم الأحيان، كانت الزوجة هي المُتَّهَمَة لأن هذه الثقافات شرق الأوسطية كان يُهيمِن عليها الذكور، وفي معظم الأحيان كان للزَوج الحقّ القانوني في قَتْل زوجتِه إذا تمّ ضبطُها مُتلبِّسة واختار الزوج قَتْلَها. ولكن يبدو أنّ هذا لم يحدُث في كثير من الأحيان؛ ففي معظم الأحيان لم يكُن الزوج يَقتُل زوجته بل كان يَكتفي بتطليقها أو يُخفِّض من مكانتها بين زوجاته ومَحظياته أو شيء من هذا القبيل.

لكن الأمر كان مُختلفًا تمامًا مع بني إسرائيل. كان الزِنا جريمة وكان جِزءًا من شريعة القانون مِثل الَقتْل أو السرقة. جَعَلَت شريعة اللاويين العقوبة الوحيدة المُمكِنة للزِنا هي الموت. لم يكُن هناك خيار الرَحمة أو عقوبة أقَلّ وهذا هو سبب صعوبة التعامُل مع هذه الآيات في سِفْر العدد، لأنّ المرأة في هذه الحالة لن تُحكَم بالموت حتّى لو ثَبُتت إدانتُها.

سأقول لك بصراحة أنّ معظم عُلماء العَهد القديم اليهود والمسيحيين السائدين يقولون أنّ سِفْر العدد خمسة قد خَضَع لقليل من التَنقيح؛ في الواقع إنه عمليًا إجماع. مع ذلك فإنّ معظمَهم سيقولون أيضًا أنّ ما نقرأه هنا في التوراة يَتماشى في الأساس مع بَقية سِفْر العدد، وبالتالي فإنّ هذا ليس فَصْلاً أُضيف لاحقًا أو تمّ تَعديلُه إلى حدّ كبير. دعونا نَتعامَل مع مُشكلة لماذا لا يَتشدَّد سِفْر اللاويين في وجوب إعدام الزوجة الزانية؛ ولكن هنا في سِفْر العدد، يحدُث العَكْس تمامًا؛ الزوجة الزانية لا تُقتَل.

في سِفْر اللاويين يُفترَض أن تكون الزوجة قد ضُبِطت مُتلبِّسة بالجُرم المشهود أو أنّ الأدلَّة ضدَّها دامغة بحيث لا يوجد شَكّ على الإطلاق، ولذلك فقد اعتَرَفَت. المِفتاح هنا هو أنّ الرِجال قد شَهِدوا على ذلك، والزوجة قد اعترفَت بذلك، إذن فالمسألة هنا مجرد مسألة رجال يُنفِّذون القانون. لا توجد مُحاكمة في حدّ ذاتها، ولا يوجد وَجْهان للقِصّة. تَحديد الحقيقة ليس مَوضِع خلاف. إنها قضيّة مَحسومة.

لكن الأمْر مُختلِف في سِفْر العدد خمسة. هنا قيل لنا أربع مرات مُختلفة أنّ الزوج لم يكُن إلا مُرتابًا أو غيورًا وأنّ الزوجة تدَّعي البراءة. فهل يَتمّ ذلك؟ بما أنّ العُرف السائد في تلك الحَقبة كان أنّ الزِنا مسألة دينية/شخصية، وأنّ الزوج يَستطيع أن يقتُل زوجتَه إذا اقتنَع أنها تَخونُه، وأنّ القانون لن يُلاحقَه إذا فَعَل ذلك، فمِن المُحتمَل أن يكون قد حدَث ذلك كثيرًا. وَضَع سِفْر العدد خمسة حدًا لذلك لأن هذه الآيات تدعو إلى المُحاكمة أمام الله. وبما أنّ الله هو الشاهد الوحيد، إذن كان على الله أن يُقرِّر. ولكن كيف تُعرَض القضّية على الله، وكيف يَجعَل قرارَه مَعروفًا للبشر؟ لقد تمّ ذلك عن طريق المُحاكمة بالتعذيب باستخدام المياه، مُحدّدة بعناية على المرأة، ثم أنّ كلّ ما حَدَث للمرأة بمرور الوقت نتيجةً للطقوس يُشير إلى قرار الله.

هذا هو المكان الذي تُصبح فيه الأمور بَغيضة جدًا من الناحية اللاهوتية. فالماء السِحري أو المقدَّس الذي يَشربُه شخصٌ ما، ثم يَحْدُث شيء ما أو لا يَحْدُث للدلالة على الذَنِب أو البراءة كان مُمارسة وثنيّة مُعتادة في أكثر الثقافات تقدُّمًا. وقد مارسَها الهنود الحمر الأمريكيون وكانت أيضًا أساس مُطاردة الساحرات الأمريكيات في وقت مُبَكّر، حيث كانت الساحرة المُشتبَه بها توضع على مِقعد مَغْطَس وتَغطُس في الماء، فإذا غرِقت فهي مُذنبة وإذا نجَت فهي بريئة، ولا شكَّ أنّ نفْس هذه العقليّة ونظام المُعتقدات لعبِا دورًا في حادثة العِجل الذهبي حيث تمّ طحِن ذهَب الصَنَم ووضعُه في الماء، وكان على المُشتبَه في مشاركتهم في بناء الصنم أن يشربوه.

إنّ إجراء مِحنة الماء الموجود هنا في سِفْر العَدد يكاد يكون مُتطابقًا مع الإجراءات الموجودة في نصوص القانون في الثَقافات القديمة الأخرى في تلك الحَقبة. في نَصّ آشوري وَسطي يوجد قانون يَقول ”يسحبون الماء ويَشربون ويَحْلِفون ويكونون أنقياء“. وفي وثيقة ماري… ”كانوا يَأخذون التُراب الذي تحت عَضادة باب ماري ويُذيبونه في الماء ثم يَشربونه. هكذا قال إيا: ”أقسِموا بالآلهة“. هذا يُشبه إلى حدّ كبير ما نقرأه هنا في سِفْر العدد.

بالإضافة الى ذلك، كان الإطار الأساسي لشَريعتَي ماري وحمورابي يَتضمَّن مزيجًا من الحُكم المائي والقَسَم الذي يجب أن يُقسَم به. وكان المفهوم الأساسي هو أنّ الشخص المُتَّهم الذي كان يشرَب الماء السِحري يُقسِم يمينًا للآلهة، وإذا كان قد فَعَل ما اتُّهِم به، فإنّ بعض الأشياء السيئة ستحدُث تلقائيًا لأجسادِهم نتيجة لذلك وإذا لمْ تَحْدُث هذه الأشياء السيئة فإنّ ذلك كان دليلاً على البراءة.

اقلِبوا أناجيلكم إلى يوحَنَّا الإصحاح ثمانية.

اقرأ يوحَنَّا ثمانية من واحد الى إحدى عشرة

لاحِظوا أن شيئًا مختلفًا جدًا قد حَدَث هنا فيما يتعلَّق بالزنا. لقد قال الفِريّسيون على حقّ أنّ التوراة تطلُب الموت لهذه المرأة لأنها كانت خاضِعة لشريعة اللاويين التي كانت تتعلَّق بامرأة ضُبِطت مُتلبِّسة بالزِنا. هذا هو السبب في أنّ البيان أنها ”ضُبِطت مُتلبِّسة“ هو أمرٌ أساسي للغاية؛ وإلا لكانَ القانون في سِفْر العدد خمسة قد طُبِّق….. قانونٌ لا يَسْمَح بأن يُعاقِب على فِعل الزِنا المُشْتَبَه به ولكن غير المُثَبَّت. لكن يسوع يقول اذهبوا ولا تخطئوا بعد ذلك؛ لن أُدينَكم.

الإدانة لا تَعني فقط أن أجِدك مُذنِبًا، بل تعني تحديد العقوبة. لا تعني، كما هو الحال في مُجتمعنا الحديث، أن تُعلِن أمام العالَم كلِّه أنّ ما فعلتَه كان خطأً….. أن تقِفَ ويَهزَّ الناس أصابعهُم بشكل جماعي عليك ويُهينوك. كَلِمة ”إدانة“ تعني حقًا أن يتمّ تَعيين عقوبة الإعدام. لعنة الناموس هي الإدانة على العِصيان. اللعنة هي الإدانة. الإدانة تَعني الحصول على عقوبة الإعدام. لعنة الناموس ليست الناموس نفسه؛ إنها عقوبة الموت التي تأتي من انتِهاك الناموس. كان يسوع يقول للمرأة: ”أنا هنا لا أطبِّق عليك عقوبة الموت رغمَ أنَّكِ تَسْتَحِقّينها“.

الآن أنا غالبًا ما أخرُج عن طريقي لأشرَح ما كانت تَفعلُه الثقافات الوثنية وكيف كانت تُفكِّر؛ لأنني لا أريد أن أفعَل ما يفعلُه الكثير من علماء الكتاب المقدس والقساوسة المُرتبكين عندما يواجهون أشياء مِثل مِحنة الماء للمرأة المُتَّهمة في الكتاب المقدس: أحوّلها إلى قصة رَمزية وأجعَل المشكلة تَختفي في شاحنة مليئة بالمُصطلحات والعبارات المسيحية اللطيفة التي لا علاقة لها في النهاية بما كان يحدُث في الواقع. نحن نرى في سِفْر العدد خمسة، أصداء المُمارسات القديمة والوثنية بين العبرانيين؛ وفي هذه الحالة يتعلَّق الأمْر بمحاولة تحديد ذَنْب أو براءة هذه المرأة المُشتبه بها في الزِنا. لقد أخبرتُكُم في عدَّة مناسبات أنه إذا أردنا أن نفهَم ما يَحْدُث في الكتاب المقدَّس، فعلينا أن نَأخذه في سياق الشعب والثقافة والأزمنة التي كُتِب فيها. وبينما أعلَن يَهوَهْ أنّ هذا الشعب الإسرائيلي مُقدَسًا من قِبل يَهوَهْ، وأن يَهوَهْ قد خَصّصه لخدمتِه، إلا أنه كان وثنيًا تمامًا في طرُقه وعاداته وتفكيرِه. الآن هذا الوحي قد يُزعِج اليهود والمسيحيين على حدٍّ سواء، لكن هذا هو الحال والكتاب المقدس يتحدَّث عنه باستمرار والأنبياء يُحذِّرون بني إسرائيل باستمرار أن يتوقَّفوا عن ذلك!

أريد أن أذكِّرَكم أنّ الله نفسه أوضَح أنه لم يَختَر بني إسرائيل لأنهم كانوا شعبًا أكثر إيمانًا (لم يَكونوا كذلك)، أو لأنهم تَجنّبوا الآلهة الأخرى (لم يَفعلوا ذلك)، أو لأنهم تَصرّفوا بطرُقٍ أكثر تَحضُّرًا أو لأنهم كانوا أكثر لُطفًا من الأكثرية ………. (ما من شيء من ذلك يمكن أن يَصِف بني إسرائيل بشكل مُناسب) …… لقد اختار الله بني إسرائيل لأسبابه الخاصة (والتي لم يُشاركْها مع البشر)، وليس بسبب أي استحقاق من جانبِهم. وإذا كنا صادقين في ذلك، فإن يَهوَهْ اختار عادةً الأشخاص الأقل حظًا في النَجاح، وليس أولئك الذين يَتمتّعون بأكبر قَدْرٍ من الثبات أو القوة الداخلية. الأمْر نفسه بالنسبة لنا نحن المؤمنين بيسوع؛ لقد كنّا وَثَنِيين وضُعَفاء وعِرضة للشرّ مِثل أي شخص آخر، لكنه سَمَح لنا بالدخول إلى المَلكوت وبخدمتِه، على أي حال، لأننا اتَّفقنا معه في قضية واحدة: يسوع المسيح.

كما أنّ معظم العبرانيين القدماء استَمرّوا في التَصرّف بطريقة وثنية مِثل جيرانهم على الرغم من أنهم شهِدوا شخصيًا مُعجزات الله وحضورِه المُذْهِل ووافقوا على اتباع التوراة، كذلك الكثير من المَسيحيين يَقبلون المسيح، ولكن عَدا عن حضورهم الى الكنيسة يوم الأحد، يَستمرّون عمومًا في نَفْس أنماط حياتهم ويَتّخذون نفْس أنواع القرارات ويُشبهون العالم تمامًا في الأيام الستة الباقية من كل أسبوع، أي ستة أيام وثلاثة وعشرين ساعة.

لهذا السَبب نحن بحاجة إلى أن نأخُذ الكتاب المقدس في مُجملِه ونَقبلَه كما هو. إنه يقول الحقيقة، الحقيقة الصريحة، وأحيانًا لا تكون الحقيقة لطيفة وأنيقة أو جميلة أو كما كنا نأمل أن تكون ولكن تمامًا كما استخدَم الله انحِطاط الإمبراطورية الرومانية المُتطرِّفة والشريرة كأداة لنشر الإنجيل بعد موت يسوع وقيامتِه…. وكما يَستخدِم حاليًا هَوَس أمريكا الشريرة الخارجة عن السَيطرة بالثروة والأمور المادية وذاتهم لتمويل المُبشِّرين والقيام بأعمال أخرى لخَير مَلَكوته …….. كما استخدَم أيضًا تواطؤ العبرانيين القدماء وقُرْبهم من الوثَنية لتحقيق أغراضِه، لقد استخدَم الله دائمًا شرّ البشر للخَير. بعد كل شيء لم يكُن لدى يَهوَه سوى أداة واحدة مِثالية للعَمَل بها على كوكب الأرض ….. يسوع؛ كل ما تَبقّى منا مُعيب وربما يجب قَلبُه للإبراء.

لذلك دعونا نُراجع بسرعة هذه المِحنة المائية للمرأة المُشتبه بها في الزِنا … الطقوس تسير هكذا:

واحد-يأتي الزَوْج الغَيّور بالزوجة المُشتبَه بها إلى الكاهن مع تقدمة من الشعير،

اثنان- يأخذ الكاهن المرأة ويَضعُها أمام خيمة الاجتماع، وهذا هو المقصود بإحضارها ”أمام الرَب،

ثلاثة- يَضَع الكاهن الماءَ المقدَّس في وعاء خاص، ويَخلُط معه تُراب أرض خيمة الاجتماع،

أربعة- يُناوِل الكاهن المرأة الشعير ويَفُكُّ شَعرَها،

خمسة- ثم يَقِف الكاهن أمام المرأة وهو مُمْسك بإناء الماء المقدس ويتلو قسَماً، وتُوافق المرأة على أحكام القسَم بقولِها ”آمين، آمين“.

ستّة- يقوم الكاهن بعد ذلك بكتابة القَسَم الذي نَطَق به للتو، ثم يَغسِل الحروف المَكتوبة حديثاً من على السَطح في نفْس الإناء الذي يَحمِل الماء المقدس والتراب،

سبعة- يأخُذ الكاهن من المرأة الشعير الذي كانت تَحمِله ويقدِّمه ليَهوَهْ كذبيحة مِحرَقة على المذبح.

ثمانية- الآن تشرَب المرأة مزيج الماء المقدس والتراب والحِبر.

تسعة- أمور مُعيّنة تَحْدُث للمرأة إذا كانت مُذْنِبَة ولا يَحْدُث شيء إذا كانت بريئة.

الأمور المعيّنة“ التي ستَحْدُث للمرأة المُذنبة هي أمور مَحجوبة بعض الشيء لأن التعابير العبرية مُستخدمَة. يقول الكتاب المقدس أنها إذا كانت مُذنبة ”يَندمل فَخْذُها ويَنتفخ بطنُها“. لدينا في الكتاب المقدّس العبري الكامل، المعنى أفضل قليلاً عند التركيز: أعضاؤها التناسلية ستَذبَل. الفَخِذ هو مصطلح عبري للأعضاء التناسلية …. ذكَرْ أو أنثى.

في الواقع هذا مَنطقي للغاية. في فِعْل الزنا، باستخدام أعضائها التناسلية، أخطأت المرأة، وبالتالي فإنّ أعضاءها التناسلية هي التي ستَتحمَّل العقاب. ومعنى ذلك أنها إنْ كانت حاملاً من الزِنا سيموت الجَنين، وإن لم تكُن حاملاً فستُصبح عاقراً بقيَّة حياتها، وَلْيَكُنِ الْأَمْرُ وَاضِحًا: لَا يَفْعَلُ إِنْسَانٌ بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ شَيْئًا في جَسَدِهَا حَتَّى تُسْقِطَ وَلَدَهَا أَوْ تَصِيرُ عَاقِرًا. هذا الخليط من الماء والتراب والحِبِر ليس مَسمومًا ……… ولا يُسبِّب ضررًا (على الرغم من أنّ طعمَهُ ربما لا يكون جيداً)، بل إنّ النتيجة النهائية هي حُكم الله الخارق للطبيعة، الذي تكون عناصره مُغطاّة بالطقوس وبمزيج الماء الذي ستَشربُه.

ما قد يكون من الصَعب على الناس في عَصرِنا فَهمُه هو التدمير الذي كانت تَشعُر به المرأة في ذلك العَصر عندما تُصبِح عاقرًا. كان ذلك مُعادِلاً أنثويًا لخَصي الذَكَر الذي فقَد رجولتَه ………………………. وأصبَحَ مَخْصِيًا. تكون قد فَقدَت المرأة العاقر قيمتها كإنسانة لأن إنجاب الأطفال كان له علاقة بروح أو جوهر الأب الذي يَستمِرّ (بطريقة غامضة وغير مُحدَّدة) في ابنه بعد موت الأب. حتّى أنّ الأطفال كانوا وسيلة للثروة ومِقياسًا لها، لأنه كلَّما زاد عدد الأطفال كلَّما زاد العَمَل الذي يُمكن القيام به لصالح الأسرة. وبما أنّ العَمَل كان عادةً إمّا رعاية المحاصيل أو الحيوانات، فإنّ كثرَة الأولاد كانت تعني عادةً إمكانية زراعة المزيد من الأراضي ورعاية المزيد من الحيوانات. كان الابن ضروريًا لتَمرير سُلطة العشيرة وإسمها. كان فَشَل المرأة في أداء واجبِها في جَلْب حياة جديدة إلى العالَم هو أقصى درجات الإذلال والتوبيخ الصَريح من الله ………………….. وليس مجرد حَلقَة حزينة في حياتها ستتَعامل معها مع مرور الوقت.

في النهاية، ولأنه كان يُفترَض أنّ المرأة عاقِر لأن الله لَعنَها، كانت في الغالِب أقلّ مكانة من النساء الأُخْرَيات ومَنبوذة اجتماعيًا.

لذلك فإنّ إعلان الله الذَنْب على المرأة المشتبه بها في الزِنا بِجَعل أعضائها التناسلية غير صالحة للإستخدام ربما كان يأتي في المَرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد الموت بالنسبة لها. سنواصِل في الأسبوع القادم مُقارَنَة ذلك بقصة المرأة المُتَّهمة بالزنا والتي أحضَرَها بعض الفِريّسيين إلى يسوع لنرى ماذا فَعَل بشأنها.