26th of Kislev, 5785 | כ״ו בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » الخروج » الدرس الثامن عشر – تكملة الإصحاح عشرين
الدرس الثامن عشر – تكملة الإصحاح عشرين

الدرس الثامن عشر – تكملة الإصحاح عشرين

Download Transcript


خروج

الدرس الثامن عشر – تكملة الإصحاح عشرين

نُواصل اليوم إلقاء نظرة عَميقة ومفصّلة على ما يُسمّى في الكنيسة بالوصايا العشر. كيف يُمكن أن توصَف أيقونة مِعيارية للكنيسة المسيحية مِثل الوصايا العشر بأنها مُثيرة للجَدل؟ هذا ما بدأنا به الأسبوع الماضي في دِراستنا للإصحاح عشرين من سِفر الخروج. ما اكتشفناه هو أنه حتى عنوان "الوصايا العشر" هو في حدّ ذاته ليس فقط مختلقاً ولم يَظهر أبداً في الكتاب المُقدّس، ولكن كَلمة "وصية" أو "وصايا" أيضاً لا تَظهر أبداً فيما يتعلق بهذه التعليمات. الكلمة العبرية التي تُترجَم عادةً إلى "أمر" أو "وصية" هي "متزفاه". وميتزفاه تعني "حِكم"، مثل حِكم القاضي في قضية قانونية. ميتزفاه ليست من الناحية التقنية القانون الأصلي، فهي ليست أمراً.

بدلاً من ذلك، تُستخدم كلمة دبار، ودبار تعني "كلِمة". لذا، فإن الترجمة اليونانية لهذه العبارة العبرية صحيحة: الوصايا العشر، أي الكلمات العشر. هذا ليس بالأمر البسيط؛ لأن ما يُسمّى بالوصايا العشر هي عبارة عن أقوال من الرب، وهي المبادئ الأساسية التي تَنْبثق منها كل شرائع التوراة التالية.

الخلاف الثاني الذي ناقشناه يتعلق بترقيم الوصايا أو الكلمات. لقد وجدنا أن الوصيّة الأولى في الكتاب المُقدّس الأصلي لم تَكن "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي"، بل كانت "أنا سِفر إلهك الذي أخْرجك من أرض مصر". إذاً، أول بيان أو مبدأ لله هو تعريف نَفسه بأنه سِفر. كان هذا مهمّاً وضَرورياً للغاية لأن كل الآلهة كانت لها أسماء، وكان على المرء أن يعرِف من هو الإله الذي كان يوصِل تعليماته؛ وهكذا أطلق إله العبرانيين على شعب إسرائيل إسمه: "يهو-هيه-فاف-هيه". لن نَدخل في جِدال طويل حَوْل نُطق هذا الإسم لأن هناك آراء معقولة مُتباينة حَوْله، ولكن منذ توقَّفَ اليهود، حوالي عام ثلاثمئة قبل الميلاد، عن نُطق إسم الرب، فُقِدت أصوات حروف العلّة المُستخدمة، لذلك يَصعب على أي شخص أن يدّعي على وجه اليقين أنه يَعرف كيف كان يُنطق.

مهما كان الأمر، فإن عِبارة "لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" كانت الوصية الثانية الأصلية. في وقت ما قبل السَبي البابلي، تَوقّف اليهود عن التّعامل مع عبارة "أنا سِفر الذي أخرجكم من أرض مصر" كواحدة من الكلمات العشر. بعد بابل، بدأ الحُكماء اليهود مرّة أخرى بإدراج "أنا سِفر إلهك……" كوصية أولى ومع اقتِراب فترة الهيكل الثاني استُبعدت مرّة أخرى وتَكرّرت هذه الوَصية على مَرّ القرون. في وقت لاحق، تبنّى المسيحيون التقليد اليهودي المتقطّع والصيغة اليهودية في جعْل الوصية الثانية هي الأولى ولكن لأسباب مختلفة تماماً؛ فالوصية الأولى الأصلية كانت تُوَجِّه هذه الوصايا العشر صراحة إلى بني إسرائيل، وبما أن قُسطنطين كان قد اعتَبر الكنيسة رسْمياً ديانة أُمَمية، كان لا بُدّ من حَذف ذِكر إسرائيل إذا كانت الكنيسة الجديدة المُعادية لليهود سَتَعتبِر الوصايا العشر تَخُصّ المسيحيين.

حسناً، لا تنتهي الخِلافات عند هذا الحدّ. اليوم سوف نتناول الوصايا الحالية، أو بالأحرى "الكلمات" نفسها ونَتعمّق في المعنى الذي كانت تَحمِله في الأصْل في الثقافة العِبرية التي أُعْطِيَت لها.

دعوني أقول في البداية أننا سَنتناول بعض الموضوعات الصّعبة والحسّاسة خلال الأسبوعين القادمين. هدفي هو أن أناقشها معكم بأكثر طريقة غير مُهينة ومُحبَّبة وصادقة مُمْكنة. مع ذلك …..لا يُمكِننا بِبساطة أن نتجنّب التحدّيات التي تُمثلها هذه المبادئ ولا يُمكننا بِبساطة أن نستمرّ في القول من ناحية كم نؤمن بهذه المبادئ الإلهية في الكتاب المُقدّس ومن ناحية أخرى نَتجاهلها، ولا يُمكننا أن نقرّر أن نَحترم تقاليدنا العالية والمألوفة…… سواء كانت تقاليد يهودية أو مسيحية أُمميّة….. فوق المعنى الواضح والتعبير عن الكتاب المُقدّس، خاصة عندما يبدو أنها تتعارض.

في بعض الحالات سَيكون هناك ما أعْتقد أنه إجابات وحُلول نهائية تماماً؛ وفي حالات أخرى ستكون هناك ظلال رمادية عميقة باقية. لكن في جميع الحالات أُريدنا أن نُغادر هذا المكان اليوم ونحن نُحبّ الرب وبَعضنا البعض بِنفس القدر أو أكثر مما كُنا عليه عندما دَخلنا.

أعِد قراءة سِفر الخروج إثنين على عشرين

الكلمة الأولى:

هنا الله، سِفر، يوضِح لموسى وبني إسرائيل من الذي يتكلّم. تذكّر أنه في ذلك الوقت لم يكُن شعب إسرائيل بعد قد اسْتوْعب تماماً مَفهوم أنه لا يوجد سوى إله واحد في كل الوجود. يقول سِفر أيضاً بِوضوح شديد، أنه هو إله العبرانيين وهو نفسه الذي ضَرب مصر وأنقذ بني إسرائيل من مصر وأتى بهم إلى هنا، إلى جبل سيناء. بالتالي، فإنه يَقطع هذا العهد مع بني إسرائيل وليس مع أي شخص آخر، ولكننا سَنجد ونحن نَدرس العهد الموسوي، أنه يمكن للأجانب، الأُمميين، أن ينضمّوا إلى بني إسرائيل وأن يُعتبروا مواطنين من الدرجة الأولى. بعبارة أخرى، هذا العهد مع بني إسرائيل وكل من يَنضمّ إليهم. هذا ليس شيئاً جديداً بِصراحة. إن هذا الحكم الخاص بانْضِمام غير الإسرائيليين إلى بني إسرائيل وتَطعيمهم وتَبنّيهم كان أيضاً جِزءاً من العهد الذي قَطعه الربّ مع إبراهيم.

يوضِح الربّ أيضاً أمراً آخر بِشكل جيّد جداً وعلينا جميعاً أن نُلاحظه: هؤلاء الناس الذين افتداهم الرب لديهم التزامات تِجاهه، ومن بين هذه الالتزامات الولاء والطاعة لِمبادئه وفَرائضه وهذا يطرح مبدأً كثيراً ما ننساه: أوامر التوراة وكل تعاليم الكتاب المُقدّس (بما في ذلك تعاليم مخلّصنا) هي فقط للمخلَّصين. إن اتباع مبادئ الرب وأوامره دون أن يُخلّص أولاً هو أصْدق تعريف للناموسية ولكن بالنسبة للشخص المخلّص فإتباع أوامر الرب هو الاستجابة الطبيعية والمتوقَّعة.

هناك مَبدأ أساسي آخر يَلعب دوراً هنا: كنتيجة لِقبولنا خلاص الرب، إننا نأخذ على عاتقنا التزامات مُعيّنة لا يَملكها بقيّة العالم. يقول سِفر: أنا أخرجتكم من العبودية والآن إليكم ما أتوقّعه منكم. لا أستطيع أن أُخبركم كم يُحزنني أن الكثير من المؤمنين يعتقدون بِصُدق أن خَلاصهم هو آخر "عمل" أو "التزام" عليهم تجاه الله لأن خلاصنا ليس عملاً من أنفسنا أو من أي إنسان في المقام الأول: خَلاصنا هو مئة بالمئة عمل الرب.

أعد قراءة سِفر الخروج ثلاثة على ستة الى عشرين

الكلمة الثانية:

يجب أن تُسجَّل هذه كواحدة من أهم الوصايا من بين كل الوصايا وكالمبدأ الذي قد يكون المبدأ الأكثر انْتهاكاً باستمرار من قبل شعب الله في كل الكتاب المُقدّس. ذلك لأن الطبيعة الخبيثة لعِبادة الأصنام تَظهر بطُرق لا يتوقّعها شعب عصر الكتاب المُقدّس ولا نحن المعاصرون.

لاحظوا أن هناك أربعة مبادئ مُحدّدة في الكلمة الثانية: أ) لا آلِهة أخرى، ب) لا تَصنعوا صُوَراً أو رُموزاً للألوهية، ج) لا تعبدوا صُوَراً أو رموزاً ، د) هناك عِقاب على مُخالفة المبادئ الثلاثة السابقة وهذا العقاب سَيتجاوَزكم في الزمن وسَيؤثر على أبنائكم. إن قَوْل سِفر لبني إسرائيل أن لا يكون لهم آلهة أخرى ليس مجرّد قَوْل غريب. كان الشعب العبراني يَعتقد قَطعاً أن هناك آلهة أخرى في الوجود….آلهة كانت آلهة لأُمم وشعوب أخرى. في ذلك الوقت، كان مفهوم بني إسرائيل لما قَصده الله بهذا، هو أنه هو الإله الوحيد المَسموح أن يكون لهم.

ما هو أساسي لِفهم الكلمة الثانية هو أنه في حين أن النّهي عن صُنع الصُوَر المنحوتة والتماثيل المنحوتة يَنطبِق بالتأكيد على أي إله، حقيقي أو مُتخيَّل، فإن هذا القول يَشمل، بل قد يشير في الواقع في المقام الأول، إلى صُنع تماثيل لإله إسرائيل؛ والسّبب في هذا التحريم ضدّ صُوَر الآلهة هو أمران: أولاً لا يمكن أن يكون أي تمثال لسِفر مُناسباُ أو مُقدساً بما فيه الكفاية، وثانياً أن الرب ليس من هذا العالم وبالتالي لا شيء يُمكن أن يَصنعه الإنسان من عَقله أو بِيَديْه ولا شيء يُمكن أن يوجد في عالم مادي مُجرّد أن يُجسّد صورة الله. الرب ليس جزءاً من هذه الخليقة. إنه ليس مادياً. هو أعلى من كل الأشياء بما أنه هو خالق كل الأشياء وهو ليس في كل الأشياء. إنه مُختلف تماماً عن أي كائن أو كيان أو شيء آخر. لذلك فإن أي مُحاولة لتمثيل صورَته هي مَحْض حماقة وغير دقيقة وهو يَصفها هنا في سِفر الخروج عشرين على أنها ضُدّ إرادته.

الآن، هذه (الكلمة الثانية) تُواجهني شَخصياً… إنها تَصْطَدِم بي مباشرة (وقد تَصْطَدِم بكم أيضاً) …. وفي بعض النواحي أتمنّى لو لم تفعل. لقد قيل لنا في هذه الآيات، بشكل واضح إلى حدّ ما وبدون أي مجال للمراوغة على الإطلاق، ألا نَصنع أي تمثال للألوهية (وبالتأكيد ليس الألوهية المُقدّسة) يتضمّن تصويراً لأي شيء في السماوات أو أي شيء يعيش على الأرض اليابسة أو أي شيء يعيش تحت البحر. كان هذا مَفهوماً ثَورياً بالنسبة للعالم في ذلك الوقت ولم يَعرف العبرانيون حقاً كيف يَقبلوا هذا الأمر. كان لكلّ إله معروف منذ أن فَسدت البشرية حتى وقت الخروج، نوعاً من تمثيل مَرئي مألوف…..وفي الواقع طَلبوا مِثل هذا التمثيل….. اسْتناداً إلى بعض المخلوقات أو الأشياء التي حَدَثت في الطبيعة. عادةً ما كان نجماً أو شمساً أو هلالاً أو حيواناً من نوع ما..…وفي كثير من الحالات كان شَكلاً بشرياً أو شكلاً هَجيناً من الحيوان والإنسان. كان العقل في تلك الحَقبة يَعتقد أنه إذا لم يَكُن للمرء إله مَرئي ليعبده، فكيف يُمكن للمرء أن يَعبده أصلاً؟

على الرغم من أنه في كثير من الأحيان كان الحيوان أو الشيء الذي تمّ اخْتياره لِتمثيل إله مُعيّن هو ما كان الناس يَتصوّرون أن هذا الإله يبدو عليه بالفعل، إلا أنه في كثير من الأحيان كان الشّكل يُمثل بِبساطة بعض صِفات أو قُدرات هذا الإله. كان الثور يُمثّل القوة وكان الضفدع يمثل صِفات الماء التي تمنح الحياة وكان النِّسر يُمثّل العَظمة السامية، وفي كثير من الأحيان إذا كان للإله صفات متعدّدة يتم استخدام عدة رموز مختلفة لنفس الإله، وقد تختلف الرموز للإله الواحد حتى من منطقة إلى أخرى وقد تتغيّر بِمرور الوقت وتَميل إلى أن تَعكس التقاليد الثقافية للمُجتمع.

لكن هنا لأول مرّة يوجد إله، سِفر، يَجعل التعليمات التي لا يُمكن تعديلها أن لا يُصنع أي تمثال أو رَمز من أي نوع لِشخصِه. ربما لن يختلف أحد في هذه القاعة مع هذا التفسير لهذه الوصيّة.

إذا نَظرْنا إلى التاريخ سَنرى أنه نادراً ما يأتي رَمز جديد بالكامل. لقد أثبت البشر أنهم مُقلِّدون أفضل من كَوْنهم مُبدعين. في معظم الأحيان تتبنّى ثقافة ما بِبساطة رَمزاً من ثقافة أخرى أو ثقافة سابقة، وربما تجري تغييراً طفيفاً على الرّمز لِجعْله رمزاً خاصاً بها، ثم تضيف إليه معنى جديد. يمرّ الوقت وسُرعان ما يَفقد المُستخدم الجديد لهذا الرمز القديم أي فكرة عن مَصدرِه في المقام الأول أو أنه ليس بأي حال من الأحوال اخْتراعاً فريداً لثقافته. هكذا هو الحال مع الرّموز التي يبدو أن البشريّة، لِسبب ما، لا تستطيع الاسْتِغناء عنها، فالبَشر مَخلوقات ذات تَوجّه بَصري.

كانت عِشتار إلهة الخُصوبة (وللأسف هي أيضاً مَصدر الإسم والعديد من التقاليد لعيد الفصح). كان لها العديد من الرّموز ولكن أكثرها كان الأرْنب، وبشكل عام لم يَعتقد أولئك الذين كانوا يَعبدون عشتار أنها كانت أرنباً صغيراً لطيفاً أو أنها كانت تُشبه الأرنب، بل لأسباب واضحة إلى حدّ ما، هي أن الأرنب كان بِبساطة رَمزاً مناسباً لِسِمة عشتار الأساسية: الخُصوبة.

عِشتار ما هو إلا الإسم الأوروبي الغربي "أستارت"؛ و"أستارت" ما هو إلا الإسم اليوناني للإلهة الكنعانية التوراتية عَشتوريث. كلّها واحدة في نفس الوقت. تُبيّن لنا الأسفار المُقدّسة أن هذه الإلهة الأرْنبية الخياليّة عشتوريث كانت تمثل مُشكلة دائمة لبني إسرائيل، لأن العبرانيين كانوا من وقت لآخر يَعبدون عشتوريث، وبطبيعة الحال أدان سِفر هذه المُمارسة (وبني إسرائيل لعبادتها). والآن، أشكّ في أن أحداً قد يُجادل في أن هذا مثال رئيسي لما يتحدّث عنه الله في أمرِه التحريمي ضدّ صناعة واستخدام الرموز والصُوَر.

حتى الآن، هذا جيّد جداً؛ ولكن، هنا يُصبح الأمر شائكاً. بينما كنتُ أبْحث عن تاريخ الرموز، وخاصة تلك التي تَستخدم تماثيل الحيوانات، لفتَ انتباهي أحد الرموز المفضّلة لدي وأغلى الرّموز على قلبي؛ أحد الرموز التي أربُطها بإيماني، وهو السّمكة…. حيوان بحري. بدأْتُ أتساءل عن عدَد الذين يَضعون رمز السمكة على سياراتهم أو حول أعناقهم أو على العلامات المرجعية لكتبهم أو من يدري أين؟ وفكّرت، حسناً، حسناً، بالتأكيد لا يُمكن أن يكون لذلك أي صلة بمعنى الوصية الثانية، ففي النهاية نحن لا نعبد رمز السّمك هذا، ولكن كلّما قرأت وأعدت قراءة الوصية الثانية بحثْتُ عنها وراجعتها في اللغة العبرية الأصلية وفَحصت وثائق عِلم الكتاب المُقدّس حولها، ثم ذهبتُ إلى مواقع إلكترونية تحتوي على تفسيرات مختلفة حول الأصل المُفترض لرمز السّمكة وراجعت مقالات عديدة في منشورات مسيحية تَشرح ما تَرمز إليه السمكة ومقالات مضادّة تَدْحض ما ادّعاه الآخرون، كلما أصبَحت المسألة برمّتها أكثر إرباكاً….. وكلّما بدأت تتّضح لي الحِكمة وراء مَبدأ سِفر في الوصيّة الثانية.

في النهاية لم يَعُد بإمكاني أن أنكُر أن رمز السّمكة الذي أحْبَبْتَه كثيراً قد يكون أمراً يجب أن أعيد النظر فيه؛ هل يُمكن أن يكون في الواقع مُخالفاً لِروح مبدأ الكلمة الثانية؟ جميعنا يَعرف ما هو رمز السمكة الذي أتحدّث عنه، لذلك لستُ بحاجة إلى شَرحه لكم. لذلك أودّ أن تفكّروا في هذا: هل رأيتم من قبل رمز السمكة نفسه مع إضافة أرجُل صغيرة وكلمة "داروين" مكتوبة في مُنتصفه؟ لقد أصبح رمزاً شائعاً معادياً للمسيحية لمُحاربة رمز السمكة المسيحية. الفكرة تُشبه الاستيلاء على علم العدو وتدنيسه ثم عرضه لإذلال العدو. لذا، حتى لا يتفوّق عليه، عاد أحد المسيحيين الأذكياء، ليأتي برمز جديد آخر يَحمل سمكة كبيرة عليها صليب، تأكل سمكة أصغر منها تَحمل كلمة داروين. تدنيس واحد يَستحق آخر، أليس كذلك؟ على الرغم من أن هذا أمرٌ مُضحك للغاية، ما الذي يدلّ بالضبط على المكانة السامية التي يحتلّها هذا الرمز في أفكارنا وقلوبنا عندما نتشاجر عليه، بل ونَدخل في لُعبة المزايدة عليه مع غير المؤمنين؟

على الأقل داخل الكنيسة، من المؤكّد أن رمز السمكة قد أصبح يُمثل بالتأكيد يسوع الذي، في حال نَسينا، هو نفسه الله…. نفس الإله الذي وَضع مبدأ مَنع الصور. الآن سَمعتُ بعض المؤمنين يقولون أنه لا يمثل يسوع، بل يمثل الديانة المسيحية بشكل عام. حسناً، يُمكنني أن أقبل ذلك؛ وأعتقد أن الكثير من الناس يرون أنه بِبساطة رمزٌ ديني عام يُشير إلى أن مُستخدمه يُعرّف عن نفسه على أنه مسيحي. لكن يُمكنني أيضاً أن أُخبركم أن الملايين، بمن فيهم أنا، إما بِوَعي أو بدون وَعي، نظروا إلى هذا الرّمز بحدّ ما على أنه يمثل يسوع المسيح. هنا يكمُن جزء من المشكلة: نحن نخلق أو نستخدم الرموز التي تُرضينا، الرموز التي نشعر براحة كبيرة في تبريرها وجَعلها منطقيّة، ثم لا نفكّر كثيراً فيما يُمثله هذا الرمز للآخرين أو حتى في أعماقنا لأنفسنا. يُمكن أن نُصبح مُهمِلين وتافهين للغاية مع هذه الأشياء في محاولة لخلق هوية خارجية لأنفسنا. حيث يقع معظم المؤمنين في ورطة لا تَكمن في أننا لا نتعمّد إهانة الرب بالخطيئة، بل إننا نخطو تلك الخطوة الأولى التي تبدو غير مؤذية إن لم تكن حَسنة النيّة تماماً، ثم نَنظر في النهاية ونَجِد أنفسنا بعيدين عن طريق البرّ.

أنا متأكّد من أنك لاحظت أن هناك العديد من الأشكال المختلفة لرموز السّمك هذه قد تم إنشاؤها الآن. بعضها فقط شكْل مجرّد للسمكة والبعض الآخر مكتوب عليه كلمة "يسوع" باللغة الإنجليزية والبعض الآخر يحتوي على الحروف اليونانية التي تُرجمت إلى الأبجدية الإنجليزية، وهي I-X-Q-U-S في مُنتصف السمكة. بالمناسبة: هل يَعرف أحد هنا ماذا تعني هذه الحروف في الواقع؟ (الجواب) إنها حروف مُتطابقة. إنها تأخذ الأحرف الأولى، باليونانية، من كل كلمة في عبارة "يسوع المسيح، ابن الله، المخلص"، وتُشكّل كلمة. وبعبارة أخرى، فإنها تحدّد بشكل لا يمكن إنكاره رمز السمكة مع يسوع؛ وهذه الكلمة، في اليونانية، هي "إكثيوس" وتعني…..سَمكة! لذا، من الصعب جداً تجاهل أ) أن هذا الرمز هو بالفعل لسمكة، ب) أن السمكة بالنسبة للكثير من المؤمنين هي رمز للمسيح.

ليس قصدي أن أخُصّ رمز السمكة بالذكر، بل هو مجرّد مثال شائع الاستخدام؛ لذا اِلْتَقِط أنفاسك للحظة بينما أتناول شيئاً آخر. لقد سَمعتُ أيضاً العديد من أصدقائي الكاثوليك يُدافعون عن استخدامهم لتماثيل المسيح، من حيث أنهم لا يعبدون تلك التماثيل ولا يعتقدون أن هناك جَوْهر المخلّص بطريقة ما في تلك القطع البلاستيكية. ربما. لكنني لا أستطيع أن أحْصي عدد المرات التي شاهدت فيها شخصياً أشخاصاً يصلّون عند ذلك التمثال ويقبّلونه ويَمْسحون دموعهم عليه أو عدد المرات التي سَمعت فيها عن تدنيس أحد المُعادين للكاثوليكية لأحد التماثيل وإثارة مشاجرة.

عندما نَصل إلى دراسة خَيْمة الإجتماع في سِفر اللاويين وننظر إلى تصميمها والمذابح والأدوات المختلفة التي كان من المقرّر استخدامها فيها، سنرى أن كل واحد من هذه الأشياء كان الله قد أمر به وأعطاه بالتفصيل، ليتمّ بناؤه بدقّة كما هو مُوصى به.

بالإضافة الى ذلك، لم يكن أي من هذه الأشياء مُصمّماً لتمثيل سِفر: لا الآب ولا الإبن ولا الروح القدس. لم يكن أي من هذه الأشياء يَرمز إلى الألوهية. كان بعضُها يمثل، إلى حدّ ما، صِفاته في القداسة والرحمة وغيرها ولكن كانت أغراضها الرئيسية هي تعليم بني إسرائيل عن قداسة الرب وتصوير واقع مُستقبلي….إشارة مُسبقة للأشياء التي سَيحقّقها المسيح. ما سنُلاحظه عندما نَدرس خيمَة الإجتماع هو أن أياً من هذه الرموز لم يَنتهك مبدأ الكلمة الثانية: لم يَستخدِم أي شيء في خيمة الإجتماع تماثيل لحيوانات أو مخلوقات بحرية أو بَشَر أو نجوم أو أقمار أو شُموس لترْمز إلى الله. لقد صمّم سِفر نفسه كل أدوات وتجهيزات ومذابح الخيمة خصّيصاً لغرض مُعيّن، وهو تعليم المبادئ والإنذار بالأحداث المُستقبلية….وليس تماثيل للإيمان العبراني أو له.

المُشكلة، يا قوم، هي هذه: نَحن نُفضّل أن نعتقد أنه بإمكاننا، بكل ما لدينا من تطوّر حديث، أن نَصنع أو نشتري ونَستخدم تماثيلنا الخاصة لله أو رموز إيماننا لأننا لن نَسمح لأنفسنا أبداً أن ننظُر إلى هذا الرمز على أنه موضوع للعبادة أو على أنه الله في الواقع. مع ذلك، فإن الطبيعة البشرية هي طبيعة تَجعل حُدوث بعض عناصر ذلك أمراً لا مفرّ منه تقريباً. يبدو أن بني إسرائيل لم يستطيعوا أبداً التوقّف عن الانزلاق مرّة أخرى إلى عبادة الأوثان.

لكن ليس بالضرورة أن تكون عبادة الرّمز هي المشكلة الوحيدة التي هي الهدف من الوصية الثانية. لم يَقل الله أنا أعطيك الإذن بأن تمضي قُدُماً وتصنع هذه الرّموز للإيمان والإله شريطة أن تتجنّب عبادتها. لقد قال: أولاً، لا تَصنعوا أي رموز، وثانياً، لا تَعبدوا أي رموز. لقد أعطانا هذين الأمرين لأنه، قبل أي شخص أو أي شيء، يَعرف الطبيعة البشرية. خالقنا يَعلم أن الخطوة الأولى، صُنع الرموز، ستؤدي حتماً إلى الخطوة الثانية، عِبادة الرموز بدرجة أو بأخرى.

اسمحوا لي أن أعطيكم تشبيهاً مألوفاً ومَقبولاً بسهولة داخل معظم الطوائف المسيحية: يحذّرنا قساوِسَتنا من أن نولي أهمية كبيرة لوظائفنا أو ثروتنا أو سياراتنا أو هواياتنا أو أي شيء. لماذا؟ لأن الخَطَر يَكمُن في أننا سَنضع أهميّة هذه الأشياء……أهميّة حتى عائلاتنا…… أعلى من الله ويُقال لنا (ومعظمنا يقبل بحق) أن أي شيء نَضعه فوق أو حتى على نفس مُستوى أهمية الله في حياتنا هو عِبادة الأصنام. أليس كذلك؟ أي أن هذه الأشياء المُفرطة الأهمية في حياتنا تُصبح آلهة لنا؛ وعندما يَسمع مُعظمنا قَساوِسَتنا يتحدّثون عن هذا الأمر نهزّ رؤوسنا إلى أعلى وأسفل موافقين لأننا في قرارة قلوبنا نعلم أن هذا صحيح. نحن نَكره ذلك ونتمنى لو كان بإمكاننا السّيطرة عليه. لم نكن ننوي أن نجعل هوايتنا أهم من اتباع الله ولكن شيئاً فشيئاً أصبح الأمر كذلك. لم نكن نَنوي أن نَجعل كسْب المال أكثر أهمية من الله ولكن شيئاً فشيئاً أصبح يُسيطر على حياتنا. وحتى عندما نُعلّق أهمية لكسب المال وإنفاقه أكثر من الله، فإننا لا نحبّ أن نفكّر في الأمر على أنه عبادة لتلك الأشياء، لكنه كذلك. إنه يَعمل بنفس الطريقة مع الرموز.

بالمناسبة، تتّفق بعض أقدَم التعاليم العبرية للحكماء القدماء على الإطلاق على أن صُنع الرموز وعبادة الرموز هما أمران وقضيّتان مُنفصلتان. كان سِفر يَعلم أن مثل هذه الرموز ستكون مَصدر تنافُر، إن لم يكُن غَضباً أو كراهية صريحة بين الناس والأمم الذين يEقدّسون رموزهم المفضَلة، لكنهم يُعارِضون رموز الآخرين التي تُسيء إليهم. بدأت الحروب بِسبب الرموز الدينية.

لدَيْنا حتى معارك داخل الكنيسة حول الرموز. تَنتقد الطوائف البروتستانتية باستمرار استخدام الكنيسة الكاثوليكية للصليب وتحطّ من قَدرِها، لأنه عادة ما يصوَّر يسوع عليه، ولا يهتم البروتستانت بِمَيْل الكاثوليك لمِلء دُور عبادتهم بتماثيل يسوع ومريم والقديسين. يَستجيب الكاثوليك بتخطّي البروتستانت لاستخدامهم الصليب العاري أو الصليب الثلاثي، ومن المثير للاهتمام استخدام رمز السمكة. تقوم الطوائف البروتستانتية المختلفة بِتَوبيخ بعضها البعض باستمرار لاستخدام أو عدم استخدام (حسب الحالة) الصليب الثلاثي، والرايات المعلقة في المكان المُقدّس، والكثير من الرموز والأيقونات الأخرى التي لا يُمكن الخَوْض فيها الآن. يرى اليهود أن الصليب مُهِين بِشكل رهيب لأنه بالنسبة لهم ليس سوى أداة إعدام قاسية استُخدمت لقتل الملايين من شَعبهم حرفياً. مُعظم المسيحيين يرون نجمة داود على أنها رمز يهودي ملغى أو لا معنى له الآن؛ أو ما هو أسوأ من ذلك، رمز زائل لشعب رَفض قبول المسيح أو حتى شارك في قتله. حتى أننا في كثير من الأحيان نعلّق مصطلح "مقدّس" على رموزنا…. أي أن الرّمز نفسه يأخذ أهمية كبيرة لدرجة أننا نعلّق عليه قَدراً من القداسة بِسبب ما نقول إنه يمثله؛ فهل من عَجب أن هذه الرموز المختلفة تثير مِثْل هذه المشاعر والخلافات بين الجماعات المُتعارضة؟ ولماذا يتكلم الله ضدّها؟

لقد علّم سِفر أنه بينما قد يستطيع عدد قليل من الأقوياء في الإيمان أن يَجعلوا من الرموز مجرّد شيء رمزي لإيمانهم (دون أن يَجعلوها أيضاً أشياء للعبادة)، فإن الواقع هو أن عَدداً كبيراً من المُصَلّين ليسوا بهذه القوة. الحلّ عند الله: لا تَصنعوها في المقام الأول. فهو لا يراها تكريماً له. لا يوجد مكان يُحدّد فيه الربّ رمزاً لألوهيته ثم يقول الآن قاتلوا حتى الموت لحِمايته. بِغض النظر عن مدى حُسن النيّة أو حُسن القصد، فإن صُنع هذه الرموز قد يكون فيها غالباً الجانب السلبي أكبر من الجانب الإيجابي.

الآن أنا أَعترف بِسهولة أنه عندما يتعلذق الأمر بإطاعة نصّ هذه التعليمات الإلهية يبدو أن المحظور هو: واحد) الأشياء التي نراها في السماء، إثنان) المخلوقات الأرضية، ثلاثة) المخلوقات البحرية كرموز للألوهية. يبدو أن ذلك يَترك الباب مفتوحاً، ربما، لرمز لا يَستخدم أياً من الثلاثة رُموز المحظورة. لذا، إذا كان علينا فقط أن يكون لدينا رموز، فربما علينا أن نلتزم بالقليل جداً من الرّموز التي يمكن أن نجدها بشكل لا لُبس فيه في الكتاب المُقدّس والتي أمَر الله باستخدامها كرموز لصفات الله وإنذاراته ومبادئه. الوحيدة التي أَعرفها هي تلك التي اسْتخدموها في بناء وخِدمة خَيْمة الإجتماع. أَعتقد سِفر أن مسألة الرموز كانت مهمة جداً لدرجة أنه أدْرَجها في الكلمات العَشر، الوصايا العَشر. أخبرْتُك أن هذه مسألة شائكة وأريد أن أوضح تماماً أنني لا أحكم أو أدين اخْتيارك لارتداء رمز. أنا أقول أنه على الأقل هناك تحذير أنه على الرغم من أنك قد تكون قادراً على مُقاومة إغراء اعْتباره مجرّد تعبير خارجي عن إيمانك وليس بأي حال من الأحوال تمثيلاً من الله، فإن الطريقة التي تؤخذ بها مثل هذه الأشياء من قِبَل الآخرين….. حتى من نَفس إيمانك…… خطيرة. لقد تعلّمت منذ وقت طويل أن أترُك الصلبان والسّمك والأعلام الأمريكية في المنزل عندما أذهب إلى الخارج….خاصة إلى إسرائيل، لأنه في حين أننا نفهَم ما نَعنيه نحن بهذه الأشياء، فإن الآخرين لديْهم فِهم مُختلف إلى حدّ ما، وما قد يكون شاهداً جيّداً للرب هنا، لا يكون كذلك في مكان آخر.

في خروج عشرين الفقرة خمسة، التي لا تزال تتناول الكلمة الثانية، تقول إن الله إله غَيور. استِخدام مثير للإهتمام لكلمة…..غيور. لطالما أزْعجني هذا الأمر نَوْعاً ما لأنه بصراحة عندما نفكّر في رجل أو امرأة غَيورين يكون هذا تعبير سلبي. في بعض النواحي عندما نَحمل مشاعر الغيرة فإنها تَكشف عن عيوب خطيرة فينا حتى لو كان هناك سَبب معقول لها. مع ذلك، فإن النّظر إلى الكلمة بالعبرية يُساعدنا قليلاً.

في العبرية، الكلمة هي "قنّا" وغالباً ما تُترجم إلى الإنجليزية بِكلمة "غيرة"، ولها كلمة شقيقة هي "قِنّة"، والتي تعني أيضاً الغيرة. إليك الفرق بين الكلمتين الاثنتين: تُستخدم كلمة "قِنّة" حوالي ثلاثة وأربعين مرّة في سِفر التثنية، وهي تُشير إلى النشاط البشري. أما "قَنَا" فهي مَحفوظة بِشكل صَريح وحصري عند الإشارة إلى صِفة سِفر. تُستخدم كلمة "قِنة" للدلالة على الغيرة من الأحبّاء المتنافسين أو الحَسد على ثروة الآخر وممتلكاته؛ وهي، إن صحّ التعبير، الشكل الإنساني للغيرة بكل صفاتها غير المحبّبة. أما "قنا"، من ناحية أخرى، فهي ليست غيرة بقدر ما هي شغف؛ ليس بالشكل الشّهواني للشغف، بل بمعنى الشدة الكبيرة، بمعنى الإندفاع نحو المثل الأعلى. إنه الرب في كل بَرّهِ الذي لا يتزعزع. يُستعمل هنا تعبير يعني أن الله لا يقبل أي منافس، وأنه لا يَتسامح مُطلقاً مع الخطايا ضدّه. بِصراحة يَجب ألا نرى كلمة "غيور" في هذا المَوْضع من الكتاب المُقدّس، بِسبب ما تَعنيه للبشر في يَومنا هذا، لأنها تُعطينا انْطباعاً خاطِئاً تماماً عن المَقصود وتُنسَب إلى الرّب صِفة بعيدة كل البُعد عن الحقيقة.

اسْتكمالاً للآية الخامسة وحتى الآية السادِسة، يتحدّث الله عن عِقاب أبناء الذين يُخالفون الكلمة الثانية، إلى الجيلَين الثالث والرابع، ولكن…… مع إظهار الرّحْمة لكلّ من يُحبّ الله (المحبّة تعني نيّة الإخلاص والطاعة له) إلى الجيل الألف. أوّلاً، الجِزء السّهل من هذا: القَول "إلى الجيل الثالث والرابع" هو تَعبير عبريّ، كما أن "إلى الجيل الألف" هو تَعبير عبريّ. التعبير الأول يعني أن نَسلك سَيتأثر سلباً بِخَطيئتك لبعض الوقت ولكن ليس إلى الأبد. التعبير الثاني، عن الجيل الألف، يعني "إلى الأبد". لاحظ أن غَضب الله نتيجة لخطيئة الإنسان هو لفترة زَمنية قصيرة (ثلاثة وأربعة أجيال)، بينما يَرْمز إلى رَحْمته ولُطفه على أنها لِفترة زَمنية أطول بكثير (ألف جيل).

الآن هناك تناقُض صارِخ آخر مَكتوبْ هنا باسْتخدام كلِمات مُطلَقة وقويّة: أولئك الذين يُطيعون هذه الوصيّة الثانية يحبّون الله وأولئك الذين يَعصونها يَبغضون الله. المحبّة مقابل البغض. يُمكننا أن نستأنف بالقول: "ولكن، حتى لو كنت قد خالفت هذه الكلمة عن جهل، فأنا لا أكره الله، بل أحبّه". المشكلة هي أن هذه الكلمة، كما هي كل الكلمات، مقدّمة من وجهة نظر الله لا من وجهة نظرنا؛ ونَظرَتنا لا علاقة لها بالموضوع. يقول الله أنه بِقدر ما يتعلّق الأمر بمن يخالف هذه الكلمة، فإنه يرى أن من يخالف هذه الكلمة يُظهر كراهية تجاهه. يا رجل، يا رجل هذا صعب. لكن هكذا هو الأمر.

مع ذلك فهو يرى أيضاً أن من يُطيع هذه الكلمة الثانية هو محبّ له. هل هذا يعني أنه حتى غير المؤمن الذي يطيع هذه الكلمة عن وعي يرى الله أنه محبّ له؟ نعم. هذا بالضبط ما يعنيه. انظروا، هذا هو الأمر: محبّة الله ليست شرطاً أساسياً للخلاص. الثقة بالله، في صورة يسوع الناصري هي شرط الخلاص. في يوم الدّيْنونة الآتي، الملايين وربما المليارات من الناس الذين يدّعون محبّة الله (بطريقتهم الخاصة) سيُدانون إلى الأبد……لأنهم رغم أنهم في أذهانهم أحبّوا الله لم يثقوا به بما يكفي لقبول تدبير ابنه الخلاصي.

على العكس من ذلك، يمكن أن يوجد مُؤمن يَنتهك هذا المبدأ، ويُمكن أن يَعتبره سِفر أيضاً كارِهاً له. ذلك أن الله يُمكن أن يَنظر إلى المُؤمن على أنه يَكرَهه، على الرغم من أن هذا المؤمن مُؤمّن إلى الأبد في المسيح. لماذا؟ لأن القضية الوحيدة ذات الصلة بالخلاص هي الثقة بِيسوع.

لا تَنشغل بِقضيّة الحب/ الكراهية. لقد كان لدى المسيحيين على مدى قرون هذا الإنطباع الخاطئ بأن الحُبّ والكراهية في الكتاب المُقدّس يتعلّقان بالمشاعر والعواطف. من وجهة نظر اللغة العبرية، يتمّ التعبير عن الحُب من خلال الفِعل وكذلك بالنسبة لِلكراهية. إذاً ما تَعنيه مَحبّة الله هو فِعل ما يأمر به أو تجنُّب ما يُنهى عنه، بينما كِره الله هو عكس ذلك.

أعد قراءة خروج عشرين على سبعة

الكلمة الثالثة هي أن لا نَستخدم اسم الله عَبثاً. بالمناسبة، ما هو اسم الله؟ يهوة. الله ليس اسم الله. الله هو مجرّد إشارة عامة إلى سِفر. اسْمحوا لي أن أكرّر شيئاً قُلته مِراراً وتِكراراً: الغالبية العظمى من المرّات التي نرى فيها كلمة الله أو الرب في كُتبنا المُقدّسة هي الكلمة في العبرية الأصلية سِفر….اسم الله الشخصي. هذا ليس تَخميناً أو رأياً؛ إنها مجرّد حقيقة بسيطة. ماذا أعني بالغالبية العظمى من الوقت؟ حوالي خمسة وتسعين بالمئة!!!! هذا صحيح … مقابل كل عشر مرات ترى فيها كلمة الله أو الرب في كِتابك المُقدّس، أكثر من تِسعة من تلك المرّات، الكلمة الفعلية هي سِفر، اسم الله الشخصي الرسمي.

في حين أننا غالباً ما نفكّر في المبدأ الأساسي للكلمة الثالثة من حيث حَظْر استخدام كلمات القَسَم، إلا أن هذا ليس كل ما هو مقصود من ذلك… في الواقع هذا معنى ضيّق جداً لما هو مقصود هنا. إن الكلمة العبرية التي تُترجم عادةً بِكلمة "دون طائل" هي "شاف". شاف تعني بالفعل الغُرور، لكنّها تعني أيضاً الزيف أو عدم القيمة أو الإهمال أو الكلام الذي ليس له معنى. إنها تعني أن استخدام اسم الله يجب أن يَتمّ بعناية فائقة وبأعلى درجات التوقير.

إن مفهوم الإهمال البشري هذا هو الذي قاد الشعب اليهودي في النهاية إلى مَنع التلفّظ باسم الله بِصَوت عالٍ تماماً. في الواقع بخلاف ما يتعلق بنِسخ الكتاب المُقدّس، فإن التقليد هو أن لا يُكتب اسمه المُقدّس أيضاً. لذلك من الشائع في الكتابات اليهودية أن نرى الله مكتوباً باسم الله.

يختلف الحُكماء قليلاً حول الوقت الذي حدث فيه بالضبط النّهي عن التلفّظ بإسم الرب الرسمي. الأقدم كان على الأرجح في زمن السَبي البابلي والأقرب هو زمن الإسكندر الأكبر (أي حوالي ثلاثمئة الى خمسمئة قبل الميلاد). مع ذلك، يتّفق الحُكماء والحاخامات عموماً على أنه قبل ذلك الوقت كان الإسم المُقدّس منطوقاً ومكتوباً. لا توجد على الإطلاق أي وثيقة معروفة أو تقليد شفهي قبل الإطار الزمني الذي ذكرتَه للتو حول عدم النّطق باسم الله. إذاً، لفترة لا تقلّ عن سبعة قرون وقد تَصل إلى ألف سنة، كان العبرانيون يَنطقون إسم الله علانيةً؛ وقد تم العثور على قِطَع أثريّة عبرية قديمة (وهي معروضة في المتحف الوطني الإسرائيلي) منقوش عليها الحروف العبرية YHWH.

بِقدَر احترامي لنِيّة الشعب اليهودي في تقديس إسم الرب من خلال عدم مُحاولة نطقه، إلا أنني لا أوافق على هذا المفهوم. لقد دَرَستُ هذا الشيء من أوّله لآخره ولا يمكنني أن أهرب من حقيقة أن الغرض من الوصيّة الثالثة هو في المقام الأول عدم استحضار إسم الرب بشكل تافه كجِزء من نِذر، لأنك عندما تنذر شيئاً ما باستخدام يود-هيه-واف-هيه كضمان لهذا النذر، فليس أمامك خيار سوى أن تنجز هذا النذر بغضّ النظر عن النتيجة وإلا تكون قد استخفَفْت بإسمه بالفعل؛ والغرض الثاني هو ألا يَحنث المرء باستخدام إسم الله كضمان لأقواله.

بالإضافة الى ذلك أُناقِض هذا الأمر لأن إسم الرب القدّوس مكتوب أكثر من سِتّة آلاف مرّة في الكتاب المُقدّس، وفي العديد من الكتب المُقدّسة يقول بِوضوح أن ننادي بإسمه أو أن نفعل كذا وكذا بإسمه، فليس من المفهوم بالنسبة لي أننا لا نَستطيع أن نفعل الشّيء ذاته الذي أُمَرنا به: أن نقول إسمه. لقد ذَكَرت في البداية اليوم أنه لا يمكننا أن نكون متأكّدين من كَيْفية نُطق إسمه القدّوس لأننا لسنا متأكدين من لفظ حُروف العِلّة العبرية القديمة ولكن حتى لو كنا مُتأكدين من لفظ حروف العلة فلن يَنطق الجميع إسمه بشكل مُوحّد تماماً بِسبب الاختلافات اللغوية.

إن مبدأ الكلمة الثالثة لا يتعلّق بسوء نُطق إسمه القدّوس بل يتعلَّق بسوء استخدام إسمه القدّوس. مع كل ما قيل، أودّ أن أطلب من المسيحيين الأُممِيّين أن يكونوا لُطفاء ومُحترمين وحسّاسين تجاه تقليد إخوتنا وأخواتنا اليهود في عدَم نُطق إسم الله وأودّ أيضاً أن أطلُب من إخْوتنا وأخواتنا اليهود ألا يَشعروا بالإهانة الشّخصية من أولئك الذين لا يَرون أي خطأ في مُحاولة صادقة لتكريم الربّ من خلال نُطق إسمه القدّوس، حتى لو لم نفعل ذلك بشكل مثالي.

في الأسبوع القادِم، سَنتناول الوَصية الرابِعة؛ تَكريم السبت.