21st of Kislev, 5785 | כ״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » الخروج » الدرس الرابع عشر – الإصْحاح السادس عشر
الدرس الرابع عشر – الإصْحاح السادس عشر

الدرس الرابع عشر – الإصْحاح السادس عشر

Download Transcript


سِفْر الخروج

الدرس الرابع عشر – الإصْحاح السادس عشر

في الأسبوع الماضي بدأنا بدراسة سِفْر الخروج السادس عشر؛ وهذا الأسبوع سنُواصل هذه الدراسة ونتحدّث عن توفير المَنّ لإعالة إسرائيل. ولكن على عكس نسخة مدرسة الأحد، هناك الكثير من التفاصيل في هذه الحلَقة، أكثر بكثير مما هو سَطحي. لذا، دعونا نبدأ بقراءة هذا الإصْحاح الطويل إلى حدٍ ما بكامله.

قراءة الإصْحاح السادس عشر من سِفْر الخروج كُلّه

ثلاثة ملايين من بني إسرائيل جائعون. خرجوا من مصر منذ حوالى شهرين، وإمداداتهم من الطعام تَنفد. يأتون إلى موسى ليعرفوا لمَ أخرجهم إلى البرّية الصحراوية ليموتوا من الجوع. يَرفع موسى هذه الشكوى إلى يَهوَه، فيَستجيب الرب. يُخبِر الله العبرانيين أنه سوف يُطعمهم بإمطار الخبز من السماء. الآن، الكَلِمة العبرية للخُبز هي "ليتشم". ولكن، "ليتشم" هي أيضًا كلمة عامة تَعني الطعام. تمامًا مثل المصطلح القديم "كَسْر الخبز معًا" الذي كان يعني حرفيًا أخْذ رغيف خبز وكَسْره أو تقطيعه ومُشاركته، كان يعني في أغلب الأحيان ببساطة تَناوُل وجبة طعام معًا. الخُبز، هنا، يَعني فقط الطعام بشكل عام وليس الخبز بمعناه الحرفي.

ولكن، بعد ذلك، يَبدأ الله في وضع وتعليم مبدأ مهمّ لبني إسرائيل، من خلال أوامره المُتعلقة بالخبز، الطعام، الذي سيُقدّمه لهم: كان عليهم أن يَجمعوا كل المَنّ الذي يحتاجونه لإشباع نَفسهم، ولكن بشكل يَكفيهم فقط ليومٍ واحد في كل مرة. وفي كل يوم كان عليهم أن يفعلوا ذلك باستثناء اليوم السادس، كان عليهم أن يَجمعوا حِصّة مُضاعفة…أي مؤونة يومين.

والآن، هنا تَنعطف القصة عن "خبز السماء" قليلاً، ثم تُستأنف في بضع الآيات. لذا، وبدلاً من أن نَتخطى هذه الآيات، سنَتبع فقط مجرى رواية الكتاب المقدس.

وَرَد في الآية السادسة شيء مثير للاهتمام إلى حدٍ ما: عند تكرار موسى وهارون لأوامر الرَب فيما يَتعّلق بِجمْع المَنّ، قالا: "…هذا لتعرِفوا أنّ الرَب هو الذي أخرجكم من مصر….." في الواقع، ما يقوله هو، "…هذا لتعرفوا أن يَهوَه هو الذي أخرجكم من مصر…." كما ذكرتُ في العديد من المناسبات، ترَون تسعة من أصل عشر مرات في التوراة كلمات أدوناي، أو الرَب، أو الله، في الواقع فإنّ الكَلِمة العبرية الأصلية هي (يِهوفي)؛ أي اسم الرَب الرسمي والشخصي.

لكن المُشكلة التي أودّ أن أشير إليها ليست في اسمه، بل شكوك بني إسرائيل الواضحة الحقيقية حول المسؤول عن خروجهم من مصر. لقد رأينا بالفعل بعض الحوادث التي ظهرت فيها صعوبات وسُرعان ما ألقى العبرانيون اللوم على موسى.

وبعبارة أخرى، هذا الشعب الذي كان (مثل كل الشعوب الأخرى في عصرهم) يؤمن بالخُرافات وبالِسحر والشعوذة، لم يكن مُقتنع حقًا بأن هذا الإله يَهوَه هو الذي ألقى الضربات على مصر، وشَقّ مياه البحر الأحمر، وما إلى ذلك. حتى مع وجود السحابة التي كانت تقودهم نهارًا والنار المُنبعثة من تلك السَحابة ليلًا، شَكَّ الشعب. كان موسى هو الحضور البشري المنظور، وانتابَه كلّ الحزن. لذلك، كما تقول بوضوح هذه الآية، كان جزء من الدرس المُستفاد من المَنّ هو تعليم إسرائيل أن يَهوَه، وليس موسى، هو الذي أنقذ إسرائيل من مصر. هذا هو الدرس الذي لن يَستوعبه إسرائيل بالكامل لعقود.

إنّ التعليمات التي تَلقّاها موسى وهارون من الله عن الطعام الذي سيُقدِّمه الله، يَنقلونها الآن إلى شعب إسرائيل. وفي الآية السابعة، يُذكّر موسى وهارون الشعوب أنه في حين أنهم قد يَعتقدون أن تَذمرّهم وشكواهم مُوجّهة إلى قادتهم من البشر، إلا أنّ استياءهم هو من يَهوَه……وهو يَسمعهم.

يَمضي موسى ليقول لإسرائيل أن الله يعرف احتياجاتهم وسيُوفّر لهم بالطبع. يُخبرهم أنه عند غروب الشمس (بداية اليوم الجديد) سيُعطيهم الله لحمًا ليأكلوه، ثم في الصباح (في اليوم نفسه) خبزًا (طعامًا) لسَدّ جوعهم.

في الآيتين تسعة، عشرة، يأمُر موسى هارون أن يُنادي كل جماعة إسرائيل للاجتماع – بالقرب من حَضرة الله. فأطاعوا، وبينما كانوا يَنظرون إلى البرّية الصحراوية التي أمامهم، رأوا هناك مَجْد الله في السَحاب. هذه العبارة، مَجْد الله، هي الترجمة الإنجليزية للكلمات العبرية "كيفود يَهوَه". هل "كيفود يَهوَه" تجرُبة إلهية جديدة لإسرائيل…… ليَنظروا إلى السحابة ويروا مَجْد يَهوَه؟ بالطبع لا. لقد كانت تلك السَحابة نفسها، ذلك الحضور الإلهي الذي كان يقودهم، الذي كان يَحميهم من جيش فرعون، وكان مُتاحًا تمامًا ليَشعروا به كل يوم، طوال اليوم، منذ خروجهم من مصر.

إذًا، لماذا كان على موسى أن يقول لهؤلاء الناس أن يتوقفوا وينظروا إلى أعلى، ويقتربوا من حضور الله؟ لأنه، بينما حضورُ الله متاح لنا، علينا أن نَختار أن "نقترب" منه. ما الذي تَحثُّنا المواعظ على فِعلِه؟ أن نبقي أعيننا على يسوع، الذي هو مَجْد الله الحاضر معنا في يومنا هذا. إمّا أنّ بني إسرائيل قد صَرَفوا أنظارهم عن سَحابة مَجْد الله، أو أنهم لم يُدركوا تمامًا أنّ الَسحابة هي حضور الله؛ ولذلك فقد أصيبوا بالإحباط والتَشتُت. نفس الشيء بالضبط يَحدث لنا. لقد اعتدنا كثيرًا على فكرة وجود يشوع في داخلنا، يُرشدنا، بحيث يُصبح مثل قطعة أثاث قديمة، أو مجرد سِمة أخرى من سِمات الوجود….. وهكذا لا نُلاحظه في حياتنا. لم يكن حضور الله قد غادَر إسرائيل أبدًا؛ ولكن، تَوقَّف الشعب عن النظر إليه.

يَرِد في الآية ثلاثة عشرة، أنّه عند غروب الشمس، رَفرَف فجأة رَفّ كبير من السمّان على مُعسكر إسرائيل المذعور. يُذكِّرنا هذا قليلاً بمصر، عندما استخدم الله عناصر طبيعية من خليقته بطُرق خارقة للطبيعة لضرْب فرعون وشعبه. هنا يَستخدم يَهوَه السمّان بطريقة خارقة للطبيعة ليُبارك شعبه. هِجرة السمان عبر سيناء وشبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت من السنة أمرٌ طبيعي. وكان نزولها للراحة بشكل جماعي، بعد رحلتها الطويلة، أمرًا مألوفًا. أمّا قيامُها بذلك بأمرٍ من الله، وبهذه الكمية الهائلة، وفي المكان المطلوب بالضبط، فكان الجانب الخارق للطبيعة في هذه المعجزة.

لا يُمكن للمرء إلا أن يَتخيَّل تَعجُّب العبرانيين وصَدمتَهم: يا له من يوم اختبروه للتو! لقد دعاهم موسى إلى الاقتراب من "كيفود يَهوَه"، واختبروا مرة أخرى حضور الله الرائع في حياتهم وارتاحوا. ولكن، قبل حلول الظلام، أحضر الله لهم أيضًا لحمًا من السماء، وناموا وبطونهم ممتلئة. ثم، عندما استيقظوا في الصباح، من نوم مريح لا يأتي إلا بالشبع الكامل، كَشفَت الشمس المُشرقة عن معجزة أعظم.

لأنه كان هناك على رِمال الصحراء شيء يُشبه قِشرة من الصقيع؛ وكان في كل مكان. تقول الآية ثلاثة عشرة أن العبرانيين نظروا إليه وسأل بعضهم بعضًا "ما هذا"؟

"ما هو" ولفَظَها في العبرانية (مَن هو)…ومِنها أتت كلمة المَنّ. يقول لهم موسى، إنه الخُبز (ليشيم)، أي الطعام، من السماء الذي وَعدهم الله أن يُرسله إليهم ليقوتهم.

ويوضح أيضًا أنّ ظهور المَنّ كل يوم كان مُرتبطًا بالندى. إذا ربطنا الموضوع بالوَصْف الوارد في سِفْر العدد الإصْحاح أحد عشر الآية تسعة الذي يقول: "عندما يسقُط الندى على المخيم ليلاً، يسقُط المَنّ فوقه…" نحصل على صورة أكثر اكتمالاً. سيكون هناك سقوط للندى، ثم يُرفرف المن فوقه، ثم تَسقط طبقة أخرى من الندى فوق المن. يبدو أنّ هذا ما حافظ على المَنّ نظيفًا وطازجًا.

والآن، يُصدر موسى تعليمات مثيرة للاهتمام فيما يتعلق بالمَنّ: يجمَع كل إنسان القدر الذي يعتقد أنه يحتاج إليه ليُشبِعِ نفسه تمامًا. ولكن، في الوقت نفسه، قيل لهم في الوقت نفسه أن يجمعوا "أومير" أي حوالى نصف غالون لكل شخص. اسمحوا لي أن أدلي بملاحظة سريعة لمن سمِع مصطلح "أومير" مُستخدَمًا بطريقة مختلفة مرتبطة بأعياد الفصح والخُبز من دون خمير في الكتاب المقدس. الأصحّ أنّ كلمة "أومير" تَرتبط بشكل أكثر دقّة بكونها حزمة القمح. لذلك في طقوس "أومير" الأول، تعني ببساطة إحضار أول حزمة من سيقان الحبوب من الحصاد. هنا فقط في سِفْر الخروج هي نوع من "مِكيال" للقياس. ربما يكون مساويًا لكمية الحبوب التي تحتويها حزمة من سيقان الحبوب.

وعندما خَرَج العبرانيون وجمعوا "المَن هو" حدَثَ شيء غريب جدًا: سواء جمعوا أكثر من "أومير" في سِلالهم أو أقلّ، عندما وضعوه في الجَرّة، حصَل كل واحد منهم على نفس الكمية بالضبط! كان هذا الموضوع مَصدر للعديد من التفسيرات المثيرة للاهتمام. ولكن، في جوهر الأمر هو ما تَعلَّمه بنو إسرائيل من هذا اللغز: لم يكن هناك حاجة إلى التزاحم أو التسرّع في الخروج لجَمْع المَن، ولا هم توافر مؤونة الله التي تكفي لكل واحد منهم. إنّ خيرات الله في اقتصاد الله وهي وفيرة، والمُساواة لا تعني إعطاء الجميع نفس الشيء تمامًا، بل إعطاء كل شخص ما يحتاجه تمامًا.

تذكُر الآية التاسعة عشرة مجددًا بمصر: عيد الفصح اليهودي على وجه التحديد. يجب على العبرانيين أن يَجمعوا كل يوم ما يكفيهم فقط ليأكلوه في ذلك اليوم، وعليهم أن يَتخلصوا من الباقي ولا يَتركوا شيئًا عند الفَجر. هل تَتذكرون نفس التعليمات الخاصة بكِبش الفِصح؟ كان عليهم أن يأكلوا ما يَكفيهم ويَتخلَّصوا من الباقي قبل الصباح.

لكن العديد من بني إسرائيل تجاهَلوا هذا الجزء من التعليم ووَجدوا بقايا المَنّ مُتعفنة وغير صالحة للأكل، مما أثار اشمئزازهم. إنه أمْرٌ مضحك، أليس كذلك؟ نحن نَميل إلى النظَر إلى تعليمات الله وأوامره ونَتبَع الأجزاء التي تبدو منطقية بالنسبة لنا، ونَضرِب عرْض الحائط بالأجزاء التي لا تبدو منطقية. لا يعني هذا أنني أقترح بأي حال من الأحوال أن تكون الشرعية الميكانيكية أفضل طريق للاتباع؛ ولكننا هنا نرى موقِف الله من الطاعة، وكيف يمكن أن تَتدمر البَرَكة بسبب تمرُّد الإنسان؛ أو الأسوأ من ذلك، جَرّاء تحديدنا الشخصي لأهمية أو عدم أهمية أي من أوامر الله وفرائضه.

في الآية الثانية والعشرين، أُمروا بأن يَجمعوا في اليوم السادس ضُعف الكمية العادية من المن، وفي الآية الثالثة والعشرين، يُذكر السَبب في ذلك: اليوم السابع هو سبت القداسة ليَهوَه، ولذلك لا يُجمع أي شيء في يوم السبت. لقد أُعطي لهم الإذن بأن يهيئوا "المَن هو" كيفما شاءوا…مخبوزاً أو مسلوقاً أو أياً كان…ولكن كان يجب أن يتمّ ذلك قبل نهاية اليوم السادس. وبالمناسبة، لم يكن الله لينزِل عليهم المَن في اليوم السابع.

لدينا هنا أول إعادة تأسيس للسَبت للشعب العبراني. وبعبارة أخرى، في حين أنّ الإبقاء على السبت سيكون في الواقع جزءًا من الشريعة الرسمية التي أعطاها يَهوَه لموسى على جبل سيناء، إلا أنّ السبت قد تم تأسيسه بالفعل…… أولاً في الخَلْق، وهنا فيما يَتعلّق بجمْع المَن.

الآن، بعد تجربة جمْع المن الزائد، وعدم استخدامه، والعثور عليه مليئًا بالدود والديدان في صباح اليوم التالي، لا يَسَع المرء إلا أن يتساءل عما كان يدور في أذهان الشعب عند تلقّي هذه التعليمات. ولكن، معظمهم فعلوا ما قيل لهم، وعندما دخلوا يوم السبت، كان من المؤكد أنّ كل ما أعدّوه في الليلة السابقة كان لا يزال طازجًا وصالحًا للأكل.

ومع ذلك، وبعد كل ما حَدَث، ما زال بعض الناس يَستيقظون صباح السبت ويأخذون سلالهم ويَخرجون مُتوقعين أن يَجمعوا المن، كما هو مُتوقَّع. وبطبيعة الحال لم يَجدوا شيئًا. هذا السلوك أغضب موسى حقًا، فقال حسنًا: أنتم جميعًا تحت الإقامة الجبرية يوم السبت. ابقوا حيث أنتم، لا تخرجوا من خَيمتكم يوم السبت. ابقوا في بيوتكم!!!

ربما يمكننا أن نَقضي جَلسة كاملة لا نَفعل فيها شيئًا سوى مُناقشة كل المعاني والأوامر التي أمَرَنا الله بها فيما يَتعلَّق بالسبت، من تنحِية أعمالنا جانبًا وعدم جَمْع أرزاقنا يوم السبت، حتّى أن موسى أمر بني إسرائيل بالبقاء في بيوتهم. وإذا درسنا الطريقة التي يَحتفل بها اليهود التقليديون بالسبث، فسنَجد كل جهد للحفاظ على مَقصَد أمْر الله المتعلِّق بالسبت. ولكن، لن نَتوقّف هنا ونفعل ذلك. بعد ذلك بقليل في سِفْر الخروج، أو ربما في سِفْر اللاويين، سنَتطرّق إلى "السبت" بعمق. أقول لكم من صميم قلبي، أنا لست متأكداً مما سأقدِّمه لكم عن السبت، لأنه مُعقَّد، ومليء بالتقديس لإلهنا القدوس الذي طمَسَته الكنيسة المعادية لليهودية، القائمة على التقاليد. اسمحوا لي أن أقول شيئًا موجزًا حول هذا الموضوع، في الوقت الراهن، لأعطيكم غذاءً للتفكير؛ لأنه بينما يُعتبَر السبت مهمًا بالنسبة لله، فهو أيضًا قَضيّة شائكة بالنسبة للمسيحيين.

سواء كنتم تعتقدون أنّ بعض أو لا شيء أو كل شرائع العهد المقدم لموسى الـستمئة وثلاثة عشرة تَتعلق بالمسيحيين، فالحقيقة هي أنّ حِفْظ قداسة السبت من الوصايا العشر التي تُشكِّل عمود الكنيسة الفقري. لا أعتقد أن أحدًا هنا يَختلف مع هذه النقطة.

ومع ذلك، لا أعتقد أيضًا أننا لا نأخذ مسألة السبت بجدّية كافية. لا يوجد في أي مكان في الكتاب المقدس إشارة إلى أنّ الله قد ألغى أمْر السبت. لا يوجد إشارة في الكتاب المقدس تقول إنّه بالنسبة لجيلنا الحديث، أو منذ المسيح، إلى قبول العَمَل سبعة أيام في الأسبوع وتَجاهُل يوم السبت.

لقد أخذ العديد من قادة الكنيسة أقوال بولس في كولوسي اثنان على أنها تَعني أنّ مؤسسة السبت يُمكن تحويلُها إلى أي شيء يريده الإنسان… وبالمناسبة، لا حاجة على الإطلاق لفهمِها بهذه الطريقة (هذا ما يَحدث عندما يتم تَغيير سياق مقاطع من الكتاب المقدس لمُحاولة إثبات صحّة أجَندة أو عقيدة مُحدَّدة مسبقًا). تَذكّروا ما يلي: في الموعظة على الجَبَل، وهي رُكن آخر من أركان الكنيسة، يقول يسوع في إنجيل متّى خمسة الآية السابعة عشرة أنه لم يأتِ بأي حال من الأحوال لإلغاء التوراة….. أو كما تقول العديد من الكتب المقدسة، الناموس والأنبياء. وعلاوةً على ذلك، يُقال أنه لن يتمّ التنازل من التوراة ولا حتّى بأدنى تفصيل، أو عنوان، حتى تزول كل السماء والأرض؛ السبت هو عنصر مهمّ في التوراة، ألا تظنون ذلك؟

وتَذكَّروا أيضًا أنه من الحقائق التاريخية المُوثّقة أنّ الكنيسة الأولى استَمرّت في اتّباع حُكْم الكتاب المقدس في يوم السبت (سبث بالعبرية) حتى أمَرَ الإمبراطور قسطنطين بإلغاء السبت واستبداله بشيء يُسمّى "يوم الرب"، والذي كان سيُصبح اليوم الجديد الذي تَجتمع فيه الكنيسة الوثنية للعبادة. هذا اليوم الجديد للعبادة الجديد، يوم الرَب، تم تحديده ليكون اليوم الأول من الأسبوع، يوم الأحد، الذي كان بالفعل اليوم التقليدي للعبادة الوطنية للديانة الوثنية الرئيسية للإمبراطورية الرومانية……عَبَدة الشمس المَشرقية…وهذا هو سبب تسمية يوم الأحد بيوم (الشمس sun-day) في المقام الأول. تم اختيار هذا اليوم كحَلّ وسط سياسي بين عَبَدة الشمس والمسيحيين.

اسمحوا لي أن أقتبس لكم مباشرةً بعض المراسيم التي صَدَرت في أوائل الثلاثمائة ميلادية عندما حَدَث كلّ هذا الأمر. وبالمناسبة، الوثائق الرسمية القديمة التي أقتبس منها، مُتوافِرة في المكتبة المَحلية أو على الإنترنت. أولاً، "قانون الأحد" الأول، الذي أمَر به قسطنطين وسنّه، خلال اجتماعه الثاني مع مَجمَع أساقفة الكنيسة في نيقية عام ثلاثمئة وواحد وعشرين ميلادي: "في يوم الأحد (يوم الشمس المقدس لإله الشمس، يوم الأحد) فليَسترِح القضاة والناس المقيمون في المدن، ولتكُن جميع الورش مغلقة. أما في البلاد فيمكن للأشخاص المشتغلين بالزراعة أن يواصلوا أعمالهم بحرية وبشكل قانوني؛ لأنه كثيراً ما يَحدث أن يكون هناك يوم آخر غير مُناسب لزَرْع الحبوب أو لغَرْس الكروم؛ لئلا تَضيع خيرات السماء بإهمال الوقت المناسب لمِثل هذه العمليات…..صَدَر في اليوم السابع من آذار ثلاثمئة وواحد وعشرين ، حيث كان كلٌّ من كريسبس وقسطنطين قنصُلَين للمرة الثانية".

ما حَدثَ في هذه المجامع العديدة في نيقية هو أنه تم تأسيس الكنيسة المسيحية الأممية وإلغاء الكنيسة المسيحية اليهودية. وبعد حوالى ستة عشرة سنة من صدور قانون الأحد الأول، صَدَر المرسوم التالي من مجمع آخر من هذه المجامع الكنسية الرومانية يسمى مجمع لاودكية:

"لا يَجوز للمسيحيين أن يَتهوّدوا ويَتعطّلوا يوم السبت (السبث)، بل عليهم أن يَعمَلوا في ذلك اليوم؛ أما يوم الرَب (الأحد) فعَليهم أن يُكرِّموه بشكل خاص، وبما أنهم مسيحيون فعليهم ألا يعملوا عَملاً في ذلك اليوم إن أمكن. ولكن إن وُجدوا يَهوّدون، فيُجازون بالطَرْد".

افهموا أنّ كلمة "يُهوَّدون" في هذا السياق تشُير ببساطة إلى أنّ المسيحيين يَفعلون أي شيء كان اليهود يَفعلونه تقليديًا. لذا، على سبيل المثال، إذا كان اليهود يُكرِّمون أعياد الكتاب المقدس، فَعلى المسيحيين ألا يَفعلوا ذلك. إذا كان اليهود يَتعمدون بالتغطيس، فعلى المسيحيين ألا يفعلوا ذلك. إذا كان اليهود يُشعلون الشموع ويأكلون خُبز الشلح يوم السبت، فلا ينبغي للمسيحيين أن يفعلوا ذلك. وإذا كان اليهود يُكرِّمون السبت، فعلى المسيحيين ألا يفعلوا ذلك. إنّ المبدأ الذي بدأ في القرن الرابع، وأصبح الآن راسخًا في كنيستنا الحديثة هو ما يلي: إذا كان اليهود يَفعلون ذلك، فلا ينبغي للمسيحيين أن يفعلوا ذلك. المسيحيون الذين كانوا يَفعلون أي شيء يفعله اليهود فيما يَتعلَّق بتكريم الله، كانوا يُعتبرون مُتهَوِّدين، وهذا من شأنه أن يُؤدي إلى الطَرْد من الكنيسة.

والآن، أعلم أنّ هذا ليس موضوعاً سهلاً؛ ولكن (مع المخاطرة بالإساءة إليكم) يجب أنّ أقول إن السبب في عدم سهولة الأمر هو أننا نُحِب تقاليدنا ونُفضِّل عقائدنا على ما يُخبرنا به الكتاب المقدس. لذلك نحن نَركض لتحريف الكتاب المقدس وتأويله لكي نجعَله يعني ما قرَّر البشر أن يعنيه. هناك الكثير من المقاطع في الكتاب المقدس التي يَصعب فهمَها وغامضة. ولكن، المقاطع المتعلقة بالسبت ليست كذلك: إنها واضحة ولا لِبْس فيها.

والآن، اسمحوا لي أن أعطيكم رأي الكنيسة الكاثوليكية فيما يَتعلّق بعبادة يوم الأحد، وليس عبادة السبت؛ وبالمناسبة، فإنّ الكاثوليك يَدّعون أنّ قسطنطين هو أحد أتباعهم. ما سأقرأه لكم الآن مأخوذ من المنشور الرَسمي للصحافة الكاثوليكية….. الصحيفة الكاثوليكية الرَسمية……. وقد كُتب قبل أكثر من مئة عام بقليل:

"يوم الأحد هو مؤسسة كاثوليكية، والدفاع عن أحقيته في الاحتفال به هو وِفق المبادئ الكاثوليكية…من بداية الكتاب المقدس إلى نهايته لا يوجد مَقطع واحد يُبرِّر نَقْل العبادة الأسبوعية العامة من آخر أيام الأسبوع (السبت) إلى أولِّها (الأحد)".

هل تَفهمون ما أشرتُ إليه الآن؟ إنّ الكنيسة الكاثوليكية التي تَدَّعي تأسيس يوم الأحد كيَوم عبادة جماعية للمسيحيين تقول صراحةً أنه لا يوجد في أيّ مَكان في الكتاب المقدس (القديم أو الجديد) مقَطع واحد يَسمَح باستبدال اليوم الأول من الأسبوع للعبادة والراحة باليوم السابع من الأسبوع الذي أَمَر الله به للعبادة والراحة. هذه العبارة صحيحة واقعيًا بكل معنى الكَلِمة. ولكن، لماذا قيل هذا البيان وأُبلغ للعالم؟ لماذا تقول الكنيسة الكاثوليكية مثل هذا الكلام، لأنه يبدو كما لو أنها تُدِين نفسها بعبادة يوم الأحد باعترافها الصريح بحقيقة أنه لا يوجد في الكتاب المقدس ما يُشير إلى أنّ أي يوم غير اليوم السابع، أي يوم السبت، هو يوم (سبث)؟ كما ترَون، كان هذا جزءًا من جِدال مُستمِر ضد البروتستانت، الذين يُنكرون بالطبع عقيدة الكنيسة الكاثوليكية الهامة جدًا بأنّ البابا لديه سُلطة خاصة، مُعطاة له مباشرة من الله، لتغيير أو إضافة أو المَحو من الكتاب المقدّس. لذا، في مَقال آخر يُواصل النقاش، ومرة أخرى من الصحافة الكاثوليكية الرسمية، نَحصل على ما يلي:

"البروتستانتية، في نبذِها لسُلطة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، ليس لديها سبب وجيه لدعم نظريّتها عن يوم الأحد، وتفُضِّل منطقياً أن تُحافظ على يوم السبت كـ"سبث".

وبعبارة أخرى، تَعترف الكنيسة الكاثوليكية صراحةً بأنه لا توجد سلطة كتابية على الإطلاق لإلغاء السبت أو نقلِه إلى يوم الأحد. ومع ذلك، بما أنّ البابا في نظرهم لديه السُلطة من الله لتغيير أي شيء يُعتقد أنّ الله قد أَمَرَه بتغييره، فإنّ فِعْل الروم الكاثوليك (قسطنطين والأساقفة الرومان) بإلغاء السبت، وبدلاً من ذلك الاحتفال بيوم الأحد كيوم اجتماع جديد ومُختلف يُسمّى يوم الرَب، لا بأس به. ينظُر الكاثوليك إلى قسطنطين كبابا. وعلى العكس، بما أنّ البروتستانت انشقّوا عن الكنيسة الكاثوليكية منذ عدّة قرون، وبما أنّ البروتستانت يُنكرون سُلطة البابا والكنيسة الكاثوليكية باعتبارهما مُخوَّلين من الله بتغيير الأوامر الكتابية، فعلى أي أساس يُمكن للبروتستانت أن يقولوا أنّ بإمكانهم تغيير السبت (السبث) إلى الأحد؟

والجواب الضُمني هو: لا أساس.

ونُشر في مقال آخر للصحافة الكاثوليكية

" من الجيد تذكير المشيخيين والمعمدانيين والميثوديين وجميع المسيحيين الآخرين بأنّ الكتاب المقدس لا يُؤيدهم في أي مكان في احتفالهم بيوم الأحد. يوم الأحد هو مؤسسة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية، وأولئك الذين يَحتفلون بذلك اليوم يَحتفلون بوصيّة من الكنيسة الرومانية الكاثوليكية".

هل تُلاحظون المسألة؟ هل تَفهمون أنّ الكنيسة الكاثوليكية تَعترف تمامًا أنّ الاحتفال بيوم الأحد ليس أمرًا من الكتاب المقدس، بل هو أحد وصايا حكومة الكنيسة الرومانية الكاثوليكية؟ هل يُزعجكم هذا قليلًا؟ أتمنّى ذلك. صَدّقوني، أنا أفهم كم هو غير مريح التدقيق في التقاليد والعقائد التي كانت دعائم أساسية في حياتنا الكنسية. لكن الانزعاج ليس سببًا كافيًا لتَفادي هذه المسألة، أو الأسوأ من ذلك، تجاهُل الحقيقة المكتوبة.

لذا، اسمحوا لي أن أصيغ هذا الأمر بشكل مختلف قليلاً. ماذا لو صوَّتَتْ كل طائفة مسيحية ببساطة لتُقرِّر أي يوم يجب أن يكون يوم السبت؟ ماذا لو قَرَّر صَفّ التوراة بقواعد الأغلبية أن يوم الثلاثاء، اليوم الثالث من الأسبوع، سيُصبح سَبْتنا؟ هل تَتقبّلون ذلك؟ بالنسبة لمعظم الناس، لن يكون الأمر مُريحًا على الإطلاق، لأننا كنا سنَسأل أنفسنا جميعًا، بأي سُلطة كتابية يمكننا أن نفعَل مِثل هذا الأمر؟ ولكن إذا أخذنا تعليم بولس بخصوص "السبث" (أي أن الإنسان يستطيع أن يجعل السبت أي يوم يريده)، فلماذا لا يمكننا أن نُغيّره ونَحتَفل به متى ما أردنا؟ في واقع الأمر، لماذا لا نجعل السبت يومًا مختلفًا كل أسبوع؟ أو نقوم بتغييره من سنة إلى أخرى ليكون عادلاً ومُنصفًا للجميع؟ أو أن نَجعل أربع سبتات مُتزامنة في نهاية الشهر حتى نَتمكَّن من الحصول على مزيد من الوقت للراحة؟ أو لا سَبت على الإطلاق؟ أرى بعضكم عابسًا قليلًا؛ هذه هي المُشكلة في محاولة الدِفاع عن مَوقِف الكنيسة الأممية التقليدية المَشكوك فيه بأننا نستطيع تَغيير "السبث" ومُراعاته بأي طريقة نشاء. إذا قرَّرتم ذلك حقًا، فهذا يعني أنه يمكننا أن نُقرِّر ما يُناسبنا بالنسبة لهذا اليوم. ونحن نَعلم جميعًا بطبيعتنا أنّ هذا لا يمكن أن يكون هو الحال…وهذا، في الواقع، ليس ما قاله بولس أو قصَدَه.

الآن، أنا لا أدعو إلى نَقلْ جميع الخَدمات الكنسية إلى يوم السبت (على الرغم من أنني أعتقد أنه سيكون جيّدًا جدًا للكنيسة). كل يوم هو يوم جيد لعِبادة الله. ولكن….. ليس كلّ يوم "السبث"؛ ليس كل يوم، اليوم السابع؛ كل يوم ليس اليوم الذي أَمَر الله به في سِفْر التكوين على أنه "السبث"، وتمّ تَعزيزه هنا في سِفْر الخروج، ومرة أخرى في جَبَل سيناء، وكلّ الكتاب المقدس…. بما في ذلك، بالمناسبة، العهد الجديد. دعونا نَتذكر جميعًا أن يشوع نفسه، يسوع المسيح، اعتبَر السبت اليوم السابع. ولكن، كأفراد، أو كعائلات، يمكننا بالتأكيد أن نُكرِّم "سبث" الله، اليوم السابع، ونَظلّ نُشارك في يوم الرب (وهو تقليد غير كتابي و"وثني") إذا اخترنا ذلك. يمكننا أن نُكِّرم اليوم الذي رَسَمه الله سبتًا، بأن نأخذ ما قَصَدَه الله أن نَستريح ونكون مع عائلاتنا ونَعبُده في اليوم السابع، ولا يزال بإمكاننا حضور الكنيسة و/أو مدرسة الأحد في يوم الرَب إذا أردنا ذلك. لذا، أنا لست هنا لأدين أي طائفة أو لأقول لكم أن تَتخلّوا عن الذهاب إلى الكنيسة يوم الأحد؛ ولكنني أقول إنّ السبت مَسألة مهمة بما فيه الكفاية بحيث لا يمكننا أن نَفعل ما نشاء لمجرد أننا اعتَدنا على ذلك.

على أي حال، في الآية الثانية والثلاثين، أمَرَ الله أن توضع جَرّة من المَنّ جانبًا كدليل مرئي لتَشهد جميع الأجيال القادمة على مُعجزة تدبير الله خلال فترة إسرائيل في البرية. فأين جَرّة المَنّ هذه اليوم؟ حسنًا، عندما يَجدون تابوت العهد، سيَجدون جَرّة المَنّ، لأن التابوت يحتوي على اللوحين الحجريَيْن للوصايا العشر، وعصا هارون، وجَرّة المَنّ. هذا هو معنى الآية الرابعة والثلاثون حول وَضْع المَنّ قبل الشهادة (اسم آخر للشريعة أو التوراة) ….. ويمكنكم أن تُراهنوا على أنهم عندما يجدونه، سيكون المَنّ مَحفوظًا تمامًا.

بينما نقترب من نهاية الإصْحاح السادس عشر، اسمحوا لي أن أشير إلى شيء ذي طبيعة عامة يَحتاج طلاب التوراة إلى معرفته: إنّ موسى لم يَكتُب شخصيًا كل أسفار التوراة الخمسة، والتي غالبًا ما يُطلَق عليها أسفار موسى الخمسة. عندما يَسألني أحدهم، "من كتب التوراة" عادةً ما أقول "موسى"، ولكنها فقط إجابة عامّة. لطالما اعترف الحاخامات بأن آخرين قد دَوّنوا أجزاء من التوراة، لأن أجزاء مِنها كُتبت بعد موت موسى ورحيله. ولنا مثال على ذلك هنا، لأن كلمات الآية خمسة وثلاثين تقول إنهم أكلوا المَنّ طوال الأربعين سنة في البرية، إلى أن جاءوا للاستقرار في أرض كنعان.

لذا، بالنسبة لأولئك الذين يَسألون، كيف يمكن أن تكون هذه الآيات تَتَحدّث عن ألواح حجرية وتابوت لم يتم إنشاؤه بعد، لأنهم لم يُصلّوا بعد إلى جَبَل سيناء؟ تذكّروا أنّ التوراة ليست مُرتَّبة ترتيبًا زمنيًا مثاليًا. دعوني أصيغها بطريقة أخرى: لم يَكتب موسى مُذكّرات. لم تُكتَب التوراة مثل اليوميات. لم يَكتب موسى بضع جُمَل حول ما حدث في ذلك اليوم، ثم المزيد في الغَد، وهكذا دواليك مثل تقرير إخباري، حتى اكتملت التوراة. كلا، فمعظم الأحداث والتعليمات التي نراها في التوراة كتبها موسى وآخرون بعد الواقعة….. كتأريخ…. حتى تكون مُتماسكة ومفهومة من قبل الأجيال القادمة.

يُختَتَم الإصْحاح السادس عشر بإعطائنا معلومة مثيرة للاهتمام وهي أنّ بني إسرائيل أكلوا المَنّ لمدة أربعين سنة. لقد أمَدَّهم الله بذلك الطعام السماوي طوال فترة وجودهم في البرية، ولكن في اللحظة التي دخلوا فيها أرض الميعاد، تَوقَّف المَنّ عن التساقط بنفس السرعة التي بدأ بها.

في الأسبوع القادم، سنُناقش الإصْحاح السابع عشر.