سِفْر التّكوين
الدرس ثلاثة وثلاثين – الإصحاحان ستّة وثلاثين وسبْعة وثلاثين
على الرّغم من أن هذا الإصْحاح هو في المقام الأول سرْدُ للأنْساب، إلا أنّه يُمْكِن أن نسْتَفيد منه أكثر ممّا قد تَعْتقِد. يُمْكِننا أن نتعلّم الكثير عن المُجتمَع الق|َبَلي وكيْف اخْتلطَت العائلات وحتى سِياسة العصْر. لذا، على الرّغم من أن هذا قد يبدو وقتاً مُناسباً للإسْترخاء الذِّهني نوعاً ما، إلا أنّني أوصي بأن يكون ذلك أحَدْ الأوْقات التي يَجِب أن تتناوَل فيها المَزيد من الكافِيين وتَنْتَبِه جيداً وتُدوِّن الكثير من المُلاحظات. سيُساعِدُك ذلك كثيراً في المُسْتقبل.
اقرأ سِفْر التّكوين ستّة وثلاثين بِأكْمَلِه
هذا يُسَمّى أجْيال عيسو. عند هذه النقْطة في سِفْر التّثْنِية، يُمْكِننا القَوْل أن التّاريخ الشَّخْصي للبَطارِكة ينْتهي، ويبدأ تاريخ إسْرائيل، الأسْباط الإثْنَيْ عَشر، بالإصْحاح الذي يلي هذا الإصْحاح. دعونا نَتَذَكَّر أنه كُلّما سمِعْنا عُلَماء اليَهود أو المَسيحيين يَتَحَدَّثون عن "البَطارِكة" التوْراتيّين أو يَسْتَخْدِم الكِتاب المُقَدَّس مُصْطَلَح البطاركة أو الآباء، فإنه يَتَحَدَّث فقط عن إبراهيم وإسْحاق ويعقوب.
ما يُمْكِننا أن نراه هنا بِسُهولة هو أن عيسو كان له العَديد من الإبْناء، وأنه من الواضِح أن عيسو وأدوم هما أ) واحَد في نفْسْ الشَّخْص، ب) أنَّ عيسو أخو يعقوب هو مؤسِّس جميع القَبائل الأدوميّة، ج) أنّه هو الذي يَحْمِلُ إسم أَرْض أدوم، د) أن جَبَل سَعير يقعْ في أَرْض أدوم وأن مُصْطَلَحَيْ "سَعير" و"أدوم" مُرادِفان. وهذا يعني أنه عندما نَسمْعَ الكِتاب المُقَدَّس يَتَحَدَّث عن أَرْض سعير أو جبل سَعير أو أدوم، فإنَّهما في الأَساس نفْس المَكان.
وهذا المَكان يقَع في الطَّرَف الجُنوبي الشَّرقي من البحر المَيِّت.
إن أحَدْ أغْراض سرْد الأنْساب الطَّويل هذا هو أن يُظهر لنا أن البَرَكات البَرَكات لإسْحاق على ابْنَيْه التَّوْأم عيسو ويعقوب قد تحقَّقَت أو كانت في طريقِها إلى التَّحَقُّق. لِنُراجِع هذه البَرَكَة في سِفْر التّكوين الأصْحاح السابِع والعِشرين، الآيات ثمانية وثلاثين إلى أرْبعين.
الكِتاب المُقَدَّس الأمْريكي القِياسي الجديد سِفْر التّكوينثَمانية وثلاثين على سبْعة وعشرين، وَقَالَ عيسو لأَبِيهِ: «أَلَكَ بَرَكَة وَاحِدَةٌ فَقَطْ يَا أَبِي؟ بَارِكْنِي أَنَا أيضاً يَا أَبِي». وَرَفَعَ عِيسُو صَوْتَهُ وَبَكَى. تِسعة وثلاثين: فَأَجَابَ إسْحاق أَبُوهُ وَقَالَ لَهُ: «هُوَذَا بِلاَ دَسَمِ الأَرْض يَكُونُ مَسْكَنُكَ، وَبِلاَ نَدَى السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ. أرْبعين وَبِسَيْفِكَ تَعِيشُ، وَلأَخِيكَ تُسْتَعْبَدُ، وَلكِنْ يَكُونُ حِينَمَا تَجْمَحُ أَنَّكَ تُكَسِّرُ نِيرَهُ عَنْ عُنُقِكَ".
معظم أسْفار التَّوْراة لا تقول "بعيداً عن "دَسَم الأَرْض، بل تَتْرُك كَلِمَة "بعيداً"، فتجْعَل عيسو يَعيش في مكانٍ خصْبٍ فيه رُطوبَة وَفيرة. من المَرْوف لدى عُلَماء اليَهود والعِبْرانيين منذ زَمَنٍ طويل أن التَّقْليد الحاخامي هو الذي حَذَف كَلِمَة "بَعيداً" من النَّص، إظْهاراً للتَّعاطُف والتَّفَهُّم لِعيسو وأنه قد خُدِع في حقِّه كَبِكْرٍ وحُرِم من البَرَكَة ولكن، في الواقع، تُظهِر أقْدَم المَخْطوطات العِبْريَّة بِوُضوح أن كَلِمَة "بَعيداً" من الخَصْب والرُّطوبة التي سيَعيشُها عيسو وبالطَّبع، هذا هو المَكان الذي ذهَبَ إليه عيسو……إلى مِنْطقة تُعرَف بإسْم العَرَبة…… صحْراء.
لا يَنْبَغي أن يَمُرّ مُرور الكِرام أن عيسو اسْتَمَرَّ في طُرُقِه "الدَّنيئة" التي كان الله بِعِلْمٍ مُسْبَق أنه سيَفْعَلها، لذلك أخَذَ حقّ عيسو كَبِكْرٍ وأخْرَجَهُ من سُلالة الوَعْد، حتى قبل أن يولَد. من هنا فَصَاعِداً في الكِتاب المُقَدَّس والعَهْد القَديم والعَهْد الجَديد، يرْتَبِط عيسو وأدوم بِشَكْلٍ عام بِشَكْلٍ رمْزي بالإثْم والتَّمَرُّد، ويزْداد الأمْر كُلّما ترَكْنا التَّوْراة وانْتَقَلْنا إلى الأسْفار اللّاحقة من العَهْد القَديم. مع ذلك، هناك بعض الاحْتِرام لعيسو لأنَّه في سِفْر التّثْنِية ثلاثة وعِشرين يأمُر موسى بني إسْرائيل "ألّا يكْرَهوا الأدومِيَّين" (والأَدومي هو سَليل عيسو) لأنَّهم اَقْرِباء إسْرائيل. لذا، وبِصَراحة، هناك شِبْه انْفِصام في ذِكْر عيسو في الكِتاب المُقَدَّس: في الوقْت نفْسَه يضَعَه في صفّ غير الصّالِحين والأشْرار، ويُذكّر إسْرائيل بأن نَسْل عيسو هُم من الأقارِب، ولذا لا يَنْبَغي لِبَني إسْرائيل أن يَكْرَهوا عيسو ونَسْله. من الصَّعْب جداً على العقْل الغَرْبي أن يَفْهم هذا النّوع من المَنْطِق، لأنّنا نَنْظُر إلى العِلاقات الأُسَريَّة من وجْهة النَّظر الأوروبيَّة بالأغْلب كالأُسْرة "المُمْتَدَّة" و"النواتيّة" ولكن، يَجِب أن نَتَذَكَّر أن الكِتاب المُقَدَّس بِأكْمَلِه يَتَحَدَّث عن العِلاقات الأُسَريَّة من وِجْهَة نظَر قَبَلِيّة شرْق أوْسَطِيّة. إسْمَحوا لي أن أقول ذلك مرّة أخرى: من سِفْر التّكوين واحد إلى رؤيا واحد وعشرين، سِياق العائلة والأُمَّة في الكِتاب المُقَدَّس هو سِياق قَبَلي؛ لذا، عليْنا أن نكون حذِرين جداً من أن نَسْتَبْدِل طوْعاً أو كَرَهاً وُجْهات نَظَرْنا الغربيّة الحَديثة وهَياكِلنا الاجْتِماعيَّة في فَهْمِنا للكِتاب المُقَدَّس في العَهْد القَديم أو العَهْد الجَديد.
في أخْبار الشَّرق الأوْسط التي تُهَيْمِن على شاشات التِّلفاز أرْبعة وعشرين ساعة في اليوْم، نتحمل هذه الحَقائق المُحْبِطة حيث يقوم المُسْلِمون السُّنّة بِتَفْجير مَساجِد المُسْلِمين الشِّيعة والعكْس صحيح ويَقْتُل بعض الشِّيعة شيعَة آخَرين ويَقْتُل بعض السُّنّة سُنَّة آخَرين، ويُحارِب شيعَة إيران شيعَة العِراق وهَكذا؛ ومع ذلك، عندما تأتي الوِلايات المتَّحدة لنَجْدَة أحَدْهما، لِوَقْف الرُّعب، ينْقَلِب الآخر فجْأة على الولايات المتَّحدة مُّدّعياً الأُخُوَّة بين الفَصيلَيْن المُتَحارِبَيْن.
في أفْغانِستان، على الرّغم من أن الأخْبار الوارِدة من هناك لا تكاد تَظْهر على شاشة الرادار، إلّا أنّنا نسْمع باسْتِمْرار عن أُمَراء حرْب يُقاتِلون بعْضَهُم البَعْض، والولايات المتّحدة تقِف إلى جانِبٍ آخر، ثم فجْأة يَنْقلِب كلّ شيْء وتجِد الولايات المتّحدة نفسَها تُقاتِل ضدّ أشْخاص كانوا بالأمْس فقط يُقاتِلون كَحُلَفاء. ذلك لأن "أُمَراء الحرْب" هؤلاء هم بِبِساطة زُعماء قَبائل، يفْعَلون ما كانوا يفْعَلونَه دائماً؛ مُحاوَلةً لِكَسْب الهَيْمَنَة، وهي الوظيفة الأساسيّة لأيّ زعيم قَبَلي.
أتَذَكَّر في الحرْب الأولى ضدّ صدّام حْسَيْن…..حرْب الرّئيس السّابِق بوش….. سَمِعْت مُمَثِّلي مُخْتَلف الدُّوَل العرَبيّة يقولون إنّهم لم يرْغبوا في الحرْب ضدّ صدّام لأن حتى غَزْوِه للْكْوَيْت كان مُجَرَّد سُلوك سَيِّء، وهو أمرُ يستحقّ العِتاب وليس التَّدْمير. لقد رَأوا فيه أخاً أساءَ التَّصَرُّف وتسبَّب في مَشاكِل لِعائلَته، وليس ديكْتاتوراً قاسٍ يُهَدِّد اسْتِقْرار العالم؛ وعلى الرّغم من أن هؤلاء الناس سَوْفَ يُهاجِمون ويَقْتُلون بَعْضَهُم البعْض بِوَحْشِيّة، إلا أن الأمْر في النِّهاية معْرَكة قديمة من أجل الهَيْمَنَة القَبَلِيّة في أذهانهم؛ إنه أمر طبيعي، وليس شيئاً يَجِب إيقافه وتغييره. إنها طريقة حياة قديمة مَوْجودة منذ زمَنٍ سَحيق وهي طريقة مُفَضَّلة ربما بالنِّسْبة للأغْلَبيّة…… ولَكن بالتّأكيد بالنِّسبة لقادَة….. هذه الشُّعوب والأُمَم الشّرْق أوْسَطِيّة.
هذا هو السَّبَب في أن هذه الدُّوَل الشّرْق أوْسَطِيّة التي يبْدو أنها تكْرَه بعْضُها البَعْض بِشَكْلٍ مُطْلَق، بل وترْتَكِب الإبادة الجَّماعيَّة ضدّ بعْضِها البَعْض، سَتُساهِم كل منها في القتال ضدّ الولايات المُتّحدة وأوروبا؛ لأنها ترى نفْسها امْتداداً لِقبائل عيسو وإسْماعيل، وبالتالي فهِيَ من العائلة. هذه هي العَقْلية التي نتعامَل معها طِوال الكِتاب المُقَدَّس؛ عيسو هو الولَد الشَّقي وإسماعيل ليس الشَّخْص المُخْتار؛ ولَكن، لا يَزالون، بالمعْنى القَبَلي الأكَبَر، اَقْرِباء بَعيدين……عائلة بَعِيدة….. من إسْرائيل.
ولكن، إذا نَظَرْنا عن كَثْب، نجِد وضْعاً مُثيراً للسُّخْرية يتطوّر: جميع أبناء عيسو وُلِدوا داخل أَرْض الميعاد، بَيْنَما أبناء يعقوب وُلدوا خارج أَرْض الميعاد. أبناء عيسو وُلدوا في كنْعان وأبناء يعقوب وُلدوا في بلاد الرافِدين؛ ولكن عيسو أخَذَ عائلَتَه وأخْرجَها من بَرَكَة أَرْض الميعاد، بَيْنَما يعقوب أخَذَ عائلتَه وأدْخَلها إلى بَرَكَة أَرْض الميعاد. يا لِلرَّوْعة. يا لها من رَمْزِيَّة مُذْهِلة لَدَيْنا هنا. يا لهُ من مَصير رَهيب يَنْتَظِر أولَئك الّذين تَعْرِف عائلتُهم الله ولكن ربّ العائلة يُبْعِدهم عنه، ويا لها من بَرَكَة رائعة بِنَفْس القَدَر لِربّ العائلة الذي يأخُذ عائلتَه التي كانت خارِج بَرَكَة الله ولكنّه يقودُها إلى بَرَكَة الله.
للإضافة على هذه المُفارَقة، أليس من المُدْهِش أن شعْب إسْرائيل (يعقوب) في مُخَطَّط الله العَظيم، وُلدوا في وعود الله، وكان من المُقَرَّر أن يكونوا وَرَثة لكلّ وعود الله، ومع ذلك رفَضوها بِشَكْلٍ عام وابْتَعَدوا عنها إن جازَ التعبير. في الوقت نفسِه، فإن الأُمَمِيّين، الّذين وُلِدوا خارِج الوعود ووُلِدوا كغيْر ورَثة، قد أُعْطوا من خلال يسوع الفُرْصة للانْتِقال إلى أَرْض الميعاد وأصْبَحوا وَرَثة مُشارِكين لإسْرائيل؛ إنه عيسو ويعقوب من جديد وكما علّمتَكُم منذ سِفْر التّكوين واحد، ما هذا إلا نمَط الله؛ وعندما يضَع الله نَمَطًا، فإنه يلْتَزم به.
لنَمضي قُدُماً. نرى العديد من أبْناء وأَحْفاد وأَحْفاد أَحْفاد عيسو مُوَثَّقين هنا في سِفْر التّكوين سِتَّة وثلاثين، وبالطَّبع، هؤلاء ذُكِروا لأن كلّ واحِد منهُم كان سيُنشِئ قَبيلة بِإسْمِه. سنَرى بعْض هذه الأسْماء لاحِقاً في سِفْر التّكوين، خاصَّة أثناء وبَعْد الخُروج من مَصْر. لكن، لاحِظوا شيْئاً في الآيَتَيْن ثمانية وثلاثين وتِسْعة وثلاثين: هناك شَخصُ من نَسْل عيسو إسْمُه بعْل حانان. هذا مُجَرَّد دليل مَلْموس آخر على التَمَرُّد وعِبادة الأصْنام التي مارَسَها عيسو ونَسْلُه. لأنّه، منْذُ زَمَنٍ سحيق، كان من عادة قبائل الشَّرق الأوْسَط أن تتبنَّى إسْم الإله الرَّئيسيّ الذي تَعْبُده كَجِزْء من إسْم العائلة. هنا نرى الإسْم المألوف "بعْل"، وهي كَلِمَة كَنْعانية تُشير إلى نمْرود المُؤلّه الآن، مُرْتَبِطاً بأحَد نَسْل عيسو؛ هذا الإبْن، وأنا مُتأكِّد من أن العَديد من الأبْناء الآخَرين كانوا من عَبَدَة بَعْل ويَفْتَخِرون بِذلك.
ولكِن، نتَعَلَّم بعْض الأشْياء الأُخْرى عندما نُحَلِّل جَدْوَل الأنْساب هذا، وهي مُفيَدة. أوَّلاً، إسْمَحوا لي أن أتَطَرَّق إلى شَيْء سَيَلْتَقِطه الدارِس الحاذِق لِنُصوص الكِتابْ المُقَدَّس: نَسْل عيسو وزَوْجاته كما هو مذْكور في سِفْر التّكوين ستّة وعشرين، لا يتَطابَقون بِدِقّة مع تلك التي أُعْطِيَت لنا هنا وقد جَهِد العُلَماء مع هذا الأمْر، وتوَصَّلوا إلى اسْتِنْتاجات مُخْتَلفة.
على سَبيل المثال، الزَّوْجات الثَّلاث المذْكورات لِعِيسو في سِفْر التّكْوين ستّة وعشرين هن يَهوديت وبَسْمَة ومَحَلَّة. وهنا في سِفْر التّكوين ستَّة وثلاثين، الزَّوْجات مَذْكورات على أنَّهُنَّ آدا وبَسْمة وأهولِيهامة، والاتِّفاق الوَحيد بين الإصْحاحَيْن هو بَسْمة، ولكن حتى في هذه الحالة يُنسَب إليها أبُ مُخْتَلف: فهي إبنة إيلون الحُثّي في سِفْر التّكوين ستّة وعشرين ولكنَّها إبْنة إسماعيل في سِفْر التّكوين ستَّة وثلاثين.
من الواضِح أن لَدَيْنا ترْجَمات لنَسَب العائلة من وِجْهَتَيْ نَظَر مُخْتَلفَتَيْن. أكثَرْ فأكْثَر كُلّما بَدَأ العُلَماء في الكَشْف عن مُحاوَلة التَّوَقُّف عن النَّظَر إلى الكِتاب المُقَدَّس بالعَقْلِيَّة الغَرْبِيَّة الأوروبِيّة والبِدْء في النَّظَر إليه على حَقيقَتِه……وَثيقة شرْقْ أَوْسَطِيَّة، قَبَلِيّة، ساميَّة، عِبريَّة…. تَبْدأ بعْض هذِه القَضايا في التَّوْضيح.
على سبيل المثال، عندما نَنْظُر إلى سِلْسِلَة نَسَب مُخَلِّصِنا في الأناجيل المُخْتَلفة، سنحْصُلْ على قوائم شجَرة عائلَة مُخْتَلفة قليلاً. لكِن، كما هو مَعْروف ومَفْهوم الآن، ذلك لأنَّ الطَّريقة الشّرْق أوْسَطِيّة والعِبريَّة كانت هي الطَّريقة التي تضَع شجَرة العائلة على أساس الأنْساب النَّقِيَّة والأبْكار عندما يكون المُهِمّ هو النَسَب، وقائمة شجَرة عائلة مُخْتَلفة قليلاً تؤَكِّد على زُعَماء ومُلوك القَبيلة عندما يكون المُهِمّ هو الحِكم والسُّلطة القَبَلِيّة. لا يتَعأَرَض هذان الأمْران مع بعْضَهُما البَعْض…… إنها في الحَقيقة مَسْألة تتعلَّق بالغرَض من قائمة شجَرة العائلة.
من المُحْتَمل جداً أن يَحْدُث أحد أمْرَيْن مع هاتين القائمَتَيْن المُخْتَلِفَتَيْن لِزوْجات عيسو: إما أن بعض الزَّوجات كنّ يَحْمِلْن إسْمَيْن مُخْتَلفين، اعتِماداً على المكان الذي كنّ يَعِشْنَ فيه في ذلك الوقت (وهو أمْر شائع في تلك الحَقَبَة)، أو أن هؤلاء كنّ جميعاً زوْجات عيسو، ولكن القائمة الأولى كانت لِغَرَض ما والثانية كانت لِغَرَض مُخْتَلف.
التأثير الآخر الذي غالباً ما يُسَبِّب اخْتِلافاً في قوائم الأنْساب هو عندما تبْدأ مَجْموعتان عائليَّتان بارِزَتان في التَّزاوُج، وهكذا، مع مرور الوقت، تتلاشى الأنْسال. في عَصْرِنا حيث الطَّلاق أكثر شيوعاً من عَدَمِه، من المُعْتاد أن يكون لِلأخْوَة والأخَوَات الذِّين يعيشون معاً أسْمَاء عائلة مُخْتَلفة، ولأن المرأة في مُجْتَمَعنا تُغَيِّر إسْم عائلتها ليَتَطاَبق مع إسْم عائلة زَوْجِها الحالي، فإن إسْم عائلة الأُم سيَكون مُخْتَلفاً عن إسْم عائلة ابْنِها! ولكن، سِواء كان إسْم عائلة الأُم يَتطابق مع إسْم عائلة طِفْلِها أم لا، يَعْتمَدِ على وقت كِتابة إسْمِها والغرَض منه. إذا كانت لا تزال مُتَزَوِّجَة من والد أطْفالها عندما تم تدْوين إسْمها، فسَوْفَ يتَطابَق إسْم عائلتها مع إسْم عائلة أطفالها. في وقتٍ لاحِق، إذا طلّقت المَرْأة وتزوَّجت مرة أخرى، ثم تم تدوين إسْمها، فمن المُحْتمَلَ ألا يتَطابق إسْم عائلتها مع إسْم عائلة أوْلادِها. بعد ذلك بالطَّبْع هذا هو الحال عندما يُوافِق فيه الأبْ البيولوجي على السَّماح لِزَوْج الأم الجديد بالتَّبَنِّي، وبالتالي يَتَغَيَّير إسْم عائلة الطّفل…..وهكذا دوالَيْك.
لذا، في حين أننا نفْهَم كل ذلك في مُجْتَمَعنا، وبالتالي لا نُفكِّر في الطَّريقة التي قد يَظْهر بها إسْم الشَّخْص نفْسه في وثائق مُخْتَلفة على أنه "خَطأ" أو "تضارُب"، إلا أن المُجْتَمَعات في عصْر الكِتاب المُقَدَّس كانت تفعَل أشياء مُماثلة فيما يتعلَّق بِتَغيير الأسماء، ولكن لأسباب مُخْتَلفة. لذا، في الكِتاب المُقَدَّس غالباً ما نحْصُلْ على هذا الخليط من الأسماء المتداخلة وتغيير الأسْماء بِسَبَب المواليد والوفيّات أو بِسَبَب زواج أرْمَلة من زوْج من جنسيَّة مُخْتَلفة أو بِسَبَب انتِقال العائلة إلى أُمَّة أخرى وتبنِّيها للعادات المَحليَّة لتَسْمِيَة الأشخاص، أو بِسَبَب تخلّي العائلة عن الوَلاء لإله ما وبِدْء الولاء لإله جديد وهكذا دواليك.
ما يَجِب أن نُلاحِظه من كل هذا، هو أن هناك الكثير من الإخْتِلاط عن طريق الزَّواج يجري بين نَسْل إسماعيل (ابن إبراهيم) وعيسو (ابن إسْحاق، الأخ التَّوْأم ليعقوب)، وقد بدأ ذلك في وقت مُبْكِر جداً، وتسارَعَت وتيرَتُه بِسُرْعة. حَدَث ذلك بِشَكْلٍ أكبر مع بعض عشائر كل قبيلة وأقلّ من ذلك مع البعض الآخر؛ والنَّتيجة هي أنه في الوقْت الذي نصِل فيه إلى زمَن العَهْد الجَديد، يكون الإخْتِلاط كبيراً ويَصْعَب التَّمييز بين شخْص يدعو عيسو سَلَفَه وآخر يدعو إسماعيل سَلَفَه. في أيام يسوع، كما هو الحال الآن، كان العرَبيّ الحقيقيّ……. أي العَربي وليس مُجَرَّد شخْص يتكلَّم إحدى اللَّهْجات العَرَبيَّة العديدة…. هو عُموماً من نَسْل إسماعيل، ومُعْظَم قبائل الشَّرْق الأوْسَط الأخرى هي خَليط من عيسو وإسماعيل، والإسْتِثْناء الرَّئيسيّ هو قبائل شمال الشَّرْق الأوْسط التي فيها دمْ فارِسي أكثر.
الأمْر الأخير الذي يَجِب أن نُلاحِظه قبل أن نَمْضي قُدُماً هو أننا نرى إسْم "عماليق" يَظْهَر. يظهَر عماليق كعدوّ مُبْكِر جداً لإسْرائيل، وفي الواقع يُقال الكثير في سِفْر الخُروج عن هُجوم قبيلة عماليق على إسْرائيل في رِحْلَتِهِم عبر البرِّيّة بعد خُروجهم من مصر. كان عماليق ابْن تيمنا (أمّه)، التي كانَت من الحوريِّين. في الواقع، لم تكُن تيمنا زوْجة شرْعيّة، بل كانت مَحْظيّة. لذا، كانت لها مكانة أدنى، وهذا بِدَوْرِه أعطى عماليق مكانة أدنى في طريقة التَّفْكير القَبَلِيّة.
كَوْن تيمنا كانت حورِيَّة (قبيلة كنْعانيَّة)، وانْضَمَّت إلى قبيلة أدومِيَّة عن طريق الزَّواج من إليفاز (أدومي)، جَعَل من عماليق قبيلة أدومِيَّة، ولكن، أدْنى من بعض الأنْسال الآخَرين الذين تزوَّجوا من نَسْلها من داخل العائلة. بالتالي، فإن عماليق، على الرّغم من أنهم من نَسْل عيسو من الناحية التِّقَنيّة، إلا أن الكِتاب المُقَدَّس يُعاِملهم بِشَكْلٍ مُنْفَصل إلى حدّ ما. لا يُعْتَبَر العماليق من نَسْل عيسو اَقْرِباء لإسْرائيل، في حين أن أَحْفاد عيسو الآخَرين يُعتبَرون اَقْرِباء لإسْرائيل. يَعْكُس ذلك السِّياسة والتَّقاليد أكثَرْ بِكَثير ممّا يَعْكُس الأنْساب الفِعْلِيَّة……. وسَنَجِد الكثير من هذا النَّوْع من الأمور في الكِتاب المُقَدَّس في أسْفار التَّوْراة والإنجيل. الأمر مَتْروك لنا للإكتشاف والفَهْم…….لأن الكُتّاب العِبْرانيين والقُرّاء الأوائل للتَوْراة والكِتاب المُقَدَّس العِبري فهِموا جيداً هذه الفروق الدَّقيقة التي ضاعَت مِنّا.
لذا، من فَضْلَك… لا تُغْلِق ذِهنَك وتأخُذ غَفْوة صغيرة عندما نُناقِش هذه الأمور التاريخيَّة / الإجْتِماعيَّة / الجينِيَّة، فقط بِجانِب الرّوحِ القُدُس الساكن في داخِلِك، هذه هي المَفاتيح لفَهْم ما تَعْنيه كتابات الكِتاب المُقَدَّس بالفعل وكيف يجب تطْبيقُها على حياتِك.
سِفْر التّكوين الإصْحاح السّابع والثلاثين
في هذه المَرْحلة من التَّوْراة، سَتَدور كل الفُصول المُتَبَقِّية من سِفْر التّكوين حول يوسف. يَقْتَرِب عصر البطارِكة، إبراهيم وإسْحاق ويعقوب، من نِهايَته ولكن، سَيَتمّ الكلام عن يوسف وأعْماله التي تُرَكِّز على حياتِه أكثر من على أي من البطاركة.
يُمْكِن للمَرْء أن يقول أيْضاً أنه في هذه المَرْحَلة من التَّوْراة، يُصْبِح إسْرائيل نِقْطة التَّرْكيز لأول مرَّة في التَّوْراة. لقد تمَّ رسْم إسْرائيل الآن كشَعْب مُنْفَصِل، ولكن اعتباراً من الإصْحاح السّابع والثّلاثين بالتّأكيد لم يَصِل بَعْد إلى مكانة الأُمَّة.
إذَن، بِقَدَر ما يكون يوسف في الصَّدارة وفي المَرْكز في الأصْحاحات الثلاثة عشَر المُتَبَقِّيَة من سِفْر التّكوين، لماذا لا يُعتبَر يوسف بَطْرِيَرْكاً كما كان أبوه؟ لا أسْتطيع أن أجْزُم حقاً لماذا تَنْتَهي هذه المَكانة مع يعقوب وليس مع يوسف، ولكن يُمْكِنُني أن أُشير إلى حقيقة واحدة بارِزة هي بالتَّأكيد تَغْيير مَلْحوظ في طريقة عَمَل يَهوَه مع قائد العِبرانيِّين: كان الله على اتِّصال مُباشَر وثُنائي الإتِّجاه مع إبراهيم وإسْحاق ويعقوب…… لقد أوْصَل تَعْليماته إلى البطاركة عن طريق الوَحي الإلَهي المُباشر……ولكِنَّه لم يَفْعل ذلك مع يوسف. كان التَّواُصل المُباشَر ثُنائي الإتِّجاه مُخَصَّصاً لِحالات خاصَّة جداً، ولم يكُن يوسف إحداها.
في الفصول العديدة التّالية، المَنْسوجَة في كل هذه الرِّواية، سنُلْقي نظْرَة على ديناميكيَّة أخْرى من ديناميكيّات الله السَّائدة. كانت الَدَيْناميكية الحاكِمَة الأولى التي تَعَرَّفْنا عليها هي ديناميكيِّة الإنِقِسام والفَصْل والإخْتيار؛ وسَتكون هذه هي وسيلة الله لتَحْقيق هَدَفِه في إتقان البشريَّة وجَعْلِها في وِحْدة مَعه. الكَلِمَة التي نسْمَعُها كثيراً في الكنيسة هي "التَّقْديس". التَّقْديس هو فِعْل تقسيم الله للناس وفَصَلهم واخْتيارهم لِأغراضِه. التَّقْديس هو تخْصيص الإنسان له. لقد مُنِحَ الشَّخْص المخصَّص لله وضعاً مقدساً، وضْعاً أعلى من الوَضْع العام. الوَضْع العام هو وضْع العالَم والوَضْع المقدّس هو وضْع أولئك الذين خُصّصوا لله، لذلك كانوا ولا يزالون مقدّسين. أنتم كمؤمنين قد تقدّسْتم؛ أي أنكم قد انْقَسَمْتم وانْفَصَلتم وتمَّ اخْتيارُكم لتكونوا أبناء الله الخاصِّين، وأن تتوافَقوا مع مَشيئته وأن تَخْدموه. لقد تمَّ إعلانُكم مقدّسين. لكن، في الواقع، المؤمِنون هم أشْبَهْ بالقبيلة المُخْتارة من أمَّة إسْرائيل المُخْتارة؛ وتلك القبيلة المُخْتارة كانت لاوي، لأنه قيل لنا في العَهْد الجَديد أن المؤمِنين بِيَسوع هم كهْنوتَه.
هذه الَدَيْناميكيَّة الأخرى لحِكم الله هي تلك التي نرى الربّ يسْتَخْدمها في تعامُلِه مع يوسف؛ وهذه الَدَيْناميكية الثانية للحُكْم التي أوَدّ أن أعلّمُكُم عنها هي العِناية الإِلَهِيَّة، أي أن الله يعمَل مشيئته بِشَكْلٍ غير مَرْئي وغير معروف لنا إلى حدّ كبير… مع ذلك، في جهْلِنا، نحن في الواقع طَرَف في ذلك، وبِطريقة ما في المُمارَسة الحُرَّة لإرادَتْنا، يُرْشد الله البشَر إلى النِّهاية التي قرّرها في الأزَل، إلا أنه يبدو في كثير من الأحْيان كما لو أنه لا يُرْشدنا على الإطْلاق….. بل يبدو أحياناً أنه خَلَقَ خَلْقَه وتَرَكَنا وَحْدنا، تارِكاً خَلْقُه يَسْلك الطَّريق الذي شاءه القدَر.
بالإضافة الى ذلك، يبدو في كثير من الأحيان أن الله لا يُمْكِن أن يحقِّق أهْدافه من خلال اسْتِخْدام الظُّروف الحاليّة. إلا أنه، من دون أن نُدْرك ذلك، فإن العِناية الإِلَهِيَّة تعْمل وتتحرَّك نحْوَ خاتِمَتها الحَتْمِيّة التي لا يُمْكِن تغييرها والتي قدّرها الله؛ وبَيْنَما يُمْكِننا أن نرى ذلك في حياة البطارِكة، وإن كان بِشَكْلٍ خافِت في بعض الأحيان، فإن قِصَّة يوسف تتَلألأ بِشَكْلٍ إيجابي بالعِناية الإِلَهِيَّة المَلحوظَة. بالطبع، بالنِّسبة لنا، يُمْكِن مُلاحَظَتْها لأن لَدَيْنا شيْء لم يَكُن لدى يوسف وجميع الشَّخْصيات الأخرى المُرْتَبِطة بهذه الرِّحلة المُذْهلة التي هي حياة يوسف: لَدَيْنا ميِزة الإدْراك المتأخِّر. فبَيْنَما كانوا في خِضَمّ كل ذلك، لم يتَمَكَّنوا من رؤيَته…….العِناية الإِلَهِيَّة……وهي تعْمل. ذلك لأن إحْدى الخَصائص الرَّئيسيّة للعِناية الإِلَهِيَّة هي أنه نادراً ما يُمْكِن للبشَر مُلاحَظتها أثناء حُدوثها. لقد تَعرّفنا الآن على اثْنَتَيْن من ديناميكيَّات الله السَّائدة: التَّقْديس، وهي عَمَليَّة التَّقسيم والفَصْل والإخْتيار؛ والعِناية الإِلَهِيَّة، وهي العَمَل غير المَرئي لإرادة الله لدى البشريّة جَمْعاء. مع وَضْع التَّقْديس والعِناية الإِلَهِيَّة في الإعْتبار، دَعونا نَنْظُر الآن إلى حياة يوسف.
اقرأ سِفْر التّكوين سبعة وثلاثين بكامله
مع بداية الإصْحاح السّابع والثلاثين، يوسف، الثاني بعد الأخير من أبناء يعقوب، يبلغ من العمر سعة عشرة سنة وهو يعيش في كنعان مع بقيَّة إخْوَته وسُرْعان ما سينتهي به المَطاف في مصر. قد يكون هذا هو الوقت المُناسب لذِكر شيْء قد تُبرِزه آلة حاسبة جيِّدة وقليل من البّحْث. تذكَّروا أنه سُجِّل في نهاية الإصْحاح الخامس والثلاثين وفاة والد يعقوب، إسْحاق وقد أخبَرْتُكم حينَها أن إسْحاق قد عاش بالفِعْل فترة طويلة بما فيه الكِفاية لِرؤية جميع أَحْفاده، أسْباط إسْرائيل الإثني عشر. حسناً، بقي إسْحاق أيضاً حَياً لِفَتْرة كافِية ليَعْلَم عن اخْتِفاء يوسف، لكنَّه لم يَعِشْ طويلاً بما يكفي لِمَعْرِفة النَّتيجة.
كما هو ليس غريباً في الكِتاب المُقَدَّس (وهو بالمُناسبة ليس مُصَمّماً لِيَكون رِواية)، أحياناً ما يتمّ وضْع عِبارة ما في الكِتاب المُقَدَّس بِشَكْلٍ ما وسنَفْتَرِض أن هذه العبارة بالضَّرورة بالآيات التي تسْبِقْها مُباشرةً. في الواقع، ليس هذا هو الحال في كثير من الأحيان.
في سِفْر التّكوين سبعة وعشرين على خمسة وثلاثين نَقْرأ عن عوْدة يعقوب إلى حبْرون وتَحِيَّته لإسْحاق، وفي الآية التالية نَقْرأ أن إسْحاق تُوُفّي عن عُمْر مئة وثمانين سنة وأن إبْنَيْه عيسو ويعقوب حَضرا جنازته. حسناً، كما اتَّضح أن الآيتين سبعة وعشرين وثمانية وعشرين ليْسَتا متَّصلتَيْن بِبَعْضِهما البعْض وإنهما بِبساطة بيانان مُخْتَلفان للحَقيقة، أحَدُهما يتبَع الآخر…..يعقوب عاد إلى البيت، وبعد ذلك بِوَقت ما، مات إسْحاق. بِقليل من العَمَليّات الحسابيّة البَسيطة، نكْتَشِف أن إسْحاق مات بعد أن اخْتفى يوسف لِمُدَّة إثني عشرة سنة. لن أخوض في الحِسابات، ولكن إذا كُنْت مهتماًّ، إليك العُنْصُرين الأساسِيَّيْن: كان يعقوب أصغر من إسْحاق بستِّين سنة. لذا، عندما تُوُفِّيَ إسْحاق عن مئة وثمانين سنة، كان عُمْر يعقوب مئة وعشرين سنة. الأمْر الثاني الذي يَجِب مَعْرِفته هو أن يعقوب تُوُفِّيَ عن عمر مئة وسبعة وأربعين سنة. سأتْرُكُكُم تكْتَشِفون كيَفِيَّة الوُصول إلى الإطار الزَّمني الصَّحيح، لأن كل المَعْلومات الضَّروريّة موجودة في الصَّفحات العديدة التالية.
الآية الأولى تُخْبِرنا بأمْرٍ مُهِمّ: كان يتجلَّى المَصير الذي أعْطاه إسْحاق لابْنَيْه التَّوأم من خلال البَرَكَة. كان يعقوب يعيش الآن في أَرْض الميعاد وعيسو قد ترَكَها، وعاش بعيداً عن الأَرْض الخَصْبة وبعيداً عن الأمْطار المُنْتَظِمة. لكن، هناك جِزء آخَرْ من البَرَكات من زمَن سابِق لِيَعقوب، بل حتى قبْل أبيه إسْحاق، قد اقْتَرَب من التَّحَقُّق؛ البَرَكَة الإبْراهيميَّة التي تقولُ إن العِبْرانيّين سيَعيشون لِفَتْرة من الزَّمن غُرَباء في أَرْضٍ غريبة، ومُضْطَهَدين. الكِتاب المُقَدَّس الأمريكي القياسي الجديد سِفْر التّكوين ثلاثة عشرعلى خمسة عشر وَقَالَ اللهُ لإِبْرَامَ: "إعْلَم يَقيناً أن نَسْلك سيَكون غريباً في أَرْضٍ ليست لهُم، ويُسْتعْبَدون لهُم. فيَذِلُّونَهُم أربعمئة سنة". أربعة عشرة: "ثم الأُمَّة التي َيسْتعْبِدون لها أنا أُدينُها، وبعد ذلك يَخْرُجون بأمْلاك جَزيلة".
بعد قليل، سَنَكْتَشِف أن "الأَرْض التي ليْست لهُم"، المكان الذي سيَعيشون فيه لِمُدَّة أربعمئة سنة، هي مصْر. وفي الإصْحاح السابع والثلاثين، لم يَتَبَقَّ لنا سِوى سَنوات قليلة حتى يُصْبِح هذا الحَدَث واقِعاً مَريراً.
دعونا نَنْتَهي هنا لهذا الأسْبوع.