سِفْرُ التَّكْوِينِ
الدَّرْسُ السَّابِعَ عَشَرَ – الإِصْحَاحَانِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ
نَبْدَأُ الْيَوْمَ الإِصْحَاحَ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ. إِنَّهُ فَصْلٌ طَوِيلٌ جِدًّا، لِذَلِكَ سَنَقُومُ بِتَقْسِيمِهِ قَلِيلًا. سَنَبْدَأُ بِقِرَاءَةِ الْآيَاتِ الْعَشْرَةِ الأُولَى.
اِقْرَأْ سِفْرَ التَّكْوِينِ سَبْعَةَ عَشَرَ عَلَى وَاحِدٍ إِلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
فِي الْجُزْءِ الأوَّلِ مِنَ الْأَصْحَاحِ السَّابِعَ عَشَرَ، لَدَيْنَا نُقْطَةُ مَرْجِعٍ: كَانَ عُمْرُ إِبْرَاهِيمَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ سَنَةً عِنْدَمَا ظَهَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ. إِذًا، لَقَدْ مَرَّتْ ثَلاَثَ عَشَرَةَ سَنَةً بَيْنَ الْكَلِمَاتِ الْأَخِيرَةِ مِنَ الْفَصْلِ السَّادِسَ عَشَرَ وَهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الأُولَى مِنَ الْفَصْلِ السَّابِعَ عَشَرَ. فَنَحْنُ مُحْجَبُونَ عَنْ كُلِّ مَا حَدَثَ فِي فَتْرَةِ الثَّلاَثَةَ عَشَرَ سَنَةً تِلْكَ.
لَكِن، هُنَاكَ بَعْضُ الْأُمُورِ الَّتِي يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَهَا: أَوَّلًا) أَنْجَبَتْ هَاجَرُ ابْنَهَا إِسْمَاعِيلَ، وَهُوَ الْآنَ فِي الثَّالِثَةَ عَشَرَةَ مِنْ عُمُرِهِ. إِثْنَانِ) لَا تَزَالُ سَارَةُ بِلَا وَلَدٍ. إِنَّهَا لَيْسَتْ عَاقِرًا بالِنِسْبَة لِإِنْجَابِ طِفْلٍ ذَكَرٍ فَحَسْبُ، بَلْ لِأَيِّ طِفْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ. ثَلاَثَةٌ) لَا تَزَالُ الْعَشِيرَةُ تَعِيشُ فِي كَنْعَانَ. أَرْبَعَةٌ) مِنَ الْمُحْتَمَلِ جِدًّا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ اتِّصَالٍ بَيْنَ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ خِلَالَ تِلْكَ الْفَتْرَةِ الَّتِي اسْتَمَرَّتْ ثَلاثَ عَشَرَةَ عَامًا. خَمْسَةٌ) لَا يَزَالُ الْعَهْدُ الأوَّلُ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَ إِبْرَاهِيمَ عَلَى حَالِهِ.
فِي هَذَا الظُّهُورِ الْجَدِيدِ، يُضِيفُ اللَّهُ عَهْدًا إِلَى الْعَهْدِ السَّابِقِ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَهُ مِنْ قَبْلُ، بِإِعْلَانِهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ سَيَكُونُ أَبًا لِأُمَمٍ كَثِيرَةٍ، وَبِالْمُنَاسَبَةِ، هَذَا لَا يَعْنِي بِالضَّرُورَةِ الْأُمَمَ الْعِبْرَانِيَّةَ فَقَطْ، بَلْ وَالأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ، أَنَّ كُلَّ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ سَتَكُونُ مِنْ سَلَامَةِ الْوَعْدِ الْمَقْطُوعِ بِالْعَهْدِ.
الكَلِمَةُ العِبْرِيَّةُ المُسْتَخْدَمَةُ هُنَا لِكَلِمَةِ "أُمَم" هِيَ "غُوَيْيم". لَقَدْ تَغَيَّرَ اسْتِخْدَامُ كَلِمَةِ "غُوَيْيم" قَلِيلًا عَلَى مَرِّ الزَّمَانِ، لَكِنَّهَا احْتَفَظَتْ بِنَفْسِ الْمَعْنَى بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ: غُوَيْيم تَعْنِي الأُمَمَ أَوِ الشُّعُوبَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ أَصْلٍ عِبْرِيٍّ. الْآنَ، يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ لَهَا أَيْضًا الْمَعْنَى الْبَسِيطَ لِأَيِّ أُمَّةٍ، عِبْرَانِيَّةٍ أَمْ غَيْرَ عِبْرَانِيَّةٍ؛ فَالسِّيَاقُ هُوَ الْمِفْتَاحُ. الْيَوْمَ، الْاِسْتِخْدَامُ الْأَكْثَرُ شُيُوعًا لِكَلِمَةِ "غُوَيْيم" عِنْدَمَا تَنْطَبِقُ عَلَى شَخْصٍ مَا هُوَ "أَمَمِيٌّ"… غَيْرُ عِبْرَانِيٍّ أَوْ غَيْرُ يَهُودِيٍّ.
وَالْآنَ، هَلْ أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ كَلِمَةَ "غُوَيْيم"، أُمَّةً، لِتَعْنِي "غَيْرَ الْعِبْرَانِيِّينَ"؟ كَلَّا.
كَانَ إِبْرَاهِيمُ نَفْسُهُ سَيُصْبِحُ أَوَّلَ عِبْرَانِيٍّ. بِالنِّسْبَةِ لِإِبْرَاهِيمَ، لَمْ يَكُنْ هَذَا يَعْنِي بِبَسَاطَةٍ أَنْ نَسْلَهُ لَنْ يَكُونَ عَدَدُهُ كَبِيرًا فَحَسْبُ، بَلْ كَانَ يَعْنِي أَيْضًا أَنَّهُمْ سَيَنْقَسَّمُونَ إِلَى عِدَّةِ مَجْمُوعَاتٍ وَيُصْبِحُونَ عِدَّةَ أُمَمٍ مُمَيَّزَةٍ وَمُنْفَصِلَةٍ. لَكِن، بِمَا أَنَّنَا سَنَسْتَفِيدُ مِنَ النَّظَرِ إِلَى الْوَرَاءِ أَرْبَعَةِ آلَافِ سَنَةٍ، مَا سَنَرَاهُ هُوَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَنْجَبَ بِالْفِعْلِ عِبْرَانِيِّينَ وَغَيْرَ عِبْرَانِيِّينَ. لَقَدْ أَنْجَبَ إِبْرَاهِيمُ الشَّعْبَ الْيَهُودِيَّ بِالْإِضَافَةِ إِلَى عَدَدٍ مِنْ مَجْمُوعَاتِ الشُّعُوبِ الْوَثَنِيَّةِ. سَنَرَى ذَلِكَ بَعْدَ قَلِيلٍ.
فِي الْآيَةِ الْخَامِسَةِ، نَرَى اللَّهَ يُغَيِّرُ إِسْمَ إِبْرَاهِيمَ (لَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرَّةُ الْأَخِيرَةَ الَّتِي يُغَيِّرُ فِيهَا إِسْمَ شَخْصٍ مَا): مِنْ إِسْمِ أَفْرَامَ (تَهْجِيَةٌ)، إِلَى إِسْمِ أَبْرَاهَامَ (تَهْجِيَةٌ). أَي مَنْ أَنْ يُدْعَى أَبًا عَظِيمًا، إِلَى أَبٍ لِلْكَثِيرِينَ… أَوْ فِي تَرْجَمَةٍ أَفْضَلَ، أَبًا لِلْجُمُوعِ. هَذِهِ أَيْضًا هِيَ النُّقْطَةُ الَّتِي يُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقُولَ فِيهَا بِشَكْلٍ مَعْقُولٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ أَصْبَحَ عِبْرَانِيًّا. الْآنَ، فِي أَيِّ نُقْطَةِ زَمَنٍ بِالضَّبْطِ بَدَأَ إِبْرَاهِيمُ يُطْلِقُ عَلَى نَفْسِهِ، وَعَلَى نَسْلٍ مَعَيَّنٍ، إِسْمَ "عِبْرَانِيّ"، لَا نَعْلَمُ. فِي الْحَقِيقَةِ، هُنَاكَ خِلَافٌ حَوْلَ مَعْنَى كَلِمَةِ "عِبْرَانِيّ". مِنَ الْمّقبولِ عُمُومًا فِي مُجْتَمَعِ عُلَمَاءِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ أَنَّهَا تَعْنِي "الشَّخْصَ الَّذِي عَبَرَ". مَعَ ذَلِكَ، سَيُخْبِرُكَ عُلَمَاءُ الْأَنْثُرُوبُولُوجِيَا وَعُلَمَاءُ الْآثَارِ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ…
إنَّهُ مِنَ الْمُحْتَمَلِ أَنْ كَلِمَةَ عِبْرَانِيٍّ هِيَ كَلِمَةٌ لَمْ تَأْتِ إِلَّا فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنَ الزَّمَنِ وَأَنَّهَا قَدْ جَاءَتْ مِنْ كَلِمَةٍ شَرْقِيَّةٍ هِيَ "إِيبُورُ" (تَهْجِيَةٌ). وَقَدْ استُخْدِمَتْ كَلِمَةُ إِيبُورُ فِي كَنْعَانَ وَمَنَاطِقَ أُخْرَى مُجَاوِرَةٍ كَمَصْطَلَحٍ يَعْنِي بِبَسَاطَةٍ الْغُرَبَاءَ أَوِ التَّائِهِينَ الَّذِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أُمَّةٌ مُحَدَّدَةٌ يُمْكِنُ تَحْدِيدُ هُوِيَّتِهِمْ مِنْ خِلَالِهَا. بِالتَّأْكِيدِ، فِي تِلْكَ الْمَرْحَلَةِ مِنَ التَّارِيخِ الَّتِي نَتَحَدَّثُ عَنْهَا، كَانَ إِبْرَاهِيمُ وَعَشِيرَتُهُ بَيْنَ بَيْنْ: عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُمْ جَاؤُوا مِنْ أُورٍ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَعُودُوا يُعْتَبَرُونَ أَنْفُسَهُمْ "أُورَ حَشْدِيمَ"، أَيْ أَنَّ مَوْطِنَهُمْ لَمْ يَعُدْ أُورَ الْكِلْدَانِيِّينَ فِي بِلَادِ مَا بَيْنَ النَّهْرَيْنِ. وَلَكِنْ بِالتَّأْكِيدِ لَمْ تَكُنْ عَشِيرَةُ إِبْرَاهِيمَ قَدْ أَسَّسَتْ بَعْدُ هُوِيَّةً مُنفَصِلَةً، وَلَمْ يَكُنْ بُوسْعِهِمْ أَنْ يُشِيرُوا إِلَى مَكَانٍ فِي كَنْعَانَ يُمْكِنُهُمْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُمْ يَنْمَتُونَ إِلَيْهِ، لِأَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ وَعَدَهُمْ بِأَرْضِ كَنْعَانَ كَمِيرَاثٍ لَهُمْ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يُطَالِبُوا بَعْدُ بِهَذَا الْمِيرَاثِ.
الْآنَ، هَذَا الْعَهْدُ فِي الْآيَةِ السَّادِسَةِ حَوْلَ أَنْ يُصْبِحَ أَبًا لِأُمَمٍ كَثِيرَةٍ هُوَ عَهْدٌ آخَرُ مِنْ تِلْكَ الْعُهُودِ الدَّائِمَةِ غَيْرِ الْمَشْرُوطَةِ؛ كُلُّ مَا كَانَ يُمْكِنُ لِإِبْرَاهِيمَ فِعْلُهُ هُوَ أَنْ يَتَبَارَكَ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَدَيْهِ التِّزَامَاتُ حَقِيقِيَّةٌ فِي الْعَهْدِ؛ وَلَكِنْ، كَانَ اللَّهُ عَلَى وَشَكِ أَنْ يَقْطَعَ عَهْدًا آخَرَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ، وَفِي حِينٍ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْعَهْدُ التَّالِي سَيَكُونُ دَائِمًا، أَبَدِيًّا، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوطًا بِالتَّأْكِيدِ وَكَانَ أَيْضًا ثُنَائِيَّ الْجَانِبِ، عَلَى عَكْسِ الْعَهْدِ الْأَحَادِيِّ: أَيْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَنَسْلَهُ كَانَ عَلَيْهِمْ التِّزَامَاتُ يَجِبُ أَنْ يُؤَدُّوهَا لِلِاحْتِفَاظِ بِهَذَا الْعَهْدِ. مَعَ ذَلِكَ، كَانَ هَذَا الْعَهْدُ أَيْضًا فَرْدِيًّا؛ فَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَلَيْهِ مَسْؤُولِيَّةُ قَبُولِ هَذَا الْعَهْدِ لِنَفْسِهِ أَوْ عَدَمِ قَبُولِهِ. بِعَبَارَةٍ أُخْرَى، فَإِنَّ الشَّخْصَ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ سَيُؤَثِّرُ فَقَطْ عَلَى أَحْكَامِ الْعَهْدِ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ نَفْسَهُ؛ وَسَيَظَلُّ الْعَهْدُ سَارِيًا بِنِسْبَةٍ لِكُلِّ فَرْدٍ اخْتَارَ أَنْ يَقْبَلَهُ. هَذَا الْعَهْدُ يُسَمِّيَهُ الْيَهُودُ "بِرِيت مِيلاَه": نَحْنُ نُسَمِّيهِ الْخَتَانَ.
قَبْلَ أَنْ نُنَاقِشَ الْخَتَانَ، دَعُونَا نَلْقِى نَظْرَةً عَلَى الْآيَةِ الثَّامِنَةِ. تَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الْأَرْضَ لِإِبْرَاهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الْأَبَدِ. أَعْلَمُ أَنَّنَا تَحَدَّثْنَا عَنْ هَذَا الْأَمْرِ كَثِيرًا وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُكَرِّرَ كَلَامِي، إِلَّا أَنَّنِي أَحْتَاجُ أَنْ أُوَضِّحَ شَيْئًا غَالِبًا مَا يُغْفَلُ: هُنَاكَ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ الْأَرْضَ أُعْطِيَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَيْنَ أَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعِيشُونَ فِي الْأَرْضِ. إنَّ مَصْطَلَحَ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ الَّذِي نَجِدُهُ عَادَةً يُشِيرُ إِلَى أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَعِيشُونَ فِي الْأَرْضِ هُوَ "الْحِيَازَةُ". الْحِيَازَةُ لَا تَعْنِي تَمَامًا نَفْسَ الشَّيْءِ الَّذِي نَفْكِرُ فِيهِ عَادَةً؛ الْحِيَازَةُ تَعْنِي أَكْثَرَ "الِاحْتِلَالَ". إِنَّهَا لَا تَشِيرُ حَقًّا إِلَى الْمِلْكِيَّةِ. دَعْنِي أُعْطِيكَ تَشْبِيهًا. أَنْتَ تَشْتَرِي سَيَّارَةً. يَقُومُ الْبَنْكُ الْمَحَلِّيُّ بِتَمْوِيلِهَا. حَتَّى تَدْفَعَ ثَمَنَهَا بالكامِل، هُمْ يَمْتَلِكُونَ السَّيَّارَةَ. أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ إِنَّهَا لَيْسَتْ سَيَّارَتَكَ مِنَ النَّاحِيَةِ الْقَانُونِيَّةِ، أَنْتَ فَقَطْ تَسْتَخْدِمُهَا. لِذَٰلِكَ، فَإِنَّ الْبَنْكَ يَمْتَلِكُ السَّيَّارَةَ، لَكِنَّهَا فِي حِيَازَتِكَ حَتَّى تَقُومَ إِمَّا بِسَدَادِ ثَمَنِهَا أَوْ بِالتَّخَلُّفِ عَنْ السَّدَادِ. إِذَا تَخَلَّفْتَ عَنْ السَّدَادِ، يُعِيدُ الْبَنْكُ حِيَازَةَ السَّيَّارَةِ…… أَيْ أَنَّهُ يَمْتَلِكُهَا دَائِمًا، لَكِنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُهَا مِنْ حِيَازَتِكَ وَيَسْتَحْوِذُ عَلَيْهَا لِنَفْسِهِ. لِهَذَا السَّبَبِ يُسَمَّى هَذَا الْأَمْرُ بِإِعَادَةِ الْحِيَازَةِ. وَمَعَ ذَلِكَ، لَاحِظْ، فِي جَمِيعِ الْحَالاتِ، كَانَ يَمْلِكُ السَّيَّارَةَ. كُلُّ مَا فِي الْأَمْرِ أَنَّكَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ كُنتَ تَمْلِكُهَا أَنْتَ، وَالْآنَ هُوَ يَمْلِكُهَا!
مُنْذُ اللَّحْظَةِ الَّتِي قَطَعَ فِيهَا اللَّهُ الْعَهْدَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ، كَانَتِ الْأَرْضُ فِي حِيَازَةِ الْعِبْرَانِيِّينَ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَانَ الْوَقْتُ بَعْدُ لِيَمْتَلِكُوهَا. حَتَّى خِلَالَ الْأَرْبَعِمِئَةِ سَنَةً الَّتِي قَضَاهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي مِصْرَ، كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَحُوزُونَ عَلَى أَرْضِ كَنْعَانَ….. لَكِنَّهُمْ لَمْ يَمْتَلِكُوهَا…… لَمْ يَحْتَلُّوهَا. يُمِيلُ النَّاسُ إِلَى الْخَلْطِ بَيْنَ الْأُمُورِ وَيَقُولُونَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَدُوا مِلْكِيَّةَ الْأَرْضِ عِنْدَمَا أَخْرَجَهُمْ اللَّهُ إِلَى بَابِلَ بِسَبَبِ خَطَايَاهُمْ. مَرَّةً أُخْرَى، عِنْدَمَا سَيْطَرَ الرُّومَانُ وَدَمَّرُوا الْقُدْسَ عَامَ سَبْعِينَ مِلَادِيًّا. لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. بَقِيَتِ الْحِيَازَةُ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لَقَدْ رَفَضَ اللَّهُ بِبَسَاطَةٍ أَنْ يَسْمَحَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بِاحْتِلَالِ الْأَرْضِ…… بِامْتِلاَكِهَا…. لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ. هَذَا بِالْكَادِ جِدَالٌ بِأُمُورٍ فَارِغَةٍ؛ إِنَّهُ مَجَرَّدُ فَهْمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحِيَازَةِ وَالْإِمْتِلاَكِ وَهُوَ بِالْأَحْرَى وَثِيقُ الصِّلَةِ بِأَوْلَئِكَ الَّذِينَ يَقُولُونَ، حَسَنًا، لَقَدْ فَقَدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حِيَازَةَ الْأَرْضِ لِمُدَّةِ أَلْفٍ وَتَسْعِمِئَةِ سَنَةٍ، لِذَلِكَ لَمْ يَعُدْ لَهُمْ الْحَقُّ فِيهَا بَعْدَ الآنَ. مُخْطِئُونَ. فَهُمْ الْوَحِيدُونَ الَّذِينَ لَهُمْ الْحَقُّ فِيهَا، لِأَنَّهُ عَلَى الرَّغْمِ مِنْ عَدَمِ امْتِلَاكِهِمْ لَهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَتَوَقَّفُوا عَنْ امْتِلَاكِهَا أَبَدًا. أَرْجُو أَنْ تَرَى هَذَا الْفَرْقَ الْحَسَّاسَ إِلَى حَدٍّ مَا.
بِالإِضَافَةِ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّ عِبَارَةَ الْوَعْدِ فِي الْآيَةِ السَّابِعَةِ حَيْثُ يَسْتَمِرُّ الْعَهْدُ بَيْنَ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمَ…..تَقُولُ….."وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِن بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا"….. الْجُزْءُ الْمُتَعَلِّقُ بِالنَّسْلِ لَيْسَ عِبَارَةً إِضَافِيَّةً مِن دُونِ مَعْنًى. كَانَتْ هَذِهِ مَصْطَلَحَاتٍ قَانُونِيَّةً بَحْتَةً مِن ذَلِكَ الْعَصْرِ. لَقَدْ تَمَّ الْعُثُورُ عَلَى مَدَوَّنَاتٍ قَانُونِيَّةٍ مِن ذَلِكَ الْعَصْرِ، وَكَانَ مِنَ الْمَفْهُومِ أَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ قَيُودٌ عَلَى كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ الْمِلْكِيَّةِ، قَبْلَ أَنْ تأوول إِلَى مَلِكٍ أَوْ أَمِيرٍ يَدَّعِي مِلْكِيَّةَ تِلْكَ الْمِنْطَقَةِ. بِإِدْرَاجِ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ "وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِن بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا"….. كَانَ ذَلِكَ يَعْنِي قَانُونِيًّا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ احْتَفَظُوا بِتِلْكَ الْمَمْلَكَاتِ، وَيُمْكِنُهُمْ الاستمرارُ فِي تَوْرِيثِهَا دُونَ قَيُودٍ. لِذَٰلِكَ، افْهَمْ أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ مَصْطَلَحَاتٍ قَانُونِيَّةً وَلَيْسَتْ مُبَالَغَةً.
الْآنَ، افْهَمُوا مَاذَا يَعْنِي عَهْدُ الْخَتَانِ الْجَدِيدِ هَذَا. فِي الْعَهْدِ الأَوَّلِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ….الَّذِي قَالَ اللَّهُ للتوِّ أَنَّهُ لَا يَزَالُ سَلِيمًا تَمَامًا…..كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُجَرَّدَ مُشَارِكٍ سَلْبِيٍّ. لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ أَيَّ شَيْءٍ، وَلَكِنْ، فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، الْمُخَصَّصِ لِذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ، كَانَ هُنَاكَ التِّزَامٌ: الْخَتَانُ كَعَلَامَةٍ عَلَى أَنَّهُمْ اخْتَارُوا الْمُشَارَكَةَ فِي الْعَهْدِ الإِبْرَاهِيمِيِّ؛ مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُمْ أَعْطَوْا وَلَاءَهُمْ لِإِلَهِ إِبْرَاهِيمَ. وَالْآنَ، كَمَا سَنَرَى مَعَ مَرُورِ الْوَقْتِ، فَإِنَّ عَهْدَ الْخَتَانِ هَذَا يَتْبَعُ فَقَط سَلَالةً مُعَيَّنَةً مِن نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ. هَذَا لَا يَعْنِي أَنَّ كُلَّ أَبْنَائِهِ سَيَكُونُونَ مُؤَهَّلِينَ. فَقَط "مِنْ" هُوَ جُزْءٌ مِمَّا سَيُسَمَّى "سَلَاةُ الْوَعْدِ"؟ الْعِبْرَانِيُّونَ، الَّذِي سَيُؤَدِّي فِي النِّهَايَةِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.
فِي الْأَسَاسِ، يَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ ذَكَرٍ بَعْدَ إِبْرَاهِيمَ، الَّذِي يَتَوَقَّعُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي بَرَكَاتِ الْعُهُودِ الَّتِي أَعْطَاهَا اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ، مُخْتَومًا كَالِتِّزَامِ، أَيْ أَنَّ الْمُشَارَكَةَ الْفَعَلِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ.
الْآنَ، أَنَا لَسْتُ بِحَاجَةٍ إِلَى أَنْ أَتَحَدَّثَ عَنْ الْخَتَانِ بِشَكْلٍ مُبَالَغٍ فِيهِ، لِأَنَّ هَذَا الْإِجْرَاءَ الْمُمَثَّلَ فِي إِزَالَةِ الْقَلْفَةِ التَّنَاسُلِيَّةِ لِلذُّكُورِ هُوَ مُمارَسَةٌ شَائِعَةٌ الْيَوْمَ فِي مُعْظَمِ الْمُجْتَمَعَاتِ، وَبِالتَّالِي فَهُوَ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ. عَادَةً مَا يُجْرَى مِن قِبَلِ الْعَائِلَاتِ غَيْرِ الْيَهُودِيَّةِ لِأَسْبَابٍ طِبِّيَّةٍ فَقَطْ وَحَتَّى الْحَاجَةُ إِلَى ذَلِكَ مَحَلُّ خِلَافٍ. يُقِيمُ الْيَهُودُ حَتَّى يَوْمَنَا هَذَا حَفْلَ خَتَانٍ لِكُلِّ طِفْلٍ ذَكَرٍ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ بَعْدَ وَلَادَتِهِ.
كَانَتْ مُمارَسَةُ خَتَانِ الذُّكُورِ مَوْجُودَةً قَبْلَ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ مِن هَذِهِ التَّعْلِيمَاتِ مِنَ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ…….لَمْ يَكُنِ اخْتِرَاعًا جَدِيدًا، أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ احْتِفَالُ الْعَهْدِ الَّذِي رَأَيْنَا اللَّهَ يُشَارِكُ فِيهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ اخْتِرَاعًا جَدِيدًا. بَلْ كَانَ يُسْتَخْدَمُ فِي الْكَثِيرِ مِنَ الثَّقَافَاتِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ إِمَّا كَجُزْءٍ مِن مَرَاسِمِ الزَّوَاجِ أَوْ كَعَلَامَةٍ عَلَى الدُّخُولِ فِي سِنِّ الْبُلُوغِ، وَقَدْ فَعَلَ اللَّهُ شَيْئًا وَاحِدًا وَهُوَ أَنَّهُ أَزَالَ الصَّدْمَةَ مِنْ هَذَا الطَّقْسِ بِجَعْلِهِ لَا يُتِمُّ عَلَى صَبِيٍّ مُرَاهِقٍ صَغِيرٍ، بَلْ عَلَى طِفْلٍ عُمْرُهُ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ. بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، اسْتَخْدَمَ اللَّهُ هَذَا الطَّقْسَ الْمَوْجُودَ كَنَوْعٍ مِن قَسَمِ الْوَلَاءِ؛ وَأَضَافَ إِلَيْهِ مَعْنًى عَظِيمًا. تَمَامًا كَمَا هُوَ الْحَالُ مَعَ النُّجُومِ وَالْكَوَاكِبِ، اسْتَخْدَمَ اللَّهُ أَشْيَاءَ مِنَ الطَّبِيعَةِ عِنْدَمَا اخْتَارَ أَنْ يُخْلِقَ عَلاَمَةً لِأَغْرَاضِهِ الصَّالِحَةِ. بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الطَّبِيعِيَّةِ تَدِينُ بِوُجُودِهَا لِلَّهِ…… الْحَقِيقَةُ الْمُحْزِنَةُ هِيَ أَنَّ الْكَثِيرِينَ آنَذَاكَ، كَمَا الآنَ، قَرَّرُوا أَنْ يَرْبِطُوا مَعَانِيَهُمْ الْخَاصَّةَ، مِثْلَ التَّنْجِيمِ، بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِبَسَاطَةٍ تَحْرِيفًا.
وَلَكِن، إِلَيْكُمْ الْأَمْرَ: تَذَكَّرُوا أَنَّ بْرُوتُوكُولَ الْعَهْدِ الْمُتَعَارَفِ عَلَيْهِ كَانَ يَطْلُبُ سَفْكَ الدَّمِ، وَهُوَ دَمُ حَيَوَانٍ فِي الْعَادَةِ، وَتَقْطِيعَ اللَّحْمِ، وَهُوَ لَحْمُ حَيَوَانٍ فِي الْعَادَةِ، وَفَصْلَ هَذَا اللَّحْمِ الْمَقْطُوعِ إِلَى مَجْمُوعَتَيْنِ. هُنَا، مَعَ الْخَتَانِ، حَدَثَ إِجْرَاءُ الْعَهْدِ بِاسْتِخْدَامِ جَسَدِ الذَّكَرِ كَأَنَّهُ الذَّبِيحَةُ؛ تَمَّ قَطْعُ اللَّحْمِ وَإِرَاقَةُ الدَّمِ وَفَصْلُ اللَّحْمِ الْمَقْطُوعِ؛ جُزْءٌ يُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ وَالْآخَرُ يَبْقَى عَلَى الْجَسَدِ. حَرْفِيًّا، كَانَ إِبْرَاهِيمُ وَنَسْلُهُ مِنَ الذُّكُورِ يَلْبَسُونَ الْعَهْدَ، وَكَانُوا هُمْ الْعَهْدَ. كَانَتْ عُقُوبَةُ رَفْضِ عَهْدِ الْخَتَانِ صَارِمَةً: كَانَ يَجِبُ أَنْ تُفَصَلَ عَنْ شَعْبِكَ وَكَانَ ذَلِكَ رُوحِيًّا وَفِعْلِيًّا. عِنْدَمَا رَفَضَ أَحَدُ الذُّكُورِ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ الْخِتَانَ أَوْ عِنْدَمَا رَفَضَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ خَتَانَ وَلَدِهِ الصَّبِيِّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، انْفَصَلَ جَسَدِيًّا عَنْ الْعَشِيرَةِ وَانْفَصَلَ رُوحِيًّا عَنْ اللَّهِ. لَمْ يَعُودُوا عِبْرَانِيِّينَ وَلَا يُمْكِنُهُمْ الْمُطَالَبَةُ بِأَيِّ حَقٍّ فِي أَيٍّ مِنْ وُعُودِ اللَّهِ.
لِهَذَا السَّبَبِ أَوْضَحَ اللَّهُ، مِن خِلَالِ بُولُسَ، أَنَّ مَا أَرَادَهُ حَقًّا هُوَ خَتَانُ الْقُلُوبِ وَلَيْسَ خَتَانُ الْجَسَدِ. لَقَدْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ تَقْبَلَ قُلُوبُنَا وَتَلْبَسَ الْعَهْدَ الَّذِي جَاءَنَا بِثَمَنٍ بَاهِظٍ جِدًّا. بِقَبُولِنَا لِلْمَسِيحِ، يَقُولُ بُولُسُ إِنَّنَا نَكُونُ قَدْ خَتَنَّا قُلُوبَنَا: نَحْنُ نَقْبَلُ فِعْلِيًّا بْرُوتُوكُولَ عَهْدِ اللَّهِ عَلَى أَنفُسِنَا وَمُنْذُ مَجِيءِ يَسُوعَ وَالْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي أَسَّسَهُ، نَجِدُ أَنفُسَنَا فِي نَفْسِ مَوْقِفِ إِبْرَاهِيمَ: إِمَّا أَنْ نَخْتَتِنَ بِقَبُولِنَا الْعَهْدَ الْجَدِيدَ الَّذِي هُوَ دَمُ الْمَسِيحِ وَإِمَّا أَنْ نَرْفُضَهُ. إِذَا قَبَلْنَاهُ، فَنَحْنُ عَلَى الدَّوَامِ جُزْءٌ مِنْ مُخْتَارِي اللَّهِ وَإِنْ رَفَضْنَاهُ، فَإِنَّنَا نَنفَصِلُ…… نُفَصَلُ….. عَنْ شَعْبِ اللَّهِ وَعَنْ اللَّهِ نَفْسِهِ. فِي حِينٍ أَنَّ هَذَا قَدْ يُجَفِّلُ الْبَعْضَ مِنْكُمْ، إِلَّا أَنَّ كَلِمَاتِ بُولُسَ رُبَّمَا أَرْعَبَتْ بَعْضَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانَ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْهَمُونَ جَيِّدًا كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَرَاسِمِ الْعَهْدِ وَرَمْزِيَّتِهِ؛ لَكِن، لِأَنَّ الْكَنِيسَةَ أَدَارَتْ ظَهْرَهَا لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ لِلطَّبِيعَةِ الْيَهُودِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ، لَمْ يُفْهَمْ تَأْثِيرُ أُمُورٍ مِثْلَ فِعْل قَطْع لعَهد.
الْآنَ، هُنَاكَ مَبْدَأٌ وَنَمَطٌ وَارِدٌ فِي الْآيَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَةَ يَجِبُ أَنْ نَكُونَ عَلَى دِرَايَةٍ بِهِ: لَمْ يَكُنْ فَقَطْ أُولَئِكَ الَّذِينَ مِنْ سَلَابلةِ إِبْرَاهِيمَ هُمُ الَّذِينَ يُمْكِنُ أَنْ يُصْبِحُوا جُزْءًا مِنْ هَذَا الْعَهْدِ. هُنَا، الْعَبْدُ الْمَوْلُودُ فِي الْوَطَنِ أَوِ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى مِنَ الْعِبْرَانِي….. أَيِ الْأَجْنَبِي…. يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الْعَهْدِ مِنْ خِلَالِ خَتَانِهِ. افْهَمُوا أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي تَمَّ شِرَاؤُهُ أَصْبَحَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ بِمُوجَبِ الْقَانُونِ. كَانَ لَدَيْهِمْ تَقْرِيبًا جَمِيعُ حُقُوقِ أَحَدِ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ…. تَقْرِيبًا، وَلَكِنْ لَيْسَ تَمَامًا. لِذَلِكَ، فَإِنَّ الطِّفْلَ الْمَوْلُودَ لِعَبْدٍ تَمَّ شِرَاؤُهُ يُصْبِحُ أَيْضًا فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ. هَذَا غَرِيبٌ جِدًّا عَنْ الصُّورَةِ الْمُعْتَادَةِ الَّتِي لَدَيْنَا عَنْ مَا كَانَتْ عَلَيْهَا الْعَبُودِيَّةُ فِي زَمَنِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ عِندَ الْعِبْرَانِيِّينَ. لَمْ تَكُنْ تُسَاءُ مُعَامَلَةُ الْعَبِيدِ الْأَجَانِبِ عِندَ الْعِبْرَانِيِّينَ بِشَكْلٍ عَامٍ……لِأَنَّهُمْ كَانُوا مِنَ الْعَائِلَةِ! مَفْهُومُ مِلْكِيَّةِ الْعَبِيدِ عِندَ الْعِبْرَانِيِّينَ قَرِيبٌ جِدًّا مِنْ مَفْهُومِنَا الْحَدِيثِ عَنْ التَّبَنِّي، وَلَا تَخْلِطْ بَيْنَ مِلْكِيَّةِ الْعَبِيدِ وَالْعَبُودِيَّةِ. أَنْ تَكُونَ عَبْدًا بِالسَّخْرَةِ…. شَخْصٌ يَكُونُ خَادِمًا لَكَ لِفَتْرَةٍ مِنَ الْوَقْتِ فَقَطْ بَيْنَمَا يُسَدِّدُ دَيْنًا مَسْتَحَقًّا لَكَ….. لَمْ يَكُنْ هَذَا الشَّخْصُ مُؤَهَّلًا لِيَكُونَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ. فَقَطْ الْعَبْدُ الَّذِي تَمَّ شِرَاؤُهُ كَانَ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ الْعَائِلَةِ. الْأَمْرُ مَعْكُوسٌ نَوْعًا مَا عَمَّا قَدْ يَبْدُو مَنْطِقِيًّا بِنِسْبَةٍ لَنَا.
إِذًا، فِي وَقْتٍ مُبَكِّرٍ جِدًّا، تَأَسَّسَتْ فِكْرَةٌ أَنَّ الْوِرَاثَةَ….. الأَنْسَابَ….. لَمْ تَكُنْ الْعَامِلَ الْوَحِيدَ الْمُحَدِّدُ لِلْعُضْوِيَّةِ فِي الْجَمَاعَةِ الْمُقَدَّسَةِ. هُنَا، بَدَأً مِنْ إِبْرَاهِيمَ، الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي كَانَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِاتِّبَاعِ الطُّرُقِ الْعِبْرَانِيَّةِ وَالإِلَهِ الْعِبْرَانِيِّ، كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْطَى الْجِنْسِيَّةَ الْكَامِلَةَ كَعِبْرَانِيٍّ وَمَعَهَا جَمِيعُ حُقُوقِ الْعَهْدِ الَّتِي يَتَمَتَّعُ بِهَا أَيُّ عِبْرَانِيٍّ مَوْلُودٌ بِالْفِطْرَةِ. هَذَا هُوَ نَفْسُ الْمَبْدَأِ الَّذِي نَعْتَمِدُ عَلَيْهِ نَحْنُ كَأُمَمِيِّينَ مِنْ خِلَالِ تَطْعِيمِنَا فِي الْعُهُودِ الْمُعْطَاةِ مِنْ خِلَالِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَيَسُوعَ…… عُهُودٌ أُعْطِيَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَيْسَ لِأَيِّ شَخْصٍ آخَرَ.
اقرأ الآية السّابعة عشرة على خَمْسة عشرة الى سبْعة وعِشْرين
فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْقَلِيلَةِ الَّتِي قَرَأْتُهَا لِلْتُّوِّ، لَدَيْنَا أَسَاسُ الْعَدَاءِ الَّذِي سَيَقُودُ الْعَالَمَ عَاجِلًا أَمْ آَجِلًا إِلَى صِرَاعٍ عَالَمِيٍّ.
الْآيَاتُ الْقَلِيلَةُ الْأُولَى هِيَ فِي الْأَسَاسِ إِخْبَارُ اللَّهِ لِإِبْرَاهِيمَ أَنَّ سَارَةَ زَوْجَتَهُ سَتَلِدُ طِفْلًا بِأَعْجُوبَةٍ. لِمَاذَا مِعْجَزَةٌ؟ لِأَنَّ رَحْمَهَا كَانَ مَيْتًا. كَانَتْ غَيْرَ قَادِرَةٍ عَلَى الْإِنْجَابِ، وَلِهَذَا السَّبَبِ أَعْطَتْ جَارِيَتَهَا هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيمَ لِتُنْجِبَ طِفْلًا بَدَلًا مِنْهَا؛ وَحَتَّى لَوْ كَانَ جَسَدُهَا يَعْمَلُ بِشَكْلٍ صَحِيحٍ لَقَدْ كَانَتْ قَدْ تَجَاوَزَتْ سِنِينَ الْإِنْجَابِ، كَمَا يَشْهَدُ إِبْرَاهِيمُ نَفْسُهُ، لِأَنَّ سَارَةَ كَانَتْ فِي هَذَا الْوَقْتِ قَدْ بَلَغَتِ التِّسْعِينَ مِنْ عُمْرِهَا
.
عِندَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ سَارَةَ سَتُعْطِيَهُ ابْنًا، رَدَّ إِبْرَاهِيمُ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْآيَةِ الثَّامِنَةَ عَشَرَةَ: "يَا لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ فِي حَضْرَتِكَ!". أَرْجُو أَنْ تَسْمَعُوا جَمِيعًا الْأَلَمَ وَالصَّدْمَةَ وَالْيَأْسَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ هَذَا النِّدَاءَ. كَانَ إِبْرَاهِيمُ سَعِيدًا بِإِسْمَاعِيلَ. كَانَ يُحِبُّ إِسْمَاعِيلَ. كَانَ يَعْتَبِرُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ الْبِكْرَ. لَمْ يُفَكِّرْ أَبَدًا، حَتَّى مِنْ بَعِيدٍ فِي إِسْمَاعِيلَ عَلَى أَنَّهُ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ وَرِيثِهِ الشَّرْعِيِّ وَالْمُحَبَّبِ جِدًّا، وَحَتَّى قَبْلَ أَنْ يَصْدُرَ اللَّهُ إِجَابَتَهُ، كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَعْلَمُ مَا هُوَ آتٍ. فِي الْآيَةِ التَّاسِعَةَ عَشَرَةَ، يَقُولُ اللَّهُ "لَا!" لِنِدَاءِ إِبْرَاهِيمَ. إنَّ الطِّفْلَ الَّذِي كَانَتْ سَارَةُ عَلَى وَشَكٍ أَنْ تَلِدَهُ سَيَكُونُ وَرِيثَ إِبْرَاهِيمَ. عَلاَوَةً عَلَى ذَلِكَ، أَنَّ هَذَا الطِّفْلَ الذَّكَرَ سَيَكُونُ الشَّخْصَ الَّذِي سَيُؤَسِّسُهُ اللَّهُ وَالَّذِي يُوَاصِلُ مَعَهُ عَهْدَهُ وَأَنَّ إِسْمَ هَذَا الطِّفْلِ سَيَكُونُ إِسْحَاقَ، أَيْ الضَّحِكَ، لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ كَانَا يَضْحَكَانِ مِنَ الْفِكْرَةِ الْمُذْهِلَةِ أَنَّهُمَا فِي سِنِّهِمَا الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْعُمْرِ، سَيَكُونُ لَهُمَا طِفْلٌ.
الْآنَ، لِنَكُنْ وَاضِحِينَ جِدًّا هُنَا: لَقَدْ رَفَضَ اللَّهُ رَفْضًا قَاطِعًا أَنْ يَكُونَ إِسْمَاعِيلُ هُوَ الَّذِي سَيُكْمِلُ خَطَّ الْوَعْدِ الَّذِي قَطَعَهُ اللَّهُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ. هَذَا لَيْسَ تَخْمِينًا، بَلْ سَيَكُونُ إِسْحَاقُ، "يَتْشَاكُ"، هُوَ الَّذِي سَيُكْمِلُ. الْيَوْمَ، يَدَّعِي الْمُسْلِمُونَ أَنَّ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ قَدْ عُدِّلَتْ لِتُظْهِرَ أَنَّ إِسْحَاقَ هُوَ الْإِبْنُ الْمُفَضَّلُ، بَيْنَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِسْمَاعِيلُ. هَذَا تَقْسِيمٌ آخَرُ مِنَ اللَّهِ؛ فَصْلٌ وَاخْتِيَارٌ. كَمَا تَرَى، سَيَكُونُ إِسْحَاقُ جَدَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ سَيَأْتُونَ فِي النِّهَايَةِ بِالْمَخَلِّصِ إِلَى الْعَالَمِ فِي حِينٍ سَيَكُونُ إِسْمَاعِيلُ جَدَّ الْعَرَبِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ جِنْسًا مِنَ الْبَشَرِ، بَلْ هُوَ الدِّينُ الَّذِي اعْتَنَقَهُ الْعَرَبُ بَعْدَ مَوْتِ الْمَسِيحِ وَقِيَامَتِهِ بِنَحْوِ سِتَّةِ قُرُونٍ، وَلَكِنْ، لَا يَرَى الْمُسْلِمُونَ أَيَّ فَرْقٍ لِأَنَّهُمْ يُسَمُّونَ إِسْمَاعِيلَ وَإِبْرَاهِيمَ أَبَ الْإِسْلَامِ.
مَعَ ذَلِكَ، مَا أَسْرَعَ مَا نَمِيلُ إِلَى التَّغَافُلِ عَمَّا يَقُولُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ فِي الْآيَةِ عِشْرِينَ. فِي إِشَارَةٍ إِلَى إِسْمَاعِيلَ، يَقُولُ اللَّهُ: "لَقَدْ بَارَكْتُهُ" أَوْ فِي تَرْجَمَةٍ أَفْضَلَ، "أَنَا أُبَارِكُهُ". إِسْحَاقُ هُوَ سُلالةُ الْوَعْدِ، لَكِنَّ إِسْمَاعِيلَ مُبَارَكٌ أَيْضًا…… إِنَّمَا لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ سُلالةُ الْوَعْدِ. فِي الْحَقِيقَةِ، مِنَ الْجَدِيرِ بِالْمُلاحَظَةِ أَنَّهُ كَمَا أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَتَأَلَّفُونَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَمِيرًا….. أَيِ اثْنَيْ عَشَرَ قَبِيلَةً….. كَذَلِكَ نَسْلُ إِسْمَاعِيلَ يَتَأَلَّفُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ قَبِيلَةً.
مِنَ الْمُهِمِّ أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَيْسَ فَقَطْ الْأَبَ الْحَقِيقِيَّ لِلْعَرَبِ كَمَا هُوَ الْأَبُ الْحَقِيقِيُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، بَلْ إِنَّ شَامًا، سُلالةَ اللَّهِ الْمُبَارَكَةَ، هُوَ الْأَبُ الْحَقِيقِيُّ لِلْعَرَبِ وَالْيَهُودِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. كِلَا هَذَيْنِ الشَّعْبَيْنِ مِنَ السَّامِيِّينَ.
هَلْ كَانَ إِسْمَاعِيلُ مُبَارَكًا؟ حَسَنًا، لَمْ يَكْتَفِ أَمْرُهُ عَلَى أَنْ الْعَرَبَ قَدْ كَثُرُوا إِلَى عَدَدٍ هَائِلٍ مِنَ السُّكَّانِ يَفُوقُ عَدَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَثِيرٍ، وَلَكِنْ انْظُرُوا فِي عَصْرِنَا هَذَا كَيْفَ تَمَّتْ مُبَارَكَتُهُمْ. مُنْذُ مِئَةِ عَامٍ مَضَتْ كَانَ يُنْظَرُ إِلَى الشَّرْقِ الْأَوْسَطِ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا أَكْثَرُ مِسَاحَةٍ مِنَ الْأَرْضِ لَا قِيمَةً لَهَا عَلَى الْكُوكَبِ بِأَكْمَلِهِ. مَعَ ذَلِكَ، فَقَدْ اُكْتُشِفَ هُنَاكَ، تَحْتَ رَمَالِ الصَّحْرَاءِ الْجَافَّةِ، حَوَالَيَ نِصْفِ احْتِيَاطِي النَّفْطِ فِي الْأَرْضِ، مِمَّا جَعَلَ الْعَرَبَ مِنْ بَيْنِ أَغْنَى شُعُوبِ الْعَالَمِ وَلِسُوءِ الْحَظِّ، ظَلَّتِ الثَّقَافَةُ الْعَرَبِيَّةُ ثَقَافَةً قَبَلِيَّةً، وَلِذَلِكَ لَمْ تسْتَفِدْ مِنْ هَذِهِ الثَّرْوَةِ الْهَائِلَةِ سِوَى عَدَدٍ قَلِيلٍ مِنَ الْأَقْوِيَاءِ.
عَلَى أَيِّ حَالٍ، إِسْمَاعِيلُ الْبَالِغُ مِنَ الْعُمْرِ ثَلاثَةَ عَشَرَ سَنَةً وَقْتَ هَذِهِ الْبَرَكَةِ، يُخْتَنُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَكُلِّ ذَكَرٍ، حُرٍّ وَعَبْدٍ، فِي بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ.
اقْرَأِ الْآيَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ عَلَى وَاحِدٍ حَتَّى خَمْسَةَ عَشَرَ.
هَذَا الإِصْحَاحُ هُوَ تَذْكِيرٌ جَيِّدٌ بِطَابَعِ وَجَوْهَرِ سِفْرِ التَّكْوِينِ بِأَكْمَلِهِ؛ إِنَّهُ سِفْرُ الْبِدَايَاتِ. أَوْ، بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، هُوَ سِفْرُ الْأَسُسِ….. أَسُسُ الْمَبَادِئِ وَالْأَنْوَاعِ وَشَرَائِعِ اللَّهِ.
يُمْكِنُنَا الْإِسْرَاعَ فِي هَذَا الْفَصْلِ، وَلَكِنَّنَا سَنَفْقِدُ بِدَايَاتِ الْعَدِيدِ مِنَ الْمَبَادِئِ الإِلَهِيَّةِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ لَنَا وَسَتُشَكِّلُ هَذِهِ الْمَبَادِئُ أَسَاسًا لِكَيْفِيَّةِ سَيْرِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ بِكَامِلِهِ.
إنَّ الْمَشْهَدَ الَّذِي نَشْهَدُهُ فِي هَذَا الْإِصْحَاحِ يَحْدُثُ فِي تِهَالِ حِبْرُونَ، حَيْثُ يُمْكِنُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَحْصُلَ عَلَى مَنْظَرٍ جَمِيلٍ لِلْبَحْرِ الْمَيِّتِ بِأَكْمَلِهِ تَقْرِيبًا. نَبْدَأُ مُبَاشَرَةً مَعَ لُغْزٍ لَا يُمْكِنُنَا عَلَى الْأَرْجَحِ أَنْ نُجِيبَ عَنْهُ. الْآيَةُ الْأُولَى تَقُولُ "ظَهَرَ الرَّبُّ" لِإِبْرَاهِيمَ؛ أَوْ رُبَّمَا فِي كِتَابِكُمْ الْمُقَدَّسِ، كَمَا فِي كِتَابِي، تَقُولُ ظَهَرَ "أَدُونَاي" لِإِبْرَاهِيمَ…… وَمِنَ الْمُهِمِّ أَنْ نَفْهَمَ هَذَا الْأَمْرَ بِوَضَاحَةٍ قَدْرَ الْإِمْكَانِ لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْحَاحِ بِأَكْمَلِهِ. كَلِمَةُ "أَدُونَاي" هِيَ كَلِمَةٌ عِبْرِيَّةٌ وَتَعْنِي الرَّبَّ أَوِ السَّيِّدَ. لِذَلِكَ، هَذَا صَحِيحٌ بِالتَّأْكِيدِ. هُنَاكَ مُشْكِلَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَطْ؛ لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الْكَلِمَةُ الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي الْمَخْطُوطَاتِ الْعَبْرِيَّةِ الأَصْلِيَّةِ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ. الْكَلِمَةُ هِيَ فِي الحقيقة "يُودْ هَيْه فَافْ هِي" (Yud-Heh-Vav-Heh) فِي الأَبْجَدِيَّةِ الْعَبْرِيَّةِ……. وَ(Yhwh) فِي الأَبْجَدِيَّةِ الْإِنْجِلِيزِيَّةِ…… وَنَحْنُ نُتَرْجِمُهَا عَادَةً إِلَى يَهْوَهَ أَوْ بِالْعَبْرِيَّةِ نَقُولُ يَهْفِيَهْ أَوْ يَهْوَهَ. هُنَاكَ أَمْرَانِ: أَوَّلًا، السَّبَبُ الَّذِي يُجَعِلُنَا نَرَاهَا بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي نَرَاهَا فِي أَنْجِيلَاتِنَا يَرْجِعُ إِلَى تَقْلِيدٍ بَيْنَ الْيَهُودِ، وَهَذَا التَّقْلِيدُ هُوَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ أَنْ نَقُولَ إِسْمَ اللَّهِ. لَقَدْ تَطَوَّرَ الْأَمْرُ إِلَى دَرَجَةٍ أَنَّهُ بَيْنَ مُعْظَمِ الْيَهُودِ الْمِلْتَزِمِينَ، لَا يُمْكِنُكَ أَيْضًا نُطْقُ كَلِمَةِ "اللَّهِ" أَوْ حَتَّى تَهْجِئَتَهَا. لِذَلِكَ، فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ، إِذَا قَرَأْتَ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِاللَّهِ كَتَبَهُ يَهُودِيٌّ، فَسَتَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يُكْتَبُ "ج – د". بِالْمُنَاسَبَةِ: لَا يُوجَدُ فِي أَيِّ مَكَانٍ فِي الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ نَهْيٌ عَنْ قَوْلِ إِسْمِ اللَّهِ، يَهْوَهَ، إِلَّا عِندَ اسْتِخْدَامِهِ عَبَثًا. مَعَ ذَلِكَ، تَقُولُ التَّقالِيدُ الْيَهُودِيَّةُ أَنَّ مَجَرَّدَ النُّطْقِ بِإِسْمِ اللَّهِ هُوَ اسْتِخْدَامُهُ عَبَثًا. لَا أُرِيدُ الدُّخُولَ فِي جِدَالٍ لَاهُوتِيٍّ حَوْلَ هَذَا الْأَمْرِ وَلَكِنِّي لَا أَجِدُ أَنَّ النُّطْقَ بِإِسْمِ اللَّهِ هُوَ عَبَثٌ. إِذَا كَانَ اللَّهُ لَا يُرِيدُنَا أَنْ نُنْطِقَ بِإِسْمِهِ، لِمَاذَا أَعْطَانَا إِيَّاهُ؟ لِمَاذَا يُطْلَبُ مِنَّا أَنْ نُنَادِيَ بِإِسْمِ الرَّبِّ، ثُمَّ إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ يَكُونُ خَطِيئَةً؟
يُمْكِنُنِي أَنْ أُخْبِرَكَ أَيْضًا أَنَّنِي قَابَلْتُ الْعَدِيدَ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ يَشْعُرُونَ أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّعَدِّي عَلَى اللَّهِ فِي اسْتِخْدَامِ إِسْمِهِ الْقُدُوسِ، بِقَدْرِ مَا هُوَ مَسْأَلَةُ إِظْهَارِ الْاحْتِرَامِ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ اسْتِخْدَامِهِ.
لِذَلِكَ، سَأَقُولُ لَكُمْ أَنَّهُ كَمَا نَصَحَ بُولُسُ، كُونُوا حَسَّاسِينَ تَجَاهَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُسِيءُ لِلْآخَرِينَ حَتَّى لَوْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَفْهَمُوا تَمَامًا لِمَاذَا أَوْ حَتَّى قَدْ تَخْتَلِفُونَ مَعَهَا. لِذَلِكَ، بِمَا أَنَّنِي أَعْرِفُ تَمَامًا أَنَّ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمُتَدِينِينَ عَمَلِيًّا وَبَعْضَ الْيَهُودِ التَّقْلِيدِيِّينَ ببَسَاطَةً، يَجِدُونَ اسْتِخْدَامَ كَلِمَةِ "اللَّهِ" أَوْ "الرَّبِّ" مُسِيئًا لَهُمْ، فَإِنَّنِي أَبْذُلُ قُصَارَى جُهْدِي لِأَقُولَ "هَاشِيم" أَوِ الرَّبَّ فِي حُضُورِهِمْ، احْتِرَامًا لَهُمْ. عِندَمَا أَذْهَبُ إِلَى إِسْرَائِيلَ، أَكُونُ حَرِيصًا بِشَكْلٍ خَاصٍّ. دَعُونَا نُوَاجِهُ الْأَمْرَ؛ إِنَّهُ بِالتَّأْكِيدِ لَيْسَ مُهِينًا لَنَا، نَحْنُ الَّذِينَ لَا نَجِدُ عَيْبًا فِي اسْتِخْدَامِ إِسْمِ اللَّهِ، أَنْ نَسْمَعَ إِسْمَهُ "هَاشِيم" أَوْ "الرَّبَّ"، لِذَلِكَ لَيْسَتْ مَفَاضَلَةً صَعْبَةً.
فِي هَذَا الْفَصْلِ، سَأَسْتَخْدِمُ الْعَدِيدَ مِنَ الْأَسْمَاءِ لِلَّهِ: اللَّهُ، يَهْوَهُ، جِيهُوفَا، أَدُونَاي، يَسُوع….. وَلِيسُوعَ: الْمَسِيحُ، يَسُوعُ، يَشُوعُ، يَسُوعُ هَامَاشِيَّا، الرَّبُّ، الْمُخَلِّصُ وَغَيْرُهَا. أَطْلُبُ مِنْكُمْ أَنْ تُحَاوِلُوا أَنْ تَفْهَمُوا أَنَّ هَذَا فَصْلٌ دِرَاسِيٌّ وَأَنَا أَتَحَدَّثُ إِلَى جُمْهُورٍ مُتَنَوِّعٍ تَمَامًا. بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، سَتَسْتَخْدِمُ مُعْظَمُ الأناجيل هَذِهِ الْأَسْمَاءَ وَإِذَا كُنتُ أَسْتَخْدِمُ كَلِمَاتٍ رَمْزِيَّةً لِلَّهِ وَلِيسُوعَ غَيْرَ مَأْلُوفَةٍ تَمَامًا لِلْكَثِيرِينَ هُنَا، فَأَنَا لَا أُبَلِّغُ أَوْ أُعَلِّمُ…… أَنَا فَقَطْ أَقُولُ كَلِمَاتٍ. لِذَلِكَ، اعْلَمُوا أَنَّنِي أَحْتَرِمُ وَجْهَاتِ نَظَرِكُمْ وَلَا أَقْصِدُ أَيَّ إِهَانَةٍ.
الآن نَعُودُ إِلَى هَذَا الْمَشْهَدِ الْغَرِيبِ الَّذِي يَفْتَتِحُ الْإِصْحَاحَ الثَّامِنَ عَشَرَ؛ الْأَمْرُ هُوَ أَنَّ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ إِسْمُ "الرِّجَالِ" الَّذِينَ ظَهَرُوا لِإِبْرَاهِيمَ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْحَقيقَةِ الرَّبُّ، يَهْوَهُ نَفْسَهُ. سَنَصِلُ إِلَى "الرَّجُلَيْنِ" الآخَرَيْنِ بَعْدَ دَقِيقَةٍ. الْأَمْرُ هُوَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَكٌّ فِي أَنَّهُ كَانَ تَجَلٍّ مَا لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ الْكِتَابَ الْمُقَدَّسَ يَقُولُ ذَلِكَ مُبَاشَرَةً. إِنَّهُ يَقُولُ أَنَّ يُود-هَيْه-فَاف-هِي، يَهْوَهُ، ظَهَرَ لِإِبْرَاهِيمَ. مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، يُقَالُ لَنَا بِإِصْرَارٍ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِأَيِّ إِنْسَانٍ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى اللَّهِ الآبِ وَيَحْيَا. حَتَّى مُوسَى لَمْ يُسْمَحْ لَهُ بِهَذَا الشَّرَفِ رَغْمَ أَنَّهُ طَلَبَ ذَلِكَ.
وَالْآنَ، غَالِبًا مَا يُقَالُ لَنَا أَنَّ هَذَا يَعْنِي حَقًّا أَنَّ هَذَا "الْإِنْسَان" الَّذِي يُدْعَى يَهْوَهُ هُوَ يَسُوعُ. أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ لِأَنَّهُ كَانَ اللَّهُ هُنَا، فِي شَكْلٍ مَرْئِيٍّ مِنْ نَوْعٍ مَا، ظَهَرَ كَإِنْسَانٍ. الْقَاعِدَةُ الْعَامَّةُ فِي الْكَنِيسَةِ الْإِنْجِيلِيَّةِ هِيَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِلَّهِ صِفَاتٌ جَسَدِيَّةٌ، فَهُوَ يَسُوعُ. وَلَكِنْ، انْتَظِرُوا، مَتَى سَمِعْتُمْ مِنْ قَبْلُ أَنَّ يَسُوعَ يُشَارُ إِلَيْهِ بِاسْمِ الْآبِ الشَّخْصِيِّ، يَهْوَهَ؟ فِي الْغَالِبِ بِالتَّأْكِيدِ سَوْفَ نَدْعُوهُ بِانْتِظَامٍ "الرَّبَّ" (الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ إِحْدَى تَرْجَمَاتِ كَلِمَةِ أَدُونَاي). وَلَكِنْ، مَرَّةً أُخْرَى، فِي الْعِبْرِيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ، الْكَلِمَةُ الْمُسْتَخْدَمَةُ فِي افتِتَاحِ الإِصْحاحِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ هِيَ "الرَّبُّ" وَلَيْسَ "أَدُونَاي". مَعَ ذَلِكَ، فِي الإِصْحاحِ الثَّالِثِ، بَعْدَ أَنْ قِيلَ لَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ نَظَرَ إِلَى أَعْلَى وَرَأَى ثَلاَثَةَ رِجَالٍ، نَجِدُ كَلِمَةَ أَدُونَاي. إِلَيْكَ الْأَمْرَ، أَدُونَاي جَمْعٌ….. أَدُونَاي مُفَرَّدٌ. أَمَّا أَدُونَاي فِي الْجَمْعِ، تُسْتَخْدَمُ أَحْيَانًا لِلْإِشَارَةِ إِلَى اللَّهِ، وَيُشَارُ إِلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ الْجَلاَلَةِ. بِمَعْنَى آخَرَ، عِنْدَمَا تُشِيرُ كَلِمَةُ أَدُونَاي إِلَى اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، بَلْ يَدُلُّ بِبَسَاطَةٍ عَلَى الْعَظَمَةِ. أَمَّا هُنَا فَالسِّياقُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يُخَاطِبُ الثَّلَاثَةَ الْمُسَمَّينَ بِـ "الرِّجَالِ"، وَلِذَلِكَ مِنَ الْمُرَجَّحِ أَنْ تُقْرَأَ فِي الْآيَةِ الثَّالِثَةِ "……قَالَ (أَي إِبْرَاهِيمُ)، يَا سَادَتِي، إِنْ كَانَ هَذَا يُرْضِيَكُمْ، لَا تَتَجَاوَزُوا خَادِمَكُمْ"… .
هَذَا الْأَمْرُ بِرَمَّتِهِ مُعَقَّدٌ بِسَبَبِ حقيقة أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ تَقُولُ: "وَرَأَى ثَلاَثَةَ رِجَالٍ وَاقِفِينَ بِقُرْبِهِ". إِنَّ الْكَلِمَةَ الْعِبْرِيَّةَ الْمُسْتَخْدَمَةَ لِلرِّجَالِ، هُنَا، هِيَ "إِنُوش" …… الَّتِي تَعْنِي عَلَى وَجْهِ التَّحَدِيدِ رِجَالًا، كَمَا فِي رِجَالِ الْبَشَرِ، وَأَحْيَانًا تُسْتَخْدَمُ لِلْدَّلَالَةِ عَلَى الْبَشَرِ عُمُومًا. لَكِن لَا تُشِيرُ كَلِمَةُ إِنُوش أَبَدًا إِلَى الْكَائِنَاتِ الرُّوحِيَّةِ. الْحَاخَامَاتُ وَالْحُكَمَاءُ مُنْقَسِمُونَ بِالتَّسَاوِي إِلَى حَدٍّ مَا حَوْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ يُعْتَقَدُ بَعْضُ أَنَّ أَحَدَ "الرِّجَالِ" هُوَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ اللَّهِ وَالْآخَرَانِ مُجَرَّدُ بَشَرٍ. بَيْنَمَا يُعْتَقَدُ آخَرُونَ أَنَّ أَحَدَهُمَا هُوَ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ اللَّهِ وَالْآخَرَانِ هُمْ مَلَائِكَةٌ.
وَالْآنَ، إِسْمَحُوا لِي أَنْ أَطْرَحَ مُشْكِلَةً أُخْرَى. كُلُّ هَذَا الْانْحِنَاءِ وَالْإِصْرَارِ مِنْ قِبَلِ إِبْرَاهِيمَ….. يَدْعُوهُمْ بِالْأَسْيَادِ…… وَيَطْلُبُ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنْ تَسْرِعَ وَتُحَضِّرَ الطَّعَامَ….. غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ، إلَخ……. هُوَ مُجَرَّدُ ضِيَافَةٍ شَرْقِ أَوْسَطِيَّةٍ نَمَطِيَّةٍ وَتَقْلِيدِيَّةٍ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ؛ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ إِلَى حَدٍّ مَا حَتَّى الْيَوْمِ. لَا شَيْءَ مِمَّا يَفْعَلُهُ إِبْرَاهِيمُ فِي اسْتِقْبَالِ الضُّيُوفِ الْمُرَحَّبِ بِهِمْ هُوَ خَارِجٌ عَنْ الْمَأْلُوفِ. لِذَلِكَ، فَإِنَّ أَفْعَالَهُ لَا تُسَاعِدُنَا فِي تَحْدِيدِ مَنْ هُمْ هَذَا الْأَشْخَاصُ الثَّلَاثَةُ فِي الْوَاقِعِ.
بَلْ يَزْدَادُ الْأَمْرُ سُوءًا. تَفْعَلُ سَارَةُ كَمَا أَمَرَهَا إِبْرَاهِيمُ…… فَهِيَ تُحَضِّرُ الطَّعَامَ وَالْمَاءَ وَاللَّبَنَ وَالرَّوَائِبَ، وَحَتَّى بَعْضَ اللَّحْمِ…… وَكَمَا جَاءَ فِي الْآيَةِ الثَّامِنَةِ "فَأَخَذَ (إِبْرَاهِيمُ) الرَّوَائِبَ وَاللَّبَنَ وَالْعِجْلَ الَّذِي كَانَ قَدْ أَعَدَّهُ وَوَضَعَهُ أَمَامَهُمْ (الرِّجَالَ الثَّلَاثَةَ) وَانْتَظَرَهُمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَهُمْ يَأْكُلُونَ".
لَيْسَ فَقَطُ مِنَ الصَّعْبِ أَنْ نَتَصَوَّرَ الرَّبَّ يَأْكُلُ الطَّعَامَ، بَلْ مِنَ الصَّعْبِ عَلَيْنَا بِنَفْسِ الْقَدْرِ أَنْ نَتَصَوَّرَ الْمَلَائِكَةَ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ. لَا يَسْتَطِيعُ يُوسِيفُوسُ وَالتَّرْجُمَانُ يُونَاثَانَ وَتَلْمُودُ بَبَسَاطَةٍ أَنْ يَقْبَلُوا أَنْ يَكُونَ لَدَيْنَا هُنَا مَشْهَدٌ لِلَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَهُمْ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ؛ يَأْكُلُونَ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَاللَّبَنَ. لِذَلِكَ، فَهُمْ يَقُولُونَ أَنَّ الْأَمْرَ كَانَ فَقَطُ أَنَّ الْأَفْرَادَ الثَّلَاثَةَ ظَهَرُوا وَكَأَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ، لَكِنَّهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَكُونُوا يَأْكُلُونَ.
فِي النِّهَايَةِ مِنَ الصَّعْبِ جِدًّا أَنْ نَعْرِفَ مَاذَا نَفْهَمُ مِنْ كُلِّ هَذَا؛ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِنْكَارُ أَنَّ شَيْئًا خَارِقًا لِلطَّبِيعَةِ يَحْدُثُ هُنَا، لِأَنَّهُ يُقَالُ لَنَا مُبَاشَرَةً وَبِصُورَةٍ لَا يُمْكِنُ إِنْكَارُهَا أَنَّ هَذَا كَانَ ظُهُورًا لِلرَّبِّ، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَفْرَادَ الثَّلَاثَةَ كَانَ لَهُمْ سُلْطَانٌ وَكَانُوا يَعْرِفُونَ أَشْيَاءً مَا كَانَ يُنْبَغِي أَنْ يَعْرِفُوهَا بِطَرِيقَةٍ أُخْرَى…. مِثْلَ إِسْمِ سَارَةَ أَوْ حقيقةْ أَنَّهَا كَانَتْ عَاقِرًا.