7th of Sh’vat, 5785 | ז׳ בִּשְׁבָט תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التثنية » سِفر التثنية الدرس الواحد والثلاثين – تكملة الإصْحاح الثالث والعشرين
سِفر التثنية الدرس الواحد والثلاثين – تكملة الإصْحاح الثالث والعشرين

سِفر التثنية الدرس الواحد والثلاثين – تكملة الإصْحاح الثالث والعشرين

Download Transcript


سِفر التثنية

الدرس الواحد والثلاثين – تكملة الإصْحاح الثالث والعشرين

لقد انْتَهينا الأسبوع الماضي بعد مُناقشة الآيَتَيْن الأَوليتَيْن فقط من الإصْحاح الثالث والعشرين من سِفر التثنية، وهناك الكثير في هذا الإصْحاح لِدَرجة أننا لن نُنْهيه اليوم.

نَشَر الحاخام باروخ مؤخَّرًا مقالًا رائعًا على موقعنا TorahClass.com بِعنوان ”الهَوِيّة اليهوديَّة والتَّوْراة“، يَتناول فيه كيف يَجِب على المؤمِنين في العَصْر الحديث (اليهود والاُمَمِيّين) أن يُفَكِّروا في تطبيق شريعة التَّوْراة على حياتنا وهو يَقوم بِعَملٍ رائع في ذلك. إنه يَسْتخدِم مُصْطَلَحات مُخْتَلِفة عن المُصْطَلَحات التي اسْتَخْدَمها عادةً للشَّرح ولكن النَّتيجة هي نَفْسُها في الأساس. فبَيْنَما أقول أنا ”مبادئ الله“ التي تقوم عليها الشَّرائع، هو يَتَحدَّث عن ”روح“ النّاموس مقابل النَّص. لذلك بَيْنَما نقرأ عِظة موسى على الجبل (هنا في موآب) ضَعْ في اعْتِبارك أنه كما كان يَسْتَعرِض وفي بعض الحالات يَشْرَح المبادئ الكامِنة وراء هذه الوصايا العديدة لأن ثقافة بني إسرائيل كانت على وَشَك أن تتطوَّر من حياة البَدو الرُّحَّل إلى حياة شَعْب مُسْتَقِرّ، هكذا يَجِب علينا أن نُكَيِّف المبادئ الكامِنة وراء هذه الوصايا مع العَصْر الأكثر تقدُّمًا الذي نعيش فيه. ولكن المُهِمّ دائمًا هو روح النّاموس، ولذلك فإن الروح القُدُس الذي يعيش فينا هو وَحْده القادِر على إرْشادنا لِتَنْفيذها بطريقة تتَّفِق مع إرادة الرَّب. ولكن كما قال يسوع في مَوْعِظته على الجبل (متّى خمسة على سبعة عشر الى عشرين)، فإن تَكييف هذه الشَّرائع الجديدة مع حالة المُجْتَمَعات المُتَطَوِّرة من أجل الحِفاظ على روح النّاموس لا يعني أبدًا أن كَلِمَة النّاموس قد ماتت وزالت أو أُلْغِيَت أو حتى تغيَّرت.

بدأت الآية الثانية بقائمة تَضُمّ مَن يَجِب اسْتِبعادهم من كاهال (جماعة) بني إسرائيل، وَوَجَدنا أنه رُبَّما لا يَنْبَغي أن نأخذ كَلِمَة جماعة على أنها تعني ”كل عُنْصُر من عناصِر المُجْتَمَع الإسرائيلي الذي يُشكِّل معًا بِشَكْلٍ غيردقيق أُمَّةَ إسرائيل“، بل من الأنْسب أن نرى مِعنى ”جماعة“ كمواطنين كامِلي الحقوق ومُخْلصين من إسرائيل. كما يُمْكِنك أن تَتخيَّل، على مَرّ القرون كان هناك جَدَل كبير ومُسْتَمِرّ حول من يُمْكِن إدْراجُه كَجِزءٍ من ”الجماعة“ ومن لا يُمْكِن إدْراجه. من يُمْكِنه التَّمَتُّع بكل الحقوق الممْنوحة للإسرائيليين ومن يُمْكِنه التَّمَتُّع بِبَعض (أو لا شيء) من تلك الحُقوق فقط.

لا يَنْبَغي لنا أن نَنْدَهِش من هذا المَفْهوم الخاص بِمَجْموعة غير مُتَساوية من الحقوق لسُكّان إسرائيل. فنحن كأمْريكيّين تُنْشِىُء قوانيننا عَدَدًا من الفُروقات في مُجْتَمَعنا حَول المكانة التي نَتَمتَّع بها كَمُقيمين داخل مُجْتَمَعنا. إذا كنت من الجيل الثاني أو الثالث من الأمْريكيّين، فأنت مُواطِنٌ كامِل الحقوق المَمْنوحة لك. أما إذا كنت مُهاجِرًا جديدًا وحَصَلْت على البِطاقة الخضراء كوَسيلة للإقامة القانونية ولكنّك لست مُواطِنًا، فأنت تَتَمَتَّع بالعديد من حقوق وواجِبات المُواطِن ولكن ليس كل الحقوق؛ فلا يجوز لك المُشاركة في انْتِخابات المَسْؤولين الحُكومِيِّين أو في الدفاع العَسْكَري عن أُمَّتنا على سبيل المثال. إذا كنتَ هنا من دون وثائق (أجْنَبي غير شرْعي)، فعِنْدَئذٍ على الرّغم من أنك قد تَسْتفيد من نَواحٍ عديدة (أو تُساهم بطريقة ما) في اقْتِصادِيّات مُجْتَمَعِنا، لا يُمْكِنك التَّصويت أو المشاركة في الجيش أو الحُصول على ضمان اجْتِماعي، ونَظَرِيًّا لا يُمْكِنك حتى الحُصول على وظيفة. هناك صِفة ما بين حَمْل البِطاقة الخضراء وكَوْنُك مُقيم غير شرْعي حيث تَتَمَتَّع ببعض الحقوق دون غَيْرها. كانت إسرائيل القديمة مُشابِهة تمامًا في بُنْيَتها والتَّوْراة تشرح تلك البنية.

وهكذا فَمُنذ الوقت الذي غزا فيه بنو إسرائيل كنعان، مُرورًا بِعَصْر القُضاة، ثم الفترة القصيرة في عهد داوود وسليمان عندما كان بنو إسرائيل أمَّة واحدة مُوَحَّدة، إلى فترة المَمْلكة المُقَسَّمَة والملوك، والمَنْفيّين إلى آشور وبابل، ثم أخيرًا إلى عَصْر العهد الجديد، تغيَّرَت وتطوَّرَت معايير القُبول في إسرائيل (كمملكة الله) وحُصولك على صِفة مُواطن كامِل الحقوق.

في وقتٍ مُبْكر لم يَكُن هناك إجراء رَسْمي لانْضِمام أجْنَبي إلى بني إسرائيل. لم تَكُن هناك لَجْنة ولا أوراق رسميَّة ولا طُقوس للانْدِماج أو الاهْتِداء. كيف أصبح الأجْنَبي إسرائيليًا؟ في المقام الأول عن طريق الاسْتيعاب. قد يَنْتَقِل الرَّجُل وعائلته إلى إحدى المناطق القَبَليَّة الإسرائيلِيَّة، ويَتَبنّون بِبُطْء الثقافة الإسرائيلِيَّة، وبِمُرور الوقت يَكْتَسبون القُبول كشَعْبٍ صالِح. رُبَّما يَنْضمّون بطريقة ما إلى الأعياد التَّوْراتيِّة، ويُحافظون على يوم السبت، ويتوقَّفون عن عِبادة الإله الذي أحْضَروه معهم عَلانية.

ورُبَّما يبدأ أطفالُهم الحياة لا يَعرفون شيئًا سوى طريقة الحياة العِبْرِيَّة، ويَلعبون مع الأطفال العِبْرانيِّين ويَنْدمجون بِبَساطة. ورُبَّما يتزوّج رَجُل عبراني من أحد هؤلاء الأطفال وسُرْعانَ ما ينْجِبون أطفالاً يُنظَر إليهم الآن على أنهم إسْرائيليّون أكثر من أي شيء آخر. ويَمُرُّ جيل آخر ولن تبقى أي بقايا من هَوِيَّتهم الأجْنَبية ولن يكون للجّيل الجديد أي هَوية مُدْرَكة مع أسْلافهم الأجانِب. لقد كانوا مُجَرَّد إسرائيليِّين الآن. وكَمسألة روتينيَّة كان المُهاجِرون السّابقون من الجيل الثالث والرابع يَخْتنون أطفالهم الذُّكور (لأن هذا ما كان يفعله الجميع) وبِكل المظاهِر الخارجيَّة لم يَكُن هناك فَرْق واضِح بينَهم وبين نَسْل يعقوب.

ولكن في وقتٍ لاحِق، بدأ الحُكَماء والحاخامات في نهاية المطاف يَنظرون إلى قُبول الأجانِب في إسرائيل على أنه مسألة قانونيّة تحتاج إلى إشْراف رَسمي؛ لذلك وَضعوا مبادئ تَوْجيهيّة صارِمة. على سبيل المثال، سُمِح لرَجُل عِبْراني بالزواج من فتاة أجْنَبية تعيش في إحدى مناطق القبائل الإسرائيلِيَّة، ومثل هذا الأمْر جَعَل تلك الفتاة إسرائيليّة على الفور. ولكن بِشَكْلٍ عام كانت الفتاة العبرانيّة لا تُشجَّع على الزواج من رَجُل أجْنَبي (يعيش في إسرائيل) لأن هذا يَجعلها الآن أقل من عبرية ويَضعها على طريق مُحْتَمل للتَّخَلِّي عن هَوِيَّتها الإسرائيلِيَّة. أصبح نتاج زواجهما، ذِرِّيتهما، أكثر إشْكاليّة. ماذا كان هؤلاء الأبناء في نَظَر المُجْتَمَع الإسرائيلي؛ عِبرانيِّين أم أجانب؟

هذه المُعْضِلة (وكيف تعامَل كل جيل من أجيال بني إسرائيل مع هذه المشاكل المُتَعلِّقة بالجِّنْسية والمواطَنة والهَوِيّة العِرْقيَّة وما إلى ذلك) تُفَسِّر غموض المُصْطَلَح الذي نُواجهه في الآية الثالثة من سِفر التثنية ثلاثة وعشرين حيث تقول عادةً باللغة الإنجليزية أن ”ابْن الزِنا“ أو في بعض الأناجيل ”لَقيط“ لا يجوز أن يُصبح جزءًا من جماعة إسرائيل. الكَلِمَة التي يتمّ تَرْجمتها هي مامزر العِبْرِيَّة .

دعونا نُعيد قراءة جزء من سِفر التثنية الإصْحاح الثالث والعشرين ابتداءً من الآية الثالثة.

أعد قراءة سِفْر التثنية ثلاثة وعشرين على ثلاثة الى تسعة.

إليكم الأمْر: لدى العُلَماء مُشكلة حقيقيّة في تأريخ الأنْظِمة الدَّقيقة المُدْرجة في سِفر التثنية ثلاثة وعشرين لمن يُمْكِن اسْتِبعاده من إسرائيل ومن يَجِب قُبولُه. ومن بين هذه الأنْظِمة مَسألة من وما هو بالضَّبْط المامزر؟ إن الرَّأي المَقبول عُمومًا بين العُلَماء اليهود المَسيحِيِّين هو أنه في حين أن ما نَقرأه في سِفر التثنية رُبَّما يعود في الأصْل إلى زَمَن موسى تقريبًا (ولكن على الأرْجَح من زمن سَلَفه يسوع وما بعده بِفَتْرة قصيرة) فإن الأمْثِلة المُعطاة (مع الجنسيّات الدقيقة) فيما يَتَعلَّق بِمَن يُمْكِنه الإنْضِمام إلى بني إسرائيل ومن لا يُمْكِنه الإنْضِمام رُبَّما جاءت بعد ذلك بِقَليل ورُبَّما تطوَّرَت قليلاً مع مُرور الوقت. لكن افْهَم؛ سواء كان هؤلاء العُلَماء على حق أو خطأ بشأن التاريخ يُمْكِن بِسُهولةٍ اسْتِخراج المَبْدأ الأساسي لهذه الوصِيَّة.

اسْمَحوا لي أن أُذَكِّركم بشيء نُفَضِّل أحيانًا تَجاهُلَه. يقول المؤمِنون (خاصة المسيحيِّين الإنجيليِّين) عن قناعة أن الكِتاب المُقَدَّس مَعْصوم من الخَطأ وحَرْفِيّاً وعلينا أن نأخذه كما هو بالضَّبْط، وذلك لأنه جَدير بالثِّقة. أنا أتَّفِق تمامًا مع ذلك؛ ولكن ما يَعنيه ذلك في الواقِع وكيف يَتجلّى هو أمْرٌ أكثر تَعْقيدًا إلى حدٍّ ما. في هذه القاعة اليوم أَظُنّ أنه سيكون لدينا على الأقل عشرات النِّسَخ المُخْتَلِفة من الكِتاب المُقَدَّس (التَّرْجَمات). عندما تَضَعهم بالتَّوازي (وفي بعض الأحيان سأُقارِن ما يصل إلى ثمانية أو عشرة نِسَخ في وقتٍ واحد، حتى بِلُغات مُخْتَلِفة، لأغراض الدِّراسة) يُمْكِن أن يكون هناك بعض الاخْتِلافات الكبيرة إلى حدٍّ ما. إذَن أي من هذه النِّسَخ هي النَّسْخة التي لا تُخْطِىء؟

عند مُقارنة نسخة المَلِك جيمس الأصلية بالكِتاب المُقَدَّس الأكثر حداثةً "التَّرجمة الدُوَليّة الجديدة"، يُمْكِن أن تكون الاخْتِلافات ظاهِريًّا مُقْلِقة الى حَدٍّ ما، ولكن في الواقِع تَكْمُن المُشكلة في الطريقة التي تغيَّرَت بها اللغة الإنجليزية أكثر من مُحاولة المُتَرْجِمين تأكيد مَعاني مُخْتَلِفة تمامًا لِنَفس المَقطع (على الرّغم من أن في بعض الحالات يكون هناك اخْتِلافات في المعنى بين النَّصَّين). وفي حالات أخرى يكون السَّبَب هو أن أسماء الأُمَم أو المُدُن قد تغيَّرَت على مَرّ القرون، حيث أصبَح الإسْم الأقدَم من مُخَلَّفات الماضي منذ زمن بعيد، لذا يتمّ إدْراج الاسْم الأحْدَث للمدينة أو الأُمَّة بدلاً من الاسْم الأقْدَم الذي لم يَعُد مُستخدماً. هل هذا يعني أن الكِتاب المُقَدَّس قد تمّ تَغييره بِشَكْلٍ إحْتيالي؟ بالطَّبع لا. فَبِالنِّسْبة للشَّخص العادي سَيَحصل على معنى أكبر بكثير من خلال تَسْمِية بيت إيل، بيت إيل، بدلاً من اسْمها الأقدم، لوز. لذلك من الطَّبيعي أنه مع مُرور الزمن، ومع إعادة نَسْخ الكِتاب المُقَدَّس، قد تتغيَّر أسماء الأماكِن أحيانًا إلى أسماءٍ أكثر حداثةً سائدة في ذلك اليوم، وقد تتغيَّر أسماء الأُمَم التي تُعتبر أمثلة للأُمَم الشِّرّيرة لأن الأُمّة المذكورة قد تكون انْقَرَضَت.

إذَن مع وَضْع هذا المَفْهوم في الاعْتِبار، ما هو هذا المامزير )طفل الزِّنا) المُسْتَثْنى من بني إسرائيل؟ حَسَنًا، يُمْكِنني أن أُخْبركم على وجه اليقين أن الأمْر لا يَتَعلَّق على الإطلاق بِكَونه ابنًا مولودًا من أبَوَيْن غير مُتَزوِّجَيْن، أي لقيط، بل إن المامزير هو نتاج اتِّحاد غير شرعي (غير شرعي حسب التَّوْراة) من أي نوع كان. المامزير هو نتاج نوع من الإتِّحاد غير المَشْروع. وكما آمل أن يكون قد تمّ تَوْضيح إِلْتِفافي، فإن ماهِيّة الإتِّحاد المَحْظور من الأشخاص والظُّروف التي تُحَدِّد الإتِّحاد المَحظور قد تطوَّرَت على مَرّ الزمن.

في الأحكام اللّاحِقة التي أصْدَرَتها السُّلطات الدّينيّة العبرانيّة كانت هناك ثلاث افْتِراضات حول الآيات التِّسع الأولى من سِفر التثنية ساعَدَتهم في تحديد كَيْفِيَّة تنفيذ هذه الشَّريعة في مَقْصدها الرّوحي الصحيح. وباسْتِخْدام هذه الإفْتِراضات الثلاثة وَضَعوا وعدّلوا أحكامهم المُخْتَلِفة حول المامزيريم (جمع مامزير) على مَرّ العُصور.

كان الإفْتِراض الأوّل هو أن جَوْهر هذه الآيات هو افْتِراض أنها تتعامَل مع الزواج. ثانيًا أن أي أجْنَبي، دون اسْتثناء، يجوز له أن يَعْتَنق اليهوديَّة. ثالثاً أن ”جماعة“ بني إسرائيل يَجِب أن يُعرَّفوا بأنهم مُواطنون كامِلو المُواطنة في إسرائيل لأنهم مُواطنون إسْرائيليّون أصليّون وُلِدوا في إسرائيل وكانوا نتاج زيجات شَرْعِيَّة.

وكنتيجة لهذه الإفْتِراضات الثلاثة، فإن القانون المُتَعلِّق بِتَعريف من كان من جماعة“ بني إسرائيل وما هو وَضْعهم في إسرائيل كان يسير على هذا النحو: لا يجوز للرِّجال المَشْمولين بهذا القَيْد الزواج من فتاة عِبريَّة أصلية المَولد، ولكن يُسمح لهم بالزواج من فتاة كانت أجْنَبيّة في السّابق ولكنها اعْتَنَقَت اليهوديَّة. علاوة على ذلك، يجوز للمامزير الذي يعيش في إسرائيل أن يتزوج من مامزير آخر .

لذلك يُمْكِن للرَجُل اليهودي أن يتزوج من فتاة أجْنَبية بشَرْط أن تكون مُعْتَنِقةً اليهوديّة، ولكن لا يُمْكِن للفتاة اليهوديَّة أن تتزوّج من رَجُل أصبح يهودياً عن طريق اعْتِناق اليهوديَّة. إذا تم انْتِهاك أي من هذه القوانين، فإن الأطفال النّاتِجين عن ذلك كانوا مامزيريم، لكنّهم بالتأكيد لم يكونوا أبناء زِنا، بل لم يكونوا بالأحْرى نتاج اتِّحاد أشخاص اعْتَبرَتهم السُّلطات الدّينيّة العِبْرِيَّة من الأشخاص الَّذين أجازَتهم التَّوْراة. لذلك وباعْتِبارهم أبناء زيجات غير مِصرح بها دينيًّا فقد اعْتُبِر أبناؤهم مامزيريم. دعْني أقول ذلك بطريقة أخرى: ليس الأمْر أن العِبْرانيِّين قرَّروا أن زواج فتاة يهوديّة من رَجُل أجْنَبي مثلاً كان غير شرعي، وبالتالي عندما أنْجَبا أطفالاً كان الأمْر كما لو كانت الفتاة حامِلاً خارج إطار الزواج، بل هو أن هذا اتِّحاد مُعيب ما كان يَنْبَغي أن يَحْدُث في ظِلّ المَثَل الأعلى الذي أقامه الرَّب، وبالتالي لا يُمْكِن مَنْح أبناء هذا الاتِّحاد صِفَة المُواطنين الكامِلين في إسرائيل. الأطفال ليسوا مَنْبوذين، لكنهم فقط لا يَتمتَّعون بحقوق الأطفال الآخَرين الَّذين هم نتاج زيجات مُصرح بها.

لذلك فإن قانون المامزير هذا في الآية الثالثة يَرْتَبِط بشريعة الآية الرابعة حيث لا يُمْكِن لأي أجْنَبي من موآب أو عَمّون أن يُصبح مواطناً كاملاً في إسرائيل. ولا يُمْكِن لأي سَليل من المُوآبيّين أو العَمّونيِّين أن يُصبح مُواطناً كامِلاً في إسرائيل لعشرة أجيال. لماذا هذا؟ لأنه يُقال إن الموآبيّين والعَمّونِّيين لم يكونوا يُساعدون بني إسرائيل بالطعام والماء أثناء الخُروج.

ليس هذا فَحَسْب، بل اسْتأجَروا ساحِرًا يُدعى بِلعام ليأتي ويَضَع لَعْنة على بني إسرائيل (وهو ما اتَّضَح أنه لم يَفْعل). في الواقِع، يَجِب أن يُنظَر إلى الموآبيِّين والعَمّونيِّين على أنهم أناس لا يَنْبَغي أن يكون لبني إسرائيل عِلاقة بهم. لا يَنْبَغي بالضَّرورة أن يَسْعى بنو إسرائيل وراءهم لإلْحاق الأذى بهم، ولكن لا يَنْبَغي أيضًا أن يَسْعون وراءهم كأصْدِقاء وحُلَفاء وبالتأكيد ليس كأفراد مُحْتَمَلين من العائلة.

دَعْني أقول بِصراحة أن هذه الآيات قد خَلَقت كل أنواع المشاكِل. الأولى هي أن معظم العُلَماء يَعْتَبِرون أن التحذير بأنه لا يُمْكِن لأي موآبي أو عموني أن يُصبح مُواطنًا في إسرائيل لعشرة أجيال هو في الواقع طريقةً شِعْرية للقَوْل إلى الأبد. ولكن يبدو أن العِبْرانيِّين القُدَماء لم يروا الأمْر على هذا النحو لأنه بِمُرور الوقت أصبح الموآبيِّون والعَمّونيِّون صديقَيْن لبني إسرائيل وكان التَّزاوُج بينهما شائعًا. ثانيًا: إذا كانت العَشَرَة تعني عَشَرَة بالتَّحْديد (وليس إلى الأبد) فمتى يبدأ عَدّ الأجيال العَشَرَة؟ هل تُحْسَب عندما يغزو بنو إسرائيل كنعان؟ هل تُحْسَب عندما يَنْتَقِل الموآبيِّون أو العَمّونيِّون لأول مَرَّةٍ إلى إسرائيل كأجانِب مُقيمين؟ هناك مسألة أخرى تتعلَّق بِعَدَم مُساعدة عمون وموآب لبني إسرائيل بالطعام والماء. هل هذا يعني أنهم رَفضوا بَيْع هذه الضّروريّات لبني إسرائيل أم أنهم لم يُقَدِّموها بِبَساطة كَهَدِيّة؟

من الأفْضَل أن نَنْظُر إلى المبادئ الأساسيّة بدلاً من الخَوْض في الأسْماء والأرقام الدَّقيقة في هذه المسألة بالذّات، لأننا قد لا نَعرف أبداً ما الذي يَعنيه هذا بالضَّبْط في ذِهْن الكاتِب الأصلي. أول شيء يَجِب أن نَفهمه هو أنه (كما جاء في الإفْتِراض الثاني من الإفْتِراضات الثلاثة لهذه الآيات التي أخْبَرتُكم عنها سابقًا) ليس المَقْصود أن العمّونيين والموآبيّين يَجِب أن يُستَبعَدوا من العَيْش في إسرائيل. ليس هناك اعْتِراض عُنْصُري ولا أن يُعامَلوا بِشَكْلٍ مُخْتَلِف عن أي أجْنَبّي مُقِيم آخر يعيش بين العِبْرانيِّين في أرض الميعاد. كل ما في الأمْر أن وَضْعهم مَحْدود (على الأقل لِعِدّة أجيال). المَبْدأ العام في التَّوْراة هو أن الأجانِب المُقيمين يَجِب أن يُعامَلوا باحْتِرام ويُمْنَحوا الحِماية الكامِلة بموجَب القانون. وهذا يَنْطَبِق على الموآبيّين والعمّونيّين أيضًا.

ولكن رُبَّما على المُسْتوى الأساسي لِفَهم سبب قُبول بعض الأجانِب في إسرائيل ورَفْض البعض الآخر هو هذا: الأشخاص المُتَوَرِّطون في اتِّحادات غير شَرْعِيَّة أو الَّذين هم نَتاج اتِّحادات غير شَرْعِيَّة أو غير كامِلين جَسَدِيًّا (الخِصْيان هو المثال في هذا الإصْحاح) مَرْفوضون كَمُرَشَّحين للانْضِمام إلى بني إسرائيل. إن الكَمال (أو القَداسة) في نَظَر الله هو شَرْط القداسة في كل من العهد القديم والعهد الجديد، والقداسة يَمْنَحُها الله لجميع أعضاء بني إسرائيل. كان مَطلوبًا من الكَهَنَةِ على وجْه الخُصوص أن يكونوا كامِلين وخاليين من العُيوب الجَسَديَّة؛ فالكاهِن الذي فَقَدَ جِزءًا من إصْبَعه في حادِث أو الذي تُلِفَ أحد أطرافه بِسَبَب المرَض لا يُمْكِنه أن يَخْدُم في خَيْمَة الاجْتِماع. يقول المسيح في الآية الأخيرة من إنجيل متّى خمسة في مَوْعِظته على الجبل ”فَكُونُوا إِذًا كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُم الَّذي فِي السَّمَاوات كَامِل“.

لقد اسْتَعْمَلَ الرَّب الإلَه هذه الأمْثِلة التي نَقْرأ عنها في التَّوْراة كَصُوَرٍ تَوْضيحيَّة لَضَرورة الكمال لكي يُقبَلوا في مَلَكوت الله. كانت النِّقْطة التي كان الآب يوضِحها دائمًا هي أن الثِّقة به وقُبول نِعْمته هي التي غَمَرَتنا بِكمالِه، وهذا ما جَعلَنا مَقْبولين في عَيْنَيْه. حتى بالنِّسْبة لبني إسرائيل لم يَكُن السُّلوك الصَّاِلح هو الذي جَعَلَك مَقْبولاً في مَلَكوت الله، بل كانت النِّعْمة.

ولكن بعد أن ”أنْعَمَ عليك بِدُخول المَلَكوت، كان الإلْتِزام بِشرائع الله وأوامِره (بِروحها) هو الذي أبْقاك في المَلَكوت وحافَظَ على انْسِجامِك مع الله. عند مَجيء يسوع، هو الذي سيكون ثَوْب البِرّ غير المُلَوَّث الذي نَرْتَديه كعلامة لقُبولنا في المَلَكوت. لقد كان القُبول أو الرَّفْض في المَلَكوت في كل الأوقات، وفي كل العُصور، قَضِيَّةً روحِيَّة (رغم العقائد الخاطِئة والكاذِبة التي تقول عَكْس ذلك).

يبدو أن سبَب وُجود هذا التَّقْييد الخاص للعَمّونيين والمُوآبيِّين هو تاريخي بِطَبيعته؛ فعندما احْتاج بنو إسرائيل إلى المُساعدة لم يعْطوهم أي مُساعدة، بل رَفَض العَمّونيون السَّماح لبني إسرائيل بالمُرور وحاول المولآبيُّون أن يَلْعَنوا بني إسرائيل. وعلاوة على ذلك، يبدو أنهم باعوا بني إسرائيل ضَروريّات الحياة التي كانوا بِحاجة إليها من دون أن يُقَدِّموها لهم كَضُيوف. كانت هذه إهانة كبيرة. إفْهَم أنه في عَصْر الكِتاب المُقَدَّس عندما كان يأتيكَ ضَيْف (وعادة ما يكون الضَّيْف غريبًا) كانت العادة أن تُقَدِّم له الطعام والشراب كصديق. بالتأكيد كان الضَّيْف سيَعْرُض أن يَدْفع ثمن ذلك كرَدّ فِعْل مُهَذَّب (ونرى هذا العَرْض بالفِعْل من موسى في التَّوْراة لِدَفْع ثمن الطعام والماء) كان من المُمْكِن أن يَحْدُث نوع من رَقْص الكابوكي، حيث تَتَنَقَّل المجاملات بين المُضيف والضَّيْف بِشكلٍ مُتَبادل حتى يَقْبل الضَّيْف ضِيافة المُضيف بِشكلٍ مُناسِب، أو إذا كان هناك العديد من الضُّيوف (وكان من غير العادِل أن يُتوقع من هؤلاء الغُرَباء تقديم الإمْدادات اللّازمة لهم مجانًا)، اضْطَرَّ المضيف في النهاية لِقُبول المال.

لقد أهان عمّون وموآب شَعْب الرَّب وبالتالي الرَّب. لذا فإن البَرَكة الرائعة المُتَمثِّلة في الإنْضِمام إلى بني إسرائيل قد مُنِعت عن موآب وعمّون. لا تَظُنّوا أبدًا أن هذه الفِكْرة، أو هذا المِثال، حول ما يَنْتَظِرَه يَهْوَهْ من الأُمَم الأُمَميَّة تجاه بني إسرائيل قد خَرجَ في النِّهاية من الفِكْر اليهودي أو من فِكْر الله. اسْتَمِعوا إلى قَوْل يسوع:

الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامِل متّى خمسة وعشرين على أربعة وثلاثين: "حينئذٍ يقول الملِك للّذين عن يَمينه: “تعالوا يا من بارَكَهم أبي، خذوا ميراثكم، المَلَكوت المُعَدّ لكم منذ تأسيس العالَم.". خمسة وثلاثين:" جِعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، كنتُ غَرِيبًا فأوَيْتُموني

كما ترى، الكثير من مَقاطع العهد الجديد وأقوال يسوع تُشير في الواقِع إلى أحْداث تاريخيَّة قديمة من ماضي بني إسرائيل التي بَقِيَت راسِخة في النَّسيج الثَّقافي العِبري. تمامًا كما يقول هذا القَوْل للمسيح في سِفْر متّى بِبَلاغة شديدة، أولئك الَّذين باركَهُم الآب مُرَحَّب بهم ليأتوا ويأخُذوا ميراثَهم (كَجِزء من بني إسرائيل). ما هي معايير أن يكونوا مُبارَكين؟ "جِعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي، عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي، كنتُ غَرِيبًا فأوَيْتُموني“. هذا هو السَّبَب في أن فئة التَّوْراة وخدمات كنيسة نَسْل إبراهيم تُعطي بفعالِيَّة وتعتني بِشكل مستمِرّ بشَعْب الله في إسرائيل: إنه واجِبُنا (وفَرَحُنا) كمؤمِنين. عمّون وموآب لم يَفْعَلا شيئًا من هذا لشَعْب الله، لذا فَهُما مُسْتَبْعَدان من الإنْضِمام إلى شَعْب الله ومن المُشاركة في الميراث المَحْفوظ لشَعْب الله، بني إسرائيل.

من المؤَكَّد أن يسوع اسْتَخْدَم هذا كتَوْضيح للتَّرْحيب به ولكن النُّقْطة المُهِمّة هي أننا كاُمَمِيّين سيُحكَم على الكثير من تَصَرُّفاتنا (خاصة على المُسْتوى القَوْمي) من خلال الطَّريقة التي نُعامِل بها بني إسرائيل. لقد قُلْتُ في مُناسبات عديدة أنه يُمْكِننا أن نَخْتصر الطريقة التي سَيُدينُ بها الرَّب كل إنسان على أساس أمْرَيْن: قرارُنا الفرْدي بشأن المسيح كخَلاص لنا، وقَرارُنا الوطَني فيما يَتَعلَّق بمُعامَلَتنا لبني إسرائيل.

بما أننا دَرَسنا التَّوْراة الآن لبعض الوقت، وفَحَصنا كَلِمَة الله بِعِناية في سِياقها، ما هو (الآن) في اعْتِقادك مَوْقف الرَّب من ذلك الجِزء من الكنيسة الذي يَقِف مع العالَم العَرَبي والإسْلامي ضدّ شَعْبه بني إسرائيل؟ ما هو بِرأيك مَوْقِف الرَّب من المؤمِنين الَّذين لا يَهْتَمّون بإسرائيل أو بالشَعْب اليهودي ومَصيره؟ كيف يُمْكِن أن نَتوقَّع أن يتمّ اسْتِقبالنا عندما نَقِف أمامَه في السّماء عندما نُعامِل بني إسرائيل بِشَكْلٍ أساسي كما فعَل الموآبيّون والعَمّونيّون؟

لِنَعُد إلى مَوْضوع المامزير هذا بالإشارة إلى أمْر مُثير للإهْتِمام: كانت راعوث، إحدى أسْلاف يسوع، موآبيّة وتزوَّجَت من رَجُل عبراني، بوعز. هل كان أولادُهما ممزيريم؟ لا لأنها اعْتَنَقَت ديانَةَ العِبْرانيِّين (إلَهُكِ يكون إلَهي، قالت لنَعومي) ولأنه كان مَسْموحاً لرَجُل عبراني أن يتزوّج امرأة أجْنَبية اعْتَنَقَت العقيدة العبرانية. إن زواج راعوث من بوعز هو دليل على أن الأجيال العشرة من التَّحريم كانت تعني ذلك بالضَّبْط، بالإضافة إلى أنه لم يُسمح لأي أُمَّة بالإنْضِمام إلى بني إسرائيل. إن مُفتاح السَّماح لها بالإنْضِمام إلى بني إسرائيل هو بالضَّبْط ما نَطَقَت به راعوث لحَماتِها العبرانية: ”إلَهُك يكون إلَهي وشَعْبُك يكون شَعْبي“.

المُثير للإهْتِمام هو أن اسْتِبعاد عَمّون وموآب من إسرائيل هو ضمّ أدوم ومِصر! لقد ذُكر بالفعل اسْتِبعاد مؤقَّت قصير الأجَل إلى حدٍّ ما لثلاثة أجيال من المِصريّين والأدومِيِّين ولكن بعد ذلك يَزول كل القَيْد. وعلى الرّغم من أنني مُتأكِّد من أن العديد من بني إسرائيل في عَصْر موسى سيُجادِلون في مَنْطِق الله لهذا القُبول غير المُتَوَقَّع إلى حدٍّ ما لِأدوم ومِصر كمُرَشَّحين للانْضِمام إلى بني إسرائيل، إلا أن أسْبابه مَذْكورة لنا.

أما بالنِّسْبة لأدوم، فَلِأنَّه ”هو أخوك“. كيف يكون أدوم أخًا لإسرائيل؟ أدوم هو إسْمٌ آخر لِعيسو. أدوم يعني ”الأحْمَر“، وهو نوع من الألْقاب لِعيسو (ابن إسحَاق) الذي قيل لنا أنه كان شَعْرُه أحمر وبَشَرَتُه حَمْراء (بِشَكْلٍ عام مثل الملِك داوود). كان شقيق عيسو التَّوْأم يعقوب (الذي تغيَّر إسْمُه فيما بعد إلى إسرائيل). إذن بالفِعْل فإن أدوم وإسرائيل هما أخَوان (توأمان شقيقان) والرَّب قَصَدَ تكريم هذه العلاقة.

كذلك على الرّغم من أن ما نَتَذَكَّره بِشَكْلٍ عام عن عيسو ويعقوب هو كيف خَدَع يعقوب عيسو بِأَخْذ حق البَكارة، ثم كيف أن عيسو كان يَنْوي قَتْل يعقوب بِسَبَب هذا الاحْتِيال، إلا أنَّهما تصالحا عندما عاد يعقوب إلى كنعان من بلاد الرّافدين مع زَوْجَتَيْن وعدد من الأولاد والخَدَم. كان الرَّب قد وَعَد إسحاق بأن يُبارِك عيسو.

ويبدو أن هذا كان كافيًا لكي يُغفَر لأُمَّة أدوم لِفِعْلها نفس الشَّيء الذي فَعَلَه عَمّون وموآب ببني إسرائيل، لأن أدوم رَفَض السَّماح لبني إسرائيل بالمُرور عبر أرْضِه وأجْبَرَهم على السَّيْر حول أدوم في طريقهم إلى أرض الميعاد.

أما بالنسبة لِمِصر، فعلى الرّغم من أن كل هذا يبدو مُسْتَبْعَدًا ظاهِريًّا، إلا أن الرَّب قد حَجَز مَكانة خاصة في قَلْبِه لِمِصر. في نهاية الأزْمِنة سيُنظَر إلى مِصر على أنها أفضل إلى حدٍّ ما من الأُمَم التي تُحيط بإسرائيل وستُعطى مُكافآت مُعَيَّنة. هذا لأن مِصر هي المكان الذي أقام فيه بنو إسرائيل. يبدو أن الرَّب يُوازِن نوعًا ما بين التَّكْريم والاحْتِرام الكبيرَيْن اللَّذَيْنِ مَنَحَتْهُما مِصر لبني إسرائيل عند وُصولِهم إليها في البِداية (مع يوسف كَوَزير لِمِصر) ولِحوالي نصف مُدّة إقامَتهم هناك، مقابل الاضْطِهاد القاسي الذي فَرضَتْه مِصر في النِّهاية على بني إسرائيل (خلال النّصف الأخير من فترة إقامتهم في مِصر) والذي أدّى إلى إنقاذهم بواسطة موسى.

والآن، لا شكّ أن هذا القرار بشأن مِصر كان أمْرًا عمليًّا ومِثاليًّا في آنٍ واحد، لأن آلاف المِصريّين كانوا قد تَعَلَّقوا بِبَني إسرائيل أثناء هُروبهم من مِصر (كانوا مُعْجَبين جدًا بإلَه بني إسرائيل). ولكن ماذا كان يَجِب أن يكون وَضْعهم؟ بعد بِضْعة أجيال (ورُبَّما كان الجيلان الأوَّلان من المِصريّين جِزْءًا من رِحْلة البريَّة) يُمْكِن أن يُقبل الجيل الثالث في إسرائيل. من المُحْتَمَل جدًا أن يكون أحْفاد هؤلاء المِصريّين الَّذين رافَقوا بني إسرائيل من مِصر، والَّذين أنْجَبوا أولادًا ثم ماتوا، قد أصْبَحوا في الحال مُواطنين كامِلِي الأهليّة عند احْتِلال أرض الميعاد.

الآيات العديدة التالية (عشرة الى خمسة عشرة) تُغَيِّر المَوْضوع وتتناوَل الحَرْب المُقَدَّسة وتتناوَل بِشَكْلٍ أكثر تَحْديدًا المُخَيَّم العَسْكَري، الذي هو أساسًا من هم بنو إسرائيل في هذه المَرْحَلة من التاريخ. بنو إسرائيلُ هم حَقًّا جَيْش الله المُنْعَقِد للحَرْب المُقَدَّسة. يَهْوَهْ هو القائد المُحارِب الإلَهي وبنو إسرائيل هم قُوّات يَهْوَهْ. وبما أن هذه حَرْب يَقودها القُدُّوس فإن المُخَيَّم نفسه يَجِب أن يكون مُقَدَّسًا؛ لذلك لدينا بعض القواعِد حول كَيْفِيَّة القيام بذلك. والمَبْدأ العام مَذْكور في نهاية الآية العاشرة: ”….. عليك أن تَحمي نَفْسَك من كلّ سوء (أي شَرّ)“. هذا يُشير إلى التأكُّد من إتباع جميع أحكام الله وفَرائضه بِدِقَّة.

القاعِدة الأولى هي ما يُسَمّى بالإفرازات اللَّيْلِيّة؛ وهو تَدَفُّق غير مَقْصود للسائل المَنَوي من الرَّجُل. عندما يَحْدُث ذلك لرَجُل، خاصةً في مُعَسْكَر حرب الله، يَجِب عليه مُغادَرة المُعَسْكَر حتى يتطهَّر طَقْسِيًّا. هذا ليس نوعًا من الخُرافات الغَريبة، بل هو تَوْضيحٌ لمَبْدأ إلَهي عميق. لقد ذَكَرْتُ في بداية الدَّرْسَيْن السَّابِقَيْن أن الحياة الجِنْسِيَّة البَشَرِيَّة هي في قَلْب هذا الجِزء من عِظَة موسى، وهي أساس الكِتاب المُقَدَّس كُلّه، فكما أن المرأة تُعْلَن نجاسَتها بِبَدْء دَوْرَتها الشَّهْرِيَّة في جِهازِها التَّناسُلي، كذلك الرَّجُل تُعلَن نجاسَته بِخُروج إفْرازات غير مَقْصودة من عُضْوِه التَّناسُلي. في الحالة الأولى يتمّ رَفْض البُوَيْضَة البَشَرِيَّة باعْتِبارها غير قابلة للحياة، وفي الحالة الأخرى يتم قَذْف الحيوانات المَنَوِيّة تِلْقائيًا ولكن من دون فِرْصَة لِخَلْق حياة جديدة.

تَحْدُث النَّجاسَة للذَّكَر والأُنْثى على حدٍّ سواء في هذه الحالة بِسَبَب سوء اسْتِخْدام نظام التَّناسُل حتى لو كان لا يُمْكِن تَجَنُّبه … لذلك لا يُسَمّى هذا خطيئة. ولكن هذا الفَشَل في الإنْجاب حيث لا تَبْقى كل البُوَيْضات على قَيْد الحياة ولا كل الحيوانات المَنَوِيَّة المُعَدَّة للتَّلْقيح تُستَعْمَل في الغَرَض المَقْصود منها وهو الإخْصاب، هو نتيجة طبيعة الإنسان الخاطِئة وحالَته. إن مَوْت تلك البُوَيْضات والحيوانات المَنَوِيَّة ما كان يَنْبَغي أن يكون أبدًا لأنها تَحْتَوي على حياة، حياة ثَمينة. لذلك تُعْلِن الآية الحادية عشرة أن على هذا الرَّجُل (هذا الجُّنْدي) الذي كان لَدَيْه إفْرازات أن يَتْرُك المُعَسْكَر في الحال ويَذْهب إلى مكان مُعَيَّن (خارج المُعَسْكَر). وهناك يكون له ما أُسَمّيه ”الاغْتِسال والانْتِظار“. عليه أن يتطَهَّر بالاسْتِحْمام بالماء ثم يَنْتَظِر حتى تَغْرُب الشمس ليعود إلى المُعَسْكَر. تذكّر أن اليوم العبراني يَنْتَهي عند غُروب الشمس، لذا يَجِب عليه أن يَنْتَظِر حتى يَنْتهي اليوم الحالي ويبدأ اليوم الجديد قبل أن يعود ويَتَطهَّر ويَسْتَعيد طَهارته.

لن تَحْدُث الخطيئة إلا إذا لم يَتبع الجِنْدي هذا الإجْراء. وهذا يُشير مَرَّة أخرى إلى أنه بَيْنَما الخطيئة والنَّجاسَة مُرْتَبِطان بِبَعضهما البعض إلا أنَّهُما ليسا نفس الشَّيء تمامًا، ولذلك نَجِد مَبْدأ الكِتاب المُقَدَّس القائل بأنه بَيْنَما يُسْتَخدَم الماء للتَّطْهير من النَّجاسَة، فإن الدَّم وحْدَه هو الذي يُكَفِّر عن الخطيئة.

أرْجو أن نُلاحظ مَبْدأ الإبْعاد بِسَبَب النَّجاسَة ولكن يُسمح لهم بالعَوْدة بعد التَّطْهير. يَشْرَح بولس مَبْدأ الإبْعاد ثم العَوْدة مَرَّة أخرى باسْتِخْدام اسْتِعارة مُخْتَلِفة، شجرة الزَيْتون في رومية إحدى عشر، عندما يَشْرحُ أنه على الرّغم من أن مُعْظَم بني إسرائيل أصْبَحوا نَجِسين بعدم قُبولِهم يسوع، إلا أنه إذا غَيَّروا رأيَهم يُمْكِن أن يُصْبِحوا طاهِرين ويُعادوا. ارْجَعوا إلى رومية إحدى عشرة في كِتابكم المُقَدَّس. هذا هو القسْم الذي أصْبَح الكثيرون مِنْكم على دِراية به أكثر فأكثر لأنه يَدْحَض تمامًا عَقيدة شائعة جدًا مَفادُها أن الله قد رَفَض بني إسرائيل واسْتَبْدَلَهم بالكَنيسة الأُمَمِيَّة.

تتناول الإصْحاحات تسعة وعشرة وإحدى عشرة بِشَكْلٍ خاص هذه المَسْألة.

رومية إحدى عشرة على سِتّة عشرة الى أربعة وعشرين

فكما أن الرَّجُل الذي كان مُصابًا بالإفْرازات اللّيْليَّة قد أُخْرِج من مُعَسْكر بني إسرائيل لأنه نَجِس ولكن يُمْكِنه أن يعود بمُجَرَّد أن يتطهَّر بالماء، هكذا الأمْر بالنسبة لتلك الأغْصان (بعض العِبْرانيِّين) التي قُطِعَت من شَجَرة بني إسرائيل لأنهم رَفضوا قبول المسيح وبالتالي اعْتُبروا نَجِسين، يُمْكِنهم العودة بمُجَرَّد أن يتطهَّروا بأن يَغْطسوا في طهارة يسوع ويُكَفّروا عن ذُنوبهم بِقُبول دَمِه.

في سِفر التثنية ثلاثة وعشرين، الآية الثالثة عشرة، هناك شريعة هي بالطَّبْع شريعةٌ عَمَليَّةٌ وتَعْليميَّةٌ في آن واحد. وهي أن الأشخاص الَّذين يَحْتاجون إلى قَضاء حاجَتهم يَخْرُجون خارج المُخَيَّم للقيام بذلك. وعليهم أن يأخُذوا نوعًا من أدَوات الحَفْر ويَحْفروا حُفْرة ويَضَعوا فيها فَضْلاتهم ويُغَطّوها. أن يكون هناك فَضَلات جَسَدية مَكْشوفة داخل مِنْطقة القداسة (مُعَسْكَر الحَرْب المُقَدَّسة) حيث ”يَمشي“ الله أمْر غير معقول. افْهَموا الآن أن مَفْهوم ”الله يَمْشي“ يُسْتخدَم بِشَكْلٍ مجازي؛ والمقصود به بمعنى حُضور الله. في الأزْمِنة القديمة كان صاحِب الأرض ”يَمشي“ في أرضِه كرمز للمُلْكيَّة، وهذه الصّورة الذِّهْنِيَّة يتم التَّعْبير عنها هنا.

يَنْتَقِل الإصْحاح الثالث والعشرين مَرَّة أخرى في الآية السادِسة عشرة عندما يَضع قانون للعَبْد الهارِب. خِلافاً لكل القوانين المَعْروفة في الشَّرق الأوْسَط في زَمَن التَّوْراة، يقول الرَّب أنه إذا جاء العَبْد الهارِب (وهذا يعني بالتَّعريف عَبْداً أجْنَبيًّا هَرَبَ من سَيِّده الأجْنَبي) إلى أي من أراضي قبائل بني إسرائيل فإنه يَحْصَل على اللُّجوء. باخْتِصار هذا قانون يُحَظِّر إعادة العبيد قَسْراً إلى أسْيادِهم. والفِكْرة هي أن الشَّخْص الذي كان مُحْتَجَزًا ضدّ إرادَتِه من قِبَل سَيِّد العَبيد (الذي يُمَثِّل قُّوّة شِرّيرة) ولكنه تَمَكَّن من الهُروب والقُدوم إلى الأرض المُخَصَّصَة لشَعْب الله، لا يَنْبَغي أن يُرفَض ولا أن يُجْبَر على العَوْدة.

يا لها من صورة جميلة ونَمَط جميل أمامَنا. نحن كأجانِب عن الله وشَعْبه نَهْرُب من سيِّد العبيد القاسي (الشَّيْطان) ونَهْرُب إلى مُخَلِّصنا اليهودي لنلْجأ إلى مَلَكوته. والقاعِدة هي أنه ليس فقط يَجِب أن نَقْبَل، بل إن مَلِك هذا المَلَكوت لن يُجْبرنا أبداً على العودة إلى سَيِّد العَبيد السّابِق وإلى تلك الحالة السّابِقة. هنا في سِفر التثنية ثلاثة وعشرين، هذا المَبْدأ الرّوحي مَوْضوع في شكلٍ مادّي حتى نتمكَّن من فَهْمِه بِشَكْلٍ أفْضَل.

بل أكثر من ذلك، يَجِب أن يَعيش هؤلاء العَبيد الهارِبون بِحُرِّية بين بني إسرائيل ولا يَجِب أن يُملى عليهم أين يُمْكِنهم العَيْش وأين لا يُمْكِنهم العَيْش. يَجِب ألّا يُعامَلوا مُعاملةً سَيِّئة ولا يُنبَذوا. إنَّهُم في نَظَر الله لهم نَفْس قيمة هؤلاء الناس الَّذين كانوا إسرائيليِّين أحرارًا بالفطْرة.

والآن هذه الشَّريعة التالية في الآية الثامنة عشرة ستَحْتاج إلى بعض الشَّرْح لأن هناك الكثير من الفَهم الجديد لما يُعالِجه المَوْضوع الأساسي: ذلك الذي يُترْجَم عادةً بـ ”بَغِيَّة العبادة“. القانون هو أن كل ما تَكْسبه البغيَّة من أي من الجِنْسَيْن مقابل خَدَماتها لا يَجِب أن يُقدَّم لله كَقَرابين نِذْر أو ذَبيحة أو عُشور. ومثل هذا الأمْر بَغيض إلى الله لأنه مِثال آخر على الاخِتْلِاط غير المَشْروع. إن المال المُكْتَسَب من هذه الممارسة جاء من اتِّحادٍ غير مَسْموح به؛ لذلك فإن المال (ثمَرَة ذلك الاتِّحاد غير المَشْروع) مُلوَّث وغير مَقبول.

لقد تحدَّثْنا من قبل عن كَيْفِيَّة اسْتِخْدام الجِّنس غالبًا في المُمارسات الدّينيّة في الدِّيانات الوثنيَّة، لذا دَعونا نأخُذ بضْع دقائق لنَفْهَم بِشَكْلٍ أفْضَل قليلاً ما يَعْنيه ذلك. إن أحَد أسباب اخْتِيار مُصْطَلَح عاهِرة الهَيْكل أو بَغِيَّة العبادة كترجمة إنجليزية في هذه الآية هو أن الكَلِمَة العِبْرِيَّة المُسْتَخدَمة هي كديشاه. حَرْفيًّا لا تعني الكَلِمَة العاهِرة، بل تعني ”المرأة المُقَدَّسة“ أو ”الكاهِنة“. ولكن في الثقافة العِبْرِيَّة هذه الكَلِمَة أَخذَت معنى تَحْقيري شديد جدًا، ويَرْجع ذلك جزئيًا إلى أنه في نِظام الكَهْنوت الإسْرائيلي كان يُمْكِن للرِّجال فقط أن يكونوا كَهَنَة ولأن هذه المرأة الوثَنِيَّة المُقَدَّسة كانت تَخْدُم إلهًا أو إلهة زائفة. لا شيء يُمْكِن أن يكون أكثر دلالة على اتِّحاد غير مَشْروع بكل الطُّرُق، لذلك أصبحت الكديشاه في النهاية مُصْطَلَحا لـ ”العاهِرة“ (التي تُمارِس اتِّحادا غير مَشْروع مقابِل أَجْر).

وفي حين أن سِجِلّات العُصور القديمة لا تَذْكُر صراحةً أن بعض الكاهِنات كُنّ يَرْتَكِبْنَ طقوسًا جِنْسِيَّة لآلِهَتهُنَّ، إلا أن لدينا الكثير من الصُّوَر التي تُشير بِوُضوح إلى أنَّهُنَّ يَفْعَلْنَ ذلك، كما أن بعض الرِّوايات القديمة تُشير أيضًا إلى هذا الطَّقْس الدِّيني الجَسيم بِشَكْلٍ كبير. أكثر الصُّوَر شُيوعًا هي صورَة تزاوُج إلَهة مع إلَه بِغَرَض خَلْق إلَه جديد (ابْنَهما)، وهناك كل الأسباب التي تَجْعَلُنا نَفْتَرِضُ أن الكاهِنات الإناث كانت تمارِسن الجِنْس مع كَهَنَة ذُكور كَنَوْع من الدْراما التِّذْكاريَّة لإعادة تمثيل هذا الحدَث. والأمُر المثير للاشْمِئْزاز بنَفْس القَدَر (ورُبَّما أكثر) هو أن الدَّليل هو أن بعض الكَهَنَة الذُّكور كانوا يَرْتَدون ملابِس الإناث ويقومون بأداء نفس الطُّقوس مع كاهِن آخر يقوم بِدَوْر الذَّكَر. وهكذا لدينا إشارة إلى أُجْرة كَلْب، والتي كانت عِبارة شائعة تعني ذَكَرًا مِثْليًّا عاهرًا.

لدَيْنا أدِلَّةُ مَكْتوبة مُهِمَّة حول العِلاقة المُشْتَرَكة بين بيوت الدَّعارة والمَعابِد المُخْتَلِفة للآلِهة. تُقَدِّم سِجِلّات المؤَرِّخ اليوناني الذي لا يُضاهى هيرودوتُس رِوايات مُصَوَّرة ومُفَصَّلة إلى حدٍّ ما عن كَيْفِيَّة عَمَل هذا النِّظام وسَبَبه، وأنه كان على غِرار عادات الوثَنِيِّين القديمة. في الأساس كان هناك نَوْعان من أنْظِمة الدَّعارة في الهَيْكَل أو المَعْبَد: أوَّلاً، كان هناك بالفِعْل بيوت للدَّعارة تَحْتَفِظ بها سُلطات المَعْبَد (مَرَّة أخرى دَعوني أؤَكِّد أنني أتَحدَّث عن المَعابد الوَثَنيَّة وليس المَعبَد العِبْري) كأعْمال مُدِرَّة للدَّخْل. كان مَعْبَد الإلَهة أفروديت في كورنثوس مَعْروفًا جَيّدًا بأن جِزءًا كبيرًا من دَخْلِه كان يتاَتى من سِلْسِلة بيوت الدَّعارة. والثاني هو أنه في بعض الأماكِن كان يُطلَب من الفَتَيات الصَّغيرات المَخْطوبات في بعض الأماكِن أن تَعْمَلْنَ كَبَغايا لأن ذلك كان تَكْريماً للآلِهة لأن ما تَفْعلنَّه كان يُدِرّ دَخْلاً لِكَهَنَة الآلِهة.

ولأن في مُعْظَم ثقافات الشَّرْق الأَوْسَط (منذ زَمَن سَحيق) كان يُنظَر إلى البغاء بالفِعل على أنه ”أقْدَم مِهْنَة في العالَم“ فقد كان مَقْبولاً على أنه أمْرٌ مَشْروع تمامًا وإن لم يَكُن مَقْبولاً عالميًّا. رأت المعابِد أنها فرْصة مُمْتازة للسَّيْطرة على سوق كانت مُرْبِحة للغاية. كانت الفِكْرة في الأساس هي أن المَعْبَد الوَثَني كان يُضْفي هالة دينيَّة على الرَّجُل الذي يُنْفِق أمواله في بيت دعارة يُديره المَعْبَد بدلاً من بيت دَعارة ”خاص“ يُدار في الشارع. كان الزّبون والعاهِرة كلاهُما في الواقع يَشْعُران كما لو كانا يَقومان بِأمْرٍ جيِّد.

مع هذا الفَهم العام يُمْكِنك أن ترى بالتأكيد لماذا حَرَّم الله مثل هذه الأمور على بني إسرائيل، حتى أنه ذَهب إلى حدِّ القول بأن المال المُكْتَسَب من أي نوع من البَغاء تحت أي ظرْف من الظُّروف لم يَكُن يُسْتخدَم أبدًا لغَرَض مُقَدَّس مثل العُشور أو دَفْع ثمن نِذْر لهَيْكل يَهْوَهْ.

دَعوني أختُم بهذه الفِكْرة. المُشْكِلة هي أنه لا يُمْكِن أن يكون هناك خَلْطة غير مَشْروعة أكثر من أخْذْ كَسْب غير مَشْروع في نَظَر الرَّب ثم الالْتِفاف وتَقْديمه له كشَيْء مُقَدَّس. وهذا يُشير كذلك إلى مُشْكِلة شَعْبه (سواء كان يهوديًّا أو مسيحيًّا) الذي يَظُنُّ أنه يُمْكِننا بِطَريقة ما أن نَخْلُط أمور العالَم بِاُمور الرَّب ونَنْتَهي بِشَيْء صالِح ومُسْتَقيم. قال يسوع أن نُعْطي لقَيْصَر ما لِقَيْصَر ولله ما لله. هذه هي بِبَساطة طريقة العهد الجديد لِطَرْح فِكْرة عدم مُحاوَلة إدْخال الأشْياء التي تَنْتَمي إلى مجال العالَم في اتِّحادٍ مع أي شَيْء داخل مَجال مَلَكوت الله.

سنُنْهي هذا الإصْحاح في المَرَّة القادِمة.