9th of Tevet, 5785 | ט׳ בְּטֵבֵת תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » التثنية » سِفْر التثنية الدرس ثلاثين- الإصْحاح ثلاثة وعشرين
سِفْر التثنية الدرس ثلاثين- الإصْحاح ثلاثة وعشرين

سِفْر التثنية الدرس ثلاثين- الإصْحاح ثلاثة وعشرين

Download Transcript


سِفْر التثنية

الدرس ثلاثين- الإصْحاح ثلاثة وعشرين

أَخذ سِفْر التثنية الإصْحاح الثاني والعشرين مَفهوم الزِّنا إلى مُستوى جديد وشرَحَه في فِكرة ”الإختِلاط غير المشروع“. بَيْنمَا نَميل إلى التّفكير في الزِّنا من مَنظور جِنْسي بَحْت، فإن الواقع هو أن ارتِكاب الزِّنا يعني أخذُ شيءٍ نقيّ أو طاهِر أو في حالته الأصلية، ثم تلويثه بشيء يُفْسده. إنه اسْتِخدام صحيح لمُصْطلح ”إفْساد“ لوصف (على سبيل المثال) تلويث الماء العذب بماء البحر، ممّا يَجعل الخليط النّاتج إما غير مُناسب أو غير مَرغوب فيه لإشباع العَطَش، وهو القَصْد والغَرَض الأصلي.

لذا فإن الزِّنا (بَيْنمَا يُستخدم في أغلب الأحيان لوَصف جريمة خُروج أحد الشَّريكَين في علاقة زوجية عن الإيمان بإقامة علاقة جنسيَّة مع شخص آخر غير الزوج) هو في الواقع اتِّحاد ممنوع بين أي شيئين (أو أكثر على ما أعتقد) يقول الرَّب أنه لا ينبغي أن يَختلطا معًا. يُمْكِن أن يكون ذلك في المجال الجِنسي، أو في مجال العَمَل (ثَور وحِمار يُقرَنا في مِحراث واحد)، أو في مجال الطَّعام (أكل حيوانات نَجِسة)، أو في مجال النَّبات (نوعان مُخْتَلِفان من البُذور المزروعة في نفس المكان)، أو في مجال الملابِس (ثوب من الشَّعأتنيز والكِتّان والصّوف المنسوجَيْن معًا)، وغيرها.

كما رأينا في التَّوراة، أعطى الرَّب العديد من الأمثِلة على الاتِّحادات التي يقول الرَّب إنه لا ينبغي أن تتشكَّل. في بعض الأحيان لا يُمْكِننا أن نرى بِسُهولة سبب اخْتِياره لمُكوِّنات الخليط المُحَرَّم، وفي الواقع قد لا يكون هناك أي سبب آخر لِخِياراته غير ما هو واضِح لمبدأ إلهي أعلى، قد لا نستطيع أن نَكْتَشِفَه في هذا الجانب من السماء.

في كثير من الأحيان لا يكون الإتِّحاد غير المأذون به بين شَيْئاً لا يَتعلَّق بِخَلْط شيء ”جَيِّد“ بشيء ”سيِّئ“. في مثال نَسْج الصّوف والكِتّان معًا في قماش، لا يوجد شيء سيئ أو شِرِّير في الكِتّان كقُماش أو في الصّوف كقُماش. ليس أحد نَوعَيْ الخَيْطَيْن أدنى أو أقل قُبولاً عند الله من الآخر. عندما يَتعلَّق الأمْر بزِراعة نَوعَيْن مُخْتَلِفَيْن من البذور معًا، فليس هناك نوع واحد من البذور هو بِذرة جَيِّدة تُنتِج طعامًا جَيِّدا والنوع الآخر هو بِذْرَة رديئة تُنْتِج طعامًا رَديئًا (كِلا النَّوْعَيْن من البُذور مُقْبولان تمامًا وكل منهما يُنْتِج نوعًا خاصًا به من الطعام الجَيِّد). عندما يَتعلَّق الأمْر بالجِنس البَشَري وتحريم العلاقة الحميمة بين ذَكَرَيْن أو أُنْثَتَيْن، فالأمْر ليس أن الذَّكَر أدنى أو أعلى من الأُنْثى (كِلاهما مقبول تمامًا عند الله). المسألة هي أن اسْتِخدام واتِّحاد مَخلوقات الله فقط من أجل القَصْد والغَرَض الذي خَلَقها الله من أجله هو المسموح به، وما عدا ذلك ليس كذلك. وبما أن الخالِق يَعْرِفُ الغَرَض من كل مخلوق من مَخْلوقاته وكيف صَمَّمه بِعِناية ليتناسَب مع بعضه البعض بِشَكلٍ مِثالي في كَوْنِه، فليس من واجِبنا أو من حَقّنا أن نتحدّى أو نَحْكُم على مَنْطِقه الإلَهي بل بِبَساطة أن نَكْتَشِف ونَتْبَع الخِطّة والأنْماط كما خَلَقها.

من المؤكَّد أن هذه الشَّرائع الخاصة بالخَلْطات المُحَرَّمة كان يَجِب أن تؤخذ حَرْفيًّا وأن يُطيعها بنو إسرائيل. وبِنَفْس القَدَر من اليقين، فإن الاتْباع الميكانيكي لهذه الفرائض دون الثِّقة بالرَّب وفَهْم المبادئ الرّوحية المُهَيْمِنة التي تُظهرها يُفَوِّت المَغزى الأساسي. والمَقْصود هو أنه من السَّماوي إلى الأرْضي، ومن الرّوحي إلى المادّي، ومن الأبْعاد غير المَرْئية (التي تفوق قُدْرتنا على الإحْساس بها) إلى الأبْعاد الأرْبعة المألوفة التي تُشَكِّل الكَون الذي نعمل فيه، خَلَق الرَّب كل شيء بِتَرتيب إلَهي دقيق وبِتَناغُم تام. أن نَسْتَخدم شيئًا ما بطريقة لا تَتَّفِق مع نِظامه للأشياء هو أمْرٌ مُنْحَرِف وفَوضَوي؛ أن نأخذ شيئًا مُخَصَّصًا لغَرَض واحد في نِظامه ونَدْمُجَهُ مع شيء له غَرَض مُخْتَلِف تمامًا في نِظامه، يَسَمّيه الرَّب ”زِنا“. إذن فالزِّنا له معنى روحي أوْسَع وأعْمَق بكثير من مُجَرَّد إقامة علاقة جِنْسيّة خارج إطار الإلْتِزام الزَّوْجي.

إذًا في بداية الإصْحاح الثالث والعشرين سنَدْرس المجال الخاص للاخْتِلاط المُحَرَّم الذي يُمْكِن أن يُطلَق عليه ”العلاقات المُحَرَّمة“.

لنقرأ الإصْحاح الثالث والعشرين من سِفْر التثنية. ولكن قبل أن نفعل ذلك، فقط إعْلَم أن نَسْخَتُكَ من الكِتاب المُقَدَّس إ(ذا لم تكن نسخة الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامل أو جَمْعِيّة النَّشر اليهودية) من المحتمل أن يكون ترتيب الآيات مُعَدَّلاً قليلاً جداً. مُعظم الأناجيل الإنجليزية تحتوي على الآية الأولى من الإصْحاح الثالث والعشرين التي سأقْرأ لكم منها في نسخة الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامل، مَوضوعة كآخر آية من الإصْحاح الثاني والعشرين. لذلك إذا لم تكن تقرأ معي في الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامل فقط ابْدأ من الآية الأخيرة من الإصْحاح الثاني والعشرين وسَنَكون معًا. هذا بِبَساطة نتيجة لاخْتِلاف في الرّأي بين عُلَماء العِبْرِيَّة والمسيحيّة حول مكان وضْع نهاية الإصْحاح قبل البَدِء بالإصْحاح التالي، وهو أمْر اعْتِباطي بِشَكلٍ عام حيث لم تَكُن هناك أشياء مثل علامات الإصْحاح والآيات في الأصْل على أي حال.

اقرأ الإصْحاح الثالث والعشرين من سِفْر التثنية بأَكْمَلِه

الآيات التِّسْع الأولى مِمّا قرأناه هي جِزء من مجموعة من سبعة شرائع (تبدأ في الإصْحاح الأخير) وهي عِبارة عن تعليق لِمُوسى على الوَصِيّة السابعة (الزِّنا). كانت الشَّرائع الخمسة الأولى موجودة في الإصْحاح الثاني والعشرين، أما الشَّريعة الواردة في الآية الأولى من الإصْحاح الثالث والعشرين فهي السادِسة من المجموعة. هذه الشَّريعة السادسة في مَوضوع الزِّنا هي أنه لا يجوز للإبْن أن يتزوَّج زَوجة أبيه السّابقة.

لا أعرف كيف أوصِل لك هذه الرِّسالة المُهِمَّة: إن موسى (أو الأفضل، الله من خلال موسى) لا يَخلق شريعة جديدة في سِفْر التثنية بِصَرْف النَّظَر عمّا وَرَد في سِفْر الخُروج واللّاوّيين والعَدَد. فموسى، الوسيط، لم يَكُن يُضيف إلى الناموس ولم يَكُن يَسْتَبْدِل القديم بالجديد، بل كان يَشرح التَّطبيقات والسِّياقات والفُروق الدَّقيقة لِما تَعْنيه هذه الشَّرائع ومبادئها الأساسيّة

وكيف توقَّعَ الآب تَنْفيذها. إن التَّغيير الوَشيك في ظروف بني إسرائيل المادِّية (من كَوْنهم تائهين إلى مُسْتقرّين في كنعان) يعني أن التَّفاصيل في كَيْفيّةِ تنفيذهم للشَّريعة ستكون بالضَّرورة مُخْتَلِفة في بعض الحالات. هذا مَبْدأ حاسِم بالنسبة لنا يَجِب أن نَفْهَمَه لأن التَّحَدي الذي نُواجِهه باسْتِمرار هو كيف نُطَبِّق الشَّريعة القديمة على ظُروفنا المُعاصِرة وثقافاتنا الحديثة دون أن نُحاول بِشَكلٍ أساسي العَودة بالزَّمن إلى الوراء والعَيْش بِطَريقة بِدائية.

تناول يَسوع نفس التَّحَدّي بِشَكلٍ أساسي فيما يَتعلَّق بالنّاموس في عِظَته على الجبل. أؤكِّد على هذا مِرارًا وتِكرارًا لأن الحقيقة هي أنه بعد حوالي أربع قُرون من إعْدام المسيح بَدأَت عَقيدة جديدة وخاطِئة تسود داخل الكنيسة؛ عَقيدة أن المسيح كان يُعطينا شرائع جديدة لتَحلّ محلّ الشَّرائع القديمة عندما ألقى عِظَته الشّهيرة (كما هو مسجَّل في متّى خمسة) هناك على ذلك المَدْرج الطبيعي الجميل المُطِلّ على المياه الزَّرقاء لبحر الجليل. بدلاً من ذلك، تناوَل المسيح الوَضْع كما كان مَوْجودًا في وقتها على عَكْس ما كان مَقصودًا دائمًا وما كان على وَشَك أن يُصْبِح. لقد خاطَب الحالة الفاسِدة لعقائد اليهودية عن وضِدّ الدين الحقيقي الذي كان مَقْصودًا دائمًا ومُنْتَظَرًا من الرَّب. بالمعنى الحقيقي للكَلِمَة، كان يسوع يقدِّم تعليقًا عميقًا على التَّوراة عندما كان يُلقي مَوعظته على الجبل، ولم يُغَيِّر المبادئ التأسيسيَّة التي قامت عليها.

على الأرْجح أن كتابكم المُقَدَّس لا ينصّ مثل ما ورد في سِفْر التثنية ثلاثة وعشرين الآية رَقِم واحد. على الأرجح أن كِتابكم المُقَدَّس ينصّ على شيء شَبيه بـ لا يأخُذ الرَّجُل زَوْجة أبيه حتى لا يَكشف عَوْرة أبيه“.

يَكْشِف عَوْرة أبيه؟ ماذا يعني ذلك؟ هذا هو السَّبب في أن الكتاب المُقَدَّس اليهودي الكامِل وبعض الكُتُب المُقَدَّسة الأخرى ستَجعَل هذه الآية تُقرأ كما يعتقدون أنها تَعْنيه بدلاً من أن تُقْرأ حسب ما تقوله كَلِمَة بكَلِمَة. إفْهم أولاً أنه في لغة الكِتاب المُقَدَّس، وفي هذا السِّياق الحالي، أن ”تأخُذ“ امرأة يعني ”أن تأخذ امرأة للزّواج“. تَذكَّروا أن فِعْل العلاقة الجِنْسِيَّة بين رَجل وامرأة هو الزواج في تدبير الله (سنَتَناوَل هذا الأمْر أكثر قليلاً بعد دقائق قليلة). إليكم ما يَحدث في هذه الآية الأولى: إنها لا تَتحدَّث عن الإبِن الذي يتزوّج أو يُقيم علاقة جِنْسيَّة مع أمِّه. سيكون ذلك زِنا مَحارم وهناك قوانين أخرى تتعامَل مع ذلك. كما أنها لا تتحدَّث أيضًا عن إِبِن يُمارِس الجنس مع زَوجة أبيه الحاليّة (زوجة أبي الإبن) لأن هذا أيضًا مَشْمول بِقَوانين أخرى وكان من غير المَعْقول في كل ثقافة شَرْق أَوْسَطيّة تقريبًا.

بل يَتعلَّق الأمْر هنا بِمُمارسة الإبن للجِّنْس مع زوجة أبيه السّابقة التي ليست مُتَزوِّجة من أبيه حاليًّا. ويُغَطّي أيضًا مسألة المَحْظِية التي هي حاليًا في بيت الأب أو المَحْظِية التي كانت للأب المُتَوّفى. في حين أنّه قد لا يبدو كذلك في الظّاهِر، فإن هذا القانون له علاقة كبيرة بِقَوانين الميراث لأن العديد من الثّقافات المَعْروفة في هذا العَصر كانت تتوارَث زوجات ومَحْظيات للأب المُتَوفّى (كما لو كنّ نوعًا من المُمْتَلَكات) إلى الإبن الوارِث. لِذا في مِثل هذه الحالة، أصْبَحَت زوجة أب الرَّجُل حَرْفِيًّا زوجته، وأصْبحَت مَحْظيات والِده يُشَكِّلْن الآن حَريمه، وجميع الحُقوق الجِنْسِيَّة المُعتادة التي كانت تُصاحِب هذه العِلاقات. يقول الرَّب أنه بَيْنمَا كان العالَم الوَثَني يَفْعل ذلك في العادة، إلا أنه في بني إسرائيل لا يَجِب أن يكون الأمْر كذلك.

هناك عادة أخرى مُشابِهة في ذلك العصر يتم تَناوُلها أيضًا، وتَظْهر في سِفْر التَّكْوين في قِصَّة اتِّخاذ رأوبين إحدى مَحْظيات أبيه (يعقوب). والعادة هي أنه إذا كان الرَّجُل يَنْوي اغْتِصاب العَرْش (سواء كان عَرْش مَلِك أو عَرْش زعيم قبيلة أو عرش عَشيرته أو أي شيء من هذا القَبيل) فإنه يُظْهِر قُّوته وسُلْطته من خلال إقامة علاقات جِنْسِيَّة مع زوجات الزَّعيم الحالي أو السّابق ومَحْظِياته. لقد ذَكَرْت قبل أسبوعَيْن الإشارات الجِنْسِيَّة الضُّمْنِيَّة الكامِنة وراء الكثير ممّا يدور في الكِتاب المُقَدَّس، ولكنَّها مَخْفِيَّة بِشَكلٍ عام عن نَظْرَتنا الحديثة بِسَبَب تَرْجَمات الكِتاب المُقَدَّس التي تَميل إلى تنْقِية الأمور حتى لا تُسيء إلينا. حسنًا، هذا فقط مثال آخر.

دعونا نقرأ بسرعة قِصَّة رأوبين والنَّتيجة. اقْلِبوا أناجيلكم إلى الإصْحاح الخامس والثلاثين من سِفْر التكوين، وسنَقْرأ من الآية التاسعة عشرة الى الآية الثالثة والعشرين.

اقْرأ سِفْر التكوين خمسة وثلاثين على تسعة عشرة الى ثلاثة وعشرين

نَحْصل على عدة معلومات في هذا المقطع: ماتت راحيل، وكان يعقوب مُتَنَقِّلاً ومُخَيِّمًا بالقُرْب من مَجدَل عِدر، وكان رأوبين ابن يعقوب البِكر. كانت بِلْهة إحدى مَحْظِيات يعقوب التي أنْجَبَت له عَددًا من الأبْناء، وكانت أيضًا خادِمة لراحيل المُتَوفّاة الآن. مارَس رأوبين الجِنس مع بِلْهة وعَلِم يعقوب بذلك. هل كانت هذه الحادِثة مُشْكِلة عائلية بسيطة أم مُشْكِلة كبيرة؟ لنقرأ سِفْر التَّكْوين تسعة وأربعين على واحد الى أربعة.

اقرأ سِفْر التكوين تسعة وأربعين على واحد الى أربعة

هنا نَرى أنه كانت هناك عاقِبة (عاقِبة خَطيرة) لإقامة رأوبين علاقة جِنْسِيَّة مع بِلْهة. الوقائع هي: كان يعقوب على فِراش المَوْت. وحان الوقت لكي يَنْطُق بالبَرَكة على أبْنائه، وهذا يعني في الأساس قِراءة الوَصِيّة. عند وفاتِه تَتِمّ شروط بَرَكات الوَصِيّة وتَقْسيم المُمْتَلَكات والسُّلْطة. رأوبين (المُعْتَرَف به كبِكر ليعقوب) لن يَحْصَل على ما يَجِب أن يُعطى للبِكْر لأنه مارَسَ الجِنْس مع حَليلة أبيه، بِلْهة.

بِمُمارسة الجِنْس مع بِلْهة كان رأوبين يُظهِر رَمْزِيّاً أنه كان يَسْتَوْلي على كل ما يَخُصّ يعقوب. كان يَغْتَصِب زَعامة يعقوب. لم يَكُن هذا عَملاً غامِضًا أو مُنْدَفِعًا يَحْمِل معنىً نَفْسِيًّا خَفِيًّا؛ هكذا كانت الأمور تتمّ في الشَّرق الأوْسَط. لقد فَهِم الجميع أنه لم يَكُن هناك فَرْق حقيقي بين هذا الفِعْل وبين قيام رأوبين بتَسْيير جَيْش ضدّ أبيه أو حتى مُحاولة اغْتِياله. يبدو أنه في هذه الحالة قَرَّرَ يعقوب ألاّ يُواجِهَ رأوبين على الفَوْر وبِشَكلٍ عَلَني، بل اخْتار بَدَلاً من ذلك أن يَتْرُك الأمور تتطوَّر وفي اللَّحْظة المُناسِبة لمُعاقبة رأوبين بأكثر الطُّرُق إذْلالاً وإهانة وبِشَكلٍ بعيد المدى؛ سيُحْرَم رأوبين من حق البكوريّة الذي كان يتصوَّره لنفسه بِشَكلٍ طبيعي، ليُصْبِح قائدًا لأُمّة بني إسرائيل المُتَنامِية بِسُرعة.

هذا القانون في سِفْر التثنية الآية الأولى يأخُذ بِبَساطة ”قانونًا غير مُدَوَّن“ سابقًا كان الله قد فَرَضَه على البَشَرية في أقْدَم العُصور (كما هو واضِح في قَضِيّة رأوبين) وقام بِتَدْوينه.

والآن دَعونا نتحدَّث عن الصِّياغة الأصْليَّة لهذه الآية لأن هناك اصْطِلاحًا عِبْريًا مُهِمًّا فيها سيكون من المُفيد التَّعَرُّف عليه في جميع أنحاء الكِتاب المُقَدَّس خاصّة. هذا الاصْطِلاح مَوجود في نهاية الآية حيث تقول أن الإبْن ”لا يكشف الإبْن عَورَة أبيه“. أرجو أن تُتابِعوا معي عن كَثْب لأنني سأُعْطيكم نَظْرة ثاقِبة في عُقول العِبرانِيِّين التَّوْراتِيِّين، وكيف أن هذا الأمْر يَتعلَّق بالزّواج أيضًا.

أوَّلاً سنَرى تَنَوُّعات على هذا المَوضوع في عدد من المواضِع في الكِتاب المُقَدَّس؛ عِبارات مثل ”كَشْف العُريّ“ و”رؤية عَوْرة شخصٍ ما“ لا تَعني شيئًا مثل أن يَدْخُلَ صَبِيٌّ إلى غُرْفة اسْتِحْمام الفَتَيات في لَحظة مُناسِبة ويَنْظُر بِعَيْنيْه. إنها عبارة اصْطِلاحية تعني إقامة علاقة جِنْسِيَّة.

ثانيًا في الرَّمْزِيّة العِبْرِيَّة الاصْطِلاحيّة، زوجة الرَّجُل هي ثَوبه. هل فَهِمتَ هذا؟ في التّفكير وفي الكلام، في ذلك العصر كان يُنظَر إلى زوجة الرَّجُل ويُشار إليها على أنها لِباسه أو غَطاءه أو تَنّورته (لباس الرَّجُل العادي). هذه ليست بأي حال من الأحوال إشارة مُهينَة، بل هو مَفْهوم أن زوجة الرَّجُل مُهِمَّة جدًا وقَيِّمة وقَريبة منه لِدَرَجةٍ أنه يَلْبِسها مثل الثَّوب؛ فهي نَوع من الغطاء له. لذلك فكَوْن هذا الإبْن ”يَنْزَع ثَوب أبيه“ هو أن يَسْرُق ما هو أقْرب شيء إلى أبيه وأكْثَرُه قيمة ومعنى (زَوْجات أبيه وجَواريه) ويُلْبِسها لِنَفْسِه. إنه يأخُذ ما هو مُخَصَّص حَصْرِيًّا للأب في إطار وِحْدة الزواج (العلاقة الجِنْسِيَّة مع زَوجاته ومَحارمه) ويَشْتَرِك فيه بِشَكلٍ غير قانوني. إنه خَليط مُحَرَّم، اتِّحاد غير مشروع يَسْعى الإبن إلى تَكْوينه.

وبالعَكْس كما أن كَشْف العِري (خَلْع الثَّوب) يَعْني مُمارَسة الجِنْس، فإن التَّسَتُّر بالثَّوب يعني الخُطْبَة ثم الزواج. نَرى هذا السِّيناريو بالذّات مع راعوث سَلَف المسيح. اقْلِبوا أناجيلُكم إلى راعوث ثلاثة.

اقرأوا راعوث ثلاثة على سِتَّة الى تسعة

إذًا قَوْل راعوث لبوعز: ”غَطِّنِي بِجِلْبَابِكَ“ أو الثَّوب أو الرِّداء يعني ”خَطَبَ لِيَتَزَوَّجَ“. هذا تَوضيح رائع لَسَبب وجود الكثير من مَشاكِل التَّرجمة في الكِتاب المُقَدَّس التي تؤدّي إلى مشاكِل في الفِهم. كان مُعْظم مُتَرْجمي الكِتاب المُقَدَّس المسيحيّين الأُمَمِيّين عُلَماء مُمْتازين في اللّغات العِبْرِيَّة و/أو اليونانيّة ولكنّهم لم يكونوا يَعْرفون شيئًا عن الثقافة العِبْرِيَّة . في كثيرٍ من الحالات (مارْتِن لوثر، على سبيل المثال) كانوا يتجنَّبون عَمْدًا مَعْرِفَتها (كانت عَقْلِيّاتهم مُعادِية لليهود). وكانت النَّتيجة أنهم لم يَفْهَموا العَقْل العِبْري أو التَّعابير العِبْرِيَّة الشّائعة أو الطَّبيعة الرَّمْزيَّة والعُرْفِيَّة للعديد من الأُمور التي كانت تَجري في الكُتُب المُقَدَّسة والتي تبدو واضِحة لمُعْظَم النّاس (لكنَّها بالنِّسبة للعِبْرانيّين ليست كذلك). كما قُلْت لكم منذ قليل، إن الاسْتِخْدام الرَّمْزي للمُفردات في الكِتاب المُقَدَّس التي تدور حول اللِّباس والجِنس والزّواج والحرب المُقَدَّسة هو أمْر أساسي في الكِتاب المُقَدَّس؛ إنه مَنْسوج ومُوَزَّع في كل مكان. نحن نَغْفَل عنها على مسؤولِيَّتنا الخاصة لأن هذه المُفردات في كثير من الأحيان هي التي تَصِف علاقة يَهْوَهْ المَرْغوبة معنا وماهِيَّة اسْتِجابتنا تِجاهه.

حَسنًا، نعود إلى سِفْر التثنية. أحَد الأشياء التي يَفعلها هذا القانون في الآية الاولى هو أنه يَقْلب رأسًا على عَقِب مَفْهوم ثقافي يَوْمي مُعْترَف به عالَميًا في ذلك الوقت. يقول الله أنه في حين أن الجميع في العالَم (الأُمَم) يُمَرِّرون زوجاتهم ومَحْظِياتهم كجزء من الميراث، فإن هذا لا يَنبغي أن يتم بين بني إسرائيل.

دَعونا نَتَناول فارِقًا بسيطًا آخر سيكون من المُفيد فَهْمه. كثيرًا ما نرى مُصْطلح ”أَخَذ“ في الكِتاب المُقَدَّس فيما يَتعلَّق بالرَّجُل مع المرأة. نَقرأ أن رأوبين ”أخَذَ“ بيله أو هنا في تثنية ثلاثة وعشرين على واحد أنه لا يجوز للإبن أن ”يأخُذ“ زوجة أبيه السّابقة. كَلِمَة ”أخَذ“ لها في الواقعِ معنى مُزْدَوج في لغة الكِتاب المُقَدَّس: فهي تعني في نفس الوقت مُمارسة العلاقة الجِنْسِيَّة وتَعني الزواج. في نَظَر الله مُمارسة الجِنْس هو الزواج. الجِنْس والزواج لا يَنْفصِلان. في الشَّريعة يَخطب الرَّجُل والمرأة أولاً. يُعترَف بهما قانونًا على أنَّهما يَنْتَمِيان إلى بَعضهما البعض. الشَّيء الوحيد الذي يَتَبقّى لجَعل هذا الارِتِباط زَواجا كامِلاً هو الإتْمام. على الأرْض، في عَصْر البَشَريَّة، الإتمام يَعني الجماع. ما أهّمِّيّة الجماع في عَصْر البَشَرية الحالي؟ مُهم لأنه بِداية تَكْوين الأُسْرَة؛ إنه الخُطْوة الأولى في إنْجاب الأطفال. والأمْر الحاسِم لِعَهد إبراهيم هو الإثْمار والخُصوبة. ويَتَوَقَّع الله من كل بني إسرائيل أن يكونوا مُشارِكين فاعِلين في عهد إبراهيم بالتَّكاثُر من خلال خِطَّة الله للإنْجاب. وهكذا فالزواج ليس فقط مَسْألة اتِّحاد مُرْغوب ومَسْموح به بين رَجُل وامرأة، بل هو خَطّ البِداية لواجِبْ كل عِبراني أمام الرَّب: المُشاركة في العهد الإبْراهيمي بأن يكون مُثْمِرًا.

إذًا بهذا الإدراك، ما يبدو في ظاهِره شريعة لا علاقة لها بالجِنْس والزواج، يقدّم لنا في الآية الثانية. الشَّريعة التي تقول: لا يجوز لذَكَرٍ تلِف أو تَغَيَّر أو استؤصِلَ عَضْوه التَّناسُليّ أن ينضمّ إلى جماعة بن إسرائيل. لماذا يُمنع المخْصي أو العقيم من الانْضِمام إلى بني إسرائيل؟ لأنه غير قادِر على إنجاب نَسْل وبالتالي الوفاء بِعَهد الله مع إبراهيم (هل ترى كيف بدأ كل ذلك يَندمج معًا؟).

يبدأ هذا القانون الخاص بالمَخْصي (أو أجنبي عقيم) سِلْسِلة من الأنظمة التي تتناول القُيود المَفْروضة على من يَسْتطيع الانْضِمام إلى بني إسرائيل ومن لا يَسْتطيع. هذا المَوضوع مُثير جدًا للاهتْمام لأنه منذ زمن إبراهيم أَوْضَح الرَّب أنه ليس فقط أن نتيجة خُطَّة الله من خلال إبراهيم كانت تَهْدُف في بعض جوانِبها إلى مَنْفَعة العالَم كلّه، بل يجب أن يُسمَح للأُمَميّين بالانْضِمام إلى بني إسرائيل كوسيلة لِتَوْسيع تلك المَنْفَعة إلى أكثر من الشّعب اليهودي، ولكننا هنا نلتقي مجموعة كاملة من الاسْتِثْناءات التي يَبدو أنها تُغيِّر هذا الهدَف.

لكي نُناقِش هذا الأمْر بِذَكاء علينا أولاً أن نَتَناول أمْرًا أساسيًا: معنى كَلِمَة ”جَماعة“ أو بالأَحْرى ”جماعة الرَّب“ (أي بني إسرائيل). تَخْتَلِف الكُتُب المُقَدَّسة اخْتِلافًا كبيرًا ليس فقط بين النِّسَخ ولكن داخل النَّسْخة الواحدة فيما يَتعلَّق بمَوْعد اسْتِخدام كَلِمَة ”مَجلِس“ أو ”جماعة“. الكَلِمَة التي يتم تَرْجمتها هي بالعِبْرِيَّة كاهال. وكَلِمَة "كاهال" تعني حرفياً ”مجلس“. ومع ذلك سنجد كَلِمَة ”مجلس“ أو كَلِمَة ”جماعة“ مُسْتَخدَمَة لِنَفس الكَلِمَة في مواضِع مُخْتَلِفة من الكِتاب المُقَدَّس. إن سياق اسْتِخدامُها هو كل شيء لأنها يُمْكِن أن تعني تَجمُّعًا دينيًا، وهو ما نَسْتخدمه عادةً في الكَلِمَة الإنجليزية ”جماعة“، ولكن يُمْكِن أن تعني كاهال أيضًا عددًا من الأمور الأخرى. يُمْكِن أن تعني كاهال بني إسرائيل كَكُلّ أو يُمْكِن أن تعني الهَيْئة الحاكِمة لبني إسرائيل. يُمْكِن أن تُشير إلى لَجْنة مُجْتَمعة لغَرَض رَسْمي (مثل الشُّيوخ السَّبْعين الذين اخْتارهم موسى لمُساعدته في حِكم بني إسرائيل لفترةٍ من الزمن) أو يُمْكِن أن تُشير إلى زُعَماء القبائل. يُمْكِن أن تعني حتى مَجْموعة من المُواطنين الذين تم جَمْعُهم معًا للقيام بأعمال عامة أو للقيام بالحرب.

لذلك من المُسْتَبْعَد جدًا إذا اسْتَخْدَمنا المُصْطلح الإنجليزي ”جماعة“ للدَّلالة على تَجَمُّع ديني أن نَسْتخدِم هذا المُصْطلح هنا في سِفْر التثنية ثلاثة والعشرين على إثنين لأنه عندما تُشير التَّوراة إلى تَجَمُّع ذي أهَمِّية دينِيَّة فهي جماعة مُكَوَّنة بِشَكلٍ عام من اللّاوِيّين والكَهَنة الذين هم السُّلطات الدِّينيّة المُحَدَّدة على بني إسرائيل. لذلك فإن كَلِمَة ”جماعة“ ليست اختيارًا جيِّدًا أو كَلِمَة جَيِّدة في هذه الحالة.

علاوة على ذلك عند مُحاولة اكتشاف ما يَعنيه هذا القِسْم من سِفْر التثنية ثلاثة وعشرين بكَلِمَة كاهال، فمن المُسْتَبْعَد جداً أيضاً أن تعني ”كل بني إسرائيل“ بِشَكلٍ عام. وهذا يعني أن هذه القيود لا يُمْكِن أن تُشير على الأرْجَح إلى أشخاص مُعَيَّنين مَمْنوعين من الانْضِمام إلى بني إسرائيل دون استثناء بِسَبَب جميع القوانين الأخرى التي تَدعو الأجانِب تحديدًا للانْضِمام. ليس ذلك فحَسْب، بل نجد أن بني إسرائيل نفسهم (في الواقع) قد أصبحوا مُتنوِّعين وِراثيًا بِشَكلٍ كبير يعود إلى مئات السِّنين قبل زمن غزو كنعان. أحد الأمْثلة على ذلك هو اسْتيعاب نِساء الحويّين وأبناء شكيم في بني إسرائيل بعد أن قاد لاوي وشمعون عَمَليَّة ذَبْح جميع ذُكور المدينة انْتِقامًا لاغْتِصاب أخْتهم دينا. من غير المَعْقول أن يكون الكثير من بني إسرائيل الأحْياء في عصر موسى من سُلالة طاهِرة وِراثياً تعود إلى إبراهيم فقط.

إذَن ما هو المَقْصود بالمُصْطلح العبري كاهال" في هذا السياق ولماذا لا يُمْكِن أن يكون بعض الناس جِزءًا من الكاهال؟ رُبَّما يكون أفضل مُصْطلح لِتَرجمته في الاستخدام الحالي هو ”التَّجَمُّع“، وينبغي أن يؤخَذ التَّجَمُّع على أنه يعني أوْسع هَيْئةٍ حاكِمة مُمْكِنة لدى بني إسرائيل بِمَعْنى كل من كانوا مُواطِنين كامِلي المُواطنة ومَمْنوحين جميع الحقوق التي تخصّ هذا الشعب. لَدى بني إسرائيل كان هناك العديد من الاسْتِثْناءات والفئات الاجتماعيّة المُخْتَلِفة التي كانت تتمتَّع بدرجات مُتَفاوِتة من امْتِيازات المُشارَكة مع بني إسرائيل. على سبيل المِثال كان هناك ما يُمْكِن أن نُسَمِّيه الأجانب المُقِيمين (المُصْطلح العبري هو نوكري). لم يَكُن مَسْموحًا للنُّوكري أن يكونوا جِزْءًا من ”التَّجَمُّع، الكاهال. والنوكري هو أجْنَبي يعيش بالقُرب من بني إسرائيل، في الأراضي الإسرائيليّة، في ظِلّ شروط وِدِّيّة، ولكنّه ليس عُضْوًا رَسْمِيًّا من بني إسرائيل وليس لَدَيه نِيَّة في أن يُصبح مُواطنًا إسرائيليًا. وقد اخْتار النوكري أن يَتبع بعض شرائع التَّوراة كما طَلب الله من الأجانِب المُقيمين؛ ولكنَّهم ليسوا من عَبَدة يَهْوَهْ، وبالتالي فإن ما يُمْكِنهم فِعْله في إسرائيل مَحْدود.

ثم هناك "غير" ( الغريب)، وهو نَوع من الأجانِب الذين يَعيشون بالفِعل بين بني إسرائيل، ويَعْبُدون إلَهَ إسرائيل، ويُطيعون شرائع التَّوراة الخاصة بإله بني إسرائيل، ولكنَّهم لَيْسوا مُواطنين بشكلٍ كامل لأنهم لم يَتَّخِذوا الخِطْوة الأخيرة وهي الخِتان. لا يُمْكِن للنوكري أن يكون جِزْءًا من الكاهال،التَّجَمُّع“ أيضًا. لا يُمْكِن أن يُسمح للنوكري أن يَمْتَلك أرضاً في إسرائيل، بَيْنمَا يُمْكِن للغير أن يمتلك أرضاً في ظُروف مُعيَّنة. ومن ناحية أخرى، كان الإسرائيلي المَولود في إسرائيل مُواطِنًا كامل الأهْليَّة يُمْكِنه أن يَمْتَلِك أرْضًا، وأن يكون في الجَيْش وأن يتزوَّج من فتاة عِبْرانية، وأن يُضَحّي في خَيْمة الإجْتِماع، وما إلى ذلك. كانت هذه الفئة من الناس هي التي تم تَضْمِينُها في ”التَّجَمُّع، كاهال، في هذا القِسْم من سِفْر التثنية.

لذلك إذا أرَدْنا أن نُعَبِّر عن ذلك بمُصْطلحات الهِجْرة الحديثة، فإن القَوْل بأن الشَّخص كان مُؤَهَّلاً لأن يُصْبح عُضْوًا في كاهال أدوناي أو مَجْلِس الرَّب، مَجْلِس إسرائيل، كان يعني أنه من المُحْتَمَل أن يكون لَدَيْه مؤهِّلات المُواطَنة الكاملة. إذا كنتَ مَحظوظًا بما فيه الكفاية لتَحْصل على البِطاقة الخضراء لتكون في أمريكا، فلديك جميع الحقوق بموجب قوانيننا ولكن لا يجوز لك أن تكون عُضْوًا في أحد الأجزاء الأوسع نطاقًا من هيئة الحكم في أمريكا: المواطِنون الكامِلو المُواطَنة، أولئك الذين يُصَوِّتون لِمُمَثِّلينا الحُكوميّين ويَدْخلون الى الجيش ويَعْمَلون كَقُضاة ومُحامين ويُنتخَبون في المناصِب العامة. إذًا كمقاربة غير دقيقة: كما أن هناك فَرْقًا بين شخصٍ مُرَحَّب به للقُدوم إلى أمْريكا والمُشاركة لِدَرجة ما في مُجْتمعنا مقابل مُواطن أمريكي يُمْكِنه المُشاركة على كل المُسْتَويات، كذلك هناك فرق في شريعة سِفْر التثنية بين الأجْنَبي الذي يُمْكِنه المُشاركة في المُجْتمَع الإسرائيلي لِدَرَجة ما، مُقابِل مواطن إسرائيلي يُمْكِنه المُشاركة بِشَكلٍ كامِل.

إذًا لا يُمْكِن لمخْصي أجْنَبي (أو حتى أجْنَبي ذَكَر عقيم) أن يُصبِح مُواطنًا إسرائيليًّا. لقد أصْبَح الشخص مُخْصِيًّا لأسباب مُتَنوِّعة؛ أحيانًا كان ذلك نتيجة لِعِقاب وأحيانًا أخرى كانت الطّوائف الدِّينيّة الوَثَنية التي كانت تَعْبُد الآلهة الإناث (الآلِهة) تتطلّب خَصي كَهَنَتْها. كانت هناك فَترات من الزَّمن مُورسِ فيها الإخْصاء الطَّوْعي كجِزء من الطُّقوس الدِّينيّة، ولكن في أوقات أخرى كان يَتِمُّ إخْصاء المُوَظَّفين الحُكومِيّين وجَعْلهم جِزءًا من مجموعة خاصة تسمى الساريس.

من غير الواضِح ما إذا كان الخُصيّ لأي سبب من الأسباب سبَبًا للإقِصاء من بني إسرائيل، أو فقط في الحالات التي كان فيها عِقابًا على الإجْرام أو كان طَوْعِيًّا بِشَكلٍ أو بآخر لخِدمة أغراض حُكومة أو إلَهٍ أجْنَبي. ربما لم يَكُن هذا يَشْمُل الذُّكور الَّذين وُلِدوا بِعُيوب في الأعضاء التَّناسُلِيَّة أو كانوا كذلك نتيجة مَرَض أو إصابة. كانت النِّيّة على الأرْجَح مِحْوَر الاسْتِثْناء. أَعْلَم أن هذا قد يكون مُرْبِكًا ولكن ربما تكون أبْسَط طريقة لرؤية الأمْر هي أن الرِّجال الأجانِب الذين كانوا مُسْتَبْعَدين نتيجة لِوَثَنيَّتهم كانوا هم الفئة المُسْتَبْعَدة.

اسْمَحوا لي أن أفتح هذا المَوضوع من جديد. تترَكَّز مُشْكِلة الخَصيّ في أعضائهم التَّناسُلِيَّة (أو عدم وُجودها). ومُتَطلِّبات المُواطنة في إسرائيل (بالنِّسْبة للأجنبي) لها علاقة كبيرة بأعْضائهم التَّناسُلِيَّة لأن الذَكَر يَجِب أن يكون مَخْتونًا في هذا العضو ليُعْتبَر عُضْوًا كامِل العضوية في بني إسرائيل ويَجِب أن يكون قادِرًا على الإنْجاب بِصِفة عامّة. أما المُخْصي فقد شُوِّهَ عُضْوه الجِنسي بحيث لم يَعُد مُناسِبًا (وفي بعض الحالات المؤسِفة لم يعد مُتاحًا حتى للخِتان). يُمْكِننا أن نَسْخَر من فِكرة الخِتان كرَمْز ديني، لكن الرَّب يأخُذه على مَحْمَل الجَدّ، وأَودّ أن أُعْطيكم مِثالاً على مدى جَدِّيّة هذا المَوْضوع ومدى أهَمِّيّته في نِظام الله وخِطَّة الفِداء.

من خلال عهد إبراهيم أعْطى الرَّب الخِتان مَعنىً روحِيًّا من خلال عهد إبراهيم؛ فهو يُشير إلى الانْدِماج في مَلَكوته. ولذلك، فإن اسْتِخدامُه لأي غَرَض آخر هو أمر مُنْحَرِف. لقد اسْتَخْدَم إِبْنا يعقوب، سِمعان ولاوي، الخِتان بطريقة غير صحيحة ولُعِنا بِسَبَب ذلك. لِنَنْظُر إلى هذا بإيجاز:

اِقْرأ سِفْر التَّكوين أربعة وثلاثين على واحد الى تِسعة عشر وخمسة وعشرين وسِتّة وعشرين

هنا استُخدمت طقوس الخِتان المُقَدَّسة للانْضِمام إلى بني إسرائيل فقط من أجل الخِداع، واستُخْدِمت كَفُرْصة للإنْتِقام والقتل. انْتَظَرَ لاوي وشمعون بعد ثلاثة أيام من خِتان جميع ذُكور شكيم عندما كانوا مَرْضى جَسَديًّا وذَبَحوهم على الفَور. كانت هناك عاقِبة لهذا العمل. انتقل إلى سِفْر التكوين تسعة وأربعين على خمسة الى سبعة.

اقرأ سِفْر التكوين تسعة وأربعين على خمسة الى سبعة

على فِراش مَوْته ألقى يعقوب بِشَكلٍ أو بآخَر لَعْنة على سِمعان ولاوي بِسَبَب هذا العمل الشَّنيع. وعلى الرغم من أنه كان في الظّاهِر بِسَبَب قَتْلِهم، إلا أنه كان أكثر بِسَبَب سوء اسْتِخْدامهم لِطَقس الخِتان المُقَدَّس.

إذًا الخِتان هو المُفتاح لجَعل الأجْنَبي خاصةً عُضْوًا في بني إسرائيل. يَجِب أن يَحْدُث ذلك بِوُجود العضو التَّناسُلي لأن إثمار الإنسان هو التَّكاثُر كما هو مَرْسوم في العهد الإبْراهيمي.

استمِع إلى بولُس في رومية إثنين:

إقرأ رومية إثنين على خمسة وعشرين الى تسعة وعشرين

والآن إسْتَمِع مرّة أخرى إلى رسالة بولُس الى أهل كولوسي إثنين على تِسعة الى إحدى عشر

اقرأ كولوسي إثنين على تِسعة الى إحدى عشر

يقول بولُس أنه على الرَّغم من أن الخِتان كان شَرْطًا جَسَديًّا ليكون المَرْء جِزْءًا من بني إسرائيل، إلا أنه كان دائمًا مَسْألة روحِيَّة (والآن أكثر من أي وقت مَضى مع مَجيء يَسوع). يَجِب أن يكون للأُمَميّين (وكذلك اليهود) قلوب مَخْتونة. والآن يَجِب أن يكون واضِحًا تمامًا أن الخِتان هو الدُّخول الوحيد إلى مَجْلِس الرَّب (إسرائيل)، وأن تَوضيح الخِتان هو الأنْسَب للمؤمِن لأن جزءًا من انْضِمامنا إلى مَلَكوت الله هو قدْرَتُنا (وتوقُّع الرَّب) أن نكون مُثْمِرين. بالطَّبع الإثمار الرّوحي هو الأهَمّ، ُولكن الإثمار الجَسَدي هو أيضًا أمْرٌ جَيِّد.

والآن انْظُروا إلى هذا: لقد أساء سِمعان ولاوي اسْتِخْدام الخِتان لغَرَض حِرْمان سكان شكيم الذُّكور من الانْضِمام إلى بني إسرائيل (وهو أمْرٌ مُنْحَرِف لأن الخِتان هو فقط لغَرَض إدخال شخص ما في بني إسرائيل). أيها الأُمَمِيّون، أنا أتَحَدَّث إليكم في المقام الأول الآن؛ عندما تأخُذون خِتان القَلْب الرّوحي وتقولون أنكم لم تُصْبِحوا جِزءًا من بني إسرائيل (ملكوت الله الأرْضي) فأنتم تُسيئون اسْتِخدام هذا الخِتان.

رومية إحدى عشر على ثلاثة عشر الى إثنين وعشرين

أيها الأُمَمِيّون، عندما نَنْكُرْ انْضِمامنا إلى بني إسرائيل فإننا نُسيء اسْتِخْدام خِتاننا الرّوحي بِنَفْس الطريقة التي أساء بها سِمعان ولاوي اسْتِخْدام الغَرَض من الخِتان. عندما نَنْكُر انْضِمامنا إلى بني إسرائيل كَمَلَكوت الله (الذي هو الغَرَض الوحيد من الخِتان)، نكون قد أسأنا اسْتِخْدامْ الخِتان الرّوحي الذي أجْراه المسيح على قلوبِنا بإصْرارنا على اسْتِبْعاد أنْفُسنا من الجماعة.

سَنُنْهي هنا ونبدأ في الأسبوع القادِم في الصِّنف التالي من المُسْتَبْعَدين من بني إسرائيل: أولئك الذين يُدْعَوْن مَمزير.