7th of Sh’vat, 5785 | ז׳ בִּשְׁבָט תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » العدد » سِفر العَدَد الدرس السابِع – الإصْحاح الخامس – الخاتمة
سِفر العَدَد الدرس السابِع – الإصْحاح الخامس – الخاتمة

سِفر العَدَد الدرس السابِع – الإصْحاح الخامس – الخاتمة

Download Transcript


سِفر العَدَد

الدرس السابِع – الإصْحاح الخامس – الخاتمة

كنا نَدرُس الإصْحاح الخامس من سِفر العَدَد (وأعِدُكم بأنّنا سَنُنْهيه الليلة). إنها قِصَّة امرأة مُشْتَبَهٌ بها في الزِّنا ولكنها لا تَعْتَرِف بذلك. هذه حالة مُخْتَلِفة تمامًا عن حالة المرأة التي ضَبَطَها زَوجُها مُتَلَبِّسة بالجُرْم المشهود، وهناك شهود، والمرأة لا تُعلِن براءتها. في الحالة الثانية يكون الإجراء بَسيطًا: تؤخذ الى خارج المُخَيَّم وتُرجَم حتى الموت. لكن في الحالة الأولى يجب إجراء مُحاكَمة لِتَحديد الذَّنْب أو البراءة لأن الوقائع مَشكوك فيها.

ولكن في الحالة الأولى، بما أنه لا يوجد سِوى الشَّكْ وعَدَم وجود شهود، فكيف يُمكن تحديد ما إذا كانت هذه المرأة تقول الحقيقة وأنها بَقِيَت مُخْلِصة لِزَوجها؟ الجواب الذي ينصّ عليه قانون سِفر العَدَد خمسة هو المُحاكمة أمام الله. عناصِر المُحاكمة هي التالية: يُحْضِر زوج المرأة المَشْكوك في أمْرِها زوجته إلى خَيْمة الإجْتماع، ثم يقوم كاهِن لاوي بإجراء طُقوس خاصّة كجِزء من الإجراءات. تتكوَّن الطُقوس من كِتابة الكاهِن قَسَمًا على لفافة ثم غَسْلِه في كوب ماء. يُسَمّى الماء ماءً مُقَدَّسا في العديد من التَّرْجَمات ولكن في الواقِع الماء المُقَدَّس هو نفس الماء الحَي، أي أن الماء الحَي ما هو إلّا ماءٍ من مَصْدَر مُتحرِّك مثل نهرٍ أو جَدْوَلٍ أو يُنبوعٍ ارْتوازي. والماء الحَي مَطْلوب لكل الطُقوس الكَهْنوتيّة المُقَدَّسة، ولذلك يُسَمّى ماءً مُقَدَّسا؛ ثم يُجمَع بعض التُراب من أرض خَيْمة الإجْتماع ويوضَع في كأس الماء مع حِبْر حُروف القَسَم. اعْلَم أن مُفْتاح حُروف القَسَم هو إسْم الله. لا يكون القَسَم قَسَماً إذا لم يُستحضَر إسم الله.

إذا شَرِبَت المرأةُ الماءَ، مُرور الوقت وَحْده يُعْطي النَّتائج. إذا كانت المرأة غير قادِرة على الإنْجاب أبدًا، كانت مُذْنِبة وهذا هو عِقابها. إذا كانت قادِرة على الإنْجاب، فهي بريئة والأولاد هم مُكافأتها.

قرأنا في الأسبوع الماضي قِصَّةً مَعْروفة في الإنجيل عن مجموعة من الرِّجال الذين أتوا إلى يسوع بامْرأة ضُبِطَت مُتَلَبِّسة بالزِّنا، وأرادوا أن يَعْرِفوا ماذا سيَفعَل يسوع حِيالَ ذلك. دعونا نُراجع هذه القِصَّة لأنني أَعْتَقِد أن لها صِلة قويّة بسِفر العَدَد الخامِس كمِعْنى أساسي لها. في الواقع، سنُقضي وقتاً طويلاً الليلة في هذا المَقْطَع من العَهد الجديد كوسيلة لإثْبات ضَرورة مَعْرِفة التوراة قبل أن نقوم بِدِراسة جادّة للعهد الجديد.

اقرأ يوحَنَّا ثمانية على واحد الى إحدى عشرة

يجب أن تؤخَذ هذه القِصَّة في سِفر يوحَنَّا في العَهد الجديد في سياق التوراة، كما يجب أن تؤخَذ كل القِصَص والمُلاحظات والتَّفْسيرات التي تُشَكِّل العَهد الجديد. إذا حاولْنا أن نَفْصُل هذا الحَدَث عن فَهْمِنا أن يسوع كان يهوديًا مُلْتزمًا بالتوراة، وأنه هو نفسه مؤلِّف التوراة، فإننا سَنَفْقِد الهَدَف من العديد من الأشياء المَكْتوبة عنه وفي العديد من أقْوالِه المُسَجَّلَة.

كان جَرّ هذه المرأة المُتَّهَمة بالزِّنا أمام يسوع مُجَرَّد اخْتِبار (أو فخّ) من قِبَل هؤلاء الحاخامات والكَتَبَة الذين أحْضَروها لِيَروا إن كان بإمْكانِهم أن يَجعلوهُ يقول شيئًا ضدّ ناموس موسى وبالتالي سَيَتِمُّ تَشويه سِمْعَتِه تِلقائيًا …. لقد كانت حيلة سياسيّة في زمن الاضْطِراب السِّياسي الكبير وفَساد الهَيْكَل والدَّسائس في اليَهوديّة.

هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى اسْتِكْشاف هذه القِصَّة بِعِناية إذا أرَدْنا أن نَفهم مَعْناها. أولاً، أدْرِك جيدًا أن هذه القِصَّة هي واحدة من أكثر القِصَص المَحْبوبة في العَهد الجديد، ولِذلك من المُحْتَمل أن أدوسَ على مَشاعر بعض الناس حَوْلها، وأعْتَذِر مُقدَّمًا عن تحدّي الحِكْمة التقليدية في هذا الشأن. يُستخدَم هذا المقطع عادةً لإثبات أمْرَين: الأول) أن يسوع رَحيم كل الرَّحْمة، والثاني هو أن الخَطَأة ليس لهم الحَق في الحِكْم على أي شَخْص آخر. لقد أصْبَحَت هذه الاسْتِنْتاجات عقائد ودَعائم أساسِيّة للمؤسّسات المسيحية. يُمْكِننا أن نَتَناقش في مُناسبة أخرى حول ما إذا كان يَنْبغي أن يكون أحد هَذين الاسْتِنْتاجَيْن أو كِلاهما عقيدة مسيحية صَحيحة ولكنَّني سأقْتَرِح عليكم اليوم أن المَغْزى من هذه القِصَّة بالذات في يوحَنَّا ثمانية ربّما لا علاقة له بِرَحْمة يسوع أو بِمَطْلَبه بأنّ من لا خَطيئة لهم هم فقط من يَجِب أن يكونوا شُهودًا على شَخْص آخر أو من يَستطيعون بِحقّ تَنفيذ العُقوبات القَضائيّة على الآخرين.

دَعونا نُلْقي نظرة على ما حَدَث هنا لأن هناك بعض الغَرائب في هذه القِصَّة التي حَيَّرَت وأزْعَجَت العديد من العُلَماء ومُتَرجِمي الكِتاب المُقَدَّس. تم إحْضار هذه المرأة التي لم يُذكَر إسْمُها أمام يسوع وقيل له أنها زَنَت. بما أن ذَنْبها ليس هو القَضيّة على ما يبدو، فالسؤال الوحيد الذي يَطْرحُه هؤلاء الرِّجال على يسوع هو ما هو عِقابُها في رأيه. في مُعْظَم التَّفْسيرات المسيحية المَقْبولة لهذا المَقْطع، فإن النَّتيجة هي أن يسوع يقول للرِّجال أنه ما لم يَكونوا قد عاشوا حياة خالية من الخَطيئة فليس لهم الحَقّ في اتِّهامها أو تنفيذ أي نوع من العِقاب القَضائي على هذه المرأة (في هذه الحالة، الرَّجْم).

ثم بَعد أن انْصَرَف هؤلاء الرِّجال من المنطقة خَجَلاً يُقَرِّر يسوع بِرَحْمته أن يَتجاهَل الجريمة التي ارْتَكبَتْها المرأة (والتي هي بِحَسَب النّاموس من بين أسوأ الخطايا التي يُمْكن أن تُرتَكَب)، ويُطْلِق سَراحها ويقول لها أن تَمْضي في طريقِها ولا تخطئ بعد ذلك. لا يجب أن يكون هناك أي تَداعيات ،لأن يسوع قد قرّر ألا يكون هناك أي شيء وتُفسَّر هذه القِصَّة كَدَليل عظيم على رَحْمته التي لا حدود لها.

فيما أؤمِن بِمُخَلِّص رَحيم وأشْعُر بامْتِنان عميق لِصِفَته التي لا غنى عنها، إلا أنني أرى تطبيق الرَّحْمة كتَفْسير غير مُحْتمَل لهذه القِصَّة الإشْكاليَّة إلى حدّ ما. دعْني أُخْبِرك بشيء لا يُدْرِكه مُعْظَم الناس: وهو أن هذه القِصَّة بالذّات عن يسوع قد أزْعَجَت مَجامِع الكِتاب المُقَدَّس ومُفَسِّري الكِتاب المُقَدَّس لِدَرجة أنك سَتَجِدها حتى يومِنا هذا في بعض تَرْجمات الكِتاب المُقَدَّس والبعض الآخر لن يُدْرِجها. لقد حُذِفَت هذه القِصَّة المُثيرة للجَدَل وأُضيفَت مَرّة أخرى إلى شريعة العَهد الجديد عِدَّة مرات على مَرّ القرون. لماذا؟ لأن ما وَرَد فيها بِبَساطة غير مَنْطِقي؛ لا يبدو أنها تَتْبَع نَمَط حياة يسوع أو أقْواله أو أفْعاله الأخرى، بل إنها تُشَكِّك في الِتِزامه بالتوراة ذاتها التي يَدَّعي هو وجميع الحِواريّين أنه اتَّبَعَها بِشَكْلٍ كامِل.

ها هي المُشكِلة الأساسيّة: لا يوجَد على الإطْلاق أي عُنْصُر من عناصِر الثِّقة أو الإيمان بِيَسوع في هذه الرِّواية؛ لم يُطلَب الإيمان من هذه المرأة أبدًا. لم يُطلَب الإيمان من هذه المرأة حتى أن يكون لدَيْها أي فِكْرة عَمَّن يكون يسوع. لم يَكُن هناك أي اعْتِراف بِمَكانَتِه كمسيح أو أنه من أصْل إلهي. لم تَطْلُب الغُفْران ولم يُعرَض عليها الغُفْران في حدّ ذاته. المُشكِلة الثانية هي أن الزِّنا كان بالفِعْل جريمة كبيرة أمَرَ بها الله كما هو مَوْجود في التوراة. إنها جَريمة خطيرة لِدَرَجة أنها جِزْء من المَبادئ الأساسيّة للكتاب المُقَدَّس كلّه، الوصايا العَشر.

الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامل – سِفْر الخروج ثلاثة عشرة على عشرين: "لا تَقْتُل. "لا تَزْنِ

كان الزِّنا شنيعًا جدًا في نَظَر الله لِدَرجة أنه وُضِعَ في نفْس مُسْتوى القَتْل.

الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامل – سِفر اللاويين عشرة على عشرين: "وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ امْرَأَة، فَإِذا زَنَى مَع امْرَأَة قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَل الزَّانِي وَالزَّانِيَةُ."

لا ”إذا“ و "و" و”لكن“، فالمرأة التي تَزْني يجب أن تُقتَل.

الآن، هل كان يسوع على دِراية بهذه الشَّريعة؟ هل كان يُوافِق عليها؟

الكِتاب المُقَدَّس اليهودي الكامل – يوحَنَّا واحد على واحد: " فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمة، وكان َالْكَلِمة عِنْدَ اللَّهِ، وَكَانَ الْكَلِمة اللَّهَ. إثنان: "هذَا كَانَ فِي الْبَدْء عِنْد اللهِ. ثلاثة: " "كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُن شَيْءٌ مِمَّا كَانَ.".

يسوع هو كَلِمة الله، هو الذي كَتَب التوراة، لذلك من الصَّعْب أن نَتَصوَّر أنه الآن يَتَنَصَّل من مُحْتوياتِها.

وإليك الأمر: لن نَجِد في أي قِصَّة أخرى عن يسوع ما يُشير، ولَو من بعيد، إلى أنه بِبَساطة أعْفى مُنْتَهِكي القانون المَدَني والجِنائي من مسؤولية جَرائمِهم، بل إنه بالأحْرى أنْقَذ الناس منَ العواقِب الروحِيَّة لِخَطاياهم ولكن كان هناك دائمًا تَحْذير: الإيمان به كَمَسيح الله. لا ثِقَة فيه، لا غُفْران ولا فِداء.

ولكن، بِحَسَب مُعْظَم التَّفْسيرات، هذا بالضَّبط ما حَدَث هنا. لِسَبَبٍ ما لَوّح يسوع بِبَساطة بِيَدِه ورَفَض الجريمة، وقال ألا تَفْعَل ذلك مَرّة أخرى. هذا غير مُحْتَمَل.

الآن هناك أيضًا جانِب ثانٍ يَجِب أخْذُه بِعَين الاعْتبار، وهو يَتَعَلَّق بالتَّعْليق ”من كان مِنْكُم بلا خَطيئة فَلْيَرْمِ أول حَجَر“. التَّفْسير المُتَعارَف عليه هو أنّنا كخَطَأَة ليس من شأنِنا أن نُشير إلى خَطيئة شَخْص آخر. لقد ذَهَب البعض إلى حدّ القول بأن يسوع يُعلِّم بالمعنى الدَّقيق للكَلِمة أن الشَخْص الذي لا خَطيئة له تمامًا هو وَحْدَه الذي يُمكن أن يكون شاهِدًا مَوثوقًا على جريمة، أو أن الشَخْص الذي لا خَطيئة له تمامًا هو وَحْدَه الذي يُمْكِن أن يكون الشَخْص الذي يأمُر بالعِقاب القَضائي أو أن الشَخْص الذي لا خَطيئة له تمامًا هو وَحْدَه الذي يُمْكِنه تنفيذ عُقوبة الإعْدام.

مثل هذه الفِكرة بِبَساطة غير قابلة للتَّطْبيق، ومن شأنِها أن تُؤدّي إلى تَوقُّف أي نوع من أنواع نِظام العدالة. وِفقًا لهذا المِعْيار لا يُمْكِن اتِّهام أي شَخْص أو مُحاكمَتِه أو إدانَته أو مُعاقبَتِه لأنه لا يوجد شَخْص إسْمه شَخْص بلا خَطيئة لمُحاكمَة المُجْرِمين.

لذلك لا يُمْكِن أن يكون هذا التَّفْسير الشائع صَحيحًا، كما اشْتَكى العديد من العُلَماء لِمِئات السِّنين حَرْفِيًّا. لا أَعْتَقِد أنه يجب حَذْف القِصَّة، لأنني أَعْتَقِد أنها حَدَثَت وتم تَسْجيلها بِشَكْلٍ صَحيح. أَعْتَقِد أن المُشكِلة تَكْمُن في مُحاولة جَعْلِها تتناسَب مع أجِنْدات مُسْبَقة بَدَلاً من تَفْسيرها في سياقها الثَّقافي اليهودي.

لاحِظوا الظُّروف. يقال من قِبَل المُتَّهَمين أنها ”ضُبِطَت مُتَلَبِّسة“ بالزِّنا. ولكن، هل كانت كذلك؟ هل كان هؤلاء الرِّجال الذين أحْضَروا هذه المرأة إلى يسوع مُسْتَقيمين وشُرَفاء؟ لا، بل كانوا مُمَثِّلين لنِظام الهَيْكَل السَّيّئ السُّمْعة والفاسِد الذي كان يَسْعى للتَّخَلُّص من هذا الحاخام الشاب المَغْرور الذي يُدْعى يسوع الذي كان يُنَغِّص عليهم حياتَهم.

لا تُوجَد طريقة لِمَعْرِفة ما إذا كان اتِّهام هذه المَجموعة صَحيحًا أم لا؛ أُشكّ في أن هؤلاء الرِّجال على الأرْجَح لم يُدْلوا بِتَصريح صادق وإلا لكان زَوج المرأة مَوجودًا بالتأكيد لِيَتَّهِمها؛ في الواقع كان مِثْل هذا الأمْر مَطلوبًا بموجب النّاموس. أضِف إلى ذلك أنه لا يوجَد اعْتِراف بالذَّنْب من المرأة المُسَجَّلة هنا؛ لقد كانت بِبَساطة صامِتة. علاوة على ذلك قال لها المسيح أن تَذْهَب ولا تُخْطئ بعد ذلك…… لا أن تَذْهب ولا تَزْني بعد ذلك. ولكن على افْتِراض أنه من غير المُحْتَمل أن تكون المرأة قد اعْتَرَفَت بِصُدق أنها قد ضُبِطَت بالفِعل مُتَلَبِّسة بالجُرْم المَشْهود، فإن التوراة تَطَلَّبَت أن يكون هناك شاهِدان على الأقل (بما في ذلك زَوجها في هذه الحالة) يَجب أن يَشْهدا ضدّ الشَخْص المُتّهَم بِجَريمة كبيرة….. والزِّنا كان جَريمةً كُبْرى.

بل أكثر من ذلك كان مَطْلوبًا أن يبدأ الشُّهود في إجْراءات عُقوبتها، الإعْدام. إذا تم تَطْبيق ذلك على العَصْر الحديث، فسَيكون ذلك مُعادِلاً للشُّهود الذين كان مَطْلوبًا منهم سَحْب مَقْبَض غُرْفة الغاز. كانت الطَّريقة اليَهوديّة المُعْتادة للإعْدام هي الرَّجِم بالحِجارة؛ وكان من مُتَطَلِّبات التوراة ألا يكون الشُّهود حاضِرين فقط عند تَنْفيذ الإعْدام، بل يَجِب أن يكونوا هم أوَّل من يَرْمي المَحْكوم عليه بالحِجارة.

كان هناك سَبَب لذلك: كان ذلك رادِعًا لِشَهادة الزّور. إذا كَذَب أحد الشُّهود وأدّى ذلك إلى مَوت شَخْص بَريء، فَبِمُشارَكتهم في عمليّة الإعْدام تكون أيْديهم مُلَطَّخَةً بالدِّماء؛ فيُصْبِحون قَتَلة ويَتَعَرَّضون هم أنْفُسهم للإعْدام. هذا حافِز كبير جدًا لِعَدَم الإدْلاء بِشهادة زور أو شهادة تافِهة في قَضِيّة عقوبة الإعْدام.

وهكذا لدينا قَول يسوع: ” من كان مِنْكُم بِلا خَطيئة فَلْيَرْمِها أوَّلًا بِحَجَر “. من الذي يَرْمي الحَجَر الأوَّل في الإعْدام اليهودي؟ الشُّهود. في رأيي أنه عندما قال يسوع ”من كان بِلا خَطيئة“، لم يَكُن يُشير على الأرْجَح إلى الخَطيئة بِشَكْلٍ عام بل كان يُشير إلى خَطيئة شهادة الزّور، وربما إلى حدّ ما إلى دوافِع هؤلاء الرِّجال غير النَّقِيّة لِتَوْجيه هذا الاتِّهام في المَقام الأوَّل. في هذه الحالة كان الغَرَض من شهادة الزّور ضدّ المرأة هو الإيقاع بِيَسوع (كما توضِح القِصَّة نَفْسُها). كَشَف يسوع خِداعَهُم في مُناورة من شأنِها أن تَجْعَل بيري ميسون فَخورًا. لقد أخْبَرَهُم أن على الشُّهود أن يَمْضوا قُدُمًا ويأخُذوا حِجارة الإعْدام ويَرْموها بها الآن، إلا إذا كانوا مُشارِكين في الخَطيئة؛ أي أنَّهُم لم يكونوا يقولون الحقيقة. لأنهم إذا كانوا كاذِبين، أو كانوا يَسيرون بافْتِراض ذَنْب هذه المرأة من دون أن يَعْرِفوا بالفِعْل، وتمَّ القبْض عليهم فَسَيَكونون مُعَرَّضين لِعُقوبة الإعْدام.

أَعْتَقِد أنه لا يوجَد هنا سوى اتِّهام كاذِب باسْتِخْدام امرأة عاجِزَة من أجل مُحاولَة تَشْويه سُمْعة مُنافِس …. يسوع الناصِري. لم تَكُن العدالة هي القَضِيَّة، بل كان التَّخَلُّص من يسوع هو القَضِيّة.

علينا أن نَفهم كيف كان الزِّنا مُنْتَشِرًا في أيام يسوع، وأن المرأة وَحْدها هي التي كانت تَخْشى الاتِّهام. كانت تُهْمَة الزِّنا قد أصْبَحت مَزْحَة؛ كان الجميع يَفعَلُها. كانت النَّتيجة المُعْتادة للمرأة المُتَّهَمة بالزِّنا هي الطَّلاق، وليس مَوتُها. لم يَكُن من الضَّروري وُجود دليل على الزِّنا لكي يُطلِّق الرَّجُل زَوجته، بل مُجَرَّد الشَّك. ولكن في أيام يسوع كان الزَوج فقط هو الشَخْص المَظْلوم. لم يَعُد الرِّجال بِبَساطة يُحاكَمون بِتِهْمة الزِّنا على الرُغم من أن سِفر اللاويين ينصّ بِوُضوح على أن الرَّجُل والمرأة اللّذَيْن يُضْبَطان في الزِّنا كانا يُقتَلان. كان مَفْهوم اتِّهام المرأة بالزِّنا وتَطْليقها بدلًا من إعْدامها بِسَبَب هذا الزِّنا تقليدًا وليس التوراة. لقد قرَّر الرِّجال أن الإعْدام كان ردًّا قاسيًا جدًا على هذه الجَريمة الشّائعة جدًا. هذا ليس سوى مِثال واحد صغير على ما أصْبَحَت عليه اليَهوديّة.

إذَن، بما أنه لا يوجَد أي تَلْميح إلى أن هذه المرأة قد اعْتَرَفَت بِجَريمَتها المُفْتَرَضة، فإن النّاموس يقول إنه كان يجب أن تؤخَذ إلى الكَهَنة الّذين كانوا سَيَجْرون عليها مِحْنة الماء في سِفر العَدَد خمسة. إذا كنتُ مُحِقًا في أن قِصَّة يوحَنَّا ثمانية تتعلَّق بِشَريعة العَدَد خمسة أكثر من أي شيء آخر، فإن السّؤال الجَيِّد الذي يُحيط بقِصَّة يسوع والمرأة المُتَّهَمة بالزِّنا هو: هل كانت مِحنة الماء لا تزال تُمارَس في عَصْر العَهد الجديد بعد ألف وثلاثمئة سنة من تَشْريعها لأوَّل مَرّة؟ نعم، كانت كذلك. نَجِد دليلاً على ذلك في المِشناة، في سوتاه تسعة (المرأة المُتَّهَمة بالزِّنا)، حيث نَجِد أن الحاخام يوخانون بن زكاي قد حرَّم المِحْنَة بالماء في وقت ما قبل أن يُدَمِّر الرّومان في عام سبعين ميلادي وبما أن يسوع مات قبل ذلك بِحَوالَيْ أربعين عامًا، فإننا نَعْلَم أن المِحْنة بالماء كانت لا تزال مُسْتَخْدَمة في أيَّامِه. وقد حَرَّمَها الحاخام بن زكاي لأنه كان قد أُسيء اسْتِخْدامها واسْتُخْدِمَت بِشَكْلٍ مُفْرِط من قِبل الأزواج الذين أرادوا بِبَساطة التَّخَلُّص من زَوجاتِهم ؛ لذا، كانوا يَتَّهِمون الزَّوجات بالزِّنا وكانت الزَّوجات تَخْضَعْن لِمْحنة الماء، وبِغَضّ النَّظَر عن النَّتيجة كانوا يُطلّقونَهنّ لأن سنوات قد تَمُرّ قبل أن يُعرَف ما إذا كانت المرأة قد تُصْبِح عاقِراً (وهو ما كان مؤشِّراً خارِقاً للطَّبيعة على الذَّنْب) ولم يَكُن الزَّوج يريد الإنْتِظار.

الآن، هناك أمْرٌ آخر مُثير للإهْتِمام: لقد سَمِعْتُ بعضًا من الاقْتِراحات الأكثر إثارَةً للدَّهْشة، وأوَدّ أن أُضيف، اقْتِراحات مُبْتَكَرة حول ما كان يسوع يَكْتُبه في التُراب بإصْبَعه، كما وَرَد في الآية سِتة من إنجيل يوحنا ثمانية. ورغم أنه لم يُذكَر أي شيء آخر في العَهد الجديد عن كِتابة يسوع في التُراب، إلا أن هذه الفِكرة قد استَحْوَذَت لِسَبَبٍ ما على خَيال المُعَلِّمين والقَساوِسة المَسيحيّين. لذا، فَلْنَتَناول هذه النُّقْطة إن اسْتَطَعْنا.

في سِفر العَدَد خمسة نَجِد أن النُّقْطة المِحْوَريّة في طُقوس المِحْنة بالماء هي شَراب خاص؛ ونَجِد أن هناك ثلاث مُكوِّنات لَخَلْطَة الماء التي من المُفْتَرَض أن تَتَجَرَّعها المرأة: ماء مُقَدَّس وتُراب وحِبْر من حُروف نِذر كتبَه الكاهِن عن عِقابِها إذا ما كانت قد فَعَلت ما اتُهِمت به.

ما هو الماء المُقَدَّس بالضَّبْط؟ إنه مُجَرَّد مُرادَف لـ ”الماء الحَي“. الماء المُقَدَّس يُشير فقط إلى أنه الماء الذي استُخْرِج من نَبْع أو نَهْر جارٍ، وخُصِّص للاسْتِخْدام في الهَيْكَل. من وِجْهةِ نظَرٍ عَمَليّة، لم يَكُن الماء المُقَدَّس سوى الماء الذي كان يَمْلأ الحَوْض النُّحاسي في الهَيْكَل؛ وهو نَفْس الماء الذي كان الكَهَنة يَغْتَرِفون منه لِغَسْل أرْجُلهم وأيْديهم أثناء طُقوس الهَيْكَل. الماء المُقَدَّس والماء الحَي هما مُصْطَلحان لِشَيء واحد.

لذلك أُضيف إلى قارورة الماء الحَي هذه هي تُراب جُمِع من أرض الهَيْكَل. لماذا كان يَجِب أن يكون تُرابًا من أرض الهَيْكَل؟ لأن التُراب كان يجب أن يكون مُقَدَّسا. كان الهَيْكَل مَسكَن الله وأي مكان يَسكُن فيه الله يَمْتَلِىءُ بِقَداسته. هل تَذْكُرون في سِفر الخروج عندما اقْتَرَب موسى من العِلَّيْقة المُحْتَرِقة ماذا أمَرَه الله أن يَفعَل، ولماذا؟ أُمِر موسى أن يَخْلَع نَعْلَيْه من قَدَمَيه لأنه كان على وَشَك الوُقوف على أرض مُقَدَّسة ….. حَرْفياًّ الوُقوف على تُراب مُقَدَّس. لماذا كان هذا التُّراب مُقَدَّسا بينما التُراب على مَسافة أبْعَد قليلاً لم يَكُن كذلك؟ لأن الله كان حاضِراً هناك عند العِلَّيْقة.

لذلك فإن التُراب الذي كان تَحتَ قدمَيّ الله، إذا جاز التّعبير (التُراب الذي كان يُشكِّل أرضيّة مَسْكِنِه، خَيْمة الإجْتماع، ثم الهَيْكَل) كان مُقَدَّسا تلقائيًا، ولذلك كان هذا التُراب المُقَدَّس هو الذي كان مَطلوبًا أن يوضَع في الشَّراب.

أما بالنِّسْبة لِحِبر الحُروف الذي كان آخر جِزْء يَدخُل في الخليط: كان مطلوبًا أن يُكتَب إسم الله……يود-هي-فاه-هي …. على لفافة من جِلد الغنَم كجِزء من القَسَم الذي أقسمَت به المرأة. لا نقرأ في التوراة مباشرةً أن حروف إسم الله كُتبت، ولكن هذا لا يهمّ لأنه أمرٌ مفروغ منه. إن القسم التّوراتي بحِكم تَعْريفه يتضمّن دائمًا إسم الله؛ فَبِدونِ إسم الله لم يَكُن هناك قَسَم، تمامًا كما أننا عندما نكتُب رسالة إلى شَخْص ما اليوم، نكتُب إسمنا على تلك الرسالة. عندما نقول لشَخْص ما، كَتبتُ كذا وكذا في الخِطاب، لا يجب أن نقول ”ووقّعتُ إسمي“، لأنه بدون إسمِنا عليه لا يكون خطابًا مُكْتَمِلًا. نفس الشَّيء بالنِّسْبة للقَسَم؛ فالقَسَم الكِتابي ليس مُجَرَّد إصْدار بيان؛ القَسَم الكِتابي هو اسْتِدعاء إسم الله كتَصديق وشهادة على بيانِك. إنه اسْتدعاء الله ليكون ضامِنًا لوَعْدِك. لذلك عندما غُسِل حِبْر ذلك القَسَم المكتوب في الحال في الماء المُقَدَّس، سَرى إسم الله كعُنْصر مُكوِّن. إسْمَعوني من فَضْلكم: هذه ليست قِصَّةً رمْزيّة أتْلوها عليكم، هذه حقيقة تاريخيّة دقيقة تَشهَد عليها العديد من الكِتابات اليَهوديّة القديمة. من المؤكَّد أن هذا المزيج المائي الطَّقْسي هو مزيج رَمْزي حيث لا توجد صِفة سُحْرية في الماء أو الحِبِر أو التُراب. لكن ما أقوله لكم ليس تَخمينًا، بل هو ما تمّ تدوينه في تلك الأزْمِنة عن الإجْراءات ومِعنى كل خُطوة.

إذًا الشّراب الذي ابتلعَتْه المرأة المُتَّهَمة بالزِّنا كان يتألّف من ماء حَي (نوع الماء المطلوب لكل الطُقوس المُقَدَّسة)، وتُراب مُقَدَّس بِحُضور الله (تُراب من أرض الهَيْكَل)، وحُروف إسم الله المُقَدَّس.

إلَيكم الأمْر: ما عِلاقة التُراب (وكِتابة يسوع في التُراب بإصْبَعه) بِقِصَّة يسوع والمرأة المُتَّهَمة؟ كل شيء إذا كنا نعرِف التوراة؛ لأنه في سِفر العَدَد خمسة عندما كانت المرأة تَمْثُل أمام الكاهِن والرب لِيَحكم عليها إن كانت قد زَنَت بالفعل أم لا، كان التُراب والكِتابة جزءًا مُهِمًّا من الطُقوس.

نرى كل عُنصر من عناصِر شريعة العَدَد خمسة في قِصَّة يوحَنَّا ثمانية عن يسوع والمرأة المُتَّهَمة بالزِّنا. لدينا ماء حَيّ (يسوع)، وكاهِن وإلَه حاضِر (مَرّة أخرى يسوع)، وتُراب مُقَدَّس (كان يسوع في الهَيْكَل في ذلك الوقت وقيل لنا أنه كان هناك تُراباً على الأرض)، وكِتابة (كان يسوع يكتُب على التُراب بإصْبعِه بِشَكْلٍ غامِض وغير مَفهوم). لقد أُحْضِرَت المرأة بالفِعْل أمام الله…. شَرط العَدَد خمسة، عندما أُحْضِرَت أمام يسوع… على الرّغم من أن الذين أحْضَروها لم يَعرِفوا ذلك. كَانَ يَسُوع يَكْتُبُ على التُراب المُقَدَّس، لأنه كإلَه جَعَل الأرض التي جَلس عليها مُقَدَّسة. ماذا كان يَكتُب؟ لا يُمْكِنني أن أكون مُتأكِّداً، ولكنّني أظنّ أنه ربما كان يود-هيه-ف-هف-هي، الحُروف التي تُشَكِّل إسم الله…. التي كانت ستكون الأكثر اتِّساقاً مع النَّمَط المَنْصوص عليه في سِفر العَدَد خمسة.

كان يسوع يَعْرُض بِبَساطة التوراة الحقيقيّة والأصْليّة… التوراة كما أُعْطِيَت لموسى على جبل سيناء… التوراة التي نَدْرُسُها معًا. وكما قال يسوع بِبَلاغة في الموعِظة على الجبل، ما كان على الأرض إلا لِيُتمِّم معنى التوراة. يسوع الذي هو الماء الحَي، الذي هو أيضًا الكاهِن والإله، يَكتُب على تُرابٍ مُقَدَّس وتَقِف امرأة مُتَّهَمة بالزِّنا أمامه.

هذه القِصَّة هي مُفارقة من نواحٍ عديدة. في يوحَنّا ثمانية أحضَرَ هؤلاء الرِّجال الفاسِدون هذه المرأة أمام الله للدَّينونة، ولم يُدرِكوا حتى ما كانوا يَفعَلونه. كان أمامهم كل عُنصر من عناصر طُقوس مِحْنة الماء التي أمَر الله بها على المرأة المُتَّهَمة بالزِّنا… الكاهِن والله والماء المُقَدَّس والتُراب المُقَدَّس والكِتابات المُقَدَّسة، وكلّها تتمّ في المكان المطلوب: الهَيْكَل.

هل ترى هذا؟ أولئك الفِريسيّون والحاخامات الذين جرّوا تلك المرأة المِسْكينة أمام يسوع لم يَستطيعوا أن يروا ما كان يَحْدث هنا بالفِعل لأنهم كانوا عُميانًا عن مَسيحِهم الخاص، وعُميانًا بنفس القَدَر عن شرائع التوراة ووصاياها التي اسْتَبْدلوها إلى حدٍّ كبير بِتقاليدهم.

اسْتَمِعوا إلى الآيات الثلاث الأخيرة من سِفْر العَدَد خمسة…… ولكن بينما تَسْتمِعون، تخيّلوا، من فَضْلِكم، هذه المرأة الواقِفة أمام يسوع في قِصَّة يوحَنَّا ثمانية.

الكِتاب المُقَدَّس الأمريكي القياسي الجديد – عدد خمسة على تسعة وعشرين 'هَذَا هُوَ نَامُوس الغِيرَة: إِذَا ضَلَّت الْمَرْأَة وَهِيَ تَحْت سُلْطَة زَوْجِها وَدَنَّسَت نَفْسها، ثلاثين: أَوْ إِذَا حَصَل رُوح الغِيرة عَلَى الرَّجُل وَغَار عَلَى امْرَأَتِه، فَحِينَئِذٍ تُوقَفُ الْمَرْأَةُ أَمَامَ الرَّب، وَيُطَبِّق عَلَيْها الكاهِن كُلَّ هَذا النّاموس. واحد وثلاثين: ”وَيَكُونُ الرَّجُل بَرِيئًا مِنَ الذَّنْب، وَأَمَّا الْمَرْأَة فَتَحْمِل ذَنْبَها“.

وبالفِعل، اتُّبِعَت التَّوْرَاةُ: يتمّ تَوقيفها أَمَامَ الرَّبِ، وَالكاهِن….. ويُطَبِّق عليها رئيس الكَهَنة لدينا في هذه الحالة…… كل الشّريعة. يَسُوع، إِذْ لَمْ يَرَ شُهُودًا عَلَيْها، وَلا أحد يُدينها، وهذا هو شرْط شريعة الزِّنا المُثْبَتة في سِفر اللاويين، يَنْتَقِل إلى شريعة الزِّنا المُشْتَبَه به في سِفْر العَدَد خمسة، اختِبار مِحْنة الماء، وكل عُنْصر من عناصِرها ….. الماء والتُراب والكِتابة………….. بالطَّبْع بما أنه كان الله على الأرض لم تَكُن هناك حاجة إلى أن تَشْرَب خليط الماء المُقَدَّس وتَنْتَظِر النّتائج كعلامة على حِكم الله في الأمر.

عندما قال يسوع للرِّجال الذين أتوا بالمَرأة إليه ”… مَنْ كَانَ بِلاَ خَطيئة يَكُون أَوَّل مَنْ يَرْمي حَجَرًا”، تذكّروا أن الشُّهود هم الذين رَموا أوَّل حِجارة الإعْدام، كان ذلك النّاموس وليس تقليد. اسْتَمِعوا إلى سِفر التثنية خمسة على سبعة عشرة ”فَتُخْرِجُون ذَلِكَ الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَة الَّذِي فَعَل هَذَا الْفِعْل الشَّرِير إِلَى أَبْوَابِكُم، أَيِ الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَة، فَتَرْجُمُونَهُما بِالْحِجَارَة حَتَّى يَمُوتا“. سِتة: ”بِشَهَادَة شَاهِدَيْن أَوْ ثَلاَثَة شُهُودٍ يُقْتَل الْمُرَاد قَتْلُه، وَلاَ يُقْتَل بِشَهَادَة شَاهِدٍ وَاحِد. سبعة: "وَتَكُون يَد الشُّهود أَوَّلاً عَلَيْه لِقَتْلِه وَبَعْد ذَلك يَد جَمِيع الشَّعْب. فَتُطَهِّرُون الشَّر مِنْ وَسَطِكُم.

أصدِقائي الأعِزّاء، كل ما حَدَث مع يسوع في العَهد الجديد تقريبًا يُمْكِن تَفْسيره تمامًا من خلال التوراة. لَسْنا بِحاجة إلى اللّجوء إلى القِصَص الرَّمْزيّة والقِصَص الخياليّة ذات الاسْتِنْتاجات المَشْكوك فيها للدِّفاع عن الكِتاب المُقَدَّس. نحتاج فقط إلى دِراسة الكَلِمة … الكَلِمة الكاملة…. ونَرْبُطُها بِبَعضها البعض.

الآن بما أن الإصْحاح الخامِس من سِفر العَدَد والإصْحاح ثمانية من سِفر يوحَنَّا يَدور إلى حَدٍّ كبير حول موضوع الزِّنا، هناك جانِب أخير أوَدّ أن أبْرِزه: وهو أن قانون الزِّنا يَفْتَرِض أن أحد الشَّريكَيْن في العِلاقة هو المُخْلِص، بينما الآخر ليس كذلك. إسْمَحوا لي أن أقْتَبِس من جوزيف ميلغروم الذي يقول أن الحاخامات قَرأوا القوانين المُتَعلِّقة بالزِّنا بهذه الطريقة بالضَّبْط: ”إذا كان الرَّجُل بريئًا من الخَطيئة، فإن المرأة (المرأة المُدانة بالزِّنا) تتحمَّل ذَنْبَها“. ويَسْتَنِد هذا الرأي إلى حدّ كبير على هوشع أربعة. والفِكرة هي أنه إذا كان الرَّجُل غير مُخْلِص لامْرأتِه، فإنّ خِيانة الزَّوْجة لا تَسْتَحق العِقاب.

استمِع إلى هوشع أربع عشرة على أربعة…… " لذلِكَ بَنَاتُكُمْ يَتَصَرَّفْنَ كَالزَّوَانِي، وَبَنَاتُكُمْ وَبَنَات نِسَائِكُمْ يَزْنِينَ. لَنْ أُعَاقِب بَنَاتِكُم إِذَا تَصَرَّفْنَ كَالْعَاهِرَات وكِنّاتِكُم إِذَا زَنَيْنَ، لأَنَّ الرِّجَال أَنْفُسَهُمْ يَخْرُجُون مَعَ الْعَاهِرَات وَيَزْنُون مَعَ الْبَغَايا. نعم، الناس الذين لا يَفهمون سيأتون إلى الهلاك“.

الزَّواج هو المؤسَّسَة التي صَمَّمَها الله كَوَسيلة لِشَرح وإظهار العلاقة بيْنَه وبين البَشَر. إن تعريف ما يَرقى إليه الزِّنا وما هي الآثار والعواقِب المُتَرَتِّبة على الزِّنا مَوْضوعة في التوراة لِحِماية مؤسَّسَة الزَّواج التي أمَر الله بها. ولكن هذه الآثار والعواقِب نَفْسُها (الناجمة عن الزِّنا) على زواج الإنسان بين رَجُل وامرأة تَرْسُم أيضًا صورة لما يَحْدُث عندما نَرْتَكبُ الزِّنا ضدّ الله. إن المُصْطَلَح الكِتابي الذي نراه مُسْتَخْدَمًا في سِفر العَدَد خمسة (وفي أماكِن أخرى من الكِتاب المُقَدَّس) هو ”نَقْض الإيمان“. الزِّنا في الزَّواج البَشَري هو كَسر الإيمان بين الزَّوج والزَّوْجة. يُقال لنا مِرارًا وتِكرارًا في الكِتاب المُقَدَّس أننا نَكْسُر الإيمان مع الله عندما نَعْبُد آلِهة أخرى، وعندما نَختار طريق العالَم على طريق الرَّب، وعندما نُقرِّر أن نُكَرِّس أنْفُسَنا للعقائد الدّينيّة والتقاليد التي تبدو جيّدة بدلاً من كَلِمة الله الفِعليّة كما وَرَدت في الكِتاب المُقَدَّس، وعندما نُخالف شرائعَه وأوامِرَه.

لقد قيل لنا مِرارًا وتِكرارًا في الكَلِمة أن الله أمين. إنه لا يَخونُنا أبدًا. إنه لا يَتَغيَّر أبدًا؛ إنه دائمًا عادِل ومُحِبّ. إذا لم يَكُن الله أبدًا غير أمين تِجاهَنا، فإن ذلك سيُبطِل أساسًا مَفْهوم الكِتاب المُقَدَّس الكامل للزِنا ونَقض الإيمان؛ فَبِدون أمانة أحَد الشَّريكَين، لا معنى للزِنا. إذا كان الله غير مُخلِص لنا، فَمِن غير المُمْكن أن نكون غير مُخْلِصين له. إسْمَحوا لي أن أُكَرِّر ذلك: إذا أصْبَح الله غير مُخْلِص لنا، فإن أساس علاقتنا معه بالكامِل سيذهب هباءً. لِحُسن الحَظ ليس علينا أبدًا أن نَقْلَق بشأن ذلك، لأن الله ليس إنسانًا حتى يتغيَّر أو يتعرَّض للإغْراء.

لذلك من وُجْهة نَظَر الحاخامات … وأَعْتَقِد أنهم على حَق في تَفْكيرهم …. الزِّنا في الزَّواج لا يكون له أي معنى على الإطْلاق إلا إذا بَقِيَ أحد الطرفين مُخْلِصًا والآخَر غير مُخْلِص. إذا كان كلاهُما غير مُخْلِصين يُصْبِح الزِّنا تناقضًا.

لهذا السَّبَب ألغى الحاخام يوخانون بن زكاي مِحنة الماء للزّانية المُشْتَبَه بها في سِفر العَدَد خمسة، قبل هَدْم الهَيْكَل بوقت غير طويل، لأن الرِّجال قد أعْفوا أنْفُسهم منذ زمَن بعيد من أن يكونوا مُخْلِصين لِزَوجاتِهم. كان الرِّجال اليهود يرون الزِّنا طريقًا ذا اتِّجاه واحد. المرأة وَحْدها هي التي يُمْكن أن تكون غير مُخْلِصة، أما الرِّجال فلم يَكُن عليهم التِزامات بأن يَظلّوا أنْقِياء في زواجِهم. في الواقع لم يَكُن هناك زِنا لأنه لم يَكُن هناك إخْلاص حقيقي على أي حال.

وهذا ما يَتجلَّى في قول يسوع في العَهد الجديد الذي قال في إنجيل متىّ خمسة على واحد وثلاثين: "وَقِيلَ: مَنْ أَرْسَلَ امْرَأَتَه فَلْيُعْطِها شَهَادَةَ طَلاَق. إثنان وثلاثين: وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُل مَنْ طَلَّق امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّة الزِّنا يَجْعَلُها تَزْني، وَمَنْ يَتَزَوَّج مُطَلَّقَةً يَزْني.

هنا يوضِح يسوع…. على الرُغم ممّا قد تَعْتقِدون أن بَقيَّة هذه التّعليمات فيما يَتَعَلَّق بالطّلاق هو إرْشاد…… أن عَدَم الوفاء يُدَمِّر أساسًا كل ديناميكيّة الزَّواج بِأكْمَله. عندما كان المسيح يُخاطِب الجُموع ويَتَحَدَّث عن الزِّنى، لم يَكُن ذلك لأنه كان نادِرًا في المُجْتَمَع اليهودي….. لقد أصْبَح هو القاعِدة؛ كما أصبح كذلك مَرّة أخرى… أو لا يزال…. في عَصْرِنا.

سَنَبْدأ الإصْحاح السادِس من سِفْر العَدَد في المَرّة القادمة.