22nd of Tevet, 5785 | כ״ב בְּטֵבֵת תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » اللاويين » سِفْر اللاويين – الدرس السابع عشر – الإصحاح الحادي عشر تابع – الجزء الثالث
سِفْر اللاويين – الدرس السابع عشر – الإصحاح الحادي عشر تابع – الجزء الثالث

سِفْر اللاويين – الدرس السابع عشر – الإصحاح الحادي عشر تابع – الجزء الثالث

Download Transcript


سِفْر اللاويين

الدرس السابع عشر – الإصحاح الحادي عشر تابع – الجزء الثالث

في الأسبوع الماضي أنهينا الإصحاح الحادي عشر من سِفْر اللاويين وتَطرقنا للقِسم الذي ناقشنا فيه موضوع الحيوانات التي أعلنها الله طاهرة ونَجسة بما يَخصّ تناولها كَطعام. وتحَدثنا كذلك عن اليأس من محاولة تحديد السبب الذي جعَل بعض الحيوانات طاهرةً وبعضها الآخر نجسًا؛ وأنه من الأفضل لنا أن نَقبل ببساطة اختيارات الرب، باعتبارها عملاً من أعمال إرادته السيادية.

نظرًا لمحتوى الإصحاح الحادي عشر وتركيزه على القواعد الغذائية العبريّة، فقد فُتح الموضوع المهمّ المُتعلق بالطهارة الطقسية والقداسة. سوف نُواصل هذا الاستكشاف اليوم لأنه يَلعب دورًا حيويًا في خطة الله لخليقته؛ كذلك نحن بحاجة حقًا إلى فهم هذا الأمر حتى نَتمكّن من فَهم العبارات المتعلقة بالطهارة في العهد الجديد كما كان من المفترض أن تُفهم.

لقد ناقشنا العديد من جوانب النجاسة، ولكنني أود الآن أن أتناول هذا السؤال بإيجاز: هل النجاسة هي نفس الشيء مثل الخطيئة؟ باختصار، لا، لكن النجاسة يُمكن أن تكون نتاجًا للخطيئة، لكن الأمر ليس كذلك دائمًا. كما سنرى في الإصحاحات التالية من سِفْر اللاويين أن النجاسة تَنتج في المرأة من خلال دورتها الشهرية والولادة. لا يوجد بالتأكيد شيء خاطئ في ذلك. تَنتج النجاسة عن طريق الإصابة بمرَض جلدي (غالبًا ما يُطلق عليه "الجذام" عن طريق الخطأ في كتبنا المقدسة). وبالتأكيد لا يوجد شيء خاطئ في ذلك، ومع ذلك يُخبرنا الكتاب المقدس عادةً أن المرَض الجلدي هو علامة خارجية لحالة خفية وداخلية من الخطيئة. أودّ تأجيل مسألة علاقة النجاسة بالخطيئة إلى ما بعد إصحاحين آخرين من سِفْر اللاويين. في الوقت الحالي، افهموا أنّ الخطيئة والنجاسة ليستا مُرادفين لشيء واحد. لا تَساووا بين الخطية والنجاسة في أذهانكم. ما هو مُهمّ هو أنّ قداسة يَهوَه يجب أن تكون وستظَلّ محفوظة ومَفصولة عن كل نجاسة.

أودّ اليوم أن أبدأ في تناول المسألة التي أنا متأكد من أنّ معظمكم كان يَنتظرها: هل ما زالت قوانين الكوشر الخاصة بالأكل سارية؟ وإذا كانت تُنطبّق، فعلى من تَنطبق؟ هل تَنطبق القوانين الغذائية الكتابية على المؤمنين المسيحيين الأمميين، أو على اليهود المسيانيين، أو على أي شخص؟

تمامًا مثل كل شيء آخر نَفعله في فَصل التوراة، لن نَتعامل مع هذا الأمر بطريقة مبسطة والإجابة فقط ب"نعم" أو "لا" لأنه (كما آمل أن تكونوا قد بدأتم بالملاحظة) فإنّ هذا النهج الأساسي لمبادئ الله – هو تفكير يوناني، ويَتعارض تمامًا مع تصميم الكتاب المقدس وأسلوب تفكيره. يَظهر الحقّ في الأنماط المُتّبعة بدءًا من سِفْر التكوين وحتى سِفْر الرؤيا. لا يَظهر الحقّ في آية أو آيتين فقط، لذا نأمل أن تَنصّ بوضوح على ما نبحث عنه، وتُعطينا مبررًا موجزًا.

أود أن أقول إنّ هناك شِبه إجماع داخل الكَنيسة الحديثة على عدم انطباق شرائع الأكل "الكوشر" المذكورة في التوراة لأسباب متنوعة. والسبب الرئيسي الذي يُستشهد به عادةً هو الاعتقاد بأن المسيح ألغى الشريعة، التوراة….. حيث قوانين الأكل أساسية. لذلك كل هناك اعتقاد أنّ كلّ ما فرَضَه الله قبل ميلاد يشوع، قد اختفى. نحن لسنا بحاجة إلى إعادة النظر في هذا المجال؛ لقد أوضحتُ مرارًا وتكرارًا هنا في صف التوراة أنّ المسيح، في عظته على الجبَل، في إنجيل متى الإصحاح خمسة الآية سبعة عشرة إلى عشرين، صَرّح شخصيًا أنه لم يأتِ ليَنقض الناموس، وأنّ أي شخص يعلَم أنه فعل ذلك سيُدعى الأصغر في ملكوت السماوات. بل إنّ أي شخص يُعلِّم ويُطيع الناموس سيُدعى الأعظم في ملكوت السماوات.

بما أنّ هذه المسألة مثيرة للجدل، سنَبحث فيها اليوم وفي الأسبوع القادم أيضًا. ولكن لكي نَصل بهذا الموضوع المُطوّل عن الكوشر إلى نوع من الاستنتاج، ولكي نَحصل على نوع من المبادئ التوجيهية التي يمكننا أن نبدأ العمل بها في حياتنا، سأتخذ نهجًا غير مُعتاد (على الأقل غير معتاد بالنسبة لي) بأن أعطيكم استنتاجي في البداية ثم أوضح لكم كيف تَوصّلت إلى هذا الاستنتاج. ومع ذلك وبكل صراحة يجب أن أمهِّد لذلك باستحضار كلمات القديس بولس وهو يُعلِّم المؤمنين في كورنثوس عن موضوع الزواج والطلاق الشائك؛ وبعبارة أخرى قال بولس ما يلي في واحد كورنثوس سبعة: "مما أنا على وشك أن أخبركم به يجب أن أعترف أن هذا ما أعتقده، ولست متأكدًا تمامًا إن كان من حديث الرب". لذا قَيّموه وفِق قيمته".

انطلاقًا من هنا، لندخُل صِلب الموضوع.

أنا مُقتنع تمامًا أنّ المسيح لم يُلغِ التوراة…. كما قال، "ولا حتى فاصلة أو نقطة واحدة"؛ ولذلك فمن غير المستطاع أن يكون قد ألغى نظام الذبائح والشرائع الغذائية التي كانت جزءًا لا يَتجزّأ من نظام التقدمات، والتي كانت أساسية في مجموع التعاليم المقدسة التي تُدعى التوراة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أنّ شيئًا ما قد تَغيَّر؛ فقد حدَث تَحوُّل كبير في كيفية عمل التوراة عند موت يسوع وقيامته ومجيء الروح القدس. والكثير من شرائع التوراة ليست سارية المفعول لأنها تَعتمد على وجود هيكل مادي وكهنوت مادي غير موجودَين حاليًا (ولكنهما سيوجدان في المستقبل القريب).

أما فيما يَتعلق بنظام الذبائح، فإن أعظم تَحوُّل هو أنّ يشوع أخذ كل مُتطلبات ذلك النظام….. الكهنوت الأعظم، والطقوس وحتى الذبائح نفسها، على عاتقه. ولكن لا تخطئوا: إنّ روح نظام التوراة والغرَض منه في تقديم القرابين ما زالا حيَّين وباقيَين لأنّ دم المسيح البريء والطاهر ما زال مطلوبًا في كل لحظة من كل يوم للتكفير عن خطايانا، تمامًا كما كان دم الحيوان البريء مطلوبًا للتكفير عن كل خطيئة ارتُكبت قبل مجيئه. إنّ روح كهنوت التوراة وهدفها المَرسوم في كتاب التوراة لا يزال أيضًا حيًا وذا هدف لذا يرتدي يسوع الآن عباءة رئيس الكهنة، وهو وسيطنا الدائم في السماء، تمامًا كما كان نَسْل هارون رؤساء كهنة بشريين ووسطاء لإسرائيل. ونحن (كأتباعه)، من وجهة نظر روحية، كهنة مُشاركين. وبواسطة الثقة في يسوع نحن مُقَدَّسون، لخدمة يَهوَه، تمامًا كما كانت بعض العائلات المعينة في قبيلة لاوي مُقَدَّسة ومُخصَّصة لتولي طقوس الذبائح وخِدمة الله القدير بِطرق متنوعة في الأزمنة الماضية.

إنّ التوراة، التي هي مِثال إلهي مثالي بدأ سماويًا وروحانيًا بحتًا، (في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله) أصبحت في النهاية نظامًا أرضيًا وجسديًا للحُكم والطقوس عندما أعطاها يَهوَه لموسى وإسرائيل في جَبل سيناء. ثم بعد ألف وثلاثمئة سنة عند الصليب، اتّخَذ نظام الحُكم والطقوس هذا مزيدًا من جوانب طبيعته الأصلية السماوية والروحية. لم يَتوقَّف طلب الذبيحة أبدًا لأنه ما دامت الخطيئة موجودة فلا بد من وجود كفارة؛ ولكن الآن الدم القرباني الوحيد القادر على إنتاج الكفارة هو دم يسوع. لم يَتوقف الكهنوت أبدًا عن الحاجة إليه لأن الله قد خلَق كائنات مُقَدَّسة لتنفيذ مشيئته وخِدمته…. سواء كانوا ملائكة أو بشرًا. ولكن بالنسبة لعصرِنا هذا فإن هؤلاء البشر المخصصين والمقدسين هم المؤمنون. وفيما يَتعلق بالقوانين الغذائية، "الكشروت"، هناك أطعمة وأشياء أخرى لا تزال طاهرة أوغير طاهرة بالنسبة لنا؛ ولكن هذا أيضًا قد تَحوَّل ولم يَعُد يؤخذ بالمعنى المادي الأرضي البحت الذي كان عليه في وقت من الأوقات؛ والآن، عاد (على الأقل جزئيًا) إلى مثاله الروحي والسماوي.

هناك ديناميكية أخرى ملحوظة في التَحوّل: بما أنّ الإنسان هو هذا المزيج الغريب من الجوانب المادية والروحية…. هو المخلوق الحي الوحيد الذي خُلق بهذه الطريقة…. فإن تجسيد مُثُل التوراة ومبادئها هي بالضرورة مزيج من الروحي والمادي، غير المرئي والمرئي. ولأنه في الحالة الحالية للكون، يَعيش الطاهر والنجس، الجسدي الفاسد الخاطئ والروحي المقدس تمامًا، جنبًا إلى جنب، فإن التوراة لا تزال تملِك طبيعة مادية دنيوية تُرافِق طبيعتها الروحية. لقد شرحتُ هذا السر في عدد من المناسبات باستخدام مصطلح "حقيقة الازدواجية" أي أننا نعيش في هذا النوع من الكون الموازي الذي يوجد فيه الروحي والجسدي في آنٍ واحد….. فالمسألة ليست مسألة أحدهما أو الآخر كما يقول الفِكر اليوناني. لا يُمكن تفسير ظاهرة حقيقة الازدواجية بالمصطلحات العلمية….. بل يمكن تفسيرها فقط بالإيمان والأنماط… التي جاءت من عَقْل يَهوَه، وليس من عقول البشر.

إذًا باختصار، على الرغم من أنّ القوانين الغذائية لم تُلغَ، ولكن هناك اختلاف نتيجةً لما فعله يسوع. وجزءٌ على الأقل ممّا فعله هو إظهار أنّ الثقة به تَتفوق على الطاعة القانونية الطائشة للطقوس المادية الدنيوية…..عندما يَتعلّق الأمر بالخلاص. اسمحوا لي أن أؤكد على ذلك: الإيمان يَطغى على الطاعة في ما يَتعلَّق بنَيل الخلاص.

ومع ذلك، هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنّ طاعة التوراة… التي هي عَقل الله…. قد عفا عليها الزمن. إنّ خلاصنا يَعتمد بنسبة مئة في المئة على الثقة بأن عمَل المسيح نيابةً عنا هو الشيء الوحيد الذي يَجعلنا مَقبولين لدى يَهوَه وفي سلام معه. ومع ذلك… (وهذا هو المكان الذي فشِلت فيه الكنيسة)…إنّ الطاعة لتوراة الرب لا تزال مهمة. في الواقع، نتيجة خلاصنا يجب أن تكون، ومن المتوقع أن تكون، الطاعة. أين هو امتناننا ليَهوَه إذا كنا نعتقد أنّ طاعة توراته الأزلية قد أصبحت الآن من الماضي؟ كيف يكون ربَّنا وسيّدنا إذا كنا مطيعين لأنفسنا فقط؟ صحيح (والحمد لله) أنّ الدينونة واللعنة التي تَنطُق بها التوراة (وهي الانفصال الأبدي عن الله) قد ماتت الآن بالنسبة لأولئك الذين يَثقون بالمسيح، ولكن لا تشكّوا أبدًا في أنّ هذه الدينونة نفسها حيّة وفعاّلة بالنسبة لأولئك الذين لا يثقون به. لا تشّكوا أبدًا أيضًا (وهذا ما أوضحه جميع الرسل) في أنّ البَركة للذين هم في المسيح والذين يطيعون التوراة باقية. هل أقول إنّ أولئك الذين يُقرّرون طاعة التوراة سينالون بَرَكات من فوق، ولن ينالها أولئك الذين يخلصون بالفعل، لكنهم لا يطيعون؟ أراهن على ذلك! هل هناك بَركة من اتباع القوانين الغذائية؟ بلا شك توجد، لأنها جزء من التوراة. آه، ولكن هل اتباع قواعد الأكل "الكوشر" مطلوب لنيل خلاصنا أو الحفاظ عليه؟ بالتأكيد لا! من ناحية أخرى، هل لاتباع القوانين الغذائية من دون الثقة بالمسيح أي فائدة؟ الجواب أيضًا كلا. طاعة التوراة، بِصَرف النظر عن الثقة في الرَب، لا قيمة لها. بخلاف فوزك الشخصي بالحياة الأبدية، ما فائدة الخلاص بمعزِل عن طاعة من خَلّص؟

المسيح والتوراة موجودان معًا، لا يَنفصلان. المسيح هو الكَلِمة. الكَلِمة هي التوراة. الثقة والطاعة موجودتان معًا، لا تنفصلان. الثقة تَنال الخلاص، والطاعة تنال البَركة للذين يثقون.

والآن اسمحوا لي أن أوضح لكم لماذا توصلتُ إلى هذه الاستنتاجات من خلال النَظر في موضعَين في العهد الجديد حيث يُعلَّم غالبًا أن أكل الكوشر قد أُلغي……على الأقل بالنسبة للأمميين. اسمحوا لي أن أذكِّر جميع المُستمعين أن هذه المناقشة التي نُجريها تَستند كلها إلى سِفْر اللاويين الإصحاح الحادي عشر، الذي يَضَع القواعد الغذائية لإسرائيل.

اقلبوا كتبكم إلى سِفْر أعمال الرسل عشرة. هذه هي قصة بطرس الشهيرة وقصّة الضابط في الجيش الروماني كورنيليوس والملاءة المملوءة بالحيوانات التي نزَلت من السماء في رؤيا.

(ترجمة الكتاب المقدس الجديدة) أعمال الرسل الإصحاح عشرة الآية تسعة "وَنَحْوَ ظُهْرِ الْيَوْمِ التَّالِي، بَيْنَمَا هُمَا فِي سِفْرهِمَا وَقُرْبِهِمَا مِنَ الْمَدِينَةِ، صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ. عشرة جاع وأراد أن يأكل شيئًا، وبينما كان الطعام يُعدّ، وقع في غيبوبة. إحدى عشر فرأى السماء مفتوحة وشيئًا مثل ملاءة كبيرة تنزل إلى الأرض من زواياها الأربع. اثنا عشر وكان فيها جميع أنواع الحيوانات ذات الأربع أقدام، وكذلك زواحف الأرض وطيور الهواء. ثلاثة عشر ثُمَّ قَالَ لَهُ صَوْتٌ:" قُمْ يَا بُطْرُسُ. اقْتُلْ وَكُلْ" . أربعة عشر "بالتأكيد لا يا رب"! أَجَابَ بُطْرُسُ "مَا أَكَلْتُ قَطُّ شَيْئًا نَجِسًا أَوْ دَنِسًا. خمسة عشر قَالَ لَهُ الصَّوْتُ مَرَّةً ثَانِيَةً:"لاَ تُسَمِّ شَيْئًا نَجِسًا مِمَّا جَعَلَهُ اللهُ طَاهِرًا". ستة عشر وحدث هذا ثلاث مرات، وفي الحال أُعيدت الملاءة إلى السماء. سبعة عشر وبينما كان بطرس يتساءل عن معنى الرؤيا، اكتشف الرجال الذين أرسلهم كورنيليوس مكان بيت سمعان وتوقفوا عند الباب. ثمانية عشر فَنَادَوْا سَائِلِينَ إِنْ كَانَ سِمْعَانُ الْمَعْرُوفُ بِبُطْرُسَ مُقِيمًا هُنَاكَ".

وهذا هو المكان الذي عادةً ما تَتوقف فيه القصة أثناء عظة أو تعليم، ويقول المُعلِّم أو القسّ:"ما الذي يمكن أن يكون أكثر وضوحًا من هذا. يُرسل الله حيوانات كثيرة لبُطرس في رؤيا، وبكلّ المقاييس كانت هذه الحيوانات محُرَّمة ونجسة، ويقول له أنّ لا بأس في أن يذبحها ويأكلها. لذلك فمن الواضح أن الله قد أزال عنها صِفة النجاسة التي كانت تحمِلها وبذلك أتت نهاية الأكل "الكوشر".

حسنًا، أولّ شيء يجب أن نلاحظه هو أنه اعتبارًا من الآية سبعة عشرة، لم يكُن بطرس قد تَوصَّل إلى أي استنتاجات بشأن ما تَعنيه هذه الرؤيا؛ لقد كان مرتبكًا بسببها وكان عليه أن يُفكّر فيما كان الله يُخبره به. بعد عدّة آيات، في الآية أربعة وثلاثين، يَشرح بطرس أنه بينما كان يَعتقد في البداية أن هذا كان يتعلق بالأكل في الشريعة اليهودية، إلا أنه فهِم أنه لم يكن كذلك عندما يقول (ترجمة الكتاب المقدس الجديدة) أعمال الرسل الإصحاح عشرة الآية أربعة وثلاثين "ثم بدأ بطرس يتكلم: "أدركتُ الآن كم هو صحيح أن الله لا يظهر تفضلاً خمسة وثلاثين بل يقبَل رجالاً من كل أمّة يخافونه ويعملون ما هو حق".

يَقول بطرس إنّ الرؤيا كانت عن قبول رجال من كل أمّة (الأمميين) الذين يَثقون بالله في حظيرة المؤمنين. أي شخص، بِغضّ النظر عن أصله، كان من المُفترض أن يكون مؤهلاً للخلاص بيسوع المسيح؛ وكما يقول بطرس: "لا تَفضيل" لذلك وفقًا للرسول الذي كتَب الكتاب المقدس الفعلي لسِفْر أعمال الرسل، يمكننا أن نطرح هذه القصة كمِثال على تعليمات العهد الجديد بإلغاء شريعة "الكوشر" الخاصة بالحيوانات الطاهرة والنجسة. كما اكتشف بطرس أخيرًا وذَكَر أنّ هذه الرؤيا لم يكُن لها علاقة بالطعام، بل كان لها علاقة بالبشر.

استُخدم الطعام كاستعارة تمثل الرجال لأن بطرس ذهَب إلى النوم وهو يحلُم بالطعام الذي كان يُجهَّز له؛ كان بطرس جائعًا. كانت الحيوانات النجسة ببساطة رمزًا يهوديًا مألوفًا جدًا ومفهومًا جيدًا للمبدأ الروحي للنجاسة ولحالة الأمميين. كان الأمر يَتعلق بتجنُّب اليهود للأمميين (في هذه الحالة كان الأمر يتعلق بتردُّد بطرس في حمل البشارة إلى كورنيليوس الوثني) لأن اليهود كانوا يعتبرون أنّ جميع الوثنيين أنجاسًا؛ أو كما قال يَهوَه في سِفْر أعمال الرسل: "لا تدعوا نجسًا ما أقول لكم إنه طاهر".

ولكن، دَعونا نَتقدّم خطوة أخرى؛ من هو بالضبط الذي يُشار إليه هنا على أنه طاهر، والذي كان نجسًا في السابق؟ المؤمنون الأمميون. حتى الآن فقط الذين انضموا جسديًا إلى إسرائيل……الأجانب، هم وثنيون تَخلّوا عن ولائهم السابق وأصبحوا يهوديًا رسميًا…. ويَعتبرهم الشعب اليهودي طاهرين. ولكن، الآن، وبطريقة إلهية غامضة انضمّ بعض الأمميين إلى إسرائيل، وبالتالي انضموا إلى عهود إسرائيل مع الله، دون أن يَنضمّوا جسديًا ورسميًا إلى إسرائيل.

عندما نَنظر إلى الوراء نرى أنّ السرّ هنا لا يكمُن في أن الأمميين سُمح لهم بالانضمام إلى إسرائيل ونتيجةً لذلك أُدخلوا "داخل المعسكر"؛ هذا خبَر قديم يلي ما أمَر به يَهوَه منذ اللحظة التي بدأ فيها خلْق شعب مُنفصِل تمامًا عن طريق إبراهيم والعهد الذي قطعه معه. قال يَهوَه لإبراهيم أنّ الأجانب، أي الأمم، سيُسمح لهم بالانضمام إلى إسرائيل شريطة أن يتخلوّا عن عبادة الآلهة الكاذبة ويُعلنوا ولاءهم لإله إسرائيل، وكمسألة طقسية أن يُختتنوا.

السِرّ هو أنّ المؤمنين الوثنيين لم يكُن عليهم الانضمام إلى إسرائيل جسديًا، ومع ذلك أصبحوا بطريقة ما جزءًا من شعب إسرائيل وعهودهم مع الله. بالنسبة لليهودي، كان هذا يعني أنّ المؤمن الوثني لم يكُن عليه أن يُختتَن ولم يكن عليه أن يخضَع لسيطرة السلطات المدنية والدينية اليهودية. كما لم يكُن على الأجانب أيضًا أن يَتخلّوا عن كونهم وثنيين ويُصبحوا يهودًا بدلاً من ذلك. ولكن على مستوى آخر، المستوى الروحي، أصبح الوثنيون بالفعل جزءًا من إسرائيل. وهذا هو الجزء المحير؛ كيف يكون هذا ممكنًا؟ بالنسبة لمعظم اليهود، كان هذا مجرد كلام مزدوج؛ يهودي من ناحية، وليس من ناحية أخرى. يَبذل بولس قُصارى جهده ليشرَح كيف يمكن أن يحدُث هذا، لكنه أمْر لم يفهمه حتى هو نفسه تمامًا ولم يَستطع التعبير عنه كما كان يودّ أن يفعل.

اقلبوا صفحات كتبكم إلى رومية اثنان. هنا يَتناول بولس هذه المسألة بالضبط. سأبدأ القراءة من الآية خمسة وعشرين وأُكمِل إلى نهاية هذا الإصحاح.

(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) رومية الإصحاح اثنان الآية خمسة وعشرين لأن الختان له قيمة حقيقية إذا كنت تعمل بما تقوله التوراة. وَأَمَّا إِنْ كُنْتَ مُتَعَدِّيًا لِلتَّوْرَاةِ فَقَدْ صَارَ خِتَانُكَ غَيْرَ خِتَانٍ. ستة وعشرين فَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمَخْتُونِ يَحْفَظُ فَرَائِضَ التَّوْرَاةِ أَفَلاَ يُحْسَبُ خِتَانُهُ خِتَانًا؟ سبعة وعشرين فَإِنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمَخْتُونِ جَسَدِيًّا وَلَكِنَّهُ يُطِيعُ التَّوْرَاةَ يَكُونُ حُكْمًا عَلَيْكُ أَنْت يَا مَنْ خُتِنَ وَكُتِبَتْ لَهُ التَّوْرَاةُ وَلَكِنَّهُ يُخَالِفُهَا! ثمانية وعشرين لأن اليهودي الحقيقي ليس يهودياً ظاهريًا فقط: فالختان الحقيقي ليس فقط خارجيًا وجسديًا. تسعة وعشرين على العكس، اليهوديّ الحقيقيّ هو يهوديّ من الداخل، والختان الحقيقيّ هو ختان القلب، روحيّ لا حَرفي؛ بحيث لا يأتي مديحه من الناس الآخرين بل من الله.

قلبي يَصرُخ من الفرح بِسبب هذه الآيات. لكنه يبكي أيضًا بألَم لأنّ الكنيسة ألقت بهذه الرسالة الثمينة في سلّة المُهملات. سنَقضي دقيقة واحدة فقط نُناقش هذا الأمر، مع أنه يمكننا أن نقضي يومًا كاملاً. لاحظوا الآية سبعة وعشرين: إنها تتحدث إلى "الذي لم يُختتن جسديًا" من هو هذا؟" يجب أن يعرف كل من في هذه القاعة الإجابة على هذا السؤال……. إنه يُشير إلينا نحن الأمميين… غير المختونين بحسب تَسمية اليهود. والآن، بعد هذه الكلمات مباشرة يوجد وَصْف عن "غير المختون"، وهو المؤمن الأممي؛ وهذا الوصف هو "ومع ذلك يُطيع الناموس" والترجمة الأفضل هي "ومع ذلك يطيع التوراة"") همم. أممي….. وتحديدًا مؤمن بحسب السياق هنا…مؤمن أممي ومع ذلك يُطيع التوراة.)

ثم تُخبرنا الآيتان سبعة وعشرون وتسعة وعشرون ما يلي: بموجب التَحوّل الذي أحدثه المسيح لا يكون الرجل يهوديًا لمجرد أنه قد أزيلت من عضوه الذكري قِطعة صغيرة من الجلد. كلا؛ يجب أن يكون للإنسان تغيير داخلي في قلبه (عقله)، كعَمَل من الروح القدس، وليس من نفسه أو من غيره من البشر.

وإذا ما تَوقَّفنا عند قول بولس هذا لا نرى سوى إدانة لليهود، بل يمكننا أن نتساءل إن كانت الكنيسة قد حَلَّت مَحلّ اليهود كشعب الله، لأن اليهودي الحقيقي، الإسرائيلي الحقيقي، هو الذي فيه الروح القدس…المؤمن بيسوع. اليهود الذين لا يقبلون المسيح يسوع مُستبعدون. ولكن كما نَبّهتكم مرارًا وتكرارًا، لا تَهتموا كثيرًا بعلامات الإصحاحات والآيات؛ هذه لم يُضِفها العُلماء إلا في وقت متأخر بعد كتابة الكتاب المقدس بكثير كتسهيل للدراسة. لذلك نجِد أنّ هذه المناقشة من قبل بولس تَستمِرّ في الإصحاح ثلاثة. وبولس، كونه حاخامًا مدربًا، يَستبِق الجدال ويطرح السؤال الذي قد يطرحُه أي شخص عاقل بشكل بلاغي، ثم يَشرَع في الإجابة عليه.

انظر إلى (الكتاب المقدس اليهودي الكامل) رومية الإصحاح ثلاثة الآية واحد إذن ما هي الميزة التي يَتمتع بها اليهودي؟ ما هي قيمة الختان؟ اثنان الكثير! في المقام الأول، كان اليهود مؤتمنين على كلام الله ذاته. ثلاثة إذا كان بعضهم غير أمناء، فماذا في ذلك؟ هل عدم إيمانهم يلغي أمانة الله؟ أربعة لا سمَح الله! سيكون الله صادقًا حتى لو كان الجميع كاذبًا – كما يقول التاناخ:"لكي تكون أنت يا الله صادقًا في كلامك وتَفوز بالحُكم عندما تُحاكم".

والآن سنُلقي نظرة على إصحاح آخر في رومية لِمزيد من التفاصيل. ولكن قبل أن أتطرّق إليه، اسمحوا لي أن أشير إلى ديناميكية أخرى مهمة يتم تَسليط الضوء عليها، وهي: إسرائيل الحقيقي أو إسرائيل الله الذي يَتحدث عنه بولس في غلاطية ستة هو مفهوم روحي…أو الأفضل من ذلك، الواقع الروحي والسماوي. إسرائيل الأرضية التي تَتكّون من البشر، والخيام، والحيوانات، والخيمة والطقوس والاحتفالات ما هي إلا الظِل المادي الناقص لإسرائيل الروحية المثالية الحقيقية. يَشرح بولس أنّ جميع الذين يَثقون بالله ويَقبلون ابنه يشوع ربًا ومخلصًا يعبرون عن المثل الأعلى الروحي لإسرائيل. وما يُخبرنا به الكتاب المقدس بوضوح أنّ أول من قبل المثل الأعلى الروحي لإسرائيل الحقيقي هم، بطبيعة الحال، الإسرائيليون (آلاف العبريين قبِلوا هذه الحقيقة ولكن معظمهم لم يقبَلوها). ولكن…..وهنا السؤال الكبير……هل هذا يعني أنّ إسرائيل الجسدية، وبالتالي الإسرائيليون الجسديون (اليهود) لم يعودوا موجودين أو لم يعودوا شعب يَهوَه المختار؟ هل هذا يعني أنه مع مجيء يسوع المسيح، هل حَلّ المَثل الأعلى الروحي لإسرائيل محل إسرائيل الجسدية وبني إسرائيل الجسديين؟ هل التمييز بين إسرائيل الجسدي والجميع، الذي أقامه الله أولاً مع إبراهيم ثم إسحاق ثم يعقوب ثم أبنائه وورثته، قد انحلّ وأُلغي؟ أم أنّ الوثني (الأممي) يَتحوّل باطنيًا إلى يهودي جسدي من لحم ودم….. مثل اليرَقة التي تَتحوّل إلى فراشة…… بمجرد أن يَقبل المسيح؟ الجواب على كل هذه الأسئلة هو الرّفض القاطع الذي لا لبس فيه! يقول بولس في الآيات القليلة الأولى من رومية ثلاثة أنٍّ التمييز الجسدي بين اليهودي والوثني باقٍ. هناك يهود مادّيون وهناك وثنيون مادّيون.

وسيَبقى الأمر كذلك. أن يكون المرء يهوديًا بالجسد له مزاياه، ومن بينها الواجب والامتياز الرائع لحِفظ وحماية كلمة الله ذاتها التي أُعطيت لهم في جبل سيناء. لذا فإن كَون الأممي يهوديًا حقيقيًا هو أمر روحي يُعبّر عن واقع روحي حقيقي حيّ. ولكن…… على اليهود الجسديين أيضًا أن يَقبلوا حقيقة إسرائيل الروحية الحقيقية لكي يكونوا جزءًا منها؛ والطريقة الوحيدة التي يَحدث بها هذا هي نفس الطريقة التي يحدث بها ذلك بالنسبة للأمميين……الثقة في يسوع. أولئك اليهود الذين لا يقبلون هذا الواقع الروحي يَستمرّون في كونهم يهودًا ماديين، ويَستمرّون في كونهم جزءًا من إسرائيل المادية (الجسدية) الدنيوية الأرضية…..لكنهم ليسوا جزءًا من إسرائيل المثالية الروحية الحقيقية.

هذا هو الشيء الذي يَصعب علينا نحن الذين نشأنا في الكنيسة التقليدية أن نَقبله: كمسيحيين أصبحنا إسرائيليين روحيين…..أو كما يقول بولس، يهود حقيقيين. هذا ليس مُستمدًّا بطريقة أو بأخرى من الكتاب المقدس….. هذا بالضبط ما يقوله بولس. نحن جزء من إسرائيل السماوية، الحقيقية، المثالية. هذا عنصر حاسم في مناقشة أكل "الكوشر" لأنه يقول إنه سواء وُلدنا يهودًا أو وثنيين ماديين، فبمجرد أن نثِق بالمسيح نُصبح جميعًا الآن إنسانًا واحدًا جديدًا؛ ونصبح جزءًا من كيان يُدعى إسرائيل الحقيقي الروحي.

لذلك، لا يمكن أن يكون لليهود المؤمنين مجموعة قواعد مختلفة عن الوثنيين (الأمميين) المؤمنين. لا يمكن أن يكون اليهود المؤمنين مُلزَمين بالحفاظ على الكوشر ولكن الوثنيين المؤمنين ليسوا مُلزَمين بذلك. ما هو كذلك بالنسبة لأحدهما يجب أن يكون كذلك بالنسبة للآخر.

لنقرأ الآن رومية الحادي عشر.

قراءة رومية الإصحاح الحادي عشر من الآية الثالثة عشرة إلى السادسة والعشرين

حسنًا. يقول بولس إننا نحن الوثنيون مُطعَّمون في إسرائيل…. شجرة زيتون إسرائيل الروحية…..التي تُمثّل إسرائيل الله المثالية. أولئك الإسرائيليون الجسديون الذين لم يثقوا بالله، ولم يثِقوا بأنّ يسوع هو ابنه الذي أُرسل لفدائنا، كانوا الأغصان المقطوعة من شجرة الزيتون…. المقطوعة من إسرائيل الروحي الحقيقي، وليس المقطوعة من إسرائيل الجسدية. اليهود الذين لا يؤمنون حتى يومنا هذا بأن يسوع هو المسيح ما زالوا أحياءً وبصحة جيدة وما زالوا يهودًا، ما زالوا إسرائيل الجسدي. لا يَستخدم بولس شجرة الزيتون إلا كاستعارة قياسية لحقيقة روحية: إسرائيل الروحية. شجرة الزيتون ليست شجرة أممية؛ إنها شجرة إسرائيل. لذلك، كما يقول بولس، لا ينبغي لنا أن نتفاخر بكوننا مُطعَّمين في شجرة الزيتون الروحية تلك، ولا أن نَتخيل أننا نعرف أكثر مما نعرِف؛ لأنّ الله كان لديه سبب في أن تَسير الأمور بهذه الطريقة. وما هو السبب؟ كما يقول في الآية ستة وعشرين، "لكي تخلص كل إسرائيل". جزءٌ من سبب خلاص الأمم هو لكي تخلص إسرائيل الجسدية. من المؤكد أن بولس على حقّ……لدى الأمميين كل الأسباب التي تجعلهم متواضعين ولا شيء يدعوهم للتفاخر.

لذلك لا يمكننا أن نهرُب من حقيقة أننا، أنا وأنت وجميع المؤمنين مُنضمّين إلى إسرائيل…..إسرائيل الروحية. ألا تريدون أن تَنضموا إلى إسرائيل؟ يا للأسف. لقد انضممتم إلى إسرائيل في اللحظة التي قبِلتُم المسيح اليهودي. لا يوجد ولن يكون هناك مسيح وثني. أوه سيكون هناك مسيح مُزيّف في المستقبل القريب…..قد يكون وثنيًا (ولكن يمكن أن يكون يهوديًا أيضًا) وسيَزعم أنه المسيح…. نحن نُسمّيه المسيح الدجال.

إذًا مع هذا السياق لحالتنا كمؤمنين أمميين ويهود (أننا إسرائيليون روحيون، وصَلنا إلى هذه الحالة بالإيمان بمسيحنا اليهودي) ….. دعونا نَمضي قدمًا ونرى ما قاله يسوع نفسه عن الأكل، وعمّا هو طاهر ونجس.

افتحوا كتبكم على إنجيل مرقس. سأقرأ ابتداءً من مرقس الإصحاح سبعة الآية أربعة عشرة.

)الكتاب المقدس اليهودي بالكامل) مرقس الإصحاح سبعة الآية أربعة عشرة فَدَعَا يَسُوعُ الشَّعْبَ إِلَيْهِ أَيْضًا وَقَالَ :"اسْمَعُوا لِي كُلُّكُمْ وَافْهَمُوا هَذَا! خمسة عشرة لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ خَارِجِ الإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ فِيهِ شَيْءٌ يَجْعَلُهُ نَجِساً. بَلِ الأَشْيَاءُ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ هِيَ الَّتِي تَجْعَلُ الإِنْسَانَ نَجِساً ستة عشرة، سبعة عشرة، فَلَمَّا تَرَكَ الشَّعْبَ وَدَخَلَ الْبَيْتَ سَأَلَهُ تَلَامِيذُهُ عَنِ الْمَثَلِ ثمانية عشرة فَأَجَابَهُمْ:"إِذًا أَنْتُمْ أَيْضًا بِلاَ فَهْمٍ؟ أَلَسْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ لاَ شَيْءَ يَدْخُلُ فِي الإِنْسَانِ مِنْ خَارِجٍ يُمْكِنُ أَنْ يُنَجِّسَهُ؟ تسعة عشرة لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى مَعِدَتِهِ وَيَخْرُجُ إِلَى الْمِرْحَاضِ". (هكذا أعلن أن كل الأطعمة طاهرة طقسيًا). عشرون "إنّ ما يخرج من الإنسان هو الذي يجعله نجسًا". واحد وعشرون لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قَلْبِ الإِنْسَانِ تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ، وَالْفُجُورُ وَالسَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ وَالزِّنَا اثنان وعشرين وَالطَّمَعُ وَالْخُبْثُ وَالْخَدِيعَةُ وَالْغِشُّ وَالْفُحْشُ وَالْحَسَدُ وَالْقَذْفُ وَالْغُرُورُ وَالْغَبَاوَةُ………………. ثلاثة وعشرون، كُلُّ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الشِّرِّيرَةِ تَأْتِي مِنَ الدَّاخِلِ وَتَجْعَلُ الإِنْسَانَ نجسًا".

الآن، وبدون شَك، فإنّ القراءة العادية تجعل هذا يبدو بالضبط مثل ما قيل لنا من قبل مُعلِّمي الكنيسة والقساوسة منذ أن كنا أطفالاً: أنّ يسوع يقول إنه لم يَعُد هناك أطعمة طاهرة ونجسة (أو أي شيء آخر في هذا الشأن)؛ أنّ الأكل "الكوشر" قد انتهى. حسنًا، هذا ما يحدث عندما يتم إبعاد الأشياء عن سياقها، وعندما يقوم مترجمو الكتاب المقدس بتحريرها. في الآية تسعة عشرة، تَضَعُ معظم الكتب المقدسة قوسًا حول الكلمات التالية "وهكذا أعلن أن جميع الأطعمة طاهرة". هذا لأن هذه الكلمات ليست موجودة في الكتاب المقدس الأصلي…… لقد أُضيفت كتعليق تحريري في العصور الوسطى من قبل اللاهوتيين. إذا كان لديكم نسخة من الكتاب المقدس (ترجمة كينغ جيمس) على سبيل المثال فلن تجدوا هذه الكلمات. هذه الكلمات ليست إلاّ افتراض وحاشية كَتبها مترجمو الكتاب المقدس في الكتاب المقدس. لقد كانوا مُخطئين؛ وهي ببساطة تَعكس جَهلهِم أو ازدراءهم لكلّ ما هو يهودي. بالأحرى يقول يسوع ببساطة أنّ الطعام يُهضم ثم يتم التَخلّص منه….فَضلات الإنسان (وكأن الفريسيين لم يكونوا يعرفون ذلك).

علاوةً على ذلك، كما توضح الآية سبعة عشرة، تَكلَّم يسوع عن ذلك على أنه مَثَل، وليس حرفياً. وبعبارة أخرى كان يسوع يَستخدِم الاستعارة والتوضيح لإظهار نمَط وتوضيح وجهة نظر (هذا هو تعريف المثل). لم يَصدُر أي حُكم آخر فيما يتعلق بالطعام نفسه.

كمثال على كيفية عمل الأمثال، نحن جميعًا على دراية بالمثل الذي يَتحدث عن نثر البذور على الأرض الصلبة والأرض الخصبة والأرض الصخرية والحاجة في بعض الأحيان للسَماح للزوان (الحشائش الضارة) أن تنمو إلى جانب الحنطة فإذا اقتلعنا الحشائش الضارة قد تَتشابك جُذورها مع الحِنطة وتُضرُّ بها. الآن هل يعتقد أي شخص بصدق أن يسوع في هذا المثل كان يعطي درسًا في الزراعة؟ هل كان يسوع خبيرًا في الزراعة ويَشرح الطريقة المُثلى لزراعة محاصيل جيدة؟ بالطبع لا. لقد كان يَستخدم الحِنطة والزوان وأنواع التربة المختلفة كتشبيه عن كيفية تَلَقّي مختلف أنواع الناس في العالم لبشارة الإنجيل، ثم ما يحدث لبعض الناس بعد يَقبلوها.

الأمر مُشابه هنا مع مرقس، بما يَخصّ تَحدُّث يسوع بالأمثال. لم يكن يُلغي أي شيء، وبالتأكيد لم يكُن يُلغي مفهوم الطاهر والنجس.

لذا، انظروا في الكتاب المقدس مرة أخرى، ولكن هذه المرة لاحظوا الآية واحد من إنجيل مرقس الإصحاح سبعة.

(الكتاب المقدس اليهودي الكامل) مرقس الإصحاح واحد الآية سبعة فَاجْتَمَعَ الْبَرْشِيمُ وَبَعْضُ مُعَلِّمِي التَّوْرَاةِ الَّذِينَ جَاءُوا مِنْ أوَرْشَلِيمَ مَعَ يَسوعَ، اثنان، وَرَأَوْا أَنَّ بَعْضَ تَلَامِيذِهِ يَأْكُلُونَ بِأَيْدٍ نَجِسَةٍ، أَيْ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ. ثلاثة، (لأَنَّ الْبَرْشِيمَ بَلْ جَمِيعَ الْيَهُودِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِتَقْلِيدِ الشُّيُوخِ لاَ يَأْكُلُونَ إِلاَّ بَعْدَ أَنْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ غَسْلاً طُقُوسِيًّا. أربعة، أَيْضًا إِذَا جَاءُوا مِنَ السُّوقِ لاَ يَأْكُلُونَ مَا لَمْ يَغْسِلُوا أَيْدِيَهُمْ إِلَى الرُّسْغِ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِتَقَالِيدَ أُخْرَى كَثِيرَةٍ كَغَسْلِ الأَكْوَابِ وَالْقُدُورِ وَالأَوَانِي النُّحَاسِيَّةِ). خمسة، فَسَأَلَهُ الْبَرْشِيمُ وَمُعَلِّمُو التَّوْرَاةِ: "لِمَاذَا لاَ يَعِيشُ تَلَامِيذُكَ وَفْقَ تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ بَلْ يَأْكُلُونَ بِأَيْدٍ نَجِسَةٍ طُقُوسًا". ستة، فأجابهم يسوع: "صَدَقَ الله حِينَ تَنَبَّأَ عَنْكُمْ أَيُّهَا الْمُرَاؤُونَ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: "هَؤُلاَءِ يُكْرِمُونَنِي بِشِفَاهِهِمْ وَقُلُوبُهُمْ بَعِيدَةٌ عَنِّي" سبعة "عِبَادَتُهُمْ لِي غَيْرُ نَافِعَةٍ، لأَنَّهُمْ يُعَلِّمُونَ قَوَاعِدَ مِنْ صنع الإِنْسَانِ كَأَنَّهَا تَعَالِيمُ". ثمانية "تَحِيدُونَ عَنْ أَمْرِ اللهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقَالِيدَ بَشَرِيَّةٍ. تسعة قال لهم: "في الواقع، لقد تفننتم في الخروج عن أمر الله من أجل الحفاظ على تقليدكم! عشرة، لأن موسى قال: "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ" و"مَنْ شَتَمَ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يُقْتَلُ"، إحدى عشر وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَقُولُونَ: "إِنْ قَالَ أَحَدٌ لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ: "نَذَرْتُ كَقُرْبَانٍ" أي كقربان لله) "أي كهدية لله) اثنا عشر، فَإِنَّكُمْ لاَ تَتْرُكُونَهُ يَعْمَلُ شَيْئًا لأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ. ثلاثة عشر، هكذا، بتقليدكم الذي ورثتموه عنكم، تُبطلون كلمة الله. وَتَفْعَلُونَ أَشْيَاءَ أُخْرَى مِثْلَ هَذَا".

ثم بالطبع، تبدأ الآية أربعة عشرة بقوله: "اسمعوا إليَّ، لا شيء يَدخُلكم يَجعلكم نجسين………"

هنا نكتشف أنّ حديث يسوع كُلّه لا علاقة له بالأطعمة الطاهرة والنجسة، بل له علاقة بقائمة واسعة من قوانين الطهارة التقليدية، وفي هذه الحالة هي طقوس غسْل اليدين…والتي كما يُشير بغضب……ليست حتى من الكتاب المقدس، بل هي تقليد من صُنع الإنسان. وفقًا للتقاليد اليهودية، إذا لم يَقُم العبري بغَسْل يديه قبل أن يأكل، فإنه يدنس طعامه الطاهر…هذا الطعام المقبول تمامًا يُصبح نجسًا. لهذا، يقول يسوع "هراء". وهكذا يمكننا أن نتَخلَّص من قصة أخرى أُعطيت خطأً كمثال على إلغاء الأكل "الكوشر"؛ لأنه في الواقع ليس الطعام "الكوشر" الموضوع الذي نناقشه هنا، بل غَسل اليدين والتقاليد الطقسية الأخرى المفروضة من الشيوخ والتي يَرفضُها يشوع.

الآن، بالنسبة لأولئك الذين يؤيدون عمومًا "الكوشر" كطريقة أكل يجب أن يَتبعَها المؤمنون، سيَشعرون بالارتياح الآن. وبالنسبة لأولئك الذين لا يؤيدون ذلك، أظن أنكم لستم كذلك. حسنًا، الأمر ليس سهلاً.

أعِدكم بأننا لن نُنهي هذا الموضوع هنا، ولكنني أحتاج إلى اختتامه لليلة. أود أن أختُم بهذه الفكرة: إنّ السبب في أنّ الله استخدم النمَط الطاهر والنجس مُتعلِّق باتّباع نمط إلهي ثابت وهو أحد أعظم مظاهر ديناميكية الرب الحاكمة في تقسيم واختيار وفَصل أشياء هذا العالم. يَذكُر الرب في سِفْر اللاويين الإصحاح الحادي عشر الآية سبعة وأربعين أن السبب في شرائعه المُفصَّلة عن الحيوانات الطاهرة والنجسة هو "للتمييز بين النجس والطاهر". بتحَديده لما هو نجس وطاهر، سيَعرِف شعبه الفَرق ويَتجنَّب النجس؛ ليس على الشعب أن يُخمِّن. إنّ الرَبّ هو كل ما يَتعلّق بالفَصْل؛ أما الشيطان هو ما يَتعلّق بوَضْع كل شيء في كومة واحدة وإزالة الفروق. الرَب معنيٌّ بالتمييز بين الحق والباطل، والخير والشر، والمقدس وغير المقدس، والمِثلي والمُتحوّل، والمُخلَّص وغير المُخلَّص، والذَكَر والأنثى. لقد أنشأ الرب أممًا ذات لغات مميزة وقسَّمها وفَصَلها بواسطة وحدود حتى يَتمكّن من استخدامها والحُكم عليها وفقًا لذلك.

إنّ الشيطان بصدد إزالة كل الفواصل والتمييزات؛ فالحقّ والباطل نسبيان، والخير والشرّ يَتطوّران مع الزمن، ولا أحد مُختار من الله، فالكل سواء، وكل الجنسيَن لا بأس بهما، ولا فرق بين الجنسين، ولا ينبغي أن تكون أدوار وواجبات كل جنس مُتميزة. يجب أن تُمحى الحدود بين الأمم، ويجب أن يُصبح جميع الناس كيانًا واحدًا.

يقول الله أنّ شعبه يجب أن يكون مقدسًا وبالتالي يجب أن يَتجنب الأشياء التي أعلنها غير طاهرة. يقول الشيطان إنه لا يوجد شيء اسمه مُقدَّس وبالتأكيد لا يوجد شيء اسمه غير طاهر. كل شيء والجميع مُتساوون ومُتشابهون؛ لا ينبغي أن يكون هناك تمييز.

لنكون حذرين جدًا في رسم فروقنا، يجب أن نأخذها من الكتاب المقدس ولا نَبتكرها بأنفسنا. عندما نَختار تمييزاتنا الخاصة، نحصل على التَعَصّب، والاضطهاد العِرقي والعنصري، وسوء معاملة النساء والأقلّيات، وكل أنواع النتائج القبيحة. إنّ العالم يعمَل ما في وسعه لإعادة برج بابل مرة أخرى. تقول لنا حكومتنا ومصادرنا الإخبارية، والآن حتى الكثير من أصحاب السُلْطة الكنيسة، أنّ قَصْد الله هو محو التمييزات من على الأرض، لأن هذا هو الحُبّ الحقيقي.

هذا كذِب. كما أنّ القول بأنه تمّ إلغاء النَجاسة ليس صحيحًا أيضًا. سنُواصل استكشاف هذا الموضوع الصَّعب والحَرِج في الأسبوع القادم.