سِفْر اللاويين
الدرس خمسة – الإصحاح ثلاثة
لقد عَاينّا نوعان من التقدِمات المحروقة؛ أي نوعين من الأضحية التي كانت توضَع على مذبح النحاس وتُحرق بالنار. وهذان النوعان هما "عُلى والمينشا". كانت تقدمة "عُلى" تَتضمن إحراق الحيوانات، أما "مينشا" فشمَلت إحراق النباتات والحبوب. ولقد أكدتُ أنه على الرغم من كل المحاولات الهادفة لشَرح أغراض هذه القرابين وجَوهرها إلا أنّ الكتاب المقدس، في هذه المرحلة من دراستنا، يوضح أنّ الدخان المُتصاعد من الذبائح والتقدمات كان العنصر الأهم، وأنّ الدخان المُتصاعد كان رائحة مُرضية لله.
والسؤال الذي يُطرح الآن، كيف علينا نحن المسيحيين المُعاصرين أن نَفهم هذا الأمر؟ هل كان يَهوَه يَستنشق الدخان حرفيًا ويُحب رائحته، وهذا هو الغرض من حرْق الحيوانات والنباتات؟ حسنًا، في أذهان العبريين في تلك الفترة، كان هذا بالتأكيد سببًا رئيسيًا للطقوس. بالطبع ستُقلقنا هذه الفكرة، أليس كذلك؟ فعلى الفور تَتبادر إلى أذهاننا صورة ذهنية عن الوثنيين الذين كانوا يُضحّون لآلهتهم؛ والآلهة الوثنية وهم يأكلون الطعام، ويَشربون الخمر والجعة، ويُمارسون الجنس، ويَحتفلون ويتقاتلون فيما بينهم، ويَقتلون بعضهم بعضًا، وغير ذلك. لذلك يَسهُل فهم الموضوع إذا كانت الإشارات العديدة القائلة إنّ الله يَشم رائحة الدخان العطِرة من دخان التقدمات المحروقة في الإصحاحين واحد واثنان من سِفْر اللاويين تتَحدث عن طقوس وثنية تُقدم لآلهة وثنية….. لكنها ليست كذلك…. بل تَتحدث عن يَهوَه، إله إسرائيل…. وهذا كلامُه. لطالما خَلقت هذه الطقوس الخاصة بالذبائح والأضاحي في سِفْر اللاويين مُشكلة للكنيسة، وقد حَلّ استخدام المَجاز هذه المشكلة بشكلٍ عام.
ولكي نبدأ في معالجة هذه المشكلة، إليكم ما يجب أن تفهموه: كل الأديان جاءت من مَصدر واحد في الأساس. لذلك، هناك العديد من أوجه التشابه بين عدد لا يُحصى من الأديان التي تُمارس في جميع أنحاء العالم….. من المسيحية، إلى اليهودية، إلى الهندوسية، والبوذية وجميع الأديان الأخرى. اسمحوا لي أن أوضح هذا الأمر قليلاً بشكل مُختصر.
منذ ما لا يزيد عن خمسة سنوات تقريبًا، تَوصّلت أكاديمية اللغويين في العالم (وهم الأكاديميون الذين يَدرسون اللغات) إلى استنتاج كانوا يحاولون جاهدين تَجنّبه لعقود: كل الأدلة تُشير بشكل لا يَقبل الجدل إلى تواجد لغة أم واحدة في وقت من الأوقات. وبعبارة أخرى، لا يمكن نفي فكرة أنّ اللغات صَدرت من لغة واحدة بعد الآن. منذ زمنٍ بعيد، لم يكن هناك سوى لغة واحدة عالمية؛ ولكن مع مرور الوقت، تَغيّرت بطريقة ما إلى لُغات عديدة ويبدو أنّ ذلك حدَث بين عشية وضُحاها تقريبًا. هذا ليس مدهشًا بالنسبة لأي طِفل حضَر في أي وقتٍ مضى مدرسة الأحد أو درس التوراة……لأنّ التحول من لغة واحدة إلى لغات كثيرة مَذكور في الكتاب المقدس. لقد حدَث ذلك في بُرج بابل، وكان يَهوَه هو الذي تَسبّب في حدوثه كدينونة على التَمرّد، ولكي يَتفرق الناس ويعيدوا إسكان العالم بشكل كامل.
ولكن، من تلك الحادِثة نفسها، حدَث شيء آخر ذو أهمية عميقة: العبادة المُنحرفة التي كانت تحدُث في برج بابل بقيادة نمرود، تغيّرت أيضًا وزادت وتبعها كل هؤلاء الناس المشتتين الذين أصبحوا يَتكلمون لغات مختلفة. ويُطلق الكتاب المقدس على القدر الشرير للديانات الوثنية العديدة التي نَتجَت عن ذلك، والتي كان أصلها في بابل، ديانات بابل الغامضة. بما يَخصّ الأغراض العملية لكلّ الديانات الباطلة (وهي بالتعريف أي ديانات كاذبة التي لا تُصلّي لإله إسرائيل وحده) هي ديانات بابل الغامضة، وكُلّها لها خصائص متشابهة.
بعد الطوفان كان كل سكان العالم يتألفون فقط من عائلة نوح المباشرة. وكان أفراد العائلة يَعرفون يَهوَه جيدًا؛ كانوا مُخلصين له، ويعرفون من هو، وما يَتوقعه من البشر، ويعرفون أنه يريد أن تتمّ التقدمات والذبائح لأسباب متنوعة، وكان لديهم فهم جيّد لبرنامج الله. آمَن جميع أفراد عائلة نوح ومارسوا العبادة الخالصة للإله الواحد الحق الوحيد. ومع ذلك، في نهاية المطاف، وفي وقت قصير نسبيًا، بدأ نسْل نوح في الذهاب في طرق منفصلة، وبدأوا في إضافة أفكارهم ورغباتهم الخاصة التي انبثقت من طبيعتهم البشرية الخاطئة إلى العبادة الصحيحة ليَهوَه.
بحلول زمن نَمرود كانت البشرية فاسدة تمامًا، وكذلك عبادتها، عادت مرة أخرى إلى عبادة الآلهة الزائفة، كما كان الحال قبل الطوفان. ومع ذلك، وبسبب النقطة الأساسية المشترَكة بين البشر، أخذت كل ديانة من ديانات العالم الجديدة الذاكرة المشترَكة للعقائد الأساسية للإله الحقيقي الذي خَلقهم…وقامت بتعديل وتحريف المعاني والممارسات. عندما تدرُس أديان العالم الزائفة عن كثب تجِدها متشابهة ظاهريًا أكثر بكثير مما هي فريدة من نوعها، فكلها متشابهة إلى حدٍ كبير. إنّ القضايا الثقافية والتقاليد وأسماء الآلهة المختلفة هي التي تَفصُل بينها في المقام الأول.
لذا نجِد الكثير من القواسم المشتركة بين أديان العالم الزائفة: على سبيل المثال، تَميل جميعها إلى إضافة قِصّة الطوفان في تاريخها المُبكر. لماذا؟ لأنه كان هناك طوفان، ولأن كل ثقافات العالم وشعوبه جاءت من العائلة التي نجَت من الطوفان: عائلة نوح. لدى معظمها تسلسل هرمي للآلهة يتكون من رئيس، إله أعلى (ذكر) وزوجته وابنهما. لماذا؟ لأنّ خطة الله في أن يأتي ابنه إلى العالم عن طريق امرأة كانت معروفة منذ الأيام الأولى. كل الديانات الوثنية تقريبًا تقول إنّ ابن إلهها الأكبر يموت ويَتجسد من جديد لهذا السبب. جميع الديانات الوثنية تقريبًا تُصرّ على أن هناك خلقًا لكل الأشياء سببه إله أو إلهة… لأنّ ذلك حصَل فعلاً؛ وهذه الديانات نفسها تُصّر أيضًا على أنّ هناك نهاية محددة للعالم ستكون أيضًا بسبب إله…لأن هذا فعلاً ما سيحصُل. جميع الديانات الوثنية تقريبًا لديها كتب مُقدسة، وتتحدث عن إله أزلي موجود بحدّ ذاته، وعن عالم من الكائنات الروحية، بعضها شرير وبعضها الآخر طَيّب.
جميع الديانات الوثنية تقريبًا تُقدِّم القرابين لإله أو آلهة، وعادةً ما يجب أن تُحرق الأضحية بالنار على مذبح ويتصاعد الدخان إلى الآلهة التي تعيش إما في السحاب أو فوقه مباشرة.
إنّ النقطة التي أشير إليها هي أنّ العديد من عناصر ممارسات العبادة في ديانة بني إسرائيل والمَنصوص عليها من يَهوَه كانت مُشابهة لممارسات العبادة الوثنية الموجودة السارية في تلك الحقبة، لأن جميع عناصر ممارسات العبادة الوثنية تقريبًا كانت ببساطة نسخًا مُحرَّفة للغاية من عبادة الآب الأصلية والحقيقية. ما نرى الله يفعله مع موسى وإسرائيل والناموس، هو إعادة تأسيس عدالته ونظام عبادته. إنه يقوم بالتطهير ويُعيد تأسيس العبادة والعقيدة الصحيحة والحقيقية تمامًا كما فعل عندما قام بتدمير سكان العالم كله بطوفان عظيم ثم
بدأ من جديد مع نوح. اسمحوا لي أن أقدّم توضيحًا غير كافٍ باعتراف الجميع: لا أعرف ما إذا كان أي شخص هنا يُحبّ إعادة طلاء الأثاث؛ أنا لا أستمتع بذلك بشكل خاص، لكنني قُمت بذلك! يمكنكم أن تجدوا أقبح المكاتب أو الكراسي أو الطاولات المستعملة، مع طبَقات من الطلاء والأوساخ والمواد اللزجة التي أضيفت إليها على مر السنين؛ ولكن مع بعض العمل وبعض المواد الكيميائية يُمكن إزالة كل تلك الأشياء المتراكمة التي لم تكن موجودة ويمكن إعادة اكتشاف سَطح الخشب الطبيعي الأصلي الجميل.
تلك القطعة من الأثاث التي كانت تبدو كقطعة خردة تمّ ترميمها وإعادتها من القبح إلى حالتها الأصلية واستعادة الغرَض منها. ومع ذلك لا تزال قطعة الأثاث نفسها. هذا ما كان يفعله الله مع إسرائيل والناموس….. إزالة كل الأشياء التي لا تنتمي إلى هذا الكيان، وإعادة البشرية إلى ما هو أقرب إلى الحالة التي خُلقت بها. تم التَخلُص من كل الأشياء التي لم يكن لها مكان في العبادة الصحيحة للإله الواحد الحقيقي القدير.
نُلاحظ في الكتاب المقدس أنه من المعتاد أن يرى الله الناس والثقافات (كما هي) ثم يستخدِم العناصر الشائعة في الثقافة التي يعرِفها هؤلاء الناس كأدوات تعليمية وتوضيحية لمخططه العظيم. كان العبريون، في زمن موسى، يَتصوّرون الله بنفْس الطريقة التي تَصوَّر بها كل من على الأرض آلهتهم… كنوع خارق من الجنس البشري. لم يكونوا على صواب تمامًا، لكنها الطريقة التي تَصوروه بها (وأقول لكم…الكثير من المسيحيين المعاصرين يرون الله بنفس الطريقة لكنهم لا يدركون ذلك). لقد كان إله، في أذهان العبريين، إلهًا يتكلم، ويمشي، ويَقفز بفرح، ويضرب بالسَيف، ونعم، يَشمّ رائحة البخور العطِرة ودخان التقدمات المحروقة.
يَستغرق تغيّر الإنسان الحقيقي وقتًا طويلاً. لقد أمضى الله آلاف السنين في تطوير الإنسان بدءًا من آدم وحواء، ووصولاً إلى ما هو عليه اليوم. وعلى طول الطريق، استخدم الرب مُحيطنا وممارساتنا المألوفة، وحتى خصائصنا ونقائصنا البشرية اليومية، ليُعلّمنا الحق: وقد أظهر لنا تدريجيًا نفسه أكثر والمزيد من خططه، وأفهمنا طرقه مع تَقدُّم الزمن. إنّ مبادئه ومقاصده كاملة ولم تتغير أبدًا….. لكنها تحوّلت. تحوّلت ذبيحة الحيوانات وتقدمة الحبوب لتحقيق السلام مع الله، إلى الفداء بالمسيح. وتَحوَّل البر من الطاعة الشخصية والسلوك الحسَن، إلى الاتحاد مع الذي نضع إيماننا فيه.
ما أُريدكم أن تَستَخلِصوه هو ما يلي: في دِراستنا لسِفْر اللاويين ونِظام الذبائح والأسباب المعلنة والمُضمرة لتلك التقدمات، لا تقلقوا بشأن أخذ كلمة الله حرفيًا، مع أنّ هذا الأمر يُزعج عقولنا الحديثة، ويبدو أنه يُهاجم أحاسيسنا….. خاصةً في الأسفار القديمة من الكتاب المقدس. لقد ارتأى عددٌ كبير جدًا من قادتنا ومُعلّمينا المسيحيين الكبار أنّ أتباع الكنيسة غير قادرين على التعامل مع بعض هذه الحقائق من تاريخ الكتاب المقدس، ولذلك يخبروننا أنّ ما نقرأه مغاير للحقيقة…. أي أنه يعني شيئًا آخر. إنهم يخشون أن نَفقد إيماننا إذا لاحظنا الكثير من عناصر الوثنية والنقص متشابكةً في جذور إيماننا وواضحةً في أبطال الكتاب المقدس. حسنًا أعتبر ذلك هراءً. الكتاب المقدس هو ببساطة الحقيقة. والحقيقة هي أنّ إبراهيم كان في البداية وثنيًا، وأنّ العبريين كانوا في صراع دائم مع الوثنية والعِصيان. والحقيقة هي أنّ العديد من ممارسات العبادة عند العبريين، كما أمَر الله بها، والتي انتقلت إلينا نحن المؤمنين، كانت تُشبه في مظهرها الخارجي ممارسات العبادة الوثنية السابقة لزمن موسى.
إذًا بما يَخصّ مسألة الدُخان، وهو الموضوع الأساسي، نعم، لقد اعتقد العبريون أنّ الله يَشم رائحة الدخان ويُسعد به. إن مشكلتهم الحقيقية هي أنهم فكروا فقط في عمليات التقدمات والذبائح الطقسية بالمعنى المادي الدنيوي الشامل (فهذه كانت، بشكل عام، الطريقة التي كانوا ينظرون بها إلى الله) بدلاً من المعنى الروحي السماوي الذي سيظهَر للإنسان شيئًا فشيئًا عندما يُصبح قادرًا على استيعابه. وبالطبع، هذا هو المعنى الروحي الذي يَقضي يسوع وقتًا طويلاً في شرحه.
لنقرأ الإصحاح ثلاثة.
قراءة الإصحاح ثلاثة من سِفْر اللاويين بكامله
نُعاين هنا نوعًا ثالثًا من التقدمات، يُترجم عادةً باسم "ذبيحة السلام"؛ وما يجب أن نُلاحظه هو أنها تمامًا مثل أوّل نوعين من الأضاحي التي درسناها، "ذبيحة عُلى وتقدمة المينشا"، لا علاقة لها بالتكفير عن الخطايا، أي أنّها تقدمة أخرى لله لا تَتعلق بالتجاوزات المباشرة ليَهوَه أو ارتكاب سلوك سيء… الخطايا.
ترجمة هذه التقدمة في العبرية، هي "زيفه شلاميم"، أو في كثير من الأحيان تُختصر ب "زيفه". لا يُترجم كل العلماء هذه الكلمات لتعني تقدِمة السلام. بعض الكتب المقدّسة تُترجمها على أنها "تقدمة الرفاهية"، أو "تقدمة الشِرْكة" وهناك تفسير آخر أكثر حداثة هو "تقدمة التحيّة المقدسة"، لمَ هناك مشكلة في ترجمة هذه العبارة البسيطة "زيفه شلاميم"؟ حسنًا، الكلمة الجذرية لـ "شيلاميم" وتذكروا أنّ العبرية لغة تستخِدم كلمة جذرية ثم تنشأ منها التفرعات….. الكلمة الجذرية مماثلة للتحيّة العبرية المألوفة، شالوم. وعلى الرغم من أن معظم الأمميين لا يدركون ذلك، إلا أن شالوم لها معنى أوسع وأعمق من "مرحبًا" أو "كيف حالك". شالوم تحمِل في طياتها فكرة التحية الكريمة، فكرة أن تكون في سلام، فكرة أن تكون بخير ورفقة أخوية…كلّها في نفس الوقت. إذًا الترجمات لـ "زيفه شلاميم" كلّها صحيحة….. ولكن ليس أيٌ منها كافٍ تمامًا لتغطية اسم ومعنى هذه التقدمة. إذًا، هي "تحية، هدية، شركة، رفقة، عافية، تقدمة سلام ليَهوَه.
لاحظوا مرة أخرى أنّ هذه التضحية لا تتعلق بالتعامل مع خطيئة أو أخرى ارتكبها العابد. بهدف التبسيط، أختار أن أُسمّي هذه التقدِمة بالذات "ذبيحة السلام".
تُمثّل تقدمة السلام هذه في سِفْر اللاويين الإصحاح ثلاثة فئة جديدة من الأضاحي: تقدمة زيفه. وهي فئة أدنى من ذبيحة "عُلى أو المينشا"، ويَظهر الاختلاف لأنّه كان يُسمح للكهنة فقط باستخدام أي جزء من عُلى أو امينشا أو الاستفادة منه. في "عُلى"، كان بإمكان الكهنة الاحتفاظ بجِلد الحيوان؛ أمّا في "المينشا"، كان بإمكان الكهنة الاحتفاظ بالجزء الأكبر من تقدمة الحبوب كطعام شخصي لهم؛ في الواقع كان مطلوبًا منهم أن يأكلوا هذا الطعام داخل فناء خيمة الاجتماع، لأنه كان يُعتبر وجبة مقدّسة.
كانت "زيفه" (ذبيحة السلام) صِنف يُعتبر أيضًا وجبة مقدسة؛ ولكن هذه الوجبة المُقدسة يمكن مشاركتها مع العابد……غير الكاهن. لذلك بما أنه بإمكان الشخص العادي المشاركة في هذه الوجبة، كانت تُعتبر أقل قداسة من الذبيحة الأولى والتقدمة الثانية.
هناك العديد من أوجه التشابه بين زيفه (ذبيحة السلام) والذبيحة المحروقة. على سبيل المثال، إنّ ممارسة وضْع اليدين (السيميخا كما تُسمى بالعبرية) على الذبيحة المعينة مطلوبة في كلتا الحالتين. تذكروا أن السيميخا فيها نوع من الانتقال الرمزي للذنب من العابد إلى الحيوان؛ كما أنّ السيميخا تُشير أيضًا إلى أنّ هذا الحيوان قد تم تعيينه من قبل العابد كذبيحة له وأصبح مُلكًا لله. وعلاوةً على ذلك، وكما هو الحال في ذبيحة "عُلى"، فإن ذبيحة السلام "زيفه شلاميم" تَشمل الحيوانات فقط (وليس النباتات) وهذه الحيوانات التي تُقدم تُحرق على مذبح النحاس.
ومع ذلك، هناك أيضًا اختلافات بين ذبيحة السلام وذبيحة عُلى، حيث يتمّ حرْق أجزاء مُعيّنة فقط من الحيوان في ذبيحة السلام. بالنسبة لأنواع الحيوانات التي يُمكن التضحية بها في ذبيحة الزيفه، لا يمكن أن تَشمل الطيور التي يمكن التضحية بها في ذبيحة عُلى. وعلاوةً على ذلك، وكما سنرى في الإصحاحات اللاحقة، فإنّ أعلى مستوى من الكمال في الأضحية لا يكون في بعض أنواع الزيفه، ولا أن يكون من النوع الرديء أبدًا. وبالطبع، مُفتاح ذبيحة السلام هو أن العابد…غير الكاهن…يمكنه أن يُشارك في اللحم الذي يوضع جانبًا ولا يُحرق على المذبح. الفرق الرئيسي الآخر هو أنه يمكن استخدام إناث الحيوانات في ذبيحة السلام، وكذلك ذكور الحيوانات.
أما بالنسبة لذبيحة السلام "زيفه"، فيَجوز استخدام البقر والغنم والماعز. بعد ذبحِها، فإنّ شحْم الحيوان الذي يُحيط بالكبد والكليتين والأحشاء هو الذي يُحرق على المذبح. يُسمّى هذا النوع الخاص من شحم الأضاحي بالعبرية هليف……وهذا النوع من شحْم الحيوان لا يجوز لبني إسرائيل أن يأكلوه أو يستخدموا الدم من الحيوان. يحتوي جِسم الحيوان على نوع آخر ومختلف من الشحوم؛ وهو عبارة عن طبَقة من الشحم تقع تحت جِلد الحيوان مباشرة، أو تلتصق في أماكن أخرى من لحم الحيوان. لا يجوز استخدام هذا النوع من الدهون في الذبيحة.
هنا في الآية خمسة نواجه "المشكلة" التي قضيتُ الدقائق القليلة الأولى من درسنا في مناقشتها….. تلك التي تؤذي أحاسيسنا وتَعبث بعقولنا قليلاً. لقد قيل لنا أنّ ذبيحة السلام (زيفه) "تَتحول إلى دخان"، وهي "رائحة تُرضي يَهوَه". لا أريد أن أطيل الحديث عن هذه النقطة، ولكن لاحظوا أنّ الغرض الواضح من إحراق اللحم هو أن يُنتج دخانًا، والدخان يحمِل معه رائحة يُقصد بها إرضاء الله.
قيل لنا بعد ذلك أنه إذا قُدِّمَ خروف كذبيحة سلامة، فبالإضافة إلى الشحم الذي يُحيط بتلك الأعضاء الداخلية المحددة، يجب استخدام الشحم المُستخرج من ذيل الخروف. وهذا لا يَشمل الذيل من كل نوع من الخراف، فقد كان هناك نوع مُفضّل من الخراف لدى العبريين (وكذلك ثقافات الشرق الأوسط الأخرى في تلك الحقبة) وكان يُسمّى "الخروف سمين الذيل" بسبب شحم الذيل.
في الآية اثني عشرة ذُكر الماعز على أنه ذبيحة سلام مقبولة. هذا يُفاجِئ بعض الناس لأنهم يعتقدون أنه في العهد الجديد عندما يَتحدث المسيح العائد عن فصل الماعز عن الخراف، فإن الماعز يجب أن يُعتبر، بطريقة أو بأخرى، في كل الظروف، شيئاً يَرمز إلى النجاسة أو الشرّ. في الواقع كانت الماعز حيوانات تُمثّل قرابين رئيسية لأنها كانت عمومًا أكثر إنتاجًا من الخراف. كانت ذبائح مقبولة تمامًا ليَهوَه. ومع ذلك، فقد كانت تَحتلّ مكانة أقل قليلاً من الخراف، وفي بعض الأحيان (كما في فَصْل الماعز عن الخراف) كانت تُعتبر سلبية. مثل الخميرة، في الطعام، والتي يمكن أن تكون إيجابية وسلبية على حدٍ سواء بحسب استخدامها، يمكن أيضًا اعتبار الماعز وجهين لعُملة واحدة.
والآن تُعطينا الآية السابعة عشرة بعض المعلومات المهمة. أولاً، تُخبرنا أن هذا قانون يتعلّق بـالهليف، النَوع المقبول من الذبائح الحيوانية المسموح بها، ويَتعلق أيضًا بدم الحيوان. وثانيًا، يرِد قانون التقادم على هذه الشريعة…أي إلى متى ستظلّ هذه الشريعة سارية المفعول. إنه يَنصّ بشكلٍ لا لبْس فيه على أنه ساري المفعول إلى الأبد. وثالثًا، يَشرح أين يسري هذا القانون. في الأساس، "أين" تعني في أي مكان يقيم فيه اليهودي (هذا يشمل بالطبع خيمة الاجتماع). وبعبارة أخرى، حتى الآن في سِفْر اللاويين، كانت التعليمات الواردة تَتعلق بما يحدُث في خيمة الاجتماع فقط. أمّا الجانب المتعلّق بأكل الشحم والدم يمتدّ إلى كل مكان يستقرّ فيه العبريون….. أينما كانوا، هذه الشريعة سارية المفعول.
إذًا ما هو الغرض من ذبيحة السلام (بخلاف، بالطبع، انبعاث الدخان المعطر المهم للغاية)؟ سِفْر اللاويين سبعة، الذي سنتطرّق إليه بعد بضعة أسابيع، يُعطينا ثلاثة أسباب لتقديم ذبيحة السلام أمام الرَب: واحد) ذبيحة اعتراف)، اثنان) ذبيحة إرادة حرّة)، ثلاثة) ذبيحة نِذر). ما نراه هو أنّ ذبيحة السلام كانت ذبيحة تُستخدم في مناسبات خاصة؛ لم تكن ذبيحة يومية مُنتظمة مثل ذبيحة "عُلى" و"مينشا". كانت ذبيحة السلام حسب تقدير العابد. حسنًا، لقد ناقشنا سابقًا أنّ الزيفه هي تحيّة للرب، وهي هديّة سلام، وهي طلب العافية من الله تعالى. وهي أيضًا طلَب للشرْكة مع الآب، وهنا ترتبط بذبيحة "عُلى" و"مينشا". أي أنّ المقصود من هذه التقدمات الثلاث الأولى كلها هو الحفاظ على علاقة سلمية مع الله، وإظهار الطاعة والولاء له، ونيل القبول الشخصي منه تعالى. كما أنها توضح أيضًا أنّ العابد يُدرك أن هذا القبول الشخصي من الله هو الذي يمنح العابد شالوم؛ السلام والرفاهية.
اسمحوا لي أن أضع هذه النِقطة في نصابها الصحيح، وهي نِقطة من السهل جدًا أن نغفل عنها: كل هذه الذبائح وكل هذه الطقوس وكل هذه الشرائع هي فقط للمفدييّن. لم تجلِب أي من هذه الذبائح والطقوس واتباع الناموس الفداء. بل إنّ الله افتدى إسرائيل أولاً، ثم أعطى شعبها النواميس والطقوس اللازمة لهؤلاء المفديين لإصلاح علاقتهم مع الله والحفاظ عليها. لم يكن الأمر مختلفًا بالنسبة لشعب التوراة عما هو عليه بالنسبة للمؤمنين اليوم. فكما أنّ رعية موسى لم تقدّم ذبائح للحصول على الفداء، بل كان ذلك هبة مجانية من الله، كذلك الحال معنا نحن، إذ يُعطينا الله الفداء كهدية مجانية (بواسطة المسيح) ثم يَشرح لنا كيف نحافظ على علاقة صحيحة معه ونحافظ عليها.
كنتُ في كنيسة في كاسيلبيري فلوريدا منذ فترة في مناسبة خاصة، وفي عشاء أقامته الكنيسة. كنت أزور صبيًا صغيرًا، عمره حوالى عشر سنوات، ودُعي ليصلّي صلاة الشكر للمجموعة كلها. كانت صلاته قصيرة وعميقة. بعد أن شَكَر الله على وجبَتنا، قال: "يا رب اجعلني مطيعًا حتى أعيش حياة طيّبة". هذا على الأرجح أفضل تلخيص لمعنى ذبيحة السلام يمكن أن يقدمه أي شخص على الإطلاق.
والآن، دعونا نلقي نظرة على المناسبات الثلاث لتقديم ذبيحة السلام "زيفه". المناسبة الأولى، "ذبيحة الاعتراف"، كانت تُستخدم عندما يَطلب العابد من الله الخلاص من أعدائه أو الشفاء من المرض. بما أنّ بعض الخطايا المجهولة كانت تُعتبر في الغالب سببًا لظلم العدو أو المرض، كان من المنطقي أن يكون الاعتراف بالخطيئة ضروريًا إذا كان يُعتقد أنّ هذا سبب محنته. وغنيٌ عن القول الآن أنّ هذه الخطايا كانت ستكون من النوع غير المُتعمد، لأنها كانت غير معروفة من قِبل العابد. ولكن في الواقع قُدّمت الذبيحة ليطلب العابد من الله أن يرحم ظروف العابد الخاطئة لا أن يرحمه بعد ارتكاب أعمال السوء. لقد تم التعامل مع أعمال سوء السلوك عن طريق أنواع أخرى من الذبائح التي لم ندرسها بعد. للحصول على مثال على الاستخدام العملي لذبيحة السلام (زيفه) في حياة بني إسرائيل، افتحوا كتابكم المقدس إلى سِفْر القضاة الإصحاح عشرين من الآية أربعة وعشرين إلى ثمانية وعشرين. ثم سننظر أيضًا في قضاة الإصحاح واحد وعشرين الآية واحد إلى أربعة.
قراءة سِفْر القضاة عشرين من الآية أربعة وعشرين إلى ثمانية وعشرين والإصحاح واحد وعشرين الآية واحد إلى أربعة
في هاتين الحالتين كان بنو إسرائيل في حيرة مما كان يحدُث لهم، فقدموا أولاً ذبيحة العُلّى، التي تهدُف إلى كسب اهتمام الله ورضاه؛ ثم ذبيحة السلام، كتقدمة اعتراف...اعتراف بحالتهم الخاطئة وعدم استحقاقهم.
دعونا نُعاين الآن نوعًا ثانيًا ومختلفًا من أنواع ذبيحة السلام يُسمى "تقدمة النِذر". لقد كان من المُعتاد في تلك الحقبة أن تنذروا نذرًا لله وإن ساعدَكم في حلّ مشكلة ما، أو أظهر لكم رحمته لحاجة خاصة، فتَتعهدون بأن تفعلوا شيئًا لله في المقابل. عندما يتمّ الوفاء بهذا التعهد، هذا النذر لله، يتم تتويج ذلك بمراسم تتضمّن ذبيحة سلام.
يَتجلّى جوهر هذا النوع من "الزيفه"، "تقدمة النذر" هذه، بشكل جيّد في قصة هروب يعقوب من أخيه عيسو بعد أن خدعه وحصَل على حق البكر من أبيهما إسحاق، وكان هذا الحق، حسب التقاليد، لعيسو. سنراجع أولاً سِفْر التكوين الإصحاح ثمانية وعشرين الآية ستة عشرة إلى اثنين وعشرين، ثم تكوين الإصحاح خمسة وثلاثين الآية واحد إلى أربعة وثلاثة عشرة إلى خمسة عشرة.
قراءة سِفْر التكوين الإصحاح خمسة وثلاثين الآية واحد إلى أربعة وثلاثة عشرة إلى خمسة عشرة.
إذا كنتم تتذكرون بداية درسنا اليوم، فقد شرحتُ لكم أنّ الله قد وضَع مبادئه منذ زمن بعيد في إطار الممارسة العملية….. قبل موسى والناموس...لكنها تدهورت وأُفسدت بدرجات مُتفاوتة من قبل مئات ومئات الثقافات. نرى هنا يعقوب، قبل حوالى خمسة آلاف سنة من أن يُعطى الناموس لموسى، وهو يُقدّم ذبيحة من نوع زيفه...أي أنّ كل عناصر ذبيحة السلام موجودة.
الحَجَر القائم الذي أقامه يعقوب اسمه بالعبرية "المصطبة " ويشير إلى عمود يُستخدم كعلامة أو نوع بدائي جدًا من المذابح. بما أن يعقوب يَستخدمه كمكان لتقديم القرابين ليَهوَه، فمن الواضح أنه كان مذبحًا أكثر من كونه علامة حدودية.
ونُلاحظ قصة النذر الذي نذرَه يعقوب (إن ساعدتني فأنت إلهي)، وكيف وَفاه بعد سنوات عديدة بنذره بجعل يَهوَه إلهه، وإقامة المِصطبة وتقديم الزيت لله "تقدمة النذر". إنّ تقدمة النذر المنصوص عليها بهذا التفصيل لموسى في سِفْر اللاويين ثلاثة، قد وردت بعد خمسة قرون من حادثة يعقوب هذه التي نجدُها في سِفْر التكوين، وبالرغم من أنّ مبادئ وجوهر تقدمة النذر هي نفسها، إلا أن الله قد صَقلها وحدّدها أكثر منذ زمن يعقوب عندما قام يعقوب بما كان متعارفًا عليه في المنطقة في عصره. عندما نَصَب يعقوب الحجر القائم، ونذَر نذرًا، وقدّم ذبيحة من الزيت، لم يكن يرتجل شيئًا جديدًا؛ لم يكن يَخترع شيئًا جديدًا…ما فعله كان مألوفًا ونموذجيًا في عصره ليس فقط بين العبريين، بل بين معظم شعوب الشرق الأوسط.
النّوع الثالث من ذبيحة السلام يسمى غالبًا "ذبيحة الإرادة الحرة". كانت ذبيحة مختلفةً تمامًا عن "النذر والاعتراف" في فئة ذبائح السلام ففي ذبيحة الإرادة الحرة لم يكن العابد يَطلب شيئًا من الله، بل كانت مجرد تعبيرًا عفويًا عن الامتنان ليَهوَه، ومناسبة مُبهِجة للغاية.
كانت الأنواع الثلاثة من ذبائح السلام (زيفه) تُختتم بوجبة مقدسة، وعادةً ما كان يَشترك فيها العابد والكهنة. كانت الأنواع الثلاثة من ذبائح السلام، بشكل عام، ذات طابع بهيج، على الرغم من أنّ ذبيحة التقدمة المجّانية كانت الأكثر بهجة.
الآن، لئلا نَعتقد أنّ استخدام العبرانيين للتعبيرات الثقافية الدينية الشائعة، حتى تلك التي تُشبه الطقوس الوثنية في تلك الفترة، كان يعني أنّ الإسرائيليين عندما كانوا يَستمتعون بوجبتهم المقدسة في حضور الله، كان الله أيضًا يأكل الطعام،؛ ما علينا إلاّ أن نقرأ المزمور خمسين الآية اثنا عشرة وثلاثة عشرة. يَرِد فيه: (الله يتكلم) "لَوْ كُنْتُ جَائِعًا لَمَا قُلْتُ لَكُمْ، لأَنَّ الْعَالَمَ وَكُلَّ مَا فِيهِ لِي. آكل لحم الثيران أو أشرَب دم الماعز؟".
ما يَجِب أن نَستخلصه من هذا المزمور هو واحد) تَظهر العقلية الوثنية للعبريين حتى في عصر داود (بعد موسى بـثلاثمئة سنة) اعتقادهم في بعض الأحيان أنّ يَهوَه يأكل الطعام (وإلا لما وبَّخ الله العبريين على ذلك). كانوا لا يزالون يَتصوّرونه حسب الطريقة الثقافية التي كان جميع سكان الشرق الأوسط يتصورون جميع آلهتهم…… كنوع من البشر الخارقين الذين يَتمتّعون بجميع أنواع الصفات والاحتياجات الجسدية الشبيهة بالبشر. واثنان)، كان الله يوضح تمامًا أنّ ليس له احتياجات شبيهة باحتياجات البشر، وأنه لا يأكل ولا يشرب. لذلك فإن المعنى النهائي لتعليماته، كما هو الحال هنا في سِفْر اللاويين، حيث يَتحدّث عن أنّ الدخان هو عطر جميل لحاسّة الشم عند الله، ليس جسديًا، بل روحيًا. ليس لله أنْف ولا "يشُم" الدخان بالطريقة التي نُفكّر بها نحن البشر. في مئات المرات، حيث يرِد في الكتاب المقدس أنّ الله يبكي، أو يصرخ، أو يلوح بالسيف، أو يركض وراء شخصٍ ما، وما إلى ذلك، تكون معاني الأمور مجازية. ومع ذلك، إذا كان يَهوَه سيَتواصل مع البشر، فسيتعيّن عليه دائمًا أن يُخفف من حدّة الأمر ويَستخدم مصطلحات يمكن للإنسان أن يتعرّف عليها ويفهمها.
سأضيف شيئًا واحدًا وأختتم: لن نجد مصطلح "ذبيحة السلام" أو "زيفه" في العهد الجديد؛ أولاً لأن المخطوطات الوحيدة التي نملكها مكتوبة باليونانية وليس بالعبرية. "زيفه" مفهوم عبري، ولا توجد كلمة يونانية معادلة له. ومع ذلك لدينا إشارات واضحة إلى أشكال مختلفة من ذبائح زيفه. عادةً ما يتم تجميع كل المصطلحات الخاصة بأنواع الذبائح المختلفة التي نحن بصدد التعرف عليها في كلمة واحدة شاملة……الذبائح أو التقدمات.
ولكن لا تزال أنواع الذبائِح المُختلفة قابِلة للتمييز في العهد الجديد بفضْل المناسبات والإجراءات. على سبيل المثال، في سِفْر أعمال الرُسل عندما دفَع بولس "ثمن" التقدمات عن الرجال الأربعة الذين نذروا نذر الناذري، ما دُفع ثمنه هو الذبائح اللازمة لأداء "تقدمة النذر" التي هي نوع من أنواع ذبيحة السلام. عندما تنتهون من دراسة سِفْر اللاويين، وعندما تقرأون العهد الجديد، ستَجدون أنفسكم تَتعرفون على أنواع مختلفة من التقدِمات التي يتمّ التضحية بها.