21st of Kislev, 5785 | כ״א בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » الخروج » الدرس الخامس والعشرين – الإصحاح خمسة وعشرين
الدرس الخامس والعشرين – الإصحاح خمسة وعشرين

الدرس الخامس والعشرين – الإصحاح خمسة وعشرين

Download Transcript


خروج

الدرس الخامس والعشرينالإصحاح خمسة وعشرين

انتًهينا في الأسبوع الماضي من مُناقشة العِلاقة بين رُموز أَسْباط بني إسرائيل، وكّيْفَ تمّ ترتيب هذه الأَسْباط في أقسام وَوضْعُها في ترتيب دقيق يُحيط بخَيْمَة الإجتماع، مع المَخلوقات الرّوحية الغريِبة التي يُسَمّيها الكتاب المُقدّس أحياناً بالكائِنات الحَيّة التي تُحيط بِعرش الله السّماوي؛ ورأينا أن أَسْباط إسرائيل الإثّنَي عشر قد وجّهَهُم الله إلى أن يَتِمّ تنْظيمهم في أربع أقسام، كل منها ثلاث أَسْباط، وتم تَعيين أحَد الأَسْباط في كل قُسْم كزَعيم لذلك القُسم. بالإضافة الى ذلك، كان من المُقَرّر أن تَحْتل الأقسام الأربعة مِنطقة مُعيّنة خارج خَيْمَة الإجتماع كما هو مُحَدّد بِنقاط على البوصَلة: الشّرق والغرب والشمال والجنوب.

كانت رُموز قادة القبائل الأربعة هي أسَد وفَحْل (أو ثور) ونِسر وإنسان.

عندما تفحّصْنا حزقيال وسِفْر الرّؤيا، ويا لِلْعَجَب، قيل لنا أن هذه الكائنات الحَيّة التي كانت تَحرُس عَرْش يَهوَة السّماوي وتذهَب مع الله أيْنَما ذَهَب، كان لها أرْبعة وجوه: أسد وثَور ونِسر وإنسان.

لذلك نرى أن السّبب الذي من أجْله كان على بني إسرائيل أن يُخيّموا بالطريقة التي كانوا يُخيّمون بها جَنْباً الى جنْب مع خَيْمَة الإجتماع هو أن يَتْبَعوا النّمَط الأبَدي لغُرفة العرْش السّماوية.

وهذا مِثال رائع على حقيقة الإزْدِواجية، حيث أن كلّ مبدأ روحي له نَظير مادّي أرْضي…. والعَكْس صَحيح.

دعونا نقرأ الإصحاح الخامس والعشرين من سِفْر الخُروج ونرى تَعليمات البِداية بِبِناء خَيْمَة الإجتماع: مَسْكَن الله الأرضي.

اقرأ الإصحاح الخامس والعشرين من سِفْر الخروج

لاحِظ شيئاً مُثيراً للإهتمام: قبل أن يَتِمّ إعطاء مُخَطّط خَيْمَة الإجتماع، نَحْصل أولاً على تفاصيل بِناء العديد من قِطع الأثاث المُقدّس وأدوات القرابين. لذا فإن التعليمات المتعلّقة بِبِناء خَيْمَة الإجتماع تبدأ، في جَوْهَرها، من الداخل وتشقّ طريقَها إلى الخارج. تبدأ تَعْليمات يَهوَة من الأقدَس (التابوت)، ثم تَنْتَقِل بعد ذلك إلى المُقدّس (الشّمعدان ومائدة الخُبز ومَذْبَح البخور) وأخيراً تَنْتَقِل من الحَرَم إلى مِنطقة البشَر، أي الفناء، حيث يَقع مَذْبَح الأضاحي. سَنَسْتعرِض كل هذا بالتفصيل.

في عدد واحد، يقول الله لموسى أنه يُريد من موسى أن يَجْمع المَواد اللاّزمة لخَيْمَة الإجتماع من شَعب إسرائيل ولكن فقط من أولئك الّذين هم على اسْتِعداد للتبرّع دون إكراه. يجب أن يكون ذلك تَقْدِمة ومُساهَمة. لا يجب إعطاء أي شيء لأي سَبَب آخر غير أن الشّخص يريد أن يُعطيه. لاحِظوا أنه لا توجد عقوبة ولا يوجد أي ضَغْط أو ذَنْب على شعب إسرائيل لكي يعطوا. لا يوجد خِطاب كبير لِموسى أو يَهوَة تُرِك لنا كنَموذج لبِدء صُندوق البِناء. يَتِمّ ذِكر الحاجَة، ثم يكون العطاء إما من قلوب الشعب أو لا يكون على الإطلاق. إلا أن خَيْمَة الإجتماع هي لِصالح مُجْتَمَع إسرائيل كُلّه، لذا فَمِن المَعقول أن يُساهم الجميع الى مُستوى مُعيّن أو آخر.

في التّفكير العِبري هناك أكثر من نَوْع واحد من التّقْدِمَة؛ هذا النَوْع الخاص من التّقْدِمَة يُسَمّى تيروما، ويُترجَم أحْياناً رفيعة. معْناها أنها مُساهمة، أي أن المُتَبرّع يُساهم في حاجة ما أو في قَضيّة مُشتركة. هذا المُصْطَلَح الذي يبدو غريباً، "رفيعة"، هو في الواقع وَصْف للطّريقة التي قُدِّمَت بها التّقْدِمَة إلى الله. حسب التقاليد الطّقسية، كان الكاهن يَرْفَع التّقْدِمَة فِعليّاً فوق كَتفه ويُحَرّكها كما لو كان المَرْء "يرفع" كيساً من الحُبوب من الأسفل. هذا النَوْع من الأضْحية، هذه التيروما، لم تَكُنْ ذبيحة في حدّ ذاتها، لأن الذبائح لم تَكُنْ فقط أفعالاً مَطْلوبة من أجل إصْلاح بعض إنْتِهاكات الناموس أو إتمام نَوْع من الإحْتفال أو طُقوس العُهود، بل كانت مُعظم الذبائح (وإن لم تَكُنْ كُلّها) تُحرَق.

كانت التّقدمات تتطلّب تقديم حيوان أو حُبوب أو خَمر أو نُقود، وفقاً لمِقدار مُعيّن من التقدّمات مَنْصوص عليه قانوناً ونَوْع مُعيّن منها. كان للتيروما عُنْصُر الإرادة الحرّة.

يُمْكِنني بِسُهولة أن أُحَوِّل هذا إلى دَرْس عن عَطاؤنا أو العُشر……ولكن أعْتقد أنني سأقاوم وأترُك قساوِسَتكم، الّذين هم أفضل تدريباً على مِثل هذه الأمور، للتّعامل مع ذلك. بدلاً من ذلك، سأقول: أعتقد أننا بِحاجة إلى أن نَتَذكر أن كل مُحاولات السُّلطات الكنسِيّة لتَوصيف عَطائنا وعُشورنا كنَوْع من نسخة العَهْد الجديد من نِظام القُربان في العَهْد القديم، هي بِبَساطة مُضَلِّلة وغير مَدْعومَة على الإطلاق في الكتاب المُقدّس. الذبيحة هي ذبيحة والتّقْدِمَة هي تقدِمة؛ إنهما مُختلفان تماماً في الغرَض والطبيعة، وقد اسْتوفى يسوع بالفِعل كل مُتَطلّبات نظام الذبائح في التوْراة، بِمرّة واحدة، لذلك لا يُمْكِن تصنيف عَطاءنا أو عُشورنا على أنها ذبيحة، بل ان المبدأ الإلهي المتعلّق بِعَطائنا مُحَدّد لنا هنا في الآية الأولى من سِفْر الخروج الخامس والعشرين: إنه يعادل الرّفيعة الإراديّة…..التيروما. فإمّا أن نُعطي من أجل قضيّة مُشتركة بقلب فرِح وبِحُرّية، امْتناناً لِما فَعَلَه يَهوَة من أجلنا (لأننا نُدرك الحاجة وواجِبنا في المُساهمة) أو لا نفعل ذلك على الإطلاق. لكن هذا النَوْع من العطاء الذي تقوم به الكنيسة ليس في مَجال التّضحِيَة على الإطلاق…… إنه امْتياز وواجِب وفِعل ضَمير.

قبل أن نقرأ عن بِناء ومُخَطّط خَيْمَة الإجتماع ، الذي يُمْكِن أن يكون مُمِلاً بعض الشيء باعْتراف الجميع، أودّ أن أعْرض عليكم فيديو مدّته نُصف ساعة، يوضِح بِشَكْل أفضل تَصميم خَيْمَة الإجتماع والمواد المُستَخدمة وأدواتها وأثاثها وأين وُضعت. أعتقد أنه بِمُجرّد أن تكون هذه الصورة في ذِهنك، سيَكون الأمْر أكثر قابِليّة للفهْم عندما نقرأ عنه.

تشغيل فيديو: "خَيْمَة الإجتماع"

من إنتاج " إنْتِرْتينْمانت فور إيتيرْنيتي" (التّرفيه الى الأبد)

www.visionvideo.com

بعد عرض الفيديو

تكملة الإصحاح الخامس والعشرين

آمِل أن يكون الفيديو الذي شاهدُتموه قد وَضع بعض أجزاء خَيْمَة الإجتماع في مَكانها الصّحيح. اليوم، سنُلقي نظرة على تلك القِطَع الفرْدية من الأثاث التي هي أكثر بكثير من مُجَرّد زَخْرفة.

أرجو أن تُلاحظوا ونحن نُتابع أن مواد البِناء المُسْتَخدَمة في خَيْمَة الإجتماع تَنْقَسِم إلى سَبْع فئات: المعادن والخيوط المَصبوغة والأقمِشة والأخشاب والزيت والتوابل والأحْجار الكريمة؛ وكما لاحَظ ناحوم سارنا (عالِم التوْراة الرائع)، هناك مِيزة مثيرة للإهتمام للغاية بشأن بعض الأقمشة التي سَتُستخدم لأن هذه الأقمشة تتكوّن في بعض الأحيان من خليط من الصّوف والكِتّان. قد لا يعني ذلك الكثير بالنِسبة لك الآن، لكنّه سيعني الكثير عندما نَدْرُس سِفْر اللّاويين والسّبب هو أن مثل هذا الخليط من الأقمشة عادةً ما يكون مَحْظوراً؛ في العِبرية يُسَمّى هذا النَوْع من المزْج بين نَوْعين من المواد لصُنع قِطْعة قُماش "شعتنيز". فالملابس، على سبيل المثال، لا تُصْنَع عادةً من مواد من هذا النَوْع من الألياف المُختلطة، مع ذلك سَنَجد أن الحِجاب الذي يَفصُل قدْس الأقداس عن بقيّة الحَرَم والسِّتارة عند الدخول إلى حَرَم الخَيْمَة وحتى أجزاء من ملابس رئيس الكهنة الطّقسية يجب أن تكون كُلّها مَصنَوْعة من نفس هذا الخليط (هذا الشعتنيز) الذي يُمنَع صِنعه.

ما نتعلّمه من ذلك هو أن بعض الأشياء محفوظة للأكثر قداسة، كما حدّدها يَهوَة، واستخدامها خارج هذا السّياق غير مَسموح به. لذلك لا يوجد شيء غير مقدّس أو نَجِس بِطبيعته في الأقمشة المُختلطة، وهذا يعني أن نَسج الكِتّان والصوف معاً لا يخلق نَوْعاً من التفاعل السِّحري بِحيْث يصبح النسيج الناتج شيئاً مُختلفاً أو مُنحرفاً تماماً. هذا الفِهم هو مفتاح الفِهم الصحيح للمبادئ الكامنة وراء كل شيء بِدءاً من الأطْعمة الكوشر مقابل الأطعمة النّجِسة إلى تحديد الحيوانات الطاهرة مقابل الحيوانات النَجِسة؛ لأنه من الخطأ الإعتقاد بأن أي طعام أو حيوان له نَوْع من القداسة الفطرية والمنْهجية بَيْنما طعام أو حيوان آخر له نَوْع من النجاسة الفطريّة والتّصنيفيّة فيه، بل إن الأمر يتعلّق بِشَكْل عام بِتقرير الله السّيادي وقراراته الغامِضة حول ماهيّة وكّيْفَية الطقوس والعِبادة أمامه؛ الأمر بهذه البساطة.

قبل أن نبدأ في فحْص أثاث خَيْمَة الإجتماع، أريد أن أسلَّط الضَّوء على الآية التاسعة من الإصحاح الخامس والعشرين: "بِحَسَب جميع ما أنا أريك … من مثال المَسْكَن ومثال جميع آنِيَته، هكذا تَصْنعون"

كان هذا حديث يَهوَة إلى موسى خلال الأربعين يوماً التي قضاها على قِمّة جبل سيناء. لم يَكُن موسى في هذه المَرْحلة من الإصحاح الخامس والعشرين، قد نَزل بعد إلى الشعب. الآن سوف تتحدث العديد من النّسخ عن هذه الآية على أنها "إِصْنَعْهُ حسب النّمَط الذي أريك إياه"، وهذا بالتأكيد دقيق، ولكن، السؤال هو، بالطبع، ما هو النّمَط الذي يُريه الله لموسى؟ هل أخْرج يَهوَة مُخَطّطاً على لفيفة من ورَق البردي وأظهر لموسى التفاصيل الدقيقة للخَيْمَة الأرْضية؟ لا……إنَّ يَهوَة يقوم مع موسى بجَوْلة في مَسْكَن الله السّماوي.

تذكّر، خَيْمَة الإجتماع (بالعبرية، مشكان) هو مجرّد تعبير يعني مكان السكن. كان النّمَط الذي كان على موسى أن يَتْبعه لبِناء خَيْمَة الإجتماع هو مَسْكَن الله الروحي، خَيْمَة الله الرّوحية، غُرفة عَرْشه، مَسْكَنه (وكُلّها تشير إلى نفس الشيء) في السماء. كان من المُقَرّر أن تتحوّل رؤية موسى للخَيْمَة الرّوحية إلى نموذَج عَمَل، نسخة طبق الأصل، ولكن تمّ تطويرها في العالم المادي. الآن….. هل هذا مجرّد اسْتِعارة أو نظريّة لطيفة من جانِبي، أم أن هناك المزيد من الأدِلّة على أن السّماوي كان بالفعل هو النّموذج الذي يَجري الحديث عنه هنا؟

استمع إلى عبرانيين خمسة على ثمانية "الّذين يَخْدِمُونَ شِبْهَ السّماوياتِ وَظِلَّهَا، كَمَا أُوحِيَ إِلَى مُوسَى وَهُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَصْنَعَ الْمَسْكَن (خَيْمَة الإجتماع) لأَنَّهُ قَالَ: «انْظُرْ أَنْ تَصْنَعَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ الْمِثَالِ الَّذِي أُظْهِرَ لَكَ فِي الْجَبَلِ".

يقضي الإصحاحان ثمانية وتسعة من سِفْر العِبرانيين بعض الوقت في عَقْد مقارَنات بين السّماوي والدّنيوي، مُستخدِمين خَيْمَة الإجتماع ونِظام الذبائح لإثبات وِجهة نظرِهم؛ ولكن هذه الإصْحاحات نفسها تشير أيضاً إلى مبدأ يُمْكِن أن يَنْقَلب بِسُهولة أو يُمْكِن أن نتجاوَزه في أذهاننا، وهو: إن المادي هو، بِطبيعَته، أدنى من الرّوحاني، أي أن ما هو موجود في العالم الروحاني أسْمى بكثير في قُدراته ونَقائه مما هو ممكن في العالم المادي. على سبيل المثال، الخَيْمَة وكل خدماتها، فيما هي حقيقية مَفروضة من الله، ما هي إلا نُسَخ…..نُسَخ أدنى…..من الخَيْمَة السّماوية الأصْلية الحقيقية (التي، بالطبع، كانت موجودة قبل الخَيْمَة الأرضية ثم في نفس الوقت مَعها). سَيَسْتَخْدِم الكتاب المُقدّس مُصْطَلَحِلال" لمُقارنة الأرضي بالسّماوي…… كما كانت ظلاً للأشياء الآتية….عند وَصْف العديد من عناصِر خَيْمَة الإجتماع والنُبوءات والشريعة. إنها تُشير إلى حقيقة أنه بالمُقارنة مع الأصْل الروحي، فإن النسخة المادية بِبَساطة لا يُمْكِن أن تتطابق، لا يُمْكِن أن توفّر عُمق الواقع الذي يُمْكِن أن توفّره النسخة الحقيقية. يستطيع ليوناردو دافينشي أن يَرسم صورة أخاذة لجبل إيفرست ربما كما لم يَسْتطع غيره رسمَها أبداً، لكن لا يُمْكِن مقارنتها أبداً بجبل إيفرست الحقيقي…… اللوحة ليست سوى ظلّ للشيء الحقيقي. إن العالم المادي محدود للغاية، لأنه محكوم بقوانين الفيزياء وموجود داخل عالَم من المكان والزمان. يعمَل الروحي خارج تلك القيود والقوانين.

لذلك فإن كل عُنْصُر من عناصر خَيْمَة الإجتماع…… غُرَفها وموادّها وتصْميمها وأثاثها ونظام القرابين وكل شيء…… كان على غِرار الأصل السّماوي، وتطلّع إلى الوقت الذي، من خلال المسيح، سيكون البشر قادرين على اختبار الواقع الروحي غير المحدود لمعناه، بدلاً من النّسخ المادية المحدودة للغاية.

الآن دَعونا نلقي نظْرة على بعض الرّوابط والرّمزية الرائعة ذات الطبيعة العامة حول خَيْمَة الإجتماع. أولاً، لاحِظوا كّيْفَ تم تصْميمها بنفس الطريقة التي تم بها تصميم المنْطقة الجغرافية لجبل سيناء، أي أن الجبل وخَيْمَة الإجتماع كانا مقسّمين إلى ثلاث مناطق بِدَرجات مُتفاوتة من القداسة. كان الجبل مقدّساً….كُلّه. كان هناك سور حَجَري، علامة حُدودية عند قاعِدة الجبل، يَفصُل الجبل المُقدّس عن قاع الوادي في الأسفل، أي المِنطقة المُقدّسة عن المِنطقة التي يُمْكِن للشعب أن يتجمّع فيها. كان جبل سيناء بأكمَله يساوي الحَرَم المُقدّس في خَيْمَة الإجتماع وكان الحَرَم يتألّف من غُرفتين متّصلتين: المكان المُقدّس وقُدس الأقداس.

كانت قِمّة جبل سيناء هي المكان الذي يستقرّ فيه روح الله، هناك في السّحابة التي كانت تتّقد كنار مُسْتَعرة. كان يُسمح لشخص واحد فقط بالدخول إلى تلك المنطقة وفقط عندما يَسْتدعيه يَهوَة: موسى. كانت تلك القمّة تعادل قُدْس الأقداس، حيث كان رئيس الكَهنة فقط هو الذي يستطيع الدخول إليها….. لا أحد غَيْره…. ثم يوم واحد فقط في السنة، يوم مُحَدّد من قبل الله (يوم كيبور، يوم التكفير).

كان مُنْحدر الجبل يعادل المكان المُقدّس في حَرَم الخَيْمَة. كان مُنحدر جبل سيناء هو المكان الذي دعا الله فيه موسى والشيوخ السّبعين (ممثّلي الشعب)، بالإضافة إلى هارون وإبنَيْه، ليأتوا ويتناولوا وَليمة العَهْد، أمامه. كان عليهم أن يأتوا عبر الخط الفاصل الذي يَفصل المُقدّس عن كل ما عداه…. ذلك السور الحجَري الذي لم يَكُن باسْتطاعة الشعب حتى الآن أن يَعبره؛ ولكن، بِسبب الذبيحة على المَذْبَح، التي خَتمت العَهْد، ودم تلك الذبيحة الذي رُشَّ على الشعب وبالتالي كفَّر عن خطاياهم وغطّاها، سَمح الله الآن لهؤلاء الأربعة وسبعين شخصاً، الّذين يمثّلون كل بني إسرائيل (موسى وهارون ونداف وأبيهو والسبعون شيخاً) بالصُّعود إلى الجبل المُقدّس……ولكن ليس إلى القمّة وليس إلى قُدس الأقداس، بل إلى مُنحدَر الجبل، المكان المُقدّس، وهي منطقة أقل قداسة بقليل.

كان جانب قاع الوادي من حاجز السّياج الصخري هو المكان الذي يُمْكِن للشعب العبراني أن يتجمّع فيه؛ كانت منطقة البشرية، ولكن فقط للشعب المُختار، فقط للشعب المُفْتَدى؛ وهو أيضاً المكان الذي أمَر الله موسى أن يَبْني فيه مَذْبَحاً حَجَرياً كان من المُقَرّر أن تُقدَّم عليه القرابين لختم العَهْد الموسَوي. كانت منطقة أرض الوادي هذه تُعادل البلاط الخارجي لخَيْمَة الإجتماع حيث كان من المُقَرّر أن يُبنى مَذْبَح القرابين البْرونزي، وحيث كان شعب الله المُفتدى يأتي ليُقدّم ذبائحه.

لذلك نرى هذا "التماثُل" في النّمَط في كل مكان يًسْكن فيه الله: لقد كان مَسْكَنه السّماوي نموذجاً لكل مكان من أماكن سَكنه الأرضي، بدءاً من جنّة عدن، ثم جبل سيناء، ثم خَيْمَة الإجتماع، ثم الهيكل الذي حلّ محلّها.

اسْمحوا لي أن أسْتطرِد قليلاً لأريكم علاقة أخرى رائعة: قبل أربعمئة عاماً، أحْضر يَهوَة قبيلة إسرائيل الوليدة من كنعان إلى مصر من أجل النَجاة من المجاعة؛ وعاش بنو إسرائيل وتكاثروا هناك بِشَكْل كبير حتى صاروا أُمّة ضخمة. عندما كان يوسف، الإبن المفضّل ليعقوب، والياً على مصر ونقل يعقوب كل عشيرته إلى مصر بِدَعوة من يوسف ليبدأ من جديد، هل تذكُرون كم كان عدد الأشخاص الّذين كانوا يشكّلون عشيرة بني إسرائيل بأكملها؟ مع احْتساب يوسف وعائلته، بالضبط أربعة وسبعين….. وهو نفس عدد بني إسرائيل بالضبط الّذين دعاهم الله ليَصْعدوا إلى جبَله المُقدّس لتكريس بِداية جديدة أخرى لبني إسرائيل، وهذه المرّة كأمّة كاملة مُعدّة له. إعلَموا الآن: كان هناك بالتأكيد أكثر من أربعة وسبعين من بني إسرائيل الّذين سافروا من كنعان إلى مصر. لا نعرف بالضبط عدد الّذين جاؤوا. لكننا نعلم أنه قبل انْتِقال بني إسرائيل إلى مصر بفترة من الزمن كان هناك على الأقل حالة واحدة أُضيف فيها عدداً كبيراً من الناس إلى أمّة يعقوب عندما قاد أبِناء يعقوب في شكيم غارة انْتِقامية على سكّان تلك المدينة (انتقاماً من اغْتصاب ابن الملِك لدينا). قَتل هؤلاء الأبِناء جميع الذكور داخل شكيم وأخذوا جميع النساء والأطفال كعَبيد. وبما أن هذا كان مجرّد إجراء عَمَل اعتيادي في جميع ثقافات الشرق الأوسط في ذلك اليوم، فمن المُحتمل أن تكون قد وقعَت حوادث أخرى مُماثلة (ربما ليس على نِطاق واسع) تم فيها أسْر أفراد من أجل زيادة حًجْم الأمة الإسْرائيلية الناشِئة. كان بنو إسرائيل الأربعة وسبعين الّذين تحدّث عنهم موسى يُمثّلون الأُمّة الإسرائيلية التي دخلت مصر بأكملها، تماماً كما كان بنو إسرائيل الأربعة وسبعين الّذين دعاهم الله للصُّعود إلى جبَله يمثلون الأُمّة الإسرائيلية التي خرجَت من مصر.

أقام موسى إثني عشر عموداً قائماً، إثني عشر نٌصباً تِذكارياً، عند قاعدة جبل سيناء لتمثيل أَسْباط إسرائيل الإثّنَي عشر أمام الله؛ وبِناء على ذلك، أمَر الله أن تكون هناك مائدة في خَيْمَة الإجتماع وعليها إثني عشر رغيفاً من خُبز التّقْدِمَة في كل الأوقات، تمثّل أَسْباط إسرائيل الإثّنَي عشر أمامه داخل خَيْمَة الإجتماع. داخل الغُرفتين المُنْفصلتين للمزار، المكان المُقدّس وقُدس الأقداس، كانت جميع التّجهيزات مَصنَوْعة من الذهب، الذي يرمُز إلى القداسة والطّهارة. أما خارج الهيكل، في الساحة الخارجية، فكانت جميع التجهيزات مصنَوْعة من البرونز والمعادن الأقل قيمة.

والآن، دَعوني أذكر أمراً آخر: كما رأيَتِمّ من هذا الفيديو، وكما رأيَتِمّ وسَتَرون في الكتاب المُقدّس، لم تَكُنْ خَيْمَة الإجتماع تحتوي على صُوَر ليَهوَة، فدِيانة يَهوَة كانت ديانة خالية من الصور. لقد أوضحَت الوصية الثانية من الوصايا العَشر أن الله لم يَكُن يريد أن تُصنع أي صورة لِشَخصه. كانت ديانة العبرانيين هي الديانة الأولى، وعلى حدّ علمي، مع الديانة المُتَفرِّعة عنها، المسيحية، لا تزال الديانة الوحيدة التي يقول فيها إلهها أنه لا يجوز صُنع أي صورة له. نحن بحاجة إلى التفكير طويلاً في هذا الأمر وفي وَلَعنا بالصُوَر والرُموز.

سنتفحّص في الأسبوع القادم أول شيء أمَر الله بِصُنعه من تبرّعات الشعب، أي التيروما، وهو تابوت العَهْد.