خروج
الدرس العاشر – الإصْحاح إثنا عشر
إن هذا الإصْحاح من سِفْر الخروج كِتاباً قائماً بذاته. هنا يتم تأسيس عيد أو فريضة عيد الفُصْح (بيزاخ). في الواقع، هناك أيضاً عيدٌ آخر أمرَ الله به، وهو عيد الفطير. يتم وصْف التفاصيل المُهِمّة والتوقيت ومن يجوز له المشاركة ومن لا يجوز له المشاركة، وهذه التفاصيل غنيّة ومليئة بالمعاني الروحية التي سنُناقشها.
لكن يتَضَمَّن هذا الإصْحاح أيضاً تنفيذ حكم الله بأنه سيقتُل بِيَدِه كل أبْكار مصر……الناس والبهائم. ينتهي هذا الإصْحاح بِحَزم شَعْب إسرائيل أمْتِعَتهم ومُغادرتهم مصر بِسرعة، ومَرَّة أخرى يُعطينا بعض المعلومات المُهِمّة عن الذين ذهبوا وعَدَدهم وأين ذهبوا.
الآن، فقط من أجْل تنظيم أفكارنا لنَسْتوْعب الحقائق والمعاني المُهِمّة الواردة في هذا الإصْحاح الثاني عشر من سِفْر الخروج، من المُفيد أن نراه مرتباً في خمسة أجزاء:
الآيات من واحد الى أربعة عشرة هي توْجيهات الله لِموسى بشأن تفاصيل إقامة الفُصْح الأول. تتطلَّع الآيات من خمسة عشرة الى عشرين إلى المُستقبل، حيث أن هذه التفاصيل مُخَصّصة لاحتفالات عيد الفُصْح المُستقبلي.
أما الآيات من واحد وعشرين الى سبعة وعشرين فتتضمّنُ إبلاغَ موسى للشَعْب، أي لشيوخ إسرائيل في الواقع، بكل ما أوْصاه الله به.
تسجل الآية ثمانية وعشرين طاعة شَعْب إسرائيل لِموسى والله.
تصف الآيات من تسعة وعشرين إلى نهاية الإصْحاح رُعب تلك الليلة الرَّهيبة التي قُتل فيها آلاف مؤلَّفة من أبْكار المصريين، من البشَر والحيوانات، على يدْ يَهوَة من أجل بني إسرائيل، ثم تَنْتَقِل إلى وَصْف المراحل الأولى لخُروج بني إسرائيل من الأسْر في مصر.
إذاً، لِنبدأ.
اقرأ الإصْحاح إثني عشر كله
الآية الأولى لا تترُك لنا أي شَك عن أين ومتى بدأ عيد الفُصْح (بيزاخ). ولكن، يُمْكِن للآية الثانية أن تُسبّب لنا بعض الإرتباك إذا لم نَكُن حذِرين، لأنه يبدو أن الله يؤسّس السَّنة التقويمية اليهودية. أولئك الذين يعرِفون القليل عن التقويم اليهودي والأعياد السَّنويّة السبعة يعرِفون أن عيد الفُصْح هو عيد الربيع. يحدُث عيد الفُصْح في شهر أبيب اليهودي، كما كان يُسَمّى في البداية، ولكن يُشار إليه الآن بإسم نيسان. كانت أسماء أشهُر السَّنة الإثني عشر في الأصل عبرية… لكن اليهود أثناء نفْيِهم إلى بابل، بعد حوالي ثمانمئة سنة من الخروج، غيّروا أسماء الأشْهر من العبرية إلى الأسماء البابلية. تشبَّثت بعض طوائف اليهود بِعِناد بالأسماء العبرية الأصلية القديمة لكل شهر، لكن مُعظمهم يَقبلون الأسماء البابلية الأكثر شيوعاً.
إلا أن الآية العبرية مقابل البابلية ليست نقطة الإلتباس التي تُهِمُّني. من الواضح أن الله يُخبر بني إسرائيل في الآية الثانية أن شهر الفُصْح هذا، نيسان، هو الشهر الأول من السَّنة. لذا، قد يَعتقِد المرء أن اليوم الأول من الشهر الأول من السَّنة سيُعتَبَر عيد رأس السَّنة، وبِعبارة أخرى، كما نتبَع التقويم اليولياني اليوم حيث أن شهر كانون الثاني هو أول شهر في السَّنة، فإننا نَحتفِل في الأول من كانون الثاني بعيد رأس السَّنة…. وهو اليوم الذي يبدأ فيه عام جديد. لكن روش هاشانا، رأس السَّنة اليهودية، والذي يعني حرفياً "رأس السَّنة"، لا يَحدُث في اليوم الأول من شهر نيسان وهو الشهر الأول في التقويم اليهودي والشهر المشار إليه هنا في الآية الثانية. في الواقع، لا يَحدُث روش هاشانا حتى الخريف، بعد عِدَّة أشهر من عيد الفُصْح، في شهر "تِشري". إذًا، ما هو السبب؟
حسناً، لدى اليهود في الواقع عِدَّة أنواع من "السّنوات الجديدة". فكَما أن لدينا دورة تبدأ في واحد كانون الثاني/يناير وتنتهي في واحد وثلاثين كانون الأول/ديسمبر للإحتفال بالسَّنة التقويمية، إذا كان لديْك عمل تجاري، فلديْك أيضاً ما يُسَمّى بالسَّنة المالية، والتي يُمْكِن أن تبدأ في أي شهر تختارَه؛ وهذا له علاقة في المقام الأول بأغراض الضَّرائب والمُحاسبة. إذا كنتَ تذهب إلى المدرسة فأنت تعلم أن السَّنة الدراسية يُمْكِن أن تختلف من مؤسّسة إلى أخرى وأنها تقديرية إلى حدّ ما (ويتم تغييرها أحياناً)، وبالتأكيد لا ترتبط بالسَّنة المالية التجارية ولا بالسَّنة الجديدة من التقويم الذي مدَّته إثني عشر شهراً. إذا كنت مُزارعاً، فإن "سِنتك" تعتمِد أكثر على دوْرات الزراعة، وبما أن جميع الأعياد العبرية تتمَحْوَر حول الزراعة، فهي ليست بالضرورة متناغمة مع السَّنة الشَّمسية أو السَّنة التقويمية، بل هي أكثر ارْتباطاً بِدوْرة المواسم……وهناك أنواع أخرى من القياسات السَّنويّة يُمْكِنني اسْتخدامها كأمثلة.
إذاً، في التقويم اليهودي يُعتبَر شهر نيسان (كما هو مذكور هنا في الآية الثانية) شهراً لاحْتساب سنوات حِكم الملوك والملِكات، وهو الشهر الأول في التقويم الديني اليهودي. يبدأ شهر "إيِلول" (أغسطس) اليهودي دورة العُشر السَّنويّة فيما يَتَعَلَّق بعاشِرية الحيوانات، ويبدأ شهر "شفات" (فبراير) الدورة السَّنويّة لتحديد ثِمار محصول الشَّجر التي يُمْكِن أكلَها ودفْع عُشر ثمنها. يُستخدم اليوم الأول من شهر "تيشري"، الذي يُطلق عليه أيضاً إسم "روش هاشاناه"، رأس السَّنة اليهودية، لتحديد متى يتغيَّر رقم السَّنة؛ أي أنه في الساعة الثانية عشرة ودقيقة واحدة صباحاً، في اليوم الأول من شهر كانون الثاني/يناير، نَنتقِل من عام ألفين واثنين إلى عام ألفين وثلاثة، ثم في العام التالي من عام ألفين وثلاثة إلى عام ألفين وأربعة، وهكذا دوالَيْك…… وهكذا كل إثني عشر شهراً، في اليوم الأول من السَّنة الجديدة، يزْداد رقم السَّنة بواحد. سهْل بما فيه الكفاية. حسناً، لدى اليهود شهر مُحدّد يغيّرون فيه السنوات التقويمية، ولكنه ليس شهر نيسان الذي على الرغم من أنه الشهر الأول في التقويم اليهودي، بل هو مُنْتصَف السَّنة التقويمية إلى حدٍّ ما حيث يقوم اليهود بِتقديم رقم السَّنة بواحد، وهو أيضاً الشهر الذي يُضيفون فيه أياماً أو أسابيع إلى تقويمهم (من وقت لآخر) لأنهم يَسْتخدمون التقويم القمَري كأساس، لذا يَجِب إجراء تعديلات كل بضع سنوات للحفاظ على دقة تقويمهم وتماشياً مع السَّنة الشمسية الأكثر حداثة.
ليس من المُهِمّ تذكُّر كل ذلك بالتفصيل ولكن، من المُهِمّ أن نفهَم أن التقويم التَوْراتي ليس مثل تقويمنا الحالي الجميل والأنيق القائم على التقويم الشّمسي الذي يعتمد على ثلاثمئة وخمسة وستّين وربع يوماً. لذا، عندما نأتي إلى تحديد أيام الأعياد في الكِتاب المُقَدَّس أو تواريخ أحداث مُعَيَّنة أو عندما يتحدَّث عن مُدّة حكم ملِك مُعيّن، يَجِب أن نفكِّر من حيث نظام التقويم اليهودي وليس نِظامنا الحديث.
لذا، ما نعرِفه هو أن عيد الفُصْح الأول، الذي يُصادِف الّليلة التي سَبَقت خروج اليهود من مصر، كان في الربيع، في ما نعتقد أنه في شهر أبريل تقريباً. في الآية الثالثة، اسْتِناداً إلى التقويم القمَري اليهودي، يأمُر الله بني إسرائيل أنه في اليوم العاشر من شهر نيسان، قبل عيد الفُصْح بـ….. عليهم أن يختاروا….. لا أن يُضَحّوا، فقط أن يختاروا….. الحَمَل الذي سيُستخدَم كذبيحة الفُصْح.
الآن، قبل أن نذهب إلى أبعد من ذلك، دعوني أُعَدِّد بعض الخُرافات حول هذا الحَمَل. أولاً، يَجِب أن يكون حمَلاً ذكراً. ثانياً، يَجِب أن يكون عُمْرًه سنة واحدة، وبعبارة أخرى، نحن لا نتحدَّث عن مخلوق صغير لطيف ورائع مأخوذ من أُمّه؛ هذا ليس حيواناً يُمْكِن لطفلك في الحضانة أن يَحمِله. يُسَمّى الحَمَل الذّكَر البالغ من العمر سنة واحدة كِبْشاً. لديه قُرون، وقد طوّر قَدْراً مُعَيَّناً من العدوانية (بالنسبة لِخروف)، وهو كبير جداً…… خمسن رطلاً ربما. أكثر من ذلك، فهو في مرْحلة النُّضوج ويَقْترِب من أوَج نُضْجه. اعتماداً على الصُّنف، على الرغم من أن الحَمَل الذّكَر سَيَسْتمِرّ في النمو لمدة خمس سنوات تقريباً، إلا أن الغالِبِيّة العُظمى من النمو قد حَدثت بالفعل بِحُلول السَّنة الأولى. الحَمَل الذّكَر البالغ من العمر سنة واحدة هو خروف بالغ، وقادِر تماماً على التّكاثر، ومن المُحْتمَل أن يكون قد تمَّ استخدامه بالفعل لإنجاب الحَمَلان. على النقيض من ذلك عندما تشتري قطَع لَحْم الضأن من متجر البقالة، فأنت لا تأكل خروفاً بالغاً؛ فعادةً لا يزيد عمر الحَمَل الذي تأكله عن ستة أشهر تقريباً. لذا، دعونا نُخرِج من أذهاننا صُوَر كتب الأطفال لقصّة "كان لِمريم خروف صغير"، أو ما يَكْمُن تحت غِلاف السيلوفان الشفاف في محل بيع اللحوم عندما نُفكِّر في الحيوان الذي أمَر الله بِذبْحِه.
لا يجوز لهذا الحَمَل أن يكون كِبْشاً مريضاً أو قزماً. كان يَجِب أن يكون أفضل كِبْش من بين جميع الكِباش الحولية المتوفرة لديك. مُعافى، نابض بالحياة، غير مَجروح وغير مَخدوش.
في الآيتين ثلاثة وأربعة يوضِح أنه على الرغم من أن القاعِدَّة العامة هي ذبح كِبْش واحد لكل بيت، إلا أنه إذا كان البيت صغيراً، فيَجِب أن يشارك بيت صغير آخر بكِبْش واحد. الله يقدِّر حياة مخلوقاته. لقد كانت هذه الكِباش بريئة….كانوا يُقتلون بِسَبَب طبيعة البَشر الخاطئة، ولم يرِد الله أن يُذبح أكثر من اللازم ويُهدَر لحمها.
نكتشف في الآية الخامسة أن ذَكَر الماعِز يُمْكِن أن يكون بديلاً قانونياً عن الخروف. وفي الآية السادسة، أنه على الرغم من أن الكِبْش يُختار قبل الفُصْح بأربعة أيام، إلا أنه لا يُذبح حتى مساء الفُصْح……. الذي يقول الله أنه سيَكون في الرابع عشر من نيسان.
حان الوقت لتفسير آخر: يتزامَن عيد الفُصْح المسيحي أحياناً مع عيد الفُصْح اليهودي. على سبيل المثال: قبل بضع سنوات كان عيد الفُصْح المسيحي (الجُمعة العظيمة) في التاسع من نيسان، أما "بيساخ"، عيد الفُصْح الحقيقي الذي هو أربعة عشرة "نيسان"، كان في السادِس من أبريل. غيَّرَ المسيحيون عيد الفُصْح التَوْراتي إلى عيد فصح سياسي، لأنه بِسَبَب المراسيم التي أصْدرها أساقِفة الكنيسة الوَثَنية الأوائل، ثم الإمبراطور الروماني قُسطنطين في القرْن الرابع ميلادي، تقرَّر أن يكون عيد الفُصْح دائماً الجُمعة التي تَسبق عيد الفُصْح……ولن يُسَمّى عيد الفُصْح، بل الجمعة العظيمة. كان يَجِب الاحْتفال بعيد الفُصْح دائماً في يوم الأحد. حسناً، بما أن التقويم اليهودي والتقويم اليولياني الحديث لا يتوافقان، وبما أن الله أعطى تواريخ عدَدية كان يَجِب أن يَحدث فيها عيد الفُصْح، وليس أياماً مُحدّدة من الأسبوع، فإن عيد الفُصْح المسيحي يحدُث كل بضع سنوات فقط في الرابع عشر من نيسان ….. وهو التاريخ المُحدَّد الذي حدّده الله هنا في الإصْحاح إثني عشر من سِفْر الخروج. هل تفهم ذلك؟ على سبيل المثال، دائماً ما يتم الاحتفال بالحادي والثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر باعتباره عيد الهالوين. ولكن، في إحدى السنوات يُصادِف الحادي والثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر يوم الاثنين، وفي سنة أخرى يوم الثلاثاء وفي سنة أخرى يوم الأربعاء وهكذا دواليك. يتم تخصيص تاريخ رَقمي لِعيد الهالوين وليس يوم من أيام الأسبوع، مثل الجمعة أو السبت وعيد الفُصْح، كما نرى هنا في سِفْر الخروج، يُحدَّد له أيضاً تاريخ رَقمي وليس يوماً من أيام الأسبوع.
إليك الأمْر: الفُصْح الذي أُقيم في مصر هو "نوع". إنه أيضاً شَكل لما كان سيأتي. كان بالتأكيد يُمثِّل خلاصاً حقيقياً وفِعْلياً من الموت……في الأصل في مصر. ولكن، بعد ألف وأربعمئة سنة، أتى المسيح بالمعنى الكامل المقصود لعيد الفُصْح بأن صار هو نَفْسه الفُصْح……أي بأن صار ذبيحة الفُصْح. من خلال ثِقتنا بالله، وتطبيق دم يسوع رمزيّاً وروحياً على أعْمِدة بيوتنا (أجسادنا)، فإننا نتجاوز الموت الذي هو أُجْرة خطايانا المُسْتحقة. كان هذا هو المعنى الروحي لعيد الفُصْح في سِفْر الخروج، ولكنه لم يظهر إلا بعد موت يَهوَة. كل أعياد الكِتاب المُقَدَّس التي، بِصراحة، علّمتنا الكنيسة أن نَتَجاهَلها على أنها بالية وغير ذات صِلة لأنها جِزْء من العَهْد القديم (الذي تعتبِره ملغياً)، قد أقامها الله كأنواع ونماذج وتِذكارات لغَرَض تعليمنا وإعدادنا لتحقيقها في نهاية المطاف؛ وعلى الرغم من أنه كان لها هدفاً ومعنى حقيقي وملموس لِبني إسرائيل عندما تأسّست لأول مَرَّة، إلا أنه سيكون هناك معنى أكمل لكل عيد من هذه الأعياد في المُسْتقبل.
الآن، لم يُقتل يَهوَة صُدفةً في عيد الفُصْح. لقد أرسل الأب الأقدَس مُخَلِّصنا ليُعدم تحديداً في يوم الفُصْح، الرابع عشر من نيسان، لكي يُعطي عيد الفُصْح أكمل مَعانيه؛ لذلك يبدو لي غريباً بعض الشَّيء أن اليهود الذين لم يؤمِنوا بعد بيَهوَة كمُخلِّص يَحتفلون بيوم مَوْته ذاته، الذي أُسّس لهم دون عِلمهم لهذا الغرض بالتحديد، وهم يَفعلون ذلك بالضَّبط بالطريقة وفي اليوم الذي أمَرَ الله به؛ ولكننا نحن، الكنيسة الأُمَمية، لا نفعل ذلك. كل ذلك بِسَبَب التقليد الذي وضعَه أحد السّاسة الرومان منذ ما يقارب ألف وسبعمئة سنة كَحَلّ وسَطي لعَبَدة الشمس الوثنيين وأساقفة الكنيسة المُعادين لليهود، فنحن المؤمنون الأُمَميون قد تخلَّينا عن الأذكار التي أمر الله بها. لا أعرف عنكم، لكنني أفضّل اتباع فريضة الله الإلهية لعيد الفُصْح على التعاليم البشريّة التي بُنِيَت حول أجِندات سياسية واجتماعية من صُنع البشر، خاصة فيما يَتَعَلَّق بهذا العيد التِّذكاري الذي لا مثيل له.
يُضيف الله في الآيات من ثمانية الى مئة وإحدى عشرة مزيداً من التّفاصيل حول كيْفِيَّة قيام بني إسرائيل بطُقوس الفُصْح بالضبط. فَبِالإضافة إلى اخْتيار كِبْش عُمْره سنة واحدة وبلا عَيْب، والتأكُّد من وجود عدد كافٍ من الناس لأكل الكِبْش لضمان عدَم إهْداره، يُضيف الله ما يلي:
واحد – كان يَجِب أن تتمّ الذّبيحة، أي قَتْل الكِبْش وتجهيزه، بين الأماسي (أي الشَّفق).
إثنان – كان يَجِب أن يُلتقط الدم في حَوْض.
ثلاثة – كَانَ يَجِب أن يُلَطَّخ بعض الدَّم عَلَى جَانِبَيِ (عضادتي) الْباب وَعَلَى الْعَتبة…..عارِضَة فَوقَ الْمدْخل.
أربعة – كان يَجِب غمْس غُصْن زوفا في حوض الدم ثم يُطلى به المدخل.
خمسة – فِي الْوقْت الَّذِي كَان يَهوَة يطُوف فِي مصر ويَقْتل أبْكار المصْريين، كان عليهم أن يأكلوا وجبة الفُصْح.
ستة – كان من المُقَرَّر أن تتكوَّن الوجبة أولاً من الكِبْش نفسه وكان يَجِب أن يتم شوْيه على النار كاملاً ورأسه مُتصّل به، مطبوخاً بالكامل، وأن لا يُغلى في الماء.
سبعة – كان يَجِب أكل الخبز غير المُخْتَمِر، أي الخبز المصنوع بدون خميرة.
ثمانية – كان يَجِب أكل الأعشاب المُرَّة.
تسعة – كان يَجِب حَرْق كلُّ مَا ما بقِيَ من الكِبْش غير مأكول قبل طلوع الشمس وتَلفَه في النار.
عشرة – كان عليهم أكلَه وهم مُرْتدين ثيابَهم ونِعالاً في أرْجُلهم، مُسْتعدّين للتحرّك….. للخروج من مصر.
كان لكل جِزْء من هذه الأجزاء من طقوس الفُصْح معنى روحي. فكِبْش الفُصْح، بالطبع، كان يُشير إلى المُخلِّص النهائي من الموت، "يشوع ها مشياخ".
كانت الأعشاب المُرَّة تُشير إلى القرون المَريرة التي قضاها بنو إسرائيل في الأسْر والأشغال الشاقة في مصر.
الخبز الفطير كان يُشير إلى الإخْلاص والصُّدق……الفطير في الكِتاب المُقَدَّس يَرْمُز إلى الخطيئة والخِداع.
كانت الأعشاب المُرَّة المأكولة مع الخبز الفطير الحِلو ترمُز إلى الحدث الحلو والمُرّ الذي كان الفُصْح عليه: الموْت لأولئك الذين كانوا فِدية (المَصريّين)، والحياة للآخرين الذين جَعَلهم الرب مُنْفصلين عن البَقيَّة (بني إسرائيل). في تحقيقه النِّهائي كان يعني الموْت لفادينا، يسوع والحياة للآخرين، المؤمِنين.
كان من المُقَرَّر أن يُقدّضم الكِبْش بكامله، كاملاً، وكما سنرى لاحقاً في الإصْحاح الثاني عشر لم يكُن يَجِب أن يُكسَر عظم من عظام الحيوان. كان هذا تمهيداً للمسيح الذي لم يُكسَر له عظم أثناء إعْدامه (مع أن كسْر عظام ساق الضَّحية كان أمراً مألوفاً أثناء صَلب الرومان، إلا أنهم لم يفعلوا ذلك مع يسوع).
كان غُصْن الزوفا يدلّ على التّطهير (سنرى ذلك في العَهْد الجديد مع تطْهير الأبرص وفي المَزمور واحد وخمسين). بالمناسبة، لا أحد مُتأكِّد تماماً ما هي الشجرة أو الشُجَيْرة التي كانت زوفا في الواقع. إذا ذَهَبَت إلى أي سوق إسرائيلي اليوم، سَتَجِد أنهم يبيعون توابِل تُسمّى الزوفا، لكنهم سيقولون لك بِحُرِّية أنها ليست نفس الزوفا المذكورة هنا في سِفْر الخروج. يعتقد المزيد والمزيد من العُلماء أن هذا نوع مما نُسِمّيه أورِيجانو.
لقد انْقَطعَت المراسيم الإلهية التي وُضِعت لِموسى وبني إسرائيل مُؤقتاً في الآية الثانية عشرة عندما يُكرِّر الله، يَهوَة، ما سيِحدُث في ليلة الفُصْح. إنه هو نفسه الذي سيَجوب أرْض مصر كلها ويَقْتل كل أبْكار مصر ويُسقط كل الآلهة التي سَجَد لها المصريون. لا يُمْكِن للمرء إلا أن يتخيَّل المشهد في تلك الليلة: رُضَّع وأطفال صغار ومراهقون وبالغون ومُسِنّون، فجأة، وبدون سبَبْ واضح، يتوقَّف تنفُّسَهم وتتوقَّف قلوبهم. لم تكن هناك أي وسيلة لإنعاشهم.
سقط الناس في الشوارع مَوْتى من دون سبَب واضح. هل يُمْكِنكم أن تتخيَّلوا ذهنيّاً جُموع المصريين المذعورين وهم يهرَعون إلى كَهَنتهم الوثنيّين طلَباً للمساعِدَّة ويُصلون في خوف وإحباط ويأس إلى آلهتهم المحليّة لتُنْقذهم. استهدَف الرب على وجه التحديد فرعون حيث فَقدَت أُسرته بِكرها….. مات وريث عرش مصر.
مئات الآلاف من الماشية….ربما الملايين….. مَلقية ميْتة في المراعي، من أدنى مصر إلى أقصاها، مما يعني مجاعة الكثير من المصريين. الله الذي لا يُمْكِن إيقافه، لا يُمْكِن رَدْعه … بِشَكْل غير قابل لللإعتذار جَلَب حِكماً رهيباً لا مفرَ منه ………… باستثناء بني إسرائيل وكل من ارْتبط بهم، الذين اعْتمَدوا على دم
"رام" (الرب).
لأنه في الآية الثالثة عشرة، يقول يَهوَة أنه عندما يرى دم الكِبْش على أعْمدة أبواب بيوت بني إسرائيل، سَيمُرّ ويمرَ على تلك البيوت وكل من فيها. لن يتعرَّضوا لمَوْت الأبْكار الذي يتعرَّض له جميع جيرانهم المصريين غير المؤمنين.
يا لها من فكرة رهيبة مخيفة. يا أصدقائي، هذا الأمر بالضّبط يحدُث كل يوم. فبيْن الوقت الذي اسْتَيْقظنا فيه هذا الصباح والوقت الذي سنَخْلُد فيه إلى النوم هذه الليلة، سيَهلَك مئات الآلاف من الناس على وجه هذه الأرض إلى الأبد……وأسْوأ من ذلك، إلى السّرمدية؛ ونفس الشيء سيحدُث غداً وبعد غد وبعد بعد غد……. ومع ذلك، من خلال الانْضِمام إلى بني إسرائيل التابعين الله يُمْكِنك تجنُّب ذلك. ثِق بالله من خلال الثقة في يسوع، فتكون قد انضَمَمْت إلى بني إسرائيل التابعين لله. ثِق بالمسيح ورشّ دمه على بيتك…..جسدك…..وستكون لك الحياة. إن لم تفعل ذلك فالموت الأبدي هو النتيجة المؤكَّدة. لا يوجد حلّ وسَط، لا يوجد بديل، لا يوجد حِياد ولا يوجد مَهْرب.
في الآية الرابعة عشرة، يوضِح الله أن هذا اليوم، عيد الفُصْح، الرابع عشر من نيسان، سيكون ذكرى إلى الأبد، وفي آخر مَرَّة تحقّقتُ من ذلك، إلى الأبد يعني إلى الأبد….. لا إلى أن يُقرِّر أسْقف أو إمبراطور رومانيّ خلاف ذلك.
ابتداءً من الآية الخامسة عشرة وانتهاءً بالآية عشرين، يُرشد الله بني إسرائيل إلى كيْفيّة الاحتفال بجميع أعياد الفُصْح في المستقبل. الآن، في الواقع، إنها إضافة أكثر من كوْنها تغييراً. هذا الحدَث يُسَمّى عيد الفطير أو "ماتزا". إنه يأمر أنه لمدة سبعة أيام، فيما يَتَعَلَّق بعيد الفُصْح (عيد الفُصْح نفسه هو في الواقع حدَث ليوم واحد)، بدءاً من اليوم الرابع عشر من نيسان، أن لا يأكُل بنو إسرائيل خبزاً فيه خمير أو خلطة بالخمير، بل أكثر من ذلك، على كل أسْرة أن تتخلَّص من كل خميرها أو أي شيء يحتوي على خمير.
هناك عقوبة شديدة إلى حدٍّ ما على أكْل أي شيء فيه خمير خلال فترة السبعة أيام تلك؛ تقول الآية تسعة عشرة أن الشَّخص الذي يُخالف "يُقطع". الكَلِمَة العبرية التي تعني "يُقطع" هي "كاريت" وتعني قَطع أو إزالة جِزْء من الجِسم أو قطع شيء ما، مثل قطع شجرة. يُمْكِن أن تعني الانْفصال الدائم أو غالباً ما تُشير في الكِتاب المُقَدَّس إلى الهلاك والموْت الإلهي. لذا، فإن هذا "القطع" ليس شبيهاً بعقوبة الفصل لطفل مُتمرِّد، كما أنه ليس كالحكم بالسجن مع تحديد مدَّة مُحدّدة للعقاب أو الفصل المؤقت عن المجتمع. على الأرْجح أنه لم يكُن يعني، في معظم الحالات، أن الشخص المُتضرّر كان سيُعدم….. ومع ذلك، مما لا شك فيه، كان الإعدام، في بعض الأحيان، هو النتيجة، لكنه كان يعني أن الشخص "المقطوع" كان منفياً من بني إسرائيل، من قبيلته، من عائلته، والأخطر من الرب.
الآن، لنكُن واضحين: هذا يَهوَة الذي يتحدَّث هنا. إذاً، لا يَتَعَلَّق الأمر بعِقاب الجسَد أو بالتَبَرُّؤ من قبل قبيلتك، بل يَتَعَلَّق الأمر بالتَبَرُّؤ من قِبَل الله. لقد انتهَت الفوائد الروحية لكَوْنك جِزْءاً من بني إسرائيل.
لاحِظ أيضاً أنه لا يهمّ ما إذا كان المرء (اعتماداً على كيفية صِياغة نسختك من الكِتاب المُقَدَّس) أجنبياً أو إسرائيلياً. دعْني أضع ذلك بالمعنى المقصود: لا يهمّ ما إذا كنت من السُّكان الأصليّين أو موْلوداً إسرائيلياً أصْلاً أو إذا كنت من قبيلة غير إسرائيلية ولكنك انْضمَمْت إلى بني إسرائيل من خلال التخلّي عن قبيلتك الأجنبية القديمة وتعهَّدْت بالوَلاء لإحدى قبائل إسرائيل. هذا المبدأ القائل بأن الله ليس لدَيْه مواطنين من الدرجة الثانية في مَلكوته واضِح هنا. سنجِد هذه الرسالة نفسها في عدد من المواضع في العَهْد القديم وفي العَهْد الجديد. ما يَعْنيه ذلك بالنسبة لي ولكم، نحن غير الإسرائيليين، الذين من خلال عهد دم المسيح طُعِّمنا في بني إسرائيل لكي نُشارِك في عهود بني إسرائيل، هو أن الله لا يُميّز روحياً بين أولئك الذين وُلِدوا أصلاً إسرائيليين وبين "الأجانب" الذين وُلِدوا خارج إسرائيل والآن طُعِّموا في بني إسرائيل. هل يستمِرّ الرب في التّمييز الجَسَدي بين اليهود والأُمَمِيين؟ بالطّبع، ويُغطّي القديس بولس هذا الموضوع جيِّداً.
ابْتداءً من الآية واحد وعشرين، يبدأ موسى في إبلاغ (للتِّكرار في الواقع) كل ما أوْصاه الله به إلى شيوخ إسرائيل، لكي يَنْقل الشيوخ بعد ذلك الرسالة إلى كل فَرْد من بني إسرائيل.
قبل أن نذْهب إلى أبعد من ذلك، دَعونا نَحْصل على صورة ذِهنيّة لسُكّان إسرائيل في ذلك الوقت. كان هناك ما يُقارب ثلاث ملايين إسرائيلي موْجودين ويعيشون في مصر، أي حوالي رُبع إجمالي سكّان مصر. يُشير بعض العُلماء إلى أن هذا العدَد كان أقرب إلى مَليونَيْ نسمَة والبعض الآخر يقول أنه كان أقرَب إلى ثلاث ملايين ونُصف أو أربعة ملايين نسْمة ويقول البعض الأكثر تحرُّراً أن الأرقام التي يُعطينا إياها الكِتاب المُقَدَّس غير دقيقة بِشَكْل صارم وأنه لم يكُن هناك سوى بضْعة آلاف من بني إسرائيل في ذلك الوقت، وهذا مُجَرَّد هراء وبِصراحة يتباين مع ما كان زيادة سُكّانية عادِية وطبيعية في ذلك العصر. سنتطرَّق إلى ذلك بِشَكْل أعمق قليلاً في درس آخر.
كان بنو إسرائيل يعيشون بِشَكْل أساسي، ولكن ليس بالكامِل، في مصر السُّفلى، في منطقة شرق دِلتا النيل، تُسمَّى جوشن. ولكن، بلا شك، كان هناك الآلاف والآلاف من بني إسرائيل الذين غادَروا جوشن وعاشوا مُشَتَّتين في جميع أنحاء مصر. قبل أربعمئة وثلاثين سنة، كان بنو إسرائيل قد وصَلوا كرُعاة فقط. ولكن الآن، كان الكثيرون منهم بائعون ومُزارعون وتُجّار….. ومُعظمهم كانوا حِرَفيّين في كل نوع استخدَمَتْه مصر لبِناء طُرقها السَّريعة ومبانيها الحُكومية وحُصونها العسكريّة. كان هناك تزاوُج بين العبرانيين والمصريين، على الرغم من أن كلا الجانبيْن لم يشجِّعوا ذلك. كان بعض بني إسرائيل يعيشون على الحُدود بين جوشن وسيناء وقليل منهم في سيناء نفسها.
لذا، عندما أعْطى موسى التعليمات لمُمَثّلي الشَعْب، الشيوخ، للإسْتعداد لمُغادرة مصر، كان على البعض أن يُسرِع بالعودة إلى حيث كانوا يعيشون ليُبَلِّغوا الخبَر إلى مجموعة بني إسرائيل الذين كانوا يعيشون بينهم. وهذا يعني أيضاً أنه بينما كان الحشْد الضّخم من بني إسرائيل يُغادرون جوشين بِقيادة موسى، انضمَّ إليهم على طول الطريق شاردون من بني إسرائيل وأجانب من قبائل غير إسرائيلية سَمِعوا وشاهَدوا ما فعلَه إله إسرائيل وأرادوا الانْضمام إلى بني إسرائيل. في بُضع الآيات، سنرى في الواقع هذه المسألة مذكورة.
في الآيتين خمسة وعشرين وستة وعشرين، تظهر إحدى كَلِمَاتنا الأساسية، الخِدمة، على الرغم من أن ترْجمَتك على الأرجح ستقول "راعوا هذا الإحتفال" أو "راعوا هذه الشّعيرة الدينية" أو شيء من هذا القبيل بدلاً منها؛ أي أنه يقول حرفياً في الآية الخامسة والعشرين: "عليكُم أن تُحافظوا على هذه الخِدمة"، وفي الآية ستة وعشرين "عندما يقول لكم أوْلادكم: ماذا تعني لكم هذه الخِدمة"؟ أهمِّية أن نرى اسْتخدام كَلِمَة "خدمة" هي أن الله يُريدنا أن نرى أن بني إسرائيل ينتَقِلون من العُبودية، السُّخرة، كعبيد لمصر، إلى الخِدمة، الولاء الطَّوعي ليَهوَة، القائم على المحبّة والثقة.
وبالطبع، هذا "نمط" لأننا عندما نقدِّم خَدَمتنا ليَهوَة، عن طريق يسوع، نبتَعِد عن العبودية من جرّاء أهْوائنا الشّريرة والشيطان.
في الآية التاسعة والعشرين هناك سرْد موجَز جداً لرُعب ليلة الموْت تلك بالنسبة للأبْكار المصريين. لا يُمْكِنني أن أؤكد بما فيه الكفاية، أنه في نفس اللّحظة التي كان يَهوَة يُصدر حِكم الموْت الأبَدي على أبْكار مصر، كان يُخَلِّص بني إسرائيل. كانت مصر لا تزال في تلك الحالة من "شوزك"، أي الظُّلمة الروحية، بينما كان بنو إسرائيل يتلذَّذون باسْتنارة الله. بينما كان بنو إسرائيل يتمتّعون ويتعبّدون ويحتفِلون بِفرح، كانت مصر متجمِّدة من الخوْف وفي حالة وطنيّة من الحِداد على العدَد المُتزايد من القتلى….. "لأنه لم يكُن هناك بيْت واحد (أي عائلة واحدة) لا يوجد فيها أحد من القتلى".
في الآية واحد وثلاثين، اسْتدعى فرعون المُنْكسِر والمُدمَّر الآن موسى وهارون وأمرَهما أن يَخرجا من مصر….مع جميع بني إسرائيل…….بِدون شروط مُسْبقة. يقول خُذوا كل ما تمْلكون واذهبوا؛ ولكنه يتوَسَّل أيضاً أن يُبارِكه موسى. لا شك أن البركة كانت تهْدُف إلى إزالة لعْنة الموْت الإلهيّة التي غَلَبَت على بيْته وعلى مصر كلها.
كان الشَعْب المصري مُوافق تماماً. لقد ضَغَطوا على بني إسرائيل للرَّحيل "وإلا سنَموت جميعاً".
إنه لأمْر مثير للاهْتِمام حقاً: على الرغم من أن المصريين اعْترَفوا بيَهوَة تماماً وعَرفوا الآن عن يَهوَة وقُدْرَته (ربما أفضل منا جميعاً في هذه القاعة)، إلا أنَّهم لم يُصَدِّقوه. لأنه لم يُهَدِّد أبداً بِقتل جميع المصريين ("وإلا سنَموت جميعاً" كما كانوا يَخشون) ….. فقط الأبْكار. هناك فرْق كبير جداً بين المَعرفة عن الله ومَعرفة الله؛ وهناك فرْق كبير جداً بين سَماع الله والإيمان بالله، مقابل الثّقة بالله. إن المَعرفة عن الله، وحتى سَماعَه والإيمان به، هي مُجَرَّد تمرين فِكري، إذا لم تكُنْ مَصْحوبة بمعرفة الله يسوع شخصياً والثقة به.
حَزَم بنو إسرائيل كل أمْتعتهم بِسُرعة، بما في ذلك عجين الخبز غير المُخْتَمِر، الخَبزة الخاصة التي لا تحتوي على خمير؛ وفي حقائبِهم خزَّنوا الذَّهَب والفُضَّة التي "جَرّدوا" مصر منها بأمر الله. والآن، لماذا يأمُر الله شَعْبه أن يأخذوا الذَّهَب والفُضَّة من هذا الشَعْب المَسْحوق، المصريين؟ حسناً، لِسَبَب واحد هو أنها كانت ضروريّة لِبِناء مكان مُقدّس لله والتابوت الذي سيوضع فيه اللّوْحان الحَجَريّان للوصايا العشر وللشمْعدان وأدوات أخرى لخِدمة الله. من ناحية أخرى كان ذلك تعويضاً عن قرنَيْن من العبودية والسُّخرة من شَعْب كان يَكْرَههم.
الآن، متى غادر بنو إسرائيل مصر؟ في عيد الفُصْح! في الرابع عشر من نيسان. تذكَّر، حسب طريقة الحِساب العبرانية، اليوم هو من غُروب الشمس إلى غروب الشمس. لقد أنْهوا وجْبة الفُصْح خلال الليل، وفي صباح اليوم التالي، عند شروق الشمس، الذي كان لا يزال في نفس اليوم، حَزَموا أمْتِعَتهم وغادروا. هل فهِمْتُم مَغزى ذلك؟ إن فُصْحنا الشخصي، أي خلاصنا من الموْت الأبدي، هو اللَّحظة التي نقبل فيها المسيح ونَرُشّ دمه على أجسادنا. ولكن……مُباشرةً عند قبولِنا له نُصبح أحراراً أيضاً في تَرْك عبوديَّتنا للخطيئة. ليس علينا أن ننْتَظِر حُدوث شيء آخر لكي نَتْرك العبوديّة ونبدأ في خدمة الله. أليس هذا رائعاً؟
تُخبِرنا الآية سبعة وثلاثين أنهم خرَجوا من رعمَسيس وتوقَّفوا في سوكوت. كانت رَعْمَسيس بِجِوار بيثوم مباشرة، وكانتا معروفتيْن في الكِتاب المُقَدَّس بإسم "مُدُن المخازِن" العظيمة، تلك المخازِن التجاريّة والحُكومية الضخمة التي بُنِيت على ظهور بني إسرائيل. نحن نعرِف بالضّبط أين تقع رَعْمَسيس وبيثوم (في أرض جوشن)، وقد تم التّنقيب عنهُما أثريّاً. أما سوكوت فهي مَسألة أخرى. أما مكانها بالضبط، فهو مَحلّ تكهُّنات كالطريق للخروج نفسه.
سنبدأ في تناوُل ذلك في المَرَّة القادمة.