25th of Kislev, 5785 | כ״ה בְּכִסְלֵו תשפ״ה

QR Code
Download App
iOS & Android
Home » العربية » Old Testament » الخروج » سفر الخروج الدرس الثاني – الإصحاح الأول
سفر الخروج الدرس الثاني – الإصحاح الأول

سفر الخروج الدرس الثاني – الإصحاح الأول

Download Transcript


سفر الخروج

الدرس الثاني الإصحاح الأول

ناقشنا الأسبوع الماضي أن عالم الكتاب المقدس العبري الشهير، إيفريت فوكس، اختار طريقة للنظر في سفر الخروج تضمنت تقسيمه إلى ستة أقسام.

ندخل اليوم في أول قسم ويسميه”رواية النجاة“. يبدأ من الآية واحد، ويستمر حتى الإصحاح (الفصل) الخامس عشر. إذًا، في الشهر القادم سنبحث في كل ما فعله الله لخلاص شعبه المُختار من فرعون؛ بدءًا من إنقاذ موسى الرضيع من النيل، وانتهاءً بانفلاق البحر الأحمر الذي نجّاهم من فرعون.

لمُدوّني الملاحظات، يبدأ القسم الثاني” البرية“ في نهاية الإصحاح خمسة عشرة ويستمر حتى الإصحاح ثمانية عشرة. الجزء الثالث، العهد والشريعة، يبدأ من الإصحاح تسعة عشرة ويستمر حتى الإصحاح أربعة وعشرين. ويبدأ القسم الرابع” خطة خيمة الاجتماع“ من الإصحاح خمسة وعشرين ويستمر حتى الواحد والثلاثين، ويبدأ القسم الخامس ”الخيانة والمصالحة“ من الإصحاح اثنان وثلاثين وينتهي بالإصحاح أربعة وثلاثين، وأخيرًا يبدأ القسم الخامس ”بناء خيمة الاجتماع“ من الإصحاح خمسة وثلاثين ويمتد حتى نهاية سفر الخروج.

لنقرأ سفر الخروج الإصحاح واحد.

قراءة سفر الخروج الإصحاح واحد بأكمله

الوقت طويل بين الآية الأخيرة من سفر التكوين، والآية الافتتاحية من سفر الخروج، فقد مرت فترة من الزمن تبلغ حوالى ثَلاثمائة وخَمسين سنة. الآيات القليلة الأولى من سفر الخروج هي كَجسر بين سفر التكوين وسفر الخروج. الفكرة هي أن سفر التكوين ليس نهاية قِصّة وسفر الخروج بداية قِصّة جديدة…… إنهما مترابطان….. أحدهما يتدفق إلى التالي…. الخروج هو استمرار وتتابع لما بدأ في سفر التكوين. إذًا، نحن نتذكّر أنّ يعقوب وجميع أبنائه الأحد عشر الذين عاشوا معه في كنعان مع جميع أفراد عائلتهم جاؤوا للعيش في مصر، ولكنّ يوسف لم يكن هناك. مجموعهم كان سبعون.

إليكم الفكرة: سنرى العديد من الأرقام الرمزية في التوراة، والكتاب المقدس ككل. سبعون هو عدد رمزي. الآن، من جهة، سفر التكوين ستة وأربعين، الذي يعدد لنا كل نسل يعقوب من الذكور من زوجاته الشرعيات ومحظياته، يعطينا العدد الإجمالي البالغ سبعين. ولكن، كما ناقشنا عند دراستنا لهذا الإصحاح، فإن هذا العدد يطرح مُشكلة لأنه يتضمّن اثنين من أبناء يهوذا الذين ماتوا على يد الله، في كنعان، بالإضافة إلى يوسف وابنيه اللذين ولدا في مصر. لذا، فإن تِعداد سبعين ذكرًا من عائلة يعقوب يمكن أن يكون دقيقًا. ولكن، من ناحية أخرى، فإن الرقم سبعون هو رقم مستدير، ورقم رمزي يشير إلى الكل، أو إلى شيء شامل تمامًا، بحيث يجب أن نَنظر على الأرجح إلى العدد سبعين على أنه يرمز إلى أن كل بَني إسرائيل ذهبوا إلى مصر، ولم يُترك أحد وراءهم.

فلنأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار: نحن نَعلم من سفر التكوين أربعة وثلاثين أنه عندما قَتل أبناء يعقوب جميع ذكور شكيم انتقامًا لاغتصاب أختهم دينا، أخذوا جميع النساء والأطفال كعبيد ومحظيات. علينا الفهم أن تلك النساء والأطفال أصبحوا من وجهة نظر الشرق الأوسط القديم جزءًا من إسرائيل.

علاوةً على ذلك، فإن هذا العدد البالغ سبعون هم الذكور فقط. كان هناك على الأقل نفس العدد من الإناث، وعادةً ما كان عدد الإناث أكثر بكثير من عدد الذكور في الشعوب القديمة لأن الرجال كانوا يُقتلون في المعارك أو يصابون في وظائفهم.

ولذلك، فإن العدد الإجمالي الفعلي للأشخاص الذين نزلوا إلى مصر….. أولئك الذين يُمكن أن يوصفوا بشكل معقول بأنهم إسرائيليون…… كان على الأرجح حوالى مئتان أو ما قارب ذلك. سأوضح لكم في دراسات لاحقة أهمية تسليط الضوء على هذا الموضوع.

لا يزال الجزء الأكبر من بني إسرائيل الآن يعيشون، حتى بعد حوالى ثلاثمئة وخمسين سنة من وصولهم، في نفس المِنطقة العامة التي كانوا يعيشون فيها عندما دَعاهم يوسف: جوشن، في منطقة دلتا النيل. كانت المدينة المركزية التي عاشوا فيها تُسمى أواريس، ويبدو أن يوسف كان يملك قصرًا هناك له ولعائلته المباشرة. تمّ العثور على هذه المدينة، ولا شكّ في هويتها. من الناحية الأثرية، يُسمى هذا المكان الآن تل الضبع. المكان كبير وكان ليستوعب مئات الآلاف من الناس. كما اتصفت الهندسة المعمارية في هذه المدينة بعناصر عبرانية وكنعانية.

وعلاوةً على ذلك، أكدت المزيد من الاكتشافات الأثرية أنها كانت في أرض جوشن….. وتسمى أيضًا مصر السفلى…. حيث أقام الهكسوس حكام مصر عاصمتهم…… وليس من المستغرب أن تكون هذه المدينة هي نفسها أواريس.

من المقولات الشائعة التي يُرددها غير المسيحيين وأساتذة الجامعات أن الكتاب المقدس هو ببساطة كتاب مليء بالأساطير والخرافات وأن الأشخاص والأماكن الواردة في الكتب المقدسة، في معظمها، لم تكن موجودة أبدًا. قيل أيضًا أنه لم يتم أبدًا العثور على مكان في مصر عاش فيه كل هؤلاء العبرانيين. قيل لنا أنهم لم يعثروا أبدًا على سجلات لسليمان أو الملك داوود، ولا لمعظم المدن الواردة في الكتاب المقدس. هذه سخافة. لقد تم العثور على هذه المواقع، والسجلات متوافرة، وعندما يحين وقت الجدّ، يتم الاعتراف بذلك. إن السبب الوحيد الذي يجعل العديد من علماء الآثار وعلماء المصريات يجادلون ضد الاستنتاج بأن تل الضبع هي مدينة الخروج، هو أنهم يؤرخون أواريس بزمن أقدم من الزمن الذي يقول التسلسل الزمني للكتاب المقدس أن العبرانيين كانوا يعيشون فيها. ومسألة ربط هذه المواقع الأثرية بالزمن هو المشكلة.

يُطلق على النظام الحالي لتأريخ الأماكن والأشخاص والأحداث القديمة، الذي تم تأسيسه في القرن التاسع عشر، اسم نظام التأريخ الملكي، وهو نظام قائم على الأزمنة المفترضة لعهود بعض الفراعنة المصريين. وهو نظام مليء بالفجوات الزمنية الهائلة والتكهنات والتخمينات المدروسة. ولكن، أكثر من ذلك، فقد ثبت من خلال الأبحاث الحديثة أن بعض الركائز الأساسية لنظام التأريخ الملكي زائفة. يكتسب نظام تأريخ جديد، يسمى التسلسل الزمني الجديد، الدعم الأكاديمي السائد ببطء ولكن بثبات. وعندما يتم تطبيق التسلسل الزمني الجديد على المكتشفات في أواريس وعلى مئات المواقع الأخرى الواردة في الكتاب المقدس، فإن الجدول الزمني للكتاب المقدس يقع في مكانه الصحيح تقريبًا.

كما يعرف أي شخص قضى أي وقت في نظامنا التعليمي المتقدم، فإن الكتاب المقدس هو لعنة لهؤلاء الناس. لذا، فإن أي نظام تأريخ يؤكد حقيقة من الكتاب المقدس (على الرغم من أن النظام لم يوضع لهذا الهدف) من الصعب جدًا إثباته. بالمناسبة، لم يضع علماء المسيحية أو علماء الكتاب المقدس هذا التسلسل الزمني الجديد. لقد أسسه زميل يدعى ديفيد روهل، وهو أكاديمي ملحد من أكسفورد. بما أن العالم الأكاديمي لعلم الآثار كان قد قرر منذ بعض الوقت أن هناك حاجة إلى نظام تأريخ أفضل، أشار بأنه على الرغم من أنه لا يعترف بالعنصر الروحي للكتاب المقدس، إلا أنه لا يوجد سبب لافتراض أن الروايات التاريخية المكتوبة في الكتاب المقدس خاطئة أو غير دقيقة بطبيعتها (وهذا الافتراض كان ولا يزال المبدأ الأساسي بين هؤلاء الفقهاء والعلماء).

أخبرتكم عن هذا الموضوع، لأنني أريدكم أن تعرفوا أنه عندما نقرأ سفر الخروج، فإن هؤلاء الأشخاص والأماكن كانوا موجودين بالفعل، والأحداث وقعت. لقد تم العثور على العديد من البراهين، ويتم اكتشاف المزيد منها باستمرار.

قيل لنا في الآية ستة أن يوسف مات، ومعه كل ذلك الجيل؛ أي كل إخوته وأخواته؛ علينا أن نتصور ذلك الجيل على أنه جيل المهاجرين. فكروا للحظة في ما يعنيه ذلك: عمليًا كل واحد منا في هذه القاعة هو أمريكي. ومع ذلك، ربما كان آباؤنا أو أجدادنا مهاجرين. لقد جاءوا إلى هنا من مكان آخر لبدء حياة جديدة. وتجربتهم في أمريكا كمهاجرين نزلوا للتو من القارب كانت مختلفة تمامًا عن تجربتنا نحن أولادهم. فنحن لم نعرف شيئًا عن البلد الأجنبي الذي عرفه أسلافنا المهاجرين. لم نعرف سوى أمريكا والثقافة الأمريكية. كان الجيل الثاني والثالث من بني إسرائيل مختلفًا تمامًا عن أولئك الذين نزلوا من كنعان. كان أولئك الذين جاءوا للنجاة من المجاعة الكبرى يفكرون في إقامتهم على أنها ”مؤقتة“. أما الجيل التالي فلم يفكر في الذهاب إلى كنعان.

في النهاية، كانت مصر هي الوطن الوحيد الذي عرفوه، ولذلك كانوا مرتاحين تمامًا في مصر.

ما بدأه الله، من خلال يوسف، لم ينهيه موت يوسف. تشير الآية سبعة أنه حتى بعد موت يوسف، استمر بنو إسرائيل في الازدهار، وازداد عددهم، وانتشروابشكلٍ كبير. ومع ذلك، كانت إرادة الله هذه بالذات، هذا الازدهار المذهل، هو ما سيقود إسرائيل إلى مواجهة مع فرعون مستقبلي….فرعون الذي يزداد جنونًا.

استمر حكام الهكسوس، هؤلاء الساميون من مكان ما في الشرق الأوسط، الذين كانوا حكام مصر خلال الفترة التي سبقت يوسف بقليل، ومعاصرته، ثم لمدة قرن تقريبًا بعد يوسف، في تفضيل بني إسرائيل. ففي النهاية، كانوا أبناء عمومة. وفي حين أن هذه المكانة التي يحسد عليها العبرانيون سمحت لهم بالنمو والازدهار، إلا أنها كانت تخلق أيضًا غيرة وكراهية من قبل المصريين. تمثل نهاية الآية السابعة نهاية الحياة في مصر، كما عرفها بنو إسرائيل. نهاية الآية سبعة هي نهاية عصر إسرائيل الذهبي في مصر.

والآن، قبل أن ننتقل إلى الحقبة التالية من حقبة العبرانيين في مصر، قد يكون هذا وقتًا مناسبًا لاستخدام عدستنا المكبرة والنظر في تنظيم إسرائيل حاليًا من وجهة نظر المجتمع البشري. لأنه، بدءًا من الآن، في سفر الخروج، وطوال الفترة المتبقية من العهد القديم، من المفترض أن نفهم البنية المجتمعية العبرانية القديمة وخلاف ذلك، سنضيع. لذا، أعتذر منكم إن كنتم تعرفون مسبقًا، أما بالنسبة للآخرين فسوف نأخذ بضع دقائق لنتعرف على ألقاب المناصب القيادية، وأسماء مختلف التقسيمات الفرعية للشعب العبراني التي جاءت من هذا الانفجار السكاني. وإذا تمكنا من معرفة ما يشير إليه كل منها، فسوف نكتسب بعض الفهم الإضافي في كل مرة تُستخدم فيها هذه المصطلحات في دراساتنا.

دعونا نتذكر أن أمة إسرائيل قد تأسست على يد يعقوب الذي أطلق الله عليه اسم إسرائيل، وسميت باسمه. في تلك الأيام، كان اسم الأمة الجديدة (التي هي مجرد مجموعة شعب جديدة) مأخوذًا من مؤسسها. أنجب يعقوب اثنا عشرة ابنًا، شكلوا التقسيم الفرعي الأول لإسرائيل. كل واحد من هؤلاء الأبناء أسس في نهاية المطاف قبيلته الخاصة به، وفرعه الخاص من إسرائيل؛ وبالطبع، أصبح كل ابن حاكمًا لذلك الفرع…. تلك القبيلة. ثم أنتجت كل قبيلة من هذه القبائل الاثنتي عشرة أبناءً كانوا هم التقسيم التالي؛ وهذا التقسيم التالي هو ما يشير إليه الكتاب المقدس عمومًا باسم ”العشائر“ أو ”العائلات“. ومع استمرار كل واحدة من هذه العشائر أو العائلات في إنجاب الأطفال، كان هؤلاء الأطفال ينضجون وينتجون الجيل التالي، أو التقسيم الفرعي الذي يسميه الكتاب المقدس ”الأسر“.

في المصطلحات الغربية المألوفة أكثر، كان يعقوب هو الأب، والأبناء الاثنا عشر هم الأبناء، وأبناؤهم هم الأحفاد، وأبناؤهم هم أحفادهم، وأبناؤهم هم أحفاد الأحفاد. لكن الكتاب المقدس يستخدم مصطلحات مختلفة لكل جيل من هذه الأجيال. لذا، كانت إسرائيل هي” الأمة“، والأبناء الاثنا عشر هم القبائل الاثنا عشر الذين شكلوا تلك الأمة. شكل أبناء زعماء القبائل الاثني عشر كل منهم عشيرته أو عائلته. في حين أن مترجمي الكتاب المقدس يميلون إلى استخدام العشيرة والعائلة للدلالة على نفس المفهوم، للتناغم مع تفكيرنا الغربي في القرن الحادي والعشرين، من الأفضل أن نفكر في هذه العشائر والعائلات، على أنها مجرد عشائر، ونستخدم كلمة ”عائلة“ لفئة أخرى سأعرضها لكم بعد قليل. على أي حال، شكّل نسل هذه العشائر بعد ذلك أسرًا منفصلة.

ومن هذه ”الأسر“، التي يمكن موازاتها في تفكيرنا التقليدي بالعائلات الممتدة، جاء ما يسميه الكتاب المقدس أحيانًا ”رجلًا برجل“. لا نتحدث هنا عن العزاب المؤهلين. بدلاً من ذلك، يُقصد عائلتنا النووية في عصرنا الحديث….. أصغر وحدة عائلية، أي الأم والأب والأطفال الصغار كوحدة واحدة. غالبًا ما يسمي مترجمو الكتاب المقدس التقسيم الفرعي رجلًا برجل ”عائلة“. ولكن، يجب عدم الخلط بين هذا الأمر وبين تسمية مترجمي الكتاب المقدس ”العشيرة“ بـ ”العائلة“.

إذًا، هيكل إسرائيل هو أمة (كل إسرائيل)، قبيلة (اثنا عشرة منهم)، عشيرة، أسرة، رجل برجل (عائلة).

يُطلق الكتاب المقدس على زعيم الأسرة اسم رأس“ (على الرغم من أنه يشار إليه أحيانًا باسم الرئيس). زعيم كل عشيرة هو” رئيسها“. يُطلق على زعيم القبيلة اسم ”الأمير“. لذا، كان لكل قبيلة من قبائل إسرائيل الاثني عشر” أميرًا“….. طالما كان هناك اثنا عشرة قبيلة، كان هناك اثنا عشرة أميرًا.

والآن، كان هؤلاء الأمراء هم الحكام على كل شعب قبيلتهم، كل قسم فرعي. كل عشيرة وأسرة وعائلة كانت في النهاية مدينة لأمير القبيلة. كانت كلمته هي القانون.

دعونا نضع في اعتبارنا سمة من سمات هؤلاء الأمراء القبليين التي، على الرغم من وضوحها ظاهريًا، إلا أنها مهمة: هؤلاء الأمراء ورثوا مناصبهم. كانت وراثتهم هي الأهم. في حين أن الدخيل (سواء كان من قبيلة أخرى من قبائل بني إسرائيل أو أجنبيًا أو غير عبراني) يمكن، في بعض الأحيان، أن يُقبل كعضو في إحدى القبائل، إلا أنه لن يُسمح أبدًا لهذا الدخيل أن يكون أميرًا، لأن النسب الصحيح المطلق، الذي يمكن تتبعه عودةً إلى يعقوب، وإلى الابن الأصلي الصحيح ليعقوب…..أي القبيلة الصحيحة…. كان مطلوبًا.

إذًا، كان ترتيب الأمير، الرئيس، الرأس، يشكل أرستقراطية وراثية، إذا صح التعبير. أي أنه عندما يتعلق الأمر بالسلطة، كان الأمر كما كان اسم المسلسل التلفزيوني القديم…..كل شيء ضمن العائلة. الآن، المثير للاهتمام، عمل طبقة أو فئة أخرى من القيادة والسلطة بالتوازي…. نوع من القادة المنتخبين أو المعينين. وهذه الفئة من القادة كانوا ممثلين عن الشعب المشترك بين العشائر والعائلات والأسر… وكان يُطلق عليهم لقبالشيوخوالضباط“. وغالبًا ما يُستعاض عن كلمة ”ضابط“ بكلمة ”الكاتب".

الآن، هذه الفئة من القادة المعينين أو المنتخبين كانوا يعملون تحت سلطة زعماء القبائل. لا توجد أي طريقة على الإطلاق، يمكن أن تعزل أميرًا أو رئيسًا من منصبه، ربما باستثناء الاغتيال…. لأن منصبه أُعطي له كحق مكتسب، وبالتالي فهو غير قابل للتغيير ودائم. ولكن، كان يمكن عزل الشيوخ والضباط، أو الكتبة من مناصبهم بشكل شرعي إذا كان هناك ما يكفي من الاستياء من جانب الشعب الذي اختيروا لخدمته، أو إذا أزعجوا القيادة القبلية.

بطبيعة الحال، كان الشيوخ والضباط والكتبة يضعون ترتيبًا خاص بهم؛ وكان يتم تقسيمهم حسب واجباتهم المحددة، وكان هناك تسلسل هرمي إداري بسيط مثل الذي اعتدنا جميعًا على رؤيته في أي مكان نعمل فيه… كما تعلمون….السمكة الصغيرة تقدم تقاريرها إلى السمكة الكبيرة، والسمكة الكبيرة تقدم تقاريرها إلى السمكة الأكبر.

تذكروا هذه المعلومة بينما نمضي قدمًا. كانت هذه الألقاب وفهم الهيكلية والتسلسل الهرمي مهمةً للقرارات التي كانت تُتخذ في الثقافة الإسرائيلية. عندما يستخدم الكتاب المقدس مصطلحات مثل ”أمير“ أو ”رئيس“ أو قبيلة أو عشيرة، فإن هذه المصطلحات تمثل شيئًا محددًا. إنها ليست مجرد كلمات قابلة للتبديل أو مترادفة.

على أي حال، دعونا نواصل التعمق في سفر الخروج.

كما ذكرت سابقًا، تنتهي الآية سبعة وتبدأ الآية ثمانية حقبة جديدة وأقل سعادة لبني إسرائيل في مصر. لقد قيل لنا أن ملكًا جديدًا…… أي فرعونًا جديدًا…… نشأ من مصر ولم يكن يعرف يوسف. ببساطة، هذا يعني أن الملك الجديد لم يكن لديه أي نية للوفاء بالصفقات التي أبرمها الملوك السابقون، الفراعنة، مع بني إسرائيل……وهذا لسبب واحد وجيه للغاية: كان هذا الملك الجديد مصريًا؛ أول حاكم مصري لمصر منذ فترة طويلة جدًا.

أعلن هذا الفرعون المصري الجديد على الفور أن بني إسرائيل، الذين كانوا مواطنين شرفاء وجديرين بمصر لما يقرب من مئتي عام، أصبحوا فجأة خطرًا على مصر. وهم خطر لأنهم” يفوقوننا عددًا“. بعبارة أخرى، لعب الفرعون ورقة ”العرق“. وبما أن هؤلاء الحكام الهكسوس المكروهين كانوا من الساميين شرق أوسطيين……وأنهم أبناء عمومة من نفس سلالة العبرانيين…..، فقد تم جمعهم جميعًا في خانة واحدة. والآن بعد أن هُزم حكام الهكسوس، فإن أولئك الذين دعموا هؤلاء الحكام، وربما كانوا يشبهون كثيرًا هؤلاء الحكام……الإسرائيليون……أصبحوا أشخاصًا غير مرغوب فيهم. وسوف يتحملون حمل القومية المصرية الجديدة وجنون الارتياب.

إذًا، هل نعتبر أن العبرانيين في هذه المرحلة كانوا يفوقون المصريين عددًا، كما يقول الفرعون في الآية تسعة؟ أم أن فرعون كان يبالغ؟ حسنًا…. نعم ونعم. في حين أن بني إسرائيل كانوا كثيرين، وعاشوا في جميع أنحاء مصر، إلا أنهم كانوا يتركزون بشكل كبير في جوشن، وكانوا أكثر من المصريين هناك. ولكن، عند النظر إلى مصر بشكل عام، فإن التقديرات تشير إلى أن بني إسرائيل لم يكونوا يمثلون أكثر من خمسة وعشرين بالمئة من إجمالي سكان مصر….ومع ذلك يعتبر الرقم مرتفعًا.

أليس من المثير للسخرية، ويدل تمامًا على المعركة المستمرة بين الله والشيطان، أن ما اعتبره الله نعمة……التكاثر المذهل لإسرائيل……اعتبره فرعون لعنة.

وهكذا تبدأ المواجهة بين الخير والشر. فرعون في مأزق؛ إنه يكره بني إسرائيل، ويخاف من بني إسرائيل، لكنه يحتاج إلى بني إسرائيل. إنه يحتاج إليهم كقوة عاملة….. هم مفتاح الاقتصاد المصري، والعودة المأمولة لمصر إلى موقع القوة الإقليمية. الحل؟ الإخضاع. سيطر عليهم، وجعلهم يقومون بما يجيدونه، وأبقاهم تحت السيطرة ولم يدَعهم يغادرون.

والآن، لا تفهموا فكرة أن الشعب المصري بدأ في اتخاذ العبرانيين كعبيد في المنازل. الموضوع هو أن الحكومة المصرية جندت الذكور الإسرائيليين كعصابات عمل لمشاريع البناء الخاصة بها. كان الأمر أشبه بالتجنيد في الجيش، من دون أجر. وفي الواقع، كان ما فعلته مصر هو تجنيد الذكور المصريين من أجل إنشاء جيش وطني مخلص لحماية الأمة من الغزو؛ وفي الوقت نفسه كانت تجند الذكور العبرانيين المزعجين كقوة عمل مدنية للأمة. ومن المثير للاهتمام أنه لا يوجد دليل على أن النساء الإسرائيليات كنّ مشمولات في مخطط السخرة هذا. لأن العمل الذي كان مطلوبًا كان عمل الذكور؛ صنع الطوب الطيني، ثم تشييد المنازل والمباني؛ وأيضًا بناء وصيانة شبكة واسعة من القنوات وخزانات المياه وبناء طرق جديدة وحصون عسكرية. أصبح العبرانيون المجموعة الرئيسية من عمال البناء في مصر، وأصبحت حياتهم بائسة نتيجةً لذلك.

نجحت خطة ملك مصر الجديد إلى حدٍ ما. أعادت مشاريع البناء إلى البلاد مجدها، وسيطر استعباد بني إسرائيل على حركتهم. ولكن، فشل جانب آخر من خطته؛ فبدلاً من تقليل عدد سكان بني إسرائيل، كلما زاد اضطهاد المصريين لبني إسرائيل، زاد عدد الأطفال الذين أنجبهم هؤلاء العبرانيون. وكلما زاد عدد الأطفال الذين أنجبهم بنو إسرائيل، زاد ارتياب فرعون وأعوانه. وهنا نرى أحد الأنماط الإلهية التي ستستمر حتى مجيء يسوع مرة أخرى: كلما زاد اضطهاد شعب الله، كلما زاد عدد الأطفال الذين أنجبهم. لم تنمُ إسرائيل بشكل أكبر وأسرع، ولم تنمُ الكنيسة بشكل أكبر وأسرع مما كانت عليه عندما كانت تحت أسوأ الاضطهادات. لو أن بني إسرائيل استسلموا وقرروا الاندماج الكامل في المجتمع المصري، ربما كانوا لتجنبوا الاضطهاد، لكنهم كانوا سيضطرون للتنازل عن التكاثر. وطالما استمرت الكنيسة في اتخاذ الطريق السهل، لتبدو أكثر فأكثر مثل العالم حتى نتجنب الاضطهاد من أجل هويتنا مع يشوع، كلما قل تكاثرنا. هكذا كان الأمر، وهكذا سيكون إلى الأبد. إنها ببساطة الطريقة التي يعمل بها اقتصاد الله، وليس لدينا القدرة على تغييره.

كان هذا الفرعون الذي لم يُذكر اسمه قلقًا ومحبطًا لدرجة أنه فعل شيئًا يائسًا؛ شيئًا يتعارض مع أغراضه الكبرى في بعض النواحي: لقد أمر من يسميهم الكتاب المقدس” قابلات العبرانيين“، بإعدام السلالة الإسرائيلية. اقتضت الخطة في قتل المولود الذكر الذي ساعدن في ولادته على الفور. ومع ذلك، لو كان فرعون قد نجح بالفعل في عملية قتل الأطفال هذه، لكان قد قلل فقط من القوة العاملة المتاحة لتطلعاته العدوانية المعمارية.

لكن خطته لم تنجح؛ فهذه القابلات اللاتي عرفن إله العبرانيين وخشينه، لم يُطعن الفرعون. ما لدينا هنا في الأساس هو أول مثال مسجل في الكتاب المقدس عن العصيان المدني من أجل طاعة أخلاق الله وآدابه، والتي غالبًا ما تكون معارضة لأخلاق الناس وآدابهم. وهذا التحدي الشجاع إلى حد ما هو من صنع النساء. وقد سُميت امرأتان هنا بالقابلتين: شفرة وفوعة. ولا شك أنهما كانتا قابلتين مسؤولتين عن العديد من القابلات، لأن قابلتين ما كانتا كافيتان أبدًا للتعامل مع مئات الولادات اليومية التي كانت تحدث بين بني إسرائيل في جميع أنحاء مصر.

كانت مهنة القابلة واحدة من المهن القليلة المتاحة للنساء في ذلك العصر. كانت تحظى بالاحترام والتقدير، بقدر ما كانت هناك حاجة إليها. كانت القابلة موجودة في المقام الأول لمساعدة المرأة في مخاضها، وقطع الحبل السري، وغسل المولود الجديد ودهنه بالملح، وفي حالة ولادة توأمين، كانت القابلة هي التي تشهد أيهما ولد أولًا. وبطبيعة الحال، أي من التوأمين الذكرين خرج أولًا كان الأكثر أهمية، لأن هذا التوأم عادة ما يحصل على بركة المولود الأول، بينما لا يحصل الثاني على البركة. لذا، كانت القابلات تحظين بتقدير كبير وكانت وظيفتهن حيوية. كانت القبالة أيضًا منظمة تمامًا، وكانت القابلات يتقاضين أجورًا من أولئك الذين يخدمونهن؛ كانت هناك نقابة للقابلات، وربما كانت "شفرة" و"فوعة" رئيستا النقابة (ولهذا السبب استدعاهما فرعون على وجه الخصوص.)

من المثير للاهتمام أن العديد من علماء الكتاب المقدس يشكّون في أن هاتين القابلتين كانتا عبرانيتين. إن الصياغة العبرية للجملة غامضة بعض الشيء في هذا الصدد، لأن الكلمات يمكن أن تؤخذ على أنها تعني” قابلتان عبرانيتان“، أو” قابلتان للعبرانيين“. يعود هذا الاستنتاج لسببين: أولاً، من غير المعقول أن يكون الفرعون غبيًا لدرجة أن يتوقع أن تقتل القابلات العبرانيات، العبرانيين حديثي الولادة. ثانيًا: من الواضح أن تلك النسوة، في الآية تسعة عشرة، يعرفن شيئًا ما عن تجربة النساء المصريات في عملية الولادة، لأنهن يعلقن أن النساء العبرانيات يلدن أسرع من المصريات. وبما أن المصريين، في هذا الوقت، لم يكونوا يرغبون في أن تكون لهم علاقة بتلك العبرانيات، فمن الصعب تخيل أن تكون المرأة العبرانية هي القابلة التي توظَف لمساعدة الأم المصرية على الولادة. من المحتمل جدًا أن تكون شفرة وفوعة من النساء الساميّات، ولسن من العبرانيات. في الواقع، اسماهما من أصل سامي، لكنهما لم تحملا اسمين عبرانيين.

يجب أن نلاحظ هنا أيضًا أنه على الرغم من أن عالم المجتمع القبلي ذكوري بشكل واضح (وأنا متأكد من أن الكثير من السيدات سيقُلن أنه لم يتغير الكثير خلال ثلاثة آلاف سنة!)، فإن التوراة تجعل هاتين المرأتين بطلتين مكرمتين؛ سنرى في الكتاب المقدس في مرات عدة كيف أن المرأة تُصوَّر في الكتاب المقدس على أنها "مُستخدمة من الله“، ومبجلة من قبل الشعب. في الواقع، عندما يأتي وقت التحدث عن قصة موسى، ستصبح النساء من الشخصيات الرئيسية.

حسناً، بعد أن فشل فرعون في وقف الزيادة السكانية العبرانية، يتوجه فرعون إلى الشعب المصري ويطلب منهم مراقبة الوضع، أي أنهم عندما يرون امرأة عبرية على وشك الولادة، تقع على عاتقهم مسؤولية القيام بشيء ما حيال ذلك. من المؤكد أن المواطن المصري العادي لم يكن ليأخذ هذا الرضيع من أمه ويقضي عليه، أكثر مما كان المواطن الألماني العادي في الحرب العالمية الثانية ليتجول في الأرجاء ويقتل اليهود. بل كانوا يبلغون السلطات الحكومية التي كلفت أشخاصًا ليأتوا ويأخذوا المولود، إن كان ذكرًا، ويلقوه إلى حتفه في مياه نهر النيل العظيم. هذا هو الخوف غير العقلاني في أسوأ حالاته؛ لأنه لا يوجد أي سجل عن محاولة إسرائيل الاستيلاء على حكومة مصر، أو التمرد، أو حتى التواطؤ مع عدو للدولة. في الواقع، لا يمكن لأفعال فرعون أن تحدث شيئًا سوى الإضرار بقدرة مصر على تنفيذ أطماعها. ولكن، لن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يتم فيها إلقاء اللوم على إسرائيل، بطريقة غريبة، على مشاكل دولة ما وتدفع ثمنًا باهظًا من الدماء بسبب هذا الجنون. في الواقع، سيصبح هذا السلوك تجاه الشعب اليهودي نمطًا على مر التاريخ، وحتى يومنا هذا.

سنضيف أمرًا واحدًا وسننهي الإصحاح الأول من سفر الخروج. أتذكرون أنني أخبرتكم عن أنماط الكلمات العبرية، وقد ذكرت لكم أربع كلمات تكررت بأشكال مختلفة خلال سفر الخروج. حسناً، نصادف واحدة منها هنا في سفر الخروج واحد؛ وهذه الكلمة هي ”الخدمة“. ومع ذلك، فإن ترجماتنا الإنجليزية تخفي هذا التكرار من خلال ترجمة نفس الكلمة العبرية الأساسية بعدة طرق مختلفة. انظر إلى الآيتين ثلاثة عشرة وأربعة عشرة. معظم كتبنا المقدسة ستروي شيئًا من قبيل ”جعل بني إسرائيل يقومون بأعمال شاقة… عمل مفروض عليهم….. أعمال شاقة“. عادةً ما تكون الكلمة الإنجليزية المختارة في هذا القسم من سفر الخروج هي ”العمل“. حسنًا، الكلمة الجذرية الأصلية بالعبرية هي ”عِباد“. وتستخدم أشكال مختلفة من كلمة ”عِباد“ خمس مرات في الآيتين ثلاثة عشرة وأربعة عشرة. لذا، إذا أخذنا هذه الآيات بمعناها العبري الأكثر حرفية، مع أخذ أسلوب الكلمة العبرية وقصدها لإيضاح وجهة نظر من خلال تكرارنا للكلمة العبرية ”عِباد“، فستكون قراءتها كما يلي:

"إذًا، مصر جعلت بني إسرائيل يخدمون بالسخرة، جعلوا حياتهم مريرة بالخدمة العبودية بالطوب والبناء وشتى أنواع الخدمة بعبودية في الميدان. كل خدمتهم كانت بالعمل بالإخضاع من خلال الأعمال الشاقة"

عندما يتم الكشف عن هذا النمط من الكلمات العبرية يمكننا أن نلاحظ مبدأ روحيًا مهمًا، وهو: من تخدمه يحدد طبيعة تلك الخدمة. هل فهمتم ذلك؟

عندما نخدم الله، فإن كل خدمتنا تكون طوعية له؛ تكون إيجابية، طيبة، جميلة، ومحبوبة، وذات صفة أبدية من الحق والنور. عندما نخدم الشيطان… في هذه الحالة من خلال فرعون، ولكن في كثير من الأحيان تكون خدمتنا لأنفسنا وشهواتنا….. ما نشارك فيه هو خدمة……بعبودية…..، سلبية، شريرة، غير مثمرة، وكل ما ينتج عنها سيحترق مع كل شيء آخر في هذا العالم في نهاية الأيام.

وعليه، في الآيتين ثلاثة عشرة وأربعة عشرة، في سفر الخروج، نرى فقط الجانب السلبي من الخدمة. بعد قليل سنرى الجانب الإيجابي من الخدمة. ولكن، من الصعب جداً أن نلاحظ هذا القدر الكبير من التلاعب المتعمّد بالكلمات في الترجمات الإنجليزية، أليس كذلك؟

في الأسبوع القادم، سنبدأ الإصحاح الثاني.